( الصفحه 466 )
الواردة في مقام الجواب عن السؤال عن كون الراوي في السفر فتحضر الصلاة وهو يخاف الرمضاء على وجهه بقوله : «تسجد على بعض ثوبك» يدلّ على ذلك ـ أوّلا ـ من جهة التعبير بخوف الرمضاء الذي تكون حرارته في أوائل وقت الظهر أو يمتد إلى أواسط الوقت ـ وثانياً ـ من جهة ترك الاستفصال في مقام الجواب الظاهر في إطلاق الحكم وثبوت البدلية ولو في أوّل الوقت ويمكن استفادة الجواز في خصوص المقام وهو الفقدان في الأثناء من صحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) المتقدّمة عن أخيه (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يؤذيه حرّ الأرض وهو في الصلاة لا يقدر على السجود هل يصلح له أن يضع ثوبه إذا كان قطناً أو كتّاناً؟ قال : إذا كان مضطرّاً فليفعل . نظراً إلى ظهورها في أنّ عدم القدرة على السجود قد انكشف له في الأثناء وطريق الانكشاف عادة هو السجود على الأرض أولا بمعنى انّه بعد السجود عليها مرّة ظهر له انّه لا يقدر عليه وليس المراد من عدم القدرة إلاّ إيذاء حرّ الأرض المذكور أولا لا عدم القدرة بمعنى آخر ، ويمكن أن يكون المراد هو حدوث الايذاء في الأثناء بعدما لم يكن عند الشروع في الصلاة .
وعلى كلا التقديرى فمفادها جواز وضع الثوب إذا كان قطناً أو كتّاناً والسجود عليه في الأثناء وليس المراد بالاضطرار المذكور في الجواب هو ما ينطبق عليه ضيق الوقت أيضاً بحيث كان المجوز للسجود على الثوب المذكور هو الايذاء بضميمة الضيق فإنّه خلاف ما هو المتفاهم منه عند العرف فإنّ المنسبق إلى أذهانهم هو الاضطرار الجائي من قبل الايذاء المذكور الذي هو عبارة اُخرى عن عدم القدرة على السجود المأخوذ في السؤال .
نعم لا مجال لتوهّم انّه بناء على ذلك يكون مقتضى الصحيحة جواز الرجوع إلى البدل في الصورة الاُولى أيضاً ضرورة انّه مع القدرة على السجود على ما يصحّ
( الصفحه 467 )
السجود عليه بمجرّد قطع الصلاة ورفع اليد عنها لا يتحقّق عنوان الاضطرار بوجه فالصحيحة تدلّ على الجواز في خصوص الصورة الثانية فتدبّر .
( الصفحه 468 )
مسألة 15 ـ يعتبر في المكان الذي يصلّي فيه الفريضة أن يكون قاراً غير مضطرب ، فلو صلّى اختياراً في سفينة أو على سرير أو بيدر فإن فات الاستقرار المعتبر بطلت صلاته ، وإن حصل بحيث يصدق انّه مستقرّ مطمئن صحّت صلاته وإن كانت في سفينة سائرة وشبهها كالطيارة والقطار ونحوهما لكن تجب المحافظة على بقية ما يعتبر فيها من الاستقبال ونحوه ، هذا كلّه مع الاختيار ، وامّا مع الاضطرار فيصلّي ماشياً وعلى الدابة وفي السفينة غير المستقرّة ونحوها مراعياً للاستقبال بما أمكنه من صلاته ، وينحرف إلى القبلة كلّما انحرف المركوب مع الإمكان ، فإن لم يتمكّن من الاستقبال إلاّ في تكبيرة الاحرام اقتصر عليه ، وإن لم يتمكّن منه أصلا سقط لكن يجب عليه تحرّي الأقرب إلى القبلة فالأقرب ، وكذا بالنسبة إلى غيره ممّا هو واجب في الصلاة فإنّه يأتي بما هو الممكن منه أو بدله ، ويسقط ما تقتضي الضرورة سقوطه 1 .
1 ـ الكلام في هذه المسألة يقع في مقامين :
المقام الأوّل : في صورة الاختيار ويستفاد من المتن اعتبار الاستقرار في هذه الصورة من جهة المكان الذي يصلّى فيه الفريضة ومنشأ ذلك الروايات الواردة في الصلاة على الدابة أو في السفينة أو على الرفّ المعلّق بين نخلتين ولابدّ من ملاحظتها والتحقيق في مفادها .
فنقول : امّا ما ور في الصلاة على الدابة الدالّ على النهي عنها في حال الاختيار فمنها صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا يصلّى على الدابة الفريضة إلاّ مريض يستقبل به القبلة ويجزيه فاتحة الكتاب ، ويضع بوجهه في الفريضة على ما أمكنه من شيء ويؤمى في النافلة إيماء .
ومنها : رواية عبدالله بن سنان قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : أيصلّي الرجل شيئاً
( الصفحه 469 )
من المفروض راكباً ؟ فقال : لا إلاّ من ضرورة .
ومنها : غير ذلك ممّا ورد بهذا المضمون .
وهل المستفاد من هذه الروايات انّ المنع عن الصلاة على الدابّة في حال الاختيار إنّما هو لاستلزامها الإخلال بالاستقرار بمعنى الطمأنينة وعدم التحرّك أو انّ المنع عنها في تلك الحال إنّما هو لأجل انّ عدم الكون على الدابة من جملة شرائط الصلاة تعبّداً في مقابل سائر الشرائط أو انّ المنع عنها إنّما هو لأجل استلزامها نوعاً للاخلال بالقبلة أو القيام أو السجود على المساجد السبعة ، وبعبارة اُخرى لأجل استلزامها فقدان بعض ما يعتبر فيها من الاُمور المذكورة؟
والاستدلال بها على اعتبار كون المكان قاراً إنّما يبتني على الاحتمال الأوّل ولا مجال لدعوى تعيّنه إلاّ القول بأنّ المتفاهم عند العرف من النهي عن الصلاة على الدابة هو استلزامها للإخلال بالاستقرار خصوصاً مع ملاحظة معنى الدابة بحسب اللغة المساوق للتحرّك وعدم الاستقرار .
وامّا ما ورد في السفينة فظاهر بعضها الجواز مطلقاً وظاهر البعض الآخر عدم الجواز إلاّ في حال الضرورة .
امّا ما يدلّ على الجواز مطلقاً فكصحيحة جميل بن دراج انّه قال لأبي عبدالله (عليه السلام) : تكون السفينة قريبة من الجد (الجدد) فأخرج واُصلّي؟ قال : صلِّ فيها أما ترضى بصلاة نوح (عليه السلام) .
وموثقة المفضل بن صالح قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الصلاة في الفرات وما هو أضعف منه من الأنهار في السفينة قال : إن صلّيت فحسن وإن خرجت فحسن . وغيرهما من الروايات الظاهرة في الجواز كذلك .
وامّا ما يدلّ على المنع في حال الاختيار فكصحيحة حمّاد بن عيسى قال : سمعت
( الصفحه 470 )
أبا عبدالله (عليه السلام) يسئل عن الصلاة في السفينة فيقول : إن استطعتم أن تخرجوا إلى الجدد فاخرجوا ، فإن لم يقدروا فصلّوا قياماً ، فإن لم تستطيعوا فصلّوا قعوداً وتحروا القبلة .
ورواية علي بن إبراهيم قال : سألته عن الصلاة في السفينة قال : يصلّي وهو جالس إذا لم يمكنه القيام في السفينة ولا يصلّي في السفينة وهو يقدر على الشط وقال : يصلّي في السفينة يحوّل وجهه إلى القبلة ثمّ يصلّي كيف ما دارت . وغيرهما ممّا هو بهذا المضمون .
والجمع بينهما بحمل الطائفة الثانية على الاستحباب مخالف للترغيب الذي يدلّ عليه الاُولى بقوله (عليه السلام) : أما ترضى بصلاة نوح الذي لا يخلو من الإشعار باستحباب الصلاة في السفينة في حال الاختيار .
والمتعيّن هو حمل أدلّة المنع على صورة عدم إمكان الصلاة تامّة بالإتيان بها بجميع الخصوصيات المعتبرة فيها من القيام والقبلة وغيرهما وحمل أدلّة الجواز على صورة الإمكان ، وعليه فالمستفاد من مجموع الروايات الواردة في السفينة انّ المنع عن الصلاة فيها إنّما هو لأجل استلزامها الإخلال ببعض الخصوصيات المعتبرة فيها ، وامّا انّ من جملة تلك الخصوصيات هو الاستقرار بعد فرض عدم دليل على اعتباره غير هذه الروايات فلا . وبعبارة اُخرى الكلام في استفادة اعتبار الاستقرار من نفس هذه الروايات ولا دلالة فيها عليه والمفروض انّه لم يقم دليل عليه غيرها وليس هو مثل القيام والقبلة والسجود على المواضع السبعة وغيرها ممّا دلّ على اعتباره أدلّة اُخرى .
وامّا ما ورد في الرفّ المعلّق بين نخلتين فهي صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال : سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي على الرفّ