جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب النکاح « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>


(الصفحة21)



ومنها : رواية معمر بن خلاّد قال : قال لي أبو الحسن (عليه السلام) : أيّ شيء يقولون في إتيان النساء في اعجازهنّ؟ قلت : إنّه بلغني أن أهل المدينة لا يرون به بأساً ، فقال : إنّ اليهود كانت تقول : إذا أتى الرجل المرأة من خلفها خرج ولده أحول ، فأنزل الله عزّوجلّ : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتَمْ}(1) من خلف أو قدام خلافاً لقول اليهود ، ولم يعن في أدبارهنّ(2) .
ومنها : ما عن زيد بن ثابت قال : سأل رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) : أتؤتى النساء في أدبارهنّ؟ فقال : سفلت سفل الله بك ، أما سمعت يقول الله : { أَتَأْتُوَن الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَد مِنَ الَعالَمِينَ}(3) (4) .
ومنها : رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يأتي أهله في دبرها ، فكره ذلك وقال : وإيّاكم ومحاش النساء ، وقال : إنّما معنى { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أيّ ساعة شئتم(5) .
ومنها : رواية الفتح بن يزيد الجرجاني قال : كتبت إلى الرضا (عليه السلام) في مثل السؤال في الرواية السابقة : فورد الجواب : سألت عمّن أتى جارية في دبرها؟ والمرأة لعبة فلا تؤذى ، وهي حرث كما قال الله(6) .
وفي محكي كشف الرموز : وكان فاضل منّا شريف يذهب إلى التحريم ، ويدّعي


(1) سورة البقرة : 2/223 .
(2) التهذيب : 7/415 ح1660 ، تفسير العياشي : 1/111 ح333 ، الوسائل : 20/141 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح1 .
(3) سورة الأعراف : 7/80 .
(4) تفسير العياشي : 2/22 ح55 ، الوسائل : 20/144 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح11 .
(5) تفسير العياشي : 1/111 ح335 ، الوسائل : 20/144 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح9 .
(6) تفسير العياشي : 1/111 ح336 ، الوسائل : 20/144 ، أبواب مقدّمات النكاح ب72 ح10 .

(الصفحة22)

مسألة 12 : لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين ، دواماً كان النكاح أو منقطعاً ، وأمّا سائر الاستمتاعات كاللّمس بشهوة والضمّ والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة ، ولو وطئها قبل التسع ولم يفضها لم يترتّب عليه شيء غير الاثم على الأقوى ، وإن أفضاها بأن جعل مسلكي البول والحيض واحداً أو


أنّه سمع ذلك مشافهة ممّن قوله حجّة ، وهو مؤيّد للنصوص(1) .
هذا ، والجمع الدلالي الذي هو مقدّم على الترجيح ـ لأنّ موضوعه المتعارضان والمختلفان ، ولا تعارض ولا اختلاف مع الجمع الدّلالي ـ إمّا بأن يقال : إنّ التقييد برضا الزوجة في بعض ما تقدّم من روايات الجواز يوجب تقييد المنع بصورة عدم الرّضا ، ويؤيّده النهي عن الايذاء في بعضها ، ولا يكاد يتحقّق مع الرّضا بوجه . وامّا بأن يقال : إنّ النهي في أدلّة المنع محمول على الكراهة ، كما في كثير من الموارد بقرينة روايات الجواز ، وإن كان يبعّده التعبير بالحرمة في مثل قوله (صلى الله عليه وآله) : «محاش النساء على اُمّتي حرام» و حمل الحرمة على الكراهة بعيد ، وان كان استعمال الكراهة في الحرمة كما في رواية أبي بصير المتقدّمة ليس بذلك البعيد; لعدم كون المقصود من الكراهة هي الاصطلاحية منها ، وتشتدّ الكراهة مع عدم الرّضا .
و ذكر صاحب الجواهر : إنّ المراد من آية الحرث تسمية المرأة نفسها حرثاً لشبهها بموضعه ، ثم أباح إتيانها أنّى شئنا ، وهو لا يستدعي الاختصاص بموضع الحرث ، ولذا يجوز التفخيذ ونحوه إجماعاً(2) انتهى; وعلى تقدير التعارض فالشهرة كما عرفت مع الطائفة الاُولى ، وهي أوّل المرجحات كما حقّقناه في محلّه .


(1) كشف الرموز : 2/105 ، جواهر الكلام : 29/106 .
(2) جواهر الكلام : 29/107 .

(الصفحة23)

مسلكي الحيض والغائط واحداً حرم عليه وطئها أبداً ، لكن على الأحوط في الصورة الثانية ، وعلى أيّ حال لم تخرج عن زوجيته على الأقوى فيجري عليها أحكامها من التوارث وحرمة الخامسة وحرمة اختها معها وغيرها ، ويجب عليه نفقتها ما دامت حيّة وإن طلّقها ، بل وإن تزوّجت بعد الطلاق على الأحوط ، بل لا يخلو من قوّة ، ويجب عليه دية الافضاء ، وهي دية النفس ، فإذا كانت حرّة فلها نصف دية الرجل مضافاً إلى المهر الذي استحقته بالعقد والدخول ، ولو دخل بزوجته بعد إكمال التسع فأفضاها لم تحرم عليه ولم تثبت الدّية ، ولكن الأحوط الانفاق عليها ما دامت حيّة ، وإن كان الأقوى عدم الوجوب1.


1 ـ في هذه المسألة أحكام :
الأوّل : عدم جواز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين دواماً كان النكاح أو منقطعاً ، والاكمال المزبور هو البلوغ من حيث السنّ للصغيرة ، الذي هو المشهور بين الفقهاء من القدماء وغيرهم(1) ، ومقابل المشهور عشر سنين(2) .
والدليل على عدم الجواز الروايات الكثيرة الواردة في هذا الباب :
منها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال : إذا تزوّج الرجل الجارية وهي صغيرة فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين(3) .
ومنها : رواية زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : لا يدخل بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين أو عشر سنين(4) .


(1) الروضة البهية : 2/144 ، رياض المسائل : 5/384 ، جواهر الكلام : 26/38 .
(2) المبسوط : 1/266 ، الوسيلة : 137 .
(3) الكافي : 5/398 ح2 ، الوسائل : 20/101 ، أبواب مقدّمات النكاح ب45 ح1 .
(4) الكافي : 5/398 ح3 ، التهذيب : 7/451 ح1806 ، الفقيه : 3/261 ح1240 ، الوسائل : 20/101 ، أبواب مقدّمات النكاح ب45 ح2 .

(الصفحة24)



ومن الواضح أنّ الترديد ليس من الإمام (عليه السلام) بل من الراوي .
ومنها : رواية أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : لا يدخل بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين أو عشر سنين(1) .
ومنها : رواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ (عليهم السلام) قال : لا توطأ جارية لأقلّ من عشر سنين ، فان فعل فعيبت فقد ضمن(2) . وفي الوسائل : هذا محمول على استحباب التأخير أو على الدخول في أوّل السّنة العاشرة .
ومنها : غير ذلك من الروايات(3) الواردة في هذا المجال .
مضافاً إلى الإجماع على ذلك(4) ، وإن كان الاجماع لا أصالة له بوجه ، ومضافاً إلى المعرضية للعيب فيما إذا تحقّق الجماع قبل البلوغ ، كما يستفاد من جملة من الروايات(5) .
الثاني : جواز سائر الاستمتاعات من الزوجة قبل إكمال تسع سنين أيضاً ، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى الأصل و إلى انّ أصل جواز التزويج ملازم لجوازها ، وإلاّ لا يبقى لجواز التزويج كثير فائدة ـ الروايات الناهية عن الوطء والدخول قبل إكمال تسع سنين ، فانّ اللقب وإن لم يكن له مفهوم كما بيّن في الأصول ، إلاّ أنّه لو كان سائر الاستمتاعات منها قبل الاكمال المزبور غير جائز أيضاً لكان اللازم جعلها


(1) الكافي : 5/398 ح1 ، التهذيب : 7/391 ح 1566 ، الوسائل : 20/102 ، أبواب مقدّمات النكاح ب45 ح4 .
(2) التهذيب : 7/410 ح1640 ، الوسائل : 20/103 ، أبواب مقدّمات النكاح ب45 ح7 .
(3) الوسائل : 20/102 ـ 103 ، أبواب مقدّمات النكاح ب45 ح3 ، 5 ، 6 ، 8 ، 9 .
(4) كشف اللثام : 7/192 .
(5) الوسائل : 20/103 ، أبواب مقدّمات النكاح ب45 ح5 ـ 8 .

(الصفحة25)



منهيّاً عنها مع كثرة تحقّقها بالإضافة إلى الزوجة ، مع أنّ المستفاد منها أنّ المنهي عنه هو الدخول والوطء الموجب للتعيب نوعاً ، كما لا يخفى .
الثالث : أنّه إذا وطأ الزوجة قبل إكمال تسع سنين ولم يتحقّق الافضاء لا يترتّب عليه إلاّ مجرّد الاثم; لدلالة الروايات على النهي عن وطء الجارية قبل الاكمال المزبور ، والظاهر أنّه ليس المراد بالجارية إلاّ المرأة الصغيرة في مقابل الغلام ، فيشمل الزوجة الصغيرة التي هي محلّ البحث .
نعم ، في كثير من الروايات ابتياع الجارية أو اشتراؤها(1) ، وهو قرينة على أنّ المراد بالجارية فيها هي الأمة . نعم روى الصدوق في المحكي عن عيونه ، عن جعفر ابن نعيم بن شاذان ، عن محمد بن شاذان ، عن الفضل بن شاذان ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن الرضا (عليه السلام) في حدّ الجارية الصغيرة السنّ الذي إذا لم تبلغه لم يكن على الرجل استبراؤهما ، قال : إذا لم تبلغ استبرئت بشهر ، قلت : وإن كانت ابنة سبع سنين أو نحوها ممّا لا تحمل؟ فقال : هي صغيرة ولا يضرّك أن لا تستبرئها ، فقلت : ما بينها وبين تسع سنين؟ فقال : نعم تسع سنين(2) . ولكنّه ذكر صاحب الجواهر : إنّها ضعيفة السند ، ركيكة المتن ، متروكة الظاهر ، متدافعة الصدر والعجز ، مخالفة للإجماع والأخبار ، لا يخلو عليها آثار التقية(3) .
أقول : مضافاً إلى أنّ ذكر الاستبراء قرينة على عدم شمولها للزوجة ، كما لايخفى .
الرابع : لو أفضى الزوجة غير البالغة فهل تحرم عليه أبداً؟ ولابدّ أوّلاً من بيان


(1) الوسائل : 21/83 ـ 84 ، أبواب نكاح العبيد والاماء ب3 ح1 ، 3 ، 4 .
(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : 2/19 ح44 ، الوسائل : 21/85 ، كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ب3 ح11 .
(3) جواهر الكلام : 29/416 .

(الصفحة26)



معنى الافضاء ، فنقول : المستفاد من المتن إنّ الافضاء له معنى عام يشمل ما لو جعل مسلكي الحيض والبول واحداً ، أو مسلكي الحيض والغائط واحداً . لكنّ المشهور ـ بل قد يظهر من محكي الخلاف الاجماع ـ هو الأول(1) خلافاً لابن سعيد ، حيث جعله رفع الحاجز ما بين مدخل الذكر والغائط(2) ، والظاهر أنّه المشهور عند العامّة(3) ، وقد صرّح غير واحد من أصحابنا على ما حكي باستبعاد وقوعه ، لبعد ما بين المسلكين وقوة الحاجز بينهما(4) وفي محكيّ المبسوط بعد أن حكاه عن كثير من أهل العلم قال : وهذا غلط لأنّ ما بينهما حاجز عريض قويّ(5) ، ومع ذلك فقد قال الفاضل الهندي على ما حكي : هو صيرورة مسلك البول والحيض واحداً ـ كما هو الغالب المشهور في تفسيره ـ أو مسلك الحيض والغائط واحداً على رأي(6) فانّه أيضاً ممكن داخل في مفهوم لفظ الافضاء فانّه الايصال .
ويؤيّد الثاني أنّ الافضاء بالمعنى الأوّل غير معلوم غالباً بخلاف المعنى الثاني ، وفي محكي الصحاح والقاموس : أفضى المرأة : جعل مسلكيها مسلكاً واحداً(7) .
وقد فسّره في محكي مجمع البحرين بمسلكي البول والغائط(8) ، و عليه يكون قولاً ثالثاً في المسألة ، ومقتضاه كما في الجواهر كون الافضاء برفع الحاجزين معاً ،


(1) الخلاف : 4/395 .
(2) الجامع للشرائع : 462 .
(3) المجموع : 20/272 ، حواشي الشرواني : 11/199 ، العزيز شرح الوجيز : 10/405 .
(4) مسالك الأفهام : 7/68 ، حواشي الشرواني : 11/199 ، العزيز شرح الوجيز : 10/405 .
(5) المبسوط : 7/149 .
(6) كشف اللثام 7 : 367
(7) الصحاح : 6/2455 ، القاموس المحيط : 4/376 .
(8) مجمع البحرين : 3/1401 .

(الصفحة27)



فانّ صيرورة مسلك البول والغائط واحداً لا يتمّ إلاّ برفع الحاجز بين مسلك البول والحيض ومسلك الحيض والغائط ، فانّ مسلك الحيض متوسّط بين المسلكين الآخرين ، فلا يتّحدان إلاّ باتحاد الجميع ، وهو شيء غريب بعيد الوقوع في العادة ، وقد استبعدوا ذهاب الحاجز بين مسلكي الحيض والغائط وحده ، وخطّؤوا القائل فيه ، فكيف برفعه ورفع الحاجز الآخر معه ، فانّه كاد أن يعدّ ممتنعاً ـ إلى أن قال : ـ وكيف كان فكلام الفقهاء وأهل اللغة متّفق على أنّ افضاء المرأة شيء خاصّ ، لا أنّ المراد به مطلق الوصل أو التوسعة أو الشقّ أو الخلط ، كي تترتّب أحكامه على كلّ فرد من أفراد ذلك(1) انتهى .
أقول : المظنون المشهور الذي يمكن عادة وقوعه هو المعنى الأوّل ، ويمكن حمل الصحاح والقاموس عليه وإلاّ كان خطأً ، إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ افضاء الزوجة قبل إكمال تسع سنين يوجب الحرمة الأبديّة بالمعنى الأوّل للافضاء ، وعلى الأحوط بالمعنى الثاني على ما في المتن ، ويدلّ على ذلك رواية حمران ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : سُئل عن رجل تزوّج جارية بكراً لم تدرك ، فلمّا دخل بها اقتضّها فافضاها؟ فقال : إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شيء عليه ، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقلّ من ذلك بقليل حين اقتضّها ، فانّه قد أفسدها وعطّلها على الأزواج ، فعلى الإمام أن يغرمه ديتها ، وإن أمسكها ولم يطلّقها حتى تموت فلا شيء عليه(2) .
وأظهر منها مرسلة يعقوب بن يزيد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)


(1) جواهر الكلام : 29/419 ـ 421 .
(2) الفقيه : 3/272 ح1294 ، الوسائل : 20/493 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب34 ح1 .

(الصفحة28)



قال : إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً(1) . والظاهر صورة الافضاء ولو بقرينة الحكم ، فانّه مع عدم الافضاء لا وجه للحرمة الأبدية بوجه ، هذا مضافاً إلى تسلّم أصل المطلب بين الفقهاء(رضوان الله عليهم) .
الخامس : أنّ الحرمة الأبدية في افضاء الزوجة الصغيرة انّما هي بالإضافة إلى الوطء ، وامّا الزوجية فهي باقية بحالها لا ترتفع بالافضاء ، وعليه فيترتّب عليهما أحكام الزوجية من النفقة والتوارث وحرمة الاُخت وحرمة الخامسة وغيرها ، ويدلّ على بقاء الزوجية ـ مضافاً إلى رواية حمران المتقدّمة ـ رواية بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل اقتضّ جارية ـ يعني امرأته ـ فأفضاها ، قال : عليه الدّية إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين . قال : وإن أمسكها ولم يطلّقها فلا شيء عليه ، إن شاء أمسك وإن شاء طلّق(2) .
بل الظاهر وجوب الإنفاق عليها وان طلّقها ، بل وان تزوّجت بعد الطلاق; لصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن رجل تزوّج جارية فوقع بها فأفضاها؟ قال : عليه الاجراء عليها ما دامت حيّة(3) . فانّ مقتضى اطلاق السؤال وترك الاستفصال في الجواب عدم الفرق بين صورة الطلاق و عدمه ، وفي الصورة


(1) الكافي : 5/429 ح12 ، التهذيب 7 : 311/1292 ، الاستبصار 4 : 295/1111; الوسائل : 20/494 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب34 ح2 .
(2) الكافي : 7/314 ح18 ، التهذيب : 10/249 ح 984 ، الإستبصار : 4/294 ح 1109; الوسائل : 20/494 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب34 ح3 .
(3) التهذيب : 10/249 ح985 ، الاستبصار : 4/294 ح1110 ، الوسائل : 20/494 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب34 ح4 .

(الصفحة29)

مسألة 13 : لا يجوز ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر إلاّ بإذنها حتى المنقطعة على الأقوى ، ويختصّ الحكم بصورة عدم العذر ، وأمّا معه فيجوز الترك مطلقاً ما دام وجود العذر ، كما إذا خيف الضرر عليه أو عليها ، ومن العذر


الاُولى بين ما إذا تزوّجت بعده أم لا ، خصوصاً مع التعبير بـ «مادامت حيّة» .
السادس : الدّية ، وقد وقع التعرّض لها مفصّلاً في كتاب الديات الذي شرحناه قبيل هذا ، فراجع(1) .
السابع : لو أفضى الزوجة بعد إكمال التسع وبلوغها ، والظاهر أنّه لا يوجب الحرمة الأبدية ولا دية على الزوج; لعدم الدليل عليهما ، مضافاً إلى أنّ المرسلة المتقدّمة قد علّق فيها الحكم بالحرمة الأبدية على الدخول قبل إكمال التسع ، والقضية الشرطية و إن لا يكون لها مفهوم فضلاً عن سائر القضايا ، إلاّ أنّ ذكر القيد في موضوع الحكم من الإمام (عليه السلام) له دخل في ثبوته وترتّبه ، مضافاً إلى قوله : «فلا شيء عليه» في رواية حمران المتقدّمة .
هذا ، ولكن مقتضى إطلاق صحيحة الحلبي المتقدّمة أنّه يجب عليه الاجراء عليها ما دامت حيّة ، لكن حيث إنّ المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعاً على اختصاص الصغيرة بذلك(2) ، وإنّه لا يكون بالإضافة إلى الكبيرة البالغة نفقة يكون الانفاق عليها هو مقتضى الاحتياط ، خصوصاً مع أنّ قوله : «فلا شيء عليه» في رواية حمران المتقدّمة ناظر إلى غير النفقة; لوجوبها على كلا فرضي الطلاق والإمساك الذي فوّضه إلى مشيئته وخيّره بينهما .


(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الديات : 202 ـ 204 .
(2) الخلاف : 4/395 ، المبسوط : 4/318 ، الروضة البهية : 5/104 ـ 106 ، رياض المسائل : 6/381 ـ 384 .

(الصفحة30)

عدم الميل المانع عن انتشار العضو ، وهل يختصّ الحكم بالحاضر فلا بأس على المسافر وإن طال سفره ، أو يعمّهما فلا يجوز للمسافر إطالة سفره أزيد من أربعة أشهر ، بل يجب عليه مع عدم العذر الحضور لإيفاء حق زوجته؟ قولان : أظهرهما الأوّل ، لكن بشرط كون السفر ضروريّاً ولو عرفاً ، كسفر تجارة أو زيارة أو تحصيل علم ونحو ذلك ، دون ما كان لمجرّد الميل والأنس والتفرّج ونحو ذلك على الأحوط1.


1 ـ قد وقع التصريح من غير واحد من الأصحاب(1) ، بل المنسوب إلى الأكثر(2) ، بل قيل : هو المعروف من مذهب الأصحاب(3) ، بل عن المسالك أنّه موضع وفاق(4) ، هو أنّه لا يجوز أن يترك وطء امرأته أكثر من أربعة أشهر ، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّ الجواز لا يجتمع مع الفرض عن التزويج ـ صحيحة صفوان بن يحيى ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، أنّه سأله عن الرجل يكون عنده المرأة الشابّة فيمسك عنها الأشهر والسّنة لا يقربها ليس يريد الاضرار بها يكون لهم مصيبة ، يكون في ذلك آثماً؟ قال : إذا تركها أربعة أشهر كان آثماً بعد ذلك(5) . وزاد في رواية اُخرى إلاّ أن يكون بإذنها ، وموردها وإن كانت المرأة الشابّة إلاّ أنّ الظاهر عدم الاختصاص بها إجماعاً(6) .


(1) شرائع الإسلام : 2/270 ، الروضة البهية : 5/104 ، مسالك الأفهام : 7/66 ، الحدائق الناضرة : 23/89 .
(2) كشف اللثام : 7/270 .
(3) رياض المسائل : 6/380 .
(4) مسالك الأفهام : 7/66 .
(5) التهذيب : 7/412 ح1647 ، وص419 ح 1678 ، الفقيه : 3/256 ح 1215 ، الوسائل : 20/140 ، أبواب مقدّمات النكاح ب71 ح1 .
(6) رياض المسائل : 6/380 .

(الصفحة31)



وتؤيّدها رواية أبي العباس الكوفي ، عن جعفر بن محمّد(1) ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : من جمع من النساء ما لا ينكح فزنى منهنّ شيء فالإثم عليه(2) . بل قيل : وتؤيّدها أيضاً رواية حفص ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا غاضب الرجل امرأته فلم يقربها من غير يمين أربعة أشهر استعدت عليه ، فامّا أن يفيء وإمّا أن يطلّق ، فإن تركها من غير مغاضبة أو يمين فليس بمؤل(3) . وأورد عليه صاحب الجواهر بأنّه ظاهر في إلحاق المغاصبة بالإيلاء ، وهو غير ما نحن فيه(4) .
ثمّ الظاهر أنّ مقتضى الاطلاق أنّه لا فرق بين النكاح الدائم والمنقطع بعد كون المنقطعة زوجة كالدائمة ، كما أنّ الظاهر اختصاص الحكم بصورة عدم العذر ، وأمّا معه فيجوز الترك ما دام وجود العذر كخوف الضرر عليه أو عليها ، وعدم انتشار العضور لأجل عدم الميل أو غيره .
وهل يختصّ الحكم بالزوج الحاضر فيجوز السفر وان كان طويلاً غير ضروري ولو عرفاً ، أو يعمّه والمسافر فلا تجوز إطالة السفر أزيد من أربعة أشهر إلاّ إذا كان ضروريّاً .
وينافي الاستدلال من غير واحد(5) على المطلوب بما روته العامّة عن عمر أنّه سأل نساء أهل المدينة لما أخرج أزواجهنّ إلى الجهاد ، و سمع امرأة تنشد أبياتاً ، من جملتها :


(1) كذا في الوسائل ، وفي الكافي : محمد بن جعفر .
(2) الكافي : 5/566 ح42 ، الوسائل : 20/141 ، أبواب مقدّمات النكاح ب71 ح2 .
(3) الكافي : 6/133 ح12 ، الوسائل : 22/341 ، أبواب الأيلاء ب1 ح2 .
(4) جواهر الكلام : 29/116 .
(5) مسالك الأفهام : 7/66 ـ 67 ، رياض المسائل : 6/381 .

(الصفحة32)

مسألة 14 : لا إشكال في جواز العزل ، وهو اخراج الآلة عند الانزال وافراغ المني إلى الخارج في غير الزوجة الدائمة الحرّة ، وكذا فيها مع اذنها ، وأمّا فيها بدون اذنها ففيه قولان : أشهرهما الجواز مع الكراهة وهو الأقوى ، بل لا يبعد عدم الكراهة في التي علم أنّها لا تلد ، وفي المسنّة والسليطة والبذية والتي لاترضع ولدها ، كما أنّ الأقوى عدم وجوب دية النطفة عليه وان قلنا بالحرمة ، وقيل : بوجوبها عليه للزوجة ، وهي عشرة دنانير ، وهو ضعيف في الغاية1.


فوالله لولا الله لا شيء غيره لزلزل من هذا السرير جوانبه

عن أكثر ما تصبر المرأة من الجماع؟ فقيل له : أربعة أشهر ، فجعل المدّة المضروبة للغيبة أربعة أشهر(1) . وذكر صاحب الجواهر : أنّ مقتضاه عدم الفرق بين الحاضر والغائب ، فيجب على النائي الرجوع من السفر لاداء ما عليه ما لم يكن سفراً واجباً ـ إلى أن قال : ـ لكن السيرة القطعية على خلاف ذلك ، اللّهم إلاّ أن يكون المنشأ في ذلك نشوز أكثرهنّ ، فانّ الظاهر سقوط ذلك(2) .
أقول : الالتزام بكون المنشأ للجواز هو نشوز أكثرهنّ مشكل جدّاً ، بل اللازم الالتزام بجواز السفر وترك الوطء في المدّة المذكورة مع وجود داع عقلائي له كالتجارة ونحوها ، دون ما كان للميل والتفرّج والانس ، بل يمكن القول بثبوت السيرة فيه أيضاً ، لكن الاحتياط في الترك كما لا يخفى .

1 ـ قال المحقّق في الشرائع : العزل عن الحرّة إذا لم يشترط في العقد ولم تأذن ،


(1) المصنف لعبد الرزاق : 7/151 ح12593 ، السنن الكبرى للبيهقي : 9/29 ، كنز العمال : 16/576 ح45924 مع اختلاف في لفظ الحديث والشعر .
(2) جواهر الكلام : 29/116 .

(الصفحة33)



قيل : هو محرّم ، ويجب معه دية النطفة عشرة دنانير ، وقيل : هو مكروه وإن وجبت الدية ، وهو أشبه(1) . وذكر صاحب الجواهر(2) أنّ القائل بالقول الثاني هو المشهور نقلاً وتحصيلاً ، والدليل على الجواز روايات :
منها : صحيحة محمد بن مسلم ، التي رواها المشايخ الثلاثة ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن العزل؟ فقال : ذاك إلى الرجل يصرفه حيث شاء(3) .
ومنها : رواية عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن العزل؟ فقال : ذاك إلى الرجل(4) .
ومنها : رواية عبد الرحمن الحذاء ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : كان عليّ بن الحسين (عليهما السلام) لايرى بالعزل بأساً ، يقرأ هذه الآية : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم}(5) فكلّ شيء أخذ الله منه الميثاق فهو خارج ، وإن كان على صخرة صماء(6) .
ومنها : صحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام) أنّه سئل عن العزل؟ فقال : أمّا الأمة فلا بأس ، وأمّا الحرّة فانّي أكره ذلك إلاّ أن يشترط عليها حين يتزوّجها(7) .


(1) شرائع الإسلام : 2/270 .
(2) جواهر الكلام : 29/112 .
(3) الكافي : 5/504 ح3 ، التهذيب : 7/417 ح 1669 ، الفقيه : 3/273 ح 1295 ، الوسائل : 20/149 ، أبواب مقدّمات النكاح ب75 ح1 .
(4) الكافي : 5/504 ح1 ، التهذيب : 7/416 ح1667 ، الوسائل : 20/149 ، أبواب مقدّمات النكاح ب75 ح2 .
(5) سورة الأعراف : 7/172 .
(6) الكافي : 5/504 ح4 ، التهذيب : 7/417 ح1670 ، الوسائل : 20/149 ، أبواب مقدّمات النكاح ب75 ح3 .
(7) التهذيب : 7/417 ح1671 ، الوسائل : 20/151 ، أبواب مقدّمات النكاح ب76 ح1 .

(الصفحة34)



ثمّ إنّ صاحب الوسائل نقل عن محمد بن مسلم في هذا المجال ستّ روايات مع اختلاف يسير(1) . وتبعه صاحب الجواهر(2) . والظاهر كما نبّهنا عليه مراراً الاتحاد وعدم التعدّد .
ومنها : رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت له : ما تقول في العزل؟ فقال : كان علي (عليه السلام) لا يعزل ، وأمّا أنا فأعزل ، فقلت : هذا خلاف! فقال : ما ضرّ داود أن خالفه سليمان ، والله يقول :{ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمنَ}(3) .(4)
ومنها : رواية يعقوب الجعفي قال : سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول : لابأس بالعزل في ستّة وجوه : المرأة التي تيقّنت أنّها لا تلد ، والمسنّة ، والمرأة السليطة ، والبذية ، والمرأة التي لا ترضع ولدها ، والأمة(5) .
والدليل على المنع بدون اذنها النبويان المرويان عن طرق العامة ، ففي أحدهما : نهى أن يعزل عن الحرّة إلاّ باذنها(6) ، وفي الثاني : أنّه الوأد الخفيّ(7) ، أي قتل الولد ، مضافاً إلى أنّ فيه فواتاً لغرض النكاح وهو الاستيلاد ، وللحقّ الذي للزوجة وهو الالتذاذ ، بل ربما كان فيه إيذاء لها .
لكن الجمع بين الروايات على تقدير الاعتبار يقتضي الحمل على الكراهة ،


(1) الوسائل : 20/149 ـ 150 ، أبواب مقدّمات النكاح ب75 ح1 ، 4 ، 5 و ب76 ح1 ـ 3 .
(2) جواهر الكلام : 29/112 .
(3) سورة الأنبياء : 21/79 .
(4) مختصر البصائر : 95 ، الوسائل : 20/150 ، أبواب مقدّمات النكاح ب75 ح6 .
(5) الفقيه : 3/281 ح1340 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : 1/278 ح 17 ، الخصال : 328 ح 22 ، التهذيب : 7/491 ح 1972 ، الوسائل : 20/152 ، أبواب مقدّمات النكاح ب76 ح4 .
(6) دعائم الإسلام : 2/212 ح777 ، مستدرك الوسائل : 14/233 ، أبواب مقدّمات النكاح ب57 ح1 .
(7) السنن الكبرى للبيهقي : 7/231 .

(الصفحة35)

مسألة 15 : يجوز لكلّ من الزوج والزوجة النظر إلى جسد الآخر ظاهره وباطنه حتى العورة ، وكذا مسّ كلّ منهما بكلّ عضو منه كلّ عضو من الآخر مع التلذّذ وبدونه1.


خصوصاً مع أنّ أصل الوطء يجوز تركه نوعاً ، فلا تصل النوبة إلى العزل ، وخصوصاً مع جواز الوطء في الأدبار على ما عرفت(1) ، وهو لا يحصل منه الولد كما لايخفى .
بقي الكلام في وجوب الدية على الزوج ، وهي عشرة دنانير ، والظاهر العدم ، فانّ موضوعها هو المفزع للمجامع ، وأمّا إذا أراد الزوج الانزال من غير وجود المفزع فالظاهر عدم الدليل على ثبوت الدية بوجه ، وتؤيّده سيرة المتشرعة فانّهم لا يرون الوجوب أصلاً ، ومنه يظهر الاشكال على المحقّق في الشرائع في العبارة المتقدّمة ، حيث إنّ ظاهرها وجوب الدية وإن قلنا بكراهة العزل فضلاً عن القول بالحرمة ، فتدبّر .

1 ـ لا إشكال في أنّه يجوز لكلّ من الزوجين النظر إلى جسد الآخر ظاهره وباطنه ، وكذا مسّه بأيّ عضو كان مع التلذّذ أو بدونه ، وإن كره النظر إلى العورة ، للنهي(2) المحمول على الكراهة جزماً ، وفي محكي كشف اللّثام ربما يرشد إليه قوله تعالى : { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ ليُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مَن سَوْآتِهِمَا}(3) ،


(1) في ص17-22 مسألة 11 .
(2) الفقيه: 3/359 ح1712 وص363 ح1727، الوسائل: 20/121 ـ 122، أبواب مقدّمات النكاح ب59 ح5 و6.
(3) سورة الأعراف : 7/20 .

(الصفحة36)

مسألة 16 : لا إشكال في جواز نظر الرجل إلى ما عدا العورة من مماثله ، شيخاً كان المنظور إليه أو شابّاً ، حسن الصورة أو قبيحها ما لم يكن بتلذّذ وريبة ،


وقوله تعالى : { فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمْا}(1) ، وقوله تعالى : { يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا ليُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا}(2) (3) . لكن في الجواهر : وفيه ما لا يخفى(4) .
وكذا يجوز لكلّ من الرجل والمرأة النظر إلى المحارم ما عدا العورة ، وما عن ظاهر التحرير من أنّه ليس للمحرم التطلّع في العورة والجسد عارياً(5) واضح الضعف ، وإن كان في خبر أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، المرويّ في تفسير عليّ ابن إبراهيم ، والمنقول في المستدرك في قوله تعالى : { وَلاَ يُبْدِيِنَ زِيَنَتُهنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}(6) فهو الثياب ، والكحل ، والخاتم ، وخضاب الكف ، والسّوار ، والزينة ثلاث : زينة للناس ، وزينة للمحرم ، وزينة للزوج ، فأمّا زينة الناس فقد ذكرناه ، وأمّا زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها ، والدملج وما دونه ، والخلخال وما أسفل منه ، وأمّا زينة الزوج فالجسد كلّه(7) ، لكنّه مضافاً إلى ضعف الرواية قد ذكرنا في كتاب الصلاة أنّ المراد من الآية هي أنّ المرأة بنفسها زينة ، والزينة الظاهرة هي الوجه والكفّان لا الزينة المتعارفة(8) ، فراجع .


(1) سورة الأعراف : 7/22 .
(2) سورة الأعراف : 7/27 .
(3) كشف اللثام : 7/24 .
(4) جواهر الكلام : 29/72 .
(5) تحرير الاحكام : 2/3 .
(6) سورة النور : 24/31 .
(7) تفسير القمي : 2/101 ، مستدرك الوسائل : 14/275 ، أبواب مقدّمات النكاح ب85 ح3 .
(8) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الصلاة : 1/569 ـ 576 .

(الصفحة37)

والعورة هي القبل والدبر والبيضتان ، وكذا لا إشكال في جواز نظر المرأة إلى ما عدا العورة من مماثلها ، وأمّا عورتها فيحرم أن تنظر إليها كالرجل1.

مسألة 17 : يجوز للرجل أن ينظر إلى جسد محارمه ما عدا العورة إذا لم يكن مع تلذّذ وريبة ، والمراد بالمحارم من يحرم عليه نكاحهنّ من جهة النسب أو الرضاع أو المصاهرة ، وكذا يجوز لهنّ النظر إلى ما عدا العورة من جسده بدون تلذّذ وريبة2


1 ـ لا شبهة في أنّه يجوز لكلّ من الرجل والمرأة النظر إلى المماثل ما عدى العورة ، من دون فرق بين ما إذا كان المنظور إليه شيخاً أو شابّاً ، حسن الصورة أو قبيحها ، ما لم يكن هناك تلذّذ وريبة في البين ، وأمّا العورة فحرام النظر إليها .
ويدلّ على كلا الأمرين استمرار سيرة المتشرّعة وعمل المسلمين على ذلك ، فتراهم ينظرون إلى مماثلهم وينظرن إلى مماثلهنّ في الشوارع والمجالس والمحافل ، ويسترون عوراتهم في الحمّامات بإزار ونحوه ، وإن رأوا من يدخلها بدونه يوبّخونه ، مع أنّه لا يعتبر في الساتر في الستر النفسي شيء مخصوص ، بل تكفي اليد ونحوها ، وقد روى ابن قدامة في المغني ، عن أبي حفص أنّ وفداً قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)وفيهم غلام حسن الوجه فأجلسه ، ومن ورائه(1) ، و كان ذلك بمرئى من الحاضرين ولم يأمره بالاحتجاب عن الناس ، واجلاسه ورائه تنزّهاً منه (صلى الله عليه وآله)وتعفّفاً وتعليماً للناس .

1 ـ لا شبهة في أنّه يجوز لكلّ من الرجل والمرأة النظر إلى جسد محارمه ما عدا


(1) المغني لابن قدامة : 7/463

(الصفحة38)

مسألة 18 : لا إشكال في عدم جواز نظر الرجل إلى ما عدى الوجه والكفين من المرأة الأجنبية من شعرها وسائر جسدها ، سواء كان فيه تلذّذ وريبة أم لا ، وكذا الوجه والكفّان إذا كان بتلذّذ وريبة ، وأمّا بدونها ففيه قولان بل أقوال : الجواز مطلقاً ، وعدمه مطلقاً ، والتفصيل بين نظرة واحدة فالأوّل ، وتكرار النظر فالثاني ، وأحوط الأقوال أوسطها1.

مسألة 19 : لا يجوز النظر إلى الأجنبي كالعكس ، والأقرب استثناء الوجه والكفّين2


العورة إذا لم يكن هناك تلذّذ وريبة ، والمراد بالمحارم من يحرم عليه أو عليها نكاحها أو نكاحه ، سواء كان من جهة النسب أو الرضاع أو المصاهرة ، وقد تقدّم البحث عنه في ذيل المسألة الخامسة عشر .

1 ـ العمدة في هذه المسألة البحث في الجواز وعدم الجواز بالنسبة إلى وجه الأجنبية وكفّيها بدون التلذّذ والريبة ، وفي المتن أنّ فيها أقوالاً ثلاثة ، ولكن نحن نحيل البحث في ذلك إلى بحث الستر الواجب النفسي بمناسبة الستر الواجب الشرطي في باب الصلاة ، وقد قدّمنا ذلك مفصّلاً ، فراجع(1) .

2 ـ الظاهر أنّ مراده أنّ الأقرب استثناء الوجه والكفّين من الرجل الأجنبي في نظر الأجنبية ، وإن لم نقل بالجواز في العكس ، والظاهر أنّ الوجه في ذلك هو استلزام العسر والحرج لو لم نقل بالجواز فيه أيضاً ، وإن روى الصدوق في عقاب الأعمال أنّه قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): اشتدّ غضب الله عزّ وجلّ على امرأة ذات بعل ملأت


(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الصلاة : 1/568 ـ 593 .

(الصفحة39)

مسألة 20 : كلّ من يحرم النظر إليه يحرم مسّه ، فلا يجوز مسّ الأجنبي الأجنبية وبالعكس ، بل لو قلنا بجواز النظر إلى الوجه والكفّين من الأجنبية لم نقل بجواز مسّهما منها ، فلا يجوز للرجل مصافحتها ، نعم لا بأس بها من وراء الثوب ، لكن لا يغمز كفّها احتياطاً1.


عينها من غير زوجها أو غير ذي محرم منها ، فانّها إن فعلت ذلك أحبط الله عزّوجلّ كلّ عمل عملته ، فإن أو طأت فراشه غيره كان حقّاً على الله أن يحرقها بالنّار بعد أن يعذّبها في قبرها(1) ، لكن موردها ذات البعل أوّلاً ، والكلام في الأعمّ والنظر مع الريبة والتلذّذ ثانياً ، كما يظهر من الذيل .
نعم ينبغي للمرأة أن لا تنظر إلى الرجل الأجنبي أصلاً ، كما عن مكارم الأخلاق للطبرسي ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّ فاطمة (عليها السلام) قالت له في حديث : خير للنساء أن لايرين الرجال ، ولا يراهنّ الرجال ، فقال (صلى الله عليه وآله) : فاطمة منّي(2) .

1 ـ إذا حرم النظر تكون حرمة المسّ بطريق أولى ، بل لو قلنا بجواز النظر إلى الوجه والكفّين من الأجنبية لا نقول بجواز مسّها بعد أن كانت المرأة أجنبية; لعدم الدليل على الاستثناء بالإضافة إلى المسّ أيضاً ، وعليه فلا يجوز للأجنبي مصافحة الأجنبية المستلزمة للمسّ ، نعم إذا كانت من وراء الثوب بحيث لم تتحقّق مماسّة لا مانع منها، لكن نهى احتياطاً أن يغمز كفّها ، والوجه فيه النّهي عن ذلك في بعض الروايات ، مثل :
رواية سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن مصافحة الرجل المرأة؟


(1) عقاب الأعمال : 338 ، الوسائل : 20/232 ، أبواب مقدّمات النكاح ب129 ح2 .
(2) مكارم الأخلاق : 233 ، الوسائل : 20/232 ، أبواب مقدّمات النكاح ب129 ح3 .

(الصفحة40)

مسألة 21 : لا يجوز النظر إلى العضو المبان من الأجنبي والأجنبية ، والأحوط ترك النظر إلى الشعر المنفصل ، نعم الظاهر أنّه لا بأس بالنظر إلى السن والظفر المنفصلين1.


قال : لا يحلّ للرجل أن يصافح المرأة إلاّ امرأة يحرم عليه أن يتزوّجها أخت أو ابنة أو ، عمّة أو خالة أو بنت أخت أو نحوها ، فأمّا المرأة التي يحلّ له أن يتزوّجها فلا يصافحها إلاّ من وراء الثوب ولا يغمز كفّها(1) .
وينبغي للمسلمين التحفظ على هذه الخصوصيات من أحكام الإسلام ليمتاز بها المسلمون عن غيرهم ، ويعرف العالم أنّ المسلمين لا يصافحون الأجانب منهم الأجنبيّات ، وأنّ ما تداول في العالم سيّما الغرب من المصافحة مع الأجنبيات ، وأنّها أوّل الاحترامات وفوقها ، لا يؤيّده الدّين الإسلامي بوجه .

1 ـ في محكي القواعد : والعضو المبان كالمتّصل على اشكال(2) ، وظاهر المتن التفصيل بين ما إذا كان العضو المبان مثل اليد والرجل فضلاً عن العورة ، وبين ما إذا كان شعراً منفصلاً ، وبين ما إذا كان مثل السن والظفر ، فلا يجوز في الأوّل ، ويجب الاحتياط في الثاني ، ولا بأس به في الثالث ، ومنشأ الأوّلين جريان الاستصحاب الحاكم بعدم مدخلية الاتصال .
نعم مقتضى ما ورد من النهي عن الوصل بشعر الغير(3) عدم حرمة النظر وأنّ


(1) الكافي : 5/525 ح1 ، الوسائل : 20/208 ، أبواب مقدّمات النكاح ب115 ح2 .
(2) قواعد الأحكام : 2/3 .
(3) الكافي : 5/520 ح3 ، مكارم الأخلاق : 84 ، الوسائل : 20/187 ـ 188 ، أبواب مقدّمات النكاح ب101 ح1  و3 .
<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>