جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، کتاب الحدود « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>


(الصفحة301)



الحضرمي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: أُتي أمير المؤمنين (عليه السلام) بامرأة وزوجها ، قد لاط زوجها بابنها من غيره وثقبه ، وشهد عليه بذلك الشهود ، فأمر به (عليه السلام) فضرب بالسيف حتّى قتل ، وضرب الغلام دون الحدّ . وقال: أما لو كنت مدركاً لقتلتك لإمكانك إيّاه من نفسك بثقبك(1) . وموردها وإن كان هو الصبيّ ، إلاّ أنّ قوله (عليه السلام): «أما لو كنت مدركاً . . .» يشمل المجنون أيضاً ; لأنّ المراد بالإدراك المنفيّ هو كونه مكلّفاً ، وليس المراد به التمييز والشعور ، وإلاّ لا يصحّ الخطاب كما لا يخفى .
ومن هذا الفرع يظهر ثبوت التأديب فقط فيما لو لاط الصبيّ بالصبي .
الفرع الثالث: ما لو لاط مجنون بعاقل ، وقد حكم فيه بثبوت الحدّ على العاقل دون المجنون ، والمحكيّ عن مقنعة المفيد(2) ونهاية الشيخ ثبوت الحدّ على المجنون إذا كان فاعلا كما في باب الزنا(3) .
وقد ورد في باب الزنا رواية أبان بن تغلب قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): إذا زنى المجنون أو المعتوه جلد الحدّ ، وإن كان محصناً رجم ، قلت: وما الفرق بين المجنون والمجنونة والمعتوه والمعتوهة؟ فقال: المرأة إنّما تؤتى والرجل يأتي ، وإنّما يزني إذا عقل كيف يأتي اللّذة ، وأنّ المرأة إنّما تستكره ويفعل بها وهي لا تعقل ما يفعل بها(4) .
والظّاهر أنّ إجراء حكم الزنا في المقام إنّما هو بلحاظ شمول التعليل الواقع في الرواية للمقام ، أو بلحاظ الأولويّة من حيث كون اللواط أقبح وأشدّ تحريماً ، أو


(1) وسائل الشيعة: 18 / 418 ، أبواب حدّ اللواط ب2 ح1 .
(2) المقنعة: 786 .
(3) النهاية: 705 .
(4) وسائل الشيعة: 18 / 388 ، أبواب حدّ الزنا ب21 ح2 .

(الصفحة302)



بلحاظ رواية زرارة ، بناءً على كونها مطابقة لما في الجواهر من كون اللواط حدّه حدّ الزاني(1) ، وحيث كان الحكم ممنوعاً عندنا في باب الزنا كما مرّ الكلام فيه مفصّلا(2) ، فلا يبقى مجال لدعوى ثبوته في المقام .
الفرع الرابع: ما لو لاط صبيّ ببالغ ، حدّ البالغ وأدِّب الصبيّ كما في المتن ، وقد مرّ في باب الزنا أنّ المرأة المحصنة إذا زنى بها الصبيّ لا ترجم(3) ، ويمكن أن يقال بمثله هنا ، خصوصاً مع ملاحظة رواية زرارة بناءً على كونها مطابقة لما في كتب الحديث من كون الملوط حدّه حدّ الزاني ، ولكنّ الظّاهر أنّ المراد هو الحكم بالاتّحاد في الجملة لا مطلقاً .
الفرع الخامس: ما لو لاط الذمّي بمسلم ، وقد حكم فيه بثبوت القتل مطلقاً وإن لم يوقب ، وفي الجواهر: بلا خلاف أجده فيه ، لهتك حرمة الإسلام ، فهو أشدّ من الزنا بالمسلمة ، كما أنّ الحربي أشدّ من الذمّي(4) . مع أنّ الذمّي إذا لم يعمل على طبق شرائط الذمّة يخرج عن هذا العنوان ، ويدخل في الحربي كما لا يخفى  .
الفرع السادس: ما لو لاط ذمّي بذمّي ، وقد حكى في المتن القول بتخيير الحاكم بين إقامة الحدّ عليه ، وبين دفعه إلى أهل ملّته ليقيموا عليه حدّهم ، وقد احتاط إجراء الحدّ عليه لو لم يكن أقوى ، والوجه فيه أنّ قيام الدليل على التخيير في باب الزنا لا يوجب ثبوته في المقام بعد اشتراك الأحكام ، ومنها: الحدود بين المسلم والكافر ، وعدم الاختصاص بالأوّل ، وكون اللواط أشدّ من الزنا ، كما عرفت .


(1) جواهر الكلام: 41/379 .
(2) في ص170 ، الفرع الثاني .
(3) في ص179 ، المورد الثاني .
(4) جواهر الكلام: 41/379 .

(الصفحة303)

مسألة 5: الحاكم مخيّر في القتل بين ضرب عنقه بالسيف أو إلقائه من شاهق ، كجبل ونحوه مشدود اليدين والرجلين ، أو إحراقه بالنار أو رجمه ، وعلى قول أو إلقاء الجدار عليه فاعلا كان أو مفعولا ، ويجوز الجمع بين سائر العقوبات والإحراق بأن يقتل ثمّ يحرق1.


1 ـ في هذه المسألة جهات من البحث:
الاُولى: إنّه هل الحكم في باب اللواط مع الإيقاب مطلق القتل بأيّة كيفيّة تحقّق ، وبأيّة وسيلة حصل ، أو القتل بكيفيّة خاصّة؟ ظاهر رواية حمّاد بن عثمان المتقدّمة الأوّل ; للتعبير فيها بالقتل من دون التقييد بالكيفيّة الخاصّة ، ولكن في مقابلها روايات كثيرة ظاهرة في اعتبار كيفيّة خاصّة ، كصحيحة مالك بن عطيّة المتقدّمة وغيرها ، ومقتضى القاعدة حمل الإطلاق في رواية حمّاد ـ لو كان لها إطلاق ـ على مقتضى تلك الروايات ، كما هو ظاهر .
الثانية: إنّه بعد ثبوت كيفيّة خاصّة يقع البحث في تلك الكيفيّة ، والكلام تارة في الفاعل ، واُخرى في المفعول .
أمّا الأوّل: فمقتضى صحيحة مالك بن عطيّة المتقدّمة الواردة في اللائط الموقب ثبوت ثلاث كيفيّات ، وهي المذكورات في المتن أوّلا . غاية الأمر إلغاء الخصوصيّة من كلمة «الجبل» الواقعة فيها ، وكون ذكرها من باب أنّه من المصاديق الظّاهرة للمكان المرتفع ، نعم الوارد فيها هو تخيير الفاعل ، مع أنّ الفتوى هي تخيير الحاكم ، ويمكن أن يقال بوقوع التخيير في الرواية إرفاقاً لا من باب أنّه هو الحكم الأوّلي .
وأمّا الرجم ، فيدلّ على ثبوته في اللائط رواية السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرّتين لرجم اللوطي(1) .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 420 ، أبواب حدّ اللواط ب3 ح2 .

(الصفحة304)



بناءً على كون المراد باللوطي هو اللائط أو الأعمّ ، وأمّا لو كان المراد به هو الملوط كما يحتمل قويّاً فلا ارتباط لها بالمقام .
وما رواه في محكي الدعائم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، أنّه قال في اللواط: هو ذنب لم يعص الله به إلاّ قوم لوط ، وهي أمّة من الاُمم ، فصنع الله ما ذكر في كتابه من رجمهم بالحجارة ، فارجموهم كما فعل الله ـ عزّ وجل ـ بهم(1) .
والعمدة في إثبات الرجم بعض الروايات المتقدّمة المصرّحة بثبوت الرجم في مورد الإحصان ، فإنّ التقييد بالإحصان وإن لم يكن مفتى به كما مرّ ، إلاّ أنّه لا مجال لرفع اليد عن أصل الرجم المدلول عليه كما لا يخفى ، فلا موقع للمناقشة في ثبوت هذه الكيفيّة في اللائط الموقب .
وأمّا الثاني: فيدلّ على ثبوت الكيفيّات الثلاثة الاُولى فيه أولويّته بالإضافة إلى الفاعل ، وكون عمله أشدّ قبحاً وأعظم حرمة ، فإذا ثبتت تلك الكيفيّات في اللائط مع كونها من أشدّها ، فثبوتها في الملوط بطريق أولى .
وأمّا الروايات الخاصّة الواردة فيه ، فهي طوائف:
الاُولى: مايدلّ على الرجم فيه، وهي رواية السكوني المتقدّمة آنفاً ، ورواية يزيد ابن عبدالملك قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إنّ الرجم على الناكح والمنكوح ذكراً كان أوأنثى إذا كانا محصنين، وهو على الذكر إذا كان منكوحاً أحصن أو لم يحصن(2).
ورواية زرارة المتقدّمة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الملوط حدّه حدّ الزاني .
الثانية: ما يدلّ على القتل مطلقاً ، وهي رواية حمّاد المتقدّمة ، وفي ذيلها قال:


(1) مستدرك الوسائل: 14 / 341 ، أبواب النكاح المحرّم ب15 ح2 .
(2) وسائل الشيعة: 18 / 418 ، أبواب حدّ اللواط ب1 ح8 .

(الصفحة305)



قلت: فما على المؤتى به؟ قال: عليه القتل على كلّ حال ، محصناً كان أو غير محصن(1).
الثالثة: ما يدلّ على الإحراق بالنار ، وهي رواية عبدالله بن ميمون ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كتب خالد إلى أبي بكر: سلام عليك ، أمّا بعد فإنّي أُتيت برجل قامت عليه البيّنة أنّه يؤتى في دبره كما تؤتى المرأة ، فاستشار فيه أبو بكر ، فقالوا: اقتلوه ، فاستشار فيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، فقال: أحرقه بالنار فإنّ العرب لا ترى القتل شيئاً ، الحديث(2) .
ومقتضى الجمع هو حمل ما دلّ على القتل مطلقاً على مقتضى الطائفتين الآخرتين ، ورفع اليد عن ظهور كلّ طائفة منهما في التعيّن ، كما لا يخفى .
وأمّا إلقاء الجدار الذي هي الكيفيّة الخامسة فلا يكون له مستند ، نعم هو مذكور في فقه الرضا (عليه السلام) مع الهدمة والضرب بالسيف(3) ، ولكنّه لم تثبت حجّيته ، وأمّا الفتاوى ، فالمذكور في أكثر كتب القدماء هو ثبوته في عداد سائر الكيفيّات(4) ، ورفع اليد عنها مشكل ، خصوصاً مع ملاحظة كونها من الكتب المعدّة لنقل الفتاوى المأثورة عن العترة الطاهرة (عليهم السلام) بعين الألفاظ الصادرة عنهم .
بقي الكلام في هذه المسألة في جواز الجمع بين سائر العقوبات والإحراق بالنار بأن يقتل ثمّ يحرق ، والمستند في هذا الحكم صحيحة عبدالرحمن العرزمي ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه (عليهما السلام) قال: أُتي عمر برجل قد نكح في دبره فهمّ أن يجلده ، فقال للشهود: رأيتموه يدخله كما يدخل الميل في المكحلة؟ قالوا: نعم ، فقال لعليّ (عليه السلام):


(1) وسائل الشيعة: 18 / 417 ، أبواب حدّ اللواط ب1 ح4 .
(2) وسائل الشيعة: 18 / 421 ، أبواب حدّ اللواط ب3 ح9 .
(3) فقه الرضا(عليه السلام): 277 .
(4) المقنع: 430 ، النهاية: 704 ، الكافي في الفقه: 408 ، المراسم: 254 ، الإنتصار: 510 ، المقنعة: 786 .

(الصفحة306)

مسألة 6: إذا لم يكن الإتيان إيقاباً ، كالتفخيذ ، أو بين الأليتين فحدّه مائة جلدة ، من غير فرق بين المحصن وغيره ، والكافر والمسلم إذا لم يكن الفاعل كافراً والمفعول مسلماً ، وإلاّ قتل كما مرّ ، ولو تكرّر منه الفعل وتخلّله الحدّ


ما ترى في هذا؟ فطلب الفحل الذي نكح فلم يجده ، فقال عليّ (عليه السلام): أرى فيه أن تضرب عنقه ، قال: فأمر فضربت عنقه ، ثمّ قال: خذوه ، فقد بقيت له عقوبة اُخرى ، قال: وما هي؟ قال: اُدع بطُنّ من حطب ، فدعا بطنّ من حطب فلفّ فيه ثمّ أحرقه بالنار(1) . وأورد في الوسائل بعد هذه الرواية رواية اُخرى متّحدة مع هذه الرواية من دون اختلاف بينهما إلاّ في بعض التعبيرات .
والكلام في هذه الرواية إمّا من جهة كون مفادها الجواز ، كما هو ظاهر المتن تبعاً للشرائع(2) ، أو اللزوم كما هو ظاهرها ، وأفتى على طبقه بعض(3) ، فالظاهر أنّ الأمر بأخذهوالتعبير ببقاء عقوبة اُخرى يستفاد منه اللزوم ، ولكن عدم التعرّض لهذا الأمر في غير هذه الرواية من الروايات الكثيرة المتقدّمة الواردة في حدّ اللواط ، الساكتة عن هذه الجهة يستكشف منه عدم اللزوم ، فتحمل هذه الرواية على الجواز والمشروعيّة .
ثمّ إنّ الرواية واردة في المفعول ، ولا دليل على إلغاء الخصوصيّة بعد احتمال كون الجمع مختصّاً به ; لأنّ عمله أقبح من عمل الفاعل ، كما أنّ مقتضى الرواية الجمع بين ضرب العنق وبين الإحراق بالنار ، فالحكم بالجمع بين جميع الكيفيّات وبينه مبنيّ على إلغاء الخصوصيّة من هذه الجهة ، وليست دعواه ببعيدة أصلا .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 420 ، أبواب حدّ اللواط ب3 ح3 ، والطنّ: حزمة القصب ، الصحاح .
(2) شرائع الإسلام: 4/942 .
(3) مباني تكملة المنهاج: 1/234 .

(الصفحة307)

قتل في الرابعة ، وقيل: في الثالثة ، والأوّل أشبه1.


1 ـ في المسألة أقوال ثلاثة:
الأوّل: ما في المتن ، وهو على ما في الجواهر محكيّ عن الحسن(1) والمفيد(2)والسيّد(3) وسلاّر(4) والحلبي(5) وابني زهرة(6) وإدريس(7) ، بل في المسالك هو المشهور ، وعليه سائر المتأخّرين(8) ، بل عن صريح الانتصار(9) وظاهر الغنية(10)الإجماع عليه(11) .
الثاني: ما اختاره الشيخ(قدس سره) في أكثر كتبه ، كالنهاية والخلاف ، وعن المبسوط والتهذيب والاستبصار من ثبوت الرجم إن كان محصناً ، والجلد إن لم يكن(12) ، وتبعه القاضي(13) وجماعة(14) على ما في المسالك(15) ، وظاهر هذا القول أنّه لا فرق


(1) حكى عنه في مختلف الشيعة: 9/189 .
(2) المقنعة: 785 .
(3) الإنتصار: 510 .
(4) المراسم: 255 .
(5) الكافي في الفقه: 408 .
(6) غنية النزوع: 425 .
(7) السرائر: 3/458 .
(8) مسالك الأفهام: 14/408 .
(9) الإنتصار: 511 .
(10) غُنية النزوع: 426 .
(11) جواهر الكلام: 41/382 .
(12) النهاية: 704 ، الخلاف: 5/381 مسألة 22 ، المبسوط: 8/7 ، التهذيب: 10/55 ـ 56 ، الإستبصار: 4/221 .
(13) المهذّب: 2/530 .
(14) منهم ابن حمزة في الوسيلة: 413 ـ 414 .
(15) مسالك الأفهام: 14/408 .

(الصفحة308)



بين الفاعل والمفعول في كلا طرفي التفصيل كما في سائر الأقوال .
الثالث: ما عن الصدوقين(1) والإسكافي(2) من ثبوت القتل مطلقاً .
ويدلّ على الأوّل صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إنّ في كتاب عليّ (عليه السلام) إذا أُخذ الرجل مع غلام في لحاف مجرّدين ضرب الرجل وأدّب الغلام ، وإن كان ثقب وكان محصناً رجم(3) . بتقريب أنّ المراد بالضرب هو الجلد مائة ، بقرينة التعبير بالتأديب في الغلام الظاهر في التعزير الذي هو أقلّ من الحدّ ، ولا مجال لدعوى كون الضرب قرينة على كون المراد بالتأديب هو التأديب بغير الضرب ، خصوصاً مع كون التعزير في الروايات إنّما هو بالضرب ، ويؤيّد كون المراد بالضرب هو الجلد مائة مقابلته مع الرجم في الشرطيّة الثانية .
والمراد من الشرط في الشرطيّة الاُولى إمّا خصوص اللواط غير الإيقابي ، كما هو ظاهر إجتماع الرجل مع الغلام مجرّدين في لحاف واحد ، وإمّا الأعمّ منه ومن مجرّد الاجتماع وإن لم يكن هناك لمس أصلا ، وعلى كلا التقديرين يصحّ الاستدلال كما لا يخفى .
ويدلّ عليه أيضاً رواية سليمان بن هلال قال: سأل بعض أصحابنا أبا عبدالله (عليه السلام)فقال: جعلت فداك الرجل ينام مع الرجل في لحاف واحد ، فقال: ذوا محرم؟ فقال: لا ، قال: من ضرورة؟ قال: لا ، قال: يضربان ثلاثين سوطاً ، ثلاثين سوطاً ، قال: فإنّه فعل . قال: إن كان دون الثقب فالحدّ ، وإن هو ثقب أقيم قائماً ثمّ ضرب ضربة بالسيف أخذ السيف منه ما أخذه ، قال: فقلت له: فهو القتل؟ قال: هو ذاك ،


(1) مختلف الشيعة: 9/189 ـ 190 عن عليّ بن بابويه ، المقنع: 430 .
(2) حكى عنه في مختلف الشيعة: 9/190 .
(3) وسائل الشيعة: 18 / 421 ، أبواب حدّ اللواط ب3 ح7 .

(الصفحة309)



الحديث(1) . والظّاهر أنّ المراد من الحدّ فيه هو الجلد مائة ، وفي بعض الكتب الجلد بدل الحدّ(2) ، وضعف السند منجبر بفتوى المشهور على طبقها .
ويدلّ على القول الثاني أمران:
الأوّل: مرفوعة أبي يحيى الواسطي قال: سألته عن رجلين يتفاخذان؟ قال: حدّهما حدّ الزاني ، فإن أدعم أحدهما على صاحبه ضرب الدّاعم ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت وتركت ما تركت يريد بها مقتله ، والدّاعم عليه يحرق بالنار(3) . نظراً إلى ثبوت التفصيل في حدّ الزاني كما مرّ .
ويردّه ضعف سند الرواية ، مضافاً إلى كونها مخالفة للشهرة المحقّقة .
الثاني: ما في الجواهر من أنّه مقتضى الجمع بين الروايات المشتملة على أنّ حدّه حدّ الزاني ، وبين ما دلّ على قتله ، بحمل الأوّل على غير الموقب ، والثاني على الموقب ، وعن المختلف نفي البأس فيه(4) .
وأورد عليه تارة بما في الجواهر من أنّه فرع التكافؤ المفقود من وجوه ، وأُخرى بكونه خلاف ظاهر الطائفة الاُولى .
ويمكن الإيراد عليه بأنّ ما يدلّ على القتل إمّا دالّ على الفرق بين الفاعل والمفعول من جهة الإحصان وعدمه ، كروايتي حمّاد بن عثمان ويزيد بن عبدالملك المتقدّمتين(5) ، وإمّا وارد في مورد الإيقاب ، كما في صحيحة مالك بن عطيّة


(1) وسائل الشيعة: 18 / 367 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح21 .
(2) وسائل الشيعة: 18 / 416 ، أبواب حدّ اللواط ب1 ح2 .
(3) وسائل الشيعة: 18 / 421 ، أبواب حدّ اللواط ب3 ح6 .
(4) مختلف الشيعة: 9/190 ، جواهر الكلام: 41/383 .
(5) في ص296 و297 .

(الصفحة310)



المتقدّمة(1) أيضاً ، فلا مجال للتفصيل بالنحو الذي اختاره الشيخ(قدس سره) .
ويدلّ على القول الثالث رواية حذيفة بن منصور قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن اللواط؟ فقال: ما بين الفخذين ، وسألته عن الذي يوقب؟ فقال: ذاك الكفر بما أنزل الله على نبيّه(صلى الله عليه وآله)(2) . ومثلها رواية الكسوني ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : اللواط ما دون الدبر ، والدبر هو الكفر(3) .
وصحيحة الحسين بن سعيد قال: قرأت بخطّ رجل أعرفه إلى أبي الحسن (عليه السلام) ، وقرأت جواب أبي الحسن (عليه السلام) بخطّه: هل على رجل لعب بغلام بين فخذيه حدّ؟ فإنّ بعض العصابة روى أنّه لا بأس بلعب الرجل بالغلام بين فخذيه؟ فكتب: لعنة الله على من فعل ذلك ، وكتب أيضاً هذا الرجل ولم أر الجواب: ما حدّ رجلين نكح أحدهما الآخر طوعاً بين فخذيه ، ما توبته؟ فكتب: القتل ، الحديث(4) .
والجواب أمّا عن الأوّلين ـ فمضافاً إلى أنّ التعبير بالكفر ليس على نحو الحقيقة ، بحيث يترتّب عليه آثار الارتداد ، فلابدّ من الحمل على المستحلّ أو على المبالغة كما في الجواهر(5) ـ أنّه لم يدلّ دليل على ثبوت القتل في اللواط مطلقاً حتّى ينقّح موضوعه بما في الروايتين .
وأمّا عن الأخير ، بأنّ الرجل غير معروف لنا ، والراوي لم ير الجواب الثاني ، فلا مجال للاعتماد على الرواية .


(1) في ص287 .
(2) وسائل الشيعة: 14 / 257 ، أبواب النكاح المحرّم ب20 ح3 .
(3) وسائل الشيعة: 14 / 257 ، أبواب النكاح المحرّم ب20 ح2 .
(4) وسائل الشيعة: 18 / 417 ، أبواب حدّ اللواط ب1 ح5 .
(5) جواهر الكلام: 41/383 .

(الصفحة311)



فانقدح من جميع ما ذكرنا ، أنّ الأقوى هو القول الأوّل كما في المتن .
بقي الكلام في المسألة فيما لو تكرّر منه الفعل مع تخلّل الحدّ ، وأنّه هل يقتل في الثالثة أو في الرابعة كما في باب الزنا على ما تقدّم ، ومنشأ الإشكال في المقام وجود رواية تدلّ بالعموم على كون القتل في الثالثة، وهي صحيحة يونس ، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال: أصحاب الكبائر كلّها إذا اقيم عليهم الحدّ مرّتين قتلوا في الثالثة(1) .
وقد رواها المشايخ الثلاثة(2) ، ومقتضاها ثبوت الحكم في اللواط أيضاً ، وقيام الدليل على ثبوت القتل في الرابعة في باب الزنا لا يوجب اشتراك اللواط معه ، خصوصاً مع كونه أقبح وأشدّ تحريماً منه ، ولكن حكي عن غير واحد الإجماع على عدم الفرق بينهما(3) ، وعن الغنية الإجماع في خصوص المقام على كون القتل في الرابعة(4) ، وهما بضميمة بعض الروايات المتقدّمة الدالّة على أنّ الملوط حدّه حدّ الزاني كرواية زرارة(5) . أو أنّ حدّ اللوطي مثل حدّ الزاني(6) يصلحان لتخصيص رواية يونس ; لأنّ التشبيه في الروايتين عامّ وإن كانت الثانية مذيّلة بقوله: «إن كان قد أحصن رجم وإلاّ جلد» لكنّه لا دلالة له على كون التشبيه في خصوص هذه الجهة ، خصوصاً بعد إطلاق الحكم أي القتل في الملوط ، وعدم اختصاصه بصورة الإحصان ، فالأحوط ـ لو لم يكن أقوى ـ ما ذكر .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 313 ، أبواب مقدّمات الحدود ب5 ح1 .
(2) الكافي 7/191 ح2 ، من لا يحضره الفقيه: 4/72 ح5138 ، التهذيب: 10/95 ـ 96 ح369 ، الإستبصار: 4/212 ح790 .
(3) رياض المسائل: 10/97 .
(4) غنية النزوع: 426 .
(5) تقدّمت في ص296 .
(6) تقدّمت في ص297 .

(الصفحة312)

مسألة 7: المجتمعان تحت إزار واحد يعزّران إذا كانا مجرّدين ولم يكن بينهما رحم ولا تقتضي ذلك ضرورة ، والتعزير بنظر الحاكم ، والأحوط في المقام الحدّ إلاّ سوطاً ، وكذا يعزّر من قبَّل غلاماً بشهوة ، بل أو رجلا أو امرأة صغيرة أو كبيرة1.


1 ـ المراد بالمجتمعين هو الرجلان المجتمعان ; لأنّ البحث في اجتماع الرجل والمرأة كذلك قد تقدّم في باب الزنا ، والبحث في اجتماع المرأتين كذلك سيأتي في باب المساحقة ، فالمراد خصوص الرجلين ، وفيه أقوال:
أحدها: ما عن الشيخ في النهاية(1) وابن إدريس في السرائر(2) وأكثر المتأخّرين(3) من كون التعزير فيه من ثلاثين سوطاً إلى تسعة وتسعين سوطاً ; لأنّه مقتضى الجمع بين روايتين:
إحداهما: رواية سليمان بن هلال قال: سأل بعض أصحابنا أبا عبدالله (عليه السلام) فقال: جعلت فداك الرجل ينام مع الرجل في لحاف واحد ، فقال: ذوا محرم؟ فقال: لا ، قال: من ضرورة؟ قال: لا ، قال: يضربان ثلاثين سوطاً ثلاثين سوطاً ، الحديث(4) .
ثانيتهما: صحيحة ابن سنان ـ يعني عبدالله ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجلين يوجدان في لحاف واحد ، قال: يجلدان غير سوط واحد(5) .


(1) النهاية: 705 .
(2) السرائر: 3/460 .
(3) إرشاد الأذهان: 2/175 ، اللّمعة الدمشقية: 167 ، التنقيح الرائع: 4/352 ، المهذّب: 2/531 .
(4) وسائل الشيعة: 18 / 367 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح21 .
(5) وسائل الشيعة: 18 / 367 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح18 .

(الصفحة313)



نظراً إلى أنّ الجمع يقتضي حمل الاُولى على بيان الحدّ الأقلّ ، والثانية على بيان الحدّ الأكثر ، والاختيار بنظر الحاكم في الحدّين وما بينهما .
ولكن حيث إنّ الرواية الاُولى ضعيفة ، ولا تكون في البين شهرة جابرة ; لكون الشهرة الموجودة إنّما هى بين المتأخّرين ، فلا مجال لهذا القول ، وأمّا الرواية الثانية فالظّاهر كونها صحيحة ، وإن كان ظاهر الجواهر كونها ضعيفة أيضاً(1) ، ولعلّه لتردّد ابن سنان بين محمّد وعبدالله ، مع أنّه قد صرّح في السند كما في الوسائل بكونه هو عبدالله الذي هو ثقة .
ثانيها: ما عن الصدوق في المقنع(2) وأبي عليّ(3) من ثبوت الحدّ مائة سوط ، ويدلّ عليه روايات مستفيضة ، مثل:
صحيحة أبي عبيدة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان عليّ (عليه السلام) إذا وجد رجلين في لحاف واحد مجرّدين جلدهما حدّ الزاني ، مائة جلدة كلّ واحد منهما ، وكذلك المرأتان إذا وجدتا في لحاف واحد مجرّدتين جلدهما كلّ واحدة منهما مائة جلدة(4) .
وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: حدّ الجلد أن يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان يجلدان إذا وجدا في لحاف واحد الحدّ ، والمرأتان تجلدان إذا اُخذتا في لحاف واحد الحدّ(5) . وإضافة الحدّ إلى الجلد ليست بيانيّة; لعدم كون المراد بالحد هو الحدّ المعروف في باب الحدود ; لعدم إستقامة الكلام حينئذ وعدم


(1) جواهر الكلام: 41/384 .
(2) المقنع: 433 .
(3) حكى عنه في مختلف الشيعة: 9/193 مسألة50 .
(4) وسائل الشيعة: 18 / 366 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح15 .
(5) وسائل الشيعة: 18 / 363 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح1 .

(الصفحة314)



صحّة الحمل ، بل المراد به هو المنتهى ، وضمير التثنية في «يوجدا» يرجع إلى الرجل والمرأة; لوقوع الفرضين الآخرين في مقابله كما هو ظاهر .
وصحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال سمعته يقول: حدّ الجلد في الزنا أن يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان يوجدان في لحاف واحد ، والمرأتان توجدان فى لحاف واحد(1) .
وصحيحة عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال سمعته يقول: حدّ الجلد في الزنا أن يوجدا في لحاف واحد ، والرجلان يوجدان في لحاف واحد ، والمرأتان توجدان في لحاف واحد(2) . وقد جعلها في الوسائل روايتين مع وضوح كونها رواية واحدة .
وصحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: كان عليّ (عليه السلام)إذا وجد الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحدّ ، فإذا أخذ المرأتين في لحاف واحد ضربهما الحدّ(3) .
وذيل صحيحة حسين بن سعيد المتقدّمة: وما حدّ رجلين وجدا نائمين في ثوب واحد؟ فكتب: مائة سوط(4) .
وفي مقابل هذه الروايات روايات تدلّ على الأقلّ من المائة ، أو على تعيين المائة إلاّ سوطاً ، مثل:
صحيحة عبدالله بن سنان المتقدّمة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجلين يوجدان في لحاف واحد؟ قال: يجلدان غير سوط واحد .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 363 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح4 .
(2) وسائل الشيعة: 18 / 368 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح22 ، 23 .
(3 ، 4) وسائل الشيعة: 18 / 365 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح6 و5 .

(الصفحة315)



وصحيحة معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): المرأتان تنامان في ثوب واحد ، فقال: تضربان ، فقلت: حدّاً؟ قال: لا ، قلت: الرجلان ينامان في ثوب واحد ، قال: يضربان ، قال: قلت: الحدّ؟ قال: لا(1) . وليس المراد بقوله: حدّاً هو السؤال عن الكيفيّة بعد الفراغ عن كون الضرب مائة ، وأنّه هل هو على سبيل التعزير أو الحدّ ، وإن كان يؤيّده الاقتصار على الضرب في مقام الجواب عن السؤال كما لا يخفى ، بل المراد هو السؤال عن الكميّة كما هو ظاهر .
وربّما يجمع بين الطائفتين بالحمل على التخيير ، كما أنّه ربّما تحمل روايات المائة على التقيّة ، استناداً إلى صحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج قال: كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) فدخل عليه عباد البصري ومعه اُناس من أصحابه ، فقال له: حدِّثني عن الرجلين إذا اُخذا في لحاف واحد ، فقال له: كان عليّ (عليه السلام) إذا أخذ الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحدّ ، فقال له عباد: إنّك قلت لي: غير سوط ، فأعاد عليه ذكر الحديث (الحدّ خ ل) حتّى أعاد ذلك مراراً فقال: غير سوط ، فكتب القوم الحضور عند ذلك ، الحديث(2) .
نظراً إلى دلالتها على أنّ الإمام (عليه السلام) كان ممتنعاً عن بيان أنّ الجلد أقل من المائة بسوط ، ولعلّه لأجل من كان مع عبّاد من أصحابه ، حيث إنّه كان من علماء العامّة وبعد إصراره التجأ الإمام (عليه السلام) إلى بيان الحكم الواقعي ، فهذه الصحيحة شاهدة على حمل روايات المائة على التقيّة وإن كانت مستفيضة .
ويرد على هذا الحمل ـ مضافاً إلى أنّ الظّاهر كون فتاوى العامّة التعزير ، كما


(1) وسائل الشيعة: 18 / 367 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح16 .
(2) وسائل الشيعة: 18 / 363 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح2 .

(الصفحة316)



يظهر من كتاب الخلاف للشيخ الطوسي(قدس سره)(1) ـ أنّ الظاهر كون الحكم الواقعي في الرواية هو الحكم المذكور أوّلا ; لإسناده إلى فعل عليّ (عليه السلام) ، وأنّ عمله المستمرّ كان هو ضرب الحدّ ، ومن الواضح أنّه لا مجال للتقيّة بهذه الصورة بعد تحقّقها بنفس بيان الحكم من غير إسناد ، وبعد إصرار عبّاد وتكراره السؤال التجأ إلى بيان ما هو موافق لمذهبه ، ولعلّه لأجل أنّ عبّاد نقل ما سمعه منه (عليه السلام) قبلا من استثناء سوط واحد على أصحابه ، فاتّفق في المجلس الذي كان معه اُناس منهم خلاف ذلك ، ومن الواضح أنّ مثل ذلك كان ثقيلا عليه موجباً لوقوعه في معرض اتّهام الكذب في نقل الحديث والرواية ، فصار ذلك موجباً لإصراره عليه حتّى التجأ الإمام إلى بيان الحكم على طبق ما سمعه منه قبلا من الاستثناء المذكور ليخرج من هذا الاتّهام .
فالإنصاف دلالة الصحيحة بعد التأمّل فيها على كون الحكم الواقعي هو المائة دون الأقلّ .
وأمّا الحمل على التخيير فلا وجه له أصلا ، سواء كان المراد منه هو التخيير الاُصولي الذي مرجعه إلى أنّه يكون المجتهد مخيّراً في الأخذ بأحد الطرفين ، أو التخيير الفقهي الذي معناه كون الحكم هو التخيير بين المائة وبين الأقلّ ، كما في سائر الأحكام التخييريّة ، أمّا الثاني فواضح ، وأمّا الأوّل فلأنّه لا تصل النوبة إلى التخيير بعد ثبوت المرجّح من موافقة المشهور أو مخالفة العامّة ، كما هو واضح .
كما أنّه لا مجال لما حكي عن الشيخ(قدس سره) من حمل روايات المائة على ما إذا تكرّر منهما الفعل وتخلّل التعزير(2); لعدم الشاهد عليه أصلا ، بعد اتّحاد التعبير في كلتا


(1) الخلاف: 5/374 مسألة 9 ، المجموع: 21/316 .
(2) التهذيب: 10/44 ، الإستبصار: 4/216 .

(الصفحة317)



الطائفتين ، كما لا يخفى .
والتحقيق أن يقال: بأنّ المشهور قد أعرضوا عن روايات المائة ، ولم يفت على طبقها سوى الصدوق(1) وأبي عليّ(2) ، وأمّا روايات المائة إلاّ سوطاً فهي موافقة للمشهور ، لاعتنائهم بها ، وجعلهم العدد بعنوان الحدّ الأكثر حتّى المفيد(3)وابن زهرة(4) القائلين بأنّ التعزير هنا من عشرة إلى تسعة وتسعين سوطاً ، بحسب ما يراه الحاكم من مثلهما في الحال ، وبحسب التهمة لهما والظنّ بهما ، فإنّه وإن قال في الجواهر: بأنّه لم أقف له ـ أي لهذا القول ـ على دليل(5) إلاّ أنّ عدم وقوفه عليه إنّما هو بلحاظ الحدّ الأقلّ ، وإلاّ فبالنسبة إلى الأكثر فهو موافق للمشهور ، ويكفي هذا المقدار من الموافقة للشهرة الفتوائيّة في لزوم الأخذ بالرواية الموافقة ، وإن كان ظهورها في تعيّن تسعة وتسعين غير مفتى به لهم ; لوجود مثل رواية سليمان بن هلال المتقدّمة ، التي يكون مقتضى الجمع بينها وبين هذه الروايات هو الحمل على بيان الحدّين .
وحيث لا تكون رواية سليمان معتبرة لضعفها وعدم الجابر كما عرفت ، فلا مانع من الأخذ بهذه الروايات ، والحكم بلزوم الحدّ غير السوط ، ومع وجود الشهرة التي هي أوّل المرجّحات لا تصل النوبة إلى مخالفة العامّة ، فالإنصاف أنّ الحكم بذلك لو لم يكن أقوى يكون مقتضى الاحتياط الوجوبي كما هو ظاهر المتن ، فتدبّر .


(1) المقنع: 433 .
(2) حكى عنه في مختلف الشيعة: 9/193 .
(3) المقنعة: 785 .
(4) غنية النزوع: 435 .
(5) جواهر الكلام: 41/385 .

(الصفحة318)



بقي الكلام في القيود الثلاثة المأخوذة في موضوع هذا الحكم المذكورة في المتن ، أمّا قيد عدم الضرورة ، فمدخليّته واضحة لا حاجة في إثباته إلى دليل ; لوضوح كون الإجتماع مع الضرورة غير محرّم ، ولا مجال لترتّب الحدّ أو التعزير عليه .
وأمّا قيد التجرّد ، فقد ذكر في الرياض: أنّه لا وجه لاعتباره أصلا ، نظراً إلى أنّه يتحقّق التحريم بالاجتماع الذي هو مناط التعزير من دون التجرّد ، قال: ولعلّه لذا خلى أكثر النصوص من اعتباره(1) .
ويرد عليه أوّلا منع كون مجرّد الاجتماع محرّماً مطلقاً ولو لم يكن تجرّد ، خصوصاً مع الائتمان وعدم الريبة والإتّهام ، وثانياً أنّه ليس الكلام في تشخيص موضوع التحريم ، وأنّه هل يكون قيد التجرّد له دخل فيه أم لا ؟ بل الكلام في تشخيص موضوع التعزير الخاصّ المبحوث عنه في المقام ، وبعبارة اُخرى لو كان البحث في تشخيص موضوع التعزير المطلق ، لكان لما ذكره وجه ، وأمّا مع كون البحث في التعزير الخاصّ فلا مجال لذلك ; لأنّه من المحتمل أن يكون مطلق الاجتماع محرّماً موجباً للتعزير ، وأمّا التعزير الخاصّ فيكون مترتّباً على الاجتماع بقيد التجرّد ، وبهذا البيان يناقش في أكثر الكلمات المذكورة في هذا المقام .
نعم ، لابدّ من إقامة الدليل على المدخليّة ، فنقول: ـ مضافاً إلى أنّ مناسبة الحكم والموضوع تقتضي ذلك ; لأنّ ثبوت المائة في اللواط غير الإيقابي ، وثبوتها باستثناء واحد في الاجتماع يناسب مع كون المراد منه هو الاجتماع الذي لا يكون بينه وبين اللواط فصل كما لا يخفى ، وإلى أنّه قد عبّر في صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة بالنوم ، وقد ادّعي أنّ الغالب في تلك الأعصار هو التجرّد حال النوم ـ يدلّ


(1) رياض المسائل: 10/97 ـ 98 .

(الصفحة319)



على المدخليّة صحيحة أبي عبيدة المتقدّمة ، حيث قال (عليه السلام): كان عليّ (عليه السلام) إذا وجد رجلين في لحاف واحد مجرّدين جلدهما حدّ الزاني مائة جلدة كلّ واحد منهما(1) . فإنّها ظاهرة في اعتبار التجرّد .
ولكن هنا شبهتان:
إحداهما: أنّ هذه الصحيحة من جملة روايات المائة ، وقد مرّ عدم اعتبارها في مقابل الطائفة الدالّة على الأقلّ ، فمع عدم الأخذ بها لا مجال للاعتناء بالقيد المذكور فيها .
ويدفعها: أنّه يستفاد من الصحيحة الدالّة على قصّة عباد المتقدّمة أنّ الموضوع في هذه المسألة التي يتردّد حكمها بين المائة وبينها مع الاستثناء واحد ، وأنّه ليس هنا موضوعان ، فإذا كانت صحيحة أبي عبيدة ظاهرة في مدخليّة قيد التجرّد فلا مجال لرفع اليد عن هذا الظهور ، وإن كان الحكم بالمائة غير مأخوذ به في مقام المعارضة وثبوت الرجحان للطرف المقابل .
ثانيتهما: أنّ حمل المطلق على المقيّد إنّما هو فيما إذا ثبت وحدة الحكم ، ولم يحرز في المقام ذلك ، إذ من الممكن حرمة الاجتماع مطلقاً ، وحرمة اجتماع المجرّدين أيضاً ، غاية الأمر شدّتها في الثاني .
ويدفعها ـ مضافاً إلى ما مرّ من أنّه ليس البحث في موضوع التعزير المطلق ، بل في موضوع التعزير الخاصّ ، والروايات كلّها واردة في هذه الجهة ـ أنّه يستفاد من الصحيحة الواردة في قصّة عبّاد وحدة الموضوع وتردّد حكمها بين الأمرين كما قلنا ، فلا موقع لهذه الشبهة أيضاً ، فالإنصاف مدخليّة هذا القيد .


(1) وسائل الشيعة: 18 / 366 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح15 .

(الصفحة320)



وأمّا قيد عدم ثبوت الرحمية بينهما ، فالدليل الوحيد عليه هي رواية سليمان بن هلال ، المشتملة على قوله (عليه السلام) ذوا محرم؟ وجواب السائل بقوله: لا(1) الظّاهرة في اعتبار هذا القيد أيضاً .
ولكن يرد عليه ـ مضافاً إلى ما مرّ من ضعف سند الرواية وعدم اعتبارها ـ أنّه لم يعلم المراد بهذا القول ، وأنّه هل المراد هي الرحمية ، أو أنّ المراد كونهما محرمين؟ بمعنى أنّه لوفرض كون واحد منهما مؤنّثاً لكان محرماً على الآخر ، وبين الأمرين اختلاف .
وممّا ذكرنا يمكن الإيراد على المتن بأنّه إن كانت رواية سليمان معتبرة فلِمَ لم يؤخذ بمفادها من جهة الثلاثين أصلا . كما قال به مشهور المتأخّرين على ما مرّ ، وإن لم تكن معتبرة فلِمَ أخذ بالقيد المذكور فيها ، فتدبّر .

تتمّة
حكم في المتن بثبوت التعزير المطلق في رجل قبّل بشهوة غلاماً أو رجلاً أو  امرأة ، صغيرة ، أو كبيرة ، وقيّده في الشرائع في مورد الغلام الذي تعرّض له خاصّة بعدم كونه محرماً(2) ، وأورد عليه في الجواهر بأنّه لا فرق بين المحرم وغيره في ذلك ، بل لعلّه في المحرم آكد(3) ، وكيف كان ، فيدلّ على ثبوت التعزير هنا وضوح حرمة العمل المقتضية للتعزير ، كما يدلّ عليه ـ مضافاً إلى ما في الجواهر من أنّه لا خلاف أجده فيه(4) ـ الروايات المتعدّدة التي ورد فيها ، مثل هذه التعبيرات: من


(1) وسائل الشيعة: 18 / 367 ، أبواب حدّ الزنا ب10 ح21 .
(2) شرائع الإسلام: 4/942 .
(3، 4) جواهر الكلام: 41/386 .
<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>