جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، النجاسات و أحكامها « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>

الصفحة 322

كالعبيد المعتقة.

وامّا ضمان من نجسه فيبتني على انّه لو تحقّق التخريب من مكلّف ابتداءً لا لمصلحة المسجد هل يجب عليه الإرجاع إلى الحالة الاُولى وتعمير المسجد كما كان أم لا؟ فعلى الأوّل يتحقّق الضمان في المقام لأنّ التنجيس صار موجباً لثبوت التكليف بالإزالة المتوقّف موافقته على التخريب، وعلى الثاني لا وجه لثبوته فيه.

وممّا ذكرنا ظهر انّ الحكم بالضمان في هذه الصورة أشدّ إشكالاً من الحكم به في الفرض السابق وإن كان المستفاد من المتن خلاف ذلك ضرورة انّ الضمان هناك كان بالإضافة إلى المتصدّي للإزالة المباشر لها، وامّا هنا فالضمان انّما يكون بالنظر إلى نفس المسجد.

المقام السادس: في مزاحمة إزالة النجاسة عن المسجد مع الصلاة فيما إذا حضر وقتها وقد اُفيد في المتن انّه مع سعة وقت الصلاة تكون الإزالة مقدّمة عليها ومع ذلك لو تركها واشتغل بالصلاة تكون صلاته صحيحة. غاية الأمر تحقّق العصيان بترك الإزالة لأنّها كانت واجبة على الفور ومع ضيق وقت الصلاة تكون الصلاة مقدّمة على الإزالة، فالكلام يقع في موردين:

المورد الأوّل: ما إذا كان وقت الصلاة متّسعاً والبحث فيه عن حكمين:

الحكم الأوّل: تقدّم الإزالة على الصلاة ومرجعه إلى ثبوت التزاحم بين الحكمين وأهمية وجوب الإزالة بالإضافة إلى وجوب الصلاة أو كونه محتمل الأهمّية فقط، امّا التزاحم فلظهور ثبوت الملاك والمناط في كليهما ضرورة بقاء وجوب الصلاة على ملاكه وبقاء وجوب الإزالة على ملاكه أيضاً وعدم ارتفاعه بمجرّد المزاحمة، وامّا الأهمّية فلكون وجوب الإزالة على الفور وكونها من الواجبات المضيقة والمفروض سعة وقت الصلاة. ومن المعلوم انّ الواجب الموسّع لا مجال له مع

الصفحة 323

الواجب المضيّق بل لا تزاحم بينهما أصلاً كما لا يخفى.

الحكم الثاني: صحّة الصلاة مع ترك الإزالة وتحقّق العصيان والاشتغال بها وقدد ذكر لها وجوه:

الأوّل: صحّة الترتّب الراجعة إلى ثبوت الأمر بالمهمّ عند عصيان الأمر بالأهمّ وكون الأمر بالأهمّ مطلقاً والأمر بالمهمّ مشروطاً بعصيانه ومخالفته وعليه فصحّة الصلاة في مفروض المسألة انّما هي لكونها مأموراً بها عند عصيان الأمر بالإزالة وتركها وهذه ـ أي مسألة الترتّب ـ مسألة معروفة محرّرة في الاُصول.

الثاني: ما اختاره المحقّق الخراساني (قدس سره) بعد الحكم بامتناع الترتّب واستحالته من كفاية الملاك في تصحيح العبادة وعدم الحاجة إلى تعلّق الأمر بها أصلاً.

الثالث: ما اختاره أيضاً في آخر كلامه من انّ الأمر في الواجب الموسّع انّما تعلّق بالطبيعي الجامع بين تمام الأفراد، والفرد المزاحم مع الواجب المضيّق وإن كان لم يتعلّق به أمر حتّى في غير مورد التزاحم إلاّ انّه لا مانع من الإتيان به بداعي الأمر المتعلّق بالطبيعة المفروض ثبوته وعدم ارتفاعه لأنّه لا وجه لارتفاعه بعد كونه بنحو الواجب الموسّع والمزاحمة مع المضيّق انّما هي بالإضافة إلى بعض أفراده. فالإتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر بالطبيعة لا مانع منه، فالصلاة في الفرض صحيحة ولو قلنا بعدم كفاية الملاك في صحّة العبادة واحتياجها إلى الأمر.

مع انّه ربّما يقال بأنّه لا طريق إلى إحراز الملاك غير الأمر المتعلّق بالعبادة فمع فرض سقوط الأمر لأجل المزاحمة من أين يستكشف ثبوت الملاك حتّى يكون كافياً وإن كان هذا الايراد في غير محلّه ضرورة انّ فرض التزاحم مساوق مع إحراز الملاك في كلا الواجبين مضافاً إلى انّه من الواضح انّ الصلاة في الفرض لم يحدث لها جهة سوى المزاحمة وعدم إمكان الإتيان بالمتزاحمين في زمان واحد فلا

الصفحة 324

مجال لخروجها عن الملاك الذي كانت عليه.

نعم ربّما يقال في الوجه الثالث إنّ تصحيح العبادة من طريقه انّما يبتني على عدم كون الأمر بالشيء مقتضياً للنهي عن ضدّه الخاص ضرورة انّه مع القول بالاقتضاء لا مناص من الحكمب البطلان في مفروض المسألة.

مع انّه على هذا التقدير أيضاً تكون الصلاة صحيحة لأنّ النهي الناشئ من قبل الأمر بالضدّ ـ على تقديره ـ نهي غيري وهو لا يمتنع اجتماعه مع العبادة فانّه كما انّ الأمر الغيري لا يكون مقرّباً كذلك النهي الغيري لا يوجب تحقّق المبغوضية ومع انتفائها وصلاحية العمل للمقرّبية تقع العبادة صحيحة.

الرابع: ما هو الحقّ تبعاً لما أفاده سيّدنا العلاّمة الاستاذ الماتن ـ دام ظلّه ـ في مباحثه الاُصولية من تصوير الأمر بالأهمّ والمهمّ في عرض واحد من دون تقييد الأمر بالمهمّ بالعصيان للأمر بالأهمّ أو بالبناء عليه بل كلاهما ثابتان في رتبة واحدة ولا يلزم من ذلك محذور أصلاً وهو يبتني على مقدّمات كثيرة دقيقة مذكورة في محلّها ونتيجتها صحّة الصلاة في مفروض المسألة لعدم تفاوت بينها وبين سائر الأفراد في الجهة المرتبطة بالصحّة والعبادية أصلاً.

المورد الثاني: ما إذا كان وقت الصلاة مضيّقاً ولا خفاء ـ حينئذ ـ في تقدّمها على الإزالة لأنّه ـ مضافاً إلى عدم شمول أدلّة الوجوب ـ التي عرفت انّ عمدتها الإجماع وارتكاز المتشرّعة ـ لمثل هذا المورد الذي يستلزم الاشتغال بالإزالة ترك الصلاة في وقتها ـ يدلّ على تقدّم الصلاة ما ورد فيها من كونها عمود الدين وانّها لا تترك بحال ومثل ذلك من التعبيرات التي تكشف عن أهمّيتها بالإضافة إلى سائر الواجبات وعليه فلا إشكال في تقدّمها على الإزالة واتّصافها بالصحّة.

بقي في هذا المقام فرع: وهو انّه إذا وقع التزاحم بين الإزالة والصلاة في أثناء

الصفحة 325

الصلاة كما إذا تنجّس المسجد في حال الاشتغال بالصلاة والتفت المصلّي إليه أو علم في الأثناء بوقوعه قبل الصلاة أو كان عالماً به قبلها ثمّ غفل وصلّى فتذكّر في الأثناء ومثل الصورة الأخيرة ما إذا علم قبلها وصلّى مع الالتفات عصياناً ثمّ ندم وبنى على ترك العصيان في أثناء الصلاة فهل الحكم عبارة عن لزوم قطع الصلاة والاشتغال بالإزالة ثمّ إعادتها أو انّه عبارة عن لزوم الإتمام ثمّ الإزالة بعدها أو يمكن التفصيل بين الصور المذكورة؟ ومن المعلوم انّ محلّ الكلام ما إذا لم يمكن الجمع بين الإزالة والإتمام، وامّا إذا أمكن كما إذا لم تكن الإزالة مستلزمة للانحراف ولا لتحقّق الفعل الكثير القاطع لها فلا إشكال في لزوم كلا الأمرين من دون أن يكون هناك شكّ وارتياب في البين كما انّ محلّ الكلام ما إذا كان الإتمام موجباً للإخلال بالفورية العرفية، وامّا مع عدم الإخلال كما إذا كان في أواخر صلاته فلا ريب في وجوب الإتمام.

وامّا مع عدم الإمكان واستلزام الإتمام للإخلال بالفورية العرفية فالظاهر هو التخيير بين الأمرين لأنّ عمدة الدليل على كلا المطلبين هو الإجماع القائم في البين على حرمة قطع الصلاة المفروضة وكذا وجوب إزالة النجاسة بالفورية العرفية التي ينافيها إتمام اللاة وإلاّ لم يكن الاشتغال بها أيضاً منافياً وحيث لم يثبت أهمّية شيء من الأمرين ولا يجري احتمالها في خصوص واحد من الحكمين فلا محيص عن الحكم بثبوت التخيير في البين.

وإن شئت قلت بعدم شمول شيء من الإجماعين للمقام بعد ثبوت القدر المتيقّن لهما ضرورة انّ المتيقّن من الإجماع على حرمة القطع غير ما إذا كان القطع لغرض الاشتغال بواجب مثل الإزالة كما انّ المتيقّن من الإجماع على لزوم إزالة النجاسة فوراً فيتخيّر بين الإتمام والقطع والإزالة فتدبّر.

الصفحة 326

مسألة 2 ـ حصير المسجد وفرشه كنفس المسجد على الأحوط في حرمة تلويثه ووجوب إزالته عنه ولو بقطع موضع النجس 1.

1 ـ القول بوجوب إزالة النجاسة عن حصير المسجد وفرشه وكذا حرمة تنجيسه محكي عن الأكثر من غير نقل خلاف مع انّه ربّما يقال بعدم شمول شيء من الأدلّة له لأنّه إن كان المستند هو الإجماع فالمتيقّن من معقده هو نفس المسجد وإن كان هي الأخبار الواردة في جواز اتخاذ الكنيف مسجداً أو صحيحة علي بن جعفر المتقدّمة فمن الواضح اختصاص موردها بنفس المسجد. نعم لو كان المستند هو قوله تعالى: (انّما المشركون نجس...) أو قوله (صلى الله عليه وآله) : «جنّبوا مساجدكم النجاسة» وحمل النجس على الأعمّ من المتنجسات لكان مدلولهما وجوب الإزالة عن مثل الحصير أيضاً، لكنّك عرفت عدم تمامية الاستدلال بشيء منهما لنفس المسجد فضلاً عن آلاته، فيتحصّل من ذلك انّه لا دليل على جريان حكم المسجد من جهة النجاسة في الحصير والفرش وشبهه. نعم يمكن القول بحرمة التنجيس دون وجوب الإزالة من جهة كونه تصرّفاً في غير تلك الجهة التي أوقف لها.

هذا ويمكن أن يقال: إنّ ارتكاز المتشرّعة كما هو ثابت بالإضافة إلى نفس المسجد كذلك هو ثابت بالنسبة إلى حصيره وفرشه الذي هو محل ابتلاء المصلّي نوعاً ولا فرق عند المتشرّعة بين نفس المسجد وبين مثل حصيره فالأحوط جريان الحكمين فيه ولا فرق بين أن تكون الإزالة متوقّفة على التطهير أو على قطع الموضع ولابدّ من مراعاة الأصلح منهما وهو تختلف باختلاف الموارد.

الصفحة 327

مسألة 3 ـ لا فرق في المسجد بين المعمورة والمخروبة والمهجورة، بل الأحوط جريان الحكم فيما إذا تغيّر عنوانه كما إذا غصب وجعل داراً أو خاناً أو دكّاناً 2.

(2) امّا عدم الفرق بين أفراد المساجد المختلفة من جهة كونها معمورة أو مخروبة أو مهجورة فلإطلاق الدليل وشموله لها بعد عدم خروج شيء منها عن عنوان المسجدية كما هو المفروض.

وامّا ما إذا تغيّر عنوانه بالفعل كما إذا غصب وجعل داراً أو خاناً أو دكّاناً فالاحتمالات بل الأقوال فيه ثلاثة:

أحدها: جريان كلا الحكمين: وجوب الإزالة وحرمة التلويث فيه أيضاً نظراً إلى شمول الأدلّة والأخبار الواردة فيهما للمقام لأنّ موردها ما كان مسجداً واقعاً وإن لم يصدق عليه عنوان المسجدية بالفعل لأجل جعله داراً أو مثله ومن المعلوم انّ انطباق عنوان مثل الدار عليه لا يخرجه عن كونه مسجداً واقعاً ولذا لو ندم الغاصب أو استرجع من يده لا يحتاج إلى وقف جديد بل هو باق على ما كان عليه فتغيّر العنوان لا يوجب الخروج عن ذلك ومورد الأدلّة هو المسجد الواقعي، أو إلى انّ الأدلّة وإن كانت لا تشمله لأنّ موردها هو المسجد بالفعل كما هو ظاهر الأخبار الواردة في اتخاذ الكنيف مسجداً وصحيحة علي بن جعفر المتقدّمة والإجماع أيضاً غير محرز في مثل المقام إلاَّ انّ استصحاب الحكمين الثابتين فيه قبل الخروج عن كونه مسجداً فعليّاً يجري ويحكم بثبوتهما.

ثانيها: عدم جواز تنجيسه فقط لا وجوب الإزالة عنه إذا تنجّس نظراً إلى قصور الأدلّة عن الشمول للمقام ووصول النوبة إلى الأصل العملي وحيث إنّ الاستصحاب بالإضافة إلى حرمة التلويث تنجيزي وبالنسبة إلى وجوب الإزالة تعليقي لأنّه معلّق على حصول التنجّس والاستصحاب التعليقي غير جار فلا

الصفحة 328

محيص عن التفصيل بين الحكمين والحكم بثبوت الحرمة فقط في البين.

ثالثها: عدم جريان شيء من الحكمين لقصور الأدلّة وعدم شمولها لما لا يكون مسجداً بالفعل والاستصحاب في الأحكام الكلّية غير جار من دون فرق بين المنجز والمعلّق فالأصل الحاكم هو أصالة البراءة عن الوجوب والحرمة.

والحقّ إنّ دعوى قصور الأدلّة وعدم شمولها للمقام خصوصاً بعدما عرفت من عدم كون تغيّر العنوان موجباً للخروج عن كونه مسجداً واقعاً مشكلة جدّاً وانّ الاستصحاب الجاري في كلا الحكمين استصحاب تنجيزي فانّ الاستصحاب التعليقي مورده ما إذا كان الحكم في ظاهر الدليل معلّقاً على شيء كما في قوله (عليه السلام): «العصير العنبي إذا غلا يحرم» فانّ الحرمة قد علّقت في ظاهر الدليل على الغليان، وامّا في مثل المقام فالحكم تنجيزي غاية الأمر انّه لا موضوع له مع عدم التنجّس. وإن شئت قلت: انّه تعليق عقلي وهو خارج عن بحث الاستصحاب التعليقي وقد حقّق في محلّه جريان الاستصحاب في كلا القسمين وحجّيته في الأحكام الكلّية فالأحوط لو لم يكن أقوى جريان كل من الحكمين في مفروض المقام فتدبّر.

الصفحة 329

مسألة 4 ـ لو علم إخراج الواقف بعض أجزاء المسجد عنه لا يلحقه الحكم، ومع الشكّ فيه لا يلحق به مع عدم امارة على المسجدية 1.

1 ـ امّا عدم اللحوق في صورة العلم بإخراج الواقف بعض أجزاء المسجد عنه كما إذا علم بأنّه لم يجعل صحن المسجد أو جدرانه أو سقفه جزء من المسجد فواضح لأنّ مورد الحكمين ـ وجوب الإزالة وحرمة التلويث ـ هو المسجد وأجزائه والمفروض عدم اتّصافه بهذا العنوان ولا مانع من التفكيك بعد كون الاختيار بيد الواقف.

وامّا عدم اللحوق أيضاً في صورة الشكّ مع عدم الأمارة على المسجدية فلكون الشبهة موضوعية تحريمية بالإضافة إلى أحد الحكمين ووجوبية بالنسبة إلى الحكم الآخر والاحتياط في الشبهات الموضوعية وإن كان حسناً إلاّ انّه لا يكون لازماً عقلاً.

وامّا اللحوق مع وجود الأمارة عليها كمعاملة المسلمين معه معاملة المسجدية أو شهادة الحال بكونه مسجداً فلأنّه لو لم يكتف بمثلها في ذلك لا يمكن إثبات المسجدية في أكثر المساجد خصوصاً المساجد القديمة التي مات واقفها ولا تعلم كيفية وقفها ولا أصل الوقفية بوجه أصلاً.

الصفحة 330

مسألة 5 ـ كما يحرم تنجيس المصحف تحرم كتابته بالمداد النجس، ولو كتب جهلاً أو عمداً يجب محوه فيما ينمحي، وفي غيره كمداد الطبع يجب تطهيره 2.

(2) قد عرفت انّ حرمة التنجيس مطلقاً ـ سواء تحقّق الهتك أم لا ـ يمكن أن يستدلّ عليها ـ مضافاً إلى وضوح أهمّية القرآن وعدم الملائمة بينه وبين النجاسة الموجبة للنفرة في الأنظار العادية مع انّه كتاب الهداية ولابدّ من الرجوع إليه للاستضائة من نوره ـ بأولويته من المسجد لأنّه أشدّ إضافة إلى الله من إضافة المسجد إليه، فحرمة التنجيس ثابتة، وعليه لا فرق بين التنجيس وبين الكتابة بالمداد النجس لو لم يكن الثاني أشدّ من الأوّل، ومع كتابته كذلك جهلاً أو عمداً لا يرتفع حكم وجوب الإزالة بل هو باق على قوّته فيجب تطهيره بأيّ نحو تحقّق، وإذا لم يتحقّق إلاّ بمحوه كما إذا كان بغير مداد الطبع ممّا ينمحي بالغسل بالماء فاللازم محوه لكن لا بخصوص الغسل بالماء فانّه لا فرق ـ حينئذ ـ بين أن يغسل بالماء فينمحي أو أن يمحى بغيره كما هو ظاهر.

وامّا في مداد الطبع فتطهيره بالماء لا يوجب انمحائه فيجب ذلك لكن هل يجوز محوه رأساً بدل التطهير بالماء فيه إشكال.

الصفحة 331

مسألة 6 ـ من صلّى في النجاسة متعمّداً بطلت صلاته ووجبت إعادتها من غير فرق بين الوقت وخارجه، والناسي كالعامد، والجاهل بها حتّى فرغ من صلاته لا يعيد في الوقت ولا خارجه وإن كان الأحوط الإعادة، وامّا لو علم بها في أثنائها فإن لم يعلم بسبقها وأمكنه إزالتها بنزع أو غيره على وجه لا ينافي الصلاة مع بقاء الستر فعل ومضى في صلاته، وإن لم يمكنه استأنفها لو كان الوقت واسعاً وإلاّ فإن أمكن طرح الثوب والصلاة عرياناً يصلّي كذلك على الأقوى، وإن لم يمكن صلّى بها، وكذا لو عرضت له في الأثناء، ولو علم بسبقها وجب الاستئناف مع سعة الوقت 1.

1 ـ في هذه المسألة فروع:

الأوّل: الصلاة في النجاسة متعمّداً والمراد بالمتعمّد هو العالم المتعمّد بقرينة ذكر الجاهل بعده، كما انّ المراد بالنجاسة ما تكون الصلاة مشروطة بطهارة الثوب والبدن منها وعليه فالدمّ إذا كان أقلّ من الدرهم أو الثوب المتنجّس الذي لا تتمّ الصلاة فيه خارج عن محلّ البحث لأنّه فيما لا يعفى عنه في الصلاة والحكم فيها بطلان الصلاة ووجوب الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه والدليل عليه ـ مضافاً إلى ما عرفت من الدليل على اشتراط الصلاة بطهارة الثوب ولابدن والقدر المتيقّن منه صورة العلم والتعمّد ضرورة انّه مع إخراجه أيضاً تلزم اللغوية ـ بعض الروايات الدالّة عليه كحسنة عبدالله بن سنان قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم؟ قال: إن كان قد علم انّه أصاب ثوبه جنابة أو دم قبل أن يصلّي ثمّ صلّى فيه ولم يغسله فعليه أن يُعيد ما صلّى. الحديث. ورواية عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يصلّي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنور أو كلب، أيعيد صلاته؟ قال: إن كان لم يعلم فلا يعيد. وغير ذلك من

الصفحة 332

الروايات الدالّة عليه فلا مجال للإشكال في هذا الفرع، كما انّ تعميم الحكم بالإعادة لما بعد الوقت يدلّ عليه مضافاً إلى إطلاق حسنة ابن سنان الدالّة على وجوب الإعادة كون ذلك مقتضى بطلان الصلاة الفاقدة للشرط على ما هو المفروض. ولا مجال للتمسّك بحديث لا تعاد كما سيأتي مضافاً إلى اقتضائه عدم وجوب الإعادة في الوقت أيضاً.

الفرع الثاني: الصلاة في النجاسة نسياناً والمسألة من جهة وجوب الإعادة مطلقاً وعدمه كذلك والتفصيل بين الوقت وخارجه محلّ خلاف بين الأصحاب فالأشهر بل المشهور هو القول الأوّل، وعن الشيخ في الاستبصار والعلاّمة في بعض كتبه هو القول الأخير بل نسب إلى المشهور بين المتأخّرين وعن الشيخ أيضاً في بعض أقواله هو القول الثاني واستحسنه المحقّق في محكي المعتبر وجزم به صاحب المدارك على ما حكى ومنشأ الاختلاف، اختلاف الأخبار الواردة في حكم المسألة فطائفة منها ظاهرة في وجوب الإعادة مطلقاً وطائفة اُخرى تدلّ على عدمه كذلك، وواحدة منها ظاهرة الدلالة على التفصيل.

امّا الطائفة الاُولى فكثيرة:

منها: صحيحة زرارة قال: قلت له: أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من مني فعلمت أثره إلى أن اُصيب له الماء فأصبت وحضرت الصلاة ونسيت أنّ بثوبي شيئاً وصلّيت ثمّ إنّي تذكّرت بعد ذلك؟ قال: تعيد الصلاة وتغسله. الحديث.

ومنها: حسنة عبدالله بن سنان ـ المتقدّمة آنفاً ـ فانّ موردها امّا صورة النسيان نظراً إلى انّ العالم الملتفت المريد للامتثال لا تتحقّق منه الصلاة مع النجاسة وعليه فالاستدلال به في الفرع المتقدّم انّما هو بمفهوم الموافقة فانّ الناسي إذا وجب عليه الإعادة مطلقاً فالعالم الملتفت بطريق أولى، وامّا الأعمّ من الملتفت والناسي. وكيف

الصفحة 333

كان فدلالته على حكم هذا الفرع ممّا لا إشكال فيه.

ومنها: مصحّحة إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في الدم يكون في الثوب: إن كان أقلّ من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة، وإن كان أكثر من قدر الدرهم وكان رآه فلم يغسل حتّى صلّى فليعد صلاته، وإن لم يكن رآه حتّى صلّى فلا يعيد الصلاة. وتقريب الدلالة ما ذكرناه في دلالة الحسنة.

ومنها: رواية ابن مسكان قال: بعثت بمسألة إلى أبي عبدالله (عليه السلام) مع إبراهيم بن ميمون قلت: سله عن الرجل يبول فيصيب فخذه قدر نكتة من بوله فيصلّي ويذكر بعد ذلك انّه لم يغسلها؟ قال: يغسلها ويعيد صلاته.

ومنها: موثقة سماعة قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يرى في ثوبه الدم فينسى أن يغسله حتّى يصلّي؟ قال: يعيد صلاته كي يهتم بالشيء إذا كان في ثوبه عقوبة لنسيانه قلت: فكيف يصنع من لم يعلم أيعيد حين يرفعه؟ قال: لا ولكن يستأنف.

ومنها: حسنة محمّد بن مسلم أو صحيحته المشتملة على قوله (عليه السلام): وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيّعت غسله وصلّيت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صلّيت فيه.

ومنها: غير ذلك من الأخبار الكثيرة الواردة في نسيان الاستنجاء الدالّة على وجوب إعادة الصلاة معه.

وامّا الطائفة الثانية فكثيرة أيضاً:

منها: صحيحة أبي العلاء عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يصيب ثوبه الشيء ينجسه فينسى أن يغسله فيصلّي فيه ثمّ يذكر انّه لم يكن غسله أيعيد الصلاة؟ قال: لا يعيد قد مضت الصلاة وكتبت له.

الصفحة 334

ومنها: رواية هشام بن سالم عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يتوضّأ وينسى أن يغسل ذكره وقد بال، فقال: يغسل ذكره ولا يعيد الصلاة.

ومنها: ما رواه عمّار بن موسى قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: لو انّ رجلاً نسى أن يستنجي من الغائط حتّى يصلّي لم يعد الصلاة.

وامّا الرواية المفصلة فهي رواية علي بن مهزيار قال: كتب إليه سليمان بن رشيد يخبره انّه بال في ظلمة الليل وانّه أصاب كفّه برد نقطة من البول لم يشكّ انّه أصابه ولم يره وانّه مسحه بخرقة ثمّ نسى أن يغسله وتمسح بدهن فمسح به كفّيه ووجهه ورأسه، ثمّ توضأ وضوء الصلاة فصلّى؟ فأجابه بجواب قرئته بخطّه: امّا ما توهّمت ممّا أصاب يدك فليس بشيء إلاّ ما تحقّق، فإن حقّقت ذلك كنت حقيقاً أن تعيد الصلوات اللواتي كنت صلّيتهن بذلك الوضوء بعينه ما كان منهنّ في وقتها، وما فات وقتها فلا إعادة عليك لها من قبل انّ الرجل إذا كان ثوبه نجساً لم يعد الصلاة إلاّ ما كان في وقت، وإذا كان جنباً أو صلّى على غير وضوء فعليه إعادة الصلوات المكتوبات اللواتي فاتته لأنّ الثوب خلاف الجسد، فاعمل على ذلك إن شاء الله.

وربّما تجعل هذه الرواية شاهدة للجمع بين الطائفتين الاُولتين بحمل الطائفة الاُولى الدالّة على وجوب الإعادة على الوقت والطائفة الثانية الدالّة على عدم الوجوب على خارجه ولكن ذلك متوقّف على اعتبار الرواية في نفسها وخلوّها عن التشويش والاضطراب الموجب للاطمئنان بعدم الصدور عن الإمام (عليه السلام)خصوصاً مع كونها مضمرة وكون الكاتب مجعول الحال وإن كان يمكن أن يقال بأنّ علي بن مهزيار لا يروي عن غير الإمام (عليه السلام) والوجه في الاضمار انّه أشار في أ وّل كتابه الذي جمع فيه أجوبة مسائل الرجال مع نفس المسائل بأنّ هذه الأجوبة من الإمام (عليه السلام) لئلاّ يحتاج إلى ذكر اسمه الشريف عند كل رواية. هذا ولكن ذلك لا يقاوم

الصفحة 335

الوثوق الحاصل من تشويش العبارة واضطراب المتن.

ووجهه انّ ذيل الرواية يدلّ على انّه لو صلّى مع نسيان إزالة النجاسة الحدثية بالوضوء أو الغسل تكون صلاته فاسدة يجب عليه إعادتها في الوقت وفي خارجه وعلّله بكون الثوب خلاف الجسد ومراده انّ النجاسة الخبثية تغاير القذارة الحدثية فانّه يجب في الثاني الإعادة مطلقاً ولا يجب في الأوّل إلاّ الإعادة في الوقت خاصّة مع انّ مورد الرواية الذي حكم فيه بالتفصيل بين الصلوات التي فات وقتها وبين ما كان منها في الوقت كما يدلّ عليه قوله: فإن حقّقت اخلى قوله: وإن كان جنباً، من قبيل الثاني وذلك لأنّ موردها ما إذا توضّأ للصلاة مع نجاسة رأسه ووجهه وكفّيه، وـ حينئذ ـ فإن قلنا ببطلان ذلك الوضوء فيدخل المورد في قوله: وإذا كان جنباً أو صلّى على غير وضوء، فتجب عليه الإعادة مطلقاً، وإن لم نقل ببطلان وضوئه امّا لعدم كون المتنجّس منجساً وامّا لحصول الطهارة المعتبرة في صحّة الصلاة والغسل المعتبر في الوضوء معاً بصبّ الماء بقصد الوضوء فلا تجب عليه الإعادة مطلقاً لعدم وقوع صلاته لا في النجاسة الخبثية ولا في القذارة الحدثية إلاّ أن يقال إنّ ظاهرها نجاسة الوجه والكفّين والرأس والأوّلان وإن كان يمكن القول بارتفاع نجاستهما بصبّ ماء الوضوء عليهما إلاّ انّ الأخير لا مساس له بأجزاء الوضوء ومحلّه، والمقدار الذي له مساس لا تكاد ترتفع نجاسته بالمسح أو يقال إنّ تنجّس غير محل البول به يحتاج زوال النجاسة عنه إلى الغسل مرّتين ولم يفرض في الرواية التعدّد فوجوب الإعادة في الوقت دون خارجه انّما هو لأجل نجاسة البدن المعبّر عنها بنجاسة الثوب في ذيل الرواية.

ولكن قوله (عليه السلام) : صلّيتهن بذلك الوضوء بعينه، يشعر بل يدلّ على انّ المقتضى لوجوب الإعادة هو الخلل الحاصل في الوضوء ومن ناحيته لا النجاسة الخبثية.

الصفحة 336

وبالجملة الاعتماد على الرواية مشكل من جهة الإضمار واشتباه حال الكاتب وهذا القول الأخير المشعر بكون منشأ الحكم النقص في الوضوء، والتعليل بكون الثوب خلاف الجسد مع انّ المراد من الثوب هو البدن ومن الجسد هو معروض القذارة الحدثية، وكون أجزاء الوضوء ممسوحة بالدهن مع انّ الدهن يمنع عن وصول الماء وعدم كون المتنجّس منجساً وغير ذلك من الجهات التي توجب سقوط الرواية عن درجة الاعتبار وتنفي الوثوق بصدورها من المعصوم (عليه السلام) وقد شهد بإجمال الرواية المحدِّث الكاشاني (قدس سره) حيث قال ـ فيما حكي عنه ـ : إنّ الرواية يشبه أن يكون قد وقع فيه غلط من النسّاخ. ومعه لا يمكن أن تنهض حجّة لإثبات حكم شرعي، فلا تصلح لأن تكون شاهدة للجمع بين الطائفتين المتقدّمتين، فالواجب امّا الجمع بينهما بوجه آخر، وامّا الرجوع إلى المرجّحات.

فنقول: ربّما يجمع بين الطائفتين بالتفصيل بين الوقت وخارجه نظراً إلى انّ المتيقّن من الطائفة الدالّة على عدم الوجوب هو عدم الوجوب في خارج الوقت، كما انّ المتيقّن من الطائفة الداّة على الوجوب، هو الوجوب في الوقت فيرفع اليد عن ظاهر كلّ من الطائفتين بنصّ الطائفة الاُخرى لأنّه مقتضى الجمع العرفي بين المتعارضين، والنتيجة هو التفصيل بين الوقت وخارجه، وهذا كما جمع بعضهم بهذه الكيفية بين الطائفتين الواردتين في بيع العذرة، الدالّة إحداهما على بطلان بيع العذرة وانت ثمنها سحت من غير فرق بين أنواعها، وثانيتهما على الصحّة وانّه لا بأس ببيع العذرة كذلك حيث جمع بينهما بحمل الاُولى على عذرة الإنسان وكلّ ما لا يؤكل لحمه وحمل الثانية على عذرة ما يؤكل لحمه نظراً إلى المتيقّن من الطائفتين.

والجواب: إنّ هذا النحو من الجمع لا يعدّ جمعاً عرفياً موجباً لخروج الطائفتين عن عنوان المعارضة ضرورة انّ الجمع العرفي المعتبر هو ما يوجب ذلك لئلاّ

الصفحة 337

يشملهما الأخبار العلاجية التي موردها المتعارضان أو المتخالفان أو ما أشبهه والجمع في المقام ليس كذلك لأنّ اللفظ في كلتيهما واحد والدلالة فيهما في رتبة واحدة من دون أن تكون في إحداهما بنحو الظهور وفي الاُخرى بنحو النصوصية وإلاّ كان اللازم حمل الظاهر على النصّ مطلقاً من دون أن يفرق بين أنواع العذرة في المثال.

وبالجملة لا شاهد من العرف على هذا النحو من الجمع فلا مجال للمصير إليه أصلاً.

ويؤيّده انّه لا يمكن حمل بعض الروايات الدالّة على وجوب الإعادة على كون المراد هي الإعادة في الوقت للتصريح فيها بأنّه صلّى فيه صلاة كثيرة، ومعه كيف يمكن الحمل على الوقت وذلك كما في حسنة محمد بن مسلم المتقدّمة ومثلها.

وربّما يقال في مقام الجمع بأنّه يحمل ما ظاهره الوجوب على الاستحباب لمكان وجود النص على الصحّة وعدم وجوب الإعادة فما نحن فيه من قبيل تعارض النص والظاهر ولا محيص عن إرجاع الثاني إلى الأوّل وفي الحقيقة لا تعارض بينهما بنظر العرف أصلاً.

وأجاب عنه سيّدنا المحقّق الاستاذ البروجردي ـ قدّس سرّه الشريف ـ في مجلس درسه بما قرّرناه في تقريراته ممّا حاصله انّ عدم التعارض ووجوب الحمل فيما إذا ورد الأمر من المولى ثمّ ورد الإذن في الترك وإن كان مسلماً كما يشهد بذلك حكم العرف بذلك بل قد حقّقنا في الاُصول انّ ظهور الأمر في الوجوب معلّق على عدم ورود الإذن في الترك، إلاّ أن ذلك فيما إذا كان الأمر مولوياً مقتضياً لاستحقاق المكلّف العقوبة على تقدير المخالفة، وصحّة عقوبة المولى الأمر على ذلك التقدير، لا فيما إذا كان إرشادياً كالأوامر الواردة عن النبي والأئمّة ـ صلوات الله عليه وعليهم في

الصفحة 338

مقام بيان الأحكام وتبليغها إلى الناس.

وتوضيحه انّ الأوامر الصادرة عنهم (عليهم السلام) على قسمين:

قسم يصدر منهم في مقام اعمال المولوية والسلطنة على الناس الثابتة لهم ولا إشكال في كون هذا القسم مولوياً تجب إطاعته لكون النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم. وقسم يصدر منهم في مقام بيان الأحكام وتبليغ الشرائع كالأمر الصادر من المفتي في مقام الافتاء بل هو عينه وكالأمر الصادر من الطبيب المعالج بالنسبة إلى المريض ولا إشكال في كون هذا القسم إرشادياً لا يترتّب على مخالفته وموافقته عقوبة ومثوبة.

والأمر في المقام من هذا القبيل ضرورة انّ الأمر بالإعادة إرشاد إلى بطلان الصلاة وعدم كونها واجدة للشرط أو فاقدة للمانع، والحكم بالمضي وعدم وجوب الإعادة إرشاد إلى الصحّة والواجدية والفاقدية وكيف يمكن الجمع بين ما يدلّ على البطلان وما يدل على الصحّة والتمامية وهذا كما فيما إذا أخبر أحد بالصحّة والآخر بالبطلان فهل يمكن دعوى كون الخبرين صادقين ولا مانع من اجتماعهما ومطابقتهما للواقع؟!

ويؤيّد ما أفاده (قدس سره) انّ حمل الطائفة النافية للوجوب على الاستحباب والحكم باستحباب إعادة الناسي في الوقت وخارجه يوجب التسوية بينه وبين الجاهل فانّه لا مجال للإشكال في الاستحباب بالإضافة إليه مع انّ هنا روايات تدلّ بالصراحة على الفرق بين الناسي والجاهل وسيأتي نقلها ولكن لا مانع من الإشارة إلى واحدة منها وهي رواية زرارة المعروفة المتقدّم نقل بعضها الدالّة على التفصيل بين الجاهل والناسي.

ثمّ إنّه بعد عدم إمكان الجمع بين الطائفتين ولزوم الرجوع إلى المرجّحات لا

الصفحة 339

محيص عن الأخذ بما دلّ على وجوب الإعادة مطلقاً امّا لما حقّقناه في محلّه من كون الشهرة الفتوائية أوّل المرجّحات على ما تدلّ عليه مقبولة ابن حنظلة وغيرها ولا ريب في موافقتها لما دلَّ على وجوبها، وامّا لما قيل من كون شذوذ الرواية المعارضة وندرتها توجب سقوطها عن درجة الاعتبار والحجّية رأساً وخروجها عن صلاحية المعارضة كلاًّ لأنّها ـ حينئذ ـ تصير مخالفة للسنّة وقد أمرنا بطرح ما خالف الكتاب والسنّة وقد وصف الشيخ (قدس سره) في محكي التهذيب ـ صحيحة أبي العلاء المتقدّمة بكونه خبراً شاذّاً لا يعارض به الأخبار، وامّا لكون ما دلّ على عدم الوجوب موافقاً للعامّة حيث نسبه الشيخ إلى جملة معظمة من علمائهم كأبي حنيفة والشافعي في القديم والأوزاعي وقال: روى ذلك عن ابن عمر، ونسب العلاّمة في محكي التذكرة القول بعدم الوجوب في المسألة إلى أحمد أحد أئمّتهم الأربعة وعليه فاللازم حمل ما دلّ على عدم الوجوب على التقية. وكيف كان لا ينبغي مجال للإشكال في الالتزام بما ذهب إليه المشهور من لزوم الإعادة مطلقاً وقد أنكر بعضهم نسبة القول بعدم وجوب الإعادة إلى الشيخ (قدس سره) .

الفرع الثالث: ما يتضمّنه قول الماتن ـ دام ظلّه ـ : «والجاهل بها حتّى فرغ من صلاته لا يعيد في الوقت ولا خارجه وإن كان الأحوط الإعادة» والمأخوذ في الموضوع أمران أحدهما الجهل بالنجاسة أي بالموضوع بحيث لا يدري إصابة مثل الدم والبول إلى ثوبه مثلاً، وثانيهما استدامة الجهل إلى ما بعد الصلاة والفراغ منها، نعم الجهل بالموضوع قد يكون مع التوجّه واحتمال النجاسة، وقد يكون مع الغفلة وعدم الالتفات إليها رأساً. والاحتمالات بل الأقوال فيه أربعة:

أحدها: وجوب الإعادة في الوقت وفي خارجه كالعالم المتعمّد نسب هذا القول إلى بعضهم من دون أن يسم قائله.

الصفحة 340

ثانيها: عدم وجوب الإعادة مطلقاً وهذا هو المشهور واختاره الماتن.

ثالثها: التفصيل بين الوقت وخارجه بلزوم الإعادة في الأوّل دون الثاني وهو محكي عن المبسوط ومياه النهاية والنافع والقواعد وبعض الكتب الاُخر.

رابعها: التفصيل بين من شكّ في الطهارة ولم يتفحّص عنها قبل الصلاة فيعيد، وبين غيره فلا يعيد. وقد قوّاه في الحدائق وادّعى انّه ظاهر الشيخين والصدوق واحتمله الشهيد في الذكرى بل مال إليه في الدروس.

امّا القول المشهور فيدلّ عليه اُمور:

الأوّل: قاعدة الاجزاء المحقّقة في الاُصول في خصوص الجاهل المحتمل للنجاسة الجاري في حقّه استصحاب الطهارة أو قاعدتها بل مطلق الجاهل وحاصلها انّ المأمور به بالأمر الواقعي الثانوي أو بالأمر الظاهري يقتضي الاجزاء بالنسبة إلى الأمر الواقعي الأوّلي والوجه فيه انّ الاُصول العملية ـ مثلاً ـ ناظرة إلى المأمور به بالأمر الواقعي الأوّلي ودالّة على توسعته وعدم تقيّده بالشرط الواقعي ـ مثلاًـ بل يكفي في تحقّقه مجرّد الشك وعدم مسبوقية الخلاف فقاعدة الطهارة يكون مفاد دليل اعتبارها انّ الطهارة الواقعية لا تكون معتبرة في حق الشاك فيها بل الأعمّ منها ومن الطهارة الظاهرية وإن شئت فقل: بأنّ مفادها نفي اعتبار الطهارة في حقّ الشاكّ فصلاته مع فقدان الطهارة واقعاً تكون صلاة صحيحة مطابقة لما هو المأمور به ومنه يظهر انّ الأمر الظاهري لا يكون أمراً في قبال الأمر الواقعي بل مدلوله مجرّد التوسعة في المأمور به بذلك الأمر والتفصيل في محلّه. وعليه فصلاة الجاهل في مفروض المسألة لا يكون فيها خلل موجب للإعادة في الوقت أو في خارجه.

نعم يمكن أن يتوهّم انّ العلم بالنجاسة بعد الفراغ يكشف عن عدم جريان الأصل العملي وبطلان مثل قاعدة الطهارة ولكن هذا التوهّم فاسد فإنّ الشكّ

الصفحة 341

المأخوذ في مجرى الأصل العملي ليس هو الشكّ الباقي للتالي وإلاّ تلزم لغوية جعل الاُصول العملية لعدم إحراز مورده غالباً بل مجرّد الشكّ وحدوثه وان تبدّل إلى اليقين بعد زمان بل ومع العلم بالتبدّل أيضاً فانكشاف الخلاف بعد الفراغ لا يكشف عن عدم جريان القاعدة من الأوّل بل يوجب انتهاء أمدها وعدم استدامة جريانها وقد عرفت انّ جريانها بمجرّده يقتضي الاجزاء فتدبّر.

الثاني: حديث لا تعاد المعروف بناء على اختصاص الطهور الذي هو واحد من الخمسة المستثناة فيه بخصوص الطهارة من الحديث وعليه فالطهارة من الخبث باقية في المستثنى منه ولا تجب الإعادة من جهة الإخلال بها.

الثالث: الروايات الدالّة عليه وهي كثيرة:

منها: رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل صلّى في ثوب فيه جنابة ركعتين ثمّ علم به؟ قال: عليه أن يبتدئ الصلاة، قال: وسألته عن رجل يصلّي وفي ثوبه جناية أو دم حتّى فرغ من صلاته ثمّ علم؟ قال: مضت صلاته ولا شيء عليه.

ومنها: رواية عبدالله بن سنان قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أصاب ثوبه جناية أو دم؟ قال: إن كان قد ع لم انّه أصاب ثوبه جنابة أو دم قبل أن يصلّي ثمّ صلّى فيه ولم يغسله فعليه أن يعيد ما صلّى، وإن كان لم يعلم به فليس عليه إعادة، وإن كان يرى انّه أصابه شيء فنظر فلم يرَ شيئاً أجزأه أن ينضحه بالماء.

ومنها: رواية عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يصلّي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنور أو كلب، أيعيد صلاته؟ قال: إن كان لم يعلم فلا يعيد.

ومنها: رواية العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل صلّى في ثوب رجل أيّاماً. ثمّ إنّ صاحب الثوب أخبره انّه لا يصلّي فيه؟ قال: لا يعيد شيئاً

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>