( الصفحه 392 )
مسألة 2 ـ الأرض المغصوبة المجهول مالكها لا يجوز الصلاة فيها ويرجع أمرها إلى الحاكم الشرعي ولا تجوز أيضاً في الأرض المشتركة إلاّ بإذن جميع الشركاء 1 .
1 ـ امّا عدم جواز الصلاة في المغصوبة المجهول مالكها فلأنّ الجهل بالملك لا يوجب ارتفاع حكم الغصب وهي الحرمة والمناط في صحّة الصلاة هي إباحة المكان ، غاية الأمر لزوم الرجوع في أمرها إلى الحاكم الشرعي لثبوت الولاية له على مثل ذلك ـ كما قرّر في محلّه ـ .
وامّا عدم جوازها في الأرض المشتركة بدون إذن جميع الشركاء فلما ذكر من تحقّق الحكم بالحرمة بعد كون الملكية بنحو الشركة والإشاعة فما دام لم يتحقّق الافراز أو الاذن لا ترتفع الحرمة كما هو ظاهر .
( الصفحه 393 )
مسألة 3 ـ لا تبطل الصلاة تحت السقف المغصوب ، وفي الخيمة المغصوبة والصهوة والدار التي غصب بعض سورها إذا كان ما يصلّى فيه مباحاً ، وإن كان الأحوط الاجتناب في الجميع 1 .
1 ـ قد فصّل في العروة فيما إذا كان المكان مباحاً وكان عليه سقف مغصو بين ما إذا كان التصرّف في ذلك المكان يعدّ تصرّفاً في السقف فالصلاة فيه باطلة وإلاّ فلا ، فقال : لو صلّى في قبّة سقفها أو جدرانها مغصوب وكان بحيث لا يمكنه الصلاة فيها إن لم يكن سقف أو جدار أو كان عسراً وحرجاً كما في شدّة الحرّ أو شدّة البرد بطلت الصلاة وإن لم يعدّ تصرفاً فيه فلا ، ثمّ قال : وممّا ذكرنا ظهر حال الصلاة تحت الخيمة المغصوبة فإنّها تبطل إذا عدّت تصرّفاً في الخيمة بل تبطل على هذا إذا كانت أطنابها أو مساميرها غصباً كما هو الغالب إذ في الغالب يعدّ تصرّفاً فيها وإلاّ فلا .
أقول : الظاهر هو الفرق بين عنوان التصرّف وعنوان الانتفاع ضرورة انّ الانتفاع بالسقف والجدران في المثال من جهة شدّة الحرّ أو البرد لا يكون محرماً لأنّه من قبيل الاصطلاء بناء الغير والاستضاءة بنوره ولا يعدّ مثل ذلك تصرّفاً في مال الغير حتّى يكون محرّماً ومجرّد الانتفاع من دون صدق التصرّف لا دليل على حرمته فالظاهر هو الجواز بنحو الإطلاق كما في المتن وإن كان الأحوط هو الاجتناب فيه وفي مثله .
( الصفحه 394 )
مسألة 4 ـ لو اشترى داراً بعين المال الذي تعلّق به الخمس أو الزكاة تبطل الصلاة فيها إلاّ إذا جعل الحقّ في ذمّته بوجه شرعي كالمصالحة مع المجتهد ، وكذا لا يجوز التصرّف مطلقاً في تركته المتعلّقة للزكاة والخمس وحقوق الناس كالمظالم قبل اداء ما عليه ، وكذا إذا كان عليه دين مستغرق للتركة ، بل وغير المستغرق إلاّ مع رضا الديّان أو كون الورثة بانين على الاداء غير متسامحين والأحوط الاسترضاء من ولي الميت 1 .
1 ـ امّا مسألة الاشتراء فالمفروض فيها اشتراء الدار بعين المال المتعلّق للخمس أو الزكاة بحيث كان الثمن نفس تلك العين ، وامّا لو كان الثمن كليّاً ثابتاً على العهدة وفي ذمّة المشتري ، غاية الأمر انّه في مقام التسليم والتعيين قد عيّن الفرد المتعلّق للخمس أو الزكاة فلا يجري فيه هذا الحكم لعدم إيجابه الإخلال في المعاملة بوجه .
وامّا في الفرض الذي هو محلّ البحث فمنشأ البطلان هو كون المعاملة بالإضافة إلى مقدار الزكاة أو الخمس فضولياً امّا في الزكاة فلأنّ الظاهر ثبوت الإجماع على تعلّقها بالعين وإضافتها إليها وإن وقع الاختلاف في كونه بنحو الشركة والإشاعة أو بنحو الكلّي في المعين أو من قبيل حقّ الرهانة أو على نحو آخر ، وعلى أيّ حال فالتصرّف في تمام المال بالبيع أو غيره تصرّف في مال الغير بغير إذنه أو في مال متعلّق لحقّ الغير كذلك وهو يتوقّف نفوذه على إجازته اللاّحقة إن لم يكن سبق اذن في البين لكونه فضولياً أو بحكمه فإن أمضاه الحاكم ولاية على الأصناف الثمانية يكون لهم فيجب عليه أن يشتري هذا المقدار من الحاكم ويمكن أن يجعل الحقّ في ذمّته بوجه شرعي كالمصالحة معه ومع عدم الامضاء والاشتراء وعدم جعل الحقّ في ذمّته بالوجه المذكور تكون صلاته فيه باطلة .
وامّا في الخمس فظاهر أدلّته ـ خصوصاً الآية الشريفة بلحاظ التعبير بالخمس
( الصفحه 395 )
الظاهر في الكسر المشاع والتعبير باللام الظاهر في الملكية ـ الإشاعة والاشتراك ومقتضاه كون المعاملة بالإضافة إلى مقداره فضولياً يجري فيه ما ذكر في الزكاة إلاّ انّه يظهر من بعض الروايات المفروغية عن صحّة البيع وعدم افتقاره إلى الإجازة كرواية حرث بن حصيرة الأزدي المرسلة قال : وجد رجل ركازاً على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) فابتاعه أبي منه بثلاثمائة درهم ومائة شاة متبع فلامته اُمّي وقالت : أخذت هذه بثلاثمائة شاة أولادها مائة وأنفسها مائة وما في بطونها مائة قال : فندم أبي فانطلق ليستقيله فأبى عليه الرجل فقال : خذ منّي عشرة شياة خذ مني عشرين شياة فأعياه فأخذ أبي الركزاز وأخرج منه قيمة ألف شاة فأتاه الآخر فقال : خذ غنمك وأتني ما شئت فأبى فعالجه فأعياه فقال : لأضرنّ بك ، فاستعدى أمير المؤمنين (عليه السلام) على أبي فلمّا قص أبي على أمير المؤمنين (عليه السلام) أمره قال لصاحب الركاز : ادّ خمس ما أخذت فإنّ الخمس عليك فإنّك أنت الذي وجدت الركاز وليس على الآخر شيء ولأنّه إنمّا أخذ ثمن غنمه .
ورواية ريان بن الصلت قال : كتبت إلى أبي محمّد (عليه السلام) ما الذي يجب عليّ يا مولاي في غلّة رحى أرض في قطيعة لي وفي ثمن سمك وبردي وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة فكتب (عليه السلام) : يجب عليك فيه الخمس إن شاء الله تعالى .
ورواية أبي بصير المروية في آخر السرائر عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : كتبت إليه في الرجل يهدي إليه مولاه والمنقطع إليه هدية تبلغ ألفي درهم أو أقلّ أو أكثر هل عليه فيها الخمس؟ فكتب (عليه السلام) : الخمس في ذلك ، وعن الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال إنّما يبيع منه الشيء بمائة درهم أو خمسين درهماً هل عليه الخمس؟ فكتب : امّا ما أكل فلا ، وامّا البيع فنعم هو كسائر الضياع .
لكن الأولى في كمال الضعف من حيث السند والأخيرتان لا تكونان ظاهرتين
( الصفحه 396 )
في محلّ البحث الذي هو لابيع بعد استقرار الخمس بسبب كمال السنة والتمسّك بالإطلاق غير تام بعد عدم ورودهما في مقام البيان من هذه الجهة فلا مجال للخروج بهما عمّا هو مقتضى القواعد وظاهر الأدلّة .
ثمّ إنّه ممّا ذكرنا في مسألة الاشتراء يظهر انّه لا يجوز التصرّف مطلقاً في التركة المتعلّقة للزكاة والخمس وحقوق الناس كالمظالم قبل اداء ما عليه لأنّه تصرّف في ملك الغير أو متعلّق حقّه فلا يجوز بدون إذنه فالصلاة فيه باطلة .
وعطف عليه في المتن ما إذا كان عليه دين مستغرق للتركة ، بل وكذا غير المستغرق الخ وقد وقع الاختلاف في الدين المستوعب في انتقال التركة معه إلى الوارث وفي الدين غير المستوعب في انتقال تمامها إليه على قولين :
أحدهما : الانتقال كما هو المحكي عن كثير من كتب العلاّمة وجامع المقاصد واختاره في محكي الجواهر .
ثانيهما : عدم الانتقال كما هو المنسوب إلى الحلّي والمحقّق وعن المسالك والمفاتيح نسبته إلى الأكثر .
وظاهر الكتاب والسنّة هو الثاني ، قال الله تعالى في ذيل آية الإرث وذكر بعض الفرائض : (من بعد وصية يوصى بها أو دين)(1) وفي ذيل آيته الاُخرى بعده أيضاً : (من بعد وصية توصون بها أو دين)(2) .
وروى السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : أوّل شيء يبدأ به من المال الكفن ثمّ الدين ثمّ الوصية ثمّ الميراث .
- (1) سورة النساء : 12 .
(2) سورة النساء : 14 .