جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب النکاح « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>


(الصفحة301)



الواقعة صحيحة عندهم ، مضافاً إلى ما ورد من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنّ لكلّ قوم نكاحاً(1) . وقول أبي عبدالله (عليه السلام) كلّ قوم يعرفون النكاح من السفاح فنكاحهم جائز(2) . ولازمه لحوق الأولاد وترتب جميع الآثار ، حتى أنّه لو أسلما معاً في آن واحد يقرّا على ذلك النكاح وتبقى الزوجية ، ولا تحتاج إلى نكاح جديد صحيح في الإسلام ، بل وكذا لو أسلم أحدهما كالزوج مثلاً في موارد يجوز للمسلم نكاح غير المسلمة .
نعم لو كان نكاحهم مشتملاً على ما يقتضي الفساد ابتداء أو استدامة ، كما إذا أسلم المجوسي وكانت زوجته إحدى المحرّمات النسبية من الاُمّ والاُخت والبنت على ما تقدّم(3) وكما إذا أسلم الكافر وكانت تحته أمّ وبنت أو اُختين مثلاً يجري عليه بعد الإسلام حكم الإسلام ، فإذا كانت تحته اُمّ وبنت فإن كانت الاُمّ مدخولاً بها تحرم عليه البنت دائماً; لأنّها ربيبة قد دخل باُمّها ، وإن لم تكن واحدة منهما مدخولاً بها لا الاُمّ ولا البنت بطل عقد الاُمّ ، وحرمت عليه أبداً باُمّهات النساء دون البنت ، فانّه يثبت عقدها لأنّها ربيبة لم يدخل باُمّها . وقال الشيخ : له التخيير ، فإنّ المحكيّ عنه في الخلاف أنّه قال : إذا جمع بين العقد على الاُمّ والبنت في حال الشرك بلفظ واحد ثم أسلم كان له إمساك أيّتهما شاء ويفارق الاُخرى(4) .
وفي المبسوط : إن لم يدخل بهما قيل : يتخيّر في إمساك أيّتهما شاء . وقيل : يثبت


(1) التهذيب : 7/472 ح1891 ، الوسائل : 21/199 ، أبواب نكاح العبيد ب83 ح2 .
(2) التهذيب : 7/475 ح1907 ، الوسائل : 21/200 ، أبواب نكاح العبيد ب83 ح3 .
(3) في ص296 ـ 297 .
(4) الخلاف : 4/331 .

(الصفحة302)



نكاح البنت ويقوى في نفسي الأول(1) . وذكر العلاّمة في محكي المختلف : أنّه احتجّ الشيخ بأنّ المشرك إذا جمع بين من لا يجوز له الجمع بينهما في نكاح ، فإنّه يحكم بصحّة نكاح من ينضمّ الاختيار إلى عقدها ، ألاترى أنّه إذا عقد على عشر دفعة واحدة وأسلم اختار منهنّ أربعاً ، فإذا فعل حكمنا بأنّ نكاح الأربع وقع صحيحاً ونكاح البواقي وقع باطلاً ، بدليل أنّ نكاح البواقي يزول ولا يجب عليه نصف المهر إذا كان قبل الدخول ، فإذا كان كذلك فمتى اختار إحداهما حكمنا بأنّه هو الصحيح والآخر باطل ، ولأنّه إذا جمع بين من لا يجوز الجمع بينهما واختار في حال الإسلام لكان اختياره بمنزلة ابتداء عقد ، بدليل أنّه لا يجوز أن يختار إلاّ من يجوز له أن يستأنف نكاحها حين الاختيار ، وإذا كان الاختيار كابتداء العقد كان كأنّه الآن تزوّج بها وحدها ، فوجب أن يكون له اختيار كلّ واحدة منهما(2) .
وأجاب عنه في المختلف : بأنّ الذي ذكره إنّما يتمّ في صورة الاختيار في حال الإسلام ، وهنا لا يمكن الاختيار في حال الإسلام ، فانّ الاُمّ حرمت بمجرّد العقد على البنت(3) .
وذكر صاحب الجواهر(قدس سره) : أنّ هذا الجواب منه(قدس سره) مبنيّ على ما استدلّ به للمطلوب من أنّ المقتضي للتحريم موجود ، والمانع لا يصلح للمانعيّة ، أمّا وجود المقتضي فللأدلّة المانعة من الجمع بين الاُمّ والبنت من الكتاب(4) والسنّة المتواترة(5)


(1) المبسوط : 4/221 .
(2) الخلاف : 4/331 .
(3) مختلف الشيعة : 7/87 ـ 88 .
(4) سورة النساء : 4/23 .
(5) الوسائل: 20 / 457 ـ 465، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب18، 19، 20.

(الصفحة303)

مسألة 3 : لو أسلم زوج الكتابيّة بقيا على نكاحهما الأوّل ، سواء كان كتابياً أو وثنياً ، وسواء كان إسلامه قبل الدخول أو بعده ، وإذا أسلم زوج الوثنية وثنياً كان أو كتابياً ، فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ، وإن كان بعده


والإجماع(1) وأمّا عدم صلاحية المانع فلما تقرّر في الاُصول من أنّ الكفّار مخاطبون بالفروع .
وفيه : إنّ هذه المسألة غير مبتنية على ذلك ، وإلاّ كان المتجّه ما ذكره الشيخ من عدم حرمة إحداهما عليه ، ضرورة أنّ المسلم لو عقد على الاُمّ والبنت دفعة لم تحرم إحداهما عليه ، بل له استئناف العقد على كلّ منهما ، فكذلك الكافر بناءً على الشركة ، بل لو عقد على الاُمّ أوّلاً ثم عقد على البنت بعد ذلك لم تحرم بذلك الاُمّ ، إلى غير ذلك من الأحكام التي تترتّب على قاعدة الإشتراك ، المنافية لإطلاق الأصحاب هنا بل ولصريحه(2) .
أقول : لو كان عقد الاُمّ في حال الكفر متأخّراً عن عقد البنت لكانت حرمة الاُمّ بعد الإسلام واضحة بمقتضى قاعدة الشركة ، ولو كان العكس بأن كان عقد الاُمّ متقدّماً على عقد البنت أو كان كلاهما واقعين في زمان واحد; لكان مقتضى حرمة الجمع بين الاُمّ والبنت ـ ولو مع فرض عدم الدخول ـ عدم إمكان الجمع ولو استدامة ، وحيث إنّه لا مرجّح لأحد العقدين على الآخر خصوصاً فيما إذا وقعا دفعة واحدة ، فاللازم الحكم ببطلان كليهما ، مع أنّه يمكن منع الإطلاق الذي أفاده في الجواهر وتبعه الماتن(قدس سره) ، فتدبّر جيّداً .


(1) الخلاف : 4/303 ـ 305 ، الروضة البهية : 5/177 ، مسالك الأفهام : 7/282 ـ 283 .
(2) جواهر الكلام : 30/69 .

(الصفحة304)

يفرّق بينهما وينتظر انقضاء العدّة ، فإن أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقيا على نكاحهما ، وإلاّ انفسخ النكاح بمعنى أنّه يتبيّن انفساخه من حين إسلام الزوج1.


1 ـ قال المحقّق في الشرائع : وإذا أسلم زوج الكتابيّة فهو على نكاحه ، سواء كان قبل الدخول أو بعده . ولو أسلمت زوجته قبل الدخول انفسخ العقد ولا مهر لها ، وإن كان بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدّة . وقيل : إن كان الزوج بشرائط الذمّة كان نكاحه باقياً ، غير أنّه لا يمكَّن من الدخول عليها ليلاً (ولا نهاراً خل) ولا من الخلوة بها نهاراً ، والأوّل أشبه(1) .
أقول : قد وردت في هذا المجال روايات :
منها : رواية يونس ـ وفي سندها سهل بن زياد ـ قال : الذمّي تكون عنده المرأة الذمّية فتسلم امرأته، قال: هي امرأته يكون عندها بالنهار ولايكون عندها بالليل، قال : فإن أسلم الرجل ولم تسلم المرأة يكون الرجل عندها بالليل والنهار(2) .
ومنها : مرسلة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إنّ أهل الكتاب وجميع من له ذمّة إذا أسلم أحد الزوجين فهما على نكاحهما ، وليس له أن يخرجها من دار الإسلام إلى غيرها ، ولا يبيت معها ولكنه يأتيها بالنهار ، وأمّا المشركون مثل مشركي العرب وغيرهم فهم على نكاحهم إلى انقضاء العدّة ، فإن أسلمت المرأة ثمّ أسلم الرجل قبل انقضاء عدّتها فهي امرأته ، وإن لم يسلم إلاّ بعد انقضاء العدّة فقد بانت منه ولا سبيل له عليها ، الحديث(3) .


(1) شرائع الإسلام : 2/294 ـ 295 .
(2) الكافي : 5/437 ح8 ، الوسائل : 20/548 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب9 ح8 .
(3) الكافي : 5/358 ح9 ، التهذيب : 7/302 ح1259 ، الإستبصار : 3/183 ح663 ، الوسائل : 20/547 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب9 ح5 .

(الصفحة305)



ومنها : صحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث ، قال : سألته عن رجل هاجر وترك امرأته مع المشركين ، ثم لحقت به بعد ذلك أيمسكها بالنكاح الأوّل أو تنقطع عصمتها؟ قال : بل يمسكها وهي امرأته(1) .
ومنها : رواية منصور بن حازم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل مجوسي كانت تحته امرأة على دينه فأسلم أو أسلمت؟ قال : ينتظر بذلك انقضاء عدّتها ، فإن هو أسلم أو أسلمت قبل أن تنقضي عدّتها فهما على نكاحهما الأوّل ، وإن هي لم تسلم حتّى تنقضي العدّة فقد بانت منه . وروى في الوسائل رواية اُخرى لمنصور بن حازم(2) ، والظاهر اتّحادهما .
ومنها : مرسلة جميل بن درّاج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما (عليهما السلام) ، أنّه قال في اليهودي والنصراني والمجوسي إذا أسلمت امرأته ولم يسلم قال : هما على نكاحهما ولا يفرّق بينهما ، ولا يترك أن يخرج بها من دار الإسلام إلى الهجرة(3) .
ومنها : رواية السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السلام) ، أنّ امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها ، فقال عليّ (عليه السلام) : لا يفرّق بينهما ، ثمّ قال : إن أسلمت قبل انقضاء عدّتها فهي امرأتك ، وإن انقضت عدّتها قبل أن تسلم ثمّ أسلمت فأنت خاطب من الخطّاب(4) .


(1) الكافي : 5/435 ح2 ، التهذيب : 7/300 ح 1253 ، الإستبصار : 3/181 ح 657 ، الوسائل : 20/540 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب5 ح1 .
(2) التهذيب : 7/301 ح1258 ، الإستبصار : 3/182 ح662 ، الكافي : 5/435 ح 3 ، الوسائل : 20/546 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب9 ح3 .
(3) التهذيب: 7/300 ح1254، الإستبصار: 3/181 ح658، الوسائل: 20/546، أبواب مايحرم بالكفر ب9 ح1.
(4) التهذيب: 7/301 ح1257، الإستبصار: 3/182 ح661، الوسائل: 20/546، أبواب مايحرم بالكفر ب9 ح2.

(الصفحة306)



ومنها : رواية ابن أبي نصر البزنطي قال : سألت الرضا (عليه السلام) عن الرجل تكون له ، الزوجة النصرانية فتسلم هل يحلّ لها أن تقيم معه؟ قال : إذا أسلمت لم تحلّ له ، قلت : فإنّ الزوج أسلم بعد ذلك أيكونان على النكاح؟ قال : لا إلاّ بتزويج جديد(1) .
وقد تحصّل من ملاحظة الروايات اُمور :
الأوّل : أنّه لو أسلم زوج الكتابية فهو على نكاحه ، سواء كان قبل الدخول أو بعده ، وسواء كان الزوج كتابيّاً أو وثنياً ، وسواء قلنا بصحّة نكاح المسلم الكتابية ابتداءً أم لا ، ويدلّ عليه جملة من الروايات المتقدّمة ، خصوصاً صحيحة ابن سنان المتقدّمة ، فلا ينبغي الإشكال في هذا الأمر .
الثاني : أنّه إذا أسلم زوج الوثنية، سواء كان الزوج وثنياً أو كتابياً ، فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ، وإن كان بعده يفرّق بينهما وينتظر انقضاء المدّة ، فإن أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقيا على نكاحهما الأوّل ، وإلاّ انفسخ النكاح لا بالإنقضاء بل تبيّن أنّه انفسخ من حين إسلام الزوج ، ويدلّ على الانفساخ قبل الدخول وعدم ثبوت المهر أيضاً ـ مضافاً إلى بعض الروايات المتقدّمة ـ صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، في نصراني تزوّج نصرانية فأسلمت قبل أن يدخل بها؟ قال : قد انقطعت عصمتها منه ولا مهر لها ولا عدّة عليها منه(2) .
لكن في رواية السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) الواردة في المجوسية ثبوت نصف الصداق قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لزوجها : أسلم ، فأبى زوجها أن يسلم ، فقضي


(1) التهذيب : 7/300 ح1255 ، الإستبصار : 3/181 ح659 ، قرب الإسناد : 378 ح 1335 ، الوسائل : 20/542 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب5 ح5 .
(2) الكافي : 5/436 ح4 ، الوسائل : 20/547 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب9 ح6 .

(الصفحة307)

مسألة 4 : لو أسلمت زوجة الوثني أو الكتابي وثنية كانت أو كتابية ، فان كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ، وإن كان بعده وقف على انقضاء العدّة


لها عليه نصف الصداق . وقال : لم يزدها الإسلام إلاّ عزّاً(1) . ولكن ذكر في الجواهر : إنّي لم أجد عاملاً بالرواية(2) .
هذا، ويدلّ على الانفساخ في الحال أو بعد انقضاء العدّة جملة من الروايات المتقدّمة.
الثالث : ما إذا أسلمت الزوجة قبل الدخول بها انفسخ العقد; لحرمة تزويجها بالكافر ولو استدامة ، فإنّ الله لم يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً(3) . وإن كان إسلامها بعد الدخول ينتظر انقضاء العدّة ، فإن أسلم الزوج قبله يقرّا على نكاحهما وإلاّ بانت منه ، وأشار المحقّق في كلامه المتقدّم بثبوت قول بأنّه : إن كان الزوج بشرائط الذمّة كان نكاحه باقياً ، غير أنّه لا يمكنّ من الدخول عليها ليلاً ولا من الخلوة بها نهاراً(4) .
والظاهر أنّ مستند القول المشار إليها ، الذي للشيخ(5) في الكتب غير المعدّة للفتوى ـ وحكي عنه الرجوع في كتابي المبسوط والخلاف(6) ـ رواية يونس ومرسلة محمد بن مسلم المتقدّمتين ، وهما مع فقدانهما لوصف الحجّية لا ينطبقان


(1) الكافي : 5/436 ح6 ، الوسائل : 20/548 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب9 ح7 .
(2) جواهر الكلام : 30/52 .
(3) إقتباس من سورة النساء : 4/141 .
(4) شرائع الإسلام : 2/294 ـ 295 .
(5) التهذيب : 7/300 ، الإستبصار : 3/181 .
(6) الخلاف : 4/325 ـ 326 ، المبسوط : 4/212 .

(الصفحة308)

لكن يفرّق بينهما ، فإن أسلم قبل انقضائها فهي امرأته ، وإلاّ بان أنّها بانت منه حين إسلامها1.

مسألة 5 : لو ارتدّ أحد الزوجين أو ارتدّا معاً دفعة قبل الدخول وقع الانفساخ في الحال ، سواء كان الارتداد عن فطرة أو ملّة ، وكذا بعد الدخول إذا كان الارتداد من الزوج وكان عن فطرة ، وأمّا إن كان ارتداده عن ملّة أو كان الارتداد من الزوجة مطلقاً وقف الفسخ على انقضاء العدّة ، فإن رجع أو رجعت قبل انقضائها كانت زوجته ، وإلاّ انكشف أنّها بانت منه عند الارتداد2


على القول المزبور .

1 ـ قد تقدّم البحث عن هذه المسألة في ذيل المسألة السابقة ، ويستفاد من المتن لزوم التفريق بينهما ليلاً ونهاراً معاً ، حتى لا يتحقّق الوطء والدخول ، وهو الظاهر .

2 ـ قال المحقّق في الشرائع : ولو ارتدّ أحد الزوجين قبل الدخول وقع الفسخ في الحال ، وسقط المهر إن كان من المرأة ، ونصفه إن كان من الرجل ، ولو وقع بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدّة من أيّهما كان ، ولا يسقط شيء من المهر لاستقراره بالدخول ، وإن كان الزوج ولد على الفطرة فارتدّ انفسخ النكاح في الحال ، ولو كان بعد الدخول لأنّه لا يقبل عوده(1) .
والروايات الواردة في هذا المجال عبارة عن مثل :
ما رواه الصّدوق باسناده عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام)


(1) شرائع الإسلام : 2/294 .

(الصفحة309)



قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : المرتدّ عن الإسلام تعزل عنه امرأته ، ولا تؤكل ذبيحته ، ويستتاب ثلاثة أيّام فإن تاب ، وإلاّ قتل اليوم الرابع إذا كان صحيح العقل(1) .
وهل المراد بالاستتابة ثلاثة أيّام هو تحقّق الاستتابة متكرّراً بتكرّر الأيام ، أو أنّ المراد بها هو الاستتابة الواحدة والامهال ثلاثة أيّام؟ فيه وجهان ، ولا يبعد الوجه الثاني .
وصحيحة محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المرتدّ؟ فقال : من رغب عن الإسلام وكفر بما اُنزل على محمّد (صلى الله عليه وآله) بعد إسلامه فلا توبة له وقد وجب قتله ، وبانت منه امرأته ، ويقسّم ما ترك على ولده(2) .
ورواية الحضرمي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) : إذا ارتدّ الرجل المسلم عن الإسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة ثلاثاً ، وتعتدّ منه كما تعتدّ المطلّقة ، فإن رجع إلى الإسلام وتاب قبل أن تتزوّج فهو خاطب ، ولا عدّة عليها منه له ، وإنّما عليها العدّة لغيره ، فإن قتل أو مات قبل انقضاء العدّة اعتدّت منه عدّة المتوفى عنها زوجها ، وهي ترثه في العدّة ولا يرثها إن ماتت وهو مرتدّ عن الإسلام(3) .
وموثّقة عمّار الساباطي قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : كلّ مسلم بين مسلمين ارتدّ عن الإسلام وجحد محمّداً (صلى الله عليه وآله) نبوّته وكذّبه فإنّ دمه مباح لمن سمع ذلك منه ، وامرأته بائنة منه يوم ارتدّ ، ويقسّم ماله على ورثته ، وتعتدّ امرأته عدّة المتوفّى عنها


(1) الفقيه : 3/89 ح 334 ، الوسائل : 28/328 ، أبواب حدّ المرتد ب3 ح5 .
(2) الكافي : 7/256 ح1 ، و ج 6/174 ح 2 ،التهذيب : 10/136 ح 540 ، الإستبصار : 4/252 ح 956 ، الوسائل : 28/323 ، أبواب حدّ المرتد ب1 ح2 .
(3) التهذيب : 9/373 ح1333 ، الوسائل : 26/28 ، أبواب موانع الإرث ب6 ذ ح 5 .

(الصفحة310)

مسألة 6 : العدّة في ارتداد الزوج عن فطرة كالوفاة ، وفي غيره كالطلاق1.


زوجها ، وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه(1) . وغير ذلك من الروايات(2) التي يتحصّل منها أنّه إذا كان الارتداد قبل الدخول يتحقّق الانفساخ في الحال ، سواء كان من الرجل أو المرأة ، فإنّ جملة من الروايات وإن كانت واردة في ارتداد الرجل إلاّ أنّه ذكر في محكي الرياض : أنّ ارتداد المرأة ملحق به للإجماع المركّب(3) .
وأمّا إذا كان بعد الدخول فلا إشكال في تحقّق الانفساخ إذا كان ارتداده عن فطرة ، كما هو الظاهر من اطلاق السؤال وفي عنوان الحكم مستقلاًّ; وأمّا إذا كان ارتداد الرجل عن ملّة أو كان الارتداد من الزوجة مطلقاً فطريّاً كان أو ملّياً; لعدم الدليل على الانفساخ بمجرّد الارتداد حينئذ ، بل يتوقّف الفسخ على انقضاء العدّة بالنحو المذكور في المتن ، وقد فصّلنا القول في تعريف الارتداد وتقسيمه إلى الفطري والملّي وسائر الخصوصيات المترتّبة على الأمرين في كتاب الحدود المطبوع ، فراجع(4) .

1 ـ الدليل على كون العدّة في ارتداد الزوج عن فطرة كالوفاة مثل موثقة عمّار الساباطي المتقدّمة، المشتملة على قوله (عليه السلام): «وتعتدّ امرأته عدّة المتوفّى عنها زوجها» وموردها وإن كان ارتداد الرجل المسلم ، وربّما يتخيّل أنّ الارتداد فيه مطلق شامل للارتداد الملّي والفطري معاً ، إلاّ أنّ الظاهر هو أنّ قوله (عليه السلام) : «بين مسلمين» بصورة


(1) الكافي : 7/257 ح11 ، الفقيه : 3/89 ح 333 ، التهذيب : 10/136 ح 541 ، الإستبصار : 4/253 ح 957 ، الوسائل : 28/324 ، أبواب حد المرتد ب1 ح3 .
(2) الوسائل : 20/547 ـ 548 ، أبواب ما يحرم بالكفر ب9 ح6 و 7 .
(3) رياض المسائل : 6/525 .
(4) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحدود : 540 ـ 544 .

(الصفحة311)

مسألة 7 : لا يجوز للمؤمنة أن تنكح الناصب المعلن بعداوة أهل البيت (عليهم السلام) ، ولا الغالي المعتقد بألوهيّتهم أو نبوّتهم ، وكذا لا يجوز للمؤمن أن ينكح الناصبة والغالية ، لأنّهما بحكم الكفّار وإن انتحلا دين الإسلام1.

مسألة 8 : لا إشكال في جواز نكاح المؤمن المخالفة غير الناصبة ، وأمّا نكاح المؤمنة المخالف غير الناصب ففيه خلاف ، والجواز مع الكراهة لا يخلو من


التثنية لا الجمع ، فيختصّ بالارتداد الفطري ، كما أنّ الظاهر أنّ قوله : «كلّ مسلم» هو المسلم بالأصالة ، وهو الذي اختار الإسلام بعد بلوغه ، ولا يشمل المسلم بالتبع ، وإلاّ لكان اللازم أن يكون ارتداد الطفل موجباً لترتب الآثار المذكورة في الرواية .
وبالجملة : لا خفاء في أنّ المراد هو الارتداد بعد البلوغ ، وعليه فالمراد بالمسلم أيضاً هو المسلم بعد البلوغ ، والتشبيه بالمطلقة ثلاثاً كما في رواية الحضرمي المتقدّمة ليس لأجل كون العدّة عدّتها ، بل لأجل تحقّق البينونة وعدم إمكان الرجوع في العدّة بمجرّده ، والشاهد الجمع بين الأمرين فيها ، فتدبّر .
وأمّا في غير هذا النحو من الارتداد فظاهر عنوان الاعتداد هو الاعتداد مع حياة الزوج ، وهو لا ينطبق إلاّ على عنوان الطلاق .

1 ـ وجه عدم الجواز في الناصب والغالي بالإضافة إلى الطرفين كونهما بحكم الكفّار وان انتحلا دين الإسلام ، وقد تقدّم في البحث عن نجاسة الكفار من كتاب الطهارة تفصيل هذا البحث ، فراجع(1) .


(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الطهارة : 252 ـ 258 .

(الصفحة312)

قوّة ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط مهما أمكن1.


1 ـ قال المحقّق في الشرائع : ويكره أن يتزوّج الفاسق ، ويتأكّد في شارب الخمر ، وإن تُزوَّجَ المؤمنة بالمخالف ، ولا بأس بالمستضعف ، وهو الذي لا يُعرف بعناد(1) .
هذا ، وقوله تعالى : { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُون}(2) يكون المراد من الفسق فيه الكفر مقابل الايمان ، على أنّ نفي الاستواء لا يقضي بكراهة التزويج ، وليس مندرجاً فيمن لا يرضى دينه قطعاً ، فالدليل على الكراهة في نكاح المؤمنة المخالف غير الناصب ـ مضافاً إلى تأثير الزوج بالإضافة إلى الزوجة ، ومن الممكن أن تخرج عن الايمان إلى الخلاف الذي عليه الزوج كما هو المفروض ـ بعض الروايات ، مثل :
رواية سدير قال : قال لي أبو جعفر (عليه السلام) : ياسدير بلغني عن نساء أهل الكوفة جمال وحسن تبعّل ، فابتغ لي امرأة ذات جمال في موضع ، فقلت : قد أصبتها فلانة بنت فلان ابن محمد بن الأشعث بن قيس ، فقال لي : يا سدير إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)لعن قوماً ، فجرت اللعنة في أعقابهم إلى يوم القيامة ، وأنا أكره أن يصيب جسدي جسد أحد من أهل النار(3) .
هذا ، ولا وجه للقول بعدم الجواز أصلاً مع ملاحظة اسلام المخالف غير الناصب ، وأنّ من الآثار المترتّبة على الإسلام المهمّة جواز التناكح وأكل الذبيحة كما لايخفى ، خصوصاً لو قيل بجواز تزويج اليهودية والنصرانية مطلقاً دواماً


(1) شرائع الإسلام : 2/300 .
(2) سورة السجدة : 32/18 .
(3) الكافي : 5/569 ح56 ، الوسائل : 20/247 ، أبواب مقدّمات النكاح ب143 ح1 .

(الصفحة313)

مسألة 9 : لا يشترط في صحّة النكاح تمكّن الزوج من النفقة . نعم لو زوّج الصغيرة وليّها بغير القادر عليها لم يلزم العقد عليها فلها الردّ; لأنّ فيه المفسدة إلاّ إذا زوحمت بمصلحة غالبة عليها1.


وانقطاعاً ، كما تقدّم بحثه(1) .
1 ـ قال المحقّق في الشرائع : وهل يشترط تمكّنه من النفقة؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو الأشبه(2) . واستدلّ للقول الأوّل المحكي عن الشيخين(3) وبني زهرة(4)وإدريس(5) وسعيد(6) والعلاّمة(7) في بعض كتبه بقوله تعالى : { وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِن مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم}(8) الآية ، وبالرواية المروية في سنن البيهقي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، أنّه قال لفاطمة بنت قيس لما أخبرته أنّ معاوية يخطبها : إنّ معاوية صعلوك لا مال له(9) ومرسلة أبان ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : الكفو أن يكون عفيفاً وعنده يسار(10) .
كما أنّه استدل للقول الثاني بقوله تعالى : { إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللّهُ


(1) في ص292 ـ 294 .
(2) شرائع الإسلام : 2/299 .
(3) المقنعة : 512 ، المبسوط : 4/178 ، الخلاف : 4/274 .
(4) غنية النزوع: 343.
(5) السرائر : 2/557 .
(6) الجامع للشرائع : 431 .
(7) تذكرة الفقهاء : 2/603 .
(8) سورة النساء : 4/25 .
(9) السنن الكبرى للبيهقي : 7/135 .
(10) الكافي : 5/347 ح1 ، الفقيه : 3/249 ح 1186 ، الوسائل : 20/78 ، أبواب مقدّمات النكاح ب28 ح4 .

(الصفحة314)

مسألة 10 : لو كان الزوج متمكّناً من النفقة حين العقد ثم تجدّد العجز عنها بعد ذلك لم يكن للزوجة المذكورة التسلّط على الفسخ لا بنفسها ولا بوسيلة الحاكم على الأقوى . نعم لو كان ممتنعاً عن الإنفاق مع اليسار ورفعت أمرها إلى الحاكم ألزمه بالانفاق أو الطلاق ، فإذا امتنع عنهما ولم يمكن الإنفاق من ماله ولا إجباره بالطلاق فالظاهر أنّ للحاكم أن يطلّقها إن أرادت الطلاق1.


مِن فَضْلِهِ}(1) . وقوله تعالى : { إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً}(2) . وبرواية علي بن مهزيار قال : كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر (عليه السلام) في أمر بناته وأنّه لا يجد أحداً مثله ، فكتب إليه أبو جعفر (عليه السلام) : فهمت ما ذكرت من أمر بناتك وأنّك لا تجد أحداً مثلك ، فلا تنظر في ذلك رحمك الله ، فانّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه ، الاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير(3) . وأدلّة القول الأوّل كلّها مخدوشة ، فالأظهر هو القول الثاني ، فتدبّر جيّداً .

1 ـ وقال أيضاً في الشرائع عقيب العبارة المتقدّمة : ولو تجدّد عجز الزوج عن النفقة هل تتسلّط على الفسخ؟ فيه روايتان ، أشهرهما أنّه ليس لها ذلك(4) .
وأشار بالروايتين إلى طائفتين من الأخبار :
الاُولى : ما يدلّ على عدم التسلّط على الفسخ بوجه ، مثل ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، إنّ امرأة استعدت علياً (عليه السلام) على زوجها وكان زوجها معسراً ، فأبى أن


(1) سورة النور : 24/32 .
(2) سورة الانشراح : 94/6 .
(3) الكافي : 5/347 ح2 ، التهذيب : 7/396 ح1586 ، و ص 395 ح 1580 فتح الأبواب : 143 ، الوسائل : 20/76 ، أبواب مقدّمات النكاح ب28 ح1 .
(4) شرائع الإسلام : 2/300 .

(الصفحة315)



يحبسه وقال : إنّ مع العسر يسراً(1) .
هذا ، مضافاً إلى ما عرفت في المسألة التاسعة من عدم كون التمكّن من النفقة شرطاً لصحّة النكاح ابتداءً ، ففي الاستدامة أولى ، وإلى ثبوت الاستصحاب هنا .
الثانية : ما يدلّ على خلافها ، مثل :
صحيحة أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقّاً على الإمام أن يفرّق بينهما(2) .
وصحيحة ربعي والفضيل ، عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى : {وَمَن قُدِرَ عَلَيهِ رِزقُهُ فَلِيُنْفِق مِمَّا آتَاهُ اللّهُ}(3) قال : إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلاّ فرّق بينهما(4) هذا ، مضافاً إلى قوله تعالى : { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوف أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان}(5) ومن المعلوم أنّ الإمساك بلا نفقة ليس من الامساك بالمعروف .
أقول : غاية مفاد الطائفة الثانية تسلّط الحاكم على الفسخ لا تسلّط الزوجة . نعم يمكن أن يقال : بأنّه مع عدم الحاكم للزوجة بنفسها الفسخ هذا ، ولكنّ الشهرة مع الطائفة الاُولى ، ولا نسلّم أن لا يكون الإمساك بلا نفقة مع الاعسار الواقعي إمساكاً بالمعروف . نعم لو كان له النفقة ولكن امتنع عن الإنفاق ترفع الزوجة أمرها إلى الحاكم ، وهو يجبره على الإنفاق أو ينفق من ماله ، وعلى فرض عدم الإمكان


(1) الجعفريات : 108 ، مستدرك الوسائل : 15/218 ، أبواب النفقات ب1 ح5 .
(2) الفقيه : 3/279 ح1330 ، الوسائل : 21/509 ، أبواب النفقات ب1 ح2 .
(3) الطلاق : 65/7 .
(4) الفقيه : 3/279 ح1331 ، الوسائل : 21/509 ، أبواب النفقات ب1 ح1 .
(5) سورة البقرة: 2 / 229 .

(الصفحة316)

مسألة 11 : لا إشكال في جواز تزويج العربيّة بالعجمي والهاشمية بغير الهاشمي وبالعكس ، وكذا ذوات البيوتات الشريفة بأرباب الصنائع الدنيّة ، كالكنّاس والحجّام ونحوهما; لأنّ المسلم كفو المسلم ، والمؤمن كفو المؤمنة ، والمؤمنون بعضهم أكفّاء بعض كما في الخبر(1) . نعم يكره التزويج بالفاسق خصوصاً شارب الخمر والزاني كما مرّ (2) 1 .


يجبره على الطلاق ، ومع عدم الإمكان يطلّقها بنفسه مع إرادة الزوجة الطلاق ، كما لايخفى .

1 ـ قال المحقّق في الشرائع : ويجوز انكاح الحرّة العبد ، والعربيّة العجميّ ، والهاشمية غير الهاشمي وبالعكس ، وكذا أرباب الصنائع الدنية بذوات الدين والبيوتات(3) لعموم الأدلّة وخصوص ما جاء من تزويج جويبر الدلفاء ومنجح بن رباح مولى علي بن الحسين (عليهما السلام) ولا بأس بذكر روايتهما .
وهي ما رواه أبو حمزة الثمالي في حديث ، قال : كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) ، فقال له رجل : إنيّ خطبت إلى مولاك فلان بن أبي رافع ابنته فلانة ، فردّني ورغب عنّي وازدرأني لدمامتي وحاجتي وغربتي ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : اذهب فأنت رسولي إليه فقل له : يقول لك محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب : زوّج منجح بن رباح مولاي بنتك فلانة ولا تردّه ـ إلى أن قال : ـ
ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) : إنّ رجلاً كان من أهل اليمامة يُقال له : جويبر ، أتي


(1) الفقيه : 3/249 ح1185 ، الوسائل : 20/74 ، أبواب مقدّمات النكاح ب27 ح8 .
(2) في أوّل كتابنا هذا مسألة 3 و 4 .
(3) شرائع الإسلام : 2/300 .

(الصفحة317)



رسول الله (صلى الله عليه وآله) منتجعاً للإسلام فأسلم وحسن إسلامه ، وكان رجلاً قصيراً دميماً محتاجاً عارياً ، وكان من قباح السّودان ـ إلى أن قال : ـ وإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة له ورقّة عليه ، فقال له : يا جويبر لو تزوّجت امرأة فعففت بها فرجك وأعانتك على دنياك وآخرتك ، فقال له جويبر : يارسول الله بأبي أنت واُمّي من يرغب فيّ ، فوالله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال ، فأيّة امرأة ترغب فيّ؟
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا جويبر إنّ الله قد وضع بالإسلام من كان في الجاهلية شريفاً ، وشرّف بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعاً ، وأعزّ بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلاً ، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشائرها وباسق أنسابها ، فالناس اليوم كلّهم أبيضهم وأسودهم وقرشيّهم وعربيّهم وعجميّهم من آدم ، وإنّ آدم خلقه الله من طين وإنّ أحبّ الناس إلى الله أطوعهم له وأتقاهم ، وما أعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلاً إلاّ لمن كان أتقى لله منك وأطوع ، ثمّ قال له : انطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد فانّه من أشرف بني بياضة حسباً ، فقل له : إنّي رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليك ، وهو يقول لك : زوّج جويبراً بنتك الدلفاء ، الحديث .
وفيه : أنّه زوّجه إيّاها بعدما راجع النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فقال له : يا زياد ، جويبر مؤمن والمؤمن كفو المؤمنة ، والمسلم كفو المسلمة ، فزوّجه يازياد ولا ترغب عنه(1) .
وقد زوّج رسول الله (صلى الله عليه وآله) المقداد بن الأسود ضياعة ابنة الزبير بن عبد المطلب ، والشاهد الأقوى على ما في المتن ملاحظة أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) وزوجات الأئمة (عليهم السلام) ،


(1) الكافي : 5/339 ح1 ، الوسائل : 20/67 ، أبواب مقدّمات النكاح ب25 ح1 .

(الصفحة318)

مسألة 12 : ممّا يوجب الحرمة الأبديّة التزويج حال الإحرام دواماً أو انقطاعاً ، سواء كانت المرأة محرمة أو محلّة ، وسواء كان إيقاع التزويج له بالمباشرة أو بالتوكيل ، محرماً كان الوكيل أو محلاًّ ، كان التوكيل قبل الإحرام أو حاله ، هذا مع العلم بالحرمة ، وأمّا مع جهله بها وإن بطل النكاح في جميع الصور المذكورة لكن لا يوجب الحرمة الأبدية1.


المشتملة على الإماء وصاحبة الحرف الدنيّة ، وعدم كونهنّ قرشيّات أو عربيّات بأجمعهنّ ، وقد تقدّم البحث عن كراهة تزويج الفاسق خصوصاً شارب الخمر والزاني ، فراجع .

1 ـ قد فصّلنا الكلام في هذا المجال في البحث عن محرّمات الإحرام في كتاب الحجّ بما لا مزيد عليه ، وقلنا بثبوت أحكام ثلاثة :
أحدها : وهو المهم ، المقصود في محرّمات الإحرام هي الحرمة التكليفية ، المتعلّقة بإيقاع العقد لنفسه أو لغيره ولو كان محلاًّ .
وثانيها : هي الحرمة الأبدية ، والقدر المتيقّن من موردها ما إذا تزوّج المحرم لنفسه ، وكان عالماً بالحرمة التكليفية الإحرامية وان لم يدخل بها .
وثالثها : هو البطلان وعدم تأثير عقد المحرم في تحقّق الزوجية ولو بين محلّين ، من دون فرق بين مورد ثبوت الحرمة الأبدية وبين مورد غير ثبوتها ، ومن أراد التحقيق في هذه المسألة التي لها فروع كثيرة ومشتملة على روايات(1) متعدّدة موكول إلى ذلك المحل ، فليراجع(2) .


(1) الوسائل : 12/436 ـ 440 ، أبواب تروك الاحرام ب14 و15 .
(2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحج : 3/438 ـ 462 .

(الصفحة319)

مسألة 13 : لا فرق فيما ذكر من التحريم مع العلم والبطلان مع الجهل بين أن يكون الإحرام لحجّ واجب أو مندوب أو لعمرة واجبة أو مندوبة ، ولا بين أن يكون حجّه وعمرته لنفسه أو نيابة عن غيره1.

مسألة 14 : لو كانت الزوجة محرمة عالمة بالحرمة وكان الزوج محلاًّ فهل يوجب نكاحها الحرمة الأبدية بينهما؟ قولان ، أحوطهما ذلك ، بل لا يخلو من قوّة2

مسألة 15 : يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدة الرجعيّة من غير فرق بين المطلّقة تبرّعاً أو المختلعة إذا رجعت في البذل ، وكذا يجوز أن يوكّل محلاًّ في أن يزوّج له بعد احلاله ، بل وكذا أن يوكّل محرماً في أن يزوّج له بعد إحلالهما3
 .


1 و 2 ـ قد تقدّم البحث في هاتين المسألتين أيضاً في كتاب الحجّ في البحث عن محرّمات الإحرام ، فراجع .

3 ـ فانّ الرجوع في الطلاق في العدّة الرجعيّة ـ سواء كانت رجعية بالأصالة كما في الطلاق الرجعي ، أو بسبب رجوع الزوجة في البذل كما في الطلاق الخلعي ـ لا يكون عقداً ولا يعدّ نكاحاً لا مباشرة ولا غيرها ، فلا وجه لعدم جوازه ، وكذا يجوز أن يوكّل محلاًّ في أن يزوّج له بعد إحلاله ، فانّ متعلّق الوكالة هو التزويج بعد الاحلال ، والمفروض أنّ الوكيل محلّ ، والوكالة بنفسها في حال الاحرام جائزة لم يدّل دليل على حرمتها ، ومنه يظهر أنّه لا مانع من ذلك ـ وان كان الوكيل محرماً ـ بعد كون متعلّق الوكالة هو التزويج بعد إحلالهما وخروجهما عن الاحرام ، فانّ

(الصفحة320)

مسألة 16 : ومن أسباب التحريم اللعان بشروطه المذكورة في بابه(1) بأن يرميها بالزّنا ويدّعي المشاهدة بلا بيّنة ، أو ينفي ولدها الجامع لشرائط الإلحاق به وتنكر ذلك ورفعا أمرهما إلى الحاكم فيأمرهما بالملاعنة بالكيفية الخاصة ، فإذا تلاعنا سقط عنه حدّ القذف وعنها حدّ الزنا ، وانتفى الولد عنه وحرمت عليه مؤبّداً1.


عمل الوكيل على تقديره وإن كان يعدّ عملاً للموكّل ولو بالتسبيب ، إلاّ أنّك عرفت أنّ متعلّق الوكالة هو التزويج بعد الاحلال ، ونفس التوكيل لا دليل على حرمتها .
1 ـ سبب اللّعان أحد أمرين :
الأوّل : رمي الزوج الزوجة بالزنا وادّعائه المشاهدة . غاية الأمر أنّه لم يكن له بيّنة ، وإلى هذا الأمر يدلّ قوله تعالى : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ}(2) إلى آخره .
الثاني : نفي ولد الزوجة في العقد الدائم مع كون شرائط الإلحاق موجودة بتمامها والزوجة منكرة ، فإذا رفعا أمرهما إلى الحاكم يأمرهما بالملاعنة بالكيفية الخاصة المذكورة في كتاب اللعان المأخوذة من الآية الشريفة ، فإذا تحقّقت الملاعنة يسقط عنه حدّ القذف لفرض عدم ثبوت البيّنة له ، ويسقط عنها حدّ الزنا لدلالة الآية الشريفة عليه ، وينتفى عنه الولد بالإضافة إلى الأمر الثاني ، وأمّا بالإضافة إلى الحرمة الأبدية الثابتة للزوجة بالنسبة إلى كلا الأمرين ، فلدلالة النصوص


(1) تحرير الوسيلة : 2/322 ـ 325 .
(2) سورة النور : 24/6 .
<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>