جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب النکاح « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>


(الصفحة441)

مسألة 15 : تملك المرأة الصداق بنفس العقد وتستقرّ ملكية تمامه بالدخول ، فإن طلّقها قبله عاد إليه النصف وبقي لها النصف ، فلها التصرّف فيه بعد العقد بأنواعه ، وبعدما طلّقها قبل الدخول كان له نصف ما وقع عليه العقد ،


نصف الصداق ، مضافاً إلى أنّ التعليل يفيد ذلك ، خصوصاً مع أنّ الاشتباه بين المطلّقة والمتوفّى عنها زوجها قلّما يتفق ، خصوصاً من أفراد متعدّدة ، وبذلك يظهر أنّ الحقّ ما قوّاه في المتن من التنصيف ، خصوصاً مع أنّ العرف لا يفهم من قوله تعالى : { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ}(1) الآية خصوصية للطلاق ، بل المتفاهم العرفي مدخليّة أمرين : المفارقة قبل الدخول ، وتسمية المهر في النكاح .
ثمّ إنّه بملاحظة ما ذكرنا ظهر أمران :
أحدهما : خصوصية موت المرأة في التنصيف; لاشتمال جلّ الروايات الواردة في هذه المسألة بل كلّها على موت الرجل .
ثانيهما : إنّ الأحوط الأولى ـ خصوصاً في موت الرجل ـ التصالح; لظهور كلتا الطائفتين على ما عرفت في مفادهما وعدم إمكان الجمع بينهما ، فالأولى التصالح لئلاّ تتحقّق مخالفة شيء من الطائفتين ، فتدبّر .
اللهمّ إلاّ أن يقال : بأنّ المنسوب إلى المشهور هو التمام ، بل عرفت دعوى الإجماع عليه من المرتضى(قدس سره) وهي وإن لم تكن حجّة إلاّ أنّ دلالتها على ثبوت الشهرة تامّة ، والشهرة أوّل المرجّحات كما بيّناه في محلّه .
وإلغاء الخصوصيّة من آية الطلاق غير تامّ ، فالتمام لو لم يكن أقوى يكون مقتضى الإحتياط الوجوبي ، كما لا يخفى .


(1) سورة البقرة : 2/237 .

(الصفحة442)

ولا يستحقّ من النماء السابق المنفصل شيئاً 1.


1 ـ قال المحقّق (قدس سره) في الشرائع : الصداق يملك بالعقد على أشهر الروايتين(1) . وفي الجواهر : والقولين بل المشهور(2) منهما شهرة عظيمة ، بل عن الحلّي(3) نفي الخلاف فيه ، وقد حكى الخلاف عن الاسكافي(4) فملّكها النصف به والآخر بالدخول(5) . والأصل فيه قوله تعالى : { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ}(6) فانّه ظاهر في أمرين : وجوب إيتاء النساء صدقاتهنّ ، ولو قبل الدخول ، ولزوم إيتاء جميع الصداق وإضافته إليهنّ ظاهرة في الملكيّة .
هذا ، مضافاً إلى أنّ شأن المعاوضات كذلك ، فكما أنّ الزوج يملك البضع بمجرّد تمامية العقد كذلك الزوجة تملك الصداق كذلك ، هذا مضافاً إلى الروايات الكثيرة التي يستفاد منها ذلك ، كالنصوص الدالّة(7) على كون النماء المتخلّل بين العقد والطلاق لها .
وقد استدلّ للاسكافي بروايات كثيرة أيضاً ، مثل :
صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن رجل تزوّج امرأة على بستان له معروف وله غلّة كثيرة ، ثمّ مكث سنين لم يدخل بها ثمّ طلّقها؟ قال : ينظر إلى ما صار إليه من غلّة البستان من يوم تزوّجها فيعطيها نصفه ، ويعطيها نصف


(1) شرائع الإسلام : 2/330 .
(2) الخلاف : 4/369 ، الروضة البهية : 5/353 ، مسالك الأفهام : 8/258 ، الحدائق الناضرة : 24/544 .
(3) السرائر : 2/585 .
(4) حكى عنه في مختلف الشيعة : 7/172 مسألة 94 .
(5) جواهر الكلام : 31/107 .
(6) سورة النساء : 4/4 .
(7) الوسائل : 21/293 ، أبواب المهور ب34 .

(الصفحة443)



البستان ، إلاّ أن تعفو فتقبل منه ويصطلحا على شيء تراضى به منه ، فإنّه أقرب للتقوى(1) . وقد احتمل فيه صاحب الجواهر(قدس سره) أن تكون الغلّة من زرع يزرعه الرجل ، وأن يكون الصداق هو البستان فقط دون أشجاره ، وعلى التقديرين فليست الغلّة من نماء المهر فيختصّ بالرجل ، ويكون الأمر حينئذ بدفع النصف محمولاً على الاستحباب ، كما يرشد إليه قوله (عليه السلام) : «فانّه أقرب للتقوى» أو لأنّه عوض اُجرة الأرض(2) .
وأنت خبير بكون ما ذكره في الجواهر خلاف الظاهر جدّاً ، والتعليل بقوله (عليه السلام) : «فانّه أقرب للتقوى» إنّما هو للاصطلاح ، والصلح بما تراضيا به لأجل أن لا يكون النصف أقلّ من الواقع أو أكثر ، وكلمة البستان ظاهرة في أنّ الصداق داخل فيه الأشجار ، فلا ينبغي المناقشة في ظهور الرواية في كلام الاسكافي .
ورواية محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) : متى يجب المهر؟ فقال : إذا دخل بها(3) .
ورواية يونس بن يعقوب ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سمعته يقول : لا يوجب المهر إلاّ الوقاع في الفرج(4) . وهاتان الروايتان وإن كانتا ظاهرتين في قول الاسكافي أيضاً ، إلاّ أنّه يمكن حملها على ما يوجب استقرار المهر أو ثبوته بأجمعه في مقابل احتمال الثبوت بمجرّد الخلوة معها دون أن يدخل بها .
والإنصاف ثبوت التعارض بين الطائفتين من الروايات الواردة في هذا المجال ،


(1) الفقيه : 3/272 ح1292 ، الوسائل : 21/290 ، أبواب المهور ب30 ح1 .
(2) جواهر الكلام : 31/108 .
(3) التهذيب : 8/464 ح1860 ، الإستبصار : 3/226 ح818 ، الوسائل : 21/320 ، أبواب المهور ب54 ح7 .
(4) التهذيب : 7/464 ح1859 ، الإستبصار : 3/226 ح817 ، الوسائل : 21/320 ، أبواب المهور ب54 ح6 .

(الصفحة444)

مسألة 16 : لو أبرأته من الصداق الذي كان عليه ثمّ طلّقها قبل الدخول رجع بنصفه عليها ، وكذا لو كان الصداق عيناً فوهبته إيّاها رجع بنصف مثلها إليها أو قيمة نصفها1.


والترجيح مع الطائفة الاُولى لموافقتها للشهرة الفتوائية التي هي أوّل المرجّحات في الخبرين المتعارضين ، إذ لم يحك الخلاف إلاّ عن الاسكافي كما تقدّم .
ثمّ إنّ لازم ملك المرأة الصداق بأجمعه بمجرّد العقد أنّه يجوز لها التصرّف في الجميع بعد العقد بأنواع التصرّف ، ويكون جميع نماءاته لها أعمّ من المنفصل والمتّصل ، وإذا تحقّق الطلاق قبل الدخول يعود النصف إلى الزوج; لكن نماءاته المنفصلة المتخلّلة بين العقد والطلاق يكون لها ، ولا يستحقّ الزوج منها شيئاً لأنّها تابعة في الملكية للمهر ، والدليل إنّما دلّ على عود نصف المهر فقط لا هو مع نماءاته المنفصلة .
نعم النماء المتّصل لا يمكن تفكيكها عن الأصل ولا تعيين مقدارها نوعاً ، كما لايخفى ، ثمّ إنّ جواز التصرّف لها في الجميع لا يختص بما بعد القبض ، بل يجوز قبل القبض أيضاً ، خلافاً للمحكي عن الشيخ في الخلاف(1) فمنع منه قبله ولا دليل عليه ، بل الدليل على خلافه لحصول الملكية بمجرّد العقد ، كما عرفت .

1 ـ في هذه المسألة الموافقة لفتوى المشهور(2) ـ مع أنّ مقتضى القاعدة ما ذكر; لأنّ الابراء وكذا الهبة بمنزلة القبض ـ قد وردت فيها مثل :
مضمرة سماعة قال: سألته عن رجل تزوّج جارية أوتمتّع بهاثم جعلته من صداقها


(1) الخلاف : 4/370 .
(2) الخلاف : 4/391 ، الروضة البهية : 5/358 ، مسالك الأفهام : 8/239 .

(الصفحة445)



في حلّ ، أيجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئاً؟ قال : نعم ، إذا جعلته في حلّ فقد قبضته منه، فان خلاّها قبل أن يدخل بها ردّت المرأة على الزوج نصف الصداق(1) .
هذا ، ولكن في محكيّ المبسوط(2) والجواهر(3) والقواعد(4) أنّه يحتمل عدم رجوعه عليها بشيء; لأنّها لم تأخذ منه مالاً ولا نقلت إليه الصداق ولا أتلفته عليه ، فلا تضمن ، أمّا الأوّل : فظاهر ، وأمّا الثاني : فلاستحالة أن يستحقّ الانسان شيئاً في ذمّة نفسه فلا يتحقّق نقله إليه ، وأمّا الثالث : فلأنّه لم يصدر منها إلاّ إزالة استحقاقها في ذمّته وهو ليس إتلافاً عليه ، ومن هنا لو رجع الشاهدان بدين في ذمّة زيد لعمرو وبعد حكم الحاكم عليه وابراء المشهود عليه لم يرجع عليهما لعدم تغريمهما له بشيء ، ولو كان الابراء إتلافاً على من في ذمّته غرما له .
ويرد على هذا الدليل ـ مضافاً إلى أنّه اجتهاد في مقابل النص المذكور ـ إنّ مقتضى الجمع بين دليل جواز التصرّف لها في الصداق بعد تحقّق العقد والملكية كما مرّ في بعض المسائل السابقة ، فيجوز لها الابراء إن كان المهر ديناً ، والهبة إن كان عيناً ، وربما كانت الهبة لازمة كالهبة بذي المحارم بعد القبض ، وبين دليل رجوع النصف إلى الزوج إذا طلّق قبل الدخول ، رجوع نصف مثل المهر إليه أو قيمة النصف ، وقد عرفت أنّه لو نقلته إلى الغير بنقل جائز لا يجب عليها الرجوع فيه ، وان كان مقتضى الاحتياط ذلك ، ومن ما ذكرنا ظهر الفرق بين المقام وبين مسألة رجوع الشاهدين ، فتدبّر جيّداً .


(1) التهذيب : 7/374 ح1513 ، الوسائل : 21/301 ، أبواب المهور ب41 ح2 .
(2) المبسوط : 4/306 ـ 308 ، ولكن فيه خلاف ما نسب إليه ، وقد حكى عنه في رياض المسائل : 7/168 .
(3) جواهر الفقه : 177 ، ولكن فيه خلاف ما نسب إليه ، وقد حكى عنه في رياض المسائل : 7/168 .
(4) قواعد الاحكام : 2/43 .

(الصفحة446)

مسألة 17 : الدخول الّذي يستقرّ به تمام المهر هو مطلق الوطء ولو دبراً ، وإذا اختلف الزوجان بعدما طلّقها فادّعت وقوع المواقعة وأنكرها فالقول قوله بيمينه ، وله أن يدفع اليمين عن نفسه بإقامة البيّنة على العدم إن أمكن ، كما إذا ادّعت المواقعة قُبلا وكانت بكراً وعنده بيّنة على بقاء بكارتها1.


1 ـ في هذه المسألة أمران :
أحدهما : إنّ الدخول الّذي يستقرّ به تمام المهر هو مطلق الوطء أعمّ من القبل والدُّبر ، وذلك لِما مرّ(1) في بعض المباحث السابقة وسيأتي في كتاب الحدود(2) إن شاء الله تعالى أنّ الدخول الذي يترتّب عليه أحكام خاصّة في الشريعة أعمّ من الدخول في القُبل . نعم ربما يفترق الدخول في الدبر في مثل حرمة الوطء في الحيض ، ولكنّه في أمثال المقام لايكون بينهما فرق .
ثانيهما : ما تعرّض له المحقّق في الشرائع أيضاً من أنّه إذا خلا بالزوجة فادّعت المواقعة ، فإن أمكن الزوج إقامة البيّنة ، بأن ادّعت هي أنّ المواقعة قُبلا وكانت بكراً فلا كلام ، وإلاّ كان القول قوله مع يمينه; لأنّ الأصل عدم المواقعة وهو منكر لِما تدّعيه ، وقيل : القول قول المرأة ، عملا بشاهد حال الصحيح في خلوته بالحلائل ، والأوّل أشبه(3) . ويدلّ على الأشبهيّة إن هذا القول المحكي عن الشيخ في النهاية(4)والتهذيبين(5) وإن كان موافقاً للظّاهر ، إلاّ أنّ المِلاك في تشخيص المدّعي


(1) في «القول في المصاهرة» مسألة 3 و 6 ، وفي «القول في النكاح في العدّة» مسألة 1 ، الصورة الثانية .
(2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحدود : 10 ـ 11 .
(3) شرائع الإسلام : 2/333 .
(4) النهاية: 471.
(5) التهذيب : 7/464 ـ 467 ، الإستبصار : 3/227 ـ 228 .

(الصفحة447)

مسألة 18 : لو اختلفا في أصل المهر فادّعت الزوجة وأنكر الزوج ، فإن كان قبل الدخول فالقول قوله بيمينه ، وإن كان بعده كلّفت بالتعيين بل لا يبعُد عدم سماع الدعوى منها ما لم تفسّر ، ولا يسمع منها مجرّد قولها لي عليه المهر ما لم تبيّن المقدار ، فإن فسّرت وعيّنت بما لا يزيد على مهر المثل حكم لها عليه بما تدّعيه ، ولا يُسمع منه إنكار أصل المهر . نعم لو ادّعى سقوطه إمّا بالأداء أو الإبراء يسمع منه ، فإن أقام البيّنة عليه ثبت مدّعاه ، وإلاّ فله عليها اليمين ، فإن حلفت على نفي الأداء أو الإبراء تثبت دعواها ، وإن ردّته على الزوج فحلف سقط دعواها ، وإن نكل تثبت ، وإن نكلت ردّ الحاكم على الزوج ، فإن حلف


والمنكر ـ كما سيأتي في كتاب القضاء إن شاء الله تعالى(1) ـ هو العرف لا الأصل ولا شاهد الحال ولا غيرهما ، ومن الواضح أنّ العرف ترى الزوجة مدّعية والزوج منكراً وعليه اليمين .
نعم ربما يُناقش في صورة بقاء البكارة بأنّ الختانين يلتقيان من دون زوال البكارة ، كما في محكي كشف اللثام(2) . كما أنّه ربما يُناقش بأنّه كيف تقبل منه البيّنة مع أنّه منكر واليمين على المنكر ، إلاّ أن يُقال ـ مع قطع النظر عن المناقشة المذكورة ـ : إنّ النزاع حينئذ يرجع إلى النزاع في بقاء البكارة وعدمه ، فالزوجة منكرة للبقاء والزوج مدّع لها ، والبيّنة على من ادّعى ، كما في الرويات(3) الصحيحة المذكورة في كتاب القضاء ، ومن جميع ما ذكرنا ظهر أنّه لابدّ من تقييد وقوع المواقعة في المتن بالقُبل ، كما لا يخفى .


(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء : 75 ـ 77 .
(2) كشف اللثام : 7/483 .
(3) الوسائل : 7/233 ـ 235 ، أبواب كيفيّة الحكم ب3 .

(الصفحة448)

تسقط دعواها ، وإن نكل تثبت ، هذا إذا كان ما تدّعيه بمقدار مهر المثل أو أقلّ ، وإن كان أكثر كان عليها الإثبات ، وإلاّ فلها على الزوج اليمين1.


1 ـ يقع الكلام في هذه المسألة في صورتين :
الصورة الأولى : ما إذا كان ما تدّعيه المرأة من المهر بمقدار مهر المثل أو أقلّ ، وفي هذه الصورة قد يكون الاختلاف قبل الدخول ، وقد يكون بعد الدخول ، ففي الفرض الأوّل : إذا كانت الزوجة مدّعية للمهر والزوج منكراً ولم يكن هناك بيّنة للزوجة على ما ادّعته يكون القول قول الزوج مع يمينه; لأنّه منكر ، فمع عدم إقامة المدّعي البيّنة تصل النوبة إلى يمين المنكر الّذي هو الزوج .
وفي الفرض الثاني : ذكر في المتن أنّه كلّفت بالتعيين ، بل نفي البعد عن عدم سماع الدعوى عنها ما لم تفسّر ، ولا تسمع منها بمجرّد قولها : «لي عليه المهر» ما لم تبيّن المقدار ، فإن فسّرت وعيّنت بما لا يزيد على مهر المثل ـ كما هو المفروض في هذه الصورة ـ حكم لها عليه بما تدّعيه ، ولا يسمع منه إنكار أصل المهر ، وينبغي أن يعلم أنّ محل الكلام إنّما هو النكاح الدائم الذي لا يكون ذكر المهر شرطاً في صحّته .
وأمّا النكاح المنقطع ، فحيث إنّه يُعتبر فيه ذكر المهر كما أنّه يعتبر فيه ذكر الأجل على ما تقدّم(1) يكون مرجع الاختلاف بين الزوجين في أصل ذكر المهر وعدمه إلى الإختلاف في الصحّة والفساد ، ولا يبعُد حينئذ تقديم قولها; لكونها موافقاً لأصالة الصحّة بخلاف قوله ، وكيف كان فالمشهور(2) في هذا الفرض أيضاً أنّ القول قول الزوج ، وعلّله المحقّق في الشرائع بالبراءة الأصليّة(3) . ووجّهها صاحب الجواهر(قدس سره)


(1) في ص342 .
(2) الروضة البهيّة : 5/377 ، مسالك الأفهام : 8/291 ـ 300 ، الحدائق الناضرة : 24/579 .
(3) شرائع الإسلام : 2/333 .

(الصفحة449)



باحتمال أنّ ذلك قد كان بإنكاح أبيه وهو صغير معسر ، فيكون المهر على أبيه(1) . وحكي عن الرياض(2) الحكم بذلك قطعاً ، وعن كاشف اللثام(3) الاستدلال عليه بالرّوايات ، مثل :
رواية الحسن بن زياد ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا دخل الرّجل بامرأته ثمّ ادّعت المهر وقال : قد أعطيتك فعليها البيّنة وعليه اليمين(4) .
وصحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا اُهديت إليه ودخلت بيته وطلبت بعد ذلك فلا شيء لها ، إنّه كثير لها أن يستحلف بالله ما لها قبله من صداقها قليل ولا كثير(5) .
وأورد على الاستدلال بمثلهما بأنّ الظاهر أنّ مبنى هذه النصوص على ما إذا كانت العادة الاقباض قبل الدخول ، بل قيل : إنّ الأمر كان كذلك في القديم ، فيكون حينئذ من ترجيح الظاهر على الأصل ، وعلى أيّ حال يكون موضوعها غير فرض المقام; لأنّ الموضوع هنا النزاع في استحقاق المهر وعدمه ، وموضوع الروايات الاختلاف في وصول المهر المستحقّ إليها وعدمه ، فالموردان مختلفان جّداً .
وكيف كان فبعد قيام النصوص المستفيضة(6) على أنّ الدخول موجب للمهر


(1) جواهر الكلام : 31/132 .
(2) رياض المسائل : 7/180 .
(3) كشف اللثام : 7/479 .
(4) الكافي : 5/386 ح4 ، التهذيب : 7/376 ح 1521 ، الإستبصار : 3/223 ح 809 ، الوسائل : 21/257 ، أبواب المهور ب8 ح7 .
(5) الكافي : 5/385 ح2 ، التهذيب : 7/359 ح 1460 ، الإستبصار : 3/222 ح 806 ، الوسائل : 21/257 ، أبواب المهور ب8 ح8 .
(6) الوسائل : 21/319 ـ 320 ، أبواب المهور ب54 .

(الصفحة450)

مسألة 19 : لو توافقا على أصل المهر واختلفا في مقداره كان القول قول الزوج بيمينه إلاّ إذا أثبتت الزوجة بالموازين الشرعيّة ، وكذا إذا ادّعت كون عين من الأعيان كدار أو بُستان مهراً لها وأنكر الزوج ، فإنّ القول قوله بيمينه ، وعليها البيّنة1.


والغُسل والعدّة لا يبقى مجال لأصالة البرائة ، والأمر يكون دائراً بين أمرين على سبيل منع الخلوّ; لأنّه إن كان لم يسمّ مهراً فقد استقرّ عليه مهر المثل ، وإن كان قد سمّى استقرّ عليه المسمّى ، والأصل عدم الدفع إليها ، فاللاّزم أمّا التكليف بالتعيين بعد ادّعائها المهر وأمّا الإلزام بعدم سماع الدّعوى عنها قبل التفسير والتعيين ، فإن فسّرت بما لا يزيد عن مهر المثل كما هو المفروض فالقول قولها ، ولا يسمع منه إنكار أصل المهر ، ولو ادّعى سقوطه إمّا بالإبراء أو الأداء لا يُسمع منه مع عدم إقامة البيّنة ، بل له عليها اليمين .
الصورة الثانية : ما إذا كان ما تدّعيه المرأة من المهر زائداً على مهر المثل ، وفي هذه الصورة تكون المرأة مدّعية عليها الإثبات ، وإلاّ فلها عليه اليمين; لعدم دلالة شيء من رواية أو اصل أو ظاهر على وفق قول المرأة بل الأصل عدمه ، وحيث إنّ المدّعى به مجموع المهر فلا يكاد يكون هناك تبعيض بالإضافة إلى المقدار المساوي لمهر المثل والزائد عليه ، كما لا يخفى .
وفي هذه الصورة لا يكون فرق بين قبل الدخول وعدمه . نعم يستقرّ بالدخول مهر المثل بالمعنى المذكور في باب التفويض لإقرار الزوج به .

1 ـ كما هو المشهور بين الأصحاب(1) بل هو كالمجمع عليه ، بل ربما حكاه


(1) الخلاف : 4/383 ـ 384 ، الروضة البهيّة : 5/375 ـ 376 ، مسالك الأفهام : 8/298 ، الحدائق الناضرة : 24/580 ـ 581 .

(الصفحة451)

مسألة 20 : لو اختلفا في التعجيل والتأجيل فقالت : إنّه معجّل وقال : بل مؤجّل ، ولم يكن بيّنة كان القول قولها بيمينها ، وكذا لو اختلفا في زيادة الأجل


عليه بعضهم ، كما في الجواهر(1) في الصورة الأولى وهي الاختلاف في المقدار .
ويدلّ عليه مضافاً إلى أصالة البراءة عن الزائد صحيحة أبي عُبيدة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل تزوّج إمرأة فلم يدخل بها فادّعت أنّ صداقها مائة دينار ، وذكر الزوج أنّ صِداقها خمسون ديناراً ، وليس لها بيّنة على ذلك ، قال : القول قول الزوج مع يمينه(2) .
ثمّ إنّه قال المحقّق في الشرائع : ولو اختلفا في قدره أو وصفه فالقول قوله أيضاً(3)وقد فسّره في المسالك بدعوى المرأة استحقاقها عليه من جهة المهر مائة دينار ، سواء كان ذلك جميعه أو بعضه ، ثمّ حكى عن مشهور الأصحاب تقديم قول الزوج ، وذكر الصحيحة المزبورة إلى أن قال : ولا فرق بين كون مدّعاه ممّا يبذل مهراً عادة لأمثالها وعدمه عندنا لعموم الأدلّة ، ثمّ قال : ومقتضى إطلاق الأصحاب والرواية أنّه لا يستفسر هنا بكون ذلك تسمية أم من مهر المثل . وللبحث في ذلك مجال(4) إلى آخر كلامه الطويل .
وأنت خبير بفساد التفسير المذكور ، بل ظاهر العبارة كون مدّعاها تمام المهر ومدّعاه أيضاً ذلك ، والحكم فيه ما ذكرنا ، فتدبّر جيّداً .


(1) جواهر الكلام : 31/136 .
(2) التهذيب : 7/364 ح 1476 و ص 376 ح1522 ، الكافي : 5/386 ح 3 ، الوسائل : 21/274 ، أبواب المهور ب18 ح1 .
(3) شرائع الإسلام: 2/333.
(4) مسالك الأفهام : 8/298 ـ 299 .

(الصفحة452)

كما إذا ادّعت أنّه سنة وقال : إنّه سنتان1.

مسألة 21 : لو توافقا على المهر وادّعى تسليمه ولا بيّنة فالقول قولها بيمينها2

مسألة 22 : لو دفع إليها قدر مهرها ثمّ اختلفا بعد ذلك فقالت : دفعته هبة ،


1 ـ ربّما يُقال في هذه المسألة ـ المتعرّضة لفرضين : أحدهما الاختلاف في التعجيل والتأجيل ، والثاني الاختلاف في زيادة الأجل ونقصه ـ بعد الاتّفاق على المهر وأصل الأجل : بمعارضة أصالة عدم التأجيل أو زيادة الأجل بأصالة عدم الزيادة في المهر ، نظراً إلى أنّ أصل التأجيل أو زيادة الأجل نقص في المهر والأصل عدم الزيادة ، مع أنّه من الواضح عدم المعارضة لأنّ أحدهما سببي ، والآخر مسبّبي فإنّ الشكّ في زيادة المهر ونقصانه مسبّب عن الشكّ في التأجيل أو زيادة الأجل ، وقد تقرّر في محلّه أنّ الأصل الجاري في السبب مقدّم على الأصل الجاري في المسبّب ، كاستصحاب عدم نجاسة اليد الملموسة مع النجس الذي يشكّ في بقاء رطوبته حال الملاقات ، فإنّ مع أصالة بقاء الرطوبة لا يبقى مجالا لاستصحاب عدم النجاسة بوجه ، اللّهم إلاّ أن يُقال : أنّ ذلك إنّما هو في الموارد الّتي كانت السببيّة والمسببيّة شرعية كالمثال المذكور ، وأمّا في غير تلك الموارد كالمقام فلا وجه للتقدّم ، والتحقيق في محلّه .

2 ـ والوجه فيه أنّه مع التوافق على أصل المهر وذكره في العقد إذا وقع الاختلاف بينهما في التسليم وعدمه ، ولم يكن هناك بيّنة يكون القول قولها بعدم التسليم; لموافقته للأصل ، فتكون منكرة وعليها اليمين مع عدم ثبوت البيّنة للمدّعي وهو الزوج .


(الصفحة453)

وقال : بل دفعته صداقاً فلا يبعد التداعي ، وتحتاج المسألة إلى زيادة تأمّل1.


1 ـ قال المحقّق في الشرائع : لو دفع قدر مهرها ، فقالت : دفعته هبةً ، فقال : بل صِداقاً ، فالقول قوله لأنّه أبصر بنيّته(1) .
أقول : الثمرة بين الأمرين ـ بعد اشتراكهما في كون المرأة مالكة للمقبوض بالهبة أو بالصّداق ـ تظهر في بقاء المقبوض وعدم تلفه ، فإنّه بناء على الصداق لا يجوز له الرجوع به ، بخلاف الهبة فإنّه يجوز للزوج الرجوع فيها ما دامت كونها باقية ، إلاّ في موارد لا يكون المقام منها كالهبة بذي رحم ، وظاهر عبارة المحقّق المذكورة تقديم قول الزوج نظراً إلى أنّه أبصر بنيّته ، والنيّة معتبرة بالإضافة إلى الدافع دون القابض ، بل في محكيّ المسالك(2) أنّه كذلك بغير يمين; لأنّه لو اعترف لها بما تدّعيه لم تتحقّق الهبة إلاّ بإنضمام لفظ يدلّ عليها ، فلا يفتقر إلى يمين .
ويرد عليه أنّه يمكن أن يُقال بكفاية الإعطاء الفعلي المقترن بالنيّة نظير المعاطاة في باب البيع ، وعليه يتوجّه لها اليمين عليه . نعم لو توافقا على صدور لفظ من الزوج ظاهر في نفسه في الهبة ، كقوله مخاطباً لها : وهبتك إيّاه ، فادّعى الزوج أنّه أراد خلاف الظّاهر وأنّ المراد هو دفع المهر والصّداق ، وادّعت أنّ المراد كان ما يقتضيه ظاهر اللفظ وهي الهبة ، لا يبعد تقديم قول الزوجة مع يمينها; لأنّه موافق للظّاهر فتكون منكرة .
هذا ، ولكن بناء على ما سيأتي في كتاب القضاء(3) من أنّ تشخيص المدّعي


(1) شرائع الإسلام : 2/333 .
(2) مسالك الأفهام : 8/302 .
(3) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء : 75 ـ 77 .

(الصفحة454)

مسألة 23 : لو زوّج ولده الصغير فإن كان للولد مال فالمهر على الولد ، وإن لم يكن له مال فالمهر على عهدة الوالد ، فلو مات الوالد أخرج المهر من أصل تركته ، سواء بلغ الولد وأيسر أم لا . نعم لو تبرّأ من ضمان العهدة في ضمن العقد برأ منه1.


والمنكر بنظر العرف ـ لأنّهما من العناوين المأخوذة في الروايات الموضوعة للأحكام ، واللاّزم في تشخيصها الرجوع إلى العرف ، ولا اعتبار بسائر الضوابط والموازين المذكورة في هذا المجال ، مثل الموافقة والمخالفة للأصل أو للظّاهر أو كليهما ـ لا يبعُد أن يكون الحكم في المقام هو حكم التّداعي ، كما أنّه نفى البُعد عنه في المتن ، فتدبّر جيّداً .

1 ـ العمدة في هذه المسألة وجود روايات كثيرة فيها ، مثل :
صحيحة الفضل بن عبدالملك قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يزوّج ابنه وهو صغير؟ قال : لا بأس ، قلت : يجوز طلاق الأب؟ قال : لا ، قلت : على من الصّداق؟ قال : على الأب إن كان ضمنه لهم ، وإن لم يكن ضمنه فهو على الغلام ، إلاّ أن لا يكون للغلام مال فهو ضامن له وإن لم يكن ضمن(1) .
وموثّقة عُبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يزوّج ابنه وهو صغير؟ قال : إن كان لابنه مال فعليه المهر ، وإن لم يكن للإبن مال فالأب ضامن المهر ، ضمن أو لم يضمن(2) .
ورواية علي بن جعفر ، عن أخيه موسى (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يزوّج ابنه


(1) الكافي : 5/400 ح1 ، التهذيب : 7/389 ح1559 ، الوسائل : 21/287 ، أبواب المهور ب28 ح2 .
(2) الكافي : 5/400 ح2 ، التهذيب : 7/389 ح1558 ، الوسائل : 21/287 ، أبواب المهور ب28 ح1 .

(الصفحة455)



وهو صغير فدخل الإبن بامرأته ، على مَن المهر؟ على الأب أو على الإبن؟ قال : المهر على الغلام ، وإن لم يكن له شيء فعلى الأب ، ضمن ذلك عن ابنه أو لم يضمن إذا كان هو أنكحه وهو صغير(1) .
وهذه الروايات المفصّلة مقيّدة لإطلاق صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام) قال : سألته عن رجل كان له ولد فزوّج منهم إثنين وفرض الصِداق ثمّ مات ، من أين يجيب الصِّداق من جملة المال أو من حصّتهما؟ قال : من جميع المال ، إنّما هو بمنزلة الدّين(2) . فإنّ الصحيحة تُحمل على صورة عدم المال للزوج الصّغير ، ومع هذه الروايات لا حاجة إلى الاستدلال ببعض الوجوه الاعتباريّة ، مثل ما عن السرائر(3) والتذكرة(4) من الاستدلال عليه بأنّه لمّا قَبِل النكاح لولده مع علمه بإعساره ، وعمله بلزوم الصِّداق علمنا بالعرف والعادة أنّه دخل على أن يضمنه مع عدم وضوح الملازمة .
بقى الكلام في الفرع المذكور في الذّيل ، وهو أنّه لو تبرّأ الولي من ضمان العهدة في ضمن العقد برأ منه وإن لم يكن له مال ، وقد قيّده في محكي القواعد بما إذا علمت المرأة بالإعسار(5) وعلّله في الجواهر بأنّ المؤمنين عند شروطهم(6) . وبدخول المرأة على ذلك ، وبالإقتصار في خلاف الأصل على المتيقّن ، بل قال :


(1) مسائل علي بن جعفر : 197 ح418 ، الوسائل : 21/288 ، أبواب المهور ب28 ح4 .
(2) الكافي : 5/400 ح3 ، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى : 136 ح354 ، التهذيب : 7/386 ح 1493 و ص 389 ح 1557 و ج 9/169 ح 687 ، الوسائل : 21/288 ، أبواب المهور ب28 ح3 .
(3) السرائر : 2/569 ـ 570 .
(4) تذكرة الفقهاء : 2/609 .
(5) قواعد الأحكام : 2/44 .
(6) التهذيب : 7/371 ح1503 ، الإستبصار : 3/232 ح853 ، الوسائل : 21/276 ، أبواب المهور ب20 ح4 .

(الصفحة456)

مسألة 24 : لو دفع الوالد المهر الّذي كان عليه من جهة إعسار الولد ثمّ بلغ


ولو لم تعلم بالإعسار ، فكذلك أيضاً لِما عرفت ، وإن قيل : إنّ لها حينئذ خيار الفسخ(1) .
وفي محكيّ كشف اللثام احتمال عدم اعتبار التبرّي حينئذ; لإمكان كون رضاها بذلك لظنِّها الإيسار ، وأنَّ التبرّىء قد كان ممّا ليس عليه ضمانه ، ولو علمت كون الضمان عليه لم ترضَ بالتبرّىء منه(2) .
وفي محكي المسالك(3) الإشكال في أصل صحّة ذلك ، نظراً إلى إطلاق النصّ والفتوى بلا معارض على الصبي غير محتاج إلى النكاح ، فلا حظَّ له في التزام المهر في ذمّته مع الإعسار ، وتزويج الولي له غير متوقّف أوّلا على وجود المصلحة ، بل على إنتفاء المفسدة ، وثانياً يُمكن أن يُقال : باقتضاء المصلحة ذلك إلاّ أنّ تخصيص النصوص الصحيحة بذلك لا يخلو عن إشكال .
أقول : الموضوع في الأخبار المتقدّمة وإن كان هو التزويج الجامع لشرائط الصحّة ، الّتي منها انتفاء المفسدة أو وجود المصلحة ، إلاّ أنّ دعوى الإطلاق لها بحيث يشمل صورة تبرّء الولي من الضمان في ضمن العقد مشكلة جدّاً; لعدم ثبوت الإطلاق لها من هذه الجهة ، فاللاّزم الرجوع في حكمها إلى القواعد الّتي منها عموم «المؤمنون عند شروطهم» خصوصاً مع ملاحظة أنّ المهر عوض البضع ، ويشكل دخول البضع في ملك الزوج وخروج المهر عن ملك الولي ، فالقاعدة تقتضي ما أفاده في المتن ، فتدبّر جيّداً .


(1) جواهر الكلام : 31/126 .
(2) كشف اللثام : 7/479 .
(3) مسالك الأفهام : 8/285 .

(الصفحة457)

الصبيّ فطلّق قبل الدخول استعاد الولد نصف المهر وكان له دون الوالد1.


1 ـ قال المحقّق في الشرائع : فلو دفع الأب المهر ، وبلغ الصبي فطلّق قبل الدخول ، استعاد الولد النصف دون الوالد; لأنّ ذلك يجري مجرى الهبة له(1) . ولأنّ الطلاق سبب مملّك جديد للنصف لا فاسخ لسبب الملك ، ويرد على دليل المحقّق أنّ جريانه مجرى الهبة أي من الوالد إلى الامرأة يقتضي جواز الرجوع ما دام كونه باقياً; لأنّ الحكم في مطلق الهبة ذلك إلاّ في بعض الموارد ، كالهبة بذي رحم على ما عرفت(2) . فالدّليل الصحيح ما ذكرناه من أنّ الطلاق سبب مملّك جديد للزوج المطلِّق قبل الدخول ، وقال في الجواهر : بل هو كذلك لو دفعه عن الصبي الموسر تبرّعاً أو ضمنه عنه كذلك ، بل لا فرق بين الولد والأجنبي في ذلك فضلا عن الكبير ، كما لا فرق بين الولد والأجنبي(3) .
وهل الحكم يختصّ بما إذا دفع الوالد المهر الّذي كان عليه من جهة إعسار الولد ، أو يشمل صورة عدم الدفع أيضاً وإن كان عليه؟ الظّاهر هو الثاني; لأنّ ظاهر الروايات المتقدّمة ثبوت المهر على الولي في هذه الصورة كسائر ديونه ، فإذا بلغ الصبي وطلّق قبل الدخول يرجع كلّ من الزوجين إلى الولي بنصف المهر ، الزوجة لأجل تحقّق الطلاق قبل الدخول ، والزوج لأجل كونه ديناً عليه ، فما يوهمه مثل ظاهر العبارة من اختصاص الحكم بصورة الدفع في غير محلّه ، كما لا يخفى .


(1) شرائع الإسلام : 2/332 .
(2) في ص 445 .
(3) جواهر الكلام : 31/129 .

(الصفحة458)





(الصفحة459)



خاتمة

في

الشروط المذكورة في عقد النكاح


مسألة 1 : يجوز أن يُشترط في ضمن عقد النكاح كلّ شرط سائغ ، ويجب على المشروط عليه الوفاء به كما في سائر العقود ، لكن تخلّفه أو تعذّره لا يُوجب الخيار في عقد النكاح بخلاف سائر العقود . نعم لو كان الشرط الالتزام بوجود صفة في أحد الزوجين مثل كون الزوجة باكرة أو كون الزوج مؤمناً غير مخالف فتبيّن خلافه أوجب الخيار كما مرّت(1) الإشارة إليه1.


1 ـ أما جواز الاشتراط في ضمن عقد النكاح كلّ شرط سائغ ووجوب الوفاء على المشروط عليه فواضح لا ينبغي الارتياب فيه ، وأمّا عدم كون تخلّفه أو تعذّره موجباً للخيار بخلاف سائر العقود ، حيث يكون خيار تخلّف الشرط ثابتاً فيها ، فلما ذكره صاحب الجواهر(قدس سره) من الوجه لعدم جواز اشتراط الخيار في عقد النكاح ،


(1) تحرير الوسيلة : 2/265 مسألة 13 .

(الصفحة460)

مسألة 2 : إذا اشترط في عقد النكاح ما يخالف المشروع مثل أن لا يمنعها من الخروج من المنزل متى ما شاءت وإلى أين شاءت ، أو لا يعطي حقّ ضرّتها من المضاجعة ونحوها ، وكذا لو شرط أن لا يتزوّج عليها أو أن لا يتسرّى بطل الشرط وصحّ العقد والمهر وإن قُلنا بأنّ الشرط الفاسد يفسد العقد1.


وهو معلوميّة عدم قبول عقد النكاح لذلك; لأنّ فيه شائبة العبادة الّتي لا تقبل الخيار ، ولحصر فسخه بغيره ، ولذا لا تجري فيه الإقالة بخلاف غيره من عقود المعاوضات ، بل ذكر في الجواهر بطلان اشتراط الخيار مسلّم(1) . وإن وقع الخلاف في بطلان العقد أيضاً وعدمه ، فالمشهور على الأوّل(2) وابن إدريس على الثاني(3) .
وكيف كان فلا إشكال في أنّ تخلّف الشرط لا يوجب خياراً ، كما إذا اشترطت الزوجة أن يسكنها الزوج في محلّ مخصوص ، وتخلّف الزوج فأسكنها في غيره . نعم لو كان الشرط الالتزام بوجود صفة في أحد الزوجين : مثل كون الزوجة باكرة أو كون الزوج مؤمناً غير مخالف فتبيّن خلافه أوجب الخيار لدلالة النصّ عليه ، وقد مرّت(4) الإشارة إليه ، وهذا كما في العيوب الموجبة للخيار المتقدّمة ، وكذا التدليس على ما تقدّم .

1 ـ المقصود من هذه المسألة أنّ الشرط الفاسد في عقد النكاح لا يوجب فساد العقد والمهر ، وإن قُلنا بأنّ الشرط الفاسد في غير عقد النكاح مثل البيع ونحوه


(1) جواهر الكلام : 31/106 .
(2) الخلاف : 4/292 ، المبسوط : 4/304 ، الجامع للشرائع : 441 ، إرشاد الأذهان : 2/17 ، جامع المقاصد : 13/294 ـ 395 ، مسالك الأفهام : 8/256 .
(3) السرائر : 2/575 .
(4) في «القول في العيوب الموجبة لخيار الفسخ والتدليس» مسألة 13 .
<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>