في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة5)

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الصوم

وهو الإمساك عمّا يأتي من المفطرات بقصد القربة، وينقسم إلى الواجب والمندوب والحرام والمكروه بمعنى قلّة الثواب، والواجب منه ثمانية: صوم شهر رمضان، وصوم القضاء، وصوم الكفّارة على كثرتها، وصوم بدل الهدي في الحجّ، وصوم النذر(1) والعهد واليمين، وصوم الإجارة ونحوها كالشروط في ضمن العقد، وصوم الثالث من أيّام الاعتكاف، وصوم الولد الأكبر عن أحد أبويه.
ووجوبه في شهر رمضان من ضروريّات الدين، ومنكره مرتدّ يجب قتله(2)، ومن أفطر فيه لا مستحلاًّ عالماً عامداً يعزّر بخمسة وعشرين(3) سوطاً، فإن عاد


(1) لكن الواجب في النذر وشبهه، وكذا في الإجارة والشرط ليس هو عنوان الصوم، بل الوفاء بهذه العناوين المتحقّق بالصوم.
(2) فوراً إن كان فطرياً، وإذا لم يتب بعد الاستتابة إن كان مليّاً.
(3) هذا التقدير مع كونه مخالفاً لظاهر إطلاق التعزير لم يرد في غير الجماع مع الأهل، والتعدّي منه غير ظاهر.

(الصفحة6)

عزّر ثانياً، فإن عاد قتل على الأقوى، وإن كان الأحوط(1) قتله في الرابعة، وإنّما يقتل في الثالثة أو الرابعة إذا عزّر في كلّ من المرّتين أو الثلاث، وإذا ادّعى شبهة محتملة في حقّه درئ عنه الحدّ.

فصل
في النيّة

يجب في الصوم القصد إليه مع القربة والإخلاص كسائر العبادات(2)، ولا يجب الإخطار، بل يكفي الداعي، ويعتبر فيما عدا شهر رمضان حتّى الواجب المعيّن أيضاً القصد إلى نوعه من الكفّارة أو القضاء أو النذر مطلقاً كان أو مقيّداً بزمان معيّن، من غير فرق بين الصوم الواجب والمندوب، ففي المندوب أيضاً يعتبر تعيين نوعه(3) من كونه صوم أيّام البيض مثلاً أو غيرها من الأيّام المخصوصة، فلا يجزئ القصد إلى الصوم مع القربة من دون تعيين النوع، من غير فرق بين ما إذا كان ما في ذمّته متّحداً أو متعدّداً، ففي صورة الاتحاد أيضاً يعتبر تعيين النوع، ويكفي التعيين الإجمالي; كأن يكون ما في ذمّته واحداً، فيقصد ما في ذمّته وإن لم يعلم أنّه من أيّ نوع وإن كان يمكنه الاستعلام أيضاً، بل فيما إذا كان ما في ذمّته متعدّداً أيضاً يكفي التعيين الإجمالي; كأن ينوي ما اشتغلت ذمّته به أوّلاً أو ثانياً أو نحو ذلك.


(1) في كونه أحوط نظر وإشكال.
(2) التشبيه إنّما هو في أصل اعتبار القصد، وأمّا في كيفيّته فيفترق عنها كما سيأتي.
(3) أي في حصول ذلك النوع، وأمّا في صحّة أصل الصوم فلا، كما أنّه لو كانت الخصوصية بوقوعه في الزمان الخاصّ كأوّل الشهر وأيّام البيض يكفي قصد صوم ذلك الزمان، بل يمكن أن يقال بأولوية هذه الصورة من المندوب المطلق.

(الصفحة7)

وأمّا في شهر رمضان، فيكفي قصد الصوم وإن لم ينو كونه من رمضان، بل لو نوى فيه غيره جاهلاً أو ناسياً له أجزأ عنه. نعم، إذا كان عالماً به وقصد غيره لم يجزئه كما لا يجزئ لما قصده أيضاً، بل إذا قصد غيره عالماً به مع تخيّل صحّة الغير فيه ثمّ علم بعدم الصحّة وجدّد نيّته قبل الزوال لم يجزئه أيضاً(1)، بل الأحوط عدم الإجزاء(2) إذا كان جاهلاً بعدم صحّة غيره فيه، وإن لم يقصد الغير أيضاً بل قصد الصوم في الغد مثلاً، فيعتبر في مثله تعيين كونه من رمضان، كما أنّ الأحوط في المتوخّي ـ أي المحبوس الذي اشتبه عليه شهر رمضان وعمل بالظن ـ أيضاً ذلك، أي اعتبار قصد كونه من رمضان، بل وجوب ذلك لا يخلو عن قوّة(3).
[2360] مسألة 1: لا يشترط التعرّض للأداء والقضاء(4)، ولا الوجوب والندب، ولا سائر الأوصاف الشخصية، بل لو نوى شيئاً منها في محلّ الآخر صح إلاّ إذا كان منافياً للتعيين، مثلاً إذا تعلّق به الأمر الأدائي فتخيّل كونه قضائياً، فإن قصد الأمر الفعلي المتعلّق به واشتبه في التطبيق فقصده قضاءً صح(5)، وأمّا إذا لم يقصد الأمر الفعلي، بل قصد الأمر القضائي بطل; لأنّه مناف للتعيين(6) حينئذ. وكذا يبطل إذا كان مغيّراً للنوع، كما إذا قصد الأمر الفعلي لكن بقيد كونه قضائياً مثلا، أو


(1) على الأحوط.
(2) الإجزاء غير بعيد.
(3) القوّة ممنوعة.
(4) هذا ينافي ما تقدّم من الحكم باعتبار تعيين عنوان القضاء كالكفّارة والنذر، والظاهر أيضاً ذلك، فإنّ القضاء عنوان مأخوذ في متعلّق الأمر لابدّ من تعلّق القصد إليه ولو إجمالاً. نعم، الأدائية غير مفتقرة إلى القصد، وكذا الوجوب والاستحباب ومثلهما من الخصوصيات غير المأخوذة في متعلّق الأمر.
(5) بل مقتضى ما مرّ في الحاشية السابقة البطلان هنا.
(6) بل لعدم قصد امتثال الأمر المتوجّه إليه، وكذا في الفرض الآتي.

(الصفحة8)

بقيد كونه وجوبياً مثلاً فبان كونه أدائياً أو كونه ندبياً، فإنّه حينئذ مغيّر للنوع ويرجع إلى عدم قصد الأمر الخاصّ.
[2361] مسألة 2: إذا قصد صوم اليوم الأوّل من شهر رمضان فبان أنّه اليوم الثاني مثلاً أو العكس صح، وكذا لو قصد اليوم الأوّل من صوم الكفّارة أو غيرها فبان الثاني مثلاً أو العكس، وكذا إذا قصد قضاء رمضان السنة الحالية فبان أنّه قضاء رمضان السنة السابقة وبالعكس.
[2362] مسألة 3: لا يجب العلم بالمفطرات على التفصيل، فلو نوى الإمساك عن اُمور(1) يعلم دخول جميع المفطرات فيها كفى.
[2363] مسألة 4: لو نوى الإمساك عن جميع المفطرات ولكن تخيّل أنّ المفطر الفلاني ليس بمفطر، فإن ارتكبه في ذلك اليوم بطل صومه، وكذا إن لم يرتكبه ولكنّه لاحظ في نيّته الإمساك عمّا عداه(2)، وأمّا إن لم يلاحظ ذلك صح صومه في الأقوى.
[2364] مسألة 5: النائب عن الغير لا يكفيه قصد الصوم بدون نية النيابة وإن كان متحداً. نعم، لو علم باشتغال ذمته بصوم ولا يعلم أنّه له أو نيابة عن الغير يكفيه أن يقصد ما في الذمة.
[2365] مسألة 6: لا يصلح شهر رمضان لصوم غيره واجباً كان ذلك الغير أو ندباً، سواء كان مكلّفاً بصومه أو لا كالمسافر ونحوه، فلو نوى صوم غيره لم يقع


(1) بحيث كان الإمساك عن غير المفطرات من باب المقدّمة، لا على سبيل الاستقلال.
(2) بحيث لو علم بكونه مفطراً لما نوى الإمساك عنه، والبطلان في هذه الصورة وإن كان ظاهراً إلاّ أنّها خارجة عن مفروض المسألة; لأنّه فيما إذا نوى الإمساك عن كلّ ما يتّصف بالمفطرية، وفيه يصحّ الصوم مع عدم الارتكاب وإن لم يعلم بكونه مفطراً، بل اعتقد عدمه ونوى الإمساك عن غيره.

(الصفحة9)

عن ذلك الغير، سواء كان عالماً بأنّه رمضان أو جاهلاً، وسواء كان عالماً بعدم وقوع غيره فيه أو جاهلا، ولا يجزئ عن رمضان أيضاً إذا كان مكلّفاً به مع العلم والعمد. نعم، يجزئ عنه مع الجهل أو النسيان كما مرّ، ولو نوى في شهر رمضان قضاء رمضان الماضي أيضاً لم يصح قضاء، ولم يجزئ عن رمضان أيضاً مع العلم والعمد.
[2366] مسألة 7: إذا نذر صوم يوم بعينه لا تجزئه نية الصوم بدون تعيين أنّه للنذر ولو إجمالاً كما مرّ. ولو نوى غيره، فإن كان مع الغفلة عن النذر صح، وإن كان مع العلم والعمد ففي صحته إشكال(1).
[2367] مسألة 8: لو كان عليه قضاء رمضان السنة التي هو فيها، وقضاء رمضان السنة الماضية لا يجب عليه تعيين أنّه من أيّ منهما، بل يكفيه نية الصوم قضاء، وكذا إذا كان عليه نذران(2) كلّ واحد يوم أو أزيد، وكذا إذا كان عليه كفّارتان غير مختلفتين في الآثار.
[2368] مسألة 9: إذا نذر صوم يوم خميس معيّن، ونذر صوم يوم معيّن من شهر معيّن، فاتفق في ذلك الخميس المعيّن يكفيه صومه ويسقط النذران(3)، فإن قصدهما أُثيب عليهما، وإن قصد أحدهما أُثيب عليه وسقط عنه الآخر(4).
[2369] مسألة 10: إذا نذر صوم يوم معيّن فاتفق ذلك اليوم في أيّام البيض مثلاً، فإن قصد وفاء النذر وصوم أيّام البيض أُثيب عليهما، وإن قصد النذر فقط أُثيب عليه فقط وسقط الآخر، ولا يجوز أن يقصد أيّام البيض دون وفاء النذر.


(1) والأقرب الصحّة.
(2) مندون فرق بين ما إذا كان النذران مطلقين، أو كانا نذري الشكر أو الزجر أو مختلفين، وفي الشكر والنذر بين ما إذا كانا في نوع واحد أو في نوعين، وكذا الحكم في الكفّارتين.
(3) مع قصدهما.
(4) في سقوط الآخر بحيث لم يترتّب عليه الكفّارة إشكال.

(الصفحة10)

[2370] مسألة 11: إذا تعدّد في يوم واحد جهات من الوجوب، أو جهات من الاستحباب، أو من الأمرين، فقصد الجميع أُثيب على الجميع، وإن قصد البعض دون البعض أُثيب على المنويّ وسقط الأمر(1) بالنسبة إلى البقية.
[2371] مسألة 12: آخر وقت النيّة(2) في الواجب المعيّن رمضاناً كان أو غيره عند طلوع الفجر الصادق، ويجوز التقديم في أيّ جزء من أجزاء ليلة اليوم الذي يريد صومه، ومع النسيان أو الجهل بكونه رمضان أو المعيّن الآخر يجوز متى تذكّر إلى ما قبل الزوال إذا لم يأت بمفطر، وأجزأه عن ذلك اليوم، ولا يجزئه إذا تذكّر بعد الزوال، وأمّا في الواجب الغير المعيّن فيمتدّ وقتها اختياراً من أوّل الليل إلى الزوال دونما بعده على الأصح، ولافرق في ذلك بين سبق التردّد أو العزم على العدم، وأمّا في المندوب فيمتدّ إلى أن يبقى من الغروب زمان يمكن تجديدها فيه على الأقوى.
[2372] مسألة 13: لو نوى الصوم ليلاً ثمّ نوى الإفطار ثمّ بدا له الصوم قبل الزوال فنوى وصام قبل أن يأتي بمفطر صحّ على الأقوى، إلاّ أن يفسد صومه برياء ونحوه، فإنّه لا يجزئه لو أراد التجديد قبل الزوال على الأحوط(3).
[2373] مسألة 14: إذا نوى الصوم ليلاً لا يضرّه الإتيان بالمفطر بعده قبل الفجر مع بقاء العزم على الصوم.
[2374] مسألة 15: يجوز(4) في شهر رمضان أن ينوي لكلّ يوم نية على


(1) مرّ ما في بعض فروضه من الإشكال.
(2) بناءً على كون النيّة هو العزم على الصوم والإرادة الارتكازية عليه، ولو ذهل عنه بنوم أو شبهه كما هو الظاهر فلا وقت لها، بل الملاك هو حصوله من أوّل طلوع الفجر عن ذلك العزم وتلك الإرادة، ولا فرق بين أزمنة حدوثها أصلاً.
(3) بل الأقوى.
(4) هذه المسألة مبتنية على كون النيّة بمعنى الإخطار، وقد مرّ خلافه، وعليه فاللاّزم هو حصول النية عند طلوع الفجر من كلّ يوم بقاءاً أو حدوثاً.

(الصفحة11)

حدة، والأولى أن ينوي صوم الشهر جملة ويجدّد النيّة لكلّ يوم، ويقوى الاجتزاء بنية واحدة للشهر كلّه، لكن لا يترك الاحتياط بتجديدها لكلّ يوم. وأمّا في غير شهر رمضان من الصوم المعيّن فلابدّ من نيّته لكلّ يوم إذا كان عليه أيّام، كشهر أو أقل أو أكثر.
[2375] مسألة 16: يوم الشك في أنّه من شعبان أو رمضان يبني على أنّه من شعبان فلا يجب صومه، وإن صام ينويه ندباً أو قضاءً، أو غيرهما، ولو بان بعد ذلك أنّه من رمضان أجزأ عنه، ووجب عليه تجديد النيّة إن بان في أثناء النهار ولو كان بعد الزوال، ولو صامه بنية أنّه من رمضان لم يصح وإن صادف الواقع.
[2376] مسألة 17: صوم يوم الشك يتصوّر على وجوه:
الأوّل: أن يصوم على أنّه من شعبان، وهذا لا إشكال فيه، سواء نواه ندباً أو بنية ما عليه من القضاء أو النذر أو نحو ذلك، ولو انكشف بعد ذلك أنّه كان من رمضان أجزأ عنه وحسب كذلك.
الثاني: أن يصومه بنية أنّه من رمضان، والأقوى بطلانه وإن صادف الواقع.
الثالث: أن يصومه على أنّه إن كان من شعبان كان ندباً أو قضاءً مثلاً، وإن كان من رمضان كان واجباً، والأقوى بطلانه(1) أيضاً.
الرابع: أن يصومه بنية القربة المطلقة بقصد ما في الذمة، وكان في ذهنه أنّه إمّا من رمضان أو غيره; بأن يكون الترديد في المنويّ لا في نيته، فالأقوى صحته، وإن كان الأحوط خلافه.
[2377] مسألة 18: لو أصبح يوم الشك بنية الإفطار ثمّ بان له أنّه من الشهر،


(1) محلّ إشكال، بل لا تبعد الصحّة.

(الصفحة12)

فإن تناول المفطر وجب عليه القضاء، وأمسك بقية النهار وجوباً تأدّباً، وكذا لو لم يتناوله ولكن كان بعد الزوال، وإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر جدّد النيّة وأجزأ عنه.
[2378] مسألة 19: لو صام يوم الشك بنية أنّه من شعبان ندباً أو قضاءً أو نحوهما، ثمّ تناول المفطر نسياناً وتبيّن بعده أنّه من رمضان أجزأ عنه أيضاً، ولا يضرّه تناول المفطر نسياناً كما لو لم يتبيّن، وكما لو تناول المفطر نسياناً بعد التبيّن.
[2379] مسألة 20: لو صام بنيّة شعبان ثمّ أفسد صومه برياء ونحوه لم يجزئه عن رمضان، وإن تبيّن له كونه منه قبل الزوال.
[2380] مسألة 21: إذا صام يوم الشك بنية شعبان ثمّ نوى الإفطار وتبيّن كونه من رمضان قبل الزوال قبل أن يفطر فنوى صح صومه، وأمّا إن نوى الإفطار(1) في يوم من شهر رمضان عصياناً، ثمّ تاب فجدّد النيّة قبل الزوال لم ينعقد صومه، وكذا لو صام يوم الشك بقصد واجب معيّن ثمّ نوى الإفطار عصياناً، ثمّ تاب فجدّد النيّة بعد تبيّن كونه من رمضان قبل الزوال.
[2381] مسألة 22: لو نوى القطع أو القاطع في الصوم الواجب المعيّن بطل صومه(2)، سواء نواهما من حينه أو فيما يأتي، وكذا لو تردّد. نعم، لو كان تردّده من جهة الشك في بطلان صومه وعدمه لعروض عارض لم يبطل، وإن استمرّ ذلك إلى أن يسأل، ولا فرق في البطلان بنية القطع أو القاطع أو التردّد بين أن يرجع إلى نية الصوم قبل الزوال أم لا، وأمّا في غير الواجب المعيّن فيصح لو رجع قبل الزوال.
[2382] مسألة 23: لا يجب معرفة كون الصوم هو ترك المفطرات مع النيّة أو


(1) المراد هي نيّة الإفطار بعد نية الصوم لا النية من ابتداء النهار، وسيأتي تفصيل الحكم في المسألة 22.
(2) البطلان في نية القاطع محلّ إشكال بل منع إلاّ إذا رجع إلى نية القطع ونواه مستقلاًّ.

(الصفحة13)

كفّ النفس عنها معها.
[2383] مسألة 24: لا يجوز العدول من صوم إلى صوم واجبين كانا أو مستحبين أو مختلفين، وتجديد نيّة رمضان إذا صام يوم الشك بنية شعبان ليس من باب العدول، بل من جهة(1) أنّ وقتها موسّع لغير العالم به إلى الزوال.

فصل
في ما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات

وهي أُمور:
الأوّل والثاني: الأكل والشرب، من غير فرق في المأكول والمشروب بين المعتاد كالخبز والماء ونحوهما، وغيره كالتراب والحصى وعصارة الأشجار ونحوها، ولا بين الكثير والقليل كعشر حبّة الحنطة أو عشر قطرة من الماء أو غيرها من المائعات، حتّى أنّه لو بلّ الخيّاط الخيط بريقه أو غيره ثمّ ردّه إلى الفم وابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه، إلاّ إذا استهلك ما كان عليه من الرطوبة بريقه على وجه لا يصدق عليه الرطوبة الخارجية، وكذا لو استاك وأخرج المسواك من فمه وكان عليه رطوبة ثمّ ردّه إلى الفم، فإنّه لو ابتلع ما عليه بطل صومه إلاّ مع الاستهلاك على الوجه المذكور، وكذا يبطل بابتلاع ما يخرج من بقايا الطعام من بين أسنانه.
[2384] مسألة 1: لا يجب التخليل بعد الأكل لمن يريد الصوم وإن احتمل أنّ تركه يؤدّي إلى دخول البقايا بين الأسنان في حلقه، ولا يبطل صومه لو دخل بعد


(1) في التعليل إشكال مع أنّه مناف لما مرّ من عدم الاختصاص بما إذا تبيّن قبل الزوال.

(الصفحة14)

ذلك سهواً. نعم، لو علم أنّ تركه يؤدّي إلى ذلك وجب عليه وبطل صومه على فرض الدخول(1).
[2385] مسألة 2: لا بأس ببلع البصاق وإن كان كثيراً مجتمعاً، بل وإن كان اجتماعه بفعل ما يوجبه كتذكّر الحامض مثلاً، لكن الأحوط الترك في صورة الاجتماع خصوصاً مع تعمّد السبب.
[2386] مسألة 3: لا بأس بابتلاع ما يخرج من الصدر من الخلط، وما ينزل من الرأس ما لم يصل إلى فضاء الفم، بل الأقوى جواز الجرّ من الرأس إلى الحلق، وإن كان الأحوط تركه. وأمّا ما وصل منهما إلى فضاء الفم فلا يترك الاحتياط فيه بترك الابتلاع.
[2387] مسألة 4: المدار صدق الأكل والشرب وإن كان بالنحو الغير المتعارف، فلا يضرّ مجرّد الوصول إلى الجوف إذا لم يصدق(2) الأكل أو الشرب، كما إذا صبّ دواءً، في جرحه أو شيئاً في أُذنه أو إحليله فوصل إلى جوفه. نعم، إذا وصل من طريق أنفه فالظاهر أنّه موجب للبطلان إن كان متعمّداً; لصدق الأكل والشرب حينئذ.
[2388] مسألة 5: لا يبطل الصوم بإنفاذ الرمح أو السكّين أو نحوهما بحيث يصل إلى الجوف وإن كان متعمّداً.
الثالث: الجماع وإن لم ينزل، للذكر والاُنثى، قبلاً أو دبراً، صغيراً كان أو كبيراً حيّاً أو ميّتاً، واطئاً كان أو موطوءاً، وكذا لو كان الموطوء بهيمة، بل وكذا لو كانت


(1) بل مطلقاً.
(2) نعم، في مثل ما تعارف في زماننا من بعض التزريقات ـ القائم مقام الأكل والشرب والمؤثر أثرهما، بل ربّما يكون أشدّ ـ الأحوط، بل الأقوى الترك.

(الصفحة15)

هي الواطئة، ويتحقّق بإدخال الحشفة أو مقدارها(1) من مقطوعها، فلا يبطل بأقل من ذلك، بل لو دخل بجملته ملتوياً ولم يكن بمقدار الحشفة لم يبطل، وإن كان لو انتشر كان بمقدارها.
[2389] مسألة 6: لا فرق في البطلان بالجماع بين صورة قصد الإنزال به وعدمه.
[2390] مسألة 7: لا يبطل الصوم بالإيلاج في غير أحد الفرجين بلا إنزال، إلاّ إذا كان قاصداً له، فإنّه يبطل(2) وإن لم ينزل من حيث إنّه نوى المفطر.
[2391] مسألة 8: لا يضر إدخال الإصبع ونحوه لا بقصد الإنزال(3).
[2392] مسألة 9: لا يبطل الصوم بالجماع إذا كان نائماً، أو كان مكرهاً بحيث خرج عن اختياره، كما لا يضرّ إذا كان سهواً.
[2393] مسألة 10: لو قصد التفخيذ مثلاً فدخل في أحد الفرجين لم يبطل، ولو قصد الإدخال في أحدهما فلم يتحقّق كان مبطلاً(4) من حيث إنّه نوى المفطر.
[2394] مسألة 11: إذا دخل الرجل بالخنثى قبلاً لم يبطل صومه ولا صومها، وكذا لو دخل الخنثى بالأُنثى ولو دبراً، أمّا لو وطىء الخنثى دبراً بطل صومهما، ولو دخل الرجل(5) بالخنثى ودخلت الخنثى بالأُنثى بطل صوم الخنثى


(1) قد مرّ في باب الجنابة أنّ الاكتفاء في مقطوع الحشفة بالمسمّى لا يخلو من قوّة، وأنّ في مقطوع بعض الحشفة لا يبعد أن يكون المدار على غيبوبة تمام المقدار الباقي منها، ومنه يظهر حكم الفرع البعدي.
(2) تقدّم التفصيل في ذلك.
(3) بل مطلقاً مع عدم الإنزال.
(4) تقدّم ما هو الأقوى.
(5) أي قبلاً.

(الصفحة16)

دونهما، ولو وطئت كلّ من الخنثيين الاُخرى لم يبطل صومهما.
[2395] مسألة 12: إذا جامع نسياناً أو من غير اختيار ثمّ تذكّر أو ارتفع الجبر وجب الإخراج فوراً، فإن تراخى بطل صومه.
[2396] مسألة 13: إذا شك في الدخول أو شك في بلوغ(1) مقدار الحشفة لم يبطل صومه.
الرابع: من المفطرات الاستمناء، أي إنزال المني متعمّداً بملامسة أو قبلة أو تفخيذ أو نظر، أو تصوير صورة المواقعة، أو تخيّل صورة امرأة، أو نحو ذلك من الأفعال التي يقصد بها حصوله، فإنّه مبطل للصوم بجميع أفراده، وأمّا لو لم يكن قاصداً للإنزال وسبقه المني من دون إيجاد شيء ممّا يقتضيه لم يكن عليهشيء.
[2397] مسألة 14: إذا علم من نفسه أنّه لو نام في نهار رمضان يحتلم فالأحوط تركه، وإن كان الظاهر جوازه، خصوصاً إذا كان الترك موجباً للحرج.
[2398] مسألة 15: يجوز للمحتلم في النهار الاستبراء بالبول(2) أو الخرطات، وإن علم بخروج بقايا المني في المجرى، ولا يجب عليه التحفّظ بعد الإنزال من خروج المني إن استيقظ قبله، خصوصاً مع الإضرار أو الحرج.
[2399] مسألة 16: إذا احتلم في النهار وأراد الاغتسال فالأحوط(3) تقديم الاستبراء إذا علم أنّه لو تركه خرجت البقايا بعد الغسل، فتحدث جنابة جديدة.
[2400] مسألة 17: لو قصد الإنزال بإتيان شيء ممّا ذكر، ولكن لم ينزل بطل


(1) بناءً على كون المعيار هو بلوغ المقدار، وأمّا بناءً على ما ذكرنا من كفاية المسمّى في هذه الصورة فلا يبقى مجال لهذا الفرض.
(2) أيقبل الاغتسال، وأمّا بعده فمحلّ إشكال.
(3) الأولى.

(الصفحة17)

صومه(1) من باب نيّة إيجاد المفطر.
[2401] مسألة 18: إذا أوجد بعض هذه الأفعال لا بنية الإنزال لكن كان من عادته الإنزال بذلك الفعل بطل صومه أيضاً إذا أنزل، وأمّا إذا أوجد بعض هذه ولم يكن قاصداً للإنزال ولا كان من عادته، فاتفق أنّه أنزل فالأقوى عدم البطلان(2)، وإن كان الأحوط القضاء، خصوصاً في مثل الملاعبة والملامسة والتقبيل.
الخامس: تعمّد الكذب على الله تعالى أو رسوله أو الأئمّة ـ صلوات الله عليهمـ سواء كان متعلّقاً بأُمور الدين أو الدنيا، وسواء كان بنحو الإخبار أو بنحو الفتوى(3)، بالعربي أو بغيره من اللغات، من غير فرق بين أن يكون بالقول أو الكتابة أو الإشارة أو الكناية أو غيرها ممّا يصدق عليه الكذب عليهم، ومن غير فرق بين أن يكون الكذب مجعولاً له، أو جعله غيره وهو أخبر به مسنداً إليه لا على وجه نقل القول، وأمّا لو كان على وجه الحكاية ونقل القول فلا يكون مبطلاً.
[2402] مسألة 19: الأقوى(4) إلحاق باقي الأنبياء والأوصياء بنبيّنا(صلى الله عليه وآله)، فيكون الكذب عليهم أيضاً موجباً للبطلان، بل الأحوط إلحاق فاطمة الزهراء ـ سلام الله عليها ـ بهم أيضاً.
[2403] مسألة 20: إذا تكلّم بالخبر غير موجّه خطابه إلى أحد، أو موجّهاً إلى من لا يفهم معناه فالظاهر عدم البطلان، وإن كان الأحوط القضاء.
[2404] مسألة 21: إذا سأله سائل هل قال النبيّ(صلى الله عليه وآله) كذا فأشار «نعم» في مقام «لا» أم «لا» في مقام «نعم» بطل صومه.


(1) تقدّم ما هو الحقّ.
(2) فيما إذا كان واثقاً بالعدم من جهة العادة أو غيرها، وإلاّ فالبطلان لا يخلو عن قوّة.
(3) إن كانت بنحو الاستناد إلى الله تعالى.
(4) بل الأحوط.

(الصفحة18)

[2405] مسألة 22: إذا أخبر صادقاً عن الله أو عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) مثلاً ثمّ قال: كذبت بطل صومه، وكذا إذا أخبر بالليل كاذباً ثمّ قال في النهار: ما أخبرت به البارحة صدق.
[2406] مسألة 23: إذا أخبر كاذباً ثمّ رجع عنه بلا فصل لم يرتفع عنه الأثر فيكون صومه باطلاً، بل وكذا إذا تاب بعد ذلك فإنّه لا تنفعه توبته في رفع البطلان.
[2407] مسألة 24: لا فرق في البطلان بين أن يكون الخبر المكذوب مكتوباً في كتاب من كتب الأخبار أو لا، فمع العلم بكذبه لا يجوز الإخبار به وإن أسنده إلى ذلك الكتاب، إلاّ أن يكون ذكره له على وجه الحكاية دون الإخبار، بل لا يجوز الإخبار به على سبيل الجزم مع الظن بكذبه(1)، بل وكذا مع احتمال كذبه إلاّ على سبيل النقل والحكاية، فالأحوط لناقل الأخبار في شهر رمضان مع عدم العلم بصدق الخبر أن يسنده إلى الكتاب أو إلى قول الراوي على سبيل الحكاية.
[2408] مسألة 25: الكذب على الفقهاء والمجتهدين والرواة وإن كان حراماً لايوجب بطلان الصوم إلاّ إذا رجع إلى الكذب على الله ورسوله(صلى الله عليه وآله).
[2409] مسألة 26: إذا اضطرّ إلى الكذب على الله ورسوله(صلى الله عليه وآله) في مقام التقية من ظالم لا يبطل صومه به، كما أنّه لا يبطل مع السهو أو الجهل المركّب.
[2410] مسألة 27: إذا قصد الكذب فبان صدقاً دخل في عنوان قصد المفطر بشرط العلم بكونه مفطراً.
[2411] مسألة 28: إذا قصد الصدق فبان كذباً لم يضر كما أُشير إليه.
[2412] مسألة 29: إذا أخبر بالكذب هزلاً بأن لم يقصد المعنى أصلاً لم يبطل صومه.


(1) مع عدم اعتبار الظن شرعاً لا يتحقّق تعمّد الكذب، فلايكون مفطراً، وأولىمنه احتماله.

(الصفحة19)

السادس: إيصال الغبار الغليظ إلى حلقه، بل وغير الغليظ على الأحوط(1)، سواء كان من الحلال كغبار الدقيق، أو الحرام كغبار التراب ونحوه، وسواء كان بإثارته بنفسه بكنس أو نحوه أو بإثارة غيره، بل أو بإثارة الهواء مع التمكين منه وعدم تحفّظه، والأقوى إلحاق(2) البخار الغليظ ودخان التنباك ونحوه، ولا بأس بما يدخل في الحلق غفلة أو نسياناً أو قهراً، أو مع ترك التحفّظ بظن عدم الوصول(3)
ونحو ذلك.
السابع: الارتماس في الماء(4)، ويكفي فيه رمس الرأس فيه، وإن كان سائر البدن خارجاً عنه، من غير فرق بين أن يكون رمسه دفعة أو تدريجاً على وجه يكون تمامه تحت الماء زماناً. وأمّا لو غمسه على التعاقب لا على هذا الوجه فلا بأس به وإن استغرقه. والمراد بالرأس ما فوق الرقبة بتمامه، فلا يكفي غمس خصوص المنافذ في البطلان، وإن كان هو الأحوط، وخروج الشعر لا ينافي صدق الغمس.
[2413] مسألة 30: لا بأس برمس الرأس أو تمام البدن في غير الماء من سائر المائعات، بل ولا رمسه في الماء المضاف(5)، وإن كان الأحوط الاجتناب، خصوصاً في الماء المضاف.


(1) وإن كان الأظهر عدم كونه مفطراً.
(2) محلّ تأمّل، وإن كان أحوط في الموردين، لكنّ الأحوط في المعتادين بدخان التنباك ونحوه أن لا يتركوا الصوم لأجله، بل يصوموا ويقتصروا على مقدار الضرورة من التدخين.
(3) بل بالاطمئنان به.
(4) على الأحوط.
(5) لا يترك فيه، خصوصاً في مثل الجلاّب، سيّما مع زوال رائحته.

(الصفحة20)

[2414] مسألة 31: لو لطخ رأسه بما يمنع من وصول الماء إليه ثمّ رمسه في الماء، فالأحوط بل الأقوى(1) بطلان صومه. نعم، لو أدخل رأسه في إناء كالشيشة ونحوها ورمس الإناء في الماء فالظاهر عدم البطلان.
[2415] مسألة 32: لو ارتمس في الماء بتمام بدنه إلى منافذ رأسه وكان ما فوق المنافذ من رأسه خارجاً عن الماء كلاًّ أو بعضاً لم يبطل صومه على الأقوى، وإن كان الأحوط البطلان برمس خصوص المنافذ كما مرّ.
[2416] مسألة 33: لا بأس بإفاضة الماء على رأسه وإن اشتمل على جميعه ما لم يصدق الرمس في الماء. نعم، لو أدخل رأسه أو تمام بدنه في النهر المنصبّ من عال إلى السافل ـ ولو على وجه التسنيم ـ فالظاهر البطلان لصدق الرمس، وكذا في الميزاب إذا كان كبيراً وكان الماء كثيراً كالنهر مثلاً.
[2417] مسألة 34: في ذي الرأسين إذا تميّز الأصلي منهما فالمدار عليه، ومع عدم التميّز يجب عليه الاجتناب عن رمس كلّ منهما، لكن لا يحكم ببطلان الصوم إلاّ برمسهما(2) ولو متعاقباً.
[2418] مسألة 35: إذا كان مائعان يعلم بكون أحدهما ماء يجب الاجتناب عنهما، ولكن الحكم بالبطلان يتوقّف على الرمس فيهما.
[2419] مسألة 36: لا يبطل الصوم بالارتماس سهواً أو قهراً أو السقوط في الماء من غير اختيار.
[2420] مسألة 37: إذا ألقى نفسه من شاهق في الماء بتخيّل عدم الرمس


(1) الأقوائية ممنوعة.
(2) مع العلم بزيادة أحدهما، وأمّا مع عدمها وكون كلّ منهما أصلياً ينتفع به عين ما ينتفع بالآخر، فالظاهر البطلان برمس واحد منهما فقط.
<<التالي الفهرس السابق>>