في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة481)




وأمّا اللواحق ففيها فصول :

[الفصل] الأوّل في ميراث الخنثى


مسألة 1 : لو كان بعض الورّاث خنثى بأن كان له فرج الرجال والنساء ، فإن أمكن تعيين كونه رجلا أو امرأة بإحدى المرجّحات المنصوصة أو غير المنصوصة فهو غير مشكل ، ويعمل على طبقها ، وإلاّ فهو مشكل(1) .

مسألة 2 : المرجّحات المنصوصة اُمور :
الأوّل : أن يبول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً بحيث يكون البول من غيره نادراً كالمعدوم ، وإلاّ فمحلّ إشكال ، فيرث على الفرج الذي يبول منه ، فإن بال من فرج الرجال يرث ميراث الذكر ، وإن بال من فرج النساء يرث ميراث الاُنثى .


1 ـ الخنثى إمّا غير مشكل ، وإمّا مشكل ، فالأوّل ما أمكن تعيين كونه رجلا أو امرأة بإحدى المرجّحات المنصوصة التي سيأتي في المسألة الثانية ، أو المرجّحات غير المنصوصة كخروج الدم شبيه الحيض أو نبات اللحية مثل الرجال ، وهو يعمل على طبق تلك المرجّحات ، وإن لم يمكن تعيين ذلك بالمرجّحات مطلقاً فهو مشكل .


(الصفحة482)

الثاني : سبق البول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً بنحو عدّ ما عداه كالمعدوم لو بال منهما ، فإن سبق ممّا للرجال يرث ميراث الذكر ، وإن سبق مما للنساء يرث ميراث الاُنثى .
الثالث : قيل : تأخّر الانقطاع من أحد الفرجين دائماً أو غالباً مع فقد الأمارة الثانية ، وفيه إشكال لا يترك الاحتياط بالتصالح مع فقد سائر الأمارات .
الرابع : عدّ الأضلاع ، فإن كان أضلاع جنبه الأيمن أكثر من الأيسر فهو من الرجال ويرث إرث الذكر ، وإن كانتا متساويتين يرث إرث الاُنثى(1) .


1 ـ المرجّحات المنصوصة اُمور متعدّدة :
الأوّل : أن يبول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً ، بحيث يكون البول من غيره نادراً كالمعدوم ، وإلاّ ففي المتن أنّه محلّ إشكال ، فيرث على الفرج الذي يبول منه كذلك دائماً أو غالباً بالنحو المذكور .
ففي رواية داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : سئل عن مولود ولد وله قبل وذكر كيف يورث؟ قال : إن كان يبول من ذكره فله ميراث الذكر ، وإن كان يبول من القبل فله ميراث الاُنثى(1) .
وموثّقة طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : كان أمير المؤمنين(عليه السلام) يورّث الخنثى من حيث يبول(2) .
ومرسلة ابن بكير ، عن أحدهما(عليهما السلام) في مولود له ما للذكر وله ما للاُنثى ، فقال : يورث من الموضع الذي يبول ، إن بال من الذكر ورث ميراث الذكر ، وإن بال من

(1) الوسائل : 26 / 283 ، أبواب ميراث الخنثى ب1 ح1 .
(2) الوسائل : 26 / 284 ، أبواب ميراث الخنثى ب1 ح2 .

(الصفحة483)



موضع الاُنثى ورث ميراث الاُنثى . الحديث(1) .
الثاني : أن يسبق البول من أحد الفرجين دائماً أو غالباً بنحو عدّ ما عداه كالمعدوم ، وتدلّ عليه روايات ، مثل :
صحيحة هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) ، قال : قلت له : المولود يولد ، له ما للرجال وله ما للنساء ، قال : يورث من حيث يبول ، حيث سبق بوله ، فإن خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث ، فإن كانا سواء ورث ميراث الرجال وميراث النساء(2) .
ورواية إسحاق بن عمّار ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه(عليهما السلام) : أنّ عليّاً(عليه السلام) كان يقول : الخنثى يورث من حيث يبول ، فإن بال منهما جميعاً فمن أيّهما سبق البول ورث منه ، فإن مات ولم يبل فنصف عقل المرأة ، ونصف عقل الرّجل(3) . وغير ذلك من الروايات(4) الدالّة عليه .
الثالث : قيل : تأخّر الإنقطاع عن أحد الفرجين دائماً أو غالباً مع فقد الأمارة الثانية; والقائل المحقّق في الشرائع(5) . وربّما ادّعي في الكتب القديمة والجديدة الإجماع عليه(6) ، وربما يقال : بأنّه المراد من الانبعاث في صحيحة هشام المتقدّمة بدعوى ملازمته بمعنى الثوران والقوّة والكثرة أو بمعنى الاسترسال .


(1) الوسائل : 26 / 284 ، أبواب ميراث الخنثى ب1 ح3 .
(2) الوسائل : 26 / 285 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح1 .
(3) الوسائل : 26 / 286 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح2 .
(4) الوسائل : 26 / 285 ـ 290 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 .
(5) شرائع الإسلام : 4 / 44  .
(6) الخلاف : 4 / 106 مسألة 116 ، السرائر : 3 / 277 ، الغنية : 331 ، تحرير الأحكام : 2 / 174 ، مفاتيح الشرائع : 3 / 330 ، جواهر الكلام : 39 / 279 .

(الصفحة484)



نعم ، في بعض النسخ «ينبت» بمعنى ينقطع ، وكذا يقال في المرسلة التي حكاها الكليني قال : وفي رواية اُخرى عن أبي عبدالله(عليه السلام) في المولود ، له ما للرجال ، وله ما للنساء يبول منهما جميعاً ، قال : من أيّهما سبق ، قيل : فإن خرج منها جميعاً؟ قال : فمن أيّهما استدرّ ، قيل : فإن استدرّا جميعاً؟ قال : فمن أبعدهما(1) .
نظراً إلى أنّ المراد بالأبعد ذلك; لأنّ المراد بأبعدهما هي الأبعدية من حيث الزمان ، وليس هو إلاّ الذي ينقطع أخيراً  .
وأورد عليه في الجواهر : بأنّه كما ترى ضرورة ظهوره في إرادة الاستدرار الذي عقّبه بأبعدهما ، المنافي لإرادة الانقطاع أخيراً بعد إرادته من أبعدهما(2) ، ولعلّه لما ذكرنا استشكل الماتن في هذه العلامة ، ونهى عن ترك الاحتياط بالتصالح مع فقد سائر الأمارات .
الرابع : عدّ الأضلاع ، فإن كان أضلاع جنبه الأيمن أكثر من الأيسر فهو من الرجال ، وإن كانا متساويين فهو من النساء ، ويدلّ عليه مثل  :
موثّقة السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه(عليهما السلام) : أنّ علي بن أبي طالب(عليه السلام) كان يورث الخنثى ، فيعدّ أضلاعه ، فإن كانت أضلاعه ناقصة من أضلاع النساء وبضلع ورث ميراث الرجال ، لأنّ الرجل تنقص أضلاعه عن أضلاع النساء بضلع; لأنّ حوّاء خلقت من ضلع آدم القصوى اليسرى ، فنقص عن أضلاعه ضلع واحد(3) .
وبعض الروايات الاُخر ، كرواية شريح القاضي التي حكاها أبو جعفر(عليه السلام) قال : إنّ شريحاً القاضي بينما هو في مجلس القضاء ، إذ أتته امرأة فقالت : أيّها القاضي اقض

(1) الوسائل : 26 / 284 ، أبواب ميراث الخنثى ب1 ح4 .
(2) جواهر الكلام : 39 / 279 ـ 280  .
(3) الوسائل : 26 / 287 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح4 .

(الصفحة485)



بيني وبين خصمي ، فقال لها : ومن خصمك ؟ قالت : أنت ، قال : أفرجوا لها ، فأفرجوا لها ، فدخلت ، فقال لها : وما ظلامتك؟ فقالت : إنّ لي ما للرجال وما للنساء ، قال شريح : فإنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) يقضي على المبال ، قالت : فانّي أبول منهما جميعاً ، ويسكنان معاً ، قال شريح : والله ما سمعت بأعجب من هذا ، قالت : وأعجب من هذا ، قال : وما هو؟ قالت : جامعني زوجي فولدتُ منه ، وجامعتُ جاريتي فولدت منّي ، فضرب شريح إحدى يديه على الاُخرى متعجّباً ، ثمّ جاء إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)فقصّ عليه قصّة المرأة ، فسألها عن ذلك ، فقالت : هو كما ذكر ، فقال لها : من زوجك؟ قالت : فلان ، فبعث إليه فدعاه ، فقال : أتعرف هذه المرأة ؟ فقال : نعم ، هذه زوجتي ، فسأله عمّا قالت ، فقال : هو كذلك ، فقال له(عليه السلام)  : لأنت أجرأ من راكب الأسد حيث تقدم عليها بهذه الحال ، ثمّ قال : يا قنبر أدخلها بيتاً مع امرأة تعدّ أضلاعها ، فقال زوجها : يا أمير المؤمنين(عليه السلام) لا آمن عليها رجلا ، ولا أئتمن عليها امرأةً ، فقال علي(عليه السلام) : عليّ بدينار الخصيّ ، وكان من صالحي أهل الكوفة ، وكان يثق به ، فقال له : يا دينار أدخلها بيتاً ، وعرها من ثيابها ، ومرها أن تشدّ مئزراً ، وعدّ أضلاعها ، ففعل دينار ذلك ، فكان أضلاعها سبعة عشر : تسعة في اليمين ، وثمانية في اليسار ، فألبسها عليّ(عليه السلام)ثياب الرجال ، والقلنسوة ، والنعلين ، وألقى عليه الرداء ، وألحقه بالرجال ، فقال زوجها : يا أمير المؤمنين(عليه السلام) ابنة عمّي ، وقد ولدت منّي ، تلحقها بالرجال؟ فقال : إنّي حكمت عليها بحكم الله ، إنّ الله تبارك وتعالى خلق حوّاء من ضلع آدم الأيسر الأقصى ، وأضلاع الرجال تنقص ، وأضلاع النساء تمام(1) .


(1) الوسائل : 26 / 288 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح5 .

(الصفحة486)



هذا ، ولكن المحقّق في الشرائع(1) ضعّف الرواية ، لكن في الجواهر : أنّ الشيخ نسبها في محكيّ الخلاف إلى رواية الأصحاب(2) ، وعن الحائريات أنّها مشهورة بين أهل النقل في أصحابنا(3) ، والمفيد رواها في المحكي عن إرشاده مسندة إلى الأصبغ ابن نباتة ، عن علي(عليه السلام)(4) والصدوق بطريق صحيح(5) ، بل عن الحلّي دعوى تواترها(6) (7) .
أقول : ويؤيّدها رواية السكوني المتقدّمة الموثقة ، مضافاً إلى دعوى الإجماع على طبقها من المفيد(8) والمرتضى (قدس سرهما)(9) . وإن قال المحقّق في الشرائع : والإجماع لم نتحقّقه(10) . لكن الظاهر أنّه لا محيص عن الأخذ بالرواية والفتوى على طبقها ، سواء كان الإجماع له أصالة ، أو كان مستنداً إلى الرواية ولم يكن له أصالة .
نعم ، ربّما يقال : بعدم تيسّر هذه العلامة غالباً على وجه تطمئنّ النفس بمعرفة ذلك خصوصاً في الجسم السّمين ، ولكن الكلام بعد تيسّره واطمئنان النفس كما لا  يخفى .


(1) شرائع الإسلام : 4 / 45 .
(2) الخلاف : 4 / 106 مسألة 116 .
(3) حكى عنه في السرائر : 3 / 282  .
(4) إرشاد المفيد: 1/213 ـ 214 .
(5) الفقيه : 4 / 238 ح762 .
(6) السرائر : 3 / 281  .
(7) جواهر الكلام : 39 / 284  .
(8) الإعلام بما اتّفقت عليه الإماميّة من الأحكام : 62 ، المطبوع في ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد : 9 .
(9) الانتصار : 306  .
(10) شرائع الإسلام : 4 / 45  .

(الصفحة487)

مسألة 3 : لو فقدت العلائم المنصوصة فإن كانت فيه علائم خاصة بالنساء كرؤية الدم حسب ما ترى النساء ، أو خاصّة بالرجال كإنبات اللحية مثلا ، فإن حصل منها الاطمئنان يحكم بحسبه ، وإلاّ فهو من المشكل(1) .


1 ـ لو فقدت العلائم المتقدّمة المنصوصة ، فإن كانت فيه علائم خاصة بالنساء كرؤية الدم حسب ما ترى النساء ، أو خاصّة بالرجال كإنبات اللّحية مثلا ، فإن حصل منها الإطمئنان الذي يعامل عند العرف معه معاملة القطع واليقين ـ الذي هو حجّة عقلية ـ يحكم بحسبه بلا إشكال ، وإلاّ ففي المتن هو من الخنثى المشكل ، ولكن هنا أمران يجب التوجّه إليهما :
الأوّل : أنّ الخنثى هل هي طبيعة ثالثة غير الرجال والنساء أم من مصاديق أحدهما؟ الظاهر هو الثاني كما ربما يستفاد من الكتاب(1) ، ولكن لا يبعد دلالة رواية شريح(2) على أنّ المرأة حبلت وأحبلت ، الأوّل من زوجها والثاني بالإضافة إلى أمتها على أنّها طبيعة ثالثة ، ضرورة عدم إمكان الحبل والإحبال في مرأة واحدة ولا في رجل واحد .
الثاني : أنّه بعد عدم كون الخنثى طبيعة ثالثة ، يجري في تشخيص كونها امرأة أو رجلا دليل الانسداد ، الذي مفاده حجّية الظنّ ولو لم يبلغ مرحلة الاطمئنان، وربما يؤيّده ما عن روضة الواعظين عن الحسن بن علي(عليهما السلام) : «فإن كان ذكراً احتلم ، وإن كانت اُنثى حاضت وبدا ثديها»(3) . إلاّ أن يقال : إنّ الذكر في الرواية

(1) سورة الشورى : 42 / 49 ، سورة الزخرف : 43 / 12 ، سورة الحجرات : 49/13 ، سورة النّجم : 53/45 ، سورة القيامة : 75 / 39 ، سورة الليل : 92 / 3 .
(2) الوسائل : 26 / 288 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح5  .
(3) روضة الواعظين : 58 ، الوسائل : 26 / 289 ، أبواب ميراث الخنثى ب2 ح7 .

(الصفحة488)

مسألة 4 : الخنثى المشكل أي الذي لا تكون فيه المرجحات المنصوصة ، ولاالعلائم الموجبة للاطمئنان، يرث نصف نصيب الرجال ونصف نصيب النساء(1).

مسألة 5 : لو لم يكن لشخص فرج الرجال ولا النساء ، وخرج بوله من محلّ آخر كدبره ، فالأقوى العمل بالقرعة(2) .


دليل على أنّه من المرجّحات المنصوصة ، ولكنه لم يذكر بهذا العنوان في كلمات الأصحاب .

1 ـ الخنثى المشكل الذي لا تكون فيه المرجّحات مطلقاً لا المنصوصة ولا غيرها ، يرث نصف نصيب الرجال ونصف نصيب النساء ، بعد العلم بأنّه لا يرث تمام النصيبين للعلم بعدم كون إرثه أزيد من الرجال والنساء ، ويدلّ عليه صحيحة هشام بن سالم المتقدّمة(1) الدالّة على أنّه إن كانا سواء ورث ميراث الرجال وميراث النساء بعد العلم بأنّ المراد ليس إرثهما جميعاً بل نصف النصيبين ، وبمثل هذه الصحيحة الدالّة على حكم الخنثى المشكل من جهة الإرث ، يخرج المقام عن كلّ أمر مشكل أو مشتبه ففيه القرعة(2) ، فإنّ المراد منه وإن كان خصوص الحقوق على ما بيّناه في مبحث القرعة مفصّلا في محلّه(3) ، إلاّ أنّ المقام لا يكون مصداقاً بعد وضوح دلالة الصحيحة على حكمه ، كما عرفت .

2 ـ لو لم يكن لشخص فرج الرجال ولا النساء ، وخرج بوله من محلّ آخر

(1) في ص483 .
(2) روضة المتّقين : 6 / 215 .
(3) القواعد الفقهية : 1 / 429 وما بعدها .

(الصفحة489)



كدبره أو ثقبة لا تكون من الفرجين ، فالظاهر أنّه من المصاديق الواضحة لأدلّة القرعة بعد العلم بأنّه لا يرث ميراث الرجال والنساء معاً ، ويدلّ عليه أيضاً :
صحيحة الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن مولود ليس له ما للرجال ، ولا له ما للنساء ، قال : يقرع عليه الإمام أو المقرع ، يكتب على سهم عبد الله ، وعلى سهم أمة الله ، ثمّ يقول الإمام أو المقرع  : اللهمَّ أنت الله لا إله إلاّ أنت ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، بيّن لنا أمر هذا المولود ، كيف يورث ما فرضت له في الكتاب ، ثمّ تطرح السّهام في سهام مبهمة ، ثمّ تجال السهام على ما خرج ورّث عليه(1) . والظاهر أنّ الدعاء المزبور مستحبّ كما في بعض الروايات(2) الاُخر .
هذا ، وعن ابني الجنيد(3) وحمزة(4) اعتبار البول ، بل عن الشيخ في الاستبصار(5)الميل إليه ، فإن كان يبول على مباله فهو اُنثى ، وإن كان ينحّى البول فهو ذكر ، نظراً إلى مرسل ابن بكير عنهم(عليهم السلام)  : في مولود ليس له ما للرجال ، ولا ما للنساء ، إلاّ ثقب يخرج منه البول ، على أيّ ميراث يورّث؟ فقال : إن كان إذا بال يتنحّى بوله ورّث ميراث الذكر ، وإن كان لا يتنحّى بوله ورّث ميراث الاُنثى(6) .
هذا ، ولكن الرواية ضعيفة بالإرسال بل الإضمار ، فالعمل على الصحيحة .


(1) الوسائل : 26 / 292 ، أبواب ميراث الخنثى ب4 ح2 .
(2) الوسائل : 26 / 291 ـ 295 ، أبواب ميراث الخنثى ب4 .
(3) حكى عنه في مختلف الشيعة : 9 / 102 .
(4) الوسيلة : 402 .
(5) الاستبصار: 4 / 187 ذيل ح702.
(6) الوسائل : 26 / 294 ، أبواب ميراث الخنثى ب4 ح5 .

(الصفحة490)

مسألة 6 : لو كان لشخص رأسان على صدر واحد ، أو بدنان على حقو واحد ، فطريق الاستعلام أن يوقظ أحدهما فإن انتبه دون الآخر فهما اثنان يورثان ميراث الاثنين ، وإن انتبها يورث إرث الواحد ، ثمّ إنّ لهذا الموضوع فروعاً كثيرة جدّاً سيالة في أبواب الفقه مذكور بعضها في المفصّلات(1) .


1 ـ لو كان لشخص رأسان على صدر واحد ، أو بدنان على حقو واحد ، فطريق الاستعلام على ما في المتن أن يوقظ أحدهما ، فإن انتبه دون الآخر فهما اثنان يرثان ميراث الاثنين ، وإن انتبها يورث إرث الواحد ، ويدلّ عليه  :
رواية حريز ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال  : ولد على عهد أمير المؤمنين(عليه السلام) مولود له رأسان وصدران على حقو واحد ، فسئل أمير المؤمنين(عليه السلام) : يورث ميراث اثنين ، أو واحداً (واحد)؟ فقال : يترك حتّى ينام ، ثمّ يصاح به ، فإن انتبها جميعاً معاً كان له ميراث واحد ، وإن انتبه واحد ، وبقي الآخر نائماً ، يورّث ميراث اثنين(1) .
والرواية وإن كانت ضعيفة ، إلاّ أنّ استناد المشهور(2) إليها بل من غير خلاف ، جابر لضعفها .
وأمّا قوله تعالى : { مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُل مِن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ}(3) فلا دلالة له على التعدّد مطلقاً; لما حكي عن الشيخ(قدس سره)في تبيانه(4) : ليس يمتنع أن يوجد قلبان في جوف واحد ، إذا كان ما يوجد بينهما يرجع إلى حيّ واحد ، إنّما التنافي أن يرجع ما يوجد منهما إلى حيّين  .


(1) الوسائل : 26 / 295 ، أبواب ميراث الخنثى ب5 ح1 .
(2) المبسوط : 4 / 117 ، مسالك الافهام : 13 / 259 ، رياض المسائل : 9 / 199 ، جواهر الكلام : 39/ 298 .
(3) سورة الأحزاب : 33 / 4  .
(4) التبيان : 8 / 284 .

(الصفحة491)



ثمّ إنّ الحكم في الرواية هل يختصّ بالميراث ، خصوصاً مع أنّ الشهرة المحقّقة الجابرة إنّما هي بالإضافة إليه ، أو يعمّ مطلقاً ، أو في بعض دون بعض؟ وجوه ، وقد ذكر في المتن أنّ لهذه المسألة فروعاً كثيرة في أبواب الفقه ، مثل : النكاح ، والشهادة والجناية ، والقصاص .
قال العلاّمة في محكي القواعد : أمّا التكليف فاثنان مطلقاً(1) ، وفي محكي كشف اللثام في شرح قول العلاّمة : أي يجب في الطهارة غسل الأعضاء جميعاً وفي الصلاة مثلا أن يصلّيا ، فلا يجزي فعل أحدهما عن فعل الآخر; ليحصل اليقين من الخروج عن العهدة ، وهل تجوز صلاة أحدهما منفرداً عن الآخر ، أو يكفي في الطهارة غسل أعضائه خاصّة؟ يحتمل البناء على الاختبار بالانتباه ، فإن اتّحدا لم يجز من باب المقدّمة ووجوب الاجتماع مطلقاً; لقيام الاحتمال وضعف الخبر واختصاصه بالإرث ، ثمّ علّل الوحدة في النكاح باتّحاد الحقو وما تحته ، وإن كان اُنثى فيجوز لمن يتزوّجها أن يتزوّج ثلاثاً اُخر  ، لكن لابدّ في العقد من رضاهما وإيجابهما أو قبولهما(2) .
وبالتأمّل فيما ذكرنا يظهر النظر في جلّ كلامه ، خصوصاً مع ما عرفت من انجبار ضعف السند بعمل المشهور ، ومع أنّ المتفاهم عند العرف كون الطريق المذكور في الخبر طريقاً إلى الوحدة والتعدّد مطلقاً لا في خصوص باب الإرث ، نعم لو كان الحكم مخالفاً للقاعدة لكان اللاّزم الاقتصار على القدر المتيقّن ، ولم يكن مجال لإسراء الحكم إلى سائر الموارد ، فتدبّر جيّداً .


(1) قواعد الاحكام : 2 / 187  .
(2) كشف اللثام : 2 / 309  .

(الصفحة492)





الفصل الثاني :

في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم

مسألة 1 : لو مات اثنان بينهما توارث في آن واحد بحيث يعلم تقارن موتهما ، فلا يكون بينهما توارث ، سواء ماتا أو مات أحدهما حتف أنفه أو بسبب ، كان السبب واحداً أو لكلّ سبب ، فيرث من كلّ منهما الحيّ من ورّاثه حال موته ، وكذا الحال في موت الأكثر من اثنين(1) .

مسألة2 : لو مات اثنان حتف أنف أو بسبب وشكّ في التقارن وعدمه ، أو علم عدم التقارن وشكّ في المتقدّم والمتأخّر ، فإن علم تاريخ أحدهما المعيّن


1 ـ لا شبهة في أنّه يعتبر في الإرث بقاء حياة الوارث عند موت المورّث ، حتّى يصلح أن يصير مالكاً للإرث ومنتقلا عنه بالموت ، فلو علم التقارن بين موتهما ، وعدم تأخّر موت أحدهما عن الآخر ولو بلحظة ، فلا يتحقّق التوارث بوجه، سواء ماتا أو مات أحدهما حتف أنفه أو مستنداً إلى سبب ، وسواء كان السبب واحداً أو متعدّداً ، ففي جميع الموارد يعتبر أن يكون الوارث حيّاً عند موت المورّث ولو بالحياة اليسيرة ، ولا فرق في ذلك بين اثنين أو أكثر منهما ، كما هو واضح لايخفى .


(الصفحة493)

يرث الآخر أي مجهول التاريخ منه دون العكس ، وكذا في أكثر من واحد ، ولا فرق في الأسباب كما تقدّم(1) .

مسألة 3 : لو مات اثنان وشك في التقارن والتقدّم والتأخّر ولم يعلم التاريخ ، فإن كان سبب موتهما الغرق أو الهدم فلا إشكال في إرث كلّ منهما من الآخر ، وإن كان السبب غيرهما أيّ سبب كان ، أو كان الموت حتف أنف أو اختلفا في الأسباب ، فهل يحكم بالقرعة أو التصالح أو كان حكمه حكم الغرقى والمهدوم عليهم؟ وجوه ، أقواها الأخير ، وإن كان الاحتياط بالتصالح مطلوباً سيّما فيما كان موتهما أو موت أحدهما حتف أنف ، ويجري الحكم في موت الأكثر من اثنين(2) .


1 ـ لو مات اثنان حتف أنف أو بسبب ، فإن احتمل التقارن وشكّ فيه وعدمه ، أو علم بعدم التقارن وشكّ في المتقدّم والمتأخّر ، فإن علم تاريخ موت أحدهما المعيّن ، فمقتضى استصحاب بقاء حياة الآخر إلى بعد موته إرث الآخر ، الذي يكون تاريخ موته مجهولا دون العكس; لعدم إحراز حياته بعد موت المورّث ، لا بالاستصحاب ولا بغيره; لاحتمال تقدّم موته على حياة الآخر من دون فرق بين أن يكون كلاهما مجهولي التاريخ أو كان الوارث كذلك ، وكذا لا فرق في ذلك بين اثنين أو أكثر ، كما أنّه لا فرق بين الأسباب كما تقدّم ، إذ لا فرق في الجميع من هذه الجهة كما لايخفى .

2 ـ لا شبهة في دلالة الروايات(1) المستفيضة بل المتواترة على ثبوت التوارث بين الغرقى بعضهم مع بعض ، وكذا بين المهدوم عليهم كذلك ، وكذا أنّه لا خلاف فيه

(1) الوسائل : 26 / 307 ـ 308  ، أبواب ميراث الغرقى ب1  .

(الصفحة494)



بل الإجماع(1) عليه على خلاف القاعدة ، التي تقتضي كون الشكّ في الشرط شكّاً في المشروط; لماعرفت من اعتبار إحراز حياة الوارث عندموت المورّث وهو مشكوك.
إنّما الكلام في اختصاص هذا الحكم المخالف للقاعدة بخصوص الغرقى والمهدوم عليهم ، أو أنّ هذين العنوانين في الروايات إنّما هو لأجل كون الغرق أو الهدم موجباً للتقارن أو الشكّ في المتقدّم والمتأخّر غالباً ، وأمّا في زماننا هذا الذي يكون موت أكثر من واحد شائعاً بسبب تصادم السيارات وسقوط الطائرات، أو كان الموت بسبب الحرق أو القتل وأمثال ذلك من الموارد ، يكون الحكم كالغرقى والمهدوم عليهم .
فالمحكي عن المشهور(2) : أنّهم اقتصروا في الحكم المزبور على خصوص الغرقى والمهدوم عليهم دون غيرهم . ولعلّه لأجل ما عرفت من أنّه يقتصر في الحكم المخالف للقاعدة على القدر المتيقّن ، وهما عنوانا الغرقى والمهدوم عليهم دون غيرهما ، خصوصاً إذا كان الموت حتف الأنف لا يبعد أن يقال بالوجه الثاني وإن كان مخالفاً للمشهور; لأنّ المتفاهم من العنوانين ليس إلاّ ما ذكر لا خصوصهما ، ولكن في المتن احتمل فيه وجوهاً ثلاثة ، وإن جعل الأقوى الأخير : القرعة ، والتصالح ، وجريان حكم الغرقى والمهدوم عليهم ، ثمّ قال : «وإن كان الاحتياط بالتصالح مطلوباً سيّما فيما إذا كان موتهما أو موت أحدهما حتف أنف» . ولا إشكال في حسن الاحتياط بالتصالح ، وإن كانت الاستفادة من الدليل ممكنة عند العرف المحكّم في هذه الموارد ، كما لايخفى .


(1) الخلاف : 4 / 31 ـ 32 مسألة 23 ، مسالك الأفهام : 13 / 269 ، جواهر الكلام : 39 / 306 .
(2) جواهر الكلام : 39 / 307  .

(الصفحة495)

مسألة 4 : لو ماتا وعلم تقدّم أحدهما على الآخر وشكّ في المتقدّم وجهل تاريخهما فالأقوى الرجوع إلى القرعة ، سواء كان السبب الغرق أو الهدم أو غيرهما ، أو ماتا أو أحدهما حتف أنف(1) .

مسألة 5 : طريق التوريث من الطرفين أن يفرض حياة كلّ واحد منهما حين موت الآخر ، ويرث من تركته حال الموت ، ثمّ يرث وارثه الحيّ ما ورثه ، نعم لا يرث واحد منهما ممّا ورث الآخر منه ، فلو مات ابن وأب ولم يعلم التقدّم والتأخّر والتقارن ، وكان للأب غير الابن الذي مات معه ابنة ، وكان ما تركه تسعمائة ، وكان للابن الميّت ابن وما تركه ستمائة ، فيفرض أوّلا موت الأب وحياة الابن ، فيرث من أبيه ستمائة ثلثي التركة ، وهي حقّ ابنه أي ابن ابن الميّت ، والباقي حقّ اُخته ، ثمّ يفرض موت الابن وحياة الأب ، فيرث منه مائة سدس تركته ، ويؤتى ابنته ، والباقي حقّ ابن  ابنه(2) .


1 ـ قد عرفت أنّ أصل الحكم في الغرقى والمهدوم عليهم على خلاف القاعدة المقتضية لإحراز الشرط في ترتّب المشروط. فاعلم أنّ موردها إذا كان هناك ثلاثة احتمالات: احتمال تقدّم موت زيد مثلا ، واحتمال تقدّم موت عمرو كذلك ، واحتمال ثبوت التقارن بين الموتين بحيث لم يكن متقدّم ومتأخّر ، أمّا إذا لم يكن هناك الاحتمال الثالث بأن علم بتقدّم أحدهما وتأخّر الآخر ، فهو خارج عن مورد تلك الروايات المستفيضة بل المتواترة كما عرفت ، فاللاّزم في مثله الرجوع إلى قاعدة القرعة; لأنّ المورد من الموارد المشكلة التي يجب الرجوع إلى القرعة ، وهذا من دون فرق بين ما إذا كان السبب الغرق أو الهدم أو غيرهما ، أو ماتا أو أحدهما حتف أنف ، كما لايخفى .

2 ـ كيفية التوارث بين الطرفين في الغرقى والمهدوم عليهم ومن يلحق بهم في

(الصفحة496)

مسألة 6 : يشترط في التوريث من الطرفين عدم الحاجب من الإرث في كلّ منهما ، ولو كان أحدهما محجوباً يرث منه صاحبه ، كما أنّه لو لم يكن لأحدهما ما ترك من مال أو حقّ يرث ممّن له ذلك ، فلا يشترط في إرثه منه إرث الطرف  منه(1) .


الحكم على ما عرفت أن يفرض حياة كلّ واحد منهما حين موت الآخر ويرث من تركته حال الموت ، ثمّ يرث وارثه الحيّ ما ورثه ولا يرث واحد منهما ممّا ورث الآخر منه ، وذكر في المتن مثالا للتوضيح ، وهو أنّه لو مات أب وابن ، ولم يعلم شيء من الاُمور الثلاثة : التقدّم والتأخّر والتقارن ، وكان للأب غير الابن الذي مات معه كذلك ابنة ، وكان ما تركه الأب تسعمائة ، وكان لابن الميّت ابن وما تركه ستمائة ، فيفرض أوّلا موت الأب وحياة الابن،وحيث إنّ المفروضوجودالابنة للأب أيضاً، فتركته التي هي تسعمائة تقسّم أثلاثاً بين الابن والابنة للذكر مثل حظّ الاُنثيين; لعدم ثبوت الفرض في هذه الصورة لاجتماع الابن والابنة ، وعليه فيصيب الابن ستمائة ثلثي التركة ، وينتقل منه إلى ابنه الوحيد ، والباقي وهي ثلاثمائة نصيب الابنة، ثمّ يفرض موت الابن وحياة الأب، وحيث إنّ نصيب الأب السدس مع وجود الولد وهو ابن الابن ينتقل من تركة الابن الميّت وهي ستمائة سدسها وهو مائة إلى الأب ، وحيث إنّ وارثه الحيّ المتفرّد هي الابنة على ما هو المفروض تنتقل المائة إليها ، والباقي وهو خمسمائة نصيب ابن الابن كما ذكرنا ، فيكون إرثهما من مجموع التركتين أربعمائة من الألف وخمسمائة للابنة ، والألف والمائة لابن الابن ، فتدبّر جيّداً .

1 ـ يشترط في التوريث من الطرفين أمران :
أحدهما : عدم الحاجب عن الإرث في كلّ منهما كالمثال المذكور في المسألة

(الصفحة497)



السابقة ، ولو كان أحدهما محجوباً دون الآخر لا يرث المحجوب من غيره من دون عكس ، كما لو مات أخ واُخت وكان للأخ مثلا ابن دون الاُخت ، فإنّه لا ترث الاُخت من أخيها بعد وجود الابن له; لأنّ الأولاد في الطبقة الاُولى والإخوة في الطبقة الثانية ، وهي محجوبة بالطبقة الاُولى ، ولا تلازم في البين كما لايخفى .
ثانيهما : ثبوت الموضوع للإرث ، وهو ما تركه الميّت من مال أو حقّ ، فلو كان لأحدهما ذلك دون الآخر يرث الآخر دون الأوّل لانتفاء موضوع الإرث فيه ، وقد عرفت أنّه لا تلازم بين الأمرين ، وإنّ إرث أحدهما من الآخر مشروط بإرث الآخر منه ، وهذا واضح جدّاً .


(الصفحة498)





الفصل الثالث :
في ميراث المجوس وغيرهم من الكفّار



مسألة 1 : المجوس وغيرهم من فرق الكفّار قد ينكحون المحرّمات عندنا بمقتضى مذهبهم على ما قيل ، وقد ينكحون المحلّلات عندنا ، فلهم نسب وسبب صحيحان وفاسدان(1) .


1 ـ العلّة في ايراد هذا الفصل ما هو الشائع من أنّ المجوس قد ينكحون المحرّمات كالبنت والاُخت والاُمّ ، مع أنّك عرفت(1) أنّي رأيت في بلدة يزد ـ التي هي مركز المجوس حين إقامتي إيّاها بالإقامة الإجبارية في زمن الطاغوت ـ كتاباً ألّفه بعض فضلائهم ، قد أنكر فيه أشدّ الإنكار ذلك ، وقال : إنّ المجوس لا ينكحون المحرّمات النسبية العرفيّة كالاُمّ والاُخت والبنت ، وزعم أنّ هذا بهتان عليهم ، وإيراد غير صحيح على مذهبهم الفاسد .
وكيف كان ، فلا إشكال في أنّ المجوس وغيرهم من فرق الكفّار ، إذا لم يكن نكاحهم صحيحاً في مذهبهم ولو كان باطلا عندنا لا يتحقّق بينهم توارث ،

(1) في ص342 .

(الصفحة499)

مسألة 2 : لا يرث مجوسي ولا غيره ممّن لا يكون بينه وبينه نسب أو سبب صحيح في مذهبه(1) .

مسألة 3 : لو كان نسب أو سبب صحيح في مذهبهم وباطل عندنا ، كما لو نكح أحدهم باُمّه أو بنته وأولدها ، فهل لا يكون بين الولد وبينهما وكذا بين الزوج والزوجة توارث مطلقاً ، وإنّما التوارث بالنسب والسبب الصحيحين عندنا ، أو يكون التوارث بالنسب ولو كان فاسداً وبالسبب الصحيح دون الفاسد ، أو يكون بالأمرين صحيحهما وفاسدهما؟ وجوه وأقوال ، أقواها الأخير(2) .


وهكذا في ناحية النسب ، كما أنّ الأمر كذلك بالإضافة إلى مذهبنا ، فإنّ ولد الزنا لا يكون بينه وبين أبويهما العرفيين توارث أصلا ، ولعلّ هذا هو القدر المتيقّن من الآثار غير المترتّبة على ولد الزنا ، وإلاّ فالمحرمية وعدم جواز التناكح بينه وبين والديهما ، وكذا بعض الآثار الاُخر ثابتة; لترتّبها على النسب العرفي لا الشرعي ، كما قد حقّقناه فيما سبق(1) .

1 ـ قد عرفت أنّ المجوسي ولا غيره لا يرث ممّن لا يكون بينه وبينه نسب أو سبب صحيح ولو في مذهبه; لعدم ثبوت موجبات الإرث أصلا. نعم لو كان صحيحاً في مذهبه باطلا عندنا لا مانع من التوارث، كماسيجيء بيان مصاديقه مفصّلا فانتظر.

2 ـ في المسألة وجوه بل أقوال :
الأوّل : ما حكي عن يونس بن عبد الرحمن(2) من أجلاّء رجال الكاظم

(1) في ص339 ـ 340 .
(2) الكافي : 7 / 145 ، التهذيب : 9 / 364 ، الاستبصار : 4 / 188 .

(الصفحة500)



والرضا(عليهما السلام) ، ومن تبعه من جماعة كثيرة ، كالمفيد(1) في أحد النقلين والمرتضى(2)والتقيّ(3) والحلّي(4) والفاضل(5) . بل نسب إلى جمهور الإمامية(6) من عدم التوريث إلاّ بالنسب والسبب الصحيحين عندنا; لعموم ما دلّ على فساده للمسلم والكافر; لقوله تعالى في موارد متعدّدة بإيجاب الحكم عليهم بما أنزل الله(7) .
الثاني : ما اختاره الفضل بن شاذان(8) النيشابوري من قدماء الفضلاء من رجال الهادي والعسكري(عليهما السلام) ، وتابعه ابنا أبي عقيل(9) وبابويه(10) والفاضل في القواعد(11) وغيرهم(12) . بل في الرياض نسبته إلى أكثر من تأخّر(13) . واستحسنه المحقّق في الشرائع(14) بعد أن حكاه عن المفيد(15) أي في النقل الآخر; وهو التوارث

(1) الإعلام بما اتّفقت عليه الإماميّة من الأحكام : 66 ، المطبوع في ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد : 9 .
(2) راجع رسائل الشريف: 1 / 266. والظاهر انّ النسبة غير صحيحة.
(3) الكافي في الفقه : 376 .
(4) السرائر : 3 / 288  .
(5) مختلف الشيعة : 9 / 110  .
(6) الإعلام بما اتّفقت عليه الإماميّة من الأحكام : 66 ، المطبوع في ضمن مؤلفات الشيخ المفيد : 9 .
(7) سورة المائدة : 5 / 42 و 49 ، سورة الكهف : 18 / 29 .
(8) التهذيب : 9 / 364 ، الاستبصار : 4 / 188 .
(9) حكى عنه في مختلف الشيعة : 9 / 106 .
(10) المقنع : 507.
(11) قواعد الاحكام : 2 / 190 .
(12) إيضاح الفوائد : 4 / 275 ، الروضة البهية : 8 / 223 ، مسالك الافهام : 13 / 280 ـ 284 ، كشف الرموز : 2 / 483 .
(13) رياض المسائل : 9 / 213 .
(14) شرائع الإسلام : 4 / 52 .
(15) المقنعة : 699 الهامش (6) .

(الصفحة501)



بالنسب مطلقاً صحيحه وفاسده ، والسبب الصحيح لصحّة النسب الناشئ عن الشبهة شرعاً ، بخلاف السبب فإنّه لا يقال للموطوءة بشبهة : إنّه عقد أو غيره إنّها زوجة وهكذا مثله .
الثالث : ما حكاه صاحب الجواهر عن المفيد فيما حضره من نسخة مقنعته(1)والشيخ أبو جعفر الطوسي(2) ومن تبعهما كسلاّر(3) والقاضي(4) وابن حمزة(5)وغيرهم(6) . بل في محكي التحرير أنّه المشهور(7) ، وعن الإسكافي أنّه مشهور عن عليّ(عليه السلام)(8) من الإرث بالنسب والسبب الصحيحين والفاسدين(9); لما رواه السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ(عليهم السلام)  : أنّه كان يورث المجوسي إذا تزوّج باُمّه وبابنته من وجهين : من وجه أنّها اُمّه ، ووجه أنّها زوجته(10) .
ورواية قرب الإسناد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ(عليهم السلام)  : أنّه كان يورث المجوس إذا أسلموا من وجهين بالنسب ، ولا يورث على النكاح(11); أي فقط .


(1) المقنعة: 699.
(2) النهاية : 683 ، التهذيب : 9 / 364 ب37 ، الاستبصار : 4 / 188 .
(3) المراسم : 225 ـ 226 .
(4) المهذّب : 2 / 170 .
(5) الوسيلة: 403.
(6) مختلف الشيعة : 9 / 105 . التنقيح الرائع : 4 / 221 ـ 223 ، المؤتلف من المختلف : 2 / 50 .
(7) تحرير الأحكام : 2 / 176 .
(8) حكى عنه في مختلف الشيعة : 9 / 106 .
(9) جواهر الكلام : 39 / 322 .
(10) الوسائل : 26 / 317 ، أبواب ميراث المجوس ب1 ح1 .
(11) الوسائل : 26 / 318 ، أبواب ميراث المجوس ب1 ح4 .

(الصفحة502)

مسألة 4 : لو اجتمع موجبان للإرث أو أكثر لأحدهم ، يرث بالجميع مثل اُمّ هي زوجته ، فلها نصيب الزوجة من الربع أو الثمن ونصيب الاُمومة ، ولو ماتت فله نصيب الزوج والابن(1) .

مسألة 5 : لو اجتمع سببان وكان أحدهما مانعاً من الآخر ، ورث من جهة المانع فقط مثل بنت هي اُخت من اُمّ ، فلها نصيب البنت لا الاُخت ، وبنت هي بنت بنت ، فلها نصيب البنت فقط(2) .


1 ـ بناءً على ما ذكرنا في شرح المسألة السابقة من ثبوت التوارث بالنسب والسبب أعمّ من صحيحهما وفاسدهما ، لو اجتمع موجبان للإرث أو أكثر لأحدهم يرث بالجميع مع عدم كون أحدهما مانعاً عن الآخر وقابلا للاجتماع معه مثل من تزوّج مع اُمّه ، فإنّه في صورة موت الزوج ترث الزوجة بالزوجية والاُمومة; لأنّهما سببان غير مانع أحدهما عن الآخر ، وفي صورة موت الزوجة يرث الزوج نصيبه من النصف أو الربع ، وكذا نصيب الابن كالابن في سائر الموارد; لما ذكرنا من أنّهما سببان غير مانع أحدهما عن الآخر فيرث بهما .

2 ـ قد علم ممّا ذكرنا أنّ الإرث بالسببين أو أكثر إنّما هو فيما إذا لم يكن مانع وممنوع ، مثل عدم الوقوع في رتبة واحدة ، فلو كان كذلك فمن الواضح أنّه يرث بالسبب المانع دون الممنوع لانتفاء الموجب معه ، ففي المثالين المذكورين في المتن لو تزوّج بنتاً هي اُخت من اُمّ ، فلها مع موته نصيب البنت مضافاً إلى الزوجية لا الاُخت; لوقوع الإخوة في المرتبة المتأخّرة عن الأولاد كما ذكرنا سابقاً(1) ، وكذا

(1) في ص409 .

(الصفحة503)

مسألة 6 : لو كان لامرأة زوجان أو أكثر وصحّ في مذهبهم فماتت ، فالظاهر أنّ إرث الزوج أي النصف أو الربع يقسّم بينهم بالسّوية كإرث الزوجات منه ، ولو مات أحد الزوجين فلها منه نصيبها من الربع أو الثمن ، ولو ماتا فلها من كلّ منهما نصيبها من الربع أو الثمن(1) .

مسألة 7 : لو تزوّجوا بالسبب الفاسد عندهم والصحيح عندنا ، فلا يبعد جريان حكم الصحيح عليه ، ولكن ألزموا فيما عليهم بما ألزموا به أنفسهم(2) .


لو تزوّج بنتاً هي في الواقع بنت بنت ، فإنّ الثابت هنا نصيب البنت فقط; لما ذكرنا من تقدّم الأولاد على الإخوة رتبةً ، وهكذا في سائر الموارد ، والضابط ما ذكرنا من الإرث بالسبب المانع دون الممنوع ، كما لا يخفى .

1 ـ لو كان لامرأة زوجان أو أكثر ، وفرضت الصحّة في مذهبهم الفاسد ، فإن ماتت الزوجة يقسّم نصيب الزوج من النصف أو الربع بينهما أو بينهم بالسّوية ، مثل ما إذا كان للزوج الواحد في مذهبنا زوجات متعدّدة ، فإنّهن يرثن الربع أو الثمن بالسّوية كما تقدّم(1) . ولو مات الزوج فإن مات أحدهما فلها منه نصيبها من الربع أو الثمن ، كما إذا لم يكن لها إلاّ زوج واحد قد مات ، وأمّا لو مات كلاهما فلها من كلّ منهما نصيبها من الربع أو الثمن على ما يقتضيه التوارث ولو في مذهبهم الفاسد عندنا ، كما لايخفى .

2 ـ لو تزوّجوا بالسبب الفاسد عندهم الصحيح عندنا ، كما لو فرض اعتبار إشهاد عدلين عندهم في صحّة عقد النكاح كأهل التسنّن ، مع عدم اعتباره عندنا في

(1) في ص461 ـ 462 .

(الصفحة504)

مسألة 8  : المسلم لا يرث بالسبب الفاسد ، فلو تزوّج أحد محارمه لم يتوارثا بهذا التزويج وإن فرض كونه عن شبهة ، فلو تزوّج اُمّه من الرضاع أو من الزنا فلا يتوارثان به(1) .


النكاح ، وإن كان معتبراً في الطلاق بمقتضى قوله تعالى : { وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْل مِنْكُمْ}(1) فقد نفى البعد في المتن عن جريان حكم الصحيح عليه لقاعدة الإلزام المعروفة ، التي يتكلّم فيها في البحث عن القواعد الفقهية ، وقد فصّلنا الكلام فيها في كتابنا في القواعد المذكورة(2) . نعم ينبغي التنبيه على أمرين :
أحدهما : أنّه هل القاعدة المذكورة تختصّ بأهل التسنّن من إخواننا المسلمين؟ فيجوز نكاح من طلّقت ثلاثاً في مجلس واحد لصحّتها عندهم وعدم صحّتها عندنا ، أو تعمّ الكفّار أيضاً مجوسياً كان أو غيره؟
وثانيهما : أنّه هل القاعدة تختصّ بما إذا كان صحيحاً في مذهبهم وباطلا عندنا كالمثال المفروض ، أو أنّها تشمل العكس أيضاً وهو ما إذا كان باطلا في مذهبهم وصحيحاً عندنا؟ والتفصيل في الأمرين مذكور في محلّه فراجع .

1 ـ أمّا عدم التوارث بالسبب الفاسد ، فلأجل فرض فساد السبب الموجب لعدم تأثيره أصلا وعدم حصول علقة شرعية بينهما ، فلو تزوّج أحد محارمه لا  يتحقّق التوارث بهذا التزويج ، سواء كان لأجل تخيّل الصحّة ، وفرض كونه عن شبهة أم لا ، وقد تقدّم منّي في كتاب النكاح(3) نقل قصّة في هذا المقام ، وهو أنّي حينما

(1) سورة الطلاق : 65 / 2  .
(2) القواعد الفقهية : 1 / 167 ـ 197  .
(3) تفصيل الشريعة / كتاب النكاح: القول في المصاهرة ومايلحق بها، مسألة 15ـ18.

(الصفحة505)

مسألة 9 : المسلم يرث بالنسب الصحيح وكذا الفاسد لو كان عن شبهة ، فلو اعتقد أنّ اُمّه أجنبيّة فتزوّجها وأولد منها يرث الولد منهما وهما منه ، فيأتي في المسلم مع الشبهة الفروع التي تتصوّر في المجوس ، ولا فرق في الشبهة بين الموضوعيّة والحكميّة(1) .


كنت مقيماً في بلدة يزد بالإقامة الإجبارية ، وكنت أسير في بعض الشوارع ، لقيني ذات يوم رجل ، وكان معي بعض أصدقائي الذي كان يعاونني في أمر ابتياع بعض الأشياء ، والسير معي في الحركة في البلد وأطرافه ، فسألني عن أنّه هل يجوز له نكاح اُخت زوجته بالنكاح المنقطع ، والزوجة في حباله بالنكاح الدائم؟ فقلت له : هذا غير جائز باتّفاق الفقهاء ، وليست المسألة اختلافية ذات قولين أو أقوال حتّى تكون المراجع مختلفة أحياناً ، فذهب ثمّ بعد مدّة سمعت أنّه سأل بعض من ينتحل العلم ممّن صورته حاكية عن كمال اطلاعه وباطنه دليل على كمال جهله عن نفس المسألة عيناً ، فأجابه بالجواز ، وأقدم ذلك الرجل على النكاح المزبور ، ففي أمثال هذه الموارد وإن كان الوطء بالشبهة محقّقاً للواطئ ، ولا يكون الوطء بمحرّم مع عدم احتمال الخلاف ، إلاّ أنّ عدم الحرمة أمر ، والتوارث الذي لابدّ من أن يكون سببه نكاحاً صحيحاً أمر آخر ، ولا تلازم بين الأمرين .
نعم ، الولد الحاصل من هذا الوطء يتحقّق التوارث بينه وبين الواطئ ، كما سيأتي في المسألة الآتية إن شاء الله تعالى .

1 ـ كما أنّ المسلم يرث بالنسب الصحيح ، كذلك يرث بالنسب الفاسد لو لم يكن زنا بل كان عن شبهة ، ففي المثال المذكور في المتن لو اعتقد أنّ اُمّه أجنبيّة فتزوّجها وأولد منها ولداً يرث الولد من كليهما وهما منه ، فالوطء بالشبهة في

(الصفحة506)

مسألة 10 : لو اختلف اجتهاد فقيهين في صحّة تزويج وفساده كتزويج اُمّ المزني بها أو المختلقة من ماء الزاني ، فتزوّج القائل بالصحّة أو مقلّده ليس للقائل بالفساد ترتيب آثار الصحّة عليه ، فلا توارث بينهما عند المبطل(1) .


المثال وإن لا يكون موجباً للتوارث بين الابن والاُمّ من جهة الزوجيّة; لأنّ المفروض أنّها سبب فاسد ، وقد تقدّم في المسألة السابقة عدم التوارث بسببه ، إلاّ أنّه يرث الولد بالنسب وإن كان فاسداً بمعنى عدم تحقّق النكاح الصحيح الشرعي لفرض كون الزوجة اُمّه واقعاً ، وعليه فيأتي في المسلم الفروع التي تتصوّر في المجوس ، بالإضافة إلى الشبهة في خصوص النسب من دون فرق بين أن تكون الشبهة حكمية أو موضوعية .
وأمّا ولد الزنا فقد عرفت(1) أنّ القدر المتيقّن المسلّم من عدم ترتّب أحكام الولدية هو عدم التوارث بينه وبين أبويه ، وإلاّ فجملة من الأحكام يكون موضوعها النسب العرفي ، كعدم جواز تزويج والديه معه وجواز النظر إليه وثبوت المحرميّة كسائر الموارد ، فتدبّر  جيّداً .

1 ـ لو اختلف اجتهاد فقيهين في صحّة تزويج وفساده كتزويج اُمّ المزني بها أو المختلقة من ماء الزاني من دون أن يتحقّق الزنا ، فتزوّج القائل بالصحّة أو مقلّده مع مقلّد القائل بالفساد ، فلا إشكال في أنّه لا سبيل للقائل بالفساد وترتيب آثار الصحّة عليه .
نعم، يجوز للقائل بالصحّة النظر والوطءمع الغفلة أو بدونها، كما أنّه يجوز التصرّف للقائل بالصحّة فيما يرثه منه; لاعتقاده بثبوت إرث الزوجية له

(1) في ص339 ـ 340 .

(الصفحة507)



ولا عكس ، كما لايخفى .
وقد تمّ بحمد الله الكلام في هذا المقام شرح كتاب المواريث من تحرير الوسيلة للإمام الراحل الخميني قدّس سرّه الشريف . وأنا الأقلّ الفاني محمد الفاضل اللنكراني عفا الله تعالى عنه وعن والديه ، المرحومين اللذين كان لهما حقّ عظيم عليّ . ومن العجب أنّ الختام صار مصادفاً لعشر سنوات من وفاة الوالدة العلوية المحترمة ، فالرجاء منه تعالى المغفرة لها والعفو عنها بحقّ أجدادها الطاهرين ، سلام الله عليهم أجمعين . وكان ذلك في اليوم السابع من شهر ربيع الثاني من شهور سنة 1420 القمرية في حال كبر السن تقريباً ، وتهاجم الأمراض الكثيرة المتنوّعة ، وعدم ضياء البصر ، والهموم الاجتماعية من نواحي مختلفة ، التي يهدّد بعضها الثورة الإسلامية ، التي بناها السيّد المحقّق الماتن جزاه الله خير الجزاء ، وحشره مع أجداده المعصومين ، سلام الله عليهم أجمعين ، آمين ربّ العالمين .
<<التالي الفهرس السابق>>