جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب الحدود « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>


(الصفحة61)



القبل ، وكونه في حال بلوغها وعقلها .
ويدلّ على اعتبار التمكّن منه غدوّاً ورواحاً ـ مضافاً إلى صحيحة محمّد بن مسلم المتقدّمة الواردة في المغيب والمغيبة ، الدالّة على اعتبار كون الرجل مع المرأة والمرأة مع الرجل ـ صحيحة أبي عبيدة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن امرأة تزوّجت رجلا ولها زوج؟ قال: فقال: إن كان زوجها الأوّل مقيماً معها في المصر التي هي فيه تصل إليه ويصل إليها ، فإنّ عليها ما على الزاني المـحصن (الزانية المحصنة خ ل) الرجم ، وإن كان زوجها الأوّل غائباً عنها أو كان مقيماً معها في المصر لا يصل إليها ولا تصل إليه ، فإنّ عليها ما على الزانية غير المحصنة ولا لعان بينهما .(1) . فإنّ قوله (عليه السلام): «تصل إليه» ظاهر في اعتبار تمكّنها منه ، كاعتبار تمكّنه منها ، لكن في الجواهر: المراد من تمكّنها من الزوج إرادته الفعل على الوجه المزبور ، لا إرادتها متى شائت ، ضرورة عدم كون ذلك حقّاً لها(2) .
وأورد عليه بأنّ الرجل لو كان لجوجاً بالنسبة إليها وغير محبّ لها ، بل يكون متنفّراً عنها ولايأتيها إلاّ بمقدار أقلّ الواجب ، وكان له أزواج اُخر يستغني بهنّ ، يمكن أن لا يصدق الإحصان فيها ، فإنّ الرواية المذكورة لا تشمل مثل الفرض .
والظاهر عدم إمكان الالتزام بعدم تحقّق الإحصان في الفرض المزبور ، وإلاّ يلزم عدم تحقّقه فيما لو لم يرد الزوج عادة إلاّ الوطء مرّة في كلّ عشرة أيام مثلا ، وهل يمكن الالتزام بعدم تحقّقه في مثل هذه الفروض ، مع كون الغرض من تشريع حدّ الرجم الذي يكون عقوبة شديدة يعسر تحمّله حفظ أساس الزوجيّة وعدم إنهدامه


(1) وسائل الشيعة: 18 / 395 ، أبواب حدّ الزنا ب27 ح1 .
(2) جواهر الكلام: 41/277 .

(الصفحة62)

مسألة 11 : الطلاق الرجعي لا يوجب الخروج عن الإحصان ، فلو زنى أو زنت في الطلاق الرجعي كان عليهما الرجم ، ولو تزوّجت عالمة كان عليها الرجم ، وكذا الزوج الثاني إن علم بالتحريم والعدّة ، ولو جهل بالحكم أو بالموضوع فلا حدّ ، ولو علم أحدهما فعليه الرجم دون الجاهل ، ولو ادّعى


بطيّ سبيل الإنحراف والتوجّه إلى الفاحشة ؟ فالإنصاف أنّ المراد منه ما أفاده في الجواهر كما عرفت .
وليس المراد من قول الماتن ـ دام ظلّه الوارف ـ «يغدو عليها ويروح» هو تحقّق الوطء كذلك ، بل التمكّن منه بقرينة تصريحه به في الرجل .
وربّما يستدلّ على عدم رجم المتعة إذا زنت ـ مضافاً إلى التسالم بين الأصحاب ـ بموثّقة إسحاق بن عمّار المتقدّمة ، المشتملة على قوله: قلت: والمرأة المتعة؟ قال: فقال: «لا ، إنّما ذلك على الشيء الدائم»(1) نظراً إلى أنّ المشار إليه في قوله: «إنّما ذلك» هو الإحصان ، فيدلّ حينئذ على أنّه إنّما يكون في الشيء الدائم ، بلا فرق بين إحصان الرجل والمرأة ، ومورد الرواية وإن كان هو إحصان الرجل ، إلاّ أنّه من تطبيق الكبرى على الصغرى .
ويمكن أن يقال بإطلاق مورد السؤال ، فإنّ قول السائل: «والمرأة المتعة» ليس ظاهراً في خصوص السؤال عن إحصان الرجل إذا كانت عنده متعة ، بل أعم منه ومن إحصانها ، مع وصف كونها كذلك ، وعليه فالجواب يشمل كلا الفرضين ، ويدلّ على إنحصار الإحصان بالشيء الدائم من ناحية الزوج ، وكذا من ناحية الزوجة ، فتدبّر .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 353 ، أبواب حدّ الزنا ب2 ح5 .

(الصفحة63)

أحدهما الجهل بالحكم قبل منه إن أمكن الجهل في حقّه ، ولو ادّعى الجهل بالموضوع قبل كذلك1.


1 ـ أقول: أمّا عدم كون الطلاق الرجعي موجباً للخروج عن الإحصان ، فيدلّ عليه ـ مضافاً إلى كون المطلّقة الرجعية بحكم الزوجة ـ صحيحة يزيد الكناسي أو حسنته قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة تزوّجت في عدّتها ، فقال: إن كانت تزوّجت في عدّة طلاق لزوجها عليها الرجعة فإنّ عليها الرجم ، وإن كانت تزوّجت في عدّة ليس لزوجها عليها الرجعة فإنّ عليها حدّ الزاني غير المحصن ، وإن كانت تزوّجت في عدّة بعد موت زوجها من قبل إنقضاء الأربعة أشهر والعشرة أيّام فلا رجم عليها ، وعليها ضرب مائة جلدة . . .(1) . والظاهر أنّه ليس المراد من التزويج في العدّة المترتّب عليه الحدّ ـ رجماً كان أو جلداً ـ مجرّد التزويج وإن لم يتحقّق بعده الدخول ، بل الدخول المترتّب على التزويج كما لا يخفى ، كما أنّه ليس المراد من ثبوت حدّ الرجم في مورد الطلاق الرجعي ثبوته بعنوان آخر غير الإحصان ، بل الظاهر هو المعنى الذي عبّر عنه في المتن بأنّ الطلاق الرجعي لا يوجب الخروج عن الإحصان ، وبعد ملاحظة أنّ المطلّقة الرجعية لا يكون لها حقّاً بالإضافة إلى الزوج من جهة الوطء أصلا يظهر أنّ المراد من شرط التمكّن والوصول المعتبر في المرأة ليس إلاّ مجرّد كونها باختياره ، بحيث يكون إذا أراد الوطء يتحقّق ، كما أفاده صاحب الجواهر على ما عرفت .
ثمّ إنّ هنا روايتين ظاهرتين في ثبوت الرجم في مورد الطلاق مطلقاً ، ولابدّ من حملهما على الطلاق الرجعي بقرينة رواية الكناسي .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 396 ، أبواب حدّ الزنا ب27 ح3 .

(الصفحة64)



إحداهما: موثّقة عمار بن موسى الساباطي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) عن رجل كانت له امرأة فطلّقها أو ماتت فزنى ، قال: عليه الرجم ، وعن امرأة كان لها زوج فطلّقها أو مات ثمّ زنت عليها الرجم؟ قال: نعم(1) . قال في الوسائل بعد نقل الرواية: حمل الشيخ حكم الرجل على كون الطلاق رجعياً ، وعلى وجود زوجة اُخرى ، وحمل حكم المرأة على كون الطلاق رجعيّاً ، وحمل حكم الوفاة على الوهم من الراوي ، يعني الشكّ والتردّد في النظر(2) .
ومنشأ حمل حكم الوفاة على الوهم ظهور عدم ثبوت الرجم في موردها ، ويدلّ عليه ذيل رواية الكناسي المتقدّمة .
وثانيتهما: رواية عليّ بن جعفر ، المروية في قرب الإسناد ، عن أخيه (عليه السلام) قال: سألته عن رجل طلّق أو بانت إمرأته ثمّ زنى ما عليه؟ قال: الرجم . وسألته عن امرأة طلقت فزنت بعد ما طلِّقت هل عليها الرجم؟ قال: نعم(3) .
والظاهر أنّ المراد من قول السائل: «بانت» ، هو الطلاق ، والتعبير به تفنن في التعبير ، وليس المراد هو البينونة بالموت ، إذ موت المرأة خال عن العدّة ، وموت الرجل مناف لظاهر السؤال ; لفرض الزنا بعده ، ولا البينونة بمثل الارتداد ; لكونه خلاف الظاهر .
وأمّا قبول إدّعاء الجهل بالحكم ، أو بالموضوع مع إمكان الجهل في حقّ المدّعي ، فمنشؤه هو درء الحدود بالشبهات ، وقد ورد في هذا المقام بعض النصوص ، مثل ذيل رواية الكناسي المتقدّمة ، المشتملة على قوله: قلت: أرأيت إن


(1) وسائل الشيعة: 18 / 398 ، أبواب حدّ الزنا ب27 ح8 .
(2) التهذيب: 10/22 ، الإستبصار: 4/207 .
(3) وسائل الشيعة: 18 / 357 ، أبواب حدّ الزنا ب6 ح1 و 2 .

(الصفحة65)



كان ذلك منها بجهالة؟ قال: فقال: ما من امرأة اليوم من نساء المسلمين إلاّ وهي تعلم أنّ عليها عدّة في طلاق أو موت ، ولقد كنّ نساء الجاهلية يعرفن ذلك . قلت: فإن كانت تعلم أنّ عليها عدّة ولا تدري كم هي؟ فقال: إذا علمت أنّ عليها العدّة لزمتها الحجّة فتسأل حتّى تعلم . فإنّ ظاهر السؤال الأوّل وإن كان هو الوقوع منها بالجهالة الواقعية ، إلاّ أنّ قرينة الجواب تقتضي حمل السؤال على صورة إدّعائها الجهالة ، ومرجع الجواب إلى عدم قبول هذا الإدّعاء منها ; لعدم إمكان الجهل في حقّها بعد وضوح الأمر على جميع نساء المسلمين ، بل ونساء الجاهلية .
وأمّا الجواب عن السؤال الأخير ، فهل مفاده تحقّق الحجّة بالإضافة إليها من جهة العلم بثبوت أصل العدّة ، وجريان الاستصحاب مع الشكّ في مقدارها ؟ أو أنّ المراد وجوب السؤال مع الاحتمال وانفتاح طريق العلم ولو لم يكن هناك استصحاب؟ ومرجع الأوّل إلى عدم ثبوت الحدّ مع عدم تحقّق الحجّة ، وهو الذي أشرنا إليه سابقاً في بيان معنى الشبهة من سعة دائرتها بالإضافة إلى التكليف وضيق دائرة الحدّ(1) . كما أنّ مرجع الثاني إلى ثبوت الحدّ مع الاحتمال وإمكان السؤال ، ولا يبعد ترجيح الوجه الأوّل كما تقدّم .
ومثل ذيل صحيحة أبي عبيدة المتقدّمة ، المشتمل على قوله: قلت: فإن كانت جاهلة بما صنعت؟ قال: فقال: أليس هي في دار الهجرة؟ قلت: بلى . قال: ما من امرأة اليوم من نساء المسلمين إلاّ وهي تعلم أنّ المرأة المسلمة لا يحلّ لها أن تتزوّج زوجين . قال: ولو أنّ المرأة إذا فجرت قالت: لم أدر أو جهلت أنّ الذي فعلت حرام ولم يقم عليها الحدّ إذاً لتعطّلت الحدود . وهو أيضاً مثل الرواية السابقة .


(1) في ص33 ـ 35 .

(الصفحة66)

مسألة 12 : يخرج المرء وكذا المرأة عن الإحصان بالطلاق البائن كالخلع والمباراة ، ولو راجع المخالع ليس عليه الرجم إلاّ بعد الدخول1.


1 ـ أمّا خروج الزوجين عن الإحصان بالطلاق البائن فيدلّ عليه ـ مضافاً إلى خروج المطلّقة البائنة عن الزوجيّة ، وعدم ترتّب أحكامها عليه ـ قوله (عليه السلام) في صحيحة يزيد الكناسي المتقدّمة في المسألة السابقة: «وإن كانت تزوّجت في عدّة ليس لزوجها عليها الرجعة فإنّ عليها حدّ الزاني غير المحصن» ، لكن جريانه في الطلاق البائن الذي ليس فيه عدّة كطلاق الصغيرة ، أو اليائسة ، أو غير المدخول بها ، أو كان فيه عدّة ، ولكنّه ليس للزوج فيها حقّ الرجوع أصلا واضح ، وأمّا في طلاق الخلع الذي يكون للزوج حقّ الرجوع ، غاية الأمر بعد رجوع المرأة فيما بذلت من المهر أو غيره ، فيمكن الاستشكال فيه بعدم شمول الرواية ، لأنّ ظاهرها عدم تحقّق حقّ الرجوع للزوج مطلقاً ، وهو منتف في طلاق الخلع ; لثبوت الحقّ في بعض الحالات .
ويدفعه أنّ الظاهر أنّ المراد من الرواية عدم تحقّق حقّ الرجوع للزوج بالذات ، وهو متحقّق في طلاق الخلع ، خصوصاً بعد عدّه من أقسام الطلاق البائن ، كما صنعه الفقهاء ـ رضوان الله عليهم أجمعين(1) ـ ومن هنا يظهر أنّه كما لا ينفع حقّ الرجوع للزوج في طلاق الخلع بعد رجوع الزوجة بالبذل ، كذلك لا ينفع تحقّق الرجوع خارجاً ، بل اللازم الدخول بعده ; ليتحقّق الوطء بالأهل بعد كونها زوجة جديدة ، وهذا بخلاف الطلاق الرجعي ، فإنّه لا يلزم في بقاء الإحصان معه الرجوع ، بل يكفي فيه مجرّد حقّه كما لا يخفى .


(1) كالحلبي في الكافي في الفقه: 306 والمحقّق في الشرائع: 3/588 والشهيد في اللمعة: 124 .

(الصفحة67)

مسألة 13 : لا يشترط في الإحصان الإسلام في أحد منهما، فيحصن النصراني النصرانية وبالعكس ، والنصرانيّ اليهوديّة وبالعكس ، فلو وطأ غير مسلم زوجته الدائمة ثمّ زنى يرجم ، ولا يشترط صحّة عقدهم إلاّ عندهم ، فلو صحّ عندهم وبطل عندنا كفى في الحكم بالرجم1.


1 ـ أقول: إنّ هنا أمرين:
أحدهما: عدم اشتراط إسلام أحد الزوجين في تحقّق الإحصان بالإضافة إليه ، وإلى طرفه ، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى عموم قوله (عليه السلام) في صحيحة إسماعيل بن جابر المتقدّمة . «من كان له فرج يغدو عليه ويروح فهو محصن»(1) ، وعموم قوله (عليه السلام) في صحيحة حريز المتقدّمة أيضاً بعد السؤال عن المحصن: «الذي يزني وعنده ما يغنيه»(2) ـ صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الحرّ أتحصنه المملوكة؟ قال: لا يحصن الحرّ المملوكة ولا يحصن المملوك الحرّة ، والنصراني يحصن اليهوديّة ، واليهوديّة(3) يحصن النّصرانيّة(4) .
ولكنّها تعارضها صحيحته الاُخرى ، المشتملة على قوله (عليه السلام): «وكما لا تحصنه الأمة واليهوديّة والنصرانيّة إن زنى بحرّة كذلك لا يكون عليه حدّ المحصن إن زنى بيهودية أو نصرانية أو أمة وتحته حرّة»(5) وحيث إنّ الظاهر أنّ موردها الرجل المسلم ، واليهوديّة والنصرانيّة لا يمكن أن تكونا تحته إلاّ بنحو الإنقطاع ، فالمراد منه عدم كون المتعة موجبة لتحقّق الإحصان ، فلا تنافي الصحيحة الاُولى بوجه .


(1 ، 2) تقدّمت في ص54 .
(3) كذا في النسخة الأصلية ، والوسائل ط اسلاميّة ، ولكن في الفقيه: «واليهوديّ يحصن النصرانيّة» .
(4) وسائل الشيعة: 18 / 357 ، أبواب حدّ الزنا ب5 ح1 .
(5) وسائل الشيعة: 18 / 354 ، أبواب حدّ الزنا ب2 ح9 .

(الصفحة68)

مسألة 14 : لو ارتدّ المحصن عن فطرة خرج عن الإحصان ، لبينونة زوجته منه . ولو ارتدّ عن ملّة فإن زنى بعد عدّة زوجته ليس محصناً ، وإلاّ فهو محصن1.


وكيف كان ، فلا إشكال في تحقّق الإحصان في النصراني والنصرانيّة ، واليهودي واليهوديّة ، والمختلط منهما ، ويكفي في ذلك مجرّد صحّة العقد في مذهبهم ، ولا  يشترط الصحّة عندنا ، لأنّه لكلّ قوم نكاح .
ثانيهما: عدم اشتراط الإسلام في المزنيّ بها ، فنقول: ظاهر الصحيحة الثانية لمحمّد بن مسلم الاشتراط ، ولكن رواية إسماعيل بن أبي زياد صريحة في خلافها ، حيث روى عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه (عليهم السلام) أنّ محمّد بن أبي بكر كتب إلى عليّ (عليه السلام)في الرجل زنى بالمرأة اليهوديّة والنصرانيّة ، فكتب (عليه السلام) إليه: إن كان محصناً فارجمه ، وإن كان بكراً فاجلده مائة جلدة ثمّ انفه ، وأمّا اليهوديّة فابعث بها إلى أهل ملّتها فليقضوا فيها ما أحبّوا(1) .
وهذه الرواية موافقة لفتوى الأصحاب ، ولأجلها تترجّح على رواية محمّد بن مسلم .

1 ـ الارتداد الفطري بالإضافة إلى الرجل يوجب خروجه عن الإحصان ; لأنّه تبين منه زوجته وينفسخ نكاحها بغير طلاق ، وتعتدّ عدّة الوفاة ، وتقسّم أمواله التي كانت له حين ارتداده بين ورثته بعد أداء ديونه ، كالميّت ، ولا ينتظر موته ، ولا تجدي توبته ورجوعه إلى الإسلام في رجوع زوجته وماله إليه ، وعليه فلا مجال للإشكال في خروجه عن الإحصان بعد بينونة زوجته منه بالكلّية .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 361 ، أبواب حدّ الزنا ب8 ح5 .

(الصفحة69)



وأمّا المرأة المرتدّة عن فطرة ، فتبين من زوجها المسلم في الحال من دون عدّة إن كانت غير مدخول بها ، ومع الدخول إن تابت قبل تمام العدّة التي هي عدة الطلاق بقيت الزوجيّة ، وإلاّ انكشف عن الإنفساخ والبينونة من أوّل زمن الارتداد ، وعليه فيقع الكلام في أنّ مراد المتن الخروج عن الإحصان في مطلق المرتدّ الفطري وإن كانت مرأةً ، وأنّ ذكر الرجل كان بعنوان المثال; لتحقّق البينونة مطلقاً ، وإن كانت الزوجيّة قابلة للبقاء بسبب توبتها قبل تمام العدّة فيما إذا كان هناك عدّة ، أو أنّ المرأة لم يقع التعرّض لها أصلا ، ومن الممكن عدم كون ارتدادها موجباً للخروج عن الإحصان مع ثبوت العدّة ; لإمكان التوبة وبقاء الزوجية ، كما في ارتداد الرجل عن ملّة ، وإن كان يمكن الحكم بالفرق بين ما إذا كان زمام الزوجية ورفع المانع عنها بيد الرجل ، وبين ما إذا كان بيد المرأة ، نظراً إلى أنّه في الصورة الاُولى يتحقّق له التمكّن من وطئها متى ما شاء ، بخلاف الصورة الثانية التي يكون الاختيار بيد المرأة فإنّه ليس للزوج ذلك التمكّن ، ويشهد له الخروج عن الإحصان في طلاق الخلع مع كون حقّ الرجوع بالبذل للزوجة كما عرفت ، ويحتمل على بعد التفصيل بالحكم بعدم خروج المرأة عن الإحصان ; لأنّ الاختيار بيدها ، وخروج الرجل عنه; لعدم كونه بيده بوجه .
وأمّا الارتداد الملّي ، فحكمه انفساخ النكاح بين المرتدّ وزوجته المسلمة ، وكذا بين المرتدّة وزوجها المسلم بمجرّد الارتداد بدون اعتداد مع عدم الدخول ، ومعه يتوقّف الفسخ على إنقضاء العدّة ، فإن رجع أو رجعت قبل انقضائها كانت زوجته ، وإلاّ انكشف أنّها بانت عنه عند الارتداد ، ويظهر الوجه في خروجه عن الإحصان بسببه وعدمه ، والفرق بين الرجوع في العدّة وبعدها ، وكذا بين الرجل والمرأة ممّا ذكرنا في المرتدّ الفطري .


(الصفحة70)

مسألة 15 : يثبت الحدّ رجماً أو جلداً على الأعمى ، ولو ادّعى الشبهة مع احتمالها في حقّه فالأقوى القبول ، وقيل: لا تقبل منه ، أو لا تقبل إلاّ أن يكون عدلا ، أو لا تقبل إلاّ مع شهادة الحال بما ادّعاه ، والكلّ ضعيف1.


ثمّ إنّك عرفت أنّ قوله: «وبانت منه إمرأته» في رواية عليّ بن جعفر المتقدّمة لا ظهور له في حصول البينونة بالارتداد ، بل الظاهر كونه تفنّناً في التعبير كما مرّ ، فلا ارتباط لها بهذا المقام .

1 ـ أمّا ثبوت الحدّ رجماً أو جلداً على الأعمى ، فلثبوت العموم أو الإطلاق في أدلّة الحدّ ، من دون أن يكون هناك ما يقتضي التخصيص أو التقييد بالإضافة إلى الأعمى ، مضافاً إلى ما في الجواهر من كون الإجماع بقسميه عليه(1) .
وأمّا لو ادّعى الشبهة ففي المتن وفاقاً للمشهور قبول الادّعاء ، مع إمكان جريان الشبهة في حقّه(2) . وعن الشيخين(3) وابن البرّاج(4) وسلاّر(5) عدم القبول مطلقاً ، وعن ابن إدريس القبول مع شهادة الحال بصدقه(6) . وليس مراده هي الشهادة العلميّة ، وإلاّ لا يكون بينه وبين القول بعدم القبول مطلقاً اختلاف أصلا ، ضرورة أنّ القبول في صورة العلم بالصدق مورد لقبول الطرفين . وعن الفاضل المقداد


(1) جواهر الكلام: 41 / 279 .
(2) المختصر النافع: 293 ، إرشاد الأذهان: 2/170 ، المقتصر من شرح المختصر: 399 ، غاية المرام: 4 / 313 .
(3) المقنعة: 783 ـ 784 ، النهاية: 698 ـ 699 .
(4) المهذّب: 2/524 .
(5) المراسم: 256 .
(6) السرائر: 3/447 ـ 448 .

(الصفحة71)

مسألة 16 : في التقبيل والمضاجعة والمعانقة وغير ذلك من الإستمتاعات دون الفرج تعزير ولا حدّ لها ، كما لا تحديد في التعزير ، بل هو منوط بنظر الحاكم على الأشبه1.


القبول فيما إذا كان الأعمى عادلا(1) .
والأقوى ما في المتن ، لما مرّ في المسألة الثامنة من سقوط الحدّ بدعوى كلّ ما يصلح أن يكون شبهة بالنظر إلى المدّعي لها ، وقد عرفت أنّ الوجه في ذلك ليس شمول دليل درء الحدود بالشبهات ، لعدم إحراز عنوان الشبهة ; لأنّ المفروض مجرّد دعواها ، ولا إلغاء الخصوصيّة من دليل الإكراه ; لعدم الوجه له ، بل الوجه هو عدم إحراز عنوان الزنا مع احتمال تحقّق الشبهة ; لأنّ عدم الشبهة مأخوذ في تعريف الزنا ، ومع احتمالها لا يحرز عنوان الزنا .
وممّا ذكرنا يظهر بطلان سائر الأقوال ، وأنّ ما ذكر لها من الاستدلال ليس له مجال .

1 ـ أقول: بعد كون المفروض في هذه المسألة هو تحقّق أحد هذه الأمور وما يشابهها من الاستمتاع بما دون الفرج من طرف الرجل بالمرأة الأجنبية ، إنّه حكي عن الخلاف نسبة ثبوت مائة جلدة فيه إلى رواية أصحابنا ، ثمّ قال: وروي أنّ عليهما أقلّ من الحدّ(2) . وقال المحقّق في الشرائع: «وفي التقبيل والمضاجعة في إزار واحد والمعانقة روايتان: إحداهما مائة جلدة ، والاُخرى دون الحدّ وهي أشهر»(3)


(1) التنقيح الرائع: 4/332 .
(2) الخلاف: 5/373 مسألة 9 .
(3) شرائع الإسلام: 4/935 .

(الصفحة72)



وفي الجواهر: بل قيل إنّه المشهور(1) . بل في كشف اللثام الإجماع(2) كما يظهر منهم عليه ، بل عن الغنية(3) دعواه صريحاً(4) .
وعن الغنية والمقنعة(5) والإسكافي(6) أنّهما يعزّران من عشرة إلى تسعة وتسعين جلدة . وعن بعض ـ لم يعرف كونه منّا ـ إبدال العشرة بالثلاثين(7) .
والروايات الواردة في هذه المسألة على طائفتين:
الاُولى: ما تدلّ على التقدير بالمائة ، مثل:
رواية الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: حدّ الجلد أن يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان يجلدان إذا وجدا في لحاف واحد الحدّ ، والمرأتان تجلدان إذا اُخذتا في لحاف واحد الحدّ(8) . وإضافة الحدّ إلى الجلد ليست بيانيّة كما هو ظاهر ، بل المراد من الحدّ آخر ما يتحقّق به الجلد .
ورواية عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال سمعته يقول: حدّ الجلد في الزنا أن يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان يوجدان في لحاف واحد ، والمرأتان توجدان في لحاف واحد(9) .


(1) التنقيح الرائع: 4/332 .
(2) كشف اللثام: 2/405 .
(3) غنية النزوع: 435 .
(4) جواهر الكلام: 41/290 . .
(5) غنية النزوع: 435 ، المقنعة: 774 .
(6) حكى عنه في رياض المسائل: 10 / 22 .
(7) جواهر الكلام: 41/290 ، الإستبصار: 4/215 .
(8، 9) وسائل الشيعة: 18 / 363 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح1 و4 .

(الصفحة73)



ورواية عبدالرحمن الحذّاء قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: إذا وجد الرجل والمرأة في لحاف واحد جلدا مائة جلدة(1) .
وفي رواية الشيخ(قدس سره) جلدا مائة مائة .
ورواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سئل عن امرأة وجدت مع رجل في ثوب؟ قال: يجلدان مائة جلدة(2) . وفي رواية الشيخ(قدس سره) زيادة: ولا يجب الرجم حتّى تقوم البيّنة الأربعة بأن قد رُئي يجامعها .
ورواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): إذا وجد الرجل والمرأة في لحاف واحد قامت عليهما بذلك بيّنة ولم يطلع منهما على سوى ذلك ، جلد كلّ واحد منهما مائة جلدة(3) .
ورواية أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل والمرأة يوجدان في لحاف واحد جلدا مائة مائة . وفي رواية الصدوق: «إجلدهما مائة جلدة مائة جلدة» . وفي رواية الشيخ زيادة: «ولا يكون الرجم حتّى يقوم الشهود الأربعة أنّهم رأوه يجامعها»(4) .
الطائفة الثانية: ما تدلّ على استثناء سوط واحد من المائة ، مثل:
رواية زيد الشحّام ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل والمرأة يوجدان في اللّحاف ، قال: يجلدان مائة مائة غير سوط(5) .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 364 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح5 .
(2) وسائل الشيعة: 18 / 365 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح7 و 8 .
(3) وسائل الشيعة: 18 / 365 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح9 .
(4) وسائل الشيعة: 18 / 365 ـ 366 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح10 ، 11 و 12 .
(5) وسائل الشيعة: 18 / 364 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح3 .

(الصفحة74)



ورواية حريز ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّ علياً (عليه السلام) وجد رجلا وامرأة في لحاف واحد فضرب كلّ واحد منهما مائة سوط إلاّ سوطاً(1) .
ورواية أبان بن عثمان قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): إنّ علياً (عليه السلام) وجد امرأة مع رجل في لحاف واحد ، فجلد كلّ واحد منهما مائة سوط غير سوط(2) .
وقد ذكروا في مقام العلاج بين الطائفتين وجوهاً:
الأوّل: ما أفاده في الجواهر بقوله: «ولعلّ التأمّل في الجمع بين النصوص يقتضي تعيين كونه مائة إلاّ سوطاً» وزاد في الذيل: «إلاّ أنّي لم أجد بذلك قائلا»(3).
ولعلّ الوجه في هذا الجمع كون الطائفة الثانية واردة بصورة الاستثناء من المائة ، وأنّ الحكم هي المائة إلاّ السوط ، وعليه فتصير الطائفة الثانية بمنزلة الاستثناء الذي هو من طرق التخصيص ، فالمقام نظير ما إذا ورد أكرم العلماء تارة ، وأكرم العلماء إلاّ زيداً مرّة اُخرى ، حيث إنّ الثاني يكون مخصّصاً للأوّل .
الثاني: حمل روايات المائة على التقيّة ، كما احتمله في الجواهر(4) نظراً إلى صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج قال: كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) فدخل عليه عباد البصري ومعه أناس من أصحابه ، فقال له: حدّثني عن الرجلين إذا أخذا في لحاف واحد ، فقال له: كان عليّ (عليه السلام) إذا أخذ الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحدّ . فقال له عباد: إنّك قلت لي: غير سوط ، فأعاد عليه ذكر الحديث حتّى أعاد ذلك مراراً ، فقال: غير سوط ، فكتب القوم الحضور عند ذلك الحديث(5) .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 367 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح20 .
(2) وسائل الشيعة: 18 / 367 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح19 .
(3 ، 4) جواهر الكلام: 41/290 ـ 291 .
(5) وسائل الشيعة: 18 / 363 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح2 .

(الصفحة75)



لأنّ الظاهر من الرواية أنّ الإمام (عليه السلام) كان ممتنعاً عن بيان الحكم الواقعي ، وأنّ الجلد أقلّ من حدّ الزنا بسوط ، ولعلّه لأجل من كان مع «عباد» من أصحابه ، وبعد ما أصرّ «عباد» وكرّر السؤال التجأ إلى بيان الحكم الواقعي .
ويرد عليه ـ مضافاً إلى كون الرواية واردة في الرجلين ، والكلام إنّما هو في الرجل والمرأة ، وإلى أنّ الظاهر كون فتاوى فقهاء العامّة التعزير مطلقاً ، كما يظهر من نقل الشيخ في الخلاف التعزير عنهم فيما نحن فيه(1) ـ أنّ الظاهر كون الحكم الواقعي في الصحيحة هو الحكم المذكور أوّلا ، ويؤيّده إسناده إلى فعل عليّ (عليه السلام) ، وأنّ عمله المستمرّ كان هو ضرب الحدّ ، وبعد ما أصرّ «عباد» وكرّر السؤال التجأ إلى بيان ما هو موافق لمذهبه ، ويؤيّده أيضاً أنّ ما سمعه منه قبلا كان هو الأقلّ ، كما لا يخفى .
الثالث: ما أفاده الشيخ الطوسي(قدس سره) في الاستبصار(2) من حمل ما كان من الطائفة الاُولى دالاًّ بظاهره على ثبوت الحدّ على التعزير ، نظراً إلى أنّه قد يطلق على التعزير لفظ الحدّ على ضرب من التجوّز ، وحمل ما كان منها دالاًّ على ثبوت المائة من غير ظهور في كون موردها مجرّد الاجتماع تحت لحاف واحد على صورة وقوع الفعل منهما ، وعلم الإمام بتحقّق الزنا ، فإنّه يترتّب الحدّ ، وحمل ما كان منها دالاًّ على ثبوتها مع الظهور في عدم تحقّق الفعل والزنا ، كرواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله المتقدّمة على من أدّبه الإمام وعزّره دفعة أو دفعتين ، فعاد إلى مثل ذلك، فإنّه يجوز للإمام (عليه السلام) إقامة الحدّ حينئذ، واستشهد للأخير برواية


(1) الخلاف: 5/374 مسألة 9 ، المجموع للنووي: 21/316 .
(2) الإستبصار: 4/215 .

(الصفحة76)



أبي خديجة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لا ينبغي للمرأتين تنامان في لحاف واحد إلاّ وبينهما حاجز ، فإن فعلتا نهيتا عن ذلك ، فإن وجدهما بعد النهي في لحاف واحد جلدتا كلّ واحدة منهما حدّاً حدّاً ، فإن وجدتا الثالثة في لحاف واحد حدّتا ، فإن وجدتا الرابعة قتلتا(1) .
ويرد عليه ـ مضافاً إلى أنّه لا شاهد لهذا الجمع ، وإلى أنّ إطلاق الحدّ على التعزير مجاز كما اعترف به ـ أنّ حمل الروايات الكثيرة الظاهرة في ترتّب الحدّ على مجرّد وقوع الاجتماع تحت لحاف واحد على صورة التكرّر بعيد جدّاً ، كما أنّ حمل ما دلّ على المائة على صورة العلم أيضاً كذلك .
الرابع: ما حكي عن الصدوق(قدس سره) من حمل الطائفة الاُولى على صورة ثبوت الزنا بالإقرار أو البيّنة ، وحمل الطائفة الثانية على صورة علم الإمام (عليه السلام) به(2) . وفيه ما لا يخفى .
الخامس: الحمل على التخيير(3) . ولكنّه يتوقّف على عدم إمكان الجمع العرفي بين الطائفتين من حيث الدلالة أوّلا ، وعلى فقدان المرجّحات ثانياً ، وسيأتي الكلام فيه .
السادس: ما حكي عن المجلسي(قدس سره) في حاشية التهذيب من أنّ الأظهر في الجمع بين الأخبار مع قطع النظر عن الشهرة أن يؤخذ بالأخبار الدالّة على تمام الحدّ ، بأن يقال: لا يشترط في ثبوت الجلد المعاينة كالميل في المكحلة ، وتحمل الأخبار الدالّة على ذلك على اشتراطه في الرجم ، كما هو الظاهر من أكثرها ،


(1) وسائل الشيعة: 18 / 368 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح25 .
(2) من لا يحضره الفقيه: 4/24 .
(3) ملاذ الأخيار: 16/83 .

(الصفحة77)



وأمّا أخبار النقيصة فمحمولة على التقيّة(1) .
ومرجعه إلى كون الاجتماع في لحاف واحد أمارة عرفية على الزنا ، اعتبرها الشارع في مقام ترتّب الجلد فقط .
ويؤيّد هذا الجمع رواية عبدالله بن سنان المتقدّمة الدالّة على أنّ حدّ الجلد في الزنا أن يوجدا في لحاف واحد ، فإنّ ثبوت حدّ الزنا بعنوانه مع وجدانهما في لحاف واحد لا يستقيم إلاّ مع كونه أمارة على تحقّق الزنا ، وإلاّ فكيف يجتمع الزنا الذي يعتبر في حقيقته الدخول في الفرج مع مجرّد الاجتماع تحت لحاف واحد .
ويؤيّده أيضاً الزيادة الواقعة في نقل الشيخ في رواية أبي بصير وأبي الصباح الكناني المتقدّمتين ، الدالّة على عدم ترتّب حكم الرجم إلاّ مع قيام البيّنة الأربعة أنّهم رأوه يجامعها ، فإنّ ذكر مسألة الرجم والحكم باعتبار الرؤية فيها عقيب الحكم بثبوت المائة مع الاجتماع تحت لحاف واحد لا يكاد يكون له وجه إلاّ كون الحكم الأوّل وارداً في مورد الزنا ، وأنّه لا يعتبر فيه الرؤية ، بل يكفي فيه الاجتماع المذكور الذي هي أمارة عرفية على تحقّق العمل .
ويردعليه ـ مضافاً إلى ابتنائه على عدم اعتبار الرؤية والمعاينة في ترتّب الحكم بالجلد ، مع أنّه محلّ البحث ، ويأتي الكلام فيه إن شاء الله ، وإلى إشعار قوله: «ولم يطّلع منهما على سوى ذلك» في رواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله المتقدّمة بأنّه لا يكون هناك أمارة على تحقّق الفعل ، بل هو مشكوك ـ أنّ حمل الاجتماع المذكور على ما ذكر لا يستقيم ، مع عطف إجتماع الرجلين والمرأتين على ذلك في بعض الروايات المتقدّمة ، كما في رواية الحلبي المتقدّمة ، فإنّ حمل الاجتماع في


(1) ملاذ الأخيار: 16/82 ـ 83 .

(الصفحة78)



الأخيرين على صورة تحقّق اللواط والمساحقة الذي هو لازم الحمل المذكور كيف يجتمع مع ترتّب مائة جلدة فقط ؟ فإنّ اللواط الذي حدّه القتل كيف يتبدّل حدّه بمائة سوط مع ثبوت الأمارة على تحقّقه ، كما أنّه بمثل هذا يتحقّق الإشكال في المقام أيضاً ، فإنّ الزنا المقرون بالإحصان الذي يكون حدّه الرجم كيف يتبدّل حدّه بمائة سوط مع ثبوت الأمارة المعتبرة على تحقّقه وثبوته ، وكيف كان فهذا الجمع أيضاً بعيد .
السابع: وجود التعارض بين الطائفتين ، والحكم بترجيح الطائفة الثانية ; لموافقتها للشهرة الفتوائية التي هي أوّل المرجّحات في الخبرين المتعارضين .
وهذا الوجه هو الأظهر ، ولكن مقتضاه تعيّن المائة إلاّ سوطاً ، مع أنّه لم يقل به أحد من الأصحاب ، بل يكون اتّفاقهم على خلافه .
فاللاّزم أن يقال: إنّ الحكم باستثناء سوط واحد في هذه الطائفة ليس لأجل الحكم بتعيّن هذا المقدار ; لأنّه من البعيد اختلافه مع الحدّ في سوط واحد فقط ، بل لأجل نفي ثبوت الحدّ في المقام ، ويؤيّده التعبير بنفي الحدّ في بعض الروايات الواردة في المرأتين والرجلين ، مثل رواية معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): المرأتان تنامان في ثوب واحد؟ فقال: تضربان . فقلت: حدّاً؟ قال: لا ، قلت: الرجلان ينامان في ثوب واحد؟ قال: يضربان . قال: قلت: الحدّ؟ قال: لا(1) . وعليه فالمراد من هذه الطائفة إثبات التعزير الذي هو بحسب ما يراه الحاكم من المصلحة ، فيظهر حينئذ وجه ما في المتن من الحكم بثبوت التعزير في هذا المقام .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 367 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح16 .

(الصفحة79)



بقي الكلام في أمرين:
الأوّل: أنّ الظاهر اختصاص مورد الروايات بما إذا كان الرجل والمرأة المجتمعان تحت لحاف واحد مجرّدين ، لأنّه ـ مضافاً إلى أنّ ذلك مقتضى مناسبة الحكم والموضوع ، فإنّ الحكم بثبوت المائة في الطائفة الاُولى لا يناسب مع مجرّد الاجتماع كذلك ولو لم يكونا مجرّدين ; لأنّه حدّ الزنا الثابت ـ قد وقع التصريح به في بعض الروايات الواردة في المرأتين أو الرجلين ، مثل رواية أبي خديجة المتقدّمة في الوجه الثالث من وجوه العلاج ، وصحيحة أبي عبيدة ، عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: كان عليّ (عليه السلام)إذا وجد رجلين في لحاف واحد مجرّدين جلدهما حدّ الزاني مائة جلدة كلّ واحد منهما ، وكذلك المرأتان إذا وجدتا في لحاف واحد مجرّدتين جلدهما كلّ واحدة منهما مائة جلدة(1) .
والظاهر كون المفروض في الرجل والمرأة أيضاً ذلك ، خصوصاً بعد عطف المرأتين والرجلين عليه في بعض الروايات المتقدّمة ، كرواية الحلبي . والوجه في الإطلاق ما قيل من أنّ الغالب في تلك الأعصار هو التجرّد حال النوم .
نعم ، لا ينبغي الإشكال في أنّ اجتماع الرجل والمرأة الأجنبية تحت لحاف واحد يكون محرّماً ولو لم يكونا مجرّدين ، ولكنّ البحث إنّما هو في مورد الروايات الواردة في المقام ومجرى الأقوال المختلفة المنقولة فيه ، وقد عرفت أنّ الظاهر كون المفروض فيها صورة التجرّد .
الثاني: مورد جميع الروايات المتقدّمة هو الاجتماع تحت لحاف واحد ، وعليه


(1) وسائل الشيعة: 18 / 366 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح15 .

(الصفحة80)



يقع الكلام في أنّ لهذا العنوان خصوصية ، أو أنّ ترتّب الحكم عليه لأجل أنّه من مصاديق الاستمتاع بما دون الفرج ، فيجري الحكم في التقبيل والمعانقة ونحوهما؟ ظاهر عبارة المحقّق في الشرائع المتقدّمة في صدر المسألة عدم الاختصاص ، حيث ذكر أنّه في التقبيل والمضاجعة والمعانقة روايتان ، ولكنّ التحقيق أنّه لو كان في هذا المقام روايات المائة فقط لما أمكن إلغاء الخصوصيّة من موردها ، خصوصاً بعد وضوح كون الاجتماع المذكور مقدّمة قريبة من الفعل ، ومشتملة على التلذّذ الخاص الذي لا يتحقّق بمثل التقبيل والمعانقة ، وخصوصاً بعدما مرّ من المجلسي(قدس سره)من الحمل على كونه أمارة عرفيّة على تحقّق الفعل ، فإنّ ما هو أمارة عليه هو الاجتماع المذكور فقط .
وأمّا لو اعتمدنا على روايات الأقلّ ، وحملناها على كون المراد ليس هو التعيين ، بل مجرّد التعزير ، فلا مانع من إلغاء الخصوصيّة والحكم بثبوت التعزير في مطلق الاستمتاع بما دون الفرج . وإن شئت قلت: الحكم بالتعزير في المقام يستفاد من هذه الروايات ، وفي غيره من أدلّة التعزير الجارية فيه ، فتدبّر .
نعم ، ورد في التقبيل رواية في سندها يحيى بن المبارك وهو مجهول ، وهي رواية إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): مجذم (محرم خ ل) قبّل غلاماً بشهوة ، قال: يضرب مائة سوط(1) . وهي مضافاً إلى ورودها في الرجلين ، ظاهرها السؤال عن حكم المحرم بالضم ، لا المحرم بالفتح كما قيل ، ونظر السائل إلى حكم إحرام هذا الرجل ، وأجاب الإمام (عليه السلام) بترتّب الحدّ عليه فقط ، فلا ارتباط لهذه الرواية بالمقام أصلا .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 422 ، أبواب حدّ اللواط ب4 ح1 .
<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>