في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة381)

يجوز التبرّع عنه بالمندوب، وإن كان عليه الواجب حتى قبل الاستئجار له. وكذا يجوز الاستئجار عنه في المندوب مطلقاً، وقد مرّ حكم الحيّ في الواجب. وأمّا المندوب فيجوز التبرّع عنه كما يجوز الاستئجار له، حتى إذا كان عليه حجّ واجب لا يتمكّن من أدائه فعلاً، بل مع تمكّنه أيضاً، فجواز الاستئجار للمندوب قبل أداء الواجب إذا لم يخل(1) بالواجب لا يخلو من قوّة. كما أنّ الأقوى(2) صحة التبرّع عنه.
مسألة 18 : لا يجوز أن ينوب واحد عن إثنين أو أزيد في عام واحد في الحجّ الواجب، إلاّ إذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة، كما إذا نذر(3) كلّ منهما أن يشترك مع الآخر في تحصيل الحج، ويجوز في المندوب كما يجوز بعنوان إهداء الثواب.
مسألة 19 : يجوز أن ينوب جماعة عن الميّت أو الحيّ في عام واحد في الحج المندوب تبرّعاً أو بالإجارة، بل يجوز ذلك في الحج الواجب أيضاً، كما إذا كان على الميّت حجّان مختلفان نوعاً كحجّة الإسلام والنذر، أو متّحدان نوعاً كحجّتين للنذر، وأمّا استنابة الحج النذري للحيّ المعذور فمحلّ إشكال كما مرّ(4). وكذا يجوز إن كان أحدهما واجباً والآخر مستحباً، بل يجوز استئجار أجيرين لحج واجب واحد، كحجّة الإسلام في عام واحد، فيصح قصد الوجوب من كلّ منهما، ولو كان أحدهما أسبق شروعاً، لكنّهما يراعيان التقارن فيالختم.

(1) بل إذا أخلّ يكون الاستئجار صحيحاً من جهة الحكم الوضعي، كما أنّ عمل الأجير كذلك.
(2) هو تكرار لقوله: «وأمّا المندوب فيجوز التبرّع عنه»، إلاّ أن يكون المراد من الأوّل هو الجواز في الجملة، ومن الثاني هي الصحة، ولو كان عليه حج واجب مطلقاً، ولا مجال هنا لصورة استثناء ما إذا أخلّ بالواجب.
(3) صحة هذا النذر محل إشكال.
(4) الظاهر أنـّه لم يمرّ هذا الفرض، كما أنّ الظاهر لا إشكال في صحّتها.

(الصفحة382)


القول في الوصيّة بالحجّ

مسألة 1 : لو أوصى بالحج أُخرج من الأصل لو كان واجباً، إلاّ أن يصرّح بخروجه من الثلث فاُخرج منه، فإن لم يف اُخرج الزائد من الأصل. ولا فرق في الخروج من الأصل بين حجّة الإسلام والحج النذري والإفسادي(1). واُخرج من الثلث لو كان ندبيّاً. ولو لم يعلم كونه واجباً أو مندوباً، فمع قيام قرينة أو تحقّق انصراف فهو، وإلاّ فيخرج من الثلث، إلاّ أن يعلم وجوبه عليه سابقاً وشك في أدائه فمن الأصل.
مسألة 2 : يكفي الميقاتي، سواء كان الموصى به واجباً أو مندوباً، لكن الأوّل من الأصل، والثاني من الثلث. ولو أوصى بالبلدية فالزائد على اُجرة الميقاتية من الثلث في الأوّل وتمامها منه في الثاني.
مسألة 3 : لو لم يعيّن الاُجرة فاللازم على الوصي مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم الاقتصار على اُجرة المثل. نعم، لغير القاصر أن يؤدّي لها من سهمه بماشاء. ولو كان هناك من يرضى بالأقل منها وجب على الوصي استئجاره مع الشرط المذكور، ويجب الفحص عنه على الأحوط، مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم، بل وجوبه لا يخلو من قوّة، خصوصاً مع الظن بوجوده. نعم، الظاهر عدم وجوب الفحص البليغ. ولو وجد متبرّع عنه يجوز(2) الاكتفاء به; بمعنى
(1) وكذا الحج الاستئجاري مع التصريح بعدم مدخلية قيد المباشرة، فإنّه يجب على الأجير، ومع عدم الإتيان به يوصي به.
(2) فيما اذا كان الموصى به هو الحجّ الواجب، وأمّا في الحج المستحب فلا يجوز الاكتفاء به، بل يجب الاستئجار، ولو مع إتيان المتبرّع به خارجاً صحيحاً.

(الصفحة383)

عدم وجوب المبادرة إلى الاستئجار، بل هو الأحوط مع وجود قاصر في الورثة، فإن أتى به صحيحاً كفى، وإلاّ وجب الاستئجار، ولو لم يوجد من يرضى باُجرة المثل فالظاهر وجوب دفع الأزيد لو كان الحج واجباً، ولايجوز التأخير إلى العام القابل، ولو مع العلم بوجود من يرضى باُجرة المثل أو الأقل، وكذا لو أوصى بالمبادرة في الحج المندوب. ولو عيّن الموصي مقداراً للاُجرة تعيّن وخرج من الأصل في الواجب إن لم يزد على اُجرة المثل، وإلاّ فالزيادة من الثلث. وفي المندوب كلّه من الثلث، فلو لم يكف ما عيّنه للحج فالواجب التتميم من الأصل في الحج الواجب، وفي المندوب تفصيل(1).
مسألة 4 : يجب الاقتصار على استئجار أقلّ الناس اُجرة، مع عدم رضا الورثة أو وجود القاصر فيهم، والأحوط لكبار الورثة أن يستأجروا ما يناسب حال الميّت شرفاً.
مسألة 5 : لو أوصى وعيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن، ولو لم يعيّن كفى حجّ واحد إلاّ مع قيام قرينة على إرادته التكرار. ولو أوصى بالثلث ولم يعيّن إلاّ الحج لا يبعد لزوم صرفه في الحج. ولو أوصى بتكرار الحج كفى مرّتان إلاّ أن تقوم قرينة على الأزيد. ولو أوصى في الحج الواجب وعيّن أجيراً معيّناً تعيّن، فإن كان لا يقبل إلاّ بأزيد من اُجرة المثل خرجت الزيادة من الثلث إن أمكن، وإلاّ بطلت الوصية واستوجر غيره باُجرة المثل، إلاّ أن يأذن الورثة، وكذا في نظائر المسألة. ولو أوصى في المستحب خرج من الثلث، فإن لم يقبل إلاّ بالزيادة منه بطلت، فحينئذ إن كانت وصية بنحو تعدّد المطلوب يستأجر غيره منه وإلاّ بطلت.
مسألة 6 : لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحج سنين معيّنة، وعيّن لكلّ
(1) يأتي في ذيل المسألة الخامسة.

(الصفحة384)

سنة مقداراً معيّناً، واتفق عدم كفاية ذلك المقدار لكلّ سنة صرف نصيب سنتين في سنة، أو ثلاث سنين في سنتين مثلاً وهكذا، ولو فضل من السنين فضلة لا تفي بحجّة ولو من الميقات فالأوجه صرفها في وجوه البرّ. ولو كان الموصى به الحج من البلد، ودار الأمر بين جعل اُجرة سنتين مثلاً لسنة، وبين الاستئجار بذلك المقدار من الميقات لكلّ سنة، يتعيّن الأوّل. هذا كلّه إذا لم يعلم من الموصي إرادة الحج بذلك المقدار على وجه التقييد، وإلاّ فتبطل الوصية، إذا لم يرج إمكان ذلك بالتأخير، أو كانت مقيّدة بسنين معيّنة.
مسألة 7: لو أوصى وعيّن الاُجرة في مقدار، فإن كان واجباً ولم يزد على اُجرة المثل، أو زاد وكفى ثلثه بالزيادة، أو أجاز الورثة تعيّن، وإلاّ بطلت ويرجع إلى اُجرة المثل(1). وإن كان مندوباً فكذلك مع وفاء الثلث به، وإلاّ فبقدر وفائه إذا كان التعيين لا على وجه التقييد. وإن لم يف به حتى من الميقات ولم يأذن الورثة، أو كان على وجه التقييد بطلت.
مسألة 8: لو عيّن للحج اُجرة لا يرغب فيها أحد ولو للميقاتي، وكان الحج مستحباً بطلت الوصية إن لم يرج وجود راغب فيها، وتصرف في وجوه البرّ، إلاّ إذا علم كونه على وجه التقييد، فترجع إلى الوارث، من غير فرق في الصورتين بين التعذّر الطارئ وغيره، ومن غير فرق بين ما لو أوصى بالثلث وعيّن له مصارف وغيره.
مسألة 9: لو أوصى بأن يحج عنه ماشياً أو حافياً أو مع مركوب خاصّ صحّ، واعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيّاً، وخروج الزائد عن اُجرة الحج الميقاتي، وكذا التفاوت بين المذكورات والحجالمتعارف إن كان واجباً. ولوكان
(1) بل إلى مقدار الثلث، وإن كان زائداً على اُجرة المثل.

(الصفحة385)

عليهحجنذري ماشياً ونحوه خرج منأصل التركة، أوصى به أم لا. ولو كان نذره مقيّداً بالمباشرة فالظاهر عدم وجوب الاستئجار، إلاّ(1) إذا أحرز تعدّد المطلوب.
مسألة 10 : لو أوصى بحجتين أو أزيد وقال: إنّها واجبة عليه صُدِّق وتخرج من أصل التركة، إلاّ أن يكون إقراره في مرض الموت وكان متّهماً فيه فتخرج من الثلث.
مسألة 11 : لو أوصى بما عنده من المال للحج ندباً و لم يعلم أنـّه يخرج من الثلث أم لا لم يجز صرف جميعه، ولو ادّعى أنّ عند الورثة ضعف هذا، أو أنـّه أوصى بذلك وأجازوا الورثة يسمع دعواه بالمعنى المعهود(2) في باب الدعاوي، لا بمعنى إنفاذ قوله مطلقاً.
مسألة 12 : لو مات الوصي بعد قبض اُجرة الاستئجار من التركة وشك في استئجاره له قبل موته، فإن كان الحج موسّعاً يجب الاستئجار من بقيّة التركة إن كان واجباً، وكذا إن لم تمض مدّة يمكن الاستئجار فيها، بل الظاهر وجوبه لو كان الوجوب فوريّاً ومضت مدّة يمكن الاستئجار فيها، ومن بقيّة ثلثها إن كان مندوباً، والأقوى عدم ضمانه لما قبض، ولو كان المال المقبوض موجوداً عنده اُخذ منه. نعم، لو عامل معه معاملة الملكية في حال حياته، أو عامل ورثته كذلك لايبعد عدم جواز أخذه على إشكال، خصوصاً في الأوّل.
مسألة 13 : لو قبض الوصيّ الاُجرة وتلفت في يده بلا تقصير لم يكن ضامناً، ووجب الاستئجار من بقيّة التركة أو بقيّة الثلث، وإن اقتسمت استرجعت، ولو شك في أنّ تلفها كان عن تقصير أو لا لم يضمن. ولو مات الأجير قبل العمل ولم
(1) الاستثناء في غير محلّه.
(2) تفسير السماع بما ذكر خلاف مقصودهم، ويؤيّده أنـّه على هذا التقدير لايبقى مجال لاحتمال الخلاف.

(الصفحة386)

يكن له تركة، أو لم يمكن أخذها من ورثته يستأجر(1) من البقيّة أو بقيّة الثلث.
مسألة 14 : يجوز النيابة عن الميّت في الطواف الاستحبابي، وكذا عن الحيّ إذا كان غائباً عن مكّة، أو حاضراً(2) ومعذوراً عنه، وأمّا مع حضوره وعدم عذره فلا تجوز. وأمّا سائر الأفعال فاستحبابها مستقلاًّ وجواز النيابة فيها غير معلوم حتى السعي، وإن يظهر(3) من بعض الروايات استحبابه.
مسألة 15 : لو كان عند شخص وديعة ومات صاحبها وكان عليه حجّة الإسلام، وعلم أو ظنّ أنّ الورثة لا يؤدّون عنه إن ردّها إليهم وجب عليه أن يحج بها عنه، وإن زادت عن اُجرة الحج ردّ الزيادة إليهم، والأحوط(4) الاستئذان من الحاكم مع الإمكان، والظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شيء، وكذا عدم الاختصاص بحج الودعي بنفسه. وفي إلحاق غير حجّة الإسلام بها من أقسام الحج الواجب، أو سائر الواجبات مثل الزكاة ونحوها إشكال. وكذا(5) في إلحاق غير الوديعة، كالعين المستأجرة والعارية ونحوهما، فالأحوط(6) إرجاع الأمر إلى الحاكم وعدم استبداده به، وكذا(7) الحال لوكان الوارث منكراً أو ممتنعاً وأمكن إثباته عند الحاكم أو أمكن إجباره، فيرجع في الجميع إلى الحاكم ولا يستبدّ به.

(1) إذا كان أجيراً بقيد المباشرة حتى يكون موته موجباً لبطلان الإجارة، وإلاّ فعلى ورثة الأجير.
(2) في جواز النيابة عن الحاضر في الطواف المستحب ولو كان معذوراً تأمل وإشكال.
(3) بل لا يظهر منه ذلك.
(4) الأولى.
(5) الظاهر إلحاق غير الوديعة بها.
(6) في بعض الفروض، وفي بعضها يجب الردّ إلى الوارث.
(7) وهو ناظر إلى أصل المسألة، والفرق إمكان الإثبات أو الإجبار هنا دونه، وعليه فالمراد بالإمكان هناك هو أصل وجود الحاكم وإمكان الرجوع إليه.

(الصفحة387)

مسألة 16 : يجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه أن يطوف عن نفسه وعن غيره، وكذا يجوز أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه وعن غيره.
مسألة 17 : يجوز لمن أعطاه رجل مالا لاستئجار الحج أن يحج بنفسه ما لم يعلم أنـّه أراد الاستئجار من الغير، ولو بظهور لفظه في ذلك، ومع الظهور لا يجوز التخلّف إلاّ مع الاطمئنان بالخلاف، بل الأحوط عدم مباشرته إلاّ مع العلم(1) بأنّ مراد المعطي حصول الحج في الخارج. وإذا عيّن شخصاً تعيّن إلاّ(2) إذا علم عدم أهليّته وأنّ المعطي مشتبه في ذلك، أو أنّ ذكره(3) من باب أحد الأفراد.

القول في الحجّ المندوب

مسألة 1 : يستحب لفاقد الشرائط من البلوغ والاستطاعة وغيرهما أن يحج مهما أمكن، وكذا من أتى بحجه الواجب، ويستحب تكراره بل في كلّ سنة، بل يكره تركه خمس سنين متوالية. ويستحب نية العود إليه عند الخروج من مكّة، ويكره نية عدمه.
مسألة 2 : يستحب التبرّع بالحج عن الأقارب وغيرهم، أحياءً وأمواتاً، وكذا عن المعصومين(عليهم السلام) أحياءً وأمواتاً، والطواف عنهم(عليهم السلام) وعن غيرهم أمواتاً وأحياءً مع عدم حضورهم في مكّة أو كونهم معذورين(4). ويستحب إحجاج الغير
(1) أو الاطمئنان مع عدم ظهور على خلافه.
(2) ظاهره جواز التخلف هنا مع أنـّه مشكل، واللازم الرجوع إلى المعطي وإعلامه عدم أهليته، ومع فقدانه الرجوع إلى الحاكم.
(3) هذا خارج عن صورة التعيين.
(4) مرّ الإشكال في الحضور ولو كان مع العذر.

(الصفحة388)

إستطاع أم لا، ويجوز إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحج ليحج بها.
مسألة 3: يستحب لمن ليس له زاد وراحلة أن يستقرض ويحج إذا كان واثقاً بالوفاء.
مسألة 4 : يستحب كثرة الإنفاق في الحج، والحج أفضل من الصدقة بنفقته.
مسألة 5: لايجوز الحج بالمال الحرام، ويجوز بالمشتبه، كجوائز الظَّلمة مع عدم العلم بحرمتها.
مسألة 6 : يجوز إهداء ثواب الحج إلى الغير بعد الفراغ عنه، كما يجوز أن يكون ذلك من نيته قبل الشروع فيه.
مسألة 7: يستحب لمن لامال له يحجّ به أن يأتي به ولو بإجارة نفسه عن غيره.

القول في أقسام العمرة

مسألة 1 : تنقسم العمرة كالحج إلى واجب أصليّ وعرضي ومندوب، فتجب بأصل الشرع على كلّ مكلّف بالشرائط المعتبرة في الحج مرّة في العمر، وهي واجبة فوراً كالحج، ولا يشترط في وجوبها استطاعة الحج، بل تكفي استطاعتها فيه وإن لم يتحقق استطاعته، كما أنّ العكس كذلك، فلو استطاع للحج دونها وجب دونها.
مسألة 2 : تجزئ العمرة المتمتع بها عن العمرة المفردة، وهل تجب على من وظيفته حجّ التمتّع إذا استطاع لها، ولم يكن مستطيعاً للحج؟ المشهور عدمه، وهو الأقوى. وعلى هذا لا تجب على الأجير بعد فراغه عن عمل النيابة، وإن كان مستطيعاً لها وهو في مكّة، وكذا لا تجب على من تمكّن منها ولم يتمكّن من الحج لمانع، لكن الأحوط الإتيان بها.

(الصفحة389)

مسألة 3 : قد تجب العمرة بالنذر والحلف والعهد، والشرط في ضمن العقد، والإجارة والإفساد، وإن كان إطلاق الوجوب عليها في غير الأخير مسامحة على ما هو التحقيق، وتجب أيضاً لدخول مكّة; بمعنى حرمته بدونها، فإنّه لا يجوز دخولها إلاّ محرماً إلاّ في بعض الموارد:
منها: من يكون مقتضى شغله الدخول والخروج كراراً; كالحطّاب والحشّاش، وأمّا استثناء مطلق من يتكرّر منه فمشكل.
ومنها: غير ذلك; كالمريض والمبطون ممّا ذكر في محلّه، وما عدا ذلك مندوب. ويستحب تكرارها كالحج، واختلفوا(1) في مقدار الفصل بين العمرتين، والأحوط(2) فيما دون الشهر الإتيان بها رجاءاً.

القول في أقسام الحجّ

وهي ثلاثة: تمتّع، وقران، وإفراد. والأوّل فرضمن كان بعيداً عن مكّة، والآخران فرض من كان حاضراً; أي غير بعيد. وحدّ البعد ثمانية وأربعون ميلا من كلّ جانب على الأقوى من مكّة، ومن كان على نفس الحدّ فالظاهر أنّ وظيفته التمتّع، ولو شك في أنّ منزله في الحدّ أو الخارج وجب(3) عليه الفحص، ومع عدم تمكّنه يراعي الاحتياط. ثمّ إنّ ما مرّ إنـّما هو بالنسبة إلى حجّة الإسلام، وأمّا الحج
(1) والظاهر هو اعتبار الفصل بعنوان الشهر، لابمقداره ولا بعنوان آخر.
(2) بل الأحوط الترك.
(3) في وجوب الفحص مع الإمكان ورعاية الاحتياط مع عدمه إشكال، ولايبعد القول بوجوب التمتّع مطلقاً.

(الصفحة390)

النذري وشبهه فله نذر(1) أيّ قسم شاء، وكذا حال شقيقيه. وأمّا الإفسادي فتابع لما أفسده.
مسألة 1 : مَن كان له وطنان أحدهما دون الحدّ والآخر خارجه أو فيه لزمه فرض أغلبهما، لكن بشرط عدم إقامة سنتين بمكّة. فإن تساويا، فإن كان مستطيعاً من كلّ منهما تخيّر بين الوظيفتين، وإن كان الأفضل اختيار التمتّع، وإن كان مستطيعاً من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة.
مسألة 2 : مَن كان من أهل مكّة وخرج إلى بعض الأمصار ثمّ رجع إليها فالأحوط(2) أن يأتي بفرض المكي، بل لا يخلو(3) من قوّة.
مسألة 3 : الآفاقي إذا صار مقيماً في مكّة، فإن كان ذلك بعد استطاعته ووجوب التمتّع عليه فلا إشكال(4) في بقاء حكمه، سواء كانت إقامته بقصد التوطن أو المجاورة ولو بأزيد من سنتين، وأمّا لو لم يكن مستطيعاً ثمّ استطاع بعد إقامته في مكّة فينقلب فرضه إلى فرض المكي بعد الدخول في السنة الثالثة، لكن بشرط أن تكون الإقامة بقصد المجاورة، وأمّا لو كان بقصد التوطن فينقلب بعد قصده من الأوّل، وفي صورة الانقلاب يلحقه حكم المكي بالنسبة إلى الاستطاعة أيضاً، فتكفي في وجوبه استطاعته منها(5)، ولا يشترط فيه حصولها من بلده. ولو حصلت الاستطاعة بعد الإقامة في مكّة قبل مضي السنتين ـ لكن بشرط وقوع
(1) كما أنـّه مع إطلاق النذر يتخيّر بين الأنواع الثلاثة.
(2) الأولى.
(3) بل التخيير بين الأنواع الثلاثة لا يخلو عن قوة.
(4) في صورة التوطن والمجاورة بأزيد من سنتين يجري الإشكال.
(5) الأولى أن يقال: إليها، كما أنّ الأولى أن يقال: إلى بلده، لأنّه لا فرق في المبدأ بين صورتي الانقلاب وعدمه.

(الصفحة391)

الحج على فرض المبادرة إليه قبل تجاوز السنتين ـ فالظاهر أنـّه كما لو حصلت في بلده، فيجب عليه التمتّع ولو بقيت إلى السنة الثالثة(1) أو أزيد. وأمّا المكّي إذا خرج إلى سائر الأمصار مجاوراً لها فلا يلحقه حكمها في تعيّن التمتّع(2) عليه، إلاّ إذا توطّن وحصلت(3) الاستطاعة بعده، فيتعيّن عليه التمتّع ولو في السنة الاُولى.
مسألة 4 : المقيم في مكّة لو وجب عليه التمتّع ـ كما إذا كانت استطاعته في بلده، أو استطاع في مكّة قبل انقلاب فرضه ـ يجب عليه الخروج إلى الميقات لإحرام عمرة التمتّع، والأحوط أن يخرج إلى مهلّ أرضه فيحرم منه، بل لا يخلو من قوّة(4)، وإن لم يتمكّن فيكفي الرجوع إلى أدنى الحلّ، والأحوط الرجوع إلى ما يتمكّن من خارج الحرم ممّا هو دون الميقات، وإن لم يتمكّن من الخروج إلى أدنى الحلّ أحرم من موضعه، والأحوط الخروج إلى ما يتمكّن.

القول في صورة حجّ التمتّع إجمالاً

وهي أن يحرم في أشهر الحج من إحدى المواقيت بالعمرة المتمتع بها إلى الحج، ثمّ يدخل مكّة المعظّمة فيطوف بالبيت سبعاً، ويصلّي عند مقام إبراهيم(عليه السلام) ركعتين، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة سبعاً، ثمّ يطوف للنساء احتياطاً سبعاً ثمّ
(1) محل تأمل، بل الظاهر الانقلاب في هذه الصورة أيضاً، لأنّ الملاك زمان العمل لا زمان الاستطاعة.
(2) وإن كان يتخيّر بين الأنواع الثلاثة في بعض الفروض، كما مرّ في المسألة الثانية.
(3) قد ظهر من الحاشية السابقة أنّ الملاك زمان العمل، وعليه فلا فرق في التوطّن بين حصول الاستطاعة بعدها أو قبلها.
(4) في القوّة إشكال.

(الصفحة392)

ركعتين له، وإن كان الأقوى عدم وجوب طواف النساء وصلاته، ثمّ يقصّر فيحلّ عليه كلّ ما حرم عليه بالاحرام، وهذه صورة عمرة التمتّع التي هي أحد جزئي حجّه.
ثمّ ينشئ إحراماً للحج من مكّة المعظّمة في وقت يعلم أنـّه يدرك الوقوف بعرفة، والأفضل إيقاعه يوم التروية بعد صلاة الظهر، ثم يخرج إلى عرفات فيقف بها من زوال يوم عرفة إلى غروبه، ثمّ يفيض منها ويمضي إلى المشعر فيبيت فيه، ويقف به بعد طلوع الفجر من يوم النحر إلى طلوع الشمس منه، ثمّ يمضي إلى منى لأعمال يوم النحر، فيرمي جمرة العقبة، ثمّ ينحر أو يذبح هديه، ثمّ يحلق إن كان صرورة على الأحوط، ويتخيّر غيره بينه وبين التقصير، ويتعيّن على النساء التقصير، فيحلّ بعد التقصير من كلّ شيء إلاّ النساء والطيب، والأحوط اجتناب الصيد أيضاً، وإن كان الأقوى عدم حرمته عليه من حيث الإحرام. نعم، يحرم عليه لحرمة الحرم، ثمّ يأتي إلى مكّة ليومه إن شاء، فيطوف طواف الحجّ ويصلّي ركعتيه ويسعى سعيه، فيحلّ له الطيب، ثمّ يطوف طواف النساء ويصلّي ركعتيه فتحلّ له النساء، ثمّ يعود إلى منى لرمي الجمار فيبيت بها ليالي التشريق; وهي الحادية عشرة والثانية عشرة والثالث عشرة.
وبيتوتة الثالث عشرة إنـّما هي في بعض الصور كما يأتي، ويرمي في أيّامها الجمار الثلاث، ولو شاء لا يأتي إلى مكّة ليومه، بل يقيم بمنى حتى يرمي جماره الثلاث يوم الحاديعشر، ومثله يوم الثانيعشر، ثمّ ينفر بعد الزوال لو كان قد اتّقى النساء والصيد، وإن أقام إلى النفر الثاني وهو الثالث عشر، ولو قبل الزوال لكن بعد الرمي جاز أيضاً، ثمّ عاد إلى مكّة للطوافين والسعي، والأصحّ الاجتزاء بالطواف والسعي تمام ذيالحجة، والأفضل الأحوط أن يمضي إلى مكّة يوم النحر، بل لا ينبغي التأخير لغده فضلاً عن أيّام التشريق إلاّ لعذر.

(الصفحة393)

مسألة 1 : يشترط في حج التمتّع أُمور:
أحدها: النيّة، أي قصد الإتيان بهذا النوع من الحج حين الشروع في إحرام العمرة، فلو لم ينوه أو نوى غيره أو تردّد في نيّته بينه وبين غيره لم يصحّ.
ثانيها: أن يكون مجموع عمرته وحجّه في أشهر الحج، فلو أتىبعمرته أو بعضها في غيرها لم يجز له أن يتمتّع بها. وأشهر الحج: شوّال، وذو القعدة، وذو الحجة بتمامه على الأصحّ.
ثالثها: أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة(1)، فلو أتىبالعمرة في سنة وبالحج في الاُخرى لم يصحّ ولم يُجزئ عن حج التمتّع، سواء أقام في مكّة إلى العام القابل أم لا، وسواء أحلّ من إحرام عمرته، أو بقي عليه إلى العام القابل.
رابعها: أن يكون إحرام حجّه من بطن مكّة مع الاختيار، وأمّا عمرته فمحل إحرامها المواقيت الآتية. وأفضل مواضعها المسجد، وأفضل مواضعه مقام إبراهيم(عليه السلام) أو حجر إسماعيل(عليه السلام). ولو تعذّر الإحرام من مكّة أحرم ممّا يتمكّن. ولو أحرم من غيرها اختياراً متعمّداً بطل إحرامه، ولو لم يتداركه بطل حجّه، ولا يكفيه العود إليها من غير تجديد، بل يجب أن يجدّده فيها; لأنّ إحرامه من غيرها كالعدم. ولو أحرم من غيرها جهلاً أو نسياناً وجب العود إليها والتجديد مع الإمكان، ومع عدمه جدّده في مكانه.
خامسها: أن يكون مجموع العمرة والحج من واحد وعن واحد، فلو استوجر إثنان لحجّ التمتّع عن ميّت أحدهما لعمرته والآخر لحجّه لم يجزئ عنه، وكذا لو حجّ شخص وجعل عمرته عن شخص وحجّه عن آخر لم يصحّ.
مسألة 2 : الأحوط أن لا يخرج من مكّة بعد الإحلال(2) عن عمرة التمتّع بلا
(1) أي في أشهر الحجّ من سنة واحدة.
(2) بل في أثنائها أيضاً.

(الصفحة394)

حاجة، ولو عرضته حاجة فالأحوط أن يحرم للحج من مكّة ويخرج لحاجته ويرجع مُحرماً لأعمال الحج، لكن لو خرج من غير حاجة ومن غير إحرام، ثمّ رجع وأحرم وحجّ صحّ حجّه(1).
مسألة 3 : وقت الإحرام للحج موسّع، فيجوز التأخير إلى وقت يدرك وقوف الاختياري من عرفة، ولا يجوز التأخير عنه، ويستحب الإحرام يوم التروية، بل هو أحوط.
مسألة 4 : لو نسي الإحرام وخرج إلى عرفات وجب الرجوع للإحرام من مكّة، ولو لم يتمكّن لضيق الوقت أو عذر أحرم من موضعه، ولو لم يتذكّر إلى تمام الأعمال صحّ حجّه. والجاهل بالحكم في حكم الناسي. ولو تعمّد ترك الإحرام إلى زمان فوت الوقوف بعرفة ومشعر بطل حجّه.
مسألة 5 : لا يجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلى غيره من القسمين الأخيرين اختياراً. نعم، لو ضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحج جاز له نقل النية إلى الإفراد، ويأتي بالعمرة بعد الحجّ. وحدّ ضيق الوقت خوف فوات الاختياري(2) من وقوف عرفة على الأصحّ. والظاهر عموم الحكم بالنسبة إلى الحج المندوب، فلو نوى التمتّع ندباً وضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ جاز له العدول إلى الإفراد، والأقوى عدم وجوب العمرة عليه.
مسألة 6 : لو علم مَن وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ قبل أن يدخل في العمرة، لايبعد جواز(3) العدول من الأوّل إلى الإفراد، بل لو
(1) إلاّ إذا كان رجوعه في غير شهر خروجه، فيجب أن يحرم ثانياً لعمرة التمتّع، وإلاّ فصحّة حجّه بعنوان التمتّع مشكلة، بل ممنوعة.
(2) بل فوات الجزء الركني من الوقوف المذكور.
(3) محل إشكال، بل عدم الجواز غير بعيد، وكذا فيما بعده.

(الصفحة395)

علم حال الإحرام بضيق الوقت جاز له الإحرام بحجّ الإفراد وإتيانه، ثمّ إتيان عمرة مفردة بعده، وتمّ حجّه وكفى عن حجّة الإسلام. ولو دخل في العمرة بنية التمتّع في سعة الوقت، وأخّر الطواف والسعي متعمّداً إلى أن ضاق الوقت، ففي جواز العدول وكفايته إشكال، والأحوط العدول وعدم الاكتفاء لو كان الحج واجباً عليه.
مسألة 7 : الحائض أو النفساء إذا ضاق وقتها عن الطهر وإتمام العمرة يجب عليها العدول إلى الإفراد والإتمام، ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحجّ، ولو دخل مكّة من غير إحرام لعذر وضاق الوقت أحرم لحج الإفراد وأتى بعد الحج بعمرة مفردة، وصحّ وكفى عن حجّة الإسلام.
مسألة 8 : صورة حج الإفراد كحج التمتّع إلاّ في شيء واحد; وهو أنّ الهدي واجب في حج التمتّع ومستحب في الإفراد.
مسألة 9: صورة العمرة المفردة كعمرة التمتّع إلاّ في أُمور: أحدها: أنّ في عمرة التمتّع يتعيّن التقصير ولا يجوز الحلق، وفي العمرة المفردة تخيّر بينهما.
ثانيها: أنـّه لايكون في عمرة التمتّع طواف النساء وإن كان أحوط، وفي العمرة المفردة يجب طواف النساء.
ثالثها: ميقات عمرة التمتّع أحد المواقيت الآتية، وميقات العمرة المفردة أدنى الحلّ، وإن جاز فيها الإحرام من تلك المواقيت.

القول في المواقيت

وهي المواضع التي عيّنت للإحرام، وهي خمسة لعمرة الحج:
الأوّل: ذوالحُلَيفة; وهو ميقات أهل المدينة ومن يمرّ على طريقهم، والأحوط

(الصفحة396)

الاقتصار على نفس مسجد الشجرة لا عنده في الخارج، بل لا يخلو من وجه.
مسألة 1 : الأقوى عدم جواز التأخير اختياراً إلى الجحفة; وهي ميقات أهل الشام. نعم، يجوز مع الضرورة لمرض أو ضعف أو غيرهما من الأعذار.
مسألة 2 : الجنب والحائض والنفساء جاز لهم الإحرام حال العبور عن المسجد إذا لم يستلزم الوقوف فيه، بل وجب عليهم حينئذ، ولو لم يمكن لهم بلاوقوف، فالجنب مع فقد الماء أو العذر عن استعماله يتيمّم للدخول والإحرام في المسجد، وكذا الحائض والنفساء بعد نقائهما. وأمّا قبل نقائهما، فإن لم يمكن لهما الصبر إلى حال النقاء فالأحوط(1) لهما الإحرام خارج المسجد عنده وتجديده في الجحفة أو محاذاتها.
الثاني: العقيق; وهو ميقات أهل نجد والعراق ومَن يمرّ عليه من غيرهم، وأوّله المسلخ، ووسطه غمرة، وآخره ذات عرق، والأقوى جواز الإحرام من جميع مواضعه اختياراً، والأفضل من المسلخ ثمّ من غمرة. ولو اقتضت التقية عدم الإحرام من أوّله والتأخير إلى ذات العرق فالأحوط التأخير، بل عدم الجواز(2) لايخلو من وجه.
الثالث: الجُحفة; وهي لأهل الشام ومصر ومغرب ومن يمرّ عليها من غيرهم.
الرابع: يَلَمْلَم; وهو لأهل اليمن ومَن يمرّ عليه.

(1) لا تجب رعاية هذا الاحتياط، بل الظاهر جواز الإحرام من خارج المسجد عنده وعدم لزوم التجديد.
(2) بل الظاهر هو الجواز بمعنى الصحة.

(الصفحة397)

الخامس: قَرن المنازل; وهو لأهل الطائف ومن يمرّ عليه.
مسألة 3 : تثبت تلك المواقيت مع فقد العلم بالبيّنة الشرعية أو الشياع الموجب للاطمئنان، ومع فقدهما بقول أهل الاطّلاع مع حصول الظن(1) فضلا عن الوثوق، فلو أراد الإحرام من المسلخ مثلاً ولم يثبت كون المحلّ الكذائي ذلك لابدّ من التأخير حتّى يتيقّن الدخول في الميقات.
مسألة 4 : مَن لم يمرّ على أحد المواقيت جاز له الإحرام من محاذاة أحدها، ولو كان في الطريق ميقاتان يجب الإحرام من محاذاة أبعدهما إلى مكّة على الأحوط(2)، والأولى تجديد الإحرام في الآخر.
مسألة 5 : المراد من المحاذاة أن يصل في طريقه إلى مكّة إلىموضع يكون الميقات على يمينه أو يساره بخطّ مستقيم، بحيث لو جاوز منه يتمايل الميقات إلى الخلف. والميزان هو المحاذاة العرفية لاالعقلية الدقّيّة، ويشكل(3) الاكتفاء بالمحاذاة من فوق، كالحاصل لمن ركب الطائرة، لو فرض إمكان الإحرام مع حفظ المحاذاة فيها، فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بها.
مسألة 6: تثبت المحاذاة بما يثبت به الميقات على ما مرّ، بل بقول أهلالخبرة وتعيينهم بالقواعد العلمية مع حصول الظن(4) منه.
مسألة 7 : ما ذكرنا من المواقيت هي ميقات عمرة الحجّ، وهنا مواقيت أُخر:

(1) مشكل، وفي العبارة تشويش.
(2) بل على الأقوى.
(3) لا يبعد الاكتفاء، ويمكن فرضه في الطائرة بالإضافة إلى وادي العقيق، الذي له مسافة كثيرة، وأمّا بالإضافة إلى مثل مسجد الشجرة فيمكن فرضه فيما يسمّى بـ «هليكوبتر»; لإمكان وقوفها مختصراً.
(4) قد عرفت الإشكال، بل هنا أقوى، خصوصاً مع التمكّن من الذهاب إلى الميقات.

(الصفحة398)

الأوّل: مكّة المعظّمة; وهي لحج التمتّع.
الثاني: دويرة الأهل أي المنزل، وهي لمن كان منزله دون الميقات إلى مكّة، بل لأهل مكّة. وكذا المجاور(1) الذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكّة، وإن كان الأحوط إحرامه من الجعرانة، فإنّهم يحرمون بحجّ الإفراد والقِران من مكّة. والظاهر أنّ الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة، وإلاّ فيجوز لهم الإحرام من أحد المواقيت.
الثالث: أدنى الحلّ، وهو لكلّ عمرة مفردة، سواء كانت بعد حج القران أو الإفراد أم لا، والأفضل أن يكون من الحديبيّة أو الجعرانة أو التنعيم، وهو أقرب من غيره إلى مكّة.

القول في أحكام المواقيت

مسألة 1 : لا يجوز الإحرام قبل المواقيت ولا ينعقد، ولا يكفي المرور عليها محرماً، بل لابدّ من إنشائه في الميقات، ويستثنى من ذلك موضعان:
أحدهما: إذا نذر الإحرام قبل الميقات، فإنّه يجوز ويصحّ ويجب العمل به، ولايجب تجديد الإحرام في الميقات ولا المرور عليها، والأحوط اعتبار تعيين المكان، فلا يصحّ نذر الإحرام قبل الميقات بلا تعيين على الأحوط، ولايبعد(2) الصحّة على نحو الترديد بين المكانين، بأن يقول: «لله عليّ أن أحرم إمّا من الكوفة أو البصرة» وإن كان الأحوط خلافه. ولا فرق بين كون الإحرام للحج الواجب أو
(1) وأمّا المجاور الذي لم ينتقل فرضه وأراد حجّ القِران أو الإفراد فاللازم الخروج إلى الجعرانة.
(2) والظاهر عدمها.

(الصفحة399)

المندوب أو للعمرة المفردة. نعم، لو كان للحج أو عمرة التمتّع يشترط أن يكون(1) في أشهر الحج.
مسألة 2 : لو نذر وخالف نذره عمداً أو نسياناً ولم يحرم من ذلك المكان لم يبطل إحرامه إذا أحرم من الميقات، وعليه الكفّارة إذا خالفه عمداً.
ثانيهما: إذا أراد إدراك عمرةرجب وخشيفوتها إنأخّر الإحرام إلى الميقات، فيجوز أن يحرم قبل الميقات، وتحسب له عمرة رجب، وإن أتى ببقية الأعمال في شعبان، والأولى الأحوط تجديده في الميقات، كما أنّ الأحوط التأخير إلى آخر الوقت، وإن كان الظاهر جوازه قبل الضيق إذا علم عدم الإدراك إذا أخّر إلى الميقات، والظاهر(2) عدم الفرق بين العمرة المندوبة والواجبة والمنذور فيهاونحوه.
مسألة 3 : لايجوز تأخير الإحرام عن الميقات، فلا يجوز(3) لمن أراد الحج أو العمرة أو دخول مكّة أن يجاوز الميقات اختياراً بلا إحرام، بلالأحوط(4) عدمالتجاوز عن محاذاة الميقات أيضاً، وإن كان أمامه ميقات آخر، فلو لم يحرم منه وجب العود إليه، بل الأحوط(5) العود وإن كان أمامه ميقات آخر. وأمّا إذا لم يرد النسك ولا دخول مكّة ـ بأن كان له شغل خارج مكّة وإن كان(6) في الحرم ـ فلا
(1) أي الإحرام المنذور.
(2) فيه نظر بل منع.
(3) في التفريع ما لا يخفى من المناقشة، فإنّ حرمة الإحرام بعد الميقات كحرمة الإحرام قبل الميقات حرمة تشريعية، وحرمة التجاوز عن الميقات من دون إحرام حرمة ذاتية، كحرمة الدخول في مكّة بغير إحرام.
(4) الأولى.
(5) هذا يرتبط بأصل المسألة; وهو التأخير عن الميقات.
(6) الظاهر أنّ إرادة دخول الحرم كإرادة دخول مكّة، ويكون في البين حكمان لاحكم واحد.

(الصفحة400)

يجب الإحرام.
مسألة 4 : لو أخّر الإحرام من الميقات عالماً عامداً، ولم يتمكّن من العود إليه لضيق الوقت أو لعذر آخر، ولم يكن أمامه ميقات آخر بطل إحرامه وحجّه، ووجب عليه الإتيان في السنة الآتية إذا كان مستطيعاً. وأمّا إذا لم يكن مستطيعاً فلا يجب، وإن أثم بترك الإحرام.
مسألة 5 : لو كان مريضاً ولم يتمكّن من نزع اللباس ولبس الثوبين يجزئه(1) النيةوالتلبية، فإذازال العذر نزعه ولبسهما، ولايجب عليهالعودإلى الميقات.
مسألة 6 : لو كان له عذر عن إنشاء أصل الإحرام في الميقات لمرض أو إغماء ونحو ذلك فتجاوز عنه ثمّ زال وجب عليه العود إلى الميقات مع التمكّن منه، وإلاّ أحرم(2) من مكانه، والأحوط العود إلى نحو الميقات بمقدار الإمكان، وإن كان الأقوى عدم وجوبه. نعم، لو كان في الحرم خرج إلى خارجه مع الإمكان، ومع عدمه يحرم من مكانه، والأولى الأحوط الرجوع إلى نحو خارج الحرم بمقدار الإمكان، وكذا الحال لو كان تركه لنسيان أو جهل بالحكم أو الموضوع، وكذا الحال لو كان غير قاصد(3) للنسك ولا لدخول مكّة فجاوز الميقات ثمّ بدا له ذلك، فإنّه يرجع إلى الميقات بالتفصيل المتقدّم. ولو نسي الإحرام ولم يتذكّر إلى آخر أعمال العمرة، ولم يتمكّن من الجبران فالأحوط بطلان عمرته، وإن كانت الصّحة غير بعيدة(4). ولو لم يتذكّر إلى آخر(5) أعمال الحج صحّت عمرته وحجّه.

(1) ويجوز له تأخير الإحرام إلى زوال المرض، ولكنّه خلاف الاحتياط.
(2) محلّ إشكال، وكذا ما بعده من الأحكام في الإغماء ونحوه.
(3) محلّ إشكال جدّاً.
(4) لم يقم دليل على الصحّة، بل الظاهر العدول إلى غير حجّ التمتّع.
(5) كما أنـّه لو لم يتذكّر في خصوص الحج إلى آخر أعماله صحّت بلا إشكال.
<<التالي الفهرس السابق>>