( الصفحه 680 )
مسألة 10 ـ ان صبغ الثوب بصبغ مغصوب فمع عدم بقاء عين الجوهر الذي صبغ به والباقي هو اللون فقط تصحّ الصلاة فيه على الأقوى . وامّا لو بقى عينه فلا تصحّ على الأقوى ، كما انّ الأقوى عدم صحّتها في ثوب خيّط بالمغصوب وإن لم يمكن ردّه بالفتق فضلا عمّا يمكن ، نعم الإشكال في الصحّة فيما إذا اجبر الصبّاغ أو الخيّاط على عمله ولم يعط أجرته مع كون الصبغ والخيط من مالك الثوب ، وكذا إذا غسل الثوب بماء مغصوب أو أزيل وسخه بصابون مغصوب مع عدم بقاء عين منهما فيه ، أو أجبر الغاسل على غسله ولم يعط أجرته 1 .
1 ـ في هذه المسألة فروع :
الأوّل : ما لو كان الثوب مصبوغاً بصبغ مغصوب مع عدم بقاء عين الجوهر الذي صبغ به وكان الباقي هو اللون فقط كما هو الغالب في موارد الصبغ وقد قوى في المتن الحكم بصحّة الصلاة فيه وهو يبتني على كونه معدوداً بحكم التالف لأنّ عدم بقاء العين كما هو المفروض يجعله بحكمه خصوصاً مع أنّ العرف ربما يساعد على ذلك نظراً إلى أنّه ليس هنا شيء يمكن ردّه إلى مالكه وبقاء اللون لا دلالة فيه على بقاء مال المالك .
وربما يناقش في ذلك بأنّه لا يصدق التلف هنا لا حقيقة ولا حكماً لأنّ ملاك الأوّل هو ارتفاع وجود الشيء في الخارج بالكلية وملاك الثاني هو انتفائه في الخارج وزواله عرفاً كالقطرة الواردة في البحر فإنّها موجودة فيه لكنّها محكومة بحكم التالف وشيء من الملاكين لا يتحقّق في المقام ضرورة وجود الصبغ في الثوب حقيقة وحكماً إلاّ انّه لا يمكن استرداده إلى مالكه وذلك لا يوجب صدق التلف عليه .
هذا مضافاً إلى أنّ الارتكاز العقلائي هو انّ تولّد شيء من شيء يوجب إلحاقه
( الصفحه 681 )
به في الإضافة إلى مالكه فثمرة الشجرة لمالكها وولد الحيوان لمالكه ولا فرق في ذلك بين العين والأثر فلا فرق بين مثل اللون كالبياض والسواد وبين مثل طحن الحنطة وغزل الصوف وأشباههما فاللون في المقام أثر الجوهر الذي كان ملكاً لمالكه وصار مغصوباً فلا تجوز الصلاة في الثوب الملوّن به .
ثمّ إنّهم ذكروا انّ الغاصب إذا أحدث في العين صفة محضة كانت الصياغة أو عينية كاللون فليس له مطالبة المالك بشيء وكذا المفلس إذا اشترى عيناً فأحدث فيها صفة محضة أو عينية ثمّ فلس جاز للبائع أخذها وليس للغرماء فيها شيء والظاهر انّه لا فرق عندهم فيما ذكر بين أن لا تكون الصفة المذكورة موجبة لزيادة القيمة وبين أن تكون كذلك بل ربّما قيل بأنّ عدم الاستحقاق في الصورة الاُولى ينبغي أن يعدّ من الضروريات واستظهر من الجواهر الاتفاق على عدم الاستحقاق في الصورة الثانية أيضاً وانّ الاستحقاق يختص بصورة كون الزيادة عيناً محضة كالزرع والشجر .
ومقتضى ما ذكر معاملة التلف في مثل اللون لأنّ نفي جواز مطالبة المالك بشيء وإن كان ظاهره عدم استحقاق شيء من المالية إلاّ انّ الظاهر كون مرادهم عدم ثبوت إضافة ملكية للغاصب في العين التي أحدثت فيها الصفة فيجوز للمالك التصرّف فيه بأيّ نحو شاء وهذا لا ينطبق إلاّ على فرض تحقّق التلف وصيرورة مال الغاصب تالفاً بالصبغ ، كما انّ نفي ثبوت حقّ للغرماء في العبارة المذكورة في مورد المفلس مرجعه إلى عدم ثبوت حقّ وإضافة فيه أصلا ولو بالنسبة إلى المفلس فتدبّر .
هذا ولكن استظهر في تقريرات صلاة المحقّق النائيني (قدس سره) من الأصحاب انّهم ذكروا فيما إذا أحدث الغاصب زيادة عينية موجبة لزيادة القيمة كالصبغ يستحق
( الصفحه 682 )
بقدر تفاوت قيمة الثوب الناشئ من تفاوت زيادة العين لا الصفة فلو كان قيمة الثوب عشرة دراهم وكان قيمة الصبغ درهماً وصار قيمة الثوب بعد الصبغ أربعة عشر درهماً فيلقى ثلاثة دراهم التي هي بإزاء الصفة ولا يستحقّها الغاصب ويصير الغاصب شريكاً مع المالك في الثوب بنسبة درهم إلى مجموع قيمته .
ومقتضى هذا الاستظهار ثبوت حق للغاصب مع المالك للصبغ بل ثبوت الشركة في ملكية العين وهذا يغاير ما استظهر من الجواهر ممّا مرّ من الاتفاق على عدم الاستحقاق في مثل هذه الصورة .
وكيف كان فالظاهر هنا كما في المتن من حكم العرف بتحقّق التلف وعدم بقاء شيء ممّا يتعلّق بمالك الصبغ بعد تحقّق الصبغ في هذا الفرض .
الفرع الثاني : هذه الصورة مع بقاء الجوهر الذي صبغ به في الثوب وحكمه حكم الفرع الثالث الآتي .
الثالث : ما إذا خيّط الثوب بخيوط مغصوبة ، قال العلاّمة في محكي القواعد في هذه المسألة : «ولو طلب المالك نزعها وإن أفضى إلى التلف وجب ثمّ يضمن الغاصب النقص ولو لم يبق لها قيمة عزم جميع القيمة» وعطف على ذلك في محكي جامع المقاصد قوله : «ولا يوجب ذلك خروجها عن ملك المالك كما سبق من أنّ جناية الغاصب توجب أكثر الأمرين ولو استوعب القيمة أخذها ولم تدفع العين» وعن المسالك في هذه المسألة «انّه إن لم يبق له قيمة ضمن جميع القيمة ولا يخرج بذلك عن ملك مالكه كما سبق فيجمع بين العين والقيمة» .
لكن عن مجمع البرهان في هذه المسألة اختيار عدم وجوب النزع بل قال : «يمكن أن لا يجوز ويتعيّن القيمة لكونه بمنزلة التلف و ـ حينئذ ـ يمكن جواز الصلاة في هذا الثوب المخاط إذ لا غصب فيه يجب ردّه كما قيل بجواز المسح بالرطوبة الباقية
( الصفحه 683 )
من الماء المغصوب الذي حصل العلم به بعد إكمال الغسل وقبل المسح» .
واستجوده صاحب الجواهر (قدس سره) في هذه المسألة من كتاب الغصب معلّلا له باقتضاء ملك المالك القيمة خروج المغصوب عن ملكه لكونها عوضاً شرعياً عنه .
ومن العجيب تصريح صاحبي جامع المقاصد والمسالك بعدم خروج الخيوط عن ملك المالك وتصريح صاحب الجواهر بخلافه وان ملك القيمة يقتضي خروج المغصوب عن ملكه مع حكمهم بخلاف ذلك في مسألة بدل الحيلولة حيث إنّه يظهر من الأوّلين خروجه عن ملك مالك المبدل ومن الأخير الخلاف . قال المحقّق الثاني في محكي جامعه : «انّ هنا إشكالا فإنّه كيف يجب القيمة ويملكها الأخذ ويبقى العين على ملكه وجعلها في مقابلة الحيلولة لا يكاد يتّضح معناه» .
وقال الشهيد الثاني (قدس سره) : «إنّ هذا لا يخلو عن إشكال من حيث اجتماع العوض والمعوض على ملك المالك من دون دليل واضح ولو قيل بحصول الملك لكلّ منهما متزلزلا وتوقّف تملّك المغصوب منه للبدل على اليأس من العين وإن جاز له التصرّف كان وجهاً في المسألة» .
وقال صاحب الجواهر بعد حكاية الكلامين : «لكنّه مخالف لما عرفته من الإتفاق المؤيّد بمعلومية عدم اعتبار توقّف ملكية المالك القيمة على الغاصب على خروج المغصوب عن قابلية التملّك إلى أن قال : فالقيمة المدفوعة ـ حينئذ ـ مملوكة والعين باقية على الملك للأصل ولأنّها مغصوبة وكلّ مغصوب مردود وأخذ القيمة غرامة للدليل الشرعي لا ينافي ذلك إلى أن قال في الاستدلال على ذلك : مضافاً إلى أصالة بقائه على ملكه وإلى ما عرفته من الاتفاق عليه ولذا لم يذكروا خلافاً بل ولا إشكالا في ملك نمائه المنفصل له ودعوى انّه من الجمع بين العوض والمعوض عنه الممنوع عنه شرعاً واضحة الفساد» .
( الصفحه 684 )
وكيف كان فمسألة صحّة الصلاة في الثوب المخيط بخيط مغصوب وبطلانها يبتني على بقاء الخيط على ملك مالكه وعدمه وصيرورته تالفاً عرفاً والعمدة في هذه الجهة ملاحظة انّ أدلّة لزوم الغرامة هل تقتضي ثبوت معاوضة شرعية قهرية أم لا؟ والظاهر هو الثاني لظهور دليل الغرامة في لزوم تدارك ما فات عن المالك بسبب التصرّف في العين المغصوبة أو كونها بيده ، ومن الواضح انّ ما فات عن المالك في مسألة الخيوط ليس إلاّ الأوصاف التي لها دخل في المالية ، وامّا الملكية فهي باقية بحالها ضرورة عدم دورانها مدار المالية فملكية المغصوب منه للقيمة بدلا لا تقتضي زوال ملكيته عن الخيوط المغصوبة بل هي بعد باقية على ملكها ويدلّ على عدم كون الغرامة ملازمة لتحقّق المعاوضة وضوح ثبوتها مع التلف الحقيقي للعين مع أنّه لا يعقل هناك معاوضة فالغرامة لا دلالة لها على المعاوضة وأدلّة نفي الضرر بناء على ارتباطها بباب الأحكام الشرعية قاصرة عن إفادة الملكية خصوصاً مع كون مقتضى الأصل أيضاً البقاء على ملك المالك فالإنصاف هو البطلان في مسألة الصلاة .
الرابع : الفروع التي نفى الإشكال عن الصحّة فيها في المتن والوجه في الحكم بها واضح لأنّ منع الأجير كالصبّاغ والخيّاط عن أجرته لا يوجب حقّاً له في العين أصلا وهكذا سائر الفروض .