جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( الصفحه 6 )

وهذا منتهى الثناء كما قال صاحب الدرة : تنهى عن المنكر والفحشاء أقصر فهذا منتهى الثناء وقد وقع الاختلاف في المراد من الكريمة ومنشأه ما يرى من عدم اجتناب بعض المصلِّين مع تمامية صلاته وصحّتها عن ارتكاب بعض المنكرات والإتيان ببعض الفواحش فكيف تكون الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر ، ولأجله اختلفت الآراء في المراد منها .

فمنهم : من ذكر أنّ الصلاة في الآية بمعنى الدعاء والمراد الدعوة إلى أمر الله والمعنى أقم الدعوة إلى أمر الله فإنّ ذلك يردع الناس عن الفحشاء والمنكر .

ويرد عليه ـ مضافاً إلى أنّه لا معنى لإقامة الدعوة إلى أمر الله ـ انّ تفسير الصلاة بذلك صرف الكلام عن الظاهر من دون مسوغ .

ومنهم من قال : إنّ الصلاة في الآية في معنى النكرة والمراد انّ بعض أنواع الصلاة أو أفرادها يوجب الانتهاء عن الفحشاء والمنكر وهو كذلك وليس المراد الاستغراق حتّى يرد الإشكال .

وفيه : أنّه لا يلائم سياق الحكم والتعليل في الآية فإنّه كما انّ الصلاة التي أمر بإقامتها لا يراد بها إلاّ الطبيعة التي هي مفاد لفظها كذلك المراد بالصلاة الواقعة في التعليل لا يكاد يكون إلاّ نفس الطبيعة وإلاّ يختلّ السياق ولا يصلح العلّة للعلّية كما لا يخفى .

ومنهم : من ذكر انّ المراد نهيها عن الفحشاء والمنكر ما دامت قائمة والمصلّي في صلاته كأنّه قيل إنّ المصلّي ما دام مصلّياً يكون بعيداً عن الاشتغال بالمعصية والإتيان بالفحشاء والمنكر .

ويرد عليه ـ مضافاً إلى أنّ الاشتغال بالصلاة لا ينافي فعل بعض المعاصي كالنظر إلى الأجنبية ـ مثلاً ـ  : انّ الظاهر كون النهي مترتّباً على فعل الصلاة بمعنى أن أثر

( الصفحه 7 )

الصلاة المترتّب عليها بعد وقوعها بأجمعها في الخارج هو النهي عن الفحشاء والمنكر فلا معنى لدعوى تحقّق الانتهاء في الأثناء كما لا يخفى .

ومنهم من قال : إنّ الآية على ظاهرها والصلاة بمنزلة الشخص الذي ينهى في أن النهي لا يستلزم الانتهاء وليس نهي الصلاة بأعظم من نهيه تعالى كما في قوله تعالى : }انّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر{(1) ونهيه تعالى لا يستلزم الانتهاء فكذلك نهي الصلاة .

ويدفعه انّ الظاهر من الآية تحريك المكلّف إلى إقامة الصلاة لأنّها عمل عبادي يورث حصول صفة روحية في المقيم لها بحيث يرتدع عن الفحشاء والمنكر بسبب ردع الصلاة ونهيها وليس المراد الدعوة إلى إتيانها لكونها ناهية في نفسها وإن لم يكن المصلّي منتهياً ومرتدعاً ففي الحقيقة إقامة الصلاة لابدّ وأن يكون لها أثر وفائدة بالنسبة إلى المصلّي وهو لا يكون إلاّ انتهائه فعاد الإشكال .

والحقّ في معنى الآية ما أفاده بعض الأعاظم من المفسِّرين من أنّ الردع أثر طبيعة الصلاة التي هي توجّه خاص عبادي إلى الله سبحانه ويتضمّن الاعتراف بالجهالة والافتقار إلى الهداية والإقرار بيوم الدين ووقوع الغضب على طائفة من المتمرّدين وتكون مشروطة بشرائط خاصّة الموجبة للتوجّه والالتفات إلى المحرم وتمييزه عن المحلّل وغير ذلك من الجهات الموجودة فيها ، غاية الأمر انّ هذا الأثر إنّما يكون بنحو الاقتضاء دون الاستيجاب والعلّية التامّة فربما تخلف عن أثرها لمقارنة بعض الموانع ولو قيس حال بعض من يسمى بالإسلام وهو تارك للصلاة مع من يأتي بأدنى مراتب الصلاة ممّا يسقط به التكليف ولا يوجد الأوّل إلاّ مضيّعاً

  • (1) سورة النحل  : 93  .

( الصفحه 8 )

بإضاعة الصلاة فريضة الصوم والحجّ والزكاة والخمس وعامة الواجبات الدينية ولا يفرّق بين طاهر ونجس وحلال وحرام ، والثاني إلا مرتدعاً عن كثير من الاُمور التي يقترفها تارك الصلاة وإذا قيس إليه من هو فوقه في الاهتمام بأمر الصلاة لا يوجد إلاّ كونه أكثر ارتداعاً منه وعلى هذا القياس .

الأمر الثاني فيما يستفاد من الكتاب والسنّة بالإضافة إلى تارك الصلاة امّا الكتاب فقوله تعالى : }فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كلّ مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إنّ الله عفورٌ رحيم{(1) .

قال الفاضل الجواد الكاظمي في كتابه «مسالك الافهام إلى آيات الأحكام» : «استدلّ بهذه الآية على أنّ تارك الصلاة عمداً يجب قتله لأنّه تعالى أوجب الامتناع من قتل المشركين بشرطين أحدهما أن يتوبوا من الشرك ، والثاني أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، والحكم المعلّق على مجموع لا يتحقّق إلاّ مع تحقّق المجموع ويكفي في حصول نقيضه أعني إباحة قتلهم فوت واحد من المجموع ويلزم ما ذكرناه ، والآية وإن كانت في المشركين لكن يلزم هاهنا ثبوت الحكم في المسلمين بطريق أولى; لأنّهم قد التزموا شرائع الإسلام ، فلو ترك الصلاة لا يخلى سبيلهم ، بل يجب قتلهم وفي أخبارنا دلالة على ذلك أيضاً ، وروي عن العامّة عن النبي (صلى الله عليه وآله)انّه قال في ترك الصلاة : فقد برئت منه الذمة ، وقال أبو حنيفة : لا يتعرّض لتارك الصلاة فإنّها أمانة منه ومن الله تعالى والأمر منها موكول إليه تعالى ولا يخفى ضعفه ، هذا لكن إطلاق الآية يقتضي عدم الفرق بين كون الترك استحلالاً وعدمه

  • (1) سورة التوبة  : 5  .

( الصفحه 9 )

والمشهور انّ القتل إنّما يكون مع الاستحلال ومن ثم حمل بعضهم الإقامة والإيتاء على اعتقاد وجوبهما والإقرار بذلك لكنّه بعيد عن الظاهر ولعلّهم فهموا ذلك من دليل خارج عن الآية كالأخبار» .

أقول : الاستدلال بالآية لا يتوقّف على ثبوت المفهوم للقضية الشرطية كما هو الظاهر من القول المذكور; لأنّ مقتضى إطلاق الصدر وجوب قتلهم في جميع الحالات ومع كلّ الخصوصيات وقد خرج منه في الذيل صورة واحدة فالصور الباقية داخلة تحت إطلاق الصدر ، فالآية تدلّ بإطلاقها على وجوب قتل المشركين في غير تلك الصورة ومقتضى الأولوية ثبوت الحكم في المسلم فيجب قتله ولا وجه لوجوبه إلاّ خروجه عن زمرة المسلمين ، هذا ولكن يظهر من الروايات المختلفة الواردة في تارك الفريضة بعد الجمع بينها انّ الحكم بكفره إنّما هو فيما إذا كان تركه ناشئاً عن الاستخفاف فيقيّد بها إطلاق الآية فإنّ منها ما يدلّ على ثبوت الكفر مطلقاً كصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث عدد النوافل قال : إنّما هذا كلّه تطوّع وليس بمفروض ، انّ تارك الفريضة كافر وإنّ تارك هذا ليس بكافر . وصحيحة عبيد بن زرارة أو حسنته عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث الكبائر قال : إنّ تارك الصلاة كافر ، يعني من غير علّة . ورواية بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)  : ما بين المسلم وبين أن يكفر أن يترك الصلاة (إلا ترك الصلاة) الفريضة متعمّداً أو يتهاون بها فلا يصلّيها .

ومنها : ما يدلّ على ثبوت الكفر في صورة الترك مع الاستخفاف وهي رواية مسعدة بن صدقة انّه قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السلام)  : ما بال الزاني لا تسمّيه كافراً وتارك الصلاة تسمّيه كافراً وما الحجّة في ذلك؟ فقال : لأنّ الزاني وما أشبهه إنّما يفعل ذلك لمكان الشهوة لأنّها تغلبه وتارك الصلاة لا يتركها إلاّ استخفافاً بها ،

( الصفحه 10 )

وذلك لأنّك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلاّ وهو مستلذ لإتيانه إيّاها قاصداً إليها ، وكلّ من ترك الصلاة قاصداً لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذّة ، فإذا نفيت اللذّة وقع الاستخفاف وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر . وهذه الرواية وإن كانت ظاهرة في ملازمة مطلق الترك عن قصد مع الاستخفاف إلاّ انّ الظاهر عدم ثبوت هذه الملازمة والقدر المتيقّن ثبوت الكفر في خصوص صورة الاستخفاف ولعلّ الوجه فيه انّ أهمّية الصلاة وعظم مرتبتها من ضروريات الإسلام كأصل وجوبها فالاستخفاف يرجع إلى إنكار الضروري وهو موجب للكفر امّا بنفسه أو لأجل استلزامه للموجب فتدبّر .