في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة281)



المختص به أو الغالب إطلاقه عليه ، وقد نفي وجدان الخلاف فيه في الجواهر(1) ، وفي صحيحة محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر(عليه السلام): قول الله عزّوجلّ : {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى }(2) {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}(3) وما أشبه ذلك ، قال : إنّ لله أن يقسم من خلقه بما يشاء ، وليس لخلقه أن يقسموا إلاّ به(4) .
وفي صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : لا أرى أن يحلف الرجل إلاّ بالله ، الحديث(5) .
وفي صحيحته الاُخرى، قول أبي عبدالله(عليه السلام) : أيّما رجل آلى من امرأته ـ والإيلاء أن يقول: والله لا أجامعكِ كذا وكذا ، والله لأغيظنّكِ ، ثمّ يغاضبها ـ فإنّه يتربّص به أربعة أشهر ، الحديث(6) .
وغير ذلك ممّا يدلّ عليه ، وعليه فلا يقع لو كان الحلف بالكعبة أو القرآن أو النبيّ أو أحد الأئمّة(عليهم السلام)  . نعم لا ينحصر بلفظ الجلالة على ما يوهمه بعض الروايات المتقدّمة ، بل يقع بكلّ اسم له تعالى المختصّ به أو الغالب ، كما أنّه لا ينحصر باللغة العربية على ما ذكرنا . نعم لابدّ وأن يكون مع القصد المعتبر في سائر الإيقاعات أيضاً ، كما أنّه لا يعتبر فيه الصراحة ، بل يكفي الظهور العقلائي المعتبر كما في سائر المقامات، حيث إنّ الإفادة والإستفادة في الأكثر مبنيّتان على الظهور، فيكفي لاأطأك

(1) جواهر الكلام: 33 / 298 .
(2) سورة الليل: 92 / 1 .
(3) سورة النجم: 53 / 1 .
(4) الكافي: 7 / 449 ح1 ، التهذيب: 8 / 277 ح1009 ، الوسائل: 22 / 343 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب3 ح1 .
(5) الكافي: 7 / 449 ح2 ، الوسائل: 22 / 343 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب3 ح2 .
(6) الفقيه: 3 / 339 ح1634 ، الوسائل: 22 / 341 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب1 ح1 .

(الصفحة282)

مسألة 2 : لو تمّ الإيلاء بشرائطه ، فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن المواقعة فلا كلام ، وإلاّ فلها الرفع إلى الحاكم فيحضره وينظره أربعة أشهر ، فإن رجع

ولا أجامعك ولا أمسّك ، بل يكفي مثل قوله : لا جمع رأسي ورأسك وسادة أو مخدّة إذا قصد به ترك الجماع ، وإن حكي عن خلاف الشيخ(1) وتبعه ابن إدريس(2) أنّه لا يصحّ بالأخير إيلاءً ، لكن في محكي المبسوط يقع مع القصد(3) ، واستحسنه المحقّق في الشرائع(4); لدلالة بعض الروايات عليه ، مثل :
صحيحة بريدبن معاوية قال: سمعت أباعبدالله(عليه السلام) يقول في الإيلاء: إذ آلى الرجل أن لا يقرب امرأته ، ولا يمسّها ، ولا يجمع رأسه ورأسها فهو في سعة ما لم تمض الأربعة أشهر ، فإذا مضت أربعة أشهر وقف ، فإمّا أن يفيء فيمسّها ، وإمّا أن يعزم على الطلاق ، فيخلّي عنها حتّى إذا حاضت ، وتطهّرت من محيضها طلّقها تطليقة قبل أن يجامعها بشهادة عدلين ، ثم هو أحقّ برجعتها ما لم تمض الثلاثة الأقراء(5) .
ورواية أبي الصباح الكناني ، المُشتملة على قول أبي عبدالله(عليه السلام): الإيلاء أن يقول الرجل لامرأته: والله لأغيظنّك ، ولأسوأنّك ، ثم يهجرها ، ولا يجامعها حتى تمضي أربعة أشهر ، فقد وقع الإيلاء ، الحديث(6) .
وصحيحة الحلبي المتقدّمة ، المُشتملة على بيان كيفيّة الإيلاء .


(1) الخلاف: 4 / 515 مسألة 7 .
(2) السرائر: 2 / 722 .
(3) المبسوط: 5 / 116 ـ 117 .
(4) شرائع الإسلام: 3 / 83 .
(5) الكافي: 6 / 130 ح1 ، التهذيب: 8 / 3 ح3 ، الاستبصار: 3 / 255 ح915 ، الوسائل: 22 / 351 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب10 ح1 .
(6) الكافي: 6 / 132 ح7 ، الوسائل: 22 / 350 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب9 ح3 .

(الصفحة283)

وواقعها في هذه المدّة فهو ، وإلاّ أجبره على أحد الأمرين: إمّا الرجوع أو الطلاق ، فإن فعل أحدهما وإلاّ حبسه وضيّق عليه في المأكل والمشرب حتى يختار أحدهما ، ولا يجبره على أحدهما معيّناً(1) .


1 ـ مع تمامية الإيلاء بشرائطه وقيوده ، فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن المواقعة فلا كلام ، وكذا لو لم يمتنع وواقع محرّماً على ما عرفت في الظهار(1) ، وإلاّ فلها الرفع إلى الحاكم المُعدّ لأمثال هذه الاُمور ، فيحضره وينظره أربعة أشهر كما هو مقتضى الآية الشريفة(2) ، فإن فاء ورجع في هذه المدّة وواقعها ، وإلاّ أجبره على أحد الأمرين لا على التعيين .
وفي ذيل رواية أبي الصباح المتقدّمة: «وينبغي للإمام أن يجبره على أن يفيء ، أو يُطلّق ، فإن فاء فإنّ الله غفور رحيم ، وإن عزم الطلاق فإنّ الله سميع عليم ، وهو قول الله تبارك وتعالى في كتابه» .
وأمّا الحبس والتضييق عليه في المطعم والمشرب فيدلّ عليه رواية غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : كان أمير المؤمنين (عليه السلام)إذا أبى المؤلي أن يطلّق جعل له حظيرة من قصب ، وأعطاه ربع قوته حتى يطلّق(3) .
ورواية حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: في المؤلي إذا أبى أن يطلّق ، قال: كان أمير المؤمنين(عليه السلام) يجعل له حظيرة من قصب ، ويجعله (يحبسه خ ل) فيها ، ويمنعه من الطعام والشراب حتى يطلّق(4) .


(1) في ص275 .
(2) سورة البقرة: 2 / 226 .
(3) الكافي: 6 / 133 ح13 ، الوسائل: 22 / 354 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب11 ح3 .
(4) الكافي: 6 / 133 ح10 ، التهذيب: 8 / 6 ح13 ، الاستبصار: 3 / 257 ح920 ، الوسائل: 22 / 353 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب11 ح1 .

(الصفحة284)

مسألة 3 : الأقوى أنّ الأشهر الأربعة التي ينظر فيها ، ثم يُجبر على أحد الأمرين بعدها هي من حين الرفع إلى الحاكم(1) .

مسألة 4 : يزول حكم الإيلاء بالطلاق البائن ، وإن عقد عليها في العدّة بخلاف الرجعي فإنّه وإن خرج بذلك عن حقّها فليست لها المطالبة والترافع إلى الحاكم ، لكن لا يزول حكم الإيلاء إلاّ بانقضاء عدّتها ، فلو راجعها في العدّة عاد


والرواية المتقدّمة شارحة لهذه الرواية من جهة أنّ المراد ليس المنع من الطعام والشراب مطلقاً بل العادي منهما ، ومفسّرة بهذه الرواية من جهة عدم خصوصية للربع بعنوانه ، كما لا يخفى .
ومرسلة الصدوق قال: وروي أنّه إن فاء ـ وهو أن يراجع إلى الجماع ـ وإلاّ حبس في حظيرة من قصب ، وشدّد عليه في المأكل والمشرب حتى يُطلّق(1) .

1 ـ ظاهر الآية الشريفة المتقدّمة ، الواردة في الإيلاء(2) كون التربّص من حين الرفع إلى الحاكم لا من حين الإيلاء ، وإن كان ربّما يتوهّم ذلك; لأنّها دالّة على لزوم التربّص في المدّة المذكورة مطلقاً وهو لا يجتمع إلاّ مع ما ذكر ، وإلاّ فيلزم عدم لزوم التربّص إذا كان الرفع إليه بعد المدّة المذكورة .
هذا ، مضافاً إلى دلالة بعض الروايات(3) على أنّه يوقف بعد سنة ، وعلى لزوم مضي أربعة أشهر وإن لم يوقفه عشر سنين فهي امرئته ، كما لايخفى .


(1) الفقيه: 3 / 339 ح1635 ، الوسائل: 22 / 354 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب11 ح4 .
(2) في ص279 .
(3) الوسائل: 22 / 347 ـ348 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب8 ح2 و 4 .

(الصفحة285)

إلى الحكم الأوّل ، فلها المطالبة بحقّها والمرافعة(1) .

مسألة 5 : متى وطأها الزوج بعد الإيلاء لزمته الكفارة سواء كان في مدّة التربّص أو بعدها أو قبلها ، لأنّه قد حنث اليمين على كلّ حال وإن جاز له هذا الحنث ، بل وجب بعد انقضاء المدّة ومطالبتها وأمر الحاكم به تخييراً ، وبهذا يمتاز هذا الحلف عن سائر الأيمان ، كما أنّه يمتاز عن غيره بأنّه لا يعتبر فيه ما يعتبر في غيره من كون متعلّقه مباحاً تساوى طرفاه ، أو كان راجحاً ديناً أو دنياً(2).


1 ـ لو طلّق الزوجة التي وقع إيلاؤها ، فالظاهر أنّه إن كان الطلاق رجعيّاً ولازمه كون حقّ الرجوع بيد الزوج يصير الزوج المؤلي خارجاً عن حقّها ، فليست لها المطالبة والترافع إلى الحاكم ، لكن زوال حكم الإيلاء متوقّف على انقضاء العدّة ، الذي تصير الزوجة بسببه مختارة في أمر نفسها ، ويجوز لها التزويج مع الغير، فلو راجعها في العدّة وصارت زوجة له بالفعل يكون لها المطالبة والمرافعة ، وإن كان الطلاق بائناً كاليائسة والمدخول بها فالظاهر زوال حكم الإيلاء بسببه ، سواء كانت له العدّة أم لا; لصيرورتها مختارة بسببه وإن كانت له العدّة .

2 ـ قد عرفت(1) أنّ الإيلاء قسم من الحلف ونوع منه ، لكن يمتاز عنه بأمرين :
أحدهما : أنّه لا يعتبر في الإيلاء ما يعتبر في مطلق الحلف الذي يترتّب على حنثه الكفّارة من كون المتعلّق مباحاً تساوى طرفاه ، أو راجحاً بحسب الدين أو الدنيا ، ضرورة أنّه لا رجحان في ترك وطء الزوجة أزيد من أربعة أشهر بعد لزوم الوطء في تلك المدّة ولو مرّة ، وقد عرفت(2) أنّ هذا كان طلاقاً في الجاهلية متداولا

(1) في ص280 ـ 281 .
(2) في ص279 .

(الصفحة286)



بينهم ، والإسلام غيّره عن حقيقته وتصرّف في أحكامه المترتّبة عليه .
ثانيهما: أنّه جعل الشارع وطء الزوجة بعد الإيلاء موجباً للكفارة ، سواء كان في مدّة التربّص أو بعدها أو قبلها; لتحقّق حنث اليمين بذلك ، وإن جاز له الحنث مطلقاً، بل وجب بعد انقضاء المدّة ومطالبتها وأمر الحاكم به بنحو الوجوب التخييري.
نعم ، فيما لو وطئ بعد المدّة ، فالمحكي عن المبسوط أنّه لا كفّارة(1) ، وفي محكيّ الخلاف تلزمه وهو ظاهر الأكثر(2) . بل عن الخلاف الإجماع عليه(3)
ويدلّ عليه رواية منصور بن حازم ، قال : سألت أباعبدالله(عليه السلام) عن رجل آلى من امرأته فمرّت به أربعة أشهر ، قال : يوقف ، فإن عزم الطلاق بانت منه ، وعليها عدّة المطلّقة ، وإلاّ كفّر عن يمينه ، وأمسكها(4) . وهي منجبرة بما عرفت .
ومرسلة العيّاشي ، المؤيّدة للرواية السابقة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) ، أنّه سئل: إذا بانت المرأة من الرجل ، هل يخطبها مع الخطّاب ؟ قال : يخطبها على تطليقتين ، ولا  يقربها حتى يكفّر يمينه(5) .
ومن الجواب يعلم أنّ مورد السؤال كان هو الإيلاء فتدبّر جيّداً; ولعلّه لما ذكرنا جعل المحقّق في الشرائع وجوب الكفّارة هو الأشبه(6) .


(1) المبسوط: 5 / 135 .
(2) رياض المسائل: 7 / 469 ـ 470 ، نهاية المرام: 2 / 180 ، جواهر الكلام: 33 / 323 ، المبسوط: 5 / 135 .
(3) الخلاف: 4 / 520 ، مسألة 18 .
(4) التهذيب: 8 / 8 ح21 ، الاستبصار: 3 / 254 ح910 ، الوسائل: 22 / 355 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب12 ح3 .
(5) تفسير العياشي: 1/113 ح347 ، الوسائل: 22 / 356 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الإيلاء ب12 ح4 .
(6) شرائع الإسلام: 3 / 87 .

(الصفحة287)




كتاب


اللـّعان




(الصفحة288)






(الصفحة289)



كتاب اللّعان


وهي مباهلة خاصّة بين الزوجين ، أثرها دفع الحدّ أو نفي الولد(1) .


1 ـ اللعان مصدر «لاعن» من باب المفاعلة ، أو جمع اللّعن ، وهو لغة : الطّرد والإبعاد . وشرعاً كما في المتن مباهلة خاصّة متحقّقة بين الزوجين ، وتؤثِّر في رفع الحدّ عن الزوج الرّامي الملاعن والعذاب عن المرميّة الملاعنة ، أو في إثبات نفي الولد على ما سيجيء تفصيله إن شاء الله تعالى .
والأصل فيه قوله تعالى : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَات بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ* وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَاالْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَات بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ* وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}(1) .
وقد ورد في شأن النزول ما عن ابن عبّاس من أنّه لمّا نزلت {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ}(2) إلى آخرها قال سعد بن عباد: يا رسول الله إنّي لأعلم أنّها حقّ من

(1) سورة النور: 24 / 6 ـ 9 .
(2) سورة النور : 24 / 4 .

(الصفحة290)



عند الله تعالى شأنه ، لكن تعجّبت أن لو وجدت لكاعاً يفخذها ، لم يكن لي أن أهيّجه ولا أحرّكه حتى آتي بأربعة شهداء ، فوالله إنّي لا آتي بهم حتى يقضي حاجته ، فما لبثوا حتى جاء هلال بن أميّة فقال: يارسول الله إنّي جئت أهلي عشاء ، فوجدت عندها رجلا يقال له شريك بن سمحاء ، فرأيت بعيني وسمعت بإذني . فكره النبيّ (صلى الله عليه وآله)ذلك فقال سعد: الآن يضرب النبيّ (صلى الله عليه وآله)هلال بن أميّة وتبطل شهادته في المسلمين فقال هلال : والله إنّي لأرجو أن يجعل الله لي مخرجاً ، فبينما هم كذلك إذ نزل {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} إلى آخرها ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أبشر يا هلال فقد جعل الله لك فرجاً ومخرجاً(1) . وقد روي بكيفية أخرى .
وأمّا المرويّ من طرقنا معاشر الإماميّة ، فعن عبد الرّحمن بن الحجّاج: أنّ عبّاد البصري سأل أبا عبدالله(عليه السلام) وأنا حاضر ، كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال: إنّ رجلا من المسلمين أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال : يا رسول الله! اَرأيت لو أنّ رجلا دخل منزله ، فرأى مع امرأته رجلا يجامعها ، ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فانصرف الرجل ، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته ، قال: فنزل الوحي من عند الله عزّوجل بالحكم فيها ، قال: فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ذلك الرجل ، فدعاه ، فقال: أنت الّذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال : نعم ، فقال له : انطلق فأتني بامرأتك ، فإنّ الله عزّوجلّ قد أنزل الحكم فيك وفيها ، قال: فأحضرها زوجها ، فوقفها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقال للزوج: إشهد أربع شهادات بالله إنّك لمن الصادقين فيما رميتها به ، قال : فشهد ، قال: ثم قال

(1) جامع البيان ، المعروف بتفسير الطبري : 18/65 ـ 66 ، سنن البيهقي: 7 / 394 ، مجمع البيان: 7 / 201 ، مع اختلاف في الألفاظ في الجميع ، والمتن مطابق لما في الجواهر : 34 / 3 .

(الصفحة291)



رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أمسك ، ووعظه ، ثم قال: إتقّ الله ، فإنّ لعنة الله شديدة ، ثم قال : إشهد الخامسة أنّ لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين ، قال : فشهد ، فأمر به فنحي ، ثم قال (صلى الله عليه وآله)للمرأة: إشهدي أربع شهادات بالله إنّ زوجك من الكاذبين فيما رماك به ، قال : فشهدت ، ثم قال لها : أمسكي ، فوعظها ، ثم قال لها : إتّقي الله ، فإنّ غضب الله شديد ، ثم قال لها : إشهدي الخامسة أنّ غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به ، قال : فشهدت ، قال: ففرّق بينهما ، وقال لهما: لا تجتمعا بنكاح أبداً بعد ما تلاعنتما(1) .
وقد رواها المشايخ الثلاثة بأسانيد صحيحة(2) .
هذا بالإضافة إلى رفع الحدّ ، وأمّا بالإضافة إلى نفي الولد ، ففي رواية البزنطي التي رواها في الفقيه أنّه سأل أبا الحسن الرضا(عليه السلام) فقال له : أصلحك الله كيف الملاعنة؟ قال : يعقد الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة ، ويجعل الرجل عن يمينه والمرأة والصبي عن يساره(3) .
قال : وفي خبر آخر قوله(عليه السلام) : وإن دعا أحد ولدها : ابن الزانية جلد الحدّ ، فإن ادّعى الرجل الولد بعد الملاعنة نسب إليه ولده ، ولم ترجع إليه امرأته ، فإن مات الأب ورثه الابن ، وإن مات الابن لم يرثه الأب ويكون ميراثه لاُمّه ، فإن لم يكن له أمّ فميراثه لأخواله ، ولم يرثه أحد من قبل الأب ، الحديث(4) .


(1 ، 2) الفقيه : 3 / 349 ح1671 الكافي : 6 / 163 ح4 ، التهذيب : 8 / 184 ح644 ، الاستبصار : 3 / 370 ح1322 الوسائل : 22 / 407 ، كتاب اللعان ب1 ح1 .
(3) الفقيه: 3 / 346 ح1664 ، الوسائل: 22 / 408 ، كتاب اللعان ب1 ح2 .
(4) الفقيه: 3 / 347 ح1665 ، الوسائل: 22 / 408 ، كتاب اللعان ب1 ح3 .

(الصفحة292)

مسألة 1 : إنّما يشرّع اللعان في مقامين :
أحدهما: فيما إذا رمى الزوج زوجته بالزنا .
ثانيهما: فيما إذا نفى ولدية من ولد في فراشه مع إمكان لحوقه به(1) .

مسألة 2 : لا يجوز للرّجل قذف زوجته بالزنا مع الريب ، ولا مع غلبة الظنّ ببعض الأسباب المريبة ، بل ولا بالشياع ولا بإخبار ثقة . نعم يجوز مع اليقين ، لكن لا يصدّق إذا لم تعترف به الزوجة ولم تكن بيّنة ، بل يحدّ حدّ القذف مع مطالبتها ، إلاّ إذا أوقع اللّعان الجامعة للشروط الآتية ، فيدرأ عنه الحدّ(2) .


هذا ، وفي خبر أبي بصير ، عن الصادق(عليه السلام) في حديث قال : ولا يكون اللعان إلاّ بنفي الولد(1) . وفي الوافي: لعلّ المراد أنّه إذا كانت المرأة حاملا ، فأقرّ الزوج بأنّ الولد منه ، ومع هذا قذفها بالزنا فلا لعان ، وأمّا إذا لم يكن حمل ، وإنّما قذفها بالزنا مع الدخول والمعاينة فيثبت اللعان كما دلّت عليه الأخبار(2) .
هذا ، ولكن معارضته مع الكتاب والأخبار الاُخر تكفي في عدم اعتباره .

1 ـ قد تقدّم شرح هذه المسألة في بيان أصل اللعان وكيفيّته وشأن نزول الآية الواردة فيه .

2 ـ لا يجوز للرجل قذف المرأة بالزنا ، سواء كانت زوجته أو غيرها، غاية الأمر أنّه إذا كانت المرمية به هي غير الزوجة ، فمع عدم الإتيان بأربعة شهداء ولو كان مع اليقين يترتّب عليه حدّ القذف والفسق إلاّ مع التوبة والإصلاح ، وإن كانت هي

(1) التهذيب: 8 / 185 ح646 ، الاستبصار: 3 / 371 ح1324 ، الوسائل: 22 / 429 ، كتاب اللعان ب9 ح2 .
(2) الوافي: 22 / 963 .

(الصفحة293)

مسألة 3 : يشترط في ثبوت اللعان بالقذف أن يدّعي المشاهدة ، فلا لعان فيمن لم يدّعها ومن لم يتمكّن منها كالأعمى ، فيحدّان مع عدم البيّنة ، وأن لا تكون له بيّنة ، فإن كانت تتعيّن إقامتها لنفي الحدّ ولا لعان(1) .


الزوجة ، فعلى ما عرفت من شأن نزول الآية لا حاجة إلى الإتيان بأربعة شهود ، بل يحتاج إلى اللعان الذي يدرأ عنه حدّ القذف ، لكن من جهة الحكم التكليفي لا يجوز مع الريب ولا مع غلبة الظنّ ببعض الأسباب المريبة ، بل ولا بالشياع ولا بأخبار ثقة; أمّا الأوّل فلعدم حُجّيته في صورة عدم إفادة العلم . وأمّا الثاني فلعدم حُجّية خبر الثقة في الموضوعات الخارجية ، وإلاّ يلزم اللغوية في دليل اعتبار البيّنة كما ذكرناه مراراً .
نعم، في صورة اليقين يجوز تكليفاً، ولكن لا يصدق في ذلك إذالم تعرف به الزوجة، ولم تكن هناك بيّنة معتبرة على الإثبات ، بل يحدّ حدّ القذف مع مطالبتها ، إلاّ إذا أوقع الِلّعان بالشروط الآتية فيوجب درأ الحدّ عنه،وسيأتي التفصيل إن شاءالله تعالى.

1 ـ أمّا اعتبار المشاهدة في ثبوت اللعان بالقذف ـ بحيث لا يكون لعان فيمن لم يدّع المشاهدة ، أو لم يتمكّن منها أصلا كالأعمى; فلأنّ اللعان من الملاعن إنّما يقوم مقام البيّنة . ومن المعلوم اعتبار المشاهدة فيها ، ويمكن استفادة ذلك من آية اللعان(1) مع التدبّر فيها ـ دلالة جملة من الروايات عليه ، مثل :
صحيحة محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يفتري على امرأته ، قال : يجلد ، ثم يخلّى بينهما ، ولا يلاعنها حتى يقول : أشهد أنّي رأيتك تفعلينِ كذا وكذا(2) .


(1) سورة النور: 24 / 6 .
(2) الكافي: 6 / 166 ح15 ، التهذيب: 8 / 186 ح648 و 193 ح678 ، الاستبصار: 3 / 372 ح1326 و1328 ، الوسائل: 22 / 416 ، كتاب اللعان ب4 ح2 .

(الصفحة294)

مسألة 4 : يشترط في ثبوت اللِّعان: أن تكون المقذوفة زوجة دائمة ، فلا لعان في قذف الأجنبيّة ، بل يحدّ القاذف مع عدم البيّنة ، وكذا في المنقطعة على الأقوى ، وأن تكون مدخولا بها ، وإلاّ فلا لعان ، وأن تكون غير مشهورة بالزنا ، وإلاّ فلا لعان ، بل ولا حدّ حتى يدفع باللعان ، بل عليه التعزير لو لم يدفعه عن نفسه بالبيّنة . نعم لو كانت متجاهرة بالزنا لا يبعد عدم ثبوت التعزير أيضاً ، ويشترط في اللعان أيضاً أن تكون كاملة سالمة عن الصمم والخرس(1) .


وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : إذا قذف الرجل امرأته فإنّه لا يلاعنها حتى يقول : رأيت بين رجليها رجلا يزني بها(1) .
ومرسلة أبان ، عن رجل ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : لا يكون لِعان حتى يزعم أنّه قد عاين(2) . وأمّا اعتبار أن لا يكون لها بيّنة فلما يأتي من أنّه مع ثبوتها تتعيّن إقامتها فلا لِعان .

1 ـ قد اشترط في هذه المسألة أيضاً أموراً في ثبوت اللِّعان :
الأوّل : أن تكون المقذوفة زوجة دائمة ، فلا لعان في قذف الأجنبية بل يحدّ القاذف مع عدم البيّنة ، وكذا في المنقطعة .
أمّا الأجنبيّة، فهي داخلة في قوله تعالى قبل آيات اللِعان: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}(3) الآية ، مضافاً إلى أنّ مورد اللعان قوله تعالى : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ

(1) التهذيب: 8 / 195 ح684 ، الوسائل: 22 / 417 ، كتاب اللعان ب4 ح4 .
(2) الكافي: 6 / 167 ح21 ، الوسائل: 22 / 416 ، كتاب اللعان ب4 ح3 .
(3) سورة النور: 24 / 4 .

(الصفحة295)



إِلاَّ أَنفُسُهُمْ}(1) الآية ، ومضافاً إلى أنّ التأمّل في كلتا الآيتين يعطي أنّ المقصود حفظ أعراض الناس من جهة ، وحفظ الأزواج من جهة أخرى ، وهما لا يتحقّقان إلاّ بذلك.
نعم ، لو كان للقاذف ـ أي من يقذف زوجته ـ بيّنة وعدل إلى اللِّعان ، فعن الخلاف يصحّ(2) ، ومنع في المبسوط إلتفاتاً إلى اشتراط عدم البيّنة في الآية(3) ، وجعله المحقّق في الشرائع أشبه(4); ولعلّه لأنّ الآية قد قسَّمت المقذوف بها على قسمين :
أحدهما: المحصنات .
وثانيهما: الزوجات .
وحكم في الأوّل بثبوت الحدّ مع عدم البيّنة . وشرّع في الثاني اللعان مع أن لا يكون هناك شاهد غير القاذف .
وأمّا كونها زوجة دائمة فلدلالة بعض الروايات عليه ـ وإن كان إطلاق الآية شاملا للمنقطعة; لأنّها زوجة حقيقة شرعاً ـ مثل :
صحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : لا يلاعن الحرّ الأمَة ولا الذمّية ولا التي يتمتّع بها(5) .
وصحيحة ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : لا يُلاعن الرجل المرأة التي

(1) سورة النور: 24 / 6 .
(2) الخلاف: 5 / 8 ، مسألة 3 .
(3) المبسوط: 5 / 183 .
(4) شرائع الإسلام: 3 / 93 .
(5) التهذيب: 8 / 188 ح653 ، الاستبصار: 3 / 373 ح1332 ، الوسائل: 22 / 420 ، كتاب اللعان ب5 ح4 .

(الصفحة296)



يتمتع بها(1) . واطلاق اللعان يشمل اللّعان لنفي حدّ القذف ، مضافاً إلى وجود الشهرة العظيمة(2) على هذا القول ، بل لم يُحك الخلاف في ذلك إلاّ عن المفيد(3)والسيّد (قدس سرهما)(4) .
الثاني : أن تكون مدخولا بها; أي للزوج القاذف ، أعم من أن تكون بكراً قبل النكاح أم لا ، والدليل عليه ـ مع أنّ إطلاق الآية على الخلاف ـ الروايات الواردة في هذا المجال ، مثل :
رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : لا يقع اللّعان حتى يدخل الرجل بأهله(5) .
ومرسلة ابن أبي عمير قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): الرجل يقذف امرأته قبل أن يدخل بها ، قال : يضرب الحدّ ويخلّى بينه وبينها(6) .
ورواية محمد بن مضارب ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : من قذف امرأته قبل أن يدخل بها جلد الحدّ وهي امرأته(7) .
الثالث : أن تكون غير مشهورة بالزنا ، وعلّله في الجواهر بأنّ اللعان إنّما شرّع صوناً لعرضها من الانتهاك ، وعرض المشهورة بالزنا منتهك ، لكن في محكي كشف

(1) الكافي: 6 / 116 ح17 ، الوسائل: 22 / 430 ، كتاب اللعان ب10 ح1 .
(2) رياض المسائل: 7 / 541 ، نهاية المرام: 2 / 226 ، جواهر الكلام: 34 / 33 .
(3) لم نعثر عليه في المقنعة: 540 ـ 543، ولا في خلاصة الايجاز: 37، ضمن مصنّفات الشيخ المفيد، المجلّد السادس، لكن حكاه عن غريّة المفيد في جامع المقاصد: 13 / 35.
(4) الانتصار: 276 .
(5) الكافي: 6 / 162 ح1 ، الوسائل: 22 / 412 ، كتاب اللعان ب2 ح2 .
(6) الكافي: 7 / 211 ح2 ، الوسائل: 22 / 413 ، كتاب اللعان ب2 ح3 .
(7) الكافي: 7 / 211 ح3 ، الوسائل: 22 / 413 ، كتاب اللعان ب2 ح4 .

(الصفحة297)



اللثام(1) لم أرَ من اشترطه من الأصحاب غير المصنّف ـ يعني العلاّمة(2) ـ والمحقّق(3) . وظاهره التأمّل فيه ، ولعلّ وجهه إطلاق الأدلّة(4) .
ويمكن أن يقال: إنّ الآية السابقة على آية اللعان قد علّق فيها الحدّ برمي المحصنات كما عرفت ، والآية الواردة في اللعان وإن كان موردها مطلق الأزواج أعمّ من أن تكون محصنة أم لا ، إلاّ أنّه من المحتمل أن يكون المراد الأزواج المحصنات بقرينة الآية السابقة ، وسيأتي(5) في محلّه إن شاء الله تعالى احتمال اعتبار الإحصان بمعنى العفّة في ثبوت حدّ القذف ، الذي شرّع اللعان لأجله مطلقاً ، وعليه فيتّجه اعتبار أن لا تكون المُلاعنة مشهورة بالزنا كغيرها من المقذوف بها .
نعم ، على تقدير الاعتبار قد فصّل في المتن بين المتجاهرة وغيرها بثبوت التعزير في الثانية دون الاُولى ، وسيأتي التحقيق في كتاب الحدود في باب حدّ القذف (6) .
الرابع : أن تكون كاملة سالمة عن الصّمم والخرس ، ويدلّ عليه جملة من الروايات ، مثل :
صحيحة الحلبي ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله(عليه السلام): في رجل قذف امرأته وهي خرساء ، قال : يفرّق بينهما(7) .
وصحيحة أبي بصير قال: سئل أبو عبدالله(عليه السلام) عن رجل قذف امرأته بالزّنا وهي

(1) كشف اللثام: 2 / 171 .
(2) قواعد الاحكام: 2 / 89 .
(3) شرائع الإسلام: 3 / 93 .
(4) جواهر الكلام: 34 / 7 .
(5) تفصيل الشريعة / كتاب الحدود: 229 .
(6) تفصيل الشريعة / كتاب الحدود: 301 .
(7) الكافي: 6 / 164 ح9 ، الوسائل: 22 / 427 ، كتاب اللعان ب8 ح1 .

(الصفحة298)



خرساء صمّاء لا تسمع ما قال ، قال : إن كان لها بيّنة فشهدت عند الإمام جلد الحدّ وفرّق بينها وبينه ثم لا تحلّ له أبداً ، وإن لم يكن لها بيّنة فهي حرام عليه ما أقام معها ولا إثم عليها منه(1) .
ورواية محمد بن مروان ، عن أبي عبدالله(عليه السلام): في المرأة الخرساء كيف يُلاعِنُها زوجها؟ قال : يفرّق بينهما ولا تحلّ له أبداً(2) . وغير ذلك من الروايات(3) الدالّة عليه .
ولا يخفى أنّ اعتبار هذا الأمر إنّما هو بالإضافة إلى الزوجة المرميّ بها من جهة اللِّعان ، وأمّا بالإضافة إلى الزوج المُلاعن فالظاهر عدم اعتباره .
قال المحقّق في الشرائع : ويصحّ لِعان الأخرس ، إذا كان له إشارة معقولة ، كما يصحّ طلاقه وإقراره ، وربّما توقّف شاذ منّا; نظراً إلى تعذّر العلم بالإشارة وهو ضعيف ، إذ ليس حال اللعان بزائد عن حال الإقرار بالقتل .
نعم ، لا يصحّ اللعان مع عدم النطق وعدم الإشارة المعقولة(4) .
وذكر في الجواهر: أنّ بين سائر الموارد وبين المقام من حيث إنّه يتعيّن تأديته بلفظ الشهادة واللعن والغضب ، والإشارة لا ترشد إلى ذلك ، يدفعه تصريح الأدلة بقيام إشارته مقام التكبير والتلبية ونحوهما ممّا يراد منها اللفظ ، لكن من القادر عليه(5) .


(1) الكافي: 6 / 166 ح18 ، التهذيب: 7 / 310 ح1288 ، الوسائل: 22 / 427 ، كتاب اللعان ب8 ح2 .
(2) الكافي: 6 / 167 ح20 ، الوسائل: 22 / 428 ، كتاب اللعان ب8 ح4 .
(3) الوسائل: 22 / 422 ، كتاب اللعان ب5 ح12 ، مستدرك الوسائل: 15 / 439 أبواب اللعان ب8 .
(4) شرائع الإسلام: 3 / 96 .
(5) جواهر الكلام: 34 / 27 .

(الصفحة299)

مسألة 5 : لا يجوز للرجل أن ينكر ولدية من تولّد في فراشه مع إمكان لحوقه به ، بأن دخل بأمّه أو أمنى في فرجها أو حواليه بحيث أمكن جذب الرحم إيّاه ، وقد مضى من ذلك إلى زمان وضعه ستّة أشهر فصاعداً ، ولم يتجاوز عن أقصى مدّة الحمل ، حتى فيما إذا فجر أحد بها فضلا عمّا إذا اتّهمها ، بل يجب الإقرار بولديّته . نعم يجب عليه أن ينفيه ولو باللّعان مع علمه بعدم تكوّنه منه من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به ، إذا كان بحسب ظاهر الشرع ملحقاً به لولا نفيه; لئلاّ يلحق بنسبه من ليس منه ، فيترتّب عليه حكم الولد في الميراث والنكاح ونظر محارمه وغير ذلك(1) .


1 ـ لا شبهة في أنّ إنكار الولد سبب للِّعان ، بل في بعض الروايات حصر سبب اللعان في نفي الولد ، مثل :
صحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما(عليهما السلام) قال : لا يكون اللّعان إلاّ بنفي ولد ، وقال: إذا قذف الرجل امرأته لاعنها(1) .
ورواية أبي بصير(2) خالية عن هذا الذيل ، الذي ربّما يكون قرينة على أنّ المراد بالصدر ليس هو الحصر الحقيقي ، وإلاّ لكان مخالفاً لصريح الكتاب ، ومشتملا على اختلاف الصدر والذيل ، ولا ينبغي الإرتياب في أنّه لا يجوز تكليفاً إنكار ولدية منولد في فراشه مع إمكان اللحوق به. وقد تقدّم في كتاب النكاح(3) الاُمور المعتبرة في إمكان اللحوق ، وهذا من دون فرق بين صورة العلم بكونه ولداً له وبين صورة الشك حتى فيما إذا فجر أحد بها فضلا عمّا إذا اتّهمها; لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) المرويّ

(1) الكافي: 6 / 166 ح16 ، الوسائل: 22 / 429 ، كتاب اللعان ب9 ح1 .
(2) التهذيب: 8 / 185 ح646 ، الاستبصار: 3 / 371 ح1324 ، الوسائل: 22 / 429 ، كتاب اللعان ب9 ح2 .
(3) تفصيل الشريعة / كتاب النكاح: القول في النسب ، مسألة 2 .

(الصفحة300)

مسألة 6 : لو نفى ولدية من ولد في فراشه ، فإن علم أنّه دخل بأمّه دخولا يمكن معه لحوق الولد به أو أقرّ بذلك ومع ذلك نفاه ، لا يسمع منه ولا ينتفي منه لا باللعان ولا بغيره . وأمّا لو لم يعلم ذلك ولم يقرّ به وقد نفاه إمّا مجرّداً عن ذكر السبب بأن قال : «هذا ليس ولدي» أو مع ذكره بأن قال : «إنّي لم أدخل باُمّه أصلا» أو أنكر دخولا يمكن تكوّنه منه ، فحينئذ وإن لم ينتف عنه بمجرّد نفيه ، لكن باللعان ينتفي عنه بشرط ثبوت الدّخول ، ومع عدم ثبوته لم يشرّع اللعان مطلقاً(1) .


في رواية سعيد الأعرج ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) : الولد للفراش وللعاهر الحجر(1) .
نعم ، لو علم بعدم كونه ولداً له من أيّة جهة وأيّ طريق ولو من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به ، وإن كان بحسب ظاهر الشرع ملحقاً به لولا نفيه باللعان ، يجب عليه أن ينفيه ولو باللعان; لئلاّ يلحق بنسبه من يعلم أنّه ليس منه ، فيترتّب عليه حكم الولد في الميراث والنكاح والنظر وأمثال ذلك . وفي الحقيقة يكون اللعان في خصوص هذا المورد واجباً ، وإن لم يكن في قذف الزوجة ورميها كذلك ، بل يكون أثرها دفع الحدّ ، وهو ليس بواجب كما لايخفى .

1 ـ أمّا عدم السماع منه وعدم الانتفاء عنه لا باللعان ولا بغيره في الصورة الاُولى; فلأنّه مع العلم بأنّه دخل بأمّه دخولا يمكن معه لحوق الولد به أو إقراره بذلك ، لا مجال للِّعان المشتمل على شهادات خمس بتعبير الكتاب العزيز ، حتّى في الشهادة المشتملة على اللعن أو الغضب من ناحية الزوجين .
ومن الواضح أنّ اعتبار الشهادة إنّما هو من باب الأمارية ، ولا مجال للأمارة مع

(1) التهذيب: 8 / 183 ح640 ، الوسائل: 22 / 430 ، كتاب اللعان ب9 ح3 .
<<التالي الفهرس السابق>>