في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة21)



بالموت ، فلا يجوز أن يقال : إنّ مجرّد الإكراه يرفع كلّ محرّم ولو بلغ ما بلغ ، فتدبّر جيّداً .

بقي في هذه المسألة أمران :
الأول : يلحق بالإكراه موضوعاً أو حكماً ما إذا لم يكن هناك توعيد ولا تخويف ، بل يتخوّف المكرَه بالفتح أنّه إن لم يفعل يقع من ناحية المُكْرِه بالكسر في ضرر من قبله ، فإنّه مع صدق الإكراه تشمله الروايات العامة والخاصّة المتقدّمة الواردة في الإكراه بالطلاق ، ومع عدم صدقه يكون فيه ملاك الرفع وعدم تحقّق الطلاق مع الإكراه ، لأنّ المفروض أنّه في هذه الحالة لا يكون عمله صادراً عن طيب نفسه ورضاه ، بل كان الداعي له إلى العمل هو الخوف من الضرر المذكور مع الإلزام ، وإن لم يتحقّق التوعيد والتهديد به ، كما لا يخفى .
الثاني : لا يلحق بالإكراه ما لو وقع الفعل مخافة إضرار الغير عليه بتركه من دون إلزام منه عليه ، وفرّع عليه في المتن أنّه لو زوّج امرأة ثم رأى أنّه لو بقيت على حباله لوقعت عليه وقيعة من بعض متعلّقيها كأبيها وأخيها مثلا ، فالتجأ إلى طلاقها فطلّقها يصحّ طلاقها .
أقول : السرّ في ذلك بعد عدم تحقق الإكراه لما عرفت من أنّ معناه هو حمل الغير وإلزامه على ما يكرهه ، ومجرّد وقوع الطلاق خوفاً من الضرر على الترك لا يوجب صدق الإكراه ، ضرورة أنّ العقود والإيقاعات الصادرة من العقلاء يكون الداعي لهم إمّا ترتّب نفع عليه أو دفع ضرر على الترك ، ولو كان النفع أو الضرر مرتبطاً بالآخرة ، فإنّ من يبيع داره مثلا يكون الداعي له إلى البيع إمّا جلب منفعة

(الصفحة22)

مسألة 5 : لو قدر على دفع ضرر الآمر ببعض التفصيّات ممّا ليس فيه ضرر عليه كالفرار والإستغاثة بالغير لم يتحقّق الإكراه ، فلو أوقع الطلاق حينئذ معه وقع صحيحاً ، نعم لو قدر على التورية وأوقعه من دون ذلك ، فالظاهر وقوعه مكرهاً عليه وباطلا(1) .


وإمّا دفع ضرر على الترك ولو كان الضرر خياليّاً ، مع أنّ الحكم بالبطلان في مثل هذه الصورة خلاف الامتنان ، الذي لأجله سيق حديث الرفع كما يشعر أو يدلّ عليه قوله (صلى الله عليه وآله) : «رفع عن اُمّتي . . .»(1) فتدبّر جيّداً .

1 ـ لو قدر على دفع ضرر الآمر الملزم ببعض التفصيّات ممّا ليس فيه ضرر عليه ، ولا يكون مخالفاً لشأنه ووضعه كالفرار عن المحلّ والاستغاثة والاستعانة بالغير ، لم يتحقّق الإكراه ولا يكون الطلاق معه عن إكراه ، فلا محالة يقع الطلاق صحيحاً من هذه الجهة ، والوجه فيه أنّه لا يكون الضرر مترتّباً على ترك المكره عليه فقط ، بل على الترك وعدم دفع الضرر ببعض التفصيّات الممكنة; لأنّ المفروض القدرة على دفع الضرر من غير طريق إيجاد الفعل المكرَه عليه .
نعم ، لو قدر على التورية وأوقعه من دون ذلك ، فقد استظهر في المتن وقوع الطلاق مكرهاً عليه وباطلا ، والوجه فيه صدق الإكراه وإن كان قادراً على التورية ، خلافاً لبعض العامة فأوجبها للقادر(2) .
نعم ، هنا كلام في أنّه لو قصد المكرَه إيقاع الطلاق ففي محكي المسالك : في وقوعه وجهان: من أنّ الإكراه أسقط أثر اللفظ ومجرّد النية لا تعمل ، ومن حصول اللفظ

(1) الوسائل: 15 / 369 ، أبواب جهاد النفس ب56 .
(2) مغني المحتاج: 3 / 290 ، المغني لابن قدامة: 8 / 262 ، الشرح الكبير: 8 / 245 ، المجموع: 18/ 200 .

(الصفحة23)

مسألة 6 : لو أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه فطلّق إحداهما المعيّنة وقع مكرهاً عليه ، ولو طلّقهما معاً ففي وقوع طلاق إحداهما مكرهاً عليه فيعيّن بالقرعة أو صحّة كليهما وجهان لا يخلو أوّلهما عن رجحان ، ولو أكرهه على طلاق كلتيهما فطلّق إحداهما فالظاهر أنّه وقع مكرهاً عليه(1) .


والقصد ، وهذا هو الأصحّ(1) .
أقول : مقتضى تعليل بطلان البيع عن إكراه بفقد طيب النفس والرّضا ، إنّ القصد إلى المعنى متحقّق في البيع عن إكراه ، وإلاّ لكان التعليل بعدم القصد مع اعتباره في العقود والإيقاعات أولى وأنسب ، كما أنّ مقتضى الحكم بصحّة البيع عن إكراه إذا تعقّبه الرّضا ولحقه طيب النفس والإجازة ذلك ، ضرورة أنّه مع عدم القصد حال الإنشاء لا مجال للحوق الإجازة وتعقّب الرضا ، فمن ذلك يعلم أنّ نظر المُكْرِه بالكسر وإن كان حاصلا بصرف إيجاد اللفظ وإنشاء الطلاق اللفظي ، إلاّ أنّه مع قصد المعنى يكون بمنزلة التورية ، التي عرفت أنّه مع القدرة عليها والإيقاع من دون التورية يتحقّق الإكراه الموجب للبطلان ، فالظاهر عدم الوقوع ، وإن جعله في المسالك هو الأصحّ ، فتدبّر جيّداً .

1 ـ قد تعرّض في هذه المسألة لصور ثلاث :
إحداها : ما لو أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه غير المعيّنة ، فطلّق إحداهما المعيّنة وقع مكرهاً عليه ، وإن كان المكرَه عليه غير معيّن والواقع معيّناً ، ضرورة أنّه لا يتحقّق المكرَه عليه المتوعّد على تركه بدون ذلك ، فالإختلاف المزبور لا يؤثِّر في صيرورته صحيحة ، لكن في الجواهر : لو كان الإكراه على الإبهام وعدل إلى التعيين

(1) مسالك الافهام: 9 / 22 .

(الصفحة24)



وقع عليها(1) . بل في محكي المسالك : لا شبهة في وقوع الطلاق على المعيّنة; لأنّه غير المكره عليه جزماً(2) .
قلت : ليس الكلام في عدول المكرَه بل في أنّ المكرَه عليه طلاق إحدى الزوجتين غير المعيّنة ، وطلّق إحداهما المعيّنة ، والحكم فيه ما ذكرنا .
ثانيتها : الفرض المذكور مع تحقّق طلاقهما معاً ، وقد احتمل فيه وجهين: أحدهما وقوع طلاق إحداهما مكرهاً عليه ، والتعيين إنّما هو بالقرعة . ثانيهما صحّة كليهما .
والوجه فيه كونه غير مكرَه عليه; لأنّ المفروض الإكراه على طلاق إحدى الزوجتين غير المعيّنة ، ونفى في المتن خلوّ أوّل الوجهين عن رجحان ، والوجه فيه عدم تعدّي دائرة الإكراه عن طلاق إحدى الزوجتين ، فلا محالة يكون هو الباطل ، وحيث إنّه غير معيّن ، فاللازم التعيين بالقرعة ، وهذا هو الظاهر .
ثالثتها : ما لو أكرهه على طلاق كليهما فطلّق إحداهما ، وقد استظهر في المتن أ نّه يقع مكرهاً عليه ، والظاهر أنّه لا إشكال في ذلك فيما إذا كان طلاق إحداهما بتخيّل دفع الضرر المتوعّد به بذلك; لاحتمال كونه موجباً لرضا المكره والاكتفاء بذلك بدلا عنهما .
وأمّا إذا لم يحتمل ذلك ، بل اعتقد بأنّ عدم ترتّب الضرر متوقّف على طلاق كليهما، ولا يتحقّق بمجرّد طلاق واحدة ، فالظاهر أنّ طلاق إحداهما في هذه الصورة لايكون مكرهاً عليه بوجه ، ضرورة تغاير الواقع مع ما هو المكره عليه ، كما لا يخفى .


(1) جواهر الكلام: 32 / 14 .
(2) مسالك الافهام: 9 / 21 ـ 22 .

(الصفحة25)

مسألة 7 : لو أكرهه على أن يطلّق ثلاث تطليقات بينهما رجعتان ، فطلّقها واحدة أو اثنتين ، ففي وقوع ما أوقعه مُكْرهاً عليه إشكال ، إلاّ إذا قصد تحمّل ما أوعده عليه في ترك البقيّة ، أو كان ذلك بقصد احتمال التخلّص عن المكروه ، وأنّه لعلّ المكره اقتنع بما أوقعه وأغمض عمّا لم يوقعه(1) .

مسألة 8 : لو أوقع الطلاق عن إكراه ثمّ تعقّبه الرضا لم يفد ذلك في صحّته وليس كالعقد(2) .


1 ـ لو أكرهه على أن يطلّق ثلاث تطليقات بينهما رجعتان أي في مجلس واحد ، الذي هو باطل عند الإمامية ، بخلاف العامّة القائلين بالوقوع كذلك ، وأوعده الضرر على تركه الذي هو ترك التقية ، لكن المكرَه الشيعي طلّق زوجته بتطليقة واحدة ، أو اثنتين بينهما رجعة في مجلس واحد ، الذي هو صحيح عند الإمامية ، فقد استشكل في المتن في وقوع ما أوقعه مكرهاً عليه من أنّه خلاف المكره عليه ، وهو يدلّ على الاختيار ، ومن أنّ الواحدة أو الإثنتين بعض المكرَه عليه ، فيقع مكرهاً عليه ، واستثنى من مورد الإشكال صورتين :
الاُولى : ما إذا قصد تحمّل ما أوعده عليه في ترك التقية ، فإنّه حينئذ يكون ما أوقعه صادراً بالاختيار ، فلا وجه لبطلانه ولا للإشكال فيه .
الثانية : ما إذا كان ذلك بقصد احتمال التخلّص عن المكروه ، وأنّه لعلّ المكره اقتنع بما أوقعه وأغمض عمّا لم يوقعه ، وفي هذه الصورة لا إشكال في بطلانه .

2 ـ الفرق بين العقود والإيقاعات بعد اشتراكهما في البطلان مع الاكراه ، أنّ العقود المكرَه عليها كالبيع تصحّ بتعقّب الرضا ولحوقه دون الايقاعات المكرَه عليها ، فإنّها لا تصحّ بتعقّب الرّضا . والتحقيق في الفرق بينهما من جهة إمكان

(الصفحة26)

مسألة 9 : لا يعتبر في الطلاق اطلاع الزوجة عليه فضلا عن رضاها به(1) .

مسألة 10 : يشترط في المطلّقة أن تكون زوجة دائمة ، فلا يقع الطلاق على المتمتّع بها . وأن تكون طاهرة من الحيض والنفاس ، فلا يصحّ طلاق الحائض والنفساء ، والمراد بهما ذات الدمين فعلا أو حكماً كالنقاء المتخلّل في البين ، ولو نقتا من الدمين ولم تغتسلا من الحدث صحّ طلاقهما . وأن لا تكون في طهر واقعها فيه زوجها(2) .


الفصل وعدم إمكانه موكول إلى كتاب المكاسب ، فراجع .

1 ـ لا يعتبر في الطلاق الذي هو من الإيقاعات اطّلاع الزوجة عليه فضلا عن رضاها به ، بل يقع مع عدم الرضا وعدم الاطّلاع عليه ، أمّا عدم اعتبار الرضا فواضح; لأنّ الطلاق حينئذ كالعتق . وأمّا عدم اعتبار الاطّلاع فلأنّه لا دليل عليه ، مضافاً إلى أنّه لا وجه له ، كما لا يخفى .

2 ـ قد اعتبر في هذه المسألة في المُطلّقة اُموراً ثلاثة :
أحدها : أن تكون زوجة دائمة ، وهذا الشرط ينحلّ إلى أمرين :
الأوّل : أن تكون زوجة لا في مقابل الأجنبية فإنّه واضح ، بل في مقابل الأمة المحلّلة .
الثاني : أن تكون زوجة دائمة في مقابل المتمتَّع بها ، ويدلّ على اعتبار كلا الأمرين ـ مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه ـ الروايات(1) الدالّة على حصر الطلاق

(1) الوسائل: 22 / 31 ـ 36 ، أبواب مقدمات الطلاق ب12 .

(الصفحة27)



بالنكاح بعد انسباق النكاح الدائم من الطلاق :
ففي مرسلة الصدوق ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث ، أنّه سئل عن رجل قال : كلّ امرأة أتزوّجها ما عاشت اُمّي فهي طالق . فقال : لا طلاق إلاّ بعد نكاح ، ولا عتق إلاّ بعد ملك(1) .
وإن كان في دلالتها على المدّعى تأمّل وإشكال ، قال صاحب الجواهر : وإن لم يحضرني من النصوص ما يدلّ على عدم وقوع الطلاق بالمستمتع بها(2) . وأورد عليه في الهامش بما حاصله أنّه من الغريب أنّه مع تبحّره واطّلاعه التام على الروايات لم يلتفت إلى رواية محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في المتعة ليست من الأربع; لأنّها لا تُطلّق ولا ترث ، وإنّما هي مستأجرة(3) . وقد تعرّض لها نفسه في بحث المتعة(4) . بل عقد صاحب الوسائل لهذا العنوان باباً ، وهو باب أنّ المتمتّع بها تبين بانقضاء العدّة وبهبتها ، ولا يقع بها طلاق(5) .
وكيف كان فالروايات الظاهرة في عدم الطلاق في المتمتّع بها كثيرة ، مثل:
رواية الحسن الصيقل ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث قال : المتعة ليس فيها طلاق(6) . وبالجملة فلا شبهة في اعتبار هذا الأمر .
ثانيها : أن تكون طاهرة من الحيض والنفاس ، ويدلّ عليه قوله تعالى في الآية

(1) الفقيه: 3 / 321 ح1558 ، الوسائل: 22 / 31 ، أبواب مقدمات الطلاق ب12 ح1 .
(2) جواهر الكلام: 32 / 28 .
(3) الكافي: 5 / 451 ح5 ، الوسائل: 21 / 18 ، أبواب مقدمات الطلاق ب4 ح4 .
(4) جواهر الكلام: 30 / 162 .
(5) الوسائل: 21 / 77 ، أبواب المتعة ب43 .
(6) التهذيب: 8 / 34 ح103 ، الاستبصار: 3 / 275 ح978 ، الوسائل: 22 / 132 ، أبواب أقسام الطلاق ب9 ح4 .

(الصفحة28)



الاُولى من سورة الطلاق : {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّة}(1) ، نظراً إلى أنّ المراد الأمر بطلاقهنّ في طهر يكون من عدَّتهنّ ، والحائض حال حيضها لا تكون كذلك ، وهكذا النفساء ، بل يلزم أن يكون الطهر غير طهر المواقعة ، كما سيجيء إن شاء الله تعالى .
ومن الروايات ما وصفه في الجواهر بالاستفاضة لولا التواتر(2) .
منها: رواية الحلبي ، التي جعلها في الوسائل متعدّدة مع أنّ الظاهر الوحدة . قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : الرجل يطلّق امرأته وهي حائض ، قال : الطلاق على غير السنّة باطل ، قلت : فالرجل يطلِّق ثلاثاً في مقعد ، قال : يردّ إلى السنّة(3) .
وبالجملة لا ينبغي الارتياب في اعتبار هذا الأمر في المطلّقة ، إنّما اللازم ملاحظة أمرين :
الأوّل : الظاهر أنّ المراد منه ليس خصوص ذات الدم فعلا محكوم بأنّه حيض أو نفاس ، بل أعم منه ومن البياض المتخلّل بين الدمين المحكوم شرعاً بذلك ، فالنقاء المتخلّل بين الدمين إذا كان محكوماً شرعاً بأنّه حيض يترتّب عليه جميع أحكام الحيض التي منها المقام ، أمّا غير المحكوم بذلك كما إذا طهرت من عادة الحيض ولم تغتسل بعد ، فالظاهر أنّه لا مانع من وقوع الطلاق فيه لإطلاق الأدلّة ، وعدم كون الطلاق الواقع فيه واقعاً في حال الحيض أو النفاس .
الثاني : أنّ اعتبار هذا الأمر هل يكون بنحو الشرطية ، وعليه فالمعتبر هي الطهارة منهما ، أو أنّ اعتبار عدمه يكون بنحو المانعيّة ، ويترتّب على ذلك صحّة

(1) سورة الطلاق: 65 / 1 .
(2) جواهر الكلام: 32 / 29 .
(3) الكافي: 6 / 58 ح3 ، التهذيب: 8 / 47 ح146 ، الوسائل: 22 / 20 ، أبواب مقدمات الطلاق ب8 ح3 .

(الصفحة29)

مسألة 11 : إنّما يشترط خلوّ المطلّقة من الحيض في المدخول بها الحائل دون غير المدخول بها ودون الحامل ، بناءً على مجامعة الحيض للحمل كما هو الأقوى ، فيصحّ طلاقها في حال الحيض ، وكذا يشترط ذلك فيما إذا كان الزوج حاضراً بمعنى كونهما في بلد واحد حين الطلاق ، ولو كان غائباً يصحّ طلاقها طلاق مجهول الحال وبطلانه ، فعلى الشرطيّة يعتبر الإحراز دون المانعيّة ، فإنه لا يعتبر إحراز العدم؟ فيه وجهان بل قولان ، ظاهر المتن الأوّل ، وربما يستفاد ذلك من الآية الشريفة المتقدّمة ، ولكن المتيقّن من النصوص والروايات الواردة هو الثاني .


أقول : لعلّ ملاحظة أحكام طلاق الغائب عن زوجته غير المطّلع على حيضها وعدمه كما سيجيء إن شاء الله تعالى تنفع المقام ، فانتظر .
ثالثها : أن لا تكون في طهر واقعها فيه زوجها ، ويدلّ عليه روايات(1) كثيرة ، وقد عقد في الوسائل باباً لذلك .
منها: رواية زرارة ومحمد بن مسلم وبكير وبريد وفضيل وإسماعيل الأزرق ومعمر بن يحيى ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله(عليهما السلام) ، أنّهما قالا: إذا طلّق الرجل في دم النفاس أو طلّقها بعدما يمسّها فليس طلاقه إيّاها بطلاق ، الحديث(2) .
وغير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال ، بل يدلّ عليه الآية المتقدّمة بناءً على ما أفاده صاحب الجواهر من استفاضة النصوص بكون المراد بها الطلاق في مستقبل العدّة .


(1) الوسائل: 22 / 23 ـ 25 ، أبواب مقدمات الطلاق ب9 .
(2) الكافي: 6 / 60 ح11 ، التهذيب: 8 / 47 ح147 ، الوسائل: 22 / 23 ، أبواب مقدمات الطلاق ب9 ح1 .

(الصفحة30)

وإن وقع في حال الحيض لكن إذا لم يعلم حالها من حيث الطهر والحيض وتعذّر أو تعسّر عليه استعلامها ، فلو علم أنّها في حال الحيض ولو من جهة علمه بعادتها الوقتية على الأظهر أو تمكّن من استعلامها وطلّقها فتبيّن وقوعه في حال الحيض بطل(1) .


1 ـ قد عرفت في المسألة المتقدّمة إعتبار خلوّ المطلّقة عن الحيض ، فاعلم أنّ اعتباره إنّما هو بالإضافة إلى المدخول بها الحائل ، وأمّا غير المدخول بها فيصحّ طلاقها ولو في حال الحيض; لأنّه لا عدّة لها أصلا في الطلاق ، كما أنّ الحامل عدّتها وضع الحمل على كلّ حال ، مضافاً إلى دلالة روايات(1) كثيرة بل مستفيضة على أنّ غير المدخول بها والحامل من الخمس التي يطلّقن على كلّ حال ، مثل:
رواية إسماعيل بن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : خمس يطلّقن على كلّ حال: الحامل المتبيّن حملها ، والتي لم يدخل بها زوجها ، والغائب عنها زوجها ، والتي لم تحض ، والتي قد جلست عن المحيض(2) . وغير ذلك من الروايات بهذا المضمون .
وبهذه الرواية وأمثالها يقيّد إطلاق رواية الحلبي المتقدّمة الظاهرة في بطلان طلاق الحائض; لعدم الاستفصال في الجواب وإطلاق السؤال; لأنّ قوله(عليه السلام): «على كلّ حال» ناظر إلى روايات المنع ، واختصاصها بغير المدخول بها والحامل ، فلا يتوهّم ثبوت التعارض وأنّه بالعموم والخصوص من وجه; لافتراقهما في مثل الحائل غير المدخول بها الحائض ، وفي مثل الحامل والتي لم يدخل بها زوجها

(1) الوسائل: 22 / 54 ـ 56 ، أبواب مقدمات الطلاق ب25 .
(2) الفقيه: 3 / 334 ح1615 ، الوسائل: 22 / 54 ، أبواب مقدمات الطلاق ب25 ح1 .

(الصفحة31)



غير الحائض ، واجتماعهما في الحامل الحائض بناءً على اجتماع الحيض مع الحمل على الأقوى وغير المدخول بها الحائض ، فإنّ الترجيح مع الروايات الدالّة على جواز طلاقها في حال الحيض أيضاً; لأنّه مقتضى الجمع الدلالي وتقدّم النص أو الأظهر على الظاهر ، وعلى تقدير التعارض يكون الإجماع مرجّحاً لهذه الروايات .
وأمّا الغائب ، فالمصرّح به أنّ الغائب عن زوجته في طهر مواقعتها ينتظر لأجل الطلاق مدّة يعلم بمقتضى عادتها انتقالها من القرء الذي وطأها فيه إلى وقت قرء آخر ، وإن احتمل أنّها في حال الطلاق حائض ، أو باقية على الطهر الأوّل الذي هو طهر المواقعة ، والروايات الواردة في هذا المجال على ثلاث طوائف :
الطائفة الاُولى : ما تدلّ على جواز طلاق الغائب مطلقاً ، مثل :
رواية محمد بن مسلم ، عن أحدهما(عليهما السلام) قال : سألته عن الرجل يطلّق امرأته وهو غائب ؟ قال : يجوز طلاقه على كلّ حال ، وتعتدّ امرأته من يوم طلّقها(1) .
الطائفة الثانية : ما تدلّ على لزوم مضيّ شهر في طلاق الغائب ، مثل :
رواية إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : الغائب إذا أراد أن يطلّقها تركها شهراً(2) .
الطائفة الثالثة: ما تدلّ على لزوم مضيّ ثلاثة أشهر في طلاق الغائب ، مثل:


(1) الكافي: 6 / 80 ح7 ، التهذيب: 8 / 60 ح195 ، الاستبصار: 3 / 294 ح1038 ، الوسائل: 22 / 56 ، أبواب مقدمات الطلاق ب26 ح1 .
(2) الكافي: 6 / 80 ح3 ، التهذيب: 8 / 62 ح202 ، الاستبصار: 3 / 295 ح1041 ، الوسائل: 22 / 56 ، أبواب مقدمات الطلاق ب26 ح3 .

(الصفحة32)

مسألة 12 : لو غاب الزوج فإن خرج حال حيضها لم يجز طلاقها إلاّ بعد مضيّ مدّة قطع بانقطاع ذلك الحيض ، أو كانت ذات العادة ومضت عادتها ، فإن طلّقها بعد ذلك في زمان لم يعلم بكونها حائضاً في ذلك الزمان صحّ طلاقها وإن تبيّن وقوعه في حال الحيض ، وإن خرج في حال الطهر الذي لم يواقعها فيه طلّقها في أيّ زمان لم يعلم بكونها حائضاً وصحّ طلاقها وإن صادف الحيض . نعم لو طلّقها في زمان علم بأنّ عادتها التحيض فيه بطل إن صادفه ، ولو خرج في الطهر الذي واقعها فيه ينتظر مضيّ زمان انتقلت بمقتضى العادة من ذلك الطهر رواية جميل بن دراج ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس له أن يطلّق حتّى تمضي ثلاثة أشهر(1) .


وقد أفاد صاحب الجواهر ما مرجعه إلى أنّه بعد لزوم حمل الطائفة الاُولى المطلقة على الطائفتين المقيّدتين يكون الوجه في اختلاف القيدين اختلاف عادة النساء في ذلك ، وإلاّ فالمراد انتقالها من زمان طهر المواقعة إلى زمان طهر آخر(2) ، وأنت خبير ببعد هذا التوجيه كما لا يخفى ، بل لا يمكن حمل الطائفة الاُولى على الأخيرتين بعد تصريح الجواب بجواز طلاقه على كلّ حال ، الظاهر في صورة تعذّر الإستعلام وتعسّره وعدمه .
نعم ، هي منصرفة عمّا لو علم بأنّ زوجته حائض أو في العادة ، ولا يشملها مورد السؤال بوجه ، أمّا بالإضافة إلى الموارد الاُخرى فهي دالّة على الجواز ، وسيأتي التفصيل في المسألة إن شاء الله تعالى .


(1) التهذيب : 7 / 62 ح 203 ، الوسائل : 22/58 ، أبواب مقدّمات الطلاق : ب26 ح7 .
(2) جواهر الكلام: 32 / 34 .

(الصفحة33)

إلى طهر آخر ، ويكفي تربّص شهر ، والأحوط أن لا ينقص عن ذلك ، والأولى تربّص ثلاثة أشهر ، هذا مع الجهل بعادتها وإلاّ فيتبع العادة على الأقوى ، ولو وقع الطلاق بعد التربّص المذكور لم يضر مصادفة الحيض في الواقع ، بل الظاهر أنّه لا يضرّ مصادفته للطهر الذي واقعها فيه بأن طلّقها بعد شهر مثلا ، أو بعد مضيّ مدّة علم بحسب عادتها خروجها من الطهر الأوّل والحيض الذي بعده ثم تبيّن الخلاف(1) .


1 ـ لو غاب الزوج عن زوجته وأراد طلاقها ففيه صور :
الصورة الاُولى : ما إذا خرج حال حيضها ، وأفاد في هذه الصورة أنّه لا يجوز طلاقها إلاّ بعد مضيّ مدّة يحصل له القطع بانقطاع ذلك الحيض ، وكون الطلاق واقعاً في طهر غير المواقعة ، أو كانت ذات العادة ومضت مدّة عادتها ، فإن طلّقها بعد ذلك في زمان لم يعلم بكونها حائضاً في ذلك الزمان يصحّ طلاقها ، وإن تبيّن وقوعه في حال الحيض ، وهو القدر المتيقّن من طوائف الأخبار المتقدّمة بعد حمل مطلقها على مقيّدها ، وحمل تركها شهراً أو ثلاثة أشهر على صورة العلم بانقطاع الحيض أو إنقضاء العادة; نظراً إلى أنّه لا موضوعية لترك الشهر أو ثلاثة أشهر ، فإنّ الترك كذلك لا يوجب العلم بكونها طاهرة من الحيض في حال الطلاق .
الصورة الثانية : ما إذا خرج في حال الطهر الذي لم يواقعها فيه ، وقد فصّل فيه بأنّه إن طلّقها في زمان لم يعلم بكونها حائضاً فطلاقه صحيح وإن صادف الحيض; لإستصحاب بقاء الطهارة وعدم الحيض ، وكون الاستصحاب حجّة مجزياً وإن كان مخالفاً للواقع ، كاستصحاب بقاء طهارة الثوب والبدن في حال الصلاة ثم انكشاف وقوعها في حال النجاسة ، فإنّ مرجع دليل الحجّية إلى

(الصفحة34)



التوسعة في أدلّة الشروط ، والحكم بأنّ مستصحب الطهارة يكون كمتيقّنها في واجديّة الصلاة لشرط الطهارة ، فتكون الصلاة مع الاستصحاب مجزية ، وهكذا المقام .
وإن طلّقها في زمان علم بأنّ عادتها التحيّض فيه بطل مع المصادفة; لما عرفت من انصراف دليل جواز طلاق الغائب عن مثل هذه الصورة ، والمفروض المصادفة مع الحيض فلا وجه للصحّة .
الصورة الثالثة : ما لو خرج في الطهر الذي واقعها فيه ، وقد حكم فيه في المتن بلزوم انتظار مدّة انتقلت بمقتضى العادة من ذلك الطهر إلى طهر آخر ، واحتاط وجوباً بأن لا ينقص عن شهر ، واستحباباً أن يتربّص ثلاثة أشهر ، هذا مع الجهل بالعادة وإلاّ فيتبعها على الأقوى كما في المتن ، ويظهر منه الجمع بين الروايات الدالّة على التقييد بالحمل على الوجوب والاستحباب .
وهذا الجمع ـ وإن كان بعيداً في نفسه ، كما عرفت أنّ الجمع بكون مرجع الاختلاف إلى اختلاف عادة النساء ، كما قد تقدّم من الجواهر ـ أيضاً بعيد ، فاللازم أن يقال : بأنّ مقتضى الجمع بين الروايات المقيدة الحمل على مراتب الاستحباب ، بأن يكون تربّص شهر مستحبّاً وأشدّ استحباباً تربّص ثلاثة أشهر .
وحينئذ فبعد التربّص المذكور يصحّ طلاقها ولو صادف الحيض ، والظاهر أنّه لو صادف الطهر الذي واقعها فيه يكون صحيحاً ، بأن لم تحض بعد خروجه في طهر المواقعة أصلا; وذلك لأولويّة الطهر المزبور عن الحيض ، وإن كان مقتضى الاستصحاب في الأوّل البقاء وفي الثاني العدم ، كما لا يخفى .



(الصفحة35)

مسألة 13 : الحاضر الذي يتعذّر أو يتعسّر عليه معرفة حال المرأة من حيث الطهر والحيض كالغائب ، كما أنّ الغائب لو فرض إمكان علمه بحالها بسهولة بلا تعسر كالحاضر(1) .


هذا مع التربّص بشهر أو ثلاثة أشهر ، وأمّا بدونه نظراً إلى استحباب التربّص المزبور فالظاهر صحّة الطلاق ، وإن وقع في حال الحيض بعد انتظار مدّة انتقلت بمقتضى العادة من طهر المواقعة إلى طهر آخر; وذلك لدلالة الدليل المطلق عليه ، خصوصاً بعد التصريح فيه بالجواز على كلّ حال وبعدما عرفت من الانصراف ، فتدبّر جيّداً .

1 ـ يدلّ على الحكم الأوّل ـ مضافاً إلى أنّه لا خصوصية للغائب ، بل الملاك فيه تعذّر معرفة حال المرأة من حيث الطهر والحيض نوعاً ، أو تعسّرها على ما هو المتفاهم عند العرف ، فإذا كان في بلد المرأة في الحبس ولا يمكن له المعرفة كذلك ، فأيّ فرق بينه وبين الغائب ـ بعض النصوص ، مثل :
صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن رجل تزوّج امرأة سرّاً من أهلها(1) وهي في منزل أهلها(2) وقد أراد أن يطلّقها وليس يصل إليها ، فيعلم طمثها إذا طمثت ولا يعلم بطهرها إذا طهرت؟ قال: فقال : هذا مثل الغائب عن أهله ، يطلّق بالأهلّة والشهور . قلت : أرأيت إن كان يصل إليها الأحيان ، والأحيان لا يصل إليها فيعلم حالها كيف يطلّقها؟ قال : إذا مضى له شهر لا يصل إليها فيه يطلّقها إذا نظر إلى غرّة الشهر الآخر بشهود ، ويكتب الشهر الذي يطلّقها فيه ، ويشهد على طلاقها رجلين ، فإذا مضى ثلاثة أشهر فقد بانت منه وهو

(1 و 2) في الفقيه : من أهله .

(الصفحة36)

مسألة 14 : يجوز الطلاق في الطهر الذي واقعها فيه في اليائسة والصغيرة والحامل والمسترابة ، وهي المرأة التي كانت في سنّ من تحيض ولا تحيض لخلقة أو عارض ، لكن يشترط في الأخيرة مضيّ ثلاثة أشهر من زمان المواقعة ، فلو طلّقها قبلها لم يقع(1) .


خاطب من الخطّاب ، وعليه نفقتها في تلك الثلاثة الأشهر التي تعتدّ فيها(1) .
ويدلّ على الحكم الثاني ما عرفت من انصراف دليل جواز طلاق الغائب عمّا إذا تمكّن من الإطّلاع على حال المرأة بسهولة ، كما لا يخفى .

1 ـ يجوز الطلاق في طهر المواقعة في موارد :
منها: اليائسة والصغيرة; لعدم عروض الحيض لهما حتى يخرج طهر المواقعة بالحيض والطهر بعده .
ومنها: الحامل ، فإنّها من الخمس التي يطلّقنَ على كلّ حال ، كما عرفت(2) .
وأمّا المسترابة ، فهي بالمعنى المذكور في المتن لا تحيض لخلقة أو عارض حتى تنتقل من طهر المواقعة إلى طهر غيرها ، ولكن اشترط في الأخيرة مضيّ ثلاثة أشهر من زمان المواقعة ، وأنّه لو طلّقها قبل مضيّ المدّة لم يصحّ طلاقها ، والدليل على اعتبار هذا الشرط مثل :
صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري قال : سألت الرضا(عليه السلام)عن المسترابة من الحيض كيف تُطلَّق؟ قال : تطلّق بالشهور(3) .


(1) الكافي: 6 / 86 ح1 ، التهذيب: 8 / 69 ح229 ، الوسائل: 22 / 60 ، أبواب مقدمات الطلاق ب28 ح1 .
(2) في ص 30 ـ 31 .
(3) التهذيب: 8 / 68 ح225 ، الوسائل: 22 / 189 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب4 ح17 .

(الصفحة37)

مسألة 15 : لا يشترط في تربّص ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون اعتزاله لأجل أن يطلّقها ، فلو لم يتّفق مواقعتها بسبب إلى مضيّها ثمّ بدا له طلاقها صحّ في الحال(1) .

مسألة 16 : لو واقعها في حال الحيض لم يصحّ طلاقها في الطهر الذي بعد تلك الحيضة ، بل لابدّ من إيقاعه في طهر آخر بعد حيض آخر ، فما هو الشرط ومن الواضح أنّ أقلّ الجمع ثلاثة ، ولا يبعد أن تكون اللام للإشارة إلى العهد الذهني . ومرسلة العطار ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) المنجبرة بالعمل ، قال : سألته عن المرأة يستراب بها ومثلها تحمل ومثلها لا تحمل ولا تحيض ، وقد واقعها زوجها كيف يطلّقها إذا أراد طلاقها؟ قال : ليمسك عنها ثلاثة أشهر ثم يطلّقها(1) .


وقد اخترنا في بحث العدّة لطلاق مثلها في شهر رمضان في بعض السنوات الأخيرة ـ نظراً إلى أنّ الموضوع كان مبتلى به لجماعة من النساء باعتبار اخراج أرحامهنّ ، الموجب لعدم التحيض ، مع أنّ مثلها تحيض عادة ـ إنّ عدّة طلاق مثلهنّ هو ثلاثة أشهر ، واستفدنا ذلك من الكتاب والسنّة جميعاً ، خلافاً لمن يقول بعدم ثبوت العدّة لهنّ اغتراراً بظواهر بعض الروايات ، ولعلّه تجيء الإشارة إليه في بحث العدد إن شاء الله تعالى .

1 ـ حيث إنّه من الواضح أنّ المراد انقضاء المدّة المزبورة ولا يعتبر فيه القصد بوجه ، فلا فرق بين أن يكون الاعتزال لأجل أن يطلّقها ، وبين أن يكون لأجل عدم اتفاق المواقعة بأيّ سبب ، فيجوز له الطلاق في الحال بعد الانقضاء مطلقاً .


(1) الكافي: 6 / 97 ح1 ، الوسائل: 22 / 91 ، أبواب مقدمات الطلاق ب40 ح1 .

(الصفحة38)

كونها مستبرأة بحيضة بعد المواقعة لا وقوعه في طهر غير طهر المواقعة(1) .

مسألة 17 : يشترط في صحّة الطلاق تعيّن المطلّقة ، بأن يقول: «فلانة طالق» أو يشير إليها بما يرفع الإبهام والإجمال ، فلو كانت له زوجة واحدة فقال: «زوجتي طالق» صحّ ، بخلاف ما إذا كان له زوجتان أو أكثر وقال: «زوجتي طالق» إلاّ إذا نوى في نفسه معيّنة ، فهل يقبل تفسيره بمعيّنة من غير يمين؟ فيه تأمّل(2) .


1 ـ لو واقعها في حال الحيض ، فهل الطهر الواقع بعد تلك الحيضة يعدّ طهر المواقعة ، فيجب تأخير الطلاق إلى طهر آخر ، أم لا يعدّ طهر المواقعة ، فيجوز إيقاع الطلاق بعد الطهر من هذه الحيضة؟ الظاهر هو الأوّل; لأنّ ما هو الشرط هو كونها مستبرأة بحيضة بعد المواقعة لا عنوان الوقوع في طهر غير المواقعة ، ومن الواضح عدم تحقّق الإستبراء في مثل الفرض; ولذا يتحقّق ولد الحيض كثيراً ، وقد جعل المحقّق الشرط هو كونها مستبرأة(1) ، فتدبّر .

2 ـ يشترط في صحّة الطلاق تعيين المطلّقة ، كما في سائر العقود والإيقاعات مثل العتق ، فإنّه لابدّ من تعيين العبد المعتق ، ولعلّ السرّ فيه الإنجرار إلى التنازع والتخاصم مع عدم التعيين والتردّد بين شخصين أو أزيد ، خصوصاً مع تعلّقها بحقوق الناس; ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى استصحاب بقاء النكاح مع الشك في صحّة الطلاق ـ ما يظهر من بعض الروايات من اعتبار التعيين ، مثل:
صحيحة محمد بن مسلم المشتملة على قول أبي جعفر(عليه السلام): إنّما الطلاق أن يقول

(1) شرائع الإسلام: 3 / 15 .

(الصفحة39)



لها في قبل العدّة بعدما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها: أنت طالق أو اعتدِّي يريد بذلك الطلاق(1) .
ورواية محمد بن أحمد بن المطهّر قال : كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر(عليه السلام): إنّي تزوّجت بأربع نسوة ولم أسأل عن أساميهنّ ، ثمّ إنّي أردت طلاق إحداهنّ وأتزوّج امرأة اُخرى ، فكتب إليّ : اُنظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهنّ فتقول : إشهدوا أنّ فلانة التي بها علامة كذا وكذا هي طالق ، ثمّ تزوّج الاُخرى إذا انقضت العدّة(2) .
وكيف كان فلو كانت له زوجة واحدة فقال: زوجتي طالق ، صحّ طلاقها بخلاف ما إذا كان له زوجتان أو أكثر ، وقال: زوجتي أي إحداهما أو إحداهنّ طالق ، فإنّه لا يصحّ إذا لم ينو في نفسه واحدة معيّنة ، وأمّا إذا نوى واحدة كذلك فيظهر من محكيّ المسالك(3) وغيرها(4) الإكتفاء بالنيّة مع التعدّد على وجه يظهر منه المفروغيّة ، ويؤمر بالتفسير على الفور لزوال الزوجية عنها ، ويمنع عن الاستمتاع حتى يتبيّن ، ولو أخّر أثم .
ولكن الكلام ـ إن لم يكن إجماعاً ـ في صحّة الطلاق وعدمها ، فلا وجه لدعوى زوال الزوجيّة عنها ومنعه عن الاستمتاع . وحكي عن الشيخ في مبسوطه : يصحّ

(1) الكافي: 6 / 69 ح1 ، التهذيب: 8 / 36 ح108 ، الاستبصار: 3 / 277 ح983 ، الوسائل: 22 / 41 ، أبواب مقدمات الطلاق ب16 ح1 .
(2) الكافي: 5 / 563 ح31 ، الوسائل : 20 / 520 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ب3 ح3 .
(3) مسالك الافهام: 9 / 49 .
(4) الروضة البهية: 6 / 28 ، الجامع للشرائع: 465 .

(الصفحة40)



ويستخرج بالقرعة(1) ، وجعله المحقّق في الشرائع أشبه(2) . وكيف كان فالمستفاد من المتن الصحّة وقبول تفسيره بمعيّنة مع يمين . والإنصاف أنّه لا يصحّ رأساً لعدم التعيين وعدم كفاية النيّة فيه ، كما لا يخفى .


(1) المبسوط: 5 / 78 ، لكن لم يقل باستخراجه بالقرعة ، والحاكي هو صاحب الجواهر: 32 / 46 .
(2) شرائع الإسلام: 3 / 15 .
<<التالي الفهرس السابق>>