في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة321)

«نعم ، المتعة له والحجّ عن أبيه» .
[3209] مسألة 2 : المشهور أنّه لايجوز الخروج من مكّة بعد الإحلال من عمرة التمتّع قبل أن يأتي بالحجّ ، وأنّه إذا أراد ذلك عليه أن يحرم بالحجّ فيخرج محرماً به ، وإن خرج محلاّ ورجع بعد شهر فعليه أن يحرم بالعمرة ، وذلك لجملة من الأخبار الناهية للخروج ، والدالّة على أنّه مرتهن ومحتبس بالحجّ ، والدالّة على أنّه لو أراد الخروج خرج ملبّياً بالحجّ ، والدالّة على أنّه لو خرج محلاّ، فإن رجع في شهره دخل محلاّ ، وإن رجع في غير شهره دخل محرماً ، والأقوى عدم حرمة  الخروج وجوازه محلاّ ، حملاً للأخبار على الكراهة ـ كما عن ابن إدريس وجماعة اُخرى ـ بقرينة التعبير بـ «لا اُحبّ» في بعض تلك الأخبار ، وقوله (عليه السلام)في مرسلة الصدوق : «إذا أراد المتمتّع الخروج من مكّة إلى بعض المواضع فليس له ذلك ; لأنّه مرتبط بالحجّ حتّى يقضيه ، إلاّ أن يعلم أنّه لايفوته الحجّ . ونحوه الرضوي ، بل وقوله (عليه السلام)في مرسل أبان : «ولايجاوز إلاّ على قدر ما لا تفوته عرفة» ; إذ هو وإن كان بعد قوله : «فيخرج محرماً» إلاّ أنّه يمكن أن يستفاد منه أنّ المدار فوت الحجّ وعدمه ، بل يمكن أن يقال : إنّ المنساق من جميع الأخبار المانعة أنّ ذلك للتحفّظ عن عدم إدراك الحجّ وفوته ; لكون الخروج في معرض ذلك . وعلى هذا فيمكن دعوى عدم الكراهة أيضاً مع علمه بعدم فوات الحجّ منه . نعم ، لايجوز الخروج لا بنيّة العود، أو مع العلم بفوات الحجّ منه إذا خرج .
ثمّ الظاهر أنّ الأمر بالإحرام إذا كان رجوعه بعد شهر إنّما هو من جهة أنّ لكلّ شهر عمرة لا أن يكون ذلك تعبّداً ، أو لفساد عمرته السابقة ، أو لأجل وجوب الإحرام على من دخل مكّة ، بل هو صريح  خبر إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام)عن المتمتّع يجيء فيقضي متعته ثمّ تبدو له حاجة فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض المنازل ، قال (عليه السلام) : «يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير

(الصفحة322)

الشهر الذي تمتّع فيه ; لأنّ لكلّ شهر عمرة ، وهو مرتهن بالحجّ» الخ .
وحينئذ فيكون الحكم بالإحرام إذا رجع بعد شهر علىوجه الاستحباب لا الوجوب ; لأنّ العمرة التي هي وظيفة كلّ شهر ليست واجبة ، لكن في جملة من الأخبار كون المدار على الدخول في شهر الخروج أو بعده ، كصحيحتي حمّاد وحفص بن البختري ومرسلة الصدوق والرضوي ، وظاهرها الوجوب ، إلاّ أن تحمل على الغالب ; من كون الخروج بعد العمرة بلا فصل ، لكنّه بعيد ، فلايترك الاحتياط بالإحرام إذا كان الدخول في غير شهر الخروج ، بل القدر المتيقّن من جواز الدخول محلاّ صورة كونه قبل مضيّ شهر من حين الإهلال ; أي الشروع في إحرام العمرة والإحلال منها ، ومن حين الخروج ; إذ الاحتمالات في الشهر ثلاثة: ثلاثون يوماً من حين الإهلال ، وثلاثون من حين الإحلال بمقتضى خبر إسحاق ابن عمّار ، وثلاثون من حين الخروج بمقتضى هذه الأخبار ، بل من حيث احتمال كون المراد من الشهر ـ في الأخبار هنا، والأخبار الدالّة على أنّ لكلّ شهر عمرة ـ الأشهر الإثني عشر المعروفة ، لابمعنى ثلاثين يوماً ، ولازم ذلك أنّه إذا كانت عمرته في آخر شهر من هذه الشهور، فخرج ودخل في شهر آخر أن يكون عليه عمرة، والأولى مراعاة الاحتياط من هذه الجهة أيضاً .
وظهر ممّا ذكرنا أنّ الاحتمالات ستّة : كون المدار على الإهلال ، أو الإحلال ، أو الخروج ، وعلى التقادير ، فالشهر إمّا بمعنى ثلاثين يوماً، أو أحد الأشهر المعروفة ، وعلى أيّ حال إذا ترك الإحرام مع الدخول في شهر آخر ـ ولو قلنا بحرمته ـ لايكون موجباً لبطلان عمرته السابقة ، فيصحّ حجّه بعدها . ثمّ إن عدم جواز الخروج على القول به إنّما هو في غير حال الضرورة ، بل مطلق الحاجة ، وأمّا مع الضرورة أو الحاجة مع كون الإحرام بالحجّ غير ممكن أو حرجاً عليه فلا إشكال فيه ، وأيضاً الظاهر اختصاص المنع على القول به بالخروج إلى المواضع البعيدة ، فلا

(الصفحة323)

بأس بالخروج إلى فرسخ أو فرسخين ، بل يمكن أن يقال باختصاصه بالخروج إلى خارج الحرم ، وإن كان الأحوط خلافه .
ثمّ الظاهر أنّه لا فرق في المسألة بين الحجّ الواجب والمستحبّ ، فلو نوى التمتّع مستحبّاً ثمّ أتى بعمرته يكون مرتهناً بالحجّ ، ويكون حاله في الخروج محرماً أو محلاّ والدخول كذلك ، كالحجّ الواجب .
ثمّ إن سقوط وجوب الإحرام عمّن خرج محلاّ ودخل قبل شهر مختصّ بما إذا أتى بعمرة بقصد التمتّع ، وأمّا من لم يكن سبق منه عمرة فيلحقه حكم من دخل مكّة في حرمة دخوله بغير الإحرام ، إلاّ مثل الحطّاب والحشّاش ونحوهما ، وأيضاً سقوطه إذا كان بعد العمرة قبل شهر إنّما هو على وجه الرخصة ، بناءً على ما هو الأقوى من عدم اشتراط فصل شهر بين العمرتين ، فيجوز الدخول بإحرام قبل الشهر أيضاً ، ثمّ إذا دخل بإحرام فهل عمرة التمتّع هي العمرة الاُولى أو الأخيرة ؟ مقتضى حسنة حمّاد أنّها الأخيرة المتّصلة بالحجّ ، وعليه لايجب فيها طواف النساء ، وهل يجب حينئذ في الاُولى أو لا ؟ وجهان ; أقواهما نعم ، والأحوط الإتيان بطواف مردّد بين كونه للاُولى أو الثانية ، ثمّ الظاهر أنّه لا إشكال  في جواز الخروج في أثناء عمرة التمتّع قبل الإحلال منها .
[3210] مسألة 3 : لايجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلى غيره من القسمين الأخيرين اختياراً . نعم ، إن ضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ جاز له نقل النيّة إلى الإفراد ، وأن يأتي بالعمرة بعد الحجّ بلا خلاف ولا إشكال ، وإنّما الكلام في حدّ الضيق المسوّغ لذلك ، واختلفوا فيه على أقوال :
أحدها : خوف فوات الاختياري من وقوف عرفة .
الثاني : فوات الركن من الوقوف الاختياري ; وهو المسمّى منه .
الثالث : فوات الاضطراري منه .


(الصفحة324)

الرابع : زوال يوم التروية .
الخامس : غروبه .
السادس : زوال يوم عرفة .
السابع : التخيير بعد زوال يوم التروية بين العدول والإتمام إذا لم يخف الفوت ، والمنشأ اختلاف الأخبار، فإنّها مختلفة أشدّ الاختلاف ، والأقوى أحد القولين الأوّلين ; لجملة مستفيضة من تلك الأخبار ، فإنّها يستفاد منها على اختلاف ألسنتها أنّ المناط في الإتمام عدم خوف فوت الوقوف بعرفة . منها : قوله (عليه السلام) في رواية يعقوب بن شعيب الميثمي : «لا بأس للمتمتّع إن لم يحرم من ليلة التروية متى ما تيسّر له ، ما لم يخف فوات الموقفين» . وفي نسخة : «لا بأس للمتمتّع أن يحرم ليلة عرفة . . .» الخ .
وأمّا الأخبار المحدّدة بزوال يوم التروية أو بغروبه أو بليلة عرفة أو سحرها فمحمولة على صورة عدم إمكان الإدراك إلاّ قبل هذه الأوقات ، فإنّه مختلف باختلاف الأوقات والأحوال والأشخاص ، ويمكن حملها على التقيّة إذا لم يخرجوا مع الناس يوم التروية ، ويمكن كون الاختلاف لأجل التقيّة كما في أخبار الأوقات للصلوات ، وربما تحمل على تفاوت مراتب أفراد المتعة في الفضل بعد التخصيص بالحجّ المندوب ، فإنّ أفضل أنواع التمتّع أن تكون عمرته قبل ذي الحجّة ، ثمّ ما تكون عمرته قبل يوم التروية ، ثمّ ما يكون قبل يوم عرفة ، مع أنّا لو أغمضنا عن الأخبار من جهة شدّة اختلافها وتعارضها نقول : مقتضى القاعدة هو ما ذكرنا ; لأنّ المفروض أنّ الواجب عليه هو التمتّع ، فما دام ممكناً لايجوز العدول عنه ، والقدر المسلّم من جواز العدول صورة عدم إمكان إدراك الحجّ ، واللازم إدراك الاختياري من الوقوف ، فإنّ كفاية الاضطراري منه خلاف الأصل .


(الصفحة325)

يبقى الكلام في ترجيح أحد القولين الأوّلين ، ولايبعد رجحان أوّلهما ، بناءً على كون الواجب استيعاب تمام ما بين الزوال والغروب بالوقوف ، وإن كان الركن هو المسمّى  ، ولكن مع ذلك لايخلو عن إشكال ، فإنّ من جملة الأخبار مرفوع سهل، عن أبي عبدالله (عليه السلام): في متمتّع دخل يوم عرفة ، قال : «متعته تامّة إلى أن يقطع التلبية» ، حيث إنّ قطع التلبية بزوال يوم عرفة ، وصحيحة جميل : «المتمتّع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة ، وله الحجّ إلى زوال الشمس من يوم النحر» . ومقتضاهما كفاية إدراك مسمّى الوقوف الاختياري ، فإنّ من البعيد إتمام العمرة قبل الزوال من عرفة وإدراك الناس في أوّل الزوال بعرفات ، وأيضاً يصدق إدراك الموقف إذا أدركهم قبل الغروب إلاّ أن يمنع الصدق، فإنّ المنساق منه إدراك تمام الواجب ، ويجاب عن المرفوعة والصحيحة بالشذوذ  كما ادّعي .
وقد يؤيّد القول الثالث ـ وهو كفاية إدراك الاضطراري من عرفة ـ بالأخبار الدالّة على أنّ من يأتي بعد إفاضة الناس من عرفات وأدركها ليلة النحر تمّ حجّه ، وفيه : أنّ موردها غير مانحن فيه ; وهو عدم الإدراك من حيث هو ، وفيما نحن فيه يمكن الإدراك ، والمانع كونه في أثناء العمرة فلايقاس بها . نعم ، لو أتمّ عمرته في سعة الوقت ثمّ اتّفق أنّه لم يدرك الاختياري من الوقوف كفاه الاضطراري ، ودخل في مورد تلك الأخبار ، بل لايبعد دخول من اعتقد سعة الوقت فأتمّ عمرته ثمّ بان كون الوقت مضيّقاً في تلك الأخبار .
ثمّ إنّ الظاهر عموم حكم المقام بالنسبة إلى الحجّ المندوب وشمول الأخبار له ، فلو نوى التمتّع ندباً وضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ جاز له العدول إلى الإفراد ، وفي وجوب العمرة بعده إشكال ، والأقوى عدم وجوبها . ولو علم من وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ قبل أن يدخل في العمرة هل يجوز له العدول من الأوّل إلى الإفراد؟ فيه إشكال، وإن كان غير بعيد . ولو

(الصفحة326)

دخل في العمرة بنيّة التمتّع في سعة الوقت وأخّر الطواف والسعي متعمّداً إلى ضيق الوقت ففي جواز العدول وكفايته إشكال ، والأحوط العدول وعدم الاكتفاء إذا كان الحجّ واجباً عليه .
[3211] مسألة 4 : اختلفوا في الحائض والنفساء إذا ضاق وقتهما عن الطهر وإتمام العمرة وإدراك الحجّ على أقوال :
أحدها : أنّ عليهما العدول إلى الإفراد والإتمام ، ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحجّ ; لجملة من الأخبار .
الثاني : ما عن جماعة من أنّ عليهما ترك الطواف والإتيان بالسعي ، ثمّ الإحلال وإدراك الحجّ وقضاء طواف العمرة بعده ، فيكون عليهما الطواف ثلاث مرّات : مرّة لقضاء طواف العمرة، ومرّة للحجّ ، ومرّة للنساء ، ويدلّ على ما ذكروه أيضاً جملة من الأخبار .
الثالث : ماعن الإسكافي وبعض متأخّري المتأخّرين من التخيير بين الأمرين ; للجمع بين الطائفتين بذلك .
الرابع : التفصيل بين ما إذا كانت حائضاً قبل الإحرام فتعدل ، أو كانت طاهراً حال الشروع فيه ثمّ طرأ الحيض في الأثناء فتترك الطواف وتتمّ العمرة وتقضي بعد الحجّ ، اختاره بعض، بدعوى أنّه مقتضى الجمع بين الطائفتين ; بشهادة خبر أبي بصير : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : في المرأة المتمتّعة إذا أحرمت وهي طاهر ثمّ حاضت قبل أن تقضي متعتها : «سعت ولم تطف حتّى تطهر ثمّ تقضي طوافها وقد قضت عمرتها ، وإن هي أحرمت وهي حائض لم تسع ولم تطف حتّى تطهر» . وفي الرضوي (عليه السلام) : «إذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم ـ إلى قوله (عليه السلام) ـ : وإن طهرت بعد الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها ، فتجعلها حجّة مفردة ، وإن حاضت بعد ما

(الصفحة327)

أحرمت سعت بين الصفا والمروة وفرغت من المناسك كلّها إلاّ الطواف بالبيت ، فإذا طهرت قضت الطواف بالبيت وهي متمتّعة بالعمرة إلى الحجّ ، وعليها طواف الحجّ وطواف العمرة وطواف النساء» .
وقيل في توجيه الفرق بين الصورتين : إنّ في الصورة الاُولى لم تدرك شيئاً من أفعال العمرة طاهراً فعليها العدول إلى الإفراد ، بخلاف الصورة الثانية، فإنّها أدركت بعض أفعالها طاهراً، فتبني عليها وتقضي الطواف بعد الحجّ ، وعن المجلسي في وجه الفرق ما محصّله : أنّ في الصورة الاُولى لا تقدر على نيّة العمرة ; لأنّها تعلم أنّها لا تطهر للطواف وإدراك الحجّ ، بخلاف الصورة الثانية ، فإنّها حيث كانت طاهرة وقعت منها النيّة والدخول فيها .
الخامس : ما نقل عن بعض من أنّها تستنيب للطواف ثمّ تتمّ العمرة وتأتي بالحجّ ، لكن لم يعرف قائله ، والأقوى من هذه الأقوال هو القول الأوّل ; للفرقة الاُولى من الأخبار التي هي أرجح من الفرقة الثانية; لشهرة العمل بها دونها . وأمّا القول الثالث ـ وهو التخيير ـ فإن كان المراد منه الواقعي بدعوى كونه مقتضى الجمع بين الطائفتين ، ففيه : أنّهما يعدّان من المتعارضين ، والعرف لايفهم التخيير منهما ، والجمع الدلالي فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك ، وإن كان المراد التخيير الظاهري العملي ، فهو فرع مكافئة الفرقتين ، والمفروض أنّ الفرقة الاُولى أرجح من حيث شهرة العمل بها ، وأمّا التفصيل المذكور فموهون بعدم العمل ، مع أنّ بعض أخبار القول الأوّل ظاهر في صورة كون الحيض بعد الدخول في الإحرام .
نعم ، لو فرض كونها حائضاً حال الإحرام وعلمت بأنّها لا تطهر لإدراك الحجّ يمكن أن يقال : يتعيّن عليها العدول إلى الإفراد من الأوّل ; لعدم فائدة في

(الصفحة328)

الدخول في العمرة ثمّ العدول إلى الحجّ ، وأمّا القول الخامس فلا وجه له ولا له قائل معلوم .
[3212] مسألة 5 : إذا حدث الحيض وهي في أثناء طواف عمرة التمتّع ، فإن كان قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافها على الأقوى ، وحينئذ فإن كان الوقت موسّعاً أتمّت عمرتها بعد الطهر ، وإلاّ فلتعدل إلى حجّ الإفراد وتأتي بعمرة مفردة بعده ، وإن كان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع الطواف وبعد الطهر تأتي بالثلاثة الاُخرىوتسعى وتقصّر مع سعة الوقت ، ومع ضيقه تأتي بالسعي وتقصّر ، ثمّ تحرم للحجّ وتأتي بأفعاله ، ثمّ تقضي بقيّة طوافها قبل طواف الحجّ أو بعده ، ثمّ تأتي ببقيّة أعمال الحجّ ، وحجّها صحيح تمتّعاً ، وكذا الحال إذا حدث الحيض بعد الطواف وقبل صلاته .

فصل
في المواقيت

وهي المواضع المعيّنة للإحرام ، أُطلقت عليها مجازاً أو حقيقة متشرّعيّة ، والمذكور منها في جملة من الأخبار خمسة ، وفي بعضها ستّة ، ولكن المستفاد من مجموع الأخبار أنّ المواضع التي يجوز الإحرام منها عشرة :
أحدها : ذوالحليفة ، وهي ميقات أهل المدينة ومن يمرّ على طريقهم ، وهل هو مكان فيه مسجد الشجرة أو نفس المسجد؟ قولان ، وفي جملة من الأخبار أنّه هو الشجرة ، وفي بعضها أنّه مسجد الشجرة ، وعلى أيّ حال فالأحوط  الاقتصارعلى المسجد، إذ مع كونه هو المسجد فواضح ، ومع كونه مكاناً فيه المسجد فاللازم حمل المطلق على المقيّد ، لكن مع ذلك الأقوى جواز الإحرام من

(الصفحة329)

خارج المسجد ولو اختياراً ، وإن قلنا : إنّ ذا الحليفة هو المسجد ، وذلك لأنّ مع الإحرام من جوانب المسجد يصدق الإحرام منه عرفاً ، إذ فرق بين الأمر بالإحرام من المسجد أو بالإحرام فيه ، هذا مع إمكان دعوى أنّ المسجد حدّ للإحرام فيشمل جانبيه مع محاذاته ، وإن شئت فقل: المحاذاة كافية ولو مع القرب من الميقات .
[3213] مسألة 1 : الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة وهي ميقات أهل الشام اختياراً . نعم ، يجوز مع الضرورة ; لمرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع ، لكن خصّها بعضهم بخصوص المرض والضعف لوجودهما في الأخبار ، فلايلحق بهما غيرهما من الضرورات ، والظاهر إرادة المثال ، فالأقوى جوازه مع مطلق الضرورة .
[3214] مسألة 2 : يجوز لأهل المدينة ومن أتاها العدول إلى ميقات آخر كالجحفة أو العقيق ، فعدم جواز التأخير إلى الجحفة إنّما هو إذا مشى من طريق ذي الحليفة ، بل الظاهر أنّه لو أتى إلى ذي الحليفة ثمّ أراد الرجوع منه والمشي من طريق آخر جاز ، بل يجوز  أن يعدل عنه من غير رجوع ، فإنّ الذي لايجوز هو التجاوز عن الميقات محلاّ ، وإذا عدل إلى طريق آخر لايكون مجاوزاً وإن كان ذلك وهو في ذي الحليفة ، وما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد من المنع عن العدول إذا أتى المدينة  ـ مع ضعفه ـ منزّل على الكراهة .
[3215] مسألة 3 : الحائض تحرم خارج المسجد على المختار ، ويدلّ عليه  ـ مضافاً إلى ما مرّ ـ مرسلة يونس  في كيفيّة إحرامها «ولا تدخل المسجد وتهلّ بالحجّ بغير صلاة» وأمّا على القول بالاختصاص بالمسجد فمع عدم إمكان صبرها إلى أن تطهر تدخل المسجد وتحرم في حال الاجتياز إن أمكن ، وإن لم يمكن

(الصفحة330)

لزحم أو غيره أحرمت خارج المسجد ، وجدّدت في الجحفة أو محاذاتها .
[3216] مسألة 4 : إذا كان جنباً ولم يكن عنده ماء جاز له أن يحرم خارج المسجد ، والأحوط أن يتيمّم للدخول والإحرام ، ويتعيّن  ذلك على القول بتعيين المسجد ، وكذا الحائض إذا لم يكن لها ماء بعد نقائها .
الثاني : العقيق ، وهو ميقات أهل نجد والعراق ومن يمرّ عليه من غيرهم . وأوّله المسلخ ، وأوسطه غمرة ، وآخره ذات عرق . والمشهور جواز الإحرام من جميع مواضعه اختياراً ، وأنّ الأفضل الإحرام من المسلخ ثمّ من غمرة ، والأحوط عدم التأخير إلى ذات عرق إلاّ لمرض أو تقيّة ، فإنّه ميقات العامّة ، لكنّ الأقوى ما هو المشهور ، ويجوز  في حال التقيّة الإحرام من أوّله قبل ذات عرق سرّاً، من غير نزع ما عليه من الثياب إلى ذات عرق ، ثمّ إظهاره ولبس ثوبي الإحرام هناك ، بل هو الأحوط، وإن أمكن تجرّده ولبس الثوبين سرّاً ثمّ نزعهما ولبس ثيابه إلى ذات عرق ثمّ التجرّد ولبس الثوبين فهو أولى .
الثالث : الجحفة ، وهي لأهل الشام ومصر ومغرب ومن يمرّ عليها من غيرهم إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها .
الرابع : يلملم ، وهو لأهل اليمن .
الخامس : قرن المنازل ، وهو لأهل الطائف .
السادس : مكّة ، وهي لحجّ التمتّع .
السابع : دويرة الأهل ـ أي المنزل ـ وهي لمن كان منزله دون الميقات إلى مكّة ، بل لأهل مكّة أيضاً على المشهور الأقوى، وإن استشكل فيه بعضهم ، فإنّهم يحرمون لحجّ القران والإفراد من مكّة ، بل وكذا المجاور الذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكّة ، وإن كان الأحوط إحرامه من الجعرانة ; وهي أحد مواضع أدنى الحلّ ، للصحيحين الواردين فيه ، المقتضي إطلاقهما عدم الفرق بين من انتقل فرضه أو لم

(الصفحة331)

ينتقل ، وإن كان القدر المتيقّن الثاني ، فلايشمل ما نحن فيه ، لكن الأحوط ما ذكرنا عملاً بإطلاقهما ، والظاهر أنّ الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة ، وإلاّ فيجوز لهم الإحرام من أحد المواقيت ، بل لعلّه أفضل ; لبعد المسافة وطول زمان الإحرام .
الثامن : فخّ ، وهو ميقات الصبيان في غير حجّ التمتّع عند جماعة ; بمعنى جواز تأخير إحرامهم إلى هذا المكان لا أنّه يتعيّن ذلك ، ولكن الأحوط ما عن آخرين من وجوب كون إحرامهم من الميقات ، لكن لايجرّدون إلاّ في فخّ ، ثمّ إنّ جواز التأخير على القول الأوّل إنّما هو إذا مرّوا على طريق المدينة ، وأمّا إذا سلكوا طريقاً لايصل إلى فخّ فاللازم إحرامهم من ميقات البالغين .
التاسع : محاذاة أحد المواقيت الخمسة ، وهي ميقات من لم يمرّ على أحدها ، والدليل عليه صحيحتا ابن سنان ، ولايضرّ اختصاصهما بمحاذاة مسجد الشجرة بعد فهم المثاليّة منهما وعدم القول بالفصل ، ومقتضاهما محاذاة أبعد الميقاتين إلى مكّة إذا كان في طريق يحاذي اثنين ، فلا وجه للقول بكفاية أقربهما إلى مكّة . وتتحقّق المحاذاة بأن يصل ـ في طريقه إلى مكّة ـ إلى موضع يكون بينه وبين مكّة باب ; وهي بين ذلك الميقات ومكّة بالخطّ المستقيم ، وبوجه آخر أن يكون الخطّ من موقفه إلى الميقات أقصر الخطوط في ذلك الطريق .
ثمّ إنّ المدار على صدق المحاذاة عرفاً ، فلايكفي إذا كان بعيداً عنه، فيعتبر فيها المسامتة كما لايخفى ، واللازم حصول العلم بالمحاذاة إن أمكن ، وإلاّ فالظنّ الحاصل من قول أهل الخبرة ، ومع عدمه أيضاً فاللازم الذهاب إلى الميقات أو الإحرام من أوّل موضع احتماله واستمرار النيّة والتلبية إلى آخر مواضعه ، ولايضرّ احتمال كون الإحرام قبل الميقات حينئذ ، مع أنّه لايجوز; لأنّه لا بأس به إذا كان بعنوان الاحتياط ، ولايجوز إجراء أصالة عدم الوصول إلى المحاذاة ، أو أصالة عدم وجوب

(الصفحة332)

الإحرام ; لأنّهما لايثبتان كون ما بعد ذلك محاذاة ، والمفروض لزوم كون إنشاء الإحرام من المحاذاة ، ويجوز لمثل هذا الشخص أن ينذر الإحرام قبل الميقات، فيحرم في أوّل موضع الاحتمال أو قبله على ما سيأتي من جواز ذلك مع النذر ، والأحوط في صورة الظنّ أيضاً عدم الاكتفاء به وإعمال أحد هذه الاُمور ، وإن كان الأقوى الاكتفاء ، بل الأحوط عدم الاكتفاء بالمحاذاة مع إمكان الذهاب إلى الميقات ، لكن الأقوى ما ذكرنا من جوازه مطلقاً .
ثمّ إن أحرم في موضع الظنّ  بالمحاذاة ولم يتبيّن الخلاف فلا إشكال ، وإن تبيّن بعد ذلك كونه قبل المحاذاة ولم يتجاوزه أعاد الإحرام . وإن تبيّن كونه قبله وقد تجاوز أو تبيّن كونه بعده ، فإن أمكن العود والتجديد تعيّن ، وإلاّ فيكفي  في الصورة الثانية ويجدّد في الاُولى في مكانه ، والأولى التجديد مطلقاً ، ولا فرق في جواز الإحرام في المحاذاة بين البرّ والبحر .
ثمّ إنّ الظاهر أنّه لايتصوّر طريق لايمرّ على ميقات ولايكون محاذياً لواحد منها ; إذ المواقيت محيطة بالحرم من الجوانب ، فلابدّ من محاذاة واحد منها ، ولو فرض إمكان ذلك فاللازم الإحرام من أدنى الحلّ . وعن بعضهم أنّه يحرم من موضع يكون بينه وبين مكّة بقدر ما بينها وبين أقرب المواقيت إليها وهو مرحلتان ; لأنّه لايجوز لأحد قطعه إلاّ محرماً ، وفيه : أنّه لادليل عليه ، لكن الأحوط  الإحرام منه وتجديده في أدنى الحلّ .
العاشر : أدنى الحلّ ، وهو ميقات العمرة المفردة بعد حجّ القران أو الإفراد ، بل لكلّ عمرة مفردة ، والأفضل أن يكون من الحديبيّة أو الجعرانة أو التنعيم، فإنّها منصوصة ، وهي من حدود الحرم على اختلاف بينها في القرب والبعد ، فإنّ الحديبية بالتخفيف أو التشديد : بئر بقرب مكّة على طريق جدّة دون مرحلة ، ثمّ اُطلق على الموضع ، ويقال : نصفه في الحلّ ونصفه في الحرم ، والجعرانة بكسر الجيم

(الصفحة333)

والعين وتشديد الراء ، أو بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء : موضع بين مكّة والطائف على سبعة أميال ، والتنعيم : موضع قريب من مكّة وهو أقرب أطراف الحلّ إلى مكّة ، ويقال : بينه وبين مكّة أربعة أميال ، ويعرف بمسجد عائشة ، كذا في «مجمع البحرين» .
وأمّا المواقيت الخمسة، فعن العلاّمة في «المنتهى» أنّ أبعدها من مكّة ذو الحليفة ، فإنّها على عشرة مراحل من مكّة ، ويليه في البعد الجحفة ، والمواقيت الثلاثة الباقية على مسافة واحدة ، بينها وبين مكّة ليلتان قاصدتان ، وقيل : إنّ الجحفة على ثلاث مراحل من مكّة .
[3217] مسألة 5 : كلّ من حجّ أو اعتمر على طريق فميقاته ميقات أهل ذلك الطريق ، وإن كان مُهَلّ أرضه غيره ، كما أشرنا إليه سابقاً ، فلايتعيّن أن يحرم من مهلّ أرضه بالإجماع والنصوص ، منها صحيحة صفوان : «أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)وقّت المواقيت لأهلها ومن أتى عليها من غير أهلها» .
[3218] مسألة 6 : قد علم ممّا مرّ أنّ ميقات حجّ التمتّع مكّة ، واجباً كان أو مستحبّاً ، من الآفاقي أو من أهل مكّة ، وميقات عمرته أحد المواقيت  الخمسة أو محاذاتها كذلك أيضاً ، وميقات حجّ القران والإفراد أحد تلك المواقيت مطلقاً أيضاً ، إلاّ إذا  كان منزله دون الميقات أو مكّة ، فميقاته منزله ، ويجوز من أحد تلك المواقيت أيضاً ، بل هو الأفضل ، وميقات عمرتهما أدنى الحلّ إذا كان في مكّة ، ويجوز من أحد المواقيت أيضاً ، وإذا لم يكن في مكّة فيتعيّن أحدها ، وكذا الحكم في العمرة المفردة ; مستحبّة كانت أو واجبة ، وإن نذر الإحرام من ميقات معيّن تعيّن ، والمجاور بمكّة بعد السنتين حاله حال أهلها ، وقبل ذلك حاله حال النائي ، فإذا أراد حجّ الإفراد أو القران يكون ميقاته أحد الخمسة أو محاذاتها ، وإذا أراد العمرة المفردة جاز إحرامها من أدنى الحلّ .


(الصفحة334)


فصل
في أحكام المواقيت

[3219] مسألة 1 : لايجوز الإحرام قبل المواقيت ولاينعقد ، ولايكفي المرور عليها محرماً ، بل لابدّ من إنشائه جديداً ، ففي خبر ميسرة قال : دخلت على أبي عبدالله (عليه السلام)وأنا متغيّر اللون ، فقال (عليه السلام) لي : «من أين أحرمت ؟» فقلت : من موضع كذا وكذا ، فقال (عليه السلام) : «ربّ طالب خير تزلّ قدمه» . ثمّ قال : «يسرّك إن صلّيت الظهر في السفر أربعاً؟» قلت : لا ، قال : «فهو والله ذاك».
نعم يستثنى من ذلك موضعان :
أحدهما : إذا نذر الإحرام قبل الميقات ، فإنّه يجوز ويصحّ للنصوص ، منها : خبر أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «لو أنّ عبداً أنعم الله تعالى عليه نعمة أو ابتلاه ببليّة فعافاه من تلك البليّة فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان كان عليه أن يتمّ» ولايضرّ عدم رجحان ذلك ، بل مرجوحيّته قبل النذر ، مع أنّ اللازم كون متعلّق النذر راجحاً ، وذلك لاستكشاف رجحانه بشرط النذر من الأخبار ، واللازم رجحانه حين العمل ولو كان ذلك للنذر ، ونظيره مسألة الصوم في السفر المرجوح أو المحرّم من حيث هو مع صحّته ورجحانه بالنذر ، ولابدّ من دليل يدلّ على كونه راجحاً بشرط النذر ، فلايرد أنّ لازم ذلك صحّة نذر كلّ مكروه أو محرّم ، وفي المقامين المذكورين الكاشف هو الأخبار .
فالقول بعدم الانعقاد كما عن جماعة لما ذكر لا وجه له ; لوجود النصوص وإمكان تطبيقها على القاعدة ، وفي إلحاق العهد واليمين بالنذر وعدمه وجوه ، ثالثها إلحاق العهد دون اليمين ، ولايبعد الأوّل ; لإمكان الاستفادة من الأخبار ، والأحوط

(الصفحة335)

الثاني ; لكون الحكم على خلاف القاعدة . هذا ، ولايلزم التجديد في الميقات ولا المرور عليها ، وإن كان الأحوط التجديد خروجاً عن شبهة الخلاف ، والظاهر اعتبار تعيين المكان ، فلايصحّ  نذر الإحرام قبل الميقات مطلقاً ، فيكون مخيّراً بين الأمكنة ; لأنّه القدر المتيقّن بعد عدم الإطلاق في الأخبار .
نعم ، لايبعد الترديد بين المكانين; بأن يقول : «لله عليّ أن أحرم إمّا من الكوفة أو من البصرة» وإن كان الأحوط خلافه ، ولا فرق بين كون الإحرام للحجّ الواجب أو المندوب أو للعمرة المفردة . نعم ، لو كان للحجّ أو عمرة التمتّع يشترط أن يكون في أشهر الحجّ ; لاعتبار كون الإحرام لهما فيها ، والنصوص إنّما جوّزت قبل الوقت المكاني فقط ، ثمّ لو نذر وخالف نذره فلم يحرم من ذلك المكان نسياناً أو عمداً لم يبطل إحرامه إذا أحرم من الميقات . نعم ، عليه الكفّارة إذا خالفه متعمّداً .
ثانيهما : إذا أراد إدراك عمرة رجب وخشي تقضّيه إن أخّر الإحرام إلى الميقات ، فإنّه يجوز له الإحرام قبل الميقات ، وتحسب له عمرة رجب ، وإن أتى ببقيّة الأعمال في شعبان ; لصحيحة إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) عن رجل يجيء معتمراً ينوي عمرة رجب فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق ، أيحرم قبل الوقت ويجعلها لرجب، أو يؤخّر الإحرام إلى العقيق ويجعلها لشعبان؟ قال : «يحرم قبل الوقت لرجب ، فإنّ لرجب فضلاً» . وصحيحة معاوية بن عمّار : سمعت أباعبدالله (عليه السلام) يقول : «ليس ينبغي أن يحرم دون الوقت الذي وقّت رسول الله (صلى الله عليه وآله)إلاّ أن يخاف فوت الشهر في العمرة» ، ومقتضى إطلاق الثانية جواز ذلك لإدراك عمرة غير رجب أيضاً ، حيث إن لكلّ شهر عمرة ، لكن الأصحاب خصّصوا ذلك برجب فهو الأحوط ، حيث إنّ الحكم على خلاف القاعدة ، والأولى والأحوط مع ذلك التجديد في الميقات ، كما أنّ الأحوط التأخير إلى آخر الوقت ، وإن كان الظاهر جواز الإحرام قبل الضيق إذا علم عدم الإدراك إذا أخّر إلى الميقات ، بل هو

(الصفحة336)

الأولى ، حيث إنّه يقع باقي أعمالها أيضاً في رجب ، والظاهر عدم الفرق بين العمرة المندوبة والواجبة بالأصل أو بالنذر ونحوه .
[3220] مسألة 2 : كما لايجوز تقديم الإحرام على الميقات ، كذلك لايجوز التأخير عنها ، فلايجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أو دخول مكّة أن يجاوز الميقات اختياراً إلاّ محرماً ، بل الأحوط عدم المجاوزة عن محاذاة الميقات أيضاً إلاّ محرماً ، وإن كان أمامه ميقات آخر ، فلو لم يحرم منها وجب العود إليها مع الإمكان ، إلاّ إذا كان أمامه ميقات آخر ، فإنّه يجزئه الإحرام منها، وإن أثم بترك الإحرام من الميقات الأوّل ، والأحوط العود  إليها مع الإمكان مطلقاً، وإن كان أمامه ميقات آخر . وأمّا إذا لم يرد النسك ولا دخول مكّة ; بأن كان له شغل خارج مكّة ، ولو كان في الحرم فلايجب الإحرام . نعم ، في بعض الأخبار وجوب الإحرام من الميقات إذا أراد دخول الحرم وإن لم يرد دخول مكّة ، لكن قد يدّعى الإجماع على عدم وجوبه ، وإن كان يمكن استظهاره من بعض الكلمات .
[3221] مسألة 3 : لو أخّر الإحرام من الميقات عالماً عامداً ولم يتمكّن من العود إليها لضيق الوقت أو لعذر آخر ، ولم يكن أمامه ميقات آخر بطل إحرامه وحجّه على المشهور الأقوى ، ووجب عليه قضاؤه  إذا كان مستطيعاً ، وأمّا إذا لم يكن مستطيعاً فلا يجب ، وإن أثم بترك الإحرام بالمرور على الميقات ، خصوصاً إذا لم يدخل مكّة ، والقول بوجوبه عليه ولو لم يكن مستطيعاً، بدعوى وجوب ذلك عليه إذا قصد مكّة فمع تركه يجب قضاؤه لا دليل عليه ، خصوصاً إذا لم يدخل مكّة ، وذلك لأنّ الواجب عليه إنّما كان الإحرام لشرف البقعة ، كصلاة التحيّة في دخول المسجد ، فلا قضاء مع تركه ، مع أنّ وجوب الإحرام لذلك لايوجب وجوب الحجّ عليه ، وأيضاً إذا بدا له ولم يدخل مكّة كشف عن عدم الوجوب من الأوّل ، وذهب بعضهم إلى أنّه لو تعذّر عليه العود إلى الميقات أحرم من مكانه ، كما في الناسي

(الصفحة337)

والجاهل نظير ما إذا ترك التوضّؤ إلى أن ضاق الوقت ، فإنّه يتيمّم وتصحّ صلاته وإن أثم بترك الوضوء متعمّداً ، وفيه : أنّ البدليّة في المقام لم تثبت ، بخلاف مسألة التيمّم ، والمفروض أنّه ترك ما وجب عليه متعمّداً .
[3222] مسألة 4 : لو كان قاصداً من الميقات للعمرة المفردة وترك الإحرام لها متعمّداً يجوز له أن يحرم من أدنى الحلّ ، وإن كان متمكّناً من العود إلى الميقات فأدنى الحلّ له مثل كون الميقات أمامه ، وإن كان الأحوط  مع ذلك العود إلى الميقات . ولو لم يتمكّن من العود ولا الإحرام من أدنى الحلّ بطلت عمرته .
[3223] مسألة 5 : لو كان مريضاً لم يتمكّن من النزع ولبس الثوبين يجزئه النيّة والتلبية ، فإذا زال عذره نزع ولبسهما ، ولايجب حينئذ عليه العود إلى الميقات . نعم ، لو كان له عذر عن أصل إنشاء الإحرام لمرض أو إغماء ثمّ زال وجب عليه العود إلى الميقات إذا تمكّن ، وإلاّ كان حكمه حكم الناسي في الإحرام من مكانه إذا لم يتمكّن إلاّ منه ، وإن تمكّن العود في الجملة وجب ، وذهب بعضهم إلى أنّه إذا كان مغمى عليه ينوب عنه غيره ; لمرسل جميل، عن أحدهما (عليهما السلام) في مريض اُغمي عليه فلم يفق حتّى أتى الموقف ، قال (عليه السلام) : «يحرم عنه رجل». والظاهر أنّ المراد أنّه يحرمه رجل ويجنّبه عن محرّمات الإحرام ، لا أنّه ينوب عنه في الإحرام ، ومقتضى هذا القول عدم وجوب العود إلى الميقات بعد إفاقته وإن كان ممكناً ، ولكن العمل به مشكل ; لإرسال الخبر وعدم الجابر ، فالأقوى العود مع الإمكان وعدم الاكتفاء به مع عدمه .
[3224] مسألة 6 : إذا ترك الإحرام من الميقات ناسياً أو جاهلاً بالحكم أو الموضوع وجب العود إليها مع الإمكان ، ومع عدمه فإلى ما أمكن ، إلاّ إذا كان أمامه ميقات آخر ، وكذا إذا جاوزها محلاّ ; لعدم كونه قاصداً للنسك ولا لدخول مكّة ثمّ بدا له ذلك ، فإنّه يرجع إلى الميقات مع التمكّن، وإلى ما أمكن مع عدمه .


(الصفحة338)

[3225] مسألة 7 : من كان مقيماً في مكّة  وأراد حجّ التمتّع وجب عليه الإحرام لعمرته من الميقات إذا تمكّن ، وإلاّ فحاله حال الناسي .
[3226] مسألة 8 : لو نسي المتمتّع الإحرام للحجّ بمكّة ثمّ ذكر وجب عليه العود مع الإمكان ، وإلاّ ففي مكانه ولو كان في عرفات ، بل المشعر وصحّ حجّه ، وكذا لو كان جاهلاً بالحكم ، ولو أحرم له من غير مكّة مع العلم والعمد لم يصحّ ، وإن دخل مكّة بإحرامه ، بل وجب عليه الاستئناف مع الإمكان ، وإلاّ بطل حجّه . نعم ، لو أحرم من غيرها نسياناً ولم يتمكّن من العود إليها صحّ إحرامه من مكانه .
[3227] مسألة 9 : لو نسي الإحرام ولم يذكر حتّى أتى بجميع الأعمال من الحجّ أو العمرة فالأقوى صحّة عمله ، وكذا لو تركه جهلاً حتّى أتى بالجميع .

فصل
في مقدّمات الإحرام

[3228] مسألة 1 : يستحبّ قبل الشروع في الإحرام اُمور :
أحدها : توفير شعر الرأس ، بل واللحية لإحرام الحجّ مطلقاً ، ـ لا خصوص التمتّع، كما يظهر من بعضهم لإطلاق الأخبار ـ من أوّل ذي القعدة ; بمعنى عدم إزالة شعرهما ; لجملة من الأخبار ، وهي وإن كانت ظاهرة في الوجوب إلاّ أنّها محمولة على الاستحباب; لجملة اُخرى من الأخبار ظاهرة فيه ، فالقول بالوجوب ـ كما هو ظاهر جماعة ـ ضعيف ، وإن كان لاينبغي ترك الاحتياط ، كما لاينبغي ترك الاحتياط بإهراق دم لو أزال شعر رأسه بالحلق ، حيث يظهر من بعضهم وجوبه أيضاً ; لخبر محمول على الاستحباب ، أو على ما إذا كان في حال الإحرام . ويستحبّ التوفير للعمرة شهراً .


(الصفحة339)

الثاني : قصّ الأظفار، والأخذ من الشارب وإزالة شعر الإبط والعانة بالطلي، أو الحلق، أو النتف . والأفضل الأوّل ثمّ الثاني ، ولو كان مطليّاً قبله يستحبّ له الإعادة وإن لم يمضِ خمسة عشر يوماً ، ويستحبّ أيضاً إزالة الأوساخ من الجسد; لفحوى ما دلّ على المذكورات . وكذا يستحبّ الاستياك .
الثالث : الغسل للإحرام في الميقات ، ومع العذر عنه التيمّم ، ويجوز تقديمه على الميقات مع خوف إعواز الماء ، بل الأقوى جوازه مع عدم الخوف أيضاً ، والأحوط الإعادة في الميقات ، ويكفي الغسل من أوّل النهار إلى الليل ومن أوّل الليل إلى النهار ، بل الأقوى كفاية غسل اليوم إلى آخر الليل وبالعكس ، وإذا أحدث بعدها قبل الإحرام يستحبّ إعادته خصوصاً في النوم ، كما أنّ الأولى إعادته  إذا أكل أو لبس ما لايجوز أكله أو لبسه للمحرم ، بل وكذا لو تطيّب ، بل الأولى ذلك في جميع تروك الإحرام ، فلو أتى بواحد منها بعدها قبل الإحرام الأولى إعادته ، ولو أحرم بغير غسل أتى به وأعاد صورة الإحرام ، سواء تركه عالماً عامداً، أو جاهلاً، أو ناسياً ، ولكن إحرامه الأوّل صحيح باق على حاله ، فلو أتى بما يوجب الكفّارة بعده وقبل الإعادة وجبت عليه .
ويستحبّ أن يقول عند الغسل أو بعده : «بسم الله وبالله ، اللهمّ اجعَلْهُ لي نوراً وطهوراً وحرزاً وأمناً من كلّ خوف، وشفاءً من كلّ داء وسقم ، اللهمّ طهّرني وطهّر قلبي، واشرح لي صدري ، وأجر على لساني محبّتك ومدحتك والثناء عليك ، فإنّه لاقوّة لي إلاّ بك، وقد علمت أنّ قوام ديني التسليم لك ، والإتّباع لسنّة نبيّك صلواتك عليه وآله» .
الرابع : أن يكون الإحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة ، وقيل بوجوب ذلك لجملة من الأخبار الظاهرة فيه ، المحمولة على الندب ; للاختلاف الواقع بينها ، واشتمالها على خصوصيّات غير واجبة ، والأولى أن يكون بعد صلاة الظهر في غير

(الصفحة340)

إحرام حجّ التمتّع ، فإنّ الأفضل فيه أن يصلّي الظهر بمنى ، وإن لم يكن في وقت الظهر فبعد صلاة فريضة اُخرى حاضرة ، وإن لم يكن فمقضيّة، وإلاّ فعقيب صلاة النافلة .
الخامس : صلاة ستّ ركعات أو أربع ركعات أو ركعتين للإحرام ، والأولى الإتيان بها مقدّماً على الفريضة ، ويجوز إتيانها في أيّ وقت كان بلا كراهة ، حتّى في الأوقات المكروهة ، وفي وقت الفريضة حتّى على القول بعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة ; لخصوص الأخبار الواردة في المقام ، والأولى أن يقرأ في الركعة الاُولى بعد الحمد التوحيد وفي الثانية الجحد لا العكس، كما قيل .
[3229] مسألة 2 : يكره للمرأة إذا أرادت الإحرام أن تستعمل الحنّاء إذا كان يبقى أثره إلى ما بعده مع قصد الزينة ، بل لا معه أيضاً إذا كان يحصل به الزينة وإن لم تقصدها، بل قيل بحرمته، فالأحوط تركه وإن كان الأقوى عدمها ، والرواية مختصّة بالمرأة ، لكنّهم ألحقوا بها الرجل أيضاً ; لقاعدة الاشتراك ولا بأس به ، وأمّا استعماله مع عدم إرادة الإحرام فلا بأس به وإن بقي أثره ، ولا بأس بعدم إزالته وإن كانت ممكنة .

فصل
في كيفيّة الإحرام

وواجباته ثلاثة :
الأوّل : النيّة ; بمعنى القصد إليه ، فلو أحرم من غير قصد أصلاً بطل، سواء كان عن عمد أو سهو أو جهل ، ويبطل نسكه أيضاً إذا كان الترك عمداً ، وأمّا مع السهو والجهل فلايبطل ، ويجب عليه تجديده من الميقات إذا أمكن ، وإلاّ فمن حيث أمكن على التفصيل  الذي مرّ سابقاً في ترك أصل الإحرام .
<<التالي الفهرس السابق>>