في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة421)

إذا كان الزوج غير مسلم تفصيل1.


1 ـ يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين :
المقام الأوّل : فيما إذا كان الزوج مسلماً ، فانّه لو جعل المهر ما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير يكون العقد صحيحاً والمهر باطلاً ، فلا يقع ملكاً لها ، أمّا بطلان المهر فواضح بعد عدم حصول الملكية للمسلم بالإضافة إليه ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ الغرض حصول ملكية الزوجة له ، فإذا لم تكن مسلمة كما إذا قلنا بصحّة تزويج المسلم الكتابية إمّا مطلقاً أو في النكاح المؤجّل ، كما عرفت(1) البحث فيه ، فما المانع من جعل الخمر أو الخنزير مهراً فيكون كبيعهما ممّن يستحلّهما ، وهو وإن كان محلّ بحث وكلام إلاّ أنّ عدم الصحّة فيه ليس من الواضحات ، وأمّا صحّة العقد مع بطلان المهر فظاهر في النكاح الدائم بعد عدم اعتبار ذكر المهر فيه أصلاً ، كما تقدّم فضلاً عن بطلانه .
وامّا في النكاح المنقطع فلأنّ ذكر المهر فيه وإن كان واجباً لكونه أشبه بالمعاوضات ، وقد عبّر عن المهر فيه في الآية الشريفة(2) بالأجر إلاّ أنّه لا يكون بمعاوضة حقيقية ، فلا يتحقّق بطلانها بسبب ذلك ، إلاّ أن يقال : بأنّه بعد اعتبار ذكر المهر وكونه ممّا يتموّل كما تقدّم(3) سابقاً يكون جعل الخمر أو الخنزير أو ما يشابههما مهراً منافياً لذلك ، فيوجب البطلان ، فتدبّر جيّداً .
المقام الثاني : فيما إذا كان الزوج غير مسلم ، ولا محالة تكون الزوجة أيضاً كذلك; لأنّ غير المسلم لا يجوز أن يتزوّج المسلمة .


(1) في أوّل «القول في الكفر» .
(2) سورة النساء : 4/24 .
(3) في «القول في النكاح المنقطع» مسألة 5 .

(الصفحة422)

مسألة 3 : لابدّ من تعيين المهر بما يخرج عن الابهام ، فلو أمهرها أحد هذين أو خياطة أحد الثوبين مثلاً بطل المهر دون العقد ، وكان لها مع الدخول مهر المثل . نعم لا يعتبر فيه التعيين الذي يعتبر في البيع ونحوه من المعاوضات ،


وكيف كان فقد قال المحقّق في الشرائع : ولو عقد الذميان على خمر أو خنزير صحّ; لأنّهما يملكانه ، ولو أسلما أو أسلم أحدهما قبل القبض دفع القيمة لخروجه عن ملك المسلم ، سواء كان عيناً أو مضموناً(1) .
ويؤيّده خبر عبيد بن زرارة قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : النصراني يتزوّج النصرانية على ثلاثين دنّاً خمراً وثلاثين خنزيراً ثمّ أسلما بعد ذلك ولم يكن دخل بها قال : ينظر كم قيمة الخمر وكم قيمة الخنازير ، ويرسل به إليها ثمّ يدخل عليها وهما على نكاحهما الأوّل(2) .
ويؤيّده أيضاً ما في كتاب الديات(3) من أنّ اتلاف الخمر أو الخنزير على الذمي موجب للضمان ، وإن استشكل فيه صاحب الجواهر بأنّه مناف لقاعدة تكليف الكافر بالفروع ، ولما دلّ على دم قابليتهما للملك شرعاً من غير فرق بين المسلم والكافر(4) ويمكن الجواب عن اشكاله بأنّ قاعدة الاشتراك في التكليف لا تنافي الملكية ، كما أنّ ما دلّ على عدم القابلية للملك شرعاً إنما هو بالإضافة الى المسلم ، وقد عرفت ما في كتاب الديات ، فتدبّر .


(1) شرائع الإسلام : 2/324 .
(2) التهذيب : 7/356 ح1448 ، الكافي : 5/437 ح 9 ، الفقيه : 3/291 ح 1383 ، الوسائل : 21/243 ، أبواب المهور ب3 ح2 .
(3) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الديات : 328 .
(4) جواهر الكلام : 31/9 .

(الصفحة423)

فيكفي مشاهدة الحاضر وإِن جهل كيله أو وزنه أو عدّه أو ذرعه ، كصبرة من الطعام ، وقطعة من الذهب ، وطاقة مشاهدة من الثوب ، وصبرة حاضرة من الجوز وأمثال ذلك1.

مسألة 4 : ذكر المهر ليس شرطاً في صحّة العقد الدائم ، فلو عقد عليها ولم يذكر لها مهراً أصلاً صحّ العقد ، بل لو صرّح بعدم المهر صحّ ، ويقال لذلك أي لإيقاع العقد بلا مهر : تفويض البضع ، وللمرأة التي لم يذكر في عقدها مهر :


1 ـ لابدّ من تعيين المهر على فرض ذكره بما يخرج عن الابهام ، فلو أمهرها أحد هذين أو خياطة أحد الثوبين مثلاً بطل المهر دون العقد ، وكان لها مع الدخول مهر المثل ، وما ورد في تزويج شعيب ابنته من موسى (عليهما السلام) من قوله تعالى حكاية عنه : { إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِىَ حِجَج فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ . . .}(1) فالظاهر أنّ المهر كان هو الأوّل والزائد أمر زائداً على المهر ، مع أنّه كان بحسب الظاهر الترديد في مقام المقاولة والمواعدة لا العقد ، وعلى أيّ فيعتبر فيه التعيين لا بنحو ترتفع الجهالة بالكلية كما في البيع; لأنّ النكاح لا يكون من مصاديق المعاوضة حقيقة حتّى يشمله نهي النبي (صلى الله عليه وآله)عن بيع الغرر(2) بناءً على شموله للمعاوضات الاُخر غير البيع ، وعليه فيكفي فيه مشاهدة الحاضر وإن كان مجهولاً كيلاً أو وزناً أو عدداً أو ذرعاً; لعدم انجراره إلى الاختلاف بعد كون الحاضر المشاهد مهراً ، وإن كان مجهولاً كذلك ، كما لايخفى .


(1) سورة القصص : 28/27 .
(2) السنن الكبرى للبيهقي : 5/338 .

(الصفحة424)

مفوضة البضع1.

مسألة 5 : لو وقوع العقد بلا مهر لم تستحقّ المرأة قبل الدخول شيئاً إلاّ إذا طلقها ، فتستحقّ عليه أن يعطيها شيئاً بحسب حاله من الغنى ، والفقر ، واليسار ، والإعسار من دينار ، أو درهم ، أو ثوب ، أو دابّة أو غيرها ، ويقال لذلك الشيء : المتعة ، ولو انفسخ العقد قبل الدخول بأمر غير الطلاق لم تستحق شيئاً ، وكذا لو مات أحدهما قبله ، وأمّا لو دخل بها استحقّت عليه بسببه مهر أمثالها2


1 ـ قد عرفت(1) أنّ ذكر المهر لا يكون شرطاً في النكاح الدائم بخلاف المؤجّل ، فلو عقد عليها ولم يذكر لها مهراً صحّ العقد ، بل لو صرّح بعدم ثبوت المهر يكون العقد صحيحاً ، ويقال للعقد بدون المهر : تفويض البضع ، وللمرأة التي لم يذكر في عقدها مهر : مفوضة البضع ، وسيأتي إن شاء الله تعالى ترتّب بعض الآثار على خصوص هذه الصورة ، فانتظر .

2 ـ لو وقع العقد بلا مهر وهو الذي سمّيناه تفويض البضع ، فلا تكون المرأة مستحقّة لشيء قبل الدخول إلاّ إذا تحقّق الطلاق حينئذ ، فتستحقّ عليه أن يعطيها شيئاً من أمواله بحسب حاله من الغنى ، والفقر ، واليسار ، والاعسار من دينار ، أو درهم ، أو ثوب أو غيرها ، ويقال لذلك الشيء : المتعة ، قال الله تعالى : {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ}(2) . وقال في موضع آخر : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ منِ قبْلِ أَن


(1) في ص419 .
(2) سورة البقرة : 2/236 .

(الصفحة425)



تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً}(1) .
ويدلّ عليه أيضاً رواية أبي الصلاح الكناني عنه (عليه السلام) قال : إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف مهرها ، وإن لم يكن سمّى لها مهراً فمتاع بالمعروف على الموسع قدره وعلى المقتر قدره(2) .
لكن قد يقال : إنّ ذلك لا ينافي اعتبار حالها أيضاً كما في صحيح الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يطلّق امرأته قبل أن يدخل بها ، قال : عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئاً ، وإن لم يكن فرض لها شيئاً فليمتّعها على نحو ما يمتع به مثلها من النساء(3) .
وخبر أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل طلّق امرأته قبل أن يدخل بها؟ ـ إلى أن قال : ـ فإن لم يكن فرض لها شيئاً فليمتّعها على نحو ما يمتّع به مثلها من النساء(4) . ولكن ظاهر الآية وكثير من النصوص اعتبار حال الزوج أوّلاً ، وأنّه لا يتعدّى عن حالين ثانياً الموسع والمقتر ، لكن ذكر المحقّق في الشرائع : فالغني يمتّع بالدابّة ، أو الثوب المرتفع ، أو عشرة دنانير ، والمتوسّط بخمسة دنانير ، أو الثوب المتوسط ، والفقير بالدينار ، أو الخاتم وما شاكله(5) . ولعلّه لانّ المستفاد من الآية أنّ الزوج يمتّع على قدره ، والناس لهم حالات ثلاثة .


(1) سورة الأحزاب : 33/49 .
(2) الفقيه : 3/326 ح159 ، تفسير العياشي : 1/124 ح397 ، الوسائل : 21/307 ، أبواب المهور ب48 ح8 .
(3 ، 4) الكافي 6/106 ح3 ، و ص 108 ح 11 ، التهذيب : 8/342 ح 493 ، الوسائل : 21/307 ، أبواب المهور ، ب48 ح7 .
(5) شرائع الإسلام : 2/326 .

(الصفحة426)

مسألة 6 : الأحوط في مهر المثل هنا التصالح فيما زاد عن مهر السنّة ، وفي غير المورد ممّا نحكم بمهر المثل ملاحظة حال المرأة وصفاتها من السنّ ، والبكارة ، والنجابة ، والعفّة ، والعقل ، والأدب ، والشرف ، والجمال ، والكمال وأضدادها ، بل يلاحظ كلّ ما له دخل في العرف والعادة في ارتفاع المهر ونقصانه ، فتلاحظ أقاربها وعشيرتها وبلدها وغير ذلك أيضاً1.


ثمّ إنّ الآية والروايات وإن كانت واردة في الطلاق إلاّ أنّ المتفاهم العرفي إنّ هذا حكم الانفساخ قبل الدخول مع تفويض المرأة بلا فرق بين الطلاق والموت ، كما لايخفى .
وهكذا الكلام فيما إذا تحقّق الانفساخ في العقد المذكور قبل الدخول بغير الطلاق من لموت أو غيره ، وأمّا لو تحقّق الدخول فتستحقّ عليه بسبب الدخول مهر أمثالها في الخصوصيات الموجودة فيه ، من الحسب والنسب والكمالات وأضدادها حتّى السن ، وإن كان يأتي في المسألة الآتية أنّ مهر المثل هنا يختلف مع مهر المثل في سائر الموارد .

1 ـ لا شبهة في أنّ المراد بمهر المثل في سائر الموارد غير مفوّضة البضع هو ملاحظة حال المرأة وصفاتها في جميع ما له دخل في العرف والعادة في ارتفاع المهر ونقصانه ، كالخصوصيّات المذكورة في المتن وأضدادها ، وحتّى الأقارب والعشيرة والبلد وغير ذلك ، كالبلوغ إلى بعض المراتب العلمية من الحوزوية وغيرها ، والاشتغال بالمشاغل من المهمّة وغيرها والإطّلاع على بعض الصنائع وغيرها ، والتخصيص في الاُمور الراجعة إلى إدارة منزل الزوج وحياته الاجتماعية وغيره .
وأمّا في مفوّضة البضع فحيث إنّها قد رضيت بتفويض بضعها مجّاناً ولهذا سمّيت

(الصفحة427)

مسألة 7 : لو أمهر ما لا يملكه أحد كالحرّ أو ما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير صحّ العقد ، وبطل المهر ، واستحقّت عليه مهر المثل بالدخول ، وكذلك الحال فيما إذا جعل المهر شيئاً باعتقاد كونه خلاًّ فبان خمراً أو جعل مال الغير باعتقاد كونه ماله فبان خلافه1.


مفوّضة البضع ، فإذا كان مهر مثلها زائداً على مهر السنة المستحبّ كما تقدّم(1)فمقتضى الاحتياط اللازم التصالح بالإضافة إلى ما زاد كما لايخفى ، وقد وقع التقييد في كلام المحقّق في الشرائع بما لم يتجاوز السنّة ، وهو خمسمائة درهم(2) . بل نسب ذلك إلى المشهور (3) .
ويدلّ عليه موثقة أبي بصير ، عن الصادق (عليه السلام) قال : سألته عن رجل تزوّج امرأة فوهم أن يسمّي لها صداقاً حتى د خل بها؟ قال : السنّة ، والسنّة خمسمائة درهم(4) .
وخبر المفضل بن عمر ، عن الصادق (عليه السلام) : من زاد على ذلك ردّ إلى السنّة ولا شيء عليه أكثر من الخمسمائة درهم(5) . ولأجل مثلهما جزم صاحب الجواهر(قدس سره)(6)بذلك ، ولكنّ الظاهر عدم التقييد بذلك خصوصاً مع كون موردهما غير المفوّضة .

1 ـ قد عرفت أنّ بطلان المهر لا يستلزم بطلان العقد خصوصاً في النكاح الدائم ،


(1) في ص419 ـ 420.
(2) شرائع الإسلام : 2/325 .
(3) جامع المقاصد : 13/338 ـ 340 ، الروضة البهية : 5/344 ، مسالك الأفهام : 8/199 ، الحدائق الناضرة : 24/432 .
(4) التهذيب : 7/362 ح1469 ، الإستبصار : 3/225 ح815 ، الوسائل : 21/270 ، أبواب المهور ب13 ح2 .
(5) التهذيب : 7/361 ح1464 ، الإستبصار : 3/224 ح810 ، الوسائل : 21/261 ، أبواب المهور ب8 ح14 .
(6) جواهر الكلام: 31 / 47 ـ 48 .

(الصفحة428)

مسألة 8 : لو شرك أباها في المهر ، بأن سمّى لها مهراً ولأبيها شيئاً معيّناً يعيّن (يتعيّن ظ) ما سمّى لها مهراً لها وسقط ما سمّى لأبيها ، فلا يستحق الأب شيئاً1.


الذي هو الموضوع في هذه المسائل نوعاً ، سواء كان البطلان لأجل أنّه ممّا لا يملكه أحد كالحرّ ولو اعتقد كونه عبداً ، أو ما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير ، أو ما لا يرتبط بالزوج أصلاً كجعله شيئاً باعتقاد كونه خلاًّ فبان كونه خمراً ، أو مالاً باعتقاد كونه ماله فبان خلافه وأنّه مال الغير ، ففي جميع هذه الموارد وإن كان المهر باطلاً لجهة من الجهات المشار إليها وغيرها ولكنّه لا يستلزم بطلان العقد ، بل يثبت مع الدخول مهر المثل بالمعنى المذكور في المسألة السابقة من مراعاة جميع الخصوصيات الدخيلة في ارتفاع المهر ونقصانه .

1 ـ فانّ المشهور كما في محكي المسالك(1) وغيرها(2) بطلان الشرط أي ما جعل لأبيها من المهر ، ولكن حكى المحقّق في الشرائع القول بصحّة المهر ولزوم الشرط(3)لعموم «المؤمنون عند شروطهم»(4) وللنبوي : أحقّ الشروط ما نكحت به الفروج(5) . ولكن الظاهر مضافاً إلى أنّ المهر عوض البضع ولا معنى لكون شيء مهراً ، ومع ذلك يكون للأب حتى يكون حقّ الشرطية نفسها للأجنبي ، وإلاّ فلو كان المشروط له أحد المتعاقدين فلا مانع من الشرط غير المحلّ حراماً أو المحرّم


(1) مسالك الأفهام : 8/178 .
(2) النهاية : 473 ، الخلاف : 4/387 ـ 388 ، جامع المقاصد : 13/396 ، الحدائق الناضرة : 24/444 .
(3) شرائع الإسلام: 2 / 325.
(4) التهذيب : 7/371 ح1503 ، الإستبصار : 3/232 ح835 ، الوسائل : 21/276 ، أبواب المهور ب20 ح4 .
(5) سنن أبي داود : 328 ح2139 ، سنن الترمذي : 3/434 ح1129 ، سنن الدارمي : 2/100 ح2199 ، السنن الكبرى للبيهقي : 7/248 ، وفيها : أحقّ الشروط أن توفّى به ما استحللتم به الفروج .

(الصفحة429)

مسألة 9 : ما تعارف في بعض البلاد من أنّه يأخذ بعض أقارب البنت كأبيها واُمّها من الزوج شيئاً ـ وهو المسمّى في لسان بعض بـ «شير بها» وفي لسان بعض آخر بشيء آخر ـ ليس بعنوان المهر وجزء منه ، بل هو شيء يؤخذ زائداً على المهر ، وحكمه أنّه إن كان اعطاؤه وأخذه بعنوان الجعالة لعمل مباح فلا إشكال في جوازه وحلّيته ، بل وفي استحقاق العامل له وعدم سلطنة الزوج على استرجاعه بعد إعطائه ، وإن لم يكن بعنوان الجعالة ، فإن كان إعطاء الزوج للقريب بطيب نفس منه ـ وإن كان لأجل جلب خاطره وتحبيبه وإرضائه ، حيث إنّ رضاه في نفسه مقصود ، أو من جهة أنّ رضا البنت منوط برضاه ، فبملاحظة هذه الجهات يطيب خاطر الزوج ببذل المال ـ فالظاهر جواز أخذه ، لكن يجوز


حلالاً ، وإن كان متعلّقاً بالغير كخياطة ثوب زيد وبناءدار عمرو مثلاً ، وأمّا لو كان المشروط له الأجنبي عن المتعاقدين بحيث كان الالتزام به في عرض الالتزام للمتعاقدين فلا دلالة لهما على اللزوم أصلاً .
والأصل في ذلك صحيح الوشاء ، عن الرضا (عليه السلام) قال : سمعته يقول : لو أنّ رجلاً تزوج امرأة وجعل مهرها عشرين ألفاً وجعل لأبيها عشرة آلاف كان المهر جائزاً والذي جعله لأبيها فاسداً(1) .
وقد ذكر في الجواهر : أنّه لولا الرواية الصحيحة لكان القول بفساد المهر ووجوب مهر المثل قوياً ، لاشتمال المهر على شرط فاسد فيفسده(2) .
وكيف كان فلا شبهة في عدم استحقاق الأجنبي عن العقد .


(1) الكافي : 5/384 ح1 ، التهذيب : 7/361 ح 1465 ، الإستبصار : 3/224 ح 811 ، الوسائل : 21/263 ، أبواب المهور ب9 ح1 .
(2) جواهر الكلام : 31/28 .

(الصفحة430)

للزوج استرجاعه ما دام موجوداً ، وأمّا مع عدم الرضا من الزوج وإنّما أعطاه من جهة استخلاص البنت حيث إنّ القريب مانع عن تمشية الأمر مع رضاها بالتزويج بما بذل لها من المهر ، فيحرم أخذه وأكله ، ويجوز للزوج الرّجوع فيه وإن كان تالفاً1.


1 ـ ما تعارف في بعض البلاد من أخذ بعض أقارب الزوجة من الأب أو الاُمّ أو غيرهما شيئاً من الزوج ـ وهو المسمّى في بلداننا وأزماننا «شير بهاء» ويمكن أن يكون مسمّى باسم آخر في غيرها ـ لا يكون بعنوان المهر وجزء منه ، بل هو شيء زائد عليه ، فلا يترتّب عليه حكم المهر ، وأمّا حكمه في نفسه فالظاهر أنّه يتصوّر فيه فروض :
الفرض الأول : ما إذا كان إعطاؤه وأخذه بعنوان الجعالة لعمل مباح ، وهو التسبيب في جلب رضاية الزوجة أو تقليل مهرها ، سواء كان العامل أباً أو أخاً أو غيرهما ، وفي هذه الصورة يستحقّ العامل الجعل ، ولا يكون الزوج مسلّطاً على استرجاعه كما في سائر موارد الجعالة ، ويمكن أن يكون الوجه في هذه الجعالة بالإضافة إلى الأب أو الجدّ للأب هو ثبوت الولاية لهما حتى على البالغة الرشيدة ، بناء على بعض الأقوال كما تقدّمت(1) .
هذا ، ولكن هذا الفرض خارج عمّا هو المتعارف في ذلك .
الفرض الثاني : ما إذا لم يكن بعنوان الجعالة ، لكن كان اعطاء الزوج للقريب بطيب منه ورضاه ، وإن كان لأجل جلب خاطره ورضاه ، حيث إنّ رضاه في نفسه مقصود له ، أو من جهة أنّ رضا البنت منوط برضاه ومتوقف عليه ، وفي هذا


(1) في «القول في أولياء العقد» مسألة 2 .

(الصفحة431)

مسألة 10 : لو وقع العقد بلا مهر جاز أن يتراضيا بعده على شيء ، سواء كان بقدر مهر المثل أو أقلّ منه أو أكثر ، ويتعيّن ذلك مهراً وكان كالمذكور في العقد1.


الفرض يجوز له التصرّف في المال الذي أعطاه الزوج كما في سائر الموارد المشابهة ، لكن يجوز له الاسترجاع ما دام المال موجوداً; لأنّه لم يخرج عن ملك الزوج بذلك ، بل غاية الأمر جواز التصرّف للمباح له ما دام المال موجوداً ولم يرجع الزوج .
الفرض الثالث : ما إذا لم يكن هناك جعالة ولا رضا من الزوج ، بل كان اعطاؤه إنّما هو من جهة استخلاص البنت ، حيث إنّ القريب مانع عن تمشية الأمر مع فرض رضا الزوجة بالنكاح مع المهر المعيّن لها ، وفي هذه الصورة لا يجوز للقريب التصرّف فيه ، ويجب عليه ردّه إلى الزوج ومع تلفه عنده يكون ضامناً; له لقاعدة على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي ، كما هو ظاهر .

1 ـ لو وقع العقد بلا مهر أي بصورة تفويض البضع جاز أن يتراضيا بعده على شيء بعنوان المهر ، سواء كان بقدر مهر المثل أو أكثر ، ويتعيّن ذلك مهراً كالمهر المذكور في العقد ، وعلّله المحقّق في الشرائع بأنّ الحقّ لهما ، سواء كان بقدر مهر المثل أو أزيد أو أقل ، وسواء كان عالمين أو جاهلين ، أو كان أحدهما عالماً والآخر جاهلاً; لأنّ فرض المهر إليهما ابتداء ، فجاز انتهاء(1) .
هذا ، ولكن مجرّد كون الحقّ لهما وإن فرض المهر إليهما ابتداء لا يستلزم تعيّن ما تراضيا عليه بعد العقد بعنوان المهريّة ، حتّى يترتّب عليه أحكام المهر; فالأولى التعليل لذلك ـ مضافاً إلى كون المسألة مرسلة عندهم إرسال المسلّمات ، بل ذكرها


(1) شرائع الإسلام : 2/326 .

(الصفحة432)

مسألة 11 : يجوز أن يجعل المهر كلّه حالاّ ـ أي بلا أجل ـ ومؤجّلاً ، وأن يجعل بعضه حالاًّ وبعضه مؤجّلاً ، وللزوجة مطالبة الحالّ في كلّ حال بشرط مقدرة الزوج واليسار ، بل لها أن تمتنع من التمكين وتسليم نفسها حتى تقبض مهرها الحالّ ، سواء كان الزوج موسراً أو معسراً . نعم ليس لها الامتناع فيما لو كان كلّه أو بعضه مؤجّلاً وقد أخذت بعضه الحال1.


غير واحد من العامّة(1) أيضاً ـ بأنّها بالعقد ملكت ، أن تملك المهر عليه بالفرض أو الدخول ، فكان لها المطالبة بذلك كي تعرف استحقاقها بالوطء أو الموت أو الطلاق ، ولا يرجع معنى التفويض إلى خلوّ العقد عن المهر رأساً ، ولا يخفى أنّ هذه العلّة لا تكاد تستلزم التعيّن بعد كون التراضي واقعاً بعد العقد ، كما أنّه لا يدلّ عليه سائر ما استدلّ به لهذه الجهة .

1 ـ قد تعرّض في هذه المسألة لأمرين :
الأمر الأوّل : أنّه يمكن أن يجعل المهر كلّه حالاًّ ، وأن يجعل كلّه مؤجّلاً ، وأن يجعل بعضه حالاًّ وبعضه مؤجّلاً; لإطلاق ما دلّ على أنّ المهر ما تراضيا عليه الشامل لهذه الفروض الثلاثة .
الأمر الثاني : إنّه لو كان شيء من المهر أو كلّه حالاًّ فللزوجة المطالبة في كلّ حال بشرط مقدرة الزوج واليسار ، ولها أن تمتنع من تسليم نفسها حتّى تقبض مهرها الحال إتّفاقاً ، كما في محكيّ كشف اللثام(2) لأنّ النكاح المشتمل على الصداق معاوضة بالنسبة إلى ذلك ، ومن أحكامها أنّ لكلّ من المتعاوضين الامتناع من


(1) الأمّ : 5/74 ، المغني لابن قدامة : 8/49 ، الشرح الكبير : 8/90 .
(2) كشف اللثام : 7/409 .

(الصفحة433)



التسليم حتى يقبض العوض .
هذا ، مضافاً إلى خبر زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن رجل تزوّج جارية أو تمتّع بها ثم جعلته من صداقها في حلّ ، أيجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئاً؟ قال : نعم إذا جعلته في حلّ فقد قبضته منه(1) .
ولكن في محكيّ الحدائق(2) أنّه ليس لها ذلك دلالة; لأنّ كلاًّ منهما مخاطب باداء ما عليه عصى الآخر أو أطاع ، وفيه ما لايخفى ، لأنّ مقتضى المعاوضة ذلك ، ولو امتنعا جميعاً من التسليم حتى يقبض ففي محكيّ المسالك(3) وكشف اللثام(4) إيداع المهر من يثقان به ، فإذا وطأها قبضته ، لأنّ الوطء في النكاح هو القبض ، إذ البضع لا يدخل تحت اليد وإن كانت الزوجة أمة; لأنّ ملك الرقبة لغير مالك الاستمتاع ، ولهذا لا يجب عليه عوض البضع بالغصب ما لم يطأ .
وأورد عليه في الجواهر ـ مضافاً إلى أنّ الوضع في يد العدل حكم على الزوج ـ بأنّه لا دليل على وجوب امتثاله بناء على ثبوت الحقّ لكلّ منهما بمقتضى المعاوضة ، وبأنّ الفتاوى ظاهرة في استحقاق المرأة تسليم المهر أوّلاً; ولذا احتمل في الكتابين المذكورين أنّه يجبر الزوج على التسليم; لأنّ فائت المال يستدرك دون البضع ، والايقاف إلى أن يبادر أحدهما بالتسليم ، فيجبر الآخر(5) .
هذا بالإضافة إلى المهر الحال وأمّا المهر المؤجّل فليس لها أن تمتنع حتّى يبلغ


(1) التهذيب : 7/374 ح1513 ، الوسائل : 21/301 ، أبواب المهور ب41 ح2 .
(2) الحدائق الناضرة : 24/459 ـ 469 .
(3) مسالك الأفهام : 8/194 .
(4) كشف اللثام : 7/409 .
(5) جواهر الكلام : 31/42 .

(الصفحة434)



أجله ويصير حالاًّ ، بل هو حينئذ كبيع النسيئة مثلاً ، فانّه لا يجوز للبائع الامتناع من تسليم المبيع حتى يأتي زمان الثمن المؤجّل .
هذا ، ولا فرق في جميع ذلك بين يسار الزوج واعساره; لأنّهما يفترقان في ثبوت حقّ المطالبة وعدمه لا الحقّ الحاصل من المعاوضة .
ثمّ إنّ المحقّق(قدس سره) في الشرائع بعد الحكم بأنّ لها أن تمتنع من تسليم نفسها حتى تقبض مهرها ، وأنّه لا فرق في ذلك بين يسار الزوج وإعساره قال : وهل لها ذلك بعد الدخول؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو الأشبه لأنّ الاستمتاع حقّ لزم بالعقد(1) .
أقول : القائل بالقول الأوّل هما الشيخان في المقنعة(2) والمبسوط(3) نظراً إلى أنّ أحد العوضين ـ وهي منفعة البضع ـ تتجدّد لا يمكن القبض جملة ، والمهر بازاء الجميع ، فبالتسليم مرّة لم يحصل الاقباض فجاز الامتناع ، ودليل القول الثاني ما ذكره المحقّق ، فانّ الاستمتاع حقّ لزم بالعقد ، وقد خرج منه الاستمتاع أوّلاً قبل القبض بالإجماع فيبقى الباقي على أصله(4) .
ودعوى أنّ المهر في مقابل الدخول لا مرّة واحدة بل بجميع الدفعات ، مدفوعة ـ مضافاً إلى عدم معلومية تلك الدفعات لاحتمال عروض الموت أو الطلاق بعد الدخول مرّة واحدة ، ولا شبهة في استقرار جميع المهر حينئذ ـ أنّ كون النكاح معاوضة أو كالمعاوضة إنّما هو باعتبار وقوع المهر في مقابل البضع لا باعتبار تقسيمه على دفعات الدخول ، فالأقوى هو القول الثاني .


(1) شرائع الإسلام : 2/325 .
(2) المقنعة : 510 .
(3) المبسوط : 4/313 .
(4) الروضة البهية : 5/369 ، مسالك الأفهام : 8/194 ، كشف اللثام : 7/410 .

(الصفحة435)

مسألة 12 : يجوز أن يذكر المهر في العقد في الجملة ويفوّض تقديره وتعيينه إلى أحد الزوجين ، بأن تقول الزوجة مثلاً : «زوّجتك على ما تحكم ـ أو أحكم ـ من المهر» ، فقال : «قبلت» فإن كان الحاكم الزوج جاز أن يحكم بما شاء ولم يتقدّر في الكثرة والقلّة ما دام متموّلاً ، وإن كان الزوجة كان لها الحكم في طرف القلّة بما شاءت ما دام متموّلاً ، وأمّا في طرف الكثرة فلا يمضي حكمها فيما زاد على مهر السنّة ، وهو خمسمائة درهم1.


1 ـ وعمدة الدليل على ما ذكر من أصل الجواز ومن التفصيل بين الزوجين فيما ذكر الروايات الواردة في المسألة مثل :
رواية زرارة قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل تزوّج امرأة على حكمها؟ قال : لا يجاوز حكمها مهور آل محمّد (صلى الله عليه وآله) اثنتي عشرة أوقية ونشّاً ، وهو وزن خمسمائة درهم من الفضة ، قلت : أرأيت إن تزوّجها على حكمه ورضيت بذلك؟ قال : فقال : ما حكم من شيء فهو جائز عليها قليلاً كان أو كثيراً ، قال : فقلت له : فكيف لم تجز حكمها عليه وأجزت حكمه عليها؟ قال : فقال : لأنّه حكّمها فلم يكن لها أن تجوز ما سنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتزوّج عليه نساءه فرددتها إلى السنّة ، ولأنّها هي حكّمته وجعلت الأمر إليه في المهر ورضيت بحكمه في ذلك ، فعليها أن تقبل حكمه قليلاً كان أو كثيراً(1) .
وصحيحة ابن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل تزوج امرأة على حكمها أو على حكمه فمات أو ماتت قبل أن يدخل بها ، قال : لها المتعة والميراث ولا مهر لها ،


(1) الكافي : 5/379 ح1 ، التهذيب : 7/365 ح 1480 ، الإستبصار : 3/230 ح 829 ، علل الشرائع : 513 ح 1 ، الوسائل : 21/278 ، أبواب المهور ب21 ح1 .

(الصفحة436)



قلت : فإن طلّقها وقد تزوّجها على حكمها؟ قال : إذا طلّقها وقد تزوّجها على حكمها لم تجاوز حكمها عليه أكثر من وزن خمسمائة درهم فضّة مهور نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله)(1) .
ورواية أبي جعفر ـ يعنى الأحول ـ قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل تزوّج امرأة بحكمها ثمّ مات قبل أن تحكم؟ قال : ليس لها صداق وهي ترث(2) .
ورواية أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يفوِّض إليه صداق امرأته فنقص عن صداق نسائها؟ قال : تلحق بمهر نسائها(3) .
ثمّ الظاهر اختلاف موضوع هذه المسألة مع مسألة مفوّضة البضع المتقدّمة ، فانّ الموضوع هنا وجود المهر للبضع من ناحية الزوجة ، غاية الأمر الرجوع في التعيين والتقدير إلى أحدهما وتفويض أمر التعيين إليه ، وامّا هناك فالموضوع هو خلوّ العقد عن المهر رأساً ، وفي الحقيقة نقل البضع إلى الزوج كذلك ، ولذا يقال لها : مفوضة البضع ، فالتفويض هنا يرجع إلى التقدير والحكم وهناك إلى أصل البضع ، فالموضوع في المسألتين متفاوت .
ثمّ إنّ المفروض في المتن وفي الروايات أيضاً كون المهر إمّا بحكمه أو بحكمها ، ولكنّ الظاهر عدم الفرق بين الزوجين وبين الأجنبي ، وإن استشكل فيه في محكيّ القواعد(4) لعدم الفرق خصوصاً مع عدم كون الأجنبي ذا نفع ولا ذا ضرر غالباً ، كما لايخفى .


(1) الكافي : 5/379 ح2 ، التهذيب : 7/365 ح 1481 ، الوسائل : 21/279 ، أبواب المهور ب21 ح2 .
(2) الفقيه : 3/262 ح1250 ، الوسائل : 21/279 ، أبواب المهور ب21 ح3 .
(3) التهذيب : 7/366 ح1482 ، الإستبصار : 3/230 ح831 ، الوسائل : 21/279 ، أبواب المهور ب21 ح4 .
(4) قواعد الاحكام : 2/40 .

(الصفحة437)

مسألة 13 : لو طلّق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمّى وبقي نصفه ، فإن كان ديناً عليه ولم يكن قد دفعه برأت ذمّته من النصف ، وإن كان عيناً صارت مشتركة بينه وبينها ، ولو كان دفعه إليها استعاد نصفه إن كان باقياً ، وإن كان تالفاً استعاد نصف مثله إن كان مثليّاً ، ونصف قيمته إن كان قيميّاً ، وفي حكم التلف نقله إلى الغير بناقل لازم ، ومع النقل الجائز فالأحوط الرجوع ودفع نصف العين إن طالبها الزوج1.


1 ـ الأصل في ذلك قوله تعالى : { وإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}(1) الآية ، والروايات(2) الواردة في هذا المجال كثيرة ، ولا خلاف فيه أصلاً ، وعليه فان كان المهر ديناً ولم يكن قد دفعه إليها ثمّ تحقّق الطلاق قبل الدخول برأت ذمّته من النصف ، من دون فرق بين أقسام الطلاق من جهة كونه خلعاً أو غيره ، وإن كانت عيناً تصير بالطلاق قبل الدخول مشتركة بينه وبينها .
ولو كان قد دفعها إليها فتارة تكون باقية واُخرى تالفة بالتلف الحقيقي ، ففي لاصورة الثانية ينتقل إلى نصف المثل إن كان مثليّاً ونصف القيمة إن كان قيميّاً ، وفي الصورة الاُولى استعاد نصف العين . وفي حكم التلف الحقيقي النقل إلى الغير بنقل لازم ، وأمّا في صورة النقل الجائز ، فإذا كانت العين متعلّقة لنظر الزوج يكون مقتضى الاحتياط الوجوبي رجوع الزوجة في النقل المذكور ودفع نصف العين إلى الزوج; لإمكانه في فرض الجواز .


(1) سورة البقرة : 2/237 .
(2) الوسائل : 21/313 ـ 314 ، أبواب المهور ب51 .

(الصفحة438)

مسألة 14 : لو مات أحد الزوجين قبل الدخول فالأقوى تنصيف المهر كالطلاق خصوصاً في موت المرأة ، والأحوط الأولى التصالح خصوصاً في موت الرجل1.


ثمّ إنّه ذكر المحقّق في الشرائع : ولو اختلفت قيمته في وقت العقد ووقت القبض لزمها أقلّ الأمرين(1) . وعلّله في الجواهر بقوله : لأنّه ملّكته بتمامه بالعقد على الأصحّ ، فالزيادة حينئذ لها وليس النقصان عليها ، فانّه ليس مضموناً عليها للزوج ، لأنّه ملّكها خصوصاً ولم يسلّم إليها ، فإن زادت حين التسليم لم يستحقّ الزيادة ، وإن نقصت حينه لم يضمن له النقصان ، وإن نقصت في البين ثمّ زادت والزيادة متجدّدة غير مستحقّة له فهي لها(2) .
ولكنّه اختار نفسه أنّه مع ملاحظة النصّ لابدّ من ضمان القيمة يوم النقص; لدلالة خبر عليّ بن جعفر (عليه السلام)(3) عليه ، وبدون ملاحظة النصّ لابدّ من الالتزام بالضمان بقيمة يوم التلف باعتبار تعلّق حقّ الاستعادة في العين ما دامت موجودة ، فمع تلفها يتعلّق بقيمتها في ذلك اليوم ، الّذي هو ابتداء تعلّق الحقّ المزبور أو ضمانها القيمة يوم الطلاق ، الذي هو يوم تملّك النصف من العين أو من قيمتها في ذلك اليوم(4) .

1 ـ نسب إلى المشهور(5) أنّ في موت أحد الزوجين قبل الدخول تستحقّ المرأة


(1) شرائع الإسلام : 2/328 .
(2) جواهر الكلام : 31/80 .
(3) التهذيب : 7/369 ح1494 ، الوسائل : 21/293 ، أبواب المهور ب34 ح2 .
(4) جواهر الكلام : 31/81 .
(5) الجامع للشرائع : 439 ، إيضاح الفوائد : 3/198 ، المهذّب البارع : 3/397 ، الروضة البهية : 5/353 .

(الصفحة439)



تمام المهر ، بل عن المرتضى دعوى الإجماع عليه(1) والمنسوب إلى الصدوق(2)وظاهر الكليني(3) وغيرهما(4) وتبعهما الماتن تنصيف المهر كالطلاق ، والعمدة الروايات الواردة في المسألة ، وهي على طائفتين :
الطائفة الاُولى: روايات كثيرة تبلغ خمس عشررواية بين صحيحةوموثّقة، مثل :
صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يتزوّج المرأة ثم يموت قبل أن يدخل بها ، فقال : لها الميراث وعليها العدّة أربعة أشهر وعشراً ، وإن كان سمّى لها مهراً ـ يعني صداقاً ـ فلها نصفه ، وإن لم يكن سمّى لها مهراً فلا مهر لها(5) .
وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إن لم يكن دخل بها وقد فرض لها مهراً فلها نصف ما فرض لها ، ولها الميراث وعليها العدّة(6) .
وموثّقة عبد الرحمن بن الحجاج ، عن رجل ، عن عليّ بن الحسين (عليهما السلام) ، قال في المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها : إنّ لها نصف الصداق ، ولها الميراث ، وعليها العدّة(7) ، وغير ذلك من الروايات .
الطائفة الثانية : روايات كثيرة أيضاً تبلغ خمساً ، مثل :


(1) الناصريات : 334 .
(2) المقنع: 357 ـ 385، الفقيه: 3 / 267 ح1269.
(3) الكافي : 6/119 ب47 .
(4) رياض المسائل : 7/160 ، الحدائق الناضرة : 24/557 .
(5) الفقيه : 4/229 ح728 ، الوسائل : 26/221 ، أبواب ميراث الأزواج ب12 ح1 .
(6) الكافي : 6/118 ح4 ، التهذيب : 8/244 ح 501 ، الإستبصار : 3/339 ح 1209 ، الوسائل : 21/328 ، أبواب المهور ب58 ح6 .
(7) الكافي : 6/118 ح3 ، و ج 7/132 ح 1 ، الوسائل : 21/327 ، أبواب المهور ب58 ح5 .

(الصفحة440)



صحيحة الكناني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إذا توفّي الرجل عن امرأته ولم يدخل بها فلها المهر كلّه ، إن كان سمّى لها مهراً ، وسهمها من الميراث ، وإن لم يكن سمّى لها مهراً لم يكن لها مهر ، وكان لها الميراث(1) .
وصحيحة منصور بن حازم ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يتزوّج المرأة فيموت عنها قبل أن يدخل بها ، قال : لها صداقها كاملاً وترثه ، تعتدّ أربعة أشهر وعشراً كعدّة المتوفّى عنها زوجها(2) . وغير ذلك من الروايات .
هذا ، والجمع الدلالي بين الطائفتين غير ممكن; لظهور كلتيهما في مدلولهما من التمام أو النصف ، والشهرة التي هي أوّل المرجّحات غير متحقّقة ظاهراً ، فلابدّ من الرجوع إلى سائر المرجّحات .
والظاهر إنّ الترجيح مع الطائفة الاُولى; لأنّ رواتها أوثق وأورع ومن فضلاء الأصحاب ، وبعدها عن التقية ، وإمكان حمل الطائفة الثانية عليها ، كما ربما يستفاد من معتبرة منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل تزوّج امرأة وسمّى لها صداقاً ثم مات عنها ولم يدخل بها؟ قال : لها المهر كاملاً ، ولها الميراث ، قلت : فإنّهم رووا عنك أنّ لها نصف المهر؟ قال : لا يحفظون عنّي إنّما ذلك للمطلّقة(3) .
والظاهر اتّحاد هذه الرواية مع صحيحة منصور المتقدّمة وعدم كونها رواية اُخرى; لأنّه من البعيد أن يسأل منصور الإمام (عليه السلام) عن حكم المسألة مرّتين ، واشتمال كلّ منهما على بعض ما لم يشتمل الآخر عليه لا يقدح في ذلك ، والاشعار بالتقية بملاحظة ذيل هذه الرواية الدالّ على أنّ جماعة من الرواة قد رووا عنه أنّ لها


(1) التهذيب : 8/145 ح503 ، الإستبصار : 3/340 ح1213 ، الوسائل : 21/332 ، أبواب المهور ب58 ح21  .
(2) التهذيب : 8/146 ح508 ، الإستبصار : 3/341 ح1218 ، الوسائل : 21/332 ، أبواب المهور ب58 ح23 .
(3) التهذيب : 8/147 ح513 ، الإستبصار : 3/342 ح1223 ، الوسائل : 21/333 ، أبواب المهور ب58 ح24 .
<<التالي الفهرس السابق>>