( الصفحه 429 )
بالإضافة إلى كلتا الصلاتين في كلّ واحد من الفرضين كما لا يخفى .
ومنها : رواية معاوية بن وهب عن أبي عبدالله (عليه السلام) انّه سأله عن الرجل والمرأة يصلّيان في بيت واحد قال : إذا كان بينهما قدر شبر صلّت بحذاه وحدها وهو وحده ولا بأس .
ومنها : رواية زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت له : المرأة والرجل يصلّي كلّ واحد منهما قبالة صاحبه قال : نعم إذا كان بينهما قدر موضع رحل .
ومنها : روايتا محمد بن مسلم وأبي بصير الواردتان في المرأة والرجل المتزاملين الظاهرتان في الإطلاق خصوصاً بقرينة ذيلهما الدالّ على صلاة المرأة بعد فراغ الرجل من الصلاة كما لا يخفى .
وبعد ذلك كلّه لا ينبغي الخدشة في ظهور هذه الطائفة في البطلان بالإضافة إلى كلتا الصلاتين وليس غير هذه الطائفة ظاهراً في بطلان خصوص المتأخّرة على فرض وروده في هذا الفرض حتّى يتصرّف بسببه في الإطلاق ، بل غايته عدم التعرّض لحكم المتقدّمة لو لم نقل بظهوره في بطلانها أيضاً فالأظهر بملاحظة ما ذكر ما اختار صاحب الجواهر كما تقدّم .
رابعها : لا فرق فيما ذكر بين المحارم وغيرهم وكذا لا فرق بين الزوج والزوجة وغيرهما وذلك مضافاً إلى إطلاق كلمتي «الرجل» و«المرأة» الواردتين في كثير من الروايات المتقدّمة وعدم اختصاصهما بغير المحارم والزوجين لورود بعض الروايات في المحارم كرواية محمد الحلبي المتقدّمة الواردة في الرجل يصلّي في زاوية الحجرة وابنته أو امرأته تصلّي بحذائه في الزاوية الاُخرى وبعضها في الزوجين كهذه الرواية ورواية زرارة قال : قلت له : المرأة تصلّي حيال زوجها قال : تصلّي بازاء الرجل إذا كان بينها وبينه قدر ما لا يتخطّى أو قدر عظم الذراع فصاعداً . وبعض
( الصفحه 430 )
الروايات الاُخر .
خامسها : لا فرق بين كونهما بالغين أو غير بالغين أو مختلفين وذلك لإطلاق الكلمتين المذكورتين في كثير من الأخبار مضافاً إلى إطلاق لفظ «البنت» في رواية الحلبي المتقدّمة ولا مجال لدعوى الانصراف فيهما فتدبّر .
( الصفحه 431 )
مسألة 9 ـ الظاهر جواز الصلاة مساوياً لقبر المعصوم(عليه السلام) ، بل ومقدّماً عليه ولكن هو من سوء الأدب والأحوط الاحتراز منهما ويرتفع الحكم بالبعد المفرط على وجه لا يصدق معه التقدّم والمحاذاة ويخرج عن صدق وحدة المكان ، وكذا بالحائل الرافع لسوء الأدب ، والظاهر انّه ليس منه والشبّاك والصندوق الشريف وثوبه 1 .
1 ـ المشهور جواز التقدّم على قبر المعصوم (عليه السلام) في حال الصلاة على كراهة أو مساواته ، والمحكي عن البهائي والمجلسي والكاشاني وبعض المتأخّرين عنهم المنع من التقدّم وعن بعض متأخّري المتأخّرين المنع عن المساواة أيضاً ، والكلام يقع في مقامين :
الأوّل : في التقدّم ومستند المنع فيه روايتان للحميري :
إحداهما : ما رواه الشيخ (قدس سره)باسناده عن محمد بن أحمد بن داود عن أبيه عن محمد بن عبدالله الحميري قال : كتبت إلى الفقيه (عليه السلام) أسأله عن الرجل يزور قبور الأئمّة (عليهم السلام) هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟ وهل يجوز لمن صلّى عند قبورهم أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة ، ويقوم عند رأسه ورجليه وهل يجوز أن يتقدّم القبر ويصلّي ويجعله خلفه أم لا؟ فأجاب وقرأت التوقيع ومنه نسخت : وامّا السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة بل يضع خدّه الأيمن على القبر ، وامّا الصلاة فإنّها خلفه ويجعله الإمام ، ولا يجوز أن يصلّي بين يديه لأنّ الإمام لا يتقدّم ويصلّي عن يمينه وشماله .
والاُخرى : ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن عبدالله الحميري عن صاحب الزمان ـ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ وهي مثل الاُولى إلاّ انّه قال : ولا يجوز أن يصلّي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن يساره لأنّ الإمام لا يتقدّم عليه ولا
( الصفحه 432 )
يساوي .
والظاهر انّهما رواية واحدة بمعنى انّ الحميري سأل عن حكم المسألة مرّة واحدة واُجيب كذلك ، غاية الأمر انّ الجواب مردّد بين أن يكون مثل ما في الرواية الاُولى وبين أن يكون مثل ما في الثانية ، وعليه فالمراد من الفقيه الذي كتب إليه في الاُولى هو صاحب الزمان ـ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ نظراً إلى انّه من جملة ألقابه الشريفة أو إلى المعنى الوصفي ولا مجال لدعوى انّ الظاهر منه عند الإطلاق هو الكاظم (عليه السلام) لكثرة استعماله فيه ، وحيث إنّ الحميري متأخّر عن زمانه (عليه السلام)فالسند فيه سقط فتكون الرواية مقطوعة فإنّه لو سلّم هذا الظهور فإنّما هو مع عدم القرينة على الخلاف وهي في المقام موجودة لرواية الحميري عنه مضافاً إلى ما عرفت من التصريح بالصاحب (عليه السلام) في الرواية الاُخرى التي هي متّحدة مع هذه الرواية كما مرّ .
كما انّ الإشكال في سند الاُولى بأنّه رواها الشيخ عن محمد بن أحمد بن داود مع أنّه لم يذكر طريقه إليه في المشيخة وفي سند الثانية بالإرسال لأنّه لا يمكن للطبرسي النقل عن الحميري من دون واسطة .
مدفوع بأنّه ذكر الشيخ في محكي الفهرست في ترجمة الرجل انّه أخبرنا بكتبه ورواياته جماعة منهم محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيدالله وأحمد بن عبدون كلّهم ولا ينافيه عدم التعرّض له في المشيخة .
ولا دليل على كون رواية الاحتجاج مرسلة بعد احتمال كون الطبرسي قد نقلها عن كتاب الحميري وكون كتابه معلوم الاسناد إليه كما لا يخفى فاللاّزم التكلّم في مفاد الرواية ومدلولها فنقول :
امّا الإمام في قوله (عليه السلام) : ويجعله الإمام فيمكن أن يكون بفتح الهمزة بمعنى القدام
( الصفحه 433 )
وعليه فيكون هذه الجملة مؤكّدة لقوله فإنّها خلفه من دون أن تكون مفيدة لأمر آخر ويمكن أن يكون بكسر الهمزة ويكون المراد منه إمام الجماعة ، وعليه فالمراد منه هو جعل القبر بمنزلة إمام الجماعة في كونه متقدّماً ولا يتقدّم عليه ، وامّا احتمال كون المراد منه على هذا التقدير هو الإمام المعصوم كما في المستمسك نظراً إلى أنّ قرينية مورد السؤال تعين الحمل عليه فبعيد جدّاً; لأنّ مرجعه إلى جعل قبر الإمام إماماً ولا يتوقّف حمل الإمام على الإمام المعصوم في التعليل بقوله لأنّ الإمام لا يتقدّم عليه على كون المراد بهذا الإمام هو الإمام المعصوم لأنّه جملة اُخرى متعرّضة لبيان حكم آخر معلّل بذلك التعليل والضمير فيها يرجع إلى الإمام المعصوم كما هو واضح .
وامّا قوله (عليه السلام) : لا يجوز أن يصلّي بين يديه مع التعليل بقوله : لأنّ الإمام لا يتقدّم عليه فلا إشكال في أنّ الإمام فيه يراد به الإمام المعصوم ، امّا بالخصوص أو بحيث يشمل إمام الجماعة كما حكى الاستدلال به عن الأصحاب في مسألة عدم جواز تقدّم المأموم على الإمام في صلاة الجماعة ، والمراد من عدم جواز التقدّم على الإمام ليس هو التقدّم المعنوي بإنكار إمامته وعدم متابعته بل هو التقدّم في الموقف بالمشي أو الجلوس أو الوقوف مقدّماً عليه والمراد منه هو مطلق التقدّم لا في خصوص الصلاة و ـ حينئذ ـ ربّما يقال حيث إنّ التقدّم على المعصوم في الموقف ليس حكماً إلزامياً ، بل أدبياً قطعاً يكون التعليل قرينة على الكراهة كسائر ما ورد عنهم في آداب زيارتهم .
ويرد عليه مضافاً انّ مجرّد كون الحكم وارداً في مقام الأدب لا يستلزم عدم كونه إلزامياً فإنّ من الأحكام الأدبية ما تجب مراعاته كحرمة رفع الصوت على صوت النبي (صلى الله عليه وآله) وحرمة الجهر له بالقول كهجر البعض بالبعض ، بل وحرمة مسّ