في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>


أحكام الحجّ


من


كتاب تحرير الوسيلة


مع تعليقات


سماحة الفقيه المحقق آية الله العظمى


الشيخ محمّد الفاضل اللنكراني (دامت بركاته)


(الصفحة5)

كتاب الـحـج

وهو من أركان الدين، وتركه من الكبائر، وهو واجب على كلّ من استجمع الشرائط الآتية .

مسألة 1 ـ لا يجب الحجّ في تمام العمر في أصل الشرع إلاّ مرّة واحدة، ووجوبه مع تحقّق شرائطه فوري ، بمعنى وجوب المبادرة إليه في العام الأوّل من الإستطاعة، ولا يجوز تأخيره، وإن تركه فيه ففي الثاني وهكذا.

مسألة 2 ـ لو توقف إدراكه على مقدمات بعد حصول الإستطاعة من السفر وتهيئة أسبابه ، وجب تحصيلها على وجه يدركه في ذلك العام، ولو تعددت الرفقة وتمكن من المسير بنحو يدركه مع كل منهم فهو بالتخيير، والأولى إختيار أوثقهم سلامة وإدراكاً، ولو وجدت واحدة(1) ولم يكن له محذور في الخروج معها


1 ـ أي بالفعل فلا ينافي التعدد كما يظهر من إستثناء صورة الوثوق به.

(الصفحة6)

لا يجوز(1) التأخير إلاّ مع الوثوق بحصول أخرى.

مسألة 3 ـ لو لم يخرج مع الأُولى مع تعدد الرفقة في المسألة السابقة أو مع وحدتها ، واتّفق عدم التمكن من المسير أو عدم إدراك الحج بسبب التأخير ، إستقر(2) عليه الحج وإن لم يكن آثماً، نعم لو تبين عدم إدراكه لو سار معهم أيضاً لم يستقر، بل وكذا لو لم يتبين إدراكه لم يحكم بالاستقرار.

القول في شرائط وجوب حجّة الإسلام

وهي أمور: أحدها: الكمال بالبلوغ والعقل، فلا يجب على الصبي وإن كان مراهقاً ، ولا على المجنون وإن كان أدوارياً إن لم يف دور إفاقته بإتيان تمام الأعمال مع مقدماتها الغير الحاصلة، ولو حج الصبي المميز صحّ لكن لم يجز عن حجة الإسلام، وإن كان واجداً لجميع الشرائط عدا البلوغ، والأقوى عدم اشتراط صحة حجّه بإذن الولي وإن وجب الإستئذان في بعض الصور.

مسألة 4 ـ يستحب للولي أن يحرم بالصبي غير المميز فيجعله محرماً ويلبسه ثوبي الإحرام ، وينوي عنه، ويلقّنه التلبية إن أمكن، وإلاّ يلبي عنه، ويجنبه عن محرمات الإحرام، ويأمره بكل من أفعاله،


1 ـ لكن لا بنحو يترتب عليه إستحقاق العقوبة على نفس التأخير.
2 ـ في الإستقرار إشكال كما يأتي إن شاء الله تعالى.

(الصفحة7)

وإن لم يتمكن شيئاً منها ينوب عنه، ويطوف به(1)، ويسعى به، ويقف
به في عرفات ومشعر ومنى، ويأمره بالرمي، ولو لم يتمكن يرمي عنه، ويأمره بصلاة الطواف، وإن لم يقدر يصلي عنه، ويأمره بالوضوء للصلاة، ومع عدم تمكنه يتوضأ عنه ويصلي الولي ، وإن كان الأحوط إتيان الطفل صورة الوضوء والصلاة أيضاً، وأحوط منه توضؤه لو لم يتمكن من إتيان صورته.

مسألة 5 ـ لا يلزم أن يكون الولي محرماً في الإحرام بالصبي، بل يجوز ذلك وإن كان مُحلاًّ.

مسألة 6 ـ الأحوط أن يقتصر في الإحرام بغير المميز على الولي الشرعي ، من الأب والجدّ والوصي لأحدهما والحاكم وأمينه أوالوكيل منهم والأم وإن لم تكن ولياً، والإسراء إلى غيرالولي الشرعي ممن يتولى أمر الصبي ويتكفله مشكل ، وإن لا يخلو من قرب(2).

مسألة 7 ـ النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الولي لا من مال الصبي ، إلاّ إذا كان حفظه موقوفاً على السفر به(3)، فمؤونة أصل السفر حينئذ على الطفل ، لا مؤونة الحج به لو كانت زائدة.

مسألة 8 ـ الهدي على الولي ، وكذا كفّارة الصيد، وكذا سائر الكفّارات على الأحوط.


1 ـ بعد أن يتوضأ هو والطفل أو يوضأه احتياطاً.
2 ـ بل في غاية البعد.
3 ـ أو كان السفر مصلحة له.

(الصفحة8)

مسألة 9 ـ لو حجّ الصبي المميز وأدرك المشعر بالغاً، والمجنون وكمل قبل المشعر ، يُجزيهما عن حجّة الإسلام على الأقوى، وإن كان الأحوط الإعادة بعد ذلك مع الإستطاعة.

مسألة 10 ـ لو مشى الصبي إلى الحج فبلغ قبل أن يحرم من الميقات وكان مستطيعاً ولو من ذلك الموضع ، فحجّه حَجة الإسلام.

مسألة 11 ـ لو حج ندباً بإعتقاد أنـّه غير بالغ فبان بعد الحج خلافه، أو باعتقاد عدم الإستطاعة فبان خلافه ، لا يجزي عن حجة الإسلام على الأقوى، إلاّ إذا أمكن الإشتباه في التطبيق.

ثانيها: الحرية .

ثالثها: الإستطاعة من حيث المال ، وصحة البدن وقوته ، وتخلية السرب ، وسلامته ، وسعة الوقت ، وكفايته.

مسألة 12 ـ لا تكفي القدرة العقلية في وجوبه، بل يشترط فيه الإستطاعة الشرعيّة، وهي الزاد والراحلة وسائر ما يعتبر فيها، ومع فقدها لا يجب ولا يكفي عن حجة الإسلام من غير فرق بين القادر عليه بالمشي مع الإكتساب بين الطريق وغيره، كان ذلك مخالفاً لزيّه وشرفه أم لا، ومن غير فرق بين القريب(1) والبعيد.

مسألة 13 ـ لا يشترط وجود الزاد والراحلة عنده عيناً، بل يكفي وجود ما يمكن صرفه في تحصيلهما من المال، نقداً كان أو غيره من العروض.


1 ـ اعتبار الراحلة في القريب محل إشكال ، بل عدمه لا يخلو عن قوة.

(الصفحة9)

مسألة 14 ـ المراد من الزاد والراحلة ما هو المحتاج إليه في السفر بحسب حاله قوةً وضعفاً وشرفاً وضعةً، ولا يكفي ما هو دون ذلك، وكلّ ذلك موكول إلى العرف، ولو تكلف بالحج مع عدم ذلك لا يكفي عن حجة الإسلام، كما أنـّه لو كان كسوباً قادراً على تحصيلهما في الطريق لا يجب ولا يكفي عنه.

مسألة 15 ـ لا يعتبر الإستطاعة من بلده ووطنه، فلو استطاع العراقي أو الإيراني وهو في الشام أو الحجاز وجب ، وإن لم يستطع من وطنه، بل لو مشى إلى قبل الميقات متسكعاً أو لحاجة ، وكان هناك جامعاً لشرائط الحج ، وجب ويكفي عن حجة الإسلام، بل لو أحرم متسكعاً فاستطاع وكان أمامه ميقات آخر يمكن القول(1) بوجوبه وإن لا يخلو من إشكال.

مسألة 16 ـ لو وجد مركب كسيّارة أو طيّارة ، ولم يوجد شريك للركوب فإن لم يتمكن من أجرته لم يجب عليه، وإلاّ وجب ، إلاّ أن يكون حرجيّاً عليه، وكذا الحال في غلاء الأسعار في تلك السّنة، أو عدم وجود الزاد والراحلة إلاّ بالزيادة عن ثمن المثل، أو توقف السير على بيع أملاكه بأقل منه.

مسألة 17 ـ يعتبر في وجوب الحج وجود نفقة العود إلى وطنه إن أراده، أو إلى ما أراد التوقف فيه بشرط أن لا تكون نفقة العود إليه


1 ـ ولكن هذا القول ضعيف ، وعلى تقديره لافرق بين ما إذا كان أمامه ميقات آخر وما إذا لم يكن.

(الصفحة10)

أزيد من العود إلى وطنه ، إلاّ إذا ألجأته الضرورة إلى السكنى فيه(1).

مسألة 18 ـ يعتبر في وجوبه وجدان نفقة الذهاب والإياب زائداً عمّا يحتاج إليه في ضروريات معاشه، فلا تباع دار سكناه اللائقة بحاله، ولا ثياب تجمّله، ولا أثاث بيته، ولا آلات صناعته، ولا فرس ركوبه ، أو سيّارة ركوبه، ولا سائر ما يحتاج إليه بحسب حاله وزيّه وشرفه، بل ولا كتبه العلمية المحتاج إليها في تحصيله(2)، سواء كانت من العلوم الدينية أو من العلوم المباحة المحتاج إليها في معاشه وغيره، ولا يعتبر في شيء منها الحاجة الفعلية، ولو فرض وجود المذكورات أو شيء منها بيده(3) من غير طريق الملك كالوقف ونحوه ، وجب(4) بيعها للحج بشرط كون ذلك غير مناف لشأنه ولم تكن المذكورات في معرض الزوال.

مسألة 19 ـ لو لم يكن المذكورات زائدة على شأنه عيناً لا قيمة يجب تبديلها وصرف قيمتها في مؤونة الحج ، أو تتميمها بشرط عدم كونه حرجاً ونقصاً ومهانةً عليه ، وكانت الزيادة بمقدار المؤونة أو متممة لها ولو كانت قليلة.

مسألة 20 ـ لو لم يكن عنده من أعيان ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه وتكسبه وكان عنده من النقود ونحوها ما يمكن


1 ـ بل إلى العود إليه للسكنى ، لا مجرد السكنى فيه.
2 ـ أو العمل.
3 ـ أو أمكنه تحصيلها.
4 ـ بمعنى صيرورته مستطيعاً ، لا وجوب البيع بنفسه.

(الصفحة11)

شراؤها يجوز صرفها في ذلك، من غير فرق بين كون النقد عنده
ابتداءاً أو بالبيع بقصد التبديل أو لا بقصده، بل لو صرفها في الحج ففي كفاية حجّه عن حجة الإسلام إشكال بل منع، ولو كان عنده ما يكفيه للحجّ ونازعته نفسه للنكاح جاز صرفه فيه بشرط كونه ضرورياً بالنسبة إليه ، إمّا لكون تركه مشقة عليه أو موجباً لضرر أو موجباً للخوف(1) في وقوع الحرام، أو كان تركه نقصاً ومهانة عليه ، ولو كانت عنده زوجة ولا يحتاج إليها وأمكنه طلاقها وصرف نفقتها في الحج لا يجب ولا يستطيع.

مسألة 21 ـ لو لم يكن عنده ما يحجّ به ، ولكن كان له دين على شخص بمقدار مؤونته أو تتميمها، يجب اقتضاؤه إن كان حالاًّ ولو بالرجوع إلى حاكم الجور مع فقد حاكم الشرع أو عدم بسط يده، نعم لو كان الاقتضاء حرجيّاً أو المديون معسراً لم يجب(2)، وكذا لو لم يمكن إثبات الدين، ولو كان مؤجلا والمديون باذلا يجب أخذه وصرفه فيه، ولا يجب في هذه الصورة مطالبته ، وإن علم(3) بأدائه لو طالبه، ولو كان غير مستطيع وأمكنه الاقتراض للحج والأداء بعده بسهولة لم يجب ولا يكفي(4) عن حجة الإسلام، وكذا لو كان له مال غائب لا يمكن صرفه في الحج فعلا، أو مال حاضر كذلك، أو دين


1 ـ جواز الصرف في النكاح في هذا الفرض محل إشكال.
2 ـ إلاّ إذا امكن بيعه بأقلّ نقداً وكان الأقلّ كافياً.
3 ـ عدم الوجوب في صورة العلم محل إشكال بل منع.
4 ـ يجري فيه التفصيل الآتي في الدين،فلاوجه للحكم بعدم الكفاية بنحوالإطلاق.

(الصفحة12)

مؤجّل لا يبذله المديون قبل أجله ، لا يجب الإستقراض والصرف في الحج، بل كفايته على فرضه عن حجة الإسلام مشكل بل ممنوع(1).

مسألة 22 ـ لوكان عنده ما يكفيه للحج وكان عليه دين، فإن كان مؤجلاً وكان مطمئناً بتمكنه من أدائه زمان حلوله مع صرف ما عنده وجب، بل لا يبعد وجوبه مع التعجيل ورضا دائنه بالتأخير مع الوثوق بامكان الأداء عند المطالبة، وفي غير هاتين الصورتين لا يجب(2)، ولا فرق في الدين بين حصوله قبل الإستطاعة أو بعدها ، بأن تلف مال الغير على وجه الضمان عنده بعدها، وإن كان عليه(3)خمس أو زكاة وكان عنده مايكفيه للحج لولا هما فحالهما حال الدين مع المطالبة، فلا يكون(4) مستطيعاً، والدين المؤجل بأجل طويل جداً كخمسين سنة، وما هو مبني على المسامحة وعدم الأخذ رأساً، وما هو مبني على الإبراء مع الإطمئنان بذلك، لم يمنع(5) عن الإستطاعة.

مسألة 23 ـ لو شك في أن ماله وصل إلى حد الإستطاعة، أو علم مقداره وشك في مقدار مصرف الحج وأنه يكفيه، يجب عليه الفحص على الأحوط.


1 ـ قد مرّ الإشكال في إطلاقه في الحاشية السابقة.
2 ـ بل يجب تخييراً.
3 ـ أي كان على ذمّته ، وأما لو كان متعلقاً بالعين فلا إشكال في تقدمه على الحج ، وكذا على سائر الديون وهكذا في الزكاة.
4 ـ بناء على تقدم الدّين وكون الوجه فيه هو عدم الإستطاعة.
5 ـ بل يمنع في بعض الصور وعلى مبنى التزاحم كما هوالحق يقع التزاحم في ذلك البعض أيضاً.

(الصفحة13)

مسألة 24 ـ لو كان مابيده بمقدار الحج وله مال لو كان باقياً يكفيه في رواج أمره بعد العود وشك في بقائه، فالظاهر وجوب الحج ، كان المال حاضراً عنده أو غائباً.

مسألة 25 ـ لوكان عنده مايكفيه للحج فإن لم يتمكن من المسير لأجل عدم الصحة في البدن ، أو عدم تخلية السرب فالأقوى جواز التصرف فيه بما يخرجه عن الإستطاعة، وإن كان لأجل عدم تهيئة الأسباب أو فقدان الرفقة فلا يجوز ، مع إحتمال الحصول فضلاً عن العلم به، وكذا(1) لا يجوز التصرف قبل مجيء وقت الحج، فلو تصرف استقر عليه، لو فرض رفع العذر فيما بعد في الفرض الأول، وبقاء الشرائط في الثاني، والظاهر جواز التصرف لولم يتمكن في هذا العام وإن علم بتمكنه في العام القابل فلا تجب إبقاء المال إلى السنين القابلة.

مسألة 26 ـ إن كان له مال غائب بقدر الإستطاعة، وحده أو مع غيره، وتمكن من التصرف فيه ولو بالتوكيل يكون مستطيعاً وإلاّ فلا، فلو تلف في الصورة الأولى بعد مضي الموسم، أو كان التلف بتقصير منه ولو قبل أوان خروج الرفقة، استقر عليه الحج على الأقوى، وكذا الحال لو مات مورِّثه وهو في بلد آخر.

مسألة 27 ـ لو وصل ماله بقدر الإستطاعة وكان جاهلاً به، أو غافلا عن وجوب الحج عليه ، ثم تذكر بعد تلفه بتقصير منه ولو قبل أوان خروج الرفقة، أو تلف ولو بلا تقصير منه بعد مضي الموسم،


1 ـ لم يعلم المراد من هذا الفرض.

(الصفحة14)

استقر عليه مع حصول سائر الشرائط حال وجوده.

مسألة 28 ـ لو اعتقد أنـّه غير مستطيع فحجّ ندباً، فإن أمكن فيه الاشتباه في التطبيق، صحّ وأجزأ عن حجة الإسلام، لكن حصوله مع العلم والالتفات بالحكم والموضوع مشكل ، وإن قصد الأمر الندبي على وجه التقييد لم يجز عنه، وفي صحة حجّه تأمل، وكذا لو علم باستطاعته ثم غفل عنها، ولو تخيّل عدم فوريته فقصد الندب لا يجزي، وفي صحته تأمل.

مسألة 29 ـ لايكفي(1) في وجوب الحج الملك المتزلزل، كما لو صالحه شخص بشرط الخيار إلى مدّة معينة إلاّ إذا كان واثقاً بعدم فسخه، لكن لو فرض فسخه يكشف عن عدم استطاعته.

مسألة 30 ـ لو تلفت بعد تمام الأعمال مؤونة عوده إلى وطنه، أو تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه، بناءاً على اعتبار الرجوع إلى الكفاية في الإستطاعة، لا يجزيه(2) عن حجة الإسلام، فضلاً عمّا لو تلف قبل تمامها سيما إذا لم يكن له مؤونة الإتمام.

مسألة 31 ـ لو حصلت الإستطاعة بالإباحة اللازمة وجب الحج، ولو أوصي له بما يكفيه له فلا يجب عليه بمجرد موت الموصي، كما لا يجب عليه القبول.

مسألة 32 ـ لو نذر قبل حصول الإستطاعة زيارة أبي عبدالله


1 ـ الظاهر هو الكفاية ولايعتبر الوثوق.
2 ـ محل إشكال.

(الصفحة15)

الحسين(عليه السلام) مثلاً في كلّ عرفة فاستطاع يجب عليه الحج بلا إشكال،
وكذا الحال لو نذر أو عاهد مثلا بما يضاد الحج، ولو زاحم الحج واجب ، أو استلزمه فعل حرام يلاحظ الأهمّ عند الشارع الأقدس.

مسألة 33 ـ لو لم يكن له زاد و راحلة ولكن قيل له: حجّ وعليّ نفقتك ونفقة عيالك، أو قال: حجّ بهذا المال، وكان كافياً لذهابه و إيابه ولعياله(1) وجب عليه، من غير فرق بين تمليكه للحجّ أو إباحته له، ولا بين بذل العين أو الثمن، ولابين وجوب البذل وعدمه، ولا بين كون الباذل واحداً أو متعدداً، نعم يعتبر الوثوق(2) بعدم رجوع الباذل، ولو كان عنده بعض النفقة فبذل له البقية وجب أيضاً، ولو لم يبذل تمام النفقة أو نفقة عياله لم يجب، ولا يمنع الدين(3) من وجوبه، ولو كان حالاًّ والدائن مطالباً وهو متمكن من أدائه لولم يحج ففي كونه مانعاً وجهان(4)، ولا يشترط الرجوع إلى الكفاية فيه، نعم يعتبر أن لا يكون الحج موجباً لاختلال أمور معاشه فيما يأتي لأجل غيبته.

مسألة 34 ـ لو وهبه ما يكفيه للحج لأن يحجّ وجب عليه القبول على الأقوى، وكذا لو وهبه وخيّره بين أن يحجّ أو لا. وأما لو لم


1 ـ اعتبار نفقة العيال محل إشكال.
2 ـ اعتبار الوثوق محل إشكال ، سواء أريد به الاعتبار بالاضافة إلى الحكم الواقعي أو أريد به الحكم الظاهري.
3 ـ فيما إذا كان المبذول تمام النفقة ، وأما إذا كان البعض فيجري في غير المبذول حكم الدين المذكور في الاستطاعة المالية.
4 ـ ويجري ذلك فيما إذا كان الدين مؤجلاً ، ولكن كان البقاء في المحل موجباً للتمكن من أدائه ولو تدريجاً.

(الصفحة16)

يذكر الحج بوجه فالظاهر عدم وجوبه. ولو وقف شخص لمن يحجّ أو
أوصى ، أو نذر كذلك، فبذل المتصدي الشرعي وجب. وكذا لو أوصى له بما يكفيه بشرط أن يحجّ فيجب بعد موته. ولو أعطاه خمساً أو زكاة وشرط عليه الحج لغى الشرط ولم يجب، نعم لو أعطاه من سهم سبيل الله ليحجّ لا يجوز(1) صرفه في غيره، ولكن لايجب عليه القبول، ولا يكون من الإستطاعة المالية ولا البذلية، ولو استطاع بعد ذلك وجب عليه الحج.

مسألة 35 ـ يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام، وكذا بعده على الأقوى، ولو وهبه للحج فقبل فالظاهر جريان حكم سائر الهبات عليه، ولو رجع عنه في أثناء الطريق فلا يبعد أن يجب عليه نفقة عوده، ولو رجع بعد الإحرام فلا يبعد(2)وجوب بذل نفقة إتمام الحج عليه(3).

مسألة 36 ـ الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل(4)، وأمّا الكفّارات فليست على الباذل وإن أتى بموجبها اضطراراً أو جهلاً أو نسياناً، بل


1 ـ أي إذا قبل، وفي ترتيب العبارة مسامحة واضحة.
2 ـ على تقدير وجوب الإتمام وهو محل تأمّل.
3 ـ وكذا نفقة العود.
4 ـ أي ضمانه عليه بناءاً على وجوب الإتمام وكون نفقته على الباذل فيما إذا كان رجوعه بعد الإحرام كما مر في المسألة السابقة، أو يجب عليه مطلقاً، إذا كان البذل واجباً بالنذر أو شبهه، أو إذا قال في مقام البذل حجِّ و عليّ نفقتك، لا ما إذا قال : حجِّ بهذا المال.

(الصفحة17)

على نفسه.

مسألة 37 ـ الحج البذلي مجز عن حجة الإسلام سواء بذل تمام النفقة أو متممها(1)، ولو رجع عن بذله في الأثناء وكان في ذلك المكان متمكناً عن الحج من ماله وجب عليه(2)، ويجزيه عن حجة الإسلام إن كان واجداً لسائر الشرائط قبل إحرامه، وإلاّ فإجزاؤه محل إشكال.

مسألة 38 ـ لو عين مقداراً ليحجّ به، واعتقد كفايته، فبان عدمها، فالظاهر عدم وجوب الإتمام عليه، سواء جاز الرجوع له أم لا. ولو بذل مالاً ليحجّ به فبان بعد الحج أنـّه كان مغصوباً، فالأقوى عدم كفايته عن حجة الإسلام. وكذا لو قال: حجّ وعليّ نفقتك ، فبذل مغصوباً.

مسألة 39 ـ لو قال: اقترض وحجّ وعليّ دينك ، ففي وجوبه عليه نظر . ولو قال: إقترض لي وحجّ به وجب مع وجود المقرض كذلك.

مسألة 40 ـ لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج بأجرة يصير بها مستطيعاً وجب عليه الحج. ولو طلب منه إجارة نفسه للخدمة بما


1 ـ بشرط أن يكون المتمم (بالفتح) واجداً لخصوصية الإستطاعة المالية، وهي أن يكون زائداً على مايحتاج إليه في معاشه من الدار والثياب ونحوهما.
2 ـ وكذا إذا لم يكن متمكناً من ماله. ولكن قيل بوجوب الإتمام عليه وثبوت نفقته على الباذل وتحقق الإنفاق خارجاً، ولا يعتبر في هذا الفرض وجود سائر الشرائط.

(الصفحة18)

يصير مستطيعا لايجب عليه القبول. ولو آجر نفسه للنيابة عن الغير
فصار مستطيعاً بمال الإجارة، قدم الحج النيابي إن كان الاستيجار للسنة الأولى، فإن بقيت الإستطاعة إلى العام القابل وجب عليه الحج لنفسه. ولو حجّ بالإجارة، أو عن نفسه أو غيره تبرعاً، مع عدم كونه مستطيعاً ، لا يكفيه عن حجة الإسلام.

مسألة 41 ـ يشترط في الإستطاعة وجود ما يمون به عياله حتى يرجع، والمراد بهم من يلزمه نفقته، لزوماً عرفياً وإن لم يكن واجب النفقة شرعاً، على الأقوى.

مسألة 42 ـ الأقوى إعتبار الرجوع إلى الكفاية، من تجارة أو زراعة ، أو صنعة ، أو منفعة ملك كبستان ودكان ونحوهما، بحيث لايحتاج إلى التكفف ، ولا يقع في الشدة والحرج، ويكفي كونه قادراً على التكسب اللائق بحاله أو التجارة باعتباره ووجاهته، ولايكفي(1)أن يمضي أمره بمثل الزكاة والخمس وكذا من الإستعطاء كالفقير الّذي من عادته ذلك ولم يقدر على التكسب، وكذا من لايتفاوت حاله قبل الحج وبعده على الأقوى، فإذا كان لهم مؤونة الذهاب والاياب ومؤونة عيالهم لم يكونوا مستطيعين، ولم يكف حجهم عن حجة الإسلام.

مسألة 43 ـ لايجوز لكل من الولد والوالد أن يأخذ من مال الآخر ويحجّ به. ولا يجب على واحد منهما البذل له. ولايجب عليه


1 ـ الظاهر هو الكفاية في الفروض الثلاثة.

(الصفحة19)

الحج، وإن كان فقيراً وكانت نفقته على الآخر ولم يكن نفقة السفر
أزيد من الحضر، على الأقوى.

مسألة 44 ـ لو حصلت الاستطاعة لا يجب أن يحجّ من ماله. فلو حجّ متسكعاً أو من مال غيره ولو غصباً صحّ وأجزأه، نعم الأحوط عدم صحة صلاة الطواف مع غصبية ثوبه ولو شراه بالذمة أو شرى الهدي كذلك، فإن كان بناؤه الأداء من الغصب ففيه إشكال(1)، وإلاّ فلا إشكال في الصحة، وفي بطلانه مع غصبية ثوب الإحرام والسعي إشكال، والأحوط(2) الاجتناب.

مسألة 45 ـ يشترط في وجوب الحج الاستطاعة البدنية، فلا يجب على مريض لايقدر على الركوب، أو كان حرجاً عليه ولو على المحمل والسيّارة والطيّارة، ويشترط أيضاً الإستطاعة الزمانية، فلا يجب لو كان الوقت ضيقاً لايمكن الوصول إلى الحج، أو أمكن بمشقة شديدة، والاستطاعة السربية، بأن لا يكون في الطريق مانع لايمكن معه الوصول إلى الميقات، أو إلى تمام الأعمال، وإلاّ لم يجب، وكذا لو كان خائفاً(3) على نفسه ، أو بدنه ، أو عرضه ، أو ماله، وكان الطريق منحصراً فيه، أو كان جميع الطرق كذلك. ولو كان طريق الأبعد مأموناً يجب الذهاب منه. ولو كان الجميع مخوفاً لكن يمكنه الوصول


1 ـ كما أنـّه لو كان الثمن المعيّن مغصوباً لا إشكال في البطلان.
2 ـ يجوز ترك هذا الاحتياط.
3 ـ في ارتفاع الوجوب بمجرد الخوف إشكال، إلاّ إذا كان حرجيّاً، وبدونه يرتفع في خصوص صورة الخوف على النفس.

(الصفحة20)

إليه بالدوران في بلاد بعيدة نائية لاتعدّ طريقاً إليه، لا يجب على الأقوى.

مسألة 46 ـ لو استلزم الذهاب إلى الحج تلف مال له في بلده معتدّبه بحيث يكون تحمّله حرجاً عليه لم يجب. ولو استلزم ترك واجب أهم منه، أو حرام كذلك، يقدّم الأهم، لكن إذا خالف وحجَّ صحّ وأجزأه عن حجة الإسلام. ولو كان في الطريق ظالم لا يندفع إلاّ بالمال، فإن كان مانعاً عن العبور، ولم يكن السرب مخلّى عرفاً ولكن يمكن تخليته بالمال لا يجب، وإن لم يكن كذلك لكن يأخذ من كل عابر شيئاً يجب، إلاّ إذا كان دفعه حرجيّاً.

مسألة 47 ـ لو اعتقد كونه بالغاً فحجَّ، ثم بان خلافه لم يجز عن حجة الإسلام. وكذا لو اعتقد كونه مستطيعاً مالا، فبان الخلاف. ولو اعتقد عدم الضرر أو الحرج، فبان الخلاف، فإن كان الضرر نفسياً(1)أو مالياً بلغ حد الحرج، أو كان الحجّ حرجيّاً، ففي كفايته إشكال، بل عدمها لايخلو من وجه. وأما الضرر المالي غير البالغ حدّ الحرج فغير مانع عن وجوب الحج. نعم لو تحمل الضرر والحرج حتى بلغ الميقات فارتفع الضرر والحرج وصار مستطيعاً، فالأقوى كفايته. ولو اعتقد عدم المزاحم الشرعي الأهم فحجَّ فبان الخلاف صح. ولو اعتقد كونه


1 ـ إن كان المراد بالضرر النفسي ما يعمّ البدني فاللازم التقييد بالحرج، وإن كان المراد خصوص تلف النفس فمع أنه لا يلائم مع فرض المسألة، لأن المفروض فيها أنه بان الخلاف بعد الحج، يكون هذا من قبيل التزاحم، الذي حكم فيه بالصحة والإجزاء.
<<التالي الفهرس السابق>>