في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة381)



و ثالثا: انه على تقدير المساواة و عدم ثبوت الفرق تكون تسرية حكم ذلك المقام الى هنا من مصاديق القياس الا مع تنقيح المناط القطعى او الغاء الخصوصية و كلاهما مفقودان بلا ريب.
ثانيهما: الروايات المتعددة و النصوص المتكثرة و التمسك بهذه الروايات مبنى اولا على دلالتها على كون الواجب الاستيجار من البلد و الاقرب اليه فالاقرب في موردها و هى الوصية فان جميعها وارد في هذا المورد و لم يرد شىء منها في المقام الذى هى صورة عدم الوصية و ثانيا على اثبات انه لا فرق بين الصورتين: الوصية و غيرها و مع عدم تمامية شىء من الامرين لا يبقى مجال للاستدلال بها اصلا كما لا يخفى فنقول: منها صحيحة على بن رئاب قال سئلت ابا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل اوصى ان يحج عنه حجة الاسلام و لم يبلغ جميع ما ترك الاخمسين درهما قال: يحج عنه من بعض المواقيت التى وقّتها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من قرب.(1) و الظاهر ان مورد السؤال صورة الوصية بحجة الاسلام فقط من دون تعيين المقدار و لا تعيين المحل الذى يحج عنه من البلد او الميقات او غيرهما و المراد من الجواب لزوم الحج عنه من بعض المواقيت و اما قوله (عليه السلام) من قرب فيحتمل ان يكون المراد منه هو القرب من الميقات الذى عبر عنه في بعض الروايات بما دون الميقات و يحتمل ان يكون المراد هو اقرب المواقيت المذكور في كلام المشهور و يحتمل ان يكون المراد نفى لزوم الحج عنه من البلد بلحاظ كون الميقات قريبا من مكة و لو ابعد المواقيت.
و كيف كان فالسؤال يدل على انه مع فرض كون التركة واسعة و كافية للحج من البلد يكون اللزوم من البلد مرتكزا في ذهن السائل و الجواب تقرير له على هذه الجهة فمقتضاها الوجوب من البلد مع سعة المال و كفايته.

1 ـ ئل ابواب النيابة في الحج الباب الثانى ح ـ 1

(الصفحة382)



و منها موثقة عبد اللّه بن بكير عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) انه سئل عن رجل اوصى بماله في الحج فكان لا يبلغ ما يحج به من بلاده قال: فيعطى في الموضع الذى يحج به عنه.(1) و دلالتها على لزوم الاستنابة من البلد مع سعة المال و الاقرب اليه فالاقرب مع عدمها واضحة.
و منها ما رواه ابن ابى نصر البزنطى عن محمد بن عبد اللّه قال سئلت ابا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الرجل يموت فيوصى بالحج من اين يحج عنه؟قال: على قدر ماله، ان وسعه ماله فمن منزله، و ان لم يسعه ماله فمن الكوفة فان لم يسعه من الكوفة فمن المدينة.(2) و اورد على الاستدلال بها سندا و دلالة اما من حيث السند فلان الراوى و هو محمد بن عبد اللّه بن عيسى الاشعرى القمى لم تثبت وثاقته و ان زيدت كلمة «الثقة» في النسخة المطبوعة من كتاب الشيخ بعد عده من اصحاب الرضا (عليه السلام) لكن هذه النسخة لم تثبت صحتها و كل من نقل عن الشيخ لم يذكر التوثيق اصلا و انا اضيف اليه ان البزنطى و ان كان من اصحاب الاجماع الا ان كون الرجل من اصحابه لا يقتضى وثاقة من يروى عنه اصلا بل غايته كون الرجل بنفسه مجمعا على وثاقته و صحة روايته فالرواية ضعيفة من حيث السند.
و اما من جهة الدلالة فقد ذكر بعض الاعلام ان الخبر يشتمل على امر لم يقل به احد اذ لو كانت العبرة بصرف المال في المقدمات فلا بد من ملاحظة البلاد الاقرب فالاقرب لا الطفرة من بلد الموصى الظاهر انه «خراسان» بقرينة روايته عن الرضا (عليه السلام) الى الكوفة و منها الى المدينة بل اللازم بناء على ملاحظة الاقرب فالاقرب من البلاد ملاحظة البلاد الواقعة فى الطريق كنيشابور و سبزوار و طهران و هكذا لا انه يحج عنه

1 ـ ئل ابواب النيابة فى الحج ألباب الثانى ح ـ 2
2 ـ ئل ابواب النيابة في الحج الباب الثانى ح ـ 3

(الصفحة383)



من الكوفة و ان لم يسعه فمن المدينة مع تحقق مسافة بعيدة بين ذلك.
و يرد عليه ـ مضافا الى ان الراوى قمى لا خراسانى و يمكن ان لا يكون السؤال في خراسان بل في الطريق اليه من المدينة كما لا يخفى و على تقديره فلا دلالة له على كون الموصى بلده خراسان لان السؤال في بلد لا دلالة له على كون مورده ذلك البلد ـ ان الجواب الاصلى الذى افاده الامام (عليه السلام) بصورة الضابطة و القاعدة الكلية هو قوله (عليه السلام): «على قدر ماله» الذى يكون مقتضاه البلد و الاقرب اليه فالاقرب و اما ما ذكره بعد ذلك فهو يشبه المثال و لا دلالة له على لزوم الترتيب المذكور فيه فالمناقشة من حيث الدلالة غير واردة بل الرواية ظاهرة في الترتيب بين البلد و الاقرب اليه فالاقرب
و منها: ما اورده في الجواهر بعنوان صحيحة الحلبى عنه (عليه السلام) قال و ان اوصى ان يحج عنه حجة الاسلام و لم يبلغ ماله ذلك فليحج عنه من بعض المواقيت و الظاهر انه اعتمد فى ذلك على نقل صاحب المدارك عن تهذيب الشيخ (قدس سره) مع ان الموجود في التهذيب هو ذكر هذا الكلام بعد صحيحة الحلبى و الدقة فيه تقتضى عدم كونه ذيلا للصحيحة بل هو اما من كلام الشيخ و عبارته و اما من كلام المفيد (قدس سره) في المقنعة التى يكون التهذيب شرحا لها و كيف كان لا تكون رواية اصلا و يدل عليه عدم تعرض صاحب الوسائل لهذه الرواية في الباب الذى اورد فيه سائر الروايات الواردة في المسئلة بل و لا في غيره ظاهرا و لو كانت كذلك اى رواية لكانت دلالتها على اعتبار البلد مع سعة المال اظهر من جميع روايات الباب و منها رواية ابى سعيد (سعيد في بعض الطرق) عمن سئل ابا عبد اللّه (عليه السلام)عن رجل اوصى بعشرين درهما في حجة قال يحج بها (عنه) رجل من موضعه.(1)
و منها: رواية ابى بصير عمن سئله قال قلت له رجل اوصى بعشرين دينارا في حجة فقال: يحج له رجل من حيث يبلغه.(2)

1 ـ ئل ابواب النيابة في الحج الباب الثانى ح ـ 5
2 ـ ئل ابواب النيابة في الحج الباب الثانى ح ـ 8

(الصفحة384)



و الظاهر اتحاد الروايتين غاية الامر ان المذكور في احد الطريقين ابا سعيد و في الاخر ابا بصير و الظاهر ان احدهما تصحيف و يؤيده ان الراوى عن كليهما هو ابن مسكان و عنه محمد بن سنان كما انه يظهر ان المسؤل في الرواية الثانية هو ابو عبد اللّه ـ (عليه السلام) ـ و ذكر الدرهم في احديهما و الدينار في اخرى لا يدل على التعدد.
و منها: رواية عمر بن يزيد قال قال ابو عبد اللّه (عليه السلام) في رجل اوصى بحجة فلم تكفه من الكوفة، تجزى حجته من دون الوقت.(1)
و منها: رواية اخرى لعمر بن يزيد قال قلت لابى عبد اللّه (عليه السلام) رجل اوصى بحجة فلم تكفه قال فيقدمها حتى يحج دون الوقت.(2) و من الواضح اتحاد الروايتين و ان جعلهما في الوسائل متعددا.
و منها: ما رواه ابن ادريس في اخر السرائر نقلا من كتاب مسائل الرجال بسنده عن عدة من اصحابنا قالوا: قلنا لابى الحسن يعنى على بن محمد (عليهما السلام) ان رجلا مات في الطريق و اوصى بحجة و ما بقى فهو لك، فاختلف اصحابنا فقال بعضهم: يحج عنه من الوقت فهو او فر للشىء ان يبقى عليه و قال بعضهم: يحج عنه من حيث مات فقال: (عليه السلام)يحج عنه من حيث مات.(3)
و المراد من قوله (عليه السلام) من حيث مات يحتمل ان يكون لاجل كون اللازم في قضاء الحج عنه في مورده هو الاستنابة و النيابة من البلد الذى يكون المعيار فيه هو بلد الموت و يحتمل ان يكون لاجل كون المورد و هو الموت في الطريق و اللازم بمقتضى الرواية هى النيابة عنه من حيث مات ليكمل الحج من بلد الاقامة و الاستيطان و على الثانى لا تكون الرواية مرتبطة بالمقام الا من جهة دلالتها على كون المراد هو الحج من البلد.

1 ـ ئل ابواب النيابة في الحج الباب الثانى ح ـ 6
2 ـ ئل ابواب النيابة في الحج الباب الثانى ح ـ 7
3 ـ ئل ابواب النيابة في الحج الباب الثانى ح ـ 9

(الصفحة385)



و في مقابل هذه الروايات رواية زكريا بن آدم قال سئلت ابا الحسن (عليه السلام) عن رجل مات و اوصى بحجة ايجوز ان يحجّ عنه من غير البلد الذى مات فيه؟فقال: اما ما كان دون الميقات فلا بأس.(1) و دلالتها على عدم لزوم النيابة من البلد مع سعة المال للاستنابة منه ظاهرة و لكن سندها ضعيف بسهل بن زياد.
فان اغمضنا عن ضعف سند الرواية فاللازم الجمع بينها و بين الروايات المتقدمة و ما قيل في مقام الجمع امور:
احدها: حمل تلك الروايات على استحباب الحج من البلد بقرينة رواية زكريا الصريحة في عدم الوجوب و كفاية الحج من الميقات.
و يرد عليه ان دلالة كثير من الروايات المتقدمة على وجوب الحج البلدى انما كانت بالمفروغية عند السائل و تقرير الامام (عليه السلام) له و لا يمكن حمله على الاستحباب و ليس فيها مثل هيئة «افعل» الظاهرة في الوجوب القابلة للحمل على الاستحباب إذا كان في مقابلها ما هو اظهر.
ثانيها: التفصيل بين حجة الاسلام و بين غيرها لورود مثل صحيحة ابن رئاب في خصوص حجة الاسلام و اطلاق رواية زكريا لان الموصى به هو مطلق الحجة فيحمل على غير حجة الاسلام.
و هذا الجمع و ان كان اقرب من الوجه السابق الا ان حمل الاطلاق في رواية زكريا على غير حجة الاسلام مع كون المصداق الظاهر لمطلق الحجة هى حجة الاسلام بعيد فتدبر.
ثالثها التفصيل بين ما إذا كانت الوصية بالحج بمقدار معين من المال و عدمه بوجوب الحج عنه في الاول من المكان الذى يفى به المال و عدم وجوبه عنه في الثانى الا من الميقات و الشاهد عليه خبرا ابى سعيد و ابى بصير الواردان في خصوص

1 ـ ئل ابواب النيابة في الحج الباب الثانى ح ـ 4

(الصفحة386)



الوصية بمال معين.
رابعها: التفصيل بين صورة سعة المال و صورة عدمها فيقال بان ما دل على وجوب الحج البلدى مختص بصورة سعة المال و وفائه بذلك و مع عدم السعة فمن الاقرب اليه فالاقرب حتى ينتهى الى الميقات و الظاهر ان هذا الوجه احسن الوجوه و اظهرها هذا و لكن ورود هذه الروايات باجمعها في مورد الوصية يمنع عن الاستدلال بها في المقام و هو صورة عدم الوصية لعدم دليل على عدم الفرق و احتمال دخل خصوصية المورد.
و قد انقدح من جميع ما ذكرنا انه لم ينهض في هذه الصورة في مقابل القاعدة التى ليس مقتضاها الا الحج عنه من بعض المواقيت الاقرب فالاقرب الى مكة ما يدل على وجوب الحج عنه من البلد و لو كان المال واسعا في غاية الوسعة فاللازم متابعة المشهور كما في المتن.
نعم استحباب الاحتياط بالاخراج من البلد ثم من الاقرب اليه فالاقرب بحاله مع احتساب التفاوت بين البلد و الميقات من سهم الكبار فقط و لا ينبغى الارتياب فيه
الصورة الثانية: ما إذا كان هناك وصية فتارة يعين الموصى البلد او الميقات و اخرى لا يعين شيئا منهما و في الثانية قد يكون هناك انصراف الى البلدية بنظر العرف و ما هو المتداول بين اهله او تكون قرينة قائمة على ارادتها و قد لا يكون شىء من الانصراف و قيام القرينة.
ففيما إذا اطلق و لم يعين شيئا و لم يكن انصراف و لا قرينة ففى المتن «كفت الميقاتية» و ذكر بعض الاعلام انه في باب الوصية بالحج لم يرد نص معتبر يعتمد عليه فلا بد من الرجوع الى ما تقتضيه القاعدة.
و الظاهر وجود النص المعتمدة و هو بعض الروايات المتقدمة كصحيحة على بن رئاب الواردة في الوصية المطلقة بحجة الاسلام الدالة على مفروغية لزوم الحج

(الصفحة387)



من البلد مع سعة المال و اقتضاء التركة له عند السائل و تقرير الامام (عليه السلام) له على ذلك.
و موثقة ابن بكير عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) انه سئل عن رجل اوصى بماله في الحج فكان لا يبلغ ما يحج به من بلاده قال فيعطى في الموضع الذى يحج به عنه، بناء على كون الموصى به صرف جميع امواله في الحج و كون اللام في «له» مكسورا و جزء لكلمة «ما» و المراد به هو المال و اما بناء على كون «ما» موصولة و «اللام» مفتوحة فيكون المراد صرف ما يتعلق به من الثلث في الحج و عليه فلا دلالة لها على لزوم الحج البلدى مع عدم وفاء الثلث به.
هذا و لكن الظاهر هو الاحتمال الاول و عدم ثبوت الاجمال في الرواية اذ على تقدير الاحتمال الثانى كان اللازم اضافة مثل قوله: «من الثلث» بعد قوله: «بماله» ، و على تقدير الاجمال تكون صحيحة على بن رئاب رافعة لاجمالها و ابهامها حيث صرح فيها بانه لم يبلغ جميع ما ترك الا...فهى تدل على ان النظر انما هو الى جميع المال لا خصوص الثلث.
فمقتضى الروايتين لزوم كون الحج من البلد في صورة الوصية نعم في مقابلهما ما يدل على ان الوصية مطلقا انما هى من الثلث و ما زاد يحتاج الى اجازة الورثة لكن حيث ان النسبة هى الاطلاق و التقييد فاللازم تقييد الاطلاق بغير مورد الوصية بالحج الثابت على عهدة الموصى نظرا الى الروايتين.
و اما ما في المتن من كفاية الميقاتية في صورة الاطلاق فالظاهر ان منشأه ما ذهب اليه صاحب الجواهر (قدس سره) من تعارض الروايات المتقدمة و تساقطها و الرجوع الى القاعدة التى عرفت ان مقتضاها كفاية الحج من الميقات هذا كله في صورة الاطلاق.
و اما مع التصريح من الموصى بالحج من البلد فمقتضى ما اخترناه في صورة الاطلاق لزوم الحج البلدى بطريق اولى فان مورد الروايات و ان كان هى الوصية

(الصفحة388)



المطلقة الا ان لزوم الحج البلدى فيه يقتضى لزومه مع التقييد بالبلد بالاولوية القطعية كما لا يخفى.
و اما بناء على مختار المتن فمقتضى الجمع بين رعاية القاعدة المقتضية للحج من الميقات و بين ما يدل على لزوم العمل بالوصية في محدودة الثلث احتساب ما زاد على اجرة الميقاتية من الثلث فان و في بالحج من البلد فاللازم الاستيجار منه و اما اجرة الميقاتية اى الاجرة من الميقات فهى محسوبة من اصل التركة.
ثم انه على تقدير عدم وفاء التركة بالحج من البلد ـ بناء على المختار ـ و على تقدير عدم وفاء الثلث بالحج من البلد ـ بناء على مختار المتن ـ هل ينتقل الى الميقات او الى الاقرب فالاقرب من البلد فقد احتاط في المتن بالثانى و رعاية الاقرب فالاقرب و الظاهر ان مقتضى الجمع بين الروايات المتقدمة من هذه الجهة هو الحكم به و انه مع امكان الاقرب لا يجوز الانتقال الى الميقات سيما مثل موثقة عبد اللّه بن بكير المتقدمة المؤيدة برواية محمد بن عبد اللّه المتقدمة ايضا.
ثم انه في كلتا الصورتين من المسئلة ـ صورة الوصية و صورة عدمها ـ لو لم يمكن الاستيجار الا من البلد يجب ذلك و يخرج من اصل التركة من دون فرق بين القول بان الواجب في صورة الامكان هو الحج من البلد و بين القول بان الواجب هو الحج من الميقات و ذلك للزوم قضاء الحج عن الميت فاذا لم يمكن الاستيجار الا من البلد فاللازم ذلك من باب المقدمة و منه يظهر انه لا يكون للبلد خصوصية فاذا لم يمكن الاستيجار الا من موضع ابعد من البلد فاللازم ذلك بل لو لم يمكن الا من اقصى نقاط العالم يجب ذلك لاجل ما ذكر.
بقى الكلام في هذه المسئلة في امر لم يقع له التعرض في المتن و هو المراد بالبلد و فيه اقوال:
الاول: ما اختاره في الجواهر من ان المراد به هو بلد الاقامة و الاستيطان حيث

(الصفحة389)



قال: و كيف كان فالمراد بالبلد ـ على تقدير اعتباره ـ بلد الاستيطان لانه المنساق من النصوص و الفتوى خصوصا من الاضافة فيهما سيما خبر محمد بن عبد اللّه.
الثانى: ما اختاره صاحب المدارك (قدس سره) قال: «الظاهر ان المراد من البلد الذى يجب الحج منه على القول به محل الموت حيث كان كما صرح به ابن ادريس و دل عليه دليله».و وافقه على ذلك السيد (قدس سره) في العروة نظرا الى اشعار خبر زكريا بن آدم ـ المتقدم ـ بذلك و الى انه اخر مكان كان مكلفا فيه بالحج.
الثالث: ما احتمله صاحب الجواهر (قدس سره) بل نقل عن بعض العامة القول به و هو ان المراد بالبلد بلد الاستطاعة و اليسار التى حصل وجوب الحج عليه فيها.
الرابع: ما احتمله السيد (قدس سره) في العروة و وصفه في آخر كلامه بانه قوىّ جدا و هو التخيير بين البلدان التى كان فيها بعد الاستطاعة، و الظاهر ان المراد من تلك البلدان هى البلدان التى سافر اليها و ليس المراد هى الاقامة فيها كما لا يخفى.
هذا و الظاهر ما افاده في الجواهر من ان المنساق من النص و الفتوى هو بلد الاقامة خصوصا مع الاضافة الى الشخص و مع الاتيان بصيغة الجمع المنافى مع بلد الموت في موثقة ابن بكير المتقدمة و مع التعبير بالمنزل المضاف اليه في رواية محمد بن عبد اللّه المتقدمة ايضا.
و اما رواية زكريا بن آدم فمضافا الى عدم صحة سندها ـ كما مر ـ يرد على الاستناد اليها انه لا اشعار فيها لان بلد الموت مذكور في كلام السائل و الجواب حيث يكون ناظرا الى عدم اعتبار البلد من رأس و ان ما كان دون الميقات فلا بأس به لا يكون تقريرا لما في ذهن السائل و لا مجال لدعوى التقرير بالاضافة الى قضية تعليقية و هى انه لو كان البلد معتبرا لكان المراد به هو بلد الموت و هذا بخلاف التقرير في موثقة عبد اللّه بن بكير حيث يكون الجواب فيها دالا على تقرير ما في ذهن السائل من انه لو كان

(الصفحة390)

مسئلة 59 ـ لو اوصى بالبلدية او قلنا بوجوبها مطلقا فخولف و استوجر من الميقات و اتى به، او تبرع عنه متبرع منه برئت ذمته و سقط الوجوب من البلد، و كذا لو لم يسع المال الا من الميقات، و لو عين الاستيجار من محل غير بلده تعين و الزيادة على الميقاتية من الثلث، و لو استأجر الوصى او الوارث من البلد مع عدم الايصاء بتخيل عدم كفاية الميقاتية ضمن ما زاد على الميقاتية للورثة او لبقيتهم1.


ما يحج به كافيا من بلاده لكان اللازم الحج منها ثم ان ما رواه ابن ادريس في آخر السرائر ـ على ما تقدم ـ يكون ايضا ظاهرا في ان المراد بالبلد هو بلد الموت و لكنه ذكر في الجواهر ان الظاهر ارادة موته في طريق الحج بل لعل الخبر: اوصى بحجته اى باتمام حجته، و عليه لا يكون واردا في المقام كما انه على التقدير الاول ايضا لا تكون الرواية واجدة لوصف الاعتبار و الحجية.
و اما الاستدلال بانه آخر مكان كان مكلفا فيه بالحج فيرد عليه انه لم يكن الواجب عليه الحج من ذلك المكان الذى مات فيه بل كان الواجب على نفسه هو الحج و قطع المسافة و طى الطريق لا يكون واجبا الا من باب المقدمة بناء على وجوبها و على تقدير الوجوب عليه من ذلك المكان نقول: ما الدليل على وجوب القضاء عنه من ذلك المكان فان الدليل على وجوب القضاء عنه من البلد و ان كان على خلاف القاعدة الا انه لا دلالة له على اعتبار بلد الموت و قد عرفت ان المنساق منه هو بلد الاقامة و الاستيطان.
و مما ذكرنا يظهر بطلان القول الثالث و كذا الاحتمال الرابع فان المنشأ لهما هو توجه التكليف بوجوب الحج اليه في ذلك البلد و لكنه لا يقتضى اللزوم عليه من ذلك البلد و على تقديره فلا دليل على وجوب القضاء عنه منه كما هو ظاهر.
1 - فى هذه المسئلة فروع:
الاول: ما لو اوصى بالبلدية او قلنا بوجوبها مطلقا و لو مع الوصية المطلقة

(الصفحة391)



او عدم الوصية رأسا فخولف و استوجر من الميقات و فيه جهات من الكلام:
الجهة الاولى: في برائة ذمة الميت بالاتيان بالحج الميقاتى و سقوط الوجوب من البلد و عدمها و استشكل فيها صاحب المدارك (قدس سره) نظرا الى عدم الاتيان بالمامور به على وجهه على هذا التقدير فلا يتحقق الامتثال.
و يدفع هذا الاشكال ان ذمة الميت مشغولة بخصوص الحج الذى هو عبارة عن الاعمال و المناسك التى يكون شروعها من الميقات و وجوب الاستنابة من البلد ـ على تقدير الوصية به او مطلقا ـ انما هو تكليف زائد قد دل عليه الدليل على ما هو المفروض و لا يرجع ذلك الى توقف برائة ذمة الميت على الاستيجار من البلد و تحقق الحج منه بل هو تكليف مستقل يترتب على مخالفته الاثم و استحقاق العقوبة و لا يرتبط بمسئلة ذمة الميت و تحقق برائتها اصلا كما لا يخفى.
و يمكن استفادة ذلك من صحيحة حريز بن عبد اللّه قال سئلت ابا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل اعطى رجلا حجة يحج عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة قال (عليه السلام) لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقدتم حجه.(1) فان موردها و ان كان صورة حيوة الرجل المعطى و لا محالة تكون استنابته لاجل الهرم او المرض الذى لا يرجى زواله ـ كما تقدم البحث فيه مفصلا ـ و المناسبة تقتضى ان تكون الكوفة بلد الرجل المعطى و لا دلالة فيه على لزوم ان تكون استنابة الحى من البلد لان وقوعها كذلك لا يكشف عن وجوبها و لاجله يمكن الايراد على سيد المستمسك (قدس سره) حيث اورد هذه الرواية في ضمن الروايات الواردة في المسئلة السابقة مع عدم ارتباطها بها اصلا كما ان موردها صورة مخالفة الاجير لا المخالفة في الاستيجار كما هو المفروض في المقام و الجواب و ان كان دالا على عدم البأس فيه الا ان قوله (عليه السلام) إذا قضى جميع المناسك...بمنزلة التعليل و مقتضاه ان الاتيان بالمناسك يوجب تحقق التمامية

1 ـ ئل ابواب النيابة في الحج الباب الحادى عشر ح 1

(الصفحة392)



و برائة الذمة و لو مع المخالفة فمقتضى الرواية سقوط الوجوب من البلد في المقام ايضا ثم انه يلحق بالفرع المذكور في هذه الجهة الفرعان الاخران المذكوران في المتن.
الجهة الثانية: في ان التفاوت المالى بين الحج البلدى و الحج الميقاتى هل ينتقل الى الوارث مطلقا او يصرف في وجوه البرّ للميت الاقرب فالاقرب في نظره و جهاته او ان في هذه الجهة تفصيلا بين صورة الوصية و بين ما إذا لم يكن هناك وصية ففى الصورة الثانية لا بد من الحكم بالانتقال الى الورثة لانه بعد سقوط وجوب الحج البلدى و تحقق برائة ذمة الميت و عدم بقاء موضوع لوجوب الحج او اتيان المقدمات و المفروض عدم ثبوت وصية في البين فلا محالة ينتقل الى الوارث و في الصورة الاولى يصرف في وجوه البر للميت بالنحو المذكور لان المتفاهم عرفا من الوصية انما هو كونها بنحو تعدد المطلوب و قد عرفت ان مقتضى رواية على بن مزيد (فرقدكا) المتقدمة الواردة في مورد عدم وفاء التركة بالحج الموصى به الذى كان هو الحج بنحو التمتع الانتقال الى حج الافراد و مع عدم وفاء التركة به الانتقال الى التصدق عن الميت و لعله يستفاد من الروايات الآخر ايضا و هذا الوجه هو الظاهر.
الجهة الثالثة: في صحة الاجارة و بطلانها، ربما يستظهر الفساد نظرا الى ان المرخص من التصرف في مال الميت انما هو الاستيجار من البلد و اما غيره فغير مأذون فيه فالمستأجر ضامن للاجير اجرة المثل.
و يرد عليه انه لا مجال للحكم ببطلان الاجارة من دون فرق بين ما إذا كانت الاجرة كلية او شخصية من مال الميت اما في الصورة الاولى فلانه لا موجب للبطلان بعد كون العمل صحيحا مشروعا موجبا لتحقق برائة ذمة الميت و كان الواجب على الوصى بذل المال في ذلك و لزوم البذل من البلد لا يقتضى عدم مشروعية ذلك البذل

(الصفحة393)



بعد كون الحج من البلد و لزوم الشروع منه تكليفا زائدا غير مرتبط بالواجب الاصلى و منه يظهر الصحة في الصورة الثانية فهى كما لو اوصى ببذل مال معين الى زيد فصرف الوصى نصفه ـ مثلا ـ و بذله الى الموصى له فانه لا يمكن الحكم ببطلان هذا التصرف و عدم جوازه من الوصى و عدم جواز تصرف الموصى له فيه لانه خلاف مقتضى الوصية فالظاهر ـ ح ـ صحة الاجارة.
الجهة الرابعة: في انه على تقدير الحكم ببطلان الاجارة هل يكون ذلك قادحا في تحقق برائة ذمة الميت و سقوط وجوب الحج من البلد اولا؟الظاهر هو الثانى لان بطلان الاجارة انما يؤثر في انتقال الاجرة المسماة الى اجرة المثل فقط و اما صحة العمل و النيابة فهى باقية بحالها فالاجير قد اتى بالحج نيابة عن الميت و الفرق بينه و بين المتبرع انما هو فى استحقاق الاجرة و عدمه و الاّ فهما مشتركان في وقوع العمل صحيحا بعنوان النيابة فلا مجال للاشكال في الاكتفاء به.
الفرع الثانى: ما لو عين الاستيجار من محل غير بلده و غير الميقات و الكلام فيه تارة على تقدير القول بلزوم الحج البلدى و كونه من اصل التركة و لو مع عدم الوصية و اخرى على تقدير القول بعدم لزومه و ان ما زاد على الميقات لا بد من احتسابه من الثلث.
فعلى التقدير الاول ربما يستشكل في صحة الوصية بالحج من غير بلده باحد وجهين:
الاول: ان هذه الوصية على خلاف السنّة و على خلاف ما هو الواجب شرعا لان اللازم في الشرع انما هو الحج من البلد على ما هو المفروض.
الثانى: انه يعتبر في صحة الوصية ان يكون متعلقها مما ثبت للموصى الولاية عليه فلا تصح في غير هذه الصورة كان يصلى زيد ـ مثلا ـ في كل يوم في مسجد الكوفة ركعتين او يقضى شخص خاص ما على الموصى من الصلوة و الصيام فان قضائهما

(الصفحة394)



لا يكون تكليفا بعد الموت بل هو تكليف للورثة و ما نحن فيه من هذا القبيل فان قضاء الحج عنه ليس تكليفا له بل تكليف للورثة فلا بد ان يحكم بعدم صحة الوصية المذكورة.
و يرد على الوجه الاول ـ مضافا الى عدم جريانه فيما إذا كان البلد الذى اوصى بالحج منه بنحو يكون بلد الموصى واقعا في مسيره الى الحج لان المراد من الحج من البلد في مقابل الميقات اعتبار وقوع البلد في الارتباط بالحج لا لزوم كون الشروع منه بحيث ينافى الشروع من بلد آخر مع وقوع بلد الموصى في المسير و عليه فهذا الوجه لا يجرى في جميع فروض المسئلة ـ ان كون هذه الوصية على خلاف السنة ممنوع لانك عرفت ان مقتضى القاعدة مع قطع النظر عن الروايات الواردة في مورد الوصية انما هو الحج من الميقات لان شروع الاعمال و المناسك انما هو منه غاية الامر ان الروايات الواردة في الوصية بضميمة الاولوية و الغاء الخصوصية ـ على تقدير القول به ـ اقتضت لزوم الحج من البلد فيما إذا اوصى بالحج البلدى و فيما إذا لم يكن هناك وصية اصلا و عليه ففيما إذا اوصى بالحج من غير بلده لم يقم دليل على ان الواجب هو الحج من البلد حتى تكون الوصية مخالفة له.
و يرد على الوجه الثانى انه لو كان مصرف الحج من غير بلده زائدا على الحج البلدى لا مانع من الحكم بصحة وصيته لان له الولاية على الثلث و الزائد يخرج منه فبهذا اللحاظ تثبت له الولاية نعم لو لم يكن مصرفه زائدا على الحج من البلد يمكن القول بعدم صحة الوصية ـ ح ـ للزوم خروج مصرف الحج على اى حال من اصل التركة فلا ولاية له عليه الا ان يقال بخروج الزائد من الميقات من الثلث في هذه الصورة ايضا فتدبر.
الفرع الثالث: ما هو المذكور في المتن في آخر المسئلة و هو ما لو استأجر الوصى او الوارث من البلد مع عدم الايصاء بالحج منه بتخيل عدم كفاية الميقاتية و هو يبتنى على كفاية الميقاتية في صورة الوصية المطلقة على ما هو مختار المتن و اما على ما هو

(الصفحة395)

مسئلة 60 ـ لو لم تف التركة بالاستيجار من الميقات الا الاضطرارى منه كمكة او ادنى الحل وجب، و لو دار الامر بينه و بين الاستيجار من البلد قدم الثانى و يخرج من اصل التركة، و لو لم يمكن الا من البلد وجب، و ان كان عليه دين او خمس او زكوة يوزع بالنسبة لو لم تكف التركة1.


المختار من لزوم الحج من البلد في الوصية المطلقة فاللازم فرض هذا الفرع بالاضافة الى الوارث فقط مع عدم الوصية رأسا.
و كيف كان فالوجه في الضمان بالاضافة الى ما زاد على الميقاتية انما هى قاعدة الاتلاف المقتضية للضمان من دون فرق بين صورة العلم و صورة الجهل فاذا اكل طعام الغير بتخيل انه طعام نفسه و ملكه يكون ضامنا لمالكه فتخيل عدم كفاية الميقاتية لا يوجب ارتفاع الضمان.
ثم ان ضمان الوصى غير الوارث انما يكون بالاضافة الى جميع ما زاد على الميقاتية و اما ضمان الوارث فانما يكون بالنسبة الى مقدار سهام سائر الورثة لا جميع ما زاد عليها كما لا يخفى.
1 - فى هذه المسئلة فروع اربعة و قد وقع التعرض للاخيرين منها في المسائل المتقدمة ايضا فلا حاجة الى البحث عنها.
و اما الفرع الاول فهو ما إذا لم تف التركة الا بالاستيجار من الميقات الاضطرارى كمكة او ادنى الحل ففى المتن: «وجب» و وجهه عموم دليل البدلية عند الاضطرار كما في «المستمسك» و لكنه ربما يناقش فيه بان مورد النصوص الواردة في هذا الباب صورة التجاوز عن الميقات بلا احرام جهلا او نسيانا و يمكن الحاق صورة العلم و الالتفات به ايضا و مقتضاها انه لو امكنه الرجوع الى الميقات وجب و لو لم يمكنه فان لم يدخل الحرم يحرم من مكانه و ان دخل الحرم فان امكنه الرجوع الى ادنى الحل وجب و الا فيحرم من مكانه و بالجملة لا اطلاق لتلك النصوص

(الصفحة396)

مسئلة ـ 61 يجب الاستيجار عن الميت في سنة الفوت و لا يجوز التأخير عنها خصوصا إذا كان الفوت عن تقصير، و لو لم يمكن الا من البلد وجب و خرج من الاصل و ان امكن من الميقات في السنين الاخر، و كذا لو امكن من الميقات بازيد من الاجرة المتعارفة في سنة الفوت وجب و لا يؤخر، و لو اهمل الوصى او الوارث فتلفت التركة ضمن، و لو لم يكن للميت تركة لم يجب على الورثة حجه و ان استحب على وليه.2 .


يشمل المقام الذى لم يتحقق فيه التجاوز عن الميقات بلا احرام اصلا و التحقيق موكول الى محله.
و اما الفرع الثانى و هو دوران الامر بين الاستيجار من الميقات الاضطرارى و بين الاستيجار من البلد فالحكم فيه لزوم تقديم الثانى و الاخراج من اصل التركة و الوجه فيه عدم تحقق موضوع الاضطرار مع امكان الاستيجار من البلد الذى لازمه وقوع الحج من الميقات الاختيارى كما لا يخفى فلا يكون هناك اضطرار حتى ينتقل الى الميقات الاضطرارى.
2 ـ فى هذه المسئلة احكام:
الاول: لزوم الاستيجار عن الميت في سنة الفوت و عدم جواز التأخير عنها و ليس الوجه فيه ما افاده بعض الاعلام من ان مال الميت امانة شرعية بيد الورثة او الوصى و لا يجوز فيه التصرف او الابقاء الا بدليل فالواجب صرفه في الحج في اول ازمنة الامكان و ذلك لان مقتضاه جواز التأخير على المبنى الاخر و هو انتقال جميع التركة الى الوارث غاية الامر تعلق حق الميت به كتعلق حق المرتهن بالعين المرهونة مع ان الظاهر عدم الجواز على هذا المبنى ايضا.
بل الوجه فيه ان ظاهر ادلة وجوب قضاء حجة الاسلام عن الميت وجوب قضائها عنه بالنحو الذى كان واجبا عليه و من المعلوم ان الواجب عليه هو بنحو

(الصفحة397)



الفور فالفور فاللازم في القضاء مراعات ذلك من دون فرق بين المبنيين.
و اما وجه الخصوصية فيما إذا كان الفوت عن الميت بعد الاستقرار عن تقصير فانما هو مدخلية الاتيان بالحج في رفع العقاب عنه لانه بتقصيره يكون معاقبا و بالحج ترتفع العقوبة الا ان يقال ان ارتفاع العقوبة عن الميت لا يؤثر في الالزام على الورثة بالاضافة الى الفورية فتدبر.
الثانى: لزوم الاستيجار من البلد لو لم يمكن الا منه و لو امكن من الميقات في السنين الاخر و الوجه فيه انه مع فرض عدم جواز التأخير كما عرفت يكون اللازم القضاء عنه في سنة الفوت و لو كان متوقفا على الاستيجار من البلد المستلزم لصرف مقدار زائد من التركة و لا يكون ذلك مستلزما للضرر على الورثة بعد تأخر الارث عن قضاء الحج الذى هو بمنزلة الدين الواجب غايته تفويت منفعة لهم و لا دليل على عدم جوازه و مثل ذلك وجوب الاستيجار من الميقات في سنة الفوت و لو كان بازيد من الاجرة المتعارفة.
الثالث: ضمان الوصى او الوارث لو اهمل فتلفت التركة و الوجه في الحكم بالضمان ان يد كل منهما على المال يد امانة شرعية و مرجعها الى ثبوت الاذن من الشارع في اثبات اليد عليه و من الواضح عدم ثبوت الاذن منه في الاهمال و التأخير فتكون اليد ـ ح ـ يدا عادية مستلزمة للضمان بمقتضى «على اليد ما اخذت حتى تؤدى».
ثم ان السيد (قدس سره) في العروة عطف على التلف المترتب عليه الضمان صورة نقصان القيمة بحيث لم تف بالاستيجار لقضاء الحج و هذا انما يتم فيما لو كان النقصان مستندا الى زوال بعض التركة و تلفه او زوال بعض الصفات الموجبة لارتفاع القيمة كالسمن و نحوه و اما لو كان مستندا الى السوق و نقصان القيمة السوقية فالحكم بالضمان فيه مشكل بعد عدم كون الواقع تحت اليد الا العين ـ بالذات ـ و الصفات المذكورة ـ بالتبع ـ و اما القيمة السوقية فلا تقع تحت اليد فلا مجال للضمان بالنسبة اليها و التحقيق

(الصفحة398)



موكول الى كتاب الغصب.
الرابع: عدم وجوب قضاء الحج عن الميت على الورثة لو لم يكن للميت مال و تركة و الوجه فيه ان الروايات المتقدمة الواردة في هذا الحكم تدل على وجوب القضاء من مال الميت و تركته فلا دلالة لها على الوجوب مع عدم ثبوت المال فليس الحج مثل الصلوة التى تقتضى عن الميت نعم ظاهر صحيحة ضريس عن ابى جعفر (عليه السلام) المتقدمة الوجوب مطلقا قال في رجل خرج حاجا حجة الاسلام فمات في الطريق فقال ان مات في الحرم فقد اجزأت عن حجة الاسلام و ان مات دون الحرم فليقض عنه وليه حجة الاسلام.(1) و في الجواهر: انه يشعر بالوجوب كلام ابن الجنيد، و في كشف اللثام: قد يستظهر الوجوب من كلام ابى على و ليس فيه الا ان الولى يقضى عنه ان لم يكن ذا مال.و من المعلوم ان ظاهره الوجوب كما في الدروس.
و لكنه ذكر في «الجواهر» انه ـ يعنى صحيح ضريس ـ محمول على الندب قطعا.و ذكر صاحب «المستمسك» ان مقتضى الجمع العرفى التقييد بالتركة لا الحمل على الندب.
و يرد على الجمع الاول انه ليس هنا ما يدل على عدم الوجوب مع عدم المال حتى يكون مقتضى الجمع بينه و بين صحيحة ضريس حملها على الندب بقرينته كما انه يرد على الجمع الثانى ان التقييد بالتركة مع كون الدليلين مثبتين و عدم ثبوت منافاة في البين لا مساغ له اصلا.
و الحق في المقام ان يقال انه لا اطلاق في الصحيحة فان موردها صورة وجود التركة فان من يخرج حاجا لا يكون فاقدا للمال و التركة نوعا و يؤيده وجود هذا التعبير في صحيحة بريد العجلى(2) مع اضافة قوله: «و معه جمل له و نفقة و زاد» فان الظاهر

1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس و العشرون ح ـ 1
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس و العشرون ح ـ 2

(الصفحة399)

مسئلة 62 ـ لو اختلف تقليد الميت و من كان العمل وظيفته فى اعتبار البلدى و الميقاتى فالمدار تقليد الثانى، و مع التعدد و الاختلاف يرجع الى الحاكم، و كذا لو اختلفا فى اصل وجوب الحج و عدمه فالمدار هو الثانى، و مع التعدد و الاختلاف فالمرجع هو الحاكم، و كذا لو لم يعلم فتوى مجتهده، او لم يعلم مجتهده، او لم يكن مقلدا، او لم يعلم انه كان مقلدا ام لا، او كان مجتهدا و اختلف رأيه مع متصدى العمل، او لم يعلم رأيه1.


كون الاضافة توضيحية كما لا يخفى.
الخامس: استحباب الحج على الولى مع عدم التركة و هو انما يتم على تقدير حمل صحيحة ضريس على الاستحباب كما فعله صاحب الجواهر و اما على ما ذكرنا من اختصاص موردها بصورة وجود التركة فيشكل بانه لا دليل على الاستحباب ـ ح ـ الا ان يقال بان الحج عنه انما هو من مصاديق الاحسان اليه و يرد عليه ـ مضافا الى ان متعلق الاستحباب ـ ح ـ هو الاحسان لا الحج بعنوانه ـ انه لا يختص ذلك بالولى بل يعم غيره ايضا كما هو ظاهر.
1 ـ يقع الكلام في هذه المسئلة في مقامين:
المقام الاول: فيما لو اختلف تقليد الميت و تقليد من كان العمل وظيفته سواء كان وارثا او وصيّا في اعتبار البلدى و الميقاتى كان يقول احدهما بلزوم الحج من البلد و الاخر بلزومه من الميقات او في اصل وجوب الحج و عدمه كان يقول احدهما بعدم اعتبار الرجوع الى الكفاية في وجوب الحج و الاخر بالاعتبار فلم يكن الميت واجبا عليه الحج لعدم تحقق هذا الشرط فيه.
و قبل البحث في هذا المقام لا بد من التنبيه على امر و هو ان السيد (قدس سره)

(الصفحة400)



فى «العروة» صرح بجريان حكم هذا المقام بالاضافة الى الوصى ايضا حيث عطف الوصى على الوارث و ظاهر المتن باعتبار ذكر عنوان جامع بينهما و هو من كان العمل وظيفته عدم الاختصاص بالوارث الا انه ذكر بعض الاعلام انه لا اثر للاختلاف في باب الوصية لانها نافذة بالاضافة الى الثلث و يجب على الوصى تنفيذها حسب وصية الميت و نظره و لا اثر لنظر الوصى سواء كان الاختلاف بينهما موجودا بالنسبة الى اصل الوجوب او المكان ام لم يكن فالواجب على الوصى تنفيذ الوصية سواء وافق رأيه رأى الميت ام خالف بل لو لم يوص بالحج و عين مصرفا خاصا للثلث يجب صرفه فيما عينه و لا يجوز له التبديل و التغيير.
و يرد عليه انه يمكن فرض المسئلة في باب الوصية بالاضافة الى المكان و ذلك كما فى الوصية المطلقة بالحج من غير تعيين حيث عرفت وجود الاختلاف في هذا الفرض حيث ان مقتضى بعض الفتاوى كفاية الميقاتية كما في المتن و مقتضى البعض الاخر لزوم كونه من البلد كما اخترناه و حينئذ إذا اختلف تقليد الميت و تقليد الوصى في هذه الجهة يتحقق موضوع المقام و انه هل اللازم على الوصى مراعاة تقليد الميت او ان اللازم مراعاة تقليد نفسه فلا مجال لاخراج الوصية ـ مطلقا ـ من هذا البحث كما لا يخفى.
إذا عرفت ذلك فاعلم انه صرح السيد (قدس سره) في العروة في كتاب الحج ان المدار على تقليد الميت و لكنه ذكر في اول فصل مباحث الوصية ان المدار على تقليد الوارث او الوصى كما هو مختار المتن و اكثر شروح العروة و قد اختاره المحقق النائينى (قدس سره).
و الوجه في لزوم رعاية تقليد الوارث او الوصى ان الحكم الواقعى ـ على ما هو مقتضى التحقيق عندنا معاشر المخطئة ـ ليس الا واحدا و لا يكون الاجتهاد مغيرا له بوجه بل هو معتبر من باب الكشف و الطريقية فان اصاب الواقع فهو و الا فهو