في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>


الصفحة 381

المتكثّرة الواردة في الايماء لذلك فالأحوط ـ حينئذ ـ الرعاية .

ثمّ إنّه هل يجب على العاري أن يستر قبله في حال القيام بيده بمقدار يمكن التستّر به أو لا؟ فيه وجهان ظاهر الإطلاقات الدالّة على وجوب القيام بعد حملها على صورة الأمن من عدم ستره من جهة الصلاة ولكن في رواية زرارة المتقدّمة المشتملة على قوله (عليه السلام) : إن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها وإن كان رجلا وضع يده على سوأته دلالة على الوجوب ولكن عطف قوله : يجلسان بـ «ثمّ» يوجب ظهوره في كون الفرض قبله ما إذا لم يدخل في الصلاة لأنّ التفكيك بين الجلوس والقيام من جهة وجوب الثاني في حال التكبير والقراءة وجوب الأوّل في حال الجلوس ممّا لا قائل به أصلا فالمعطوف عليه إنّما يكون متعرّضاً لحكم الستر النفسي والمعطوف لحكم الستر الغيري ، وعليه فلا دلالة لها على الوجوب في المقام إلاّ أن يقال : إنّ الستر باليد إنّما هو من مراتب الستر الصلوتي كما انّ ستر الدبر بالاليتين إنّما يكون كذلك ولا حاجة إلى إقامة الدليل عليه وقد تقدّم البحث عن مراتب الستر الواجب في الصلاة فراجع .

الصفحة 382

مسألة 21 ـ يجب على الأحوط تأخير الصلاة عن أوّل الوقت إن لم يكن عنده ساتر واحتمل وجوده في آخره ولكن عدم الوجوب لا يخلو عن قوّة 1 .

1 ـ حكي عن السيّد وسلاّر لزوم التأخير عن أوّل الوقت مع احتمال وجود الساتر في وسطه أو آخره وعن المعتبر الميل إليه لكن المحكي عن الشيخ (قدس سره) في النهاية جواز الصلاة في سعة الوقت وقد وردت في المسألة رواية أبي البختري المتقدّمة عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام) انّه قال : من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلّي حتّى يخاف ذهاب الوقت يبتغي ثياباً فإن لم يجد صلّى عرياناً جالساً يؤمى إيماءاً يجعل سجوده أخفض من ركوعه فإن كانوا جماعة تباعدوا في المجالس ثمّ صلّوا كذلك فرادى .

ولكنّها مضافاً إلى ضعف سندها قاصرة من حيث الدلالة لعدم ظهور كلمة «لا ينبغي» في الإلزام وإن كان يمكن منعه بالظهور في مثل الرواية فيه وفي الرواية إشكال آخر من جهة دلالتها على المنع عن صلاة الجماعة للعراة مع صراحة روايات اُخر في جوازها بل في بعضها كما عرفت بيان كيفية صلاة الجماعة لهم .

وعلى أي فالاستدلال بها على عدم جواز اليد خصوصاً لو قيل باقتضاء القاعدة له ـ كما مرّ البحث عنه في باب التيمّم ـ غير خال عن الإشكال فالأحوط ـ حينئذ ـ هو التأخير كما في المتن . هذا تمام الكلام في لباس المصلّي .

الصفحة 383

المقدّمة الرابعة في المكان

مسألة 1 ـ كلّ مكان يجوز الصلاة فيه إلاّ المغصوب عيناً أو منفعة ، وفي حكمه ما تعلّق به حقّ الغير كالمرهون ، وحقّ الميّت إذا أوصى بالثلث ولم يخرج بعد ، بل ما تعلّق به حقّ السبق بأن سبق شخص إلى مكان من المسجد أو غيره للصلاة ـ مثلا ـ ولم يعرض عنه على الأحوط ، وإنّما تبطل الصلاة في المغصوب إن كان عالماً بالغصبية وكان مختاراً من غير فرق بين الفريضة والنافلة ، امّا الجاهل بها والمضطرّ والمحبوس بباطل فصلاتهم والحالة هذه صحيحة ، وكذا الناسي لها إلاّ الغاصب نفسه فإنّ الأحوط بطلان صلاته ، وصلاة المضطرّ كصلاة غيره بقيام وركوع وسجود 1 .

1 ـ في محكي الجواهر الإجماع على بطلان الصلاة في المكان المغصوب محكيه ومحصله صريحاً وظاهراً مستفيضاً إن لم يكن متواتراً ، وفي محكي مفتاح الكرامة حكاية الإجماع عليه ظاهراً عن نهاية الأحكام والناصرية والمنتهى والتذكرة والمدارك والدروس والبيان وجامع المقاصد والغرية . وفي محكي جامع المقاصد : تحرم الصلاة في المكان المغصوب بإجماع العلماء إلاّ من شذّ وتبطل عندنا وعند بعض العامّة .

وقد نقل الخلاف عن الفضل بن شاذان بل استظهر من كلامه انّ القول بالصحّة كان مشهوراً بين الشيعة كما اعترف به في محكي البحار .

أقول : لابدّ من ملاحظة انّ الدليل في المسألة هل هو الإجماع بحيث يكون له أصالة ويستكشف منه موافقة المعصوم (عليه السلام) أو انّه يكون مستنداً إلى الدليل العقلي

الصفحة 384

القائم في المسألة وهو مسألة اجتماع الأمر والنهي وربّما يستظهر الثاني من المدارك حيث استدلّ بقوله : لأنّ الحركات والسكنات الواقعة في المكان المغصوب منهي عنها كما هو المفروض فلا تكون مأموراً بها ضرورة استحالة كون الشيء الواحد مأموراً به ومنهياً عنه .

ومقتضى التحقيق هو الأوّل لأمرين :

الأوّل : وجود المناقشة في كون المقام من صغريات مسألة الاجتماع بلحاظ الصلاة أو أجزائها لعدم اتحادها مع الغصب في الخارج حتّى تكون محرّمة لا لأنّ الغصب عبارة عن الاستيلاء على مال الغير عدواناً والاستيلاء لا يكون متّحداً مع الصلاة بل لأنّه لو أبدل الغصب بالتصرّف كما نبّهنا عليه مراراً لا يتحقّق الاتحاد أيضاً وذلك لأنّ الصلاة مركّبة من الأقوال المخصوصة والأفعال المعيّنة ، والأقوال منها مثل تكبيرة الافتتاح والقراءة والتسبيح والتشهّد والتسليم تكون من قبيل الكيفيات القائمة بالصوت وتحدث بسبب حركات اللسان والكيفية لا تكون من التصرّف وعلى تقدير كونها منه لا تكون محرّمة لعدم شمول أدلّة الحرمة لها .

وامّا القيام والجلوس والركوع فلأنّها هيئات قائمة بالبدن نظير الاستقامة والانحناء وليست عبارة عن النهوض والهوي لتكون من التصرّف في المغصوب المحرم .

وامّا السجود فهو الانحناء الخاص مع مماسة الجبهة للأرض ، والانحناء من قبيل الهيئة وقد عرفت انّها ليست متّحدة مع التصرّف المحرم ، وامّا المماسة فإنّما هي تصرّف في المتماسين فإذا كانا مباحين تكون مباحة ولا مدخلية لمقدار من الهوي في حقيقة السجود التي هي الوضع ولذا يصدق على البقاء بعين صدقه على الحدوث .

ومنه يظهر انّ من سجد على أرض مغصوبة بطل سجوده وإن كان الفضاء

الصفحة 385

مباحاً له ، ومن سجد على أرض مباحة صحّ سجوده وإن كان الفضاء مغصوباً فمن صلّى في الدار المغصوبة لا تفسد صلاته إلاّ إذا كان وضع جبهته ومساجده على مواضعها تصرّفاً في المغصوب .

ودعوى انّه يعتبر في الصلاة القرار على شيء ولو كان مثل الطيارة في هذه الأعصار فمن صلّى في الهواء بين السماء والأرض لا تصلح صلاته لفقد القرار وـ حينئذ ـ فالصلاة في الدار المغصوبة باطلة لاتحاد القرار على الأرض في القيام والجلوس والركوع مع التصرّف في المغصوب .

مدفوعة بأنّه على تقدير الاعتبار لا دليل على كونه بنحو الجزئية ، بل يمكن أن يكون بنحو الشرطية وشروط العبادة من حيث هي شروط عبادة لا يعتبر فيها التقريب .

وعلى ما ذكرنا ينحصر الحكم ببطلان العبادة في المغصوب بما لو كان وضع المساجد على محالها تصرّفاً فيه فلو اتفق عدم كونه كذلك لم يكن وجه للفساد مع أنّ ظاهرهم الحكم بالبطلان مطلقاً .

الثاني : وجود الاختلاف في مسألة اجتماع الأمر والنهي وثبوت الاتفاق على البطلان في المقام ودعوى انّ القائل بالاجتماع أيضاً يقول ببطلان العبادة نظراً إلى أنّ المقرب لا يمكن أن يكون مبعّداً وبالعكس فثبوت النهي مانع عن التقرّب بالمجمع مدفوعة بأنّ الظاهر وفاقاً لأكثر القائلين به صحّة العبادة في هذه الصورة والمقرب إنّما هو الوجود الخارجي بلحاظ كونه مصداقاً لعنوانه ولا ينافي أن يكون مبعداً بلحاظ كونه مصداقاً لعنوان آخر .

وبعبارة اُخرى كما انّه لا مانع من اجتماع الأمر والنهي كذلك لا مانع من اجتماع القرب والبعد بلحاظ العنوانين لعدم كون الوجود الخارجي مع قطع النظر عن

الصفحة 386

العنوانين مبعّداً ولا مقرّباً .

بل يمكن القول بالصحّة على فرض الامتناع وتقديم جانب النهي نظراً إلى ثبوت الملاك وكفايته في الصحّة كما في مورد الترتّب بناء على عدم صحّته فتدبّر .

وقد ظهر ممّا ذكرنا انّ الدليل في المقام هو الإجماع وله أصالة ولا يكون مستنداً إلى الدليل العقلي .

ثمّ إنّه لا فرق في البطلان لأجل فقدان هذا الشرط وهو اعتبار إباحة المكان بين أن يصلّي في المغصوب الذي تعلّق الغصب بعينه وبين أن يصلّي في المغصوب الذي تعلّق الغصب بمنافعه كما إذا صلّى في الأرض المستأجرة للغير بدون إذن المستأجر وإن كان مأذوناً من قبل المالك .

كما انّه لا فرق بين المغصوب وبين ما لو تعلّق به حقّ كحقّ الرهن لقيام الدليل من النص والإجماع على حرمة تصرّف الراهن في العين المرهونة بدون إذن المرتهن كما هو المحقّق في كتاب الرهن .

وكحقّ الميّت إذا أوصى بالثلث بنحو الكسر المشاع الظاهر في الإشاعة ولم يفرز بعد فإنّه ـ حينئذ ـ لا يجوز التصرّف في شيء من أجزاء التركة لتعلّق حقّ الميّت به الثابت بالوصية ، بل ربّما يقال ببقاء المال الموصى به على ملك الميّت وكونه شريكاً حقيقة كالمال المشترك بين الشريكين أو الشركاء والتحقيق في محلّه .

وامّا إذا أوصى بمقدار الثلث لا بنحو الكسر المشاع بل بنحو الكلّي في المعيّن فإنّه لا مانع من التصرّف كما في نظائره مثل بيع الصاع من الصبرة إذا كان بهذا النحو .

وامّا حقّ السبق في المشتركات كالمسجد ونحوه فقد ذكر صاحب الجواهر (قدس سره)ثبوت القولين فيه من جهة بطلان الصلاة وعدمه حيث قال : «امّا حقّ السبق في المشتركات كالمسجد ونحوه ففي بطلان الصلاة بغصبه وعدمه وجهان بل قولان

الصفحة 387

أقواهما الثاني وفاقاً للعلاّمة الطباطبائي في منظومته لاصالة عدم تعلّق الحق للسابقة على وجه يمنع الغير بعد فرض دفعه عنه سواء كان هو الدافع أم غيره وإن أثم بالدفع المزبور لأولويته إذ هي أعمّ من ذلك قطعاً وربّما يؤيّده عدم جواز نقله بعقد من عقود المعاوضة مضافاً إلى ما دلّ على الاشتراك الذي لم يثبت ارتفاعه بالسبق المزبور إذ عدم جواز المزاحمة أعمّ من ذلك فتأمّل» .

وقد اختار البطلان في العروة واحتاط في المتن .

والعمدة فيه وجود روايتين في المقام :

إحداهما : مرسلة محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابه عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : قلت له : نكون بمكّة أو بالمدينة أو الحيرة أو المواضع التي يرجى فيها الفضل فربما خرج الرجل يتوضّأ فيجيء آخر فيصير مكانه فقال : من سبق إلى موضع فهو أحقّ به يومه وليله .

وثانيتهما : رواية طلحة بن زيد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحقّ به إلى الليل وكان لا يأخذ على بيوت السوق كراء .

وقد نوقش في الروايتين بإرسال الاُولى وضعف الثانية لأجل طلحة ولكن الظاهر اندفاع المناقشة بأنّ الظاهر انّ المراد من محمد بن إسماعيل هو ابن بزيع المعروف الذي هو من أعيان الطبقة السادسة والراوي عنه هو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري المعروف الذي أخرج البرقي من قم لأنّه يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل فكيف تكون روايته هذه غير معتبرة . وامّا طلحة فهو ممّن يروي عنه صفوان بن يحيى المعروف بأنّه لا يروي إلاّ عن ثقة وقد روى عنه هذه الرواية أحمد بن محمد بن عيسى المذكور ، فالمناقشة في السند غير تامّة .

الصفحة 388

وامّا الدلالة فربما يقال بأنّ التعبير بالأحقّية ظاهر في أنّ المراد مجرّد الأولوية الموجبة لعدم جواز المزاحمة فقط نظراً إلى ظهور صيغة التفصيل في ثبوت المبدأ في المفضل عليه وثبوت الحقّين راجع إلى الاشتراك الذي هو مفاد أدلّته فالقدر الثابت بالروايتين هو مجرّد الأولوية الثابت بالإجماع المحصل بل الضرورة ـ كما في مفتاح الكرامة ـ فلا تنهض الروايتان لإثبات أمر زائد أصلا .

ولكن الظاهر انّ المراد بالأحقّية ليس ما هو مفاد صيغة التفضيل بل أصل ثبوت الحقّ كما في الموارد الكثيرة التي تستعمل الصيغة كذلك كما في مثل «الزوج أحقّ بزوجته والولي أولى بالميّت وأشباههما» ومن الظاهر انّ ثبوت الحقّ خصوصاً مع إضافته إلى المكان الذي سبق إليه ظاهر في تعلّق الحقّ بالمكان وثبوته بعد المزاحمة ودفعه عنه أيضاً .

نعم ربما استشكل فيهما من جهة التحديد المذكور فيهما نظراً إلى عدم ظهور العمل به وثبوت المعارضة بينهما من هذه الجهة لظهور الاُولى في التحديد إلى اليوم والليلة والثانية في التحديد إلى اليوم فقط ويمكن دفع المعارضة بورود الاُولى في المسجد ومثله والثانية في السوق ومن الممكن ثبوت الفرق بينهما من هذه الجهة فتدبّر .

كما انّه ربّما يستشكل فيهما من جهة عدم ظهور القول بإطلاقهما من حيث وجود الرجل وعدمه ، بل والإطلاق من جهة نيّة العود وعدمها ، بل قال في الجواهر : «لا خلاف في سقوط حقّه مع عدم الرجل وإن نوى العود وكان قيامه لضرورة من تجديد طهارة أو نحوها» . ويستفاد منه انّه إذا كان القيام لغير ضرورة فلا ريب في سقوط حقّه وقد قال في الجواهر أيضاً : لا خلاف ولا إشكال في سقوط الحقّ لو قام مفارقاً رافعاً يده عنه .

الصفحة 389

ولكن ذلك لا يوجب الوهن في الروايتين مع ظهورهما في ثبوت الحقّ بالإضافة إلى المكان بنحو لو دفع عنه عدواناً يكون غصباً ، وامّا ما أفاده في الجواهر من أنّ عدم جواز نقله بعقد من عقود المعاوضة ربما يؤيّد عدم كونه حقّاً كذلك فيدفعه ـ مضافاً إلى منع عدم الجواز كذلك بل يمكن دعوى تعارفه في مثل السوق الذي مبناه على التجارة والمعاوضة ـ انّ من لوازم الحقّ ليس جواز المعاوضة عليه والانتقال إلى الغير بل من لوازمه جواز الاسقاط ورفع اليد عنه وهو ثابت في المقام . وقد انقدح ممّا ذكرنا انّ الأحوط لو لم يكن أقوى بطلان الصلاة في الفرض المذكور .

ثمّ إنّه يعتبر في بطلان الصلاة في المغصوب أن يكون عالماً بالغصبية وكذا عالماً بحكم الغصب الذي هي الحرمة ضرورة انّ الجاهل بالموضوع أو الحكم لا يتنجّز في حقّه الحكم ، نعم يعتبر في الجهل بالحكم أن لا يكون عن تقصير ، وامّا العلم بالحكم الوضعي الذي هو عبارة عن فساد الصلاة فلا يعتبر في البطلان بل الحكم ثابت مطلقاً سواء كان عالماً بالفساد أم لم يكن كذلك .

وكذا يعتبر في البطلان أن يكون المصلّي مختاراً فلو اضطرّ إلى الصلاة في المكان المغصوب تكون صلاته صحيحة بمقتضى رفع الحرمة بسبب الاضطرار ومن مصاديق المضطرّ المحبوس بباطل فإنّ صلاته في المحبس صحيحة وتقييد المحبوس بالباطل ـ كما في المتن ـ إنّما هو لإخراج المحبوس بحقّ والوجه فيه إن كان هو عدم اجتماع الحبس بحقّ الذي يكون الحابس فيه لا محالة هو الحاكم أو المأذون من قبله مع كون المحلّ مغصوباً لأنّ الحاكم ـ مثلا ـ لا يصدر منه الغصب بوجه فهو صحيح ولكنّه يمكن الايراد عليه باجتماع الحبس بحقّ مع كون المحبس مغصوباً وذلك كما فيما إذا اعتقد الحاكم عدم الغصبية مع كونه مغصوباً واقعاً وعلى اعتقاد المحبوس .

وإن كان الوجه هو البطلان ولو مع الاجتماع المذكور فالظاهر انّه لا وجه له لأنّ

الصفحة 390

الحبس بحقّ لا يلازم بطلان الصلاة مع الاضطرار إلى إيجادها في المكان المغصوب .

ثمّ إنّ كيفية صلاة المضطرّ إنّما هي كصلاة المختار فيصلّي فيه قائماً مع الركوع والسجود; لأنّ المحبوس مضطرّ إلى أن يشغل مقداراً من الفراغ يساوي بدنه ولا يقدر على الزيادة ولا النقص منه من دون فرق بين الحالات من حيث القيام والقعود والاضطجاع والاستلقاء وغيرها من الحالات وحيث إنّه لا ترجيح لواحد من هذه الحالات على غيره فلا محالة يكون مخيّراً بينها عقلا فلا مجال لتغيير الكيفية المأمور بها في الصلاة ، نعم ذكر في «العروة» انّه إذا استلزم صلاته بكيفية المختار تصرّفاً زائداً على الكون فيه على الوجه المتعارف يجب ترك ذلك الزائد والصلاة بما أمكن من غير استلزام وذلك كما لو كان المكان ضيّقاً يتوقّف القيام فيه أو الركوع أو السجود على هدم موضع منه أو حفره أو نحوهما .

ثمّ إنّ الناسي للغصبية يكون بحكم الجاهل بها فلا وجه لبطلان صلاته مع عدم تنجّز الحرمة بسبب النسيان ، نعم في الغاصب نفسه لا يكون النسيان عذراً وذلك لتوجّه التكليف إليه وتنجّز الحرمة في حقّه بسبب الغصب والالتفات إليه والنسيان الطارئ لا يوجب رفع الحكم المتنجّز في حقّه أصلا وإلاّ فاللاّزم أن لا يكون الغاصب في أكثر حالاته مرتكباً للحرام وفاعلا للمبغوض وهو كما ترى .

ثمّ إنّه ذكر في المتن انّه لا فرق في بطلان الصلاة في المغصوب بين الفريضة والنافلة وهو ظاهر إطلاق الأصحاب اعتبار الإباحة في الصلاة وعن المحقّق صحّة النافلة في المغصوب معلّلا بأن الكون ليس جزءاً منها ولا شرطاً فيها ، وفي محكي كشف اللثام صحّة النافلة في المغصوب ماشياً مومياً للركوع والسجود وبطلانها مع الركوع والسجود ، ويمكن دعوى رجوع كلام المحقّق إليه نظراً إلى التعليل المذكور فيه فإنّ عدم جزئية الكون وشرطيته في النافلة إنّما يقتضي الصحّة مع عدم تحقّقه

الصفحة 391

كما في الصلاة ماشياً ، وامّا مع تحقّقه كما في الصلاة مستقرّاً فالاتحاد الموجب للبطلان يتقحّق بسببه كما هو واضح .

والتحقيق ـ بعد ملاحظة ما عرفت في أوّل البحث من أنّ الاتحاد إنّما يتحقّق في حال السجود والكون لا يكون جزء من الفريضة والشرطية لا يقدح في صحّتها ـ انّه لابدّ من ملاحظة شمول دليل أصل المسألة للنافلة وعدمه وقد مرّ انّ الدليل هو الإجماع وانّ له أصالة في المقام فلابدّ من النظر في شموله للنافلة وعدمه وفيه وجهان : من إطلاق الأصحاب اعتبار الإباحة في الصلاة من دون تقييد بالفريضة ومن مخالفة المحقّق وكاشف اللثام الكاشفة عن عدم تحقّق الإجماع في المسألة وبعد ذلك فالمسألة مشكلة .

الصفحة 392

مسألة 2 ـ الأرض المغصوبة المجهول مالكها لا يجوز الصلاة فيها ويرجع أمرها إلى الحاكم الشرعي ولا تجوز أيضاً في الأرض المشتركة إلاّ بإذن جميع الشركاء 1 .

1 ـ امّا عدم جواز الصلاة في المغصوبة المجهول مالكها فلأنّ الجهل بالملك لا يوجب ارتفاع حكم الغصب وهي الحرمة والمناط في صحّة الصلاة هي إباحة المكان ، غاية الأمر لزوم الرجوع في أمرها إلى الحاكم الشرعي لثبوت الولاية له على مثل ذلك ـ كما قرّر في محلّه ـ .

وامّا عدم جوازها في الأرض المشتركة بدون إذن جميع الشركاء فلما ذكر من تحقّق الحكم بالحرمة بعد كون الملكية بنحو الشركة والإشاعة فما دام لم يتحقّق الافراز أو الاذن لا ترتفع الحرمة كما هو ظاهر .

الصفحة 393

مسألة 3 ـ لا تبطل الصلاة تحت السقف المغصوب ، وفي الخيمة المغصوبة والصهوة والدار التي غصب بعض سورها إذا كان ما يصلّى فيه مباحاً ، وإن كان الأحوط الاجتناب في الجميع 1 .

1 ـ قد فصّل في العروة فيما إذا كان المكان مباحاً وكان عليه سقف مغصو بين ما إذا كان التصرّف في ذلك المكان يعدّ تصرّفاً في السقف فالصلاة فيه باطلة وإلاّ فلا ، فقال : لو صلّى في قبّة سقفها أو جدرانها مغصوب وكان بحيث لا يمكنه الصلاة فيها إن لم يكن سقف أو جدار أو كان عسراً وحرجاً كما في شدّة الحرّ أو شدّة البرد بطلت الصلاة وإن لم يعدّ تصرفاً فيه فلا ، ثمّ قال : وممّا ذكرنا ظهر حال الصلاة تحت الخيمة المغصوبة فإنّها تبطل إذا عدّت تصرّفاً في الخيمة بل تبطل على هذا إذا كانت أطنابها أو مساميرها غصباً كما هو الغالب إذ في الغالب يعدّ تصرّفاً فيها وإلاّ فلا .

أقول : الظاهر هو الفرق بين عنوان التصرّف وعنوان الانتفاع ضرورة انّ الانتفاع بالسقف والجدران في المثال من جهة شدّة الحرّ أو البرد لا يكون محرماً لأنّه من قبيل الاصطلاء بناء الغير والاستضاءة بنوره ولا يعدّ مثل ذلك تصرّفاً في مال الغير حتّى يكون محرّماً ومجرّد الانتفاع من دون صدق التصرّف لا دليل على حرمته فالظاهر هو الجواز بنحو الإطلاق كما في المتن وإن كان الأحوط هو الاجتناب فيه وفي مثله .

الصفحة 394

مسألة 4 ـ لو اشترى داراً بعين المال الذي تعلّق به الخمس أو الزكاة تبطل الصلاة فيها إلاّ إذا جعل الحقّ في ذمّته بوجه شرعي كالمصالحة مع المجتهد ، وكذا لا يجوز التصرّف مطلقاً في تركته المتعلّقة للزكاة والخمس وحقوق الناس كالمظالم قبل اداء ما عليه ، وكذا إذا كان عليه دين مستغرق للتركة ، بل وغير المستغرق إلاّ مع رضا الديّان أو كون الورثة بانين على الاداء غير متسامحين والأحوط الاسترضاء من ولي الميت 1 .

1 ـ امّا مسألة الاشتراء فالمفروض فيها اشتراء الدار بعين المال المتعلّق للخمس أو الزكاة بحيث كان الثمن نفس تلك العين ، وامّا لو كان الثمن كليّاً ثابتاً على العهدة وفي ذمّة المشتري ، غاية الأمر انّه في مقام التسليم والتعيين قد عيّن الفرد المتعلّق للخمس أو الزكاة فلا يجري فيه هذا الحكم لعدم إيجابه الإخلال في المعاملة بوجه .

وامّا في الفرض الذي هو محلّ البحث فمنشأ البطلان هو كون المعاملة بالإضافة إلى مقدار الزكاة أو الخمس فضولياً امّا في الزكاة فلأنّ الظاهر ثبوت الإجماع على تعلّقها بالعين وإضافتها إليها وإن وقع الاختلاف في كونه بنحو الشركة والإشاعة أو بنحو الكلّي في المعين أو من قبيل حقّ الرهانة أو على نحو آخر ، وعلى أيّ حال فالتصرّف في تمام المال بالبيع أو غيره تصرّف في مال الغير بغير إذنه أو في مال متعلّق لحقّ الغير كذلك وهو يتوقّف نفوذه على إجازته اللاّحقة إن لم يكن سبق اذن في البين لكونه فضولياً أو بحكمه فإن أمضاه الحاكم ولاية على الأصناف الثمانية يكون لهم فيجب عليه أن يشتري هذا المقدار من الحاكم ويمكن أن يجعل الحقّ في ذمّته بوجه شرعي كالمصالحة معه ومع عدم الامضاء والاشتراء وعدم جعل الحقّ في ذمّته بالوجه المذكور تكون صلاته فيه باطلة .

وامّا في الخمس فظاهر أدلّته ـ خصوصاً الآية الشريفة بلحاظ التعبير بالخمس

الصفحة 395

الظاهر في الكسر المشاع والتعبير باللام الظاهر في الملكية ـ الإشاعة والاشتراك ومقتضاه كون المعاملة بالإضافة إلى مقداره فضولياً يجري فيه ما ذكر في الزكاة إلاّ انّه يظهر من بعض الروايات المفروغية عن صحّة البيع وعدم افتقاره إلى الإجازة كرواية حرث بن حصيرة الأزدي المرسلة قال : وجد رجل ركازاً على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) فابتاعه أبي منه بثلاثمائة درهم ومائة شاة متبع فلامته اُمّي وقالت : أخذت هذه بثلاثمائة شاة أولادها مائة وأنفسها مائة وما في بطونها مائة قال : فندم أبي فانطلق ليستقيله فأبى عليه الرجل فقال : خذ منّي عشرة شياة خذ مني عشرين شياة فأعياه فأخذ أبي الركزاز وأخرج منه قيمة ألف شاة فأتاه الآخر فقال : خذ غنمك وأتني ما شئت فأبى فعالجه فأعياه فقال : لأضرنّ بك ، فاستعدى أمير المؤمنين (عليه السلام) على أبي فلمّا قص أبي على أمير المؤمنين (عليه السلام) أمره قال لصاحب الركاز : ادّ خمس ما أخذت فإنّ الخمس عليك فإنّك أنت الذي وجدت الركاز وليس على الآخر شيء ولأنّه إنمّا أخذ ثمن غنمه .

ورواية ريان بن الصلت قال : كتبت إلى أبي محمّد (عليه السلام) ما الذي يجب عليّ يا مولاي في غلّة رحى أرض في قطيعة لي وفي ثمن سمك وبردي وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة فكتب (عليه السلام) : يجب عليك فيه الخمس إن شاء الله تعالى .

ورواية أبي بصير المروية في آخر السرائر عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : كتبت إليه في الرجل يهدي إليه مولاه والمنقطع إليه هدية تبلغ ألفي درهم أو أقلّ أو أكثر هل عليه فيها الخمس؟ فكتب (عليه السلام) : الخمس في ذلك ، وعن الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال إنّما يبيع منه الشيء بمائة درهم أو خمسين درهماً هل عليه الخمس؟ فكتب : امّا ما أكل فلا ، وامّا البيع فنعم هو كسائر الضياع .

لكن الأولى في كمال الضعف من حيث السند والأخيرتان لا تكونان ظاهرتين

الصفحة 396

في محلّ البحث الذي هو لابيع بعد استقرار الخمس بسبب كمال السنة والتمسّك بالإطلاق غير تام بعد عدم ورودهما في مقام البيان من هذه الجهة فلا مجال للخروج بهما عمّا هو مقتضى القواعد وظاهر الأدلّة .

ثمّ إنّه ممّا ذكرنا في مسألة الاشتراء يظهر انّه لا يجوز التصرّف مطلقاً في التركة المتعلّقة للزكاة والخمس وحقوق الناس كالمظالم قبل اداء ما عليه لأنّه تصرّف في ملك الغير أو متعلّق حقّه فلا يجوز بدون إذنه فالصلاة فيه باطلة .

وعطف عليه في المتن ما إذا كان عليه دين مستغرق للتركة ، بل وكذا غير المستغرق الخ وقد وقع الاختلاف في الدين المستوعب في انتقال التركة معه إلى الوارث وفي الدين غير المستوعب في انتقال تمامها إليه على قولين :

أحدهما : الانتقال كما هو المحكي عن كثير من كتب العلاّمة وجامع المقاصد واختاره في محكي الجواهر .

ثانيهما : عدم الانتقال كما هو المنسوب إلى الحلّي والمحقّق وعن المسالك والمفاتيح نسبته إلى الأكثر .

وظاهر الكتاب والسنّة هو الثاني ، قال الله تعالى في ذيل آية الإرث وذكر بعض الفرائض : (من بعد وصية يوصى بها أو دين)(1) وفي ذيل آيته الاُخرى بعده أيضاً : (من بعد وصية توصون بها أو دين)(2) .

وروى السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : أوّل شيء يبدأ به من المال الكفن ثمّ الدين ثمّ الوصية ثمّ الميراث .


(1) سورة النساء : 12 .
(2) سورة النساء : 14 .

الصفحة 397

وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ الدين قبل الوصية ثمّ الوصية على اثر الدين ثمّ الميراث بعد الوصية فإنّ أوّل (أولى ـ خ ل) القضاء كتاب الله .

وروى عباد بن صهيب عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل فرط في إخراج زكاته في حياته فلمّا حضرته الوفاة حسب جميع ما فرط فيه ممّا لزمه من الزكاة ثمّ أوصى أن يخرج ذلك فيدفع إلى من يجب له قال : فقال : جائز يخرج ذلك من جميع المال إنّما هو بمنزلة الدين لو كان عليه ليس للورثة شيء حتّى يؤدّى ما أوصى به من الزكاة قيل له : فإن كان أوصى بحجّة الإسلام؟ قال : جائز يحجّ من جميع المال .

وذكر في محكي الجواهر انّ الإجماع على ملك الوارث للزائد على المقدار المساوي للوصية أو الدين يوجب التصرّف فيها بحملها على إرادة بيان انّ سهام الوارث ليس مخرجها أصل المال ، بل مخرجها المقدار الزائد على الدين والوصية فلا تدلّ على حكم المقدار المساوي لهما وانّه باق على ملك الميّت أو موروث للوارث فإذا خلت عن التعرّض لذلك وجب الرجوع في تعيين حكمه إلى عموم «ما ترك الميّت فهو لورثته» .

ولكنّه ذكر في «المستمسك» انّه لا منافاة بين الإجماع المذكور وبين ظهورها في نفي أصل الميراث في المقدار المساوي للدين والوصية لأنّ ظاهر النصوص المذكورة ليس هو الترتيب الزماني ضرورة بطلانه ، بل الترتيب بمعنى الترجيح والأهمّية فيختصّ بصورة التزام وهو إنّما يكون في خصوص المقدار المساوي للدين أو الوصية فتدلّ على أنّ مقدار الدين لا مجال للعمل بالوصية فيه كما انّ مقدار الوصية لا توارث فيه فلا تنافي ثبوت التوارث في الزائد عليه .

وبالجملة لما كان مفاد النصوص هو الترجيح يختص نفي التوارث فيها بما كان

الصفحة 398

فيه تزاحم وهو خصوص ما كان مساوياً للدين وبخصوص الثلث الذي هو مورد وجوب العمل بالوصية ولا تعرّض فيها لنفي الإرث في الزائد على الدين والوصية .

ويرد على ما أفاده في الجواهر ـ مضافاً إلى أنّ الحمل على إرادة بيان مخرج السهام إنّما يختصّ بما كان فيه التعرّض للسهام كالآيتين ولا يجري في الروايات الظاهرة في تأخّر الميراث بنحو كلّي من دون النظر إلى خصوص السهام المقدرة ـ انّ دعوى الانتقال بالإضافة إلى جميع التركة لا تجتمع مع دعوى كون مخرج السهام ما هو الزائد على مقدار الدين والوصية فإنّ ثبوت الانتقال في مقدارهما إنّما هو بنحو السهام لا بنحو آخر كما هو الظاهر ، فكيف يكون المخرج ما هو الزائد عليهما فإذا كان الثلث الثابت لصاحبه مخرجه الزائد والمفروض ثبوت الثلث له في المقدار المساوي فتكون النتيجة ثبوته بالإضافة إلى جميع المال ولا مجال لدعوى كون مخرج الثلث هو خصوص الزائد كما لا يخفى هذا في الدين المستغرق .

وامّا الدين غير المستغرق فعن جامع المقاصد وغيره الفرق بينه وبين الأوّل ويشهد له صحيح ابن أبي نصر انّه سئل عن رجل يموت ويترك عيالا وعليه دين أينفق عليهم من ماله؟ قال : إن استيقن انّ الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم وإن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال . فإنّ الظاهر انّ الحكم بالإنفاق في الصورة الثانية ليس لأجل كونه (عليه السلام) وليّ الميّت بل لأجل انّ جوازه مقتضى الحكم الثابت في جميع الموارد .

ثمّ إنّه بناء على القول بعدم الانتقال يكون عدم جواز الصلاة فيما تركه لأجل كونه تصرّفاً في مال الغير بغير اذنه أو تصرّفاً في المال المشترك بدون اذن الشريك وامّا على القول بالانتقال فلا إشكال في تعلّق الدين بالتركة في الجملة ، وفي الجواهر : الإجماع بقسميه عليه ولازمه عدم جواز التصرّف المتلف ونحوه ممّا

الصفحة 399

يوجب انتفاء موضوع الحقّ ومتعلّقه ، وامّا التصرّف الناقل ففيه إشكال ، كما انّ التصرّف بمثل الصلاة ونحوها ممّا لا يكون له قيمة معتدّ به عند العقلاء فيمكن أن يقال بجوازه هذا في المستغرق ، وامّا في غيره فالحكم بالإنفاق الذي هو من التصرّف المتلف يدلّ على جواز التصرّف الناقل وبطريق أوضح جواز الصلاة .

ثمّ إنّ استثناء صورة رضا الديّان من الدين غير المستغرق أو كون الورثة باين على الاداء غير متسامحين ـ على تقدير كون العطف باو لا بالواو ـ يدلّ على ثبوت الجواز في موردين وهو إنّما يتمّ على تقدير الانتقال ضرورة انّه مع عدمه لا مدخلية لرضا الديان بعد بقائه على ملك الميّت وعدم انتقاله إلى الوارث وظاهر الرواية المتقدّمة الجواز ولو مع عدم الرضا ، نعم ظاهرها البناء على الاداء من دون التسامح لأنّ السؤال عن الإنفاق مع وجود الحاجة إليه كما هو الظاهر ظاهر في البناء على رعاية الوظيفة الشرعية المقتضية للبناء على الاداء في أوّل أوقات الإمكان كما لايخفى .

والاحتياط بالاسترضاء من ولي الميت إنّما ينشأ من احتمال عدم الانتقال وبقائه على ملك الميّت .

هذا ويمكن إرجاع الاستثناء في المتن إلى الدين المستغرق أيضاً كما انّه يمكن أن يكون الاستثناء على نحو اللف والنشر المرتّب بأن يكون رضا الديّان راجعاً إلى الدين المستغرق والبناء على الاداء من دون التسامح إلى الدين غير المستغرق وتحقيق الكلام في هذا المقام موكول إلى محلّه .

الصفحة 400

مسألة 5 ـ المدار في جواز التصرّف والصلاة في ملك الغير على إحراز رضائه وطيب نفسه وإن لم يأذن صريحاً بأن علم ذلك بالقرائن وشاهد الحال وظواهر تكشف عن رضاه كشفاً اطمئنانياً لا يعتنى باحتمال خلافه وذلك كالمضائف المفتوحة الأبواب والحمّامات والخانات ونحو ذلك 1 .

1 ـ ظاهر مثل التوقيع الشريف المعروف المروي في الاحتجاج وهو قوله ـ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ : فلا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير اذنه .

اعتبار الإذن الظاهر في انشائه في جواز التصرّف في مال الغير وظاهر مثل موثقة سماعة المشتملة على قوله (صلى الله عليه وآله) : فإنّه لا يصل دم امرء مسلم ولا ماله إلاّ بطيبة نفس منه الاكتفاء بطيب النفس والرضا الباطني من دون حاجة إلى الإنشاء ولكن العرف يرى انّه لا تعارض بينهما وإنّ مقتضى الجمع حمل الأوّل على الحكم الظاهري والثاني على الحكم الواقعي نظراً إلى أنّ الاذن طريق إلى الرضا ولا موضوعية له بوجه فالملاك ـ حينئذ ـ بعد الجمع المذكور هو الرضا ومن الواضح لزوم إحرازه كما هو الشأن في جميع العناوين المتعلّقة للأحكام الواقعية فبدون إحراز الرضا لا مسوغ للتصرّف في مال الغير ولكن المحكي عن الذخيرة والبحار جواز الصلاة في كلّ موضع لا يتضرّر المالك بالكون فيه وكان المتعارف بين الناس عدم المضايقة في أمثاله وإن فرض عدم العلم برضا المالك إلاّ أن تكون أمارة على الكراهة وربما يؤيّد أو يستدلّ له بما دلّ على جعل الأرض مسجداً له (صلى الله عليه وآله) ولاُمّته لمناسبة الامتنان للاكتفاء بالظنّ وبأصالة جواز التصرّف في كلّ شيء والإجماع على المنع غير ثابت في صورة الظنّ والتوقيع ضعيف السند والموثقة ظاهرة في خصوص التصرّف المتلف .

<<التالي الفهرس السابق>>