( الصفحه 217 )
للفريضة السابقة بعد فرض عدم إدراك ركعة منها واختصاص مقدار أربع ركعات بصلاة العصر ، والمفروض انّ الإتيان بصلاة الظهر يوجب عدم وقوع ركعة من العصر في وقتها أيضاً فلا محيص من تقديم العصر بمقتضى اختصاص الوقت وسقوط شرطية الترتيب في الوقت الاختصاصي وهكذا بالنسبة إلى المغرب والعشاء .
ثمّ إنّه بعد الإتيان بالفريضة اللاّحقة لو لم يبق من الوقت مقدار ركعة كما كان اعتقاده كذلك لا يجب عليه الإتيان بالسابقة ، بل اللاّزم الإتيان بها قضاء بعد خروج الوقت ، وامّا لو انكشف بقاء مقدار ركعة على خلاف ما اعتقده حين الشروع في اللاّحقة فاللاّزم المبادرة إلى الإتيان بالسابقة وإن فات الترتيب لأنّك عرفت انّ الترتيب إنّما يكون معتبراً في اللاّحقة والمفروض سقوط اعتباره بسبب اعتقاد عدم بقاء الوقت بحيث يدرك ركعة من السابقة فهي واقعة صحيحة وإن كانت فاقدة للترتيب فلم يبق إلاّ بقاء مقدار ركعة من الوقت موجب لإمكان إدراك الجميع بمقتضى القاعدة واختصاص آخر الوقت بالعصر إنّما يؤثّر في البطلان مع عدم الإتيان بها صحيحة والمفروض كذلك ، واعتقاد عدم بقاء الوقت بمقدار ركعة من السابقة مع كون الواقع كذلك لا يوجب الخلل في صحّة اللاّحقة فهو في هذا الظرف قد أتى بها صحيحة والوقت باق بمقدار ركعة فلابدّ من صرفه في السابقة بمقتضى القاعدة فهو كمن صلّى العصر بتخيّل انّه صلّى الظهر في أواسط الوقت مثلاً ثمّ انكشف له عدم الإتيان بها وقد بقى من الوقت مقدار ركعة فإنّه لا محيص عن المبادرة إلى الإتيان بالظهر والظاهر بمقتضى ما ذكرنا نيّة الاداء لأنّ مفاد القاعدة في موارد جريانها توسعة الوقت وكون الصلاة متّصفة بوصف الاداء حقيقة ، نعم الأحوط عدم نيّة الاداء والقضاء كما في المتن .
( الصفحه 218 )
مسألة 10 ـ يجوز العدول من اللاحقة إلى السابقة بخلاف العكس فلو دخل في الظهر أو المغرب فتبيّن في الأثناء انّه صلاّهما لا يجوز العدول إلى اللاّحقة بخلاف ما إذا دخل في الثانية بتخيّل انّه صلّى الاُولى فتبيّن في الأثناء خلافه فإنّه يعدل إلى الاُولى إذا بقى محلّ العدول كما تقدّم 1 .
1 ـ امّا جواز العدول من اللاّحقة إلى السابقة فقد تقدّم وجهه في المسألة الثامنة مفصّلاً فراجع ، وامّا عدم جواز العدول من السابقة إلى اللاّحقة في المثالين المذكورين في المتنز; فلأنّ العدول إنّما هو على خلاف القاعدة; لأنّ مرجعه إلى جعل الأجزاء المأتي بها بنيّة المعدول عنه أجزاء للمعدول إليه وكيف يمكن أن يؤثّر الشيء الحادث فيما يكون ثابتاً قبل حدوثه فجواز العدول يحتاج إلى تعبّد خاص ولو لم يكن اخبار العدول لما قلنا به في مورد أصلاً ، ومن المعلوم انّ مورد اخبار العدول هو العدول من اللاحقة إلى السابقة ولابدّ في الحكم المخالف للقاعدة من الاقتصار على خصوص مورده الذي هو القدر المتيقّن ولا وجه للتعميم والتسرية إلى غيره كما لايخفى .
( الصفحه 219 )
مسألة 11 ـ لو كان مسافراً وبقي من الوقت مقدار أربع ركعات فشرع في الظهر ـ مثلاً ـ ثمّ نوى الإقامة في الأثناء بطلت صلاته ولا يجوز له العدول إلى اللاّحقة فيقطعها ويشرع فيها . كما انّه إذا كان في الفرض ناوياً للإقامة فشرع في اللاّحقة ثمّ عدل عن نيّة الإقامة يكون العدول إلى الاُولى مشكلاً 1 .
1 ـ في هذه المسألة فرضان :
الأوّل : ما إذا كان مسافراً وبقي من الوقت مقدار أربع ركعات في الظهرين فشرع في الصلاة بنيّة الظهر ثمّ نوى الإقامة قبل إتمامها وقد حكم في المتن ببطلان صلاته وعدم جواز العدول إلى اللاّحقة أيضاً .
امّا البطلان فلأنّه مع نيّة الإقامة تكون وظيفته الصلاة إتماماً ومعه يكون الوقت الاختصاصي للعصر هو مقدار أربع ركعات ولا مجال لوقوع الظهر فيه ، وعليه فلا يمكن إتمام ما بيده بعنوان الظهرية لاختصاص هذا الوقت بالعصر وكون الشروع في الظهر قبل نيّة الإقامة لا يوجب اختصاص مقدار ركعتين بالعصر كما في السفر ، بل الوقت الاختصاصي هو مقدار أربع ركعات فصلاة الظهر فيه باطلة .
وامّا عدم جواز العدول إلى اللاّحقة فلما عرفت في المسألة المتقدّمة من أنّ مورد أخبار العدول هو العدول من اللاّحقة إلى السابقة ولا يجوز العكس فاللاّزم قطع هذه الصلاة والشروع في اللاّحقة بمقتضى قاعدة من أدرك المتقدّمة ثمّ قضاء السابقة .
الثاني : ما إذا نوى المسافر الإقامة ثمّ أراد صلاة الظهرين ولم يبق من الوقت إلاّ مقدار أربع ركعات ومن المعلوم انّ وظيفته ـ حينئذ ـ هو الاقتصار على اللاّحقة فشرع فيها وقبل إتمامها عدل عن نيّة الإقامة وحيث إنّ العدول قبل الإتيان بصلاة واحدة تماماً يكون مؤثّراً في ثبوت حكم السفر فالوظيفة بعدها هو القصر ومن
( الصفحه 220 )
المعلوم ـ حينئذ ـ إمكان وقوع كلتا الصلاتين في وقتهما الأصلي; لأنّ المفروض بقاء مقدار أربع ركعات فاللاّزم أن تكون الصلاة الاُولى هي صلاة الظهر مع انّ المفروض هو الشروع فيها بنيّة العصر فهل يجوز العدول من العصر إلى الظهر كما استظهره السيّدان في العروة والوسيلة أم لا؟ الظاهر هو العدم; لأنّ مورد اخبار العدول وإن كان هو العدول من اللاحقة إلى السابقة وفي المقام أيضاً كذلك إلاّ انّه فرق بين ما هنا وبين مورد اخبار العدول فإنّ المفروض هناك انّ الوظيفة الواقعية للمكلّف هو الإتيان بالصلاة السابقة أوّلاً ، غاية الأمر انّه حيث كان اعتقاد المصلّي الإتيان بها يشرع في الصلاة اللاحقة ويتذكّر في أثنائها انّه لم يأت بما هي وظيفته الواقعية فيعدل بالنية عنها إليها ، وامّا في المقام فالمفروض انّ اللاحقة التي شرع فيها أوّلاً هي وظيفته الواقعية لثبوت نيّة الإقامة قبل الشروع فيها وعدم بقاء أزيد من مقدار أربع ركعات من الوقت فاللاّحقة هي الوظيفة وفي مثله لا يعلم دلالة أخبار العدول على جوازه بعدما عرفت من لزوم الاقتصار في الحكم المخالف للقاعدة على القدر المتيقّن من مورد الدليل فالعدول عنها إلى السابقة في غاية الإشكال .
( الصفحه 221 )
مسألة 12 ـ يجب على الأحوط لذوي الأعذار تأخير الصلاة عن أوّل وقتها مع رجاء زوالها في الوقت إلاّ في التيمّم فإنّه يجوز فيه البدار إلاّ مع العلم بارتفاع العذر فيه كما مرّ في بابه 1 .
1 ـ امّا في التيمّم فقد تقدّم ورود النصّ فيه وانّه لابدّ من استفادة حكمه منه سواء كان مخالفاً للقاعدة أم لا فراجع .
وامّا في سائر ذوي الأعذار فربّما يقال فيهم بوجوب التأخير والانتظار مع عدم العلم ببقاء العذر إلى آخر الوقت نظراً إلى أنّ العذر المسوغ للصلاة العذرية هو الذي كان مستوعباً لجميع الوقت فإنّ المأمور به أوّلاً هو الطبيعي الواقع فيما بين المبدأ والمنتهى من الوقت الموسع فإذا كان متمكّناً من الإتيان به في أي جزء من أجزاء الوقت فلا يكون معذوراً مشروعاً في حقّه الصلاة العذرية وإلاّ تلزم مشروعيتها في حقّ أكثر المكلّفين لثبوت العذر لهم نوعاً في بعض الوقت فالملاك في المعذورية هي المعذورية في جميع الوقت ، ومع عدم إحراز المكلّف العجز إلى آخر الوقت لا يجوز له الإتيان بالصلاة العذرية في أوّل الوقت أو وسطه لاحتمال ارتفاع العذر قبل انقضاء الوقت ، نعم مع العلم بالبقاء لا مانع من البدار لفرض العلم بمشروعية الصلاة العذرية في حقّه .
هذا ويمكن أن يقال : بأنّه يمكن إحراز بقاء العذر واستمراره إلى آخر الوقت من طريق الاستصحاب لأنّه متيقّن الحدوث ومشكوك البقاء ولا مانع من جريانه في الاُمور المستقبلة إذا ترتّب عليها أثر شرعي فعلي إلاّ أن يخدش في المقام بأنّ موضوعالأثر هو مجموع المتيقّن والمشكوك فجزء الموضوع محرز بالوجدان والآخر بالاستصحاب وهو في مثله لا يخلو عن ثبوت المثبتية فالأحوط التأخير فتدبّر .