جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصوم
صفحات بعد
صفحات قبل
( الصفحة 58 )

القاطع تؤكّد الصوم فضلاً عن المنافاة ، حيث إنّه يبني على القطع فيما بعد ، فهو بالفعل صائم لا محالة ليتّصف بعدئذ بالقطع ، فإن بدا له وجدّد النيّة قبل تناول المفطر فلا مانع من الصحّة . كما أ نّه قد يفصّل تارة اُخرى : بين نيّة الإتيان بالمفطر فعلاً ، وبين الإتيان به فيما بعد ، ببطلان الصوم في الأوّل دون الثاني .

واستظهر بعض الأعلام (قدس سرهم) أ نّ كلا التفصيلين مبنيان على شيء واحد ; وهو الخلط بين أمرين : عنوان الصوم المقابل للإفطار ، وصحّته . أمّا أصل الصوم فالذي ينافيه إنّما هو نيّة القطع ، وأمّا لو نوى القاطع فهو ممسك فعلاً ولم يرفع اليد عن صومه بوجه ، فعنوان الصوم باق إلى أن يرتفع بمفطر .

وأمّا الصوم الصحيح القربي الذي هو عبارة عن نيّة الإمساك الخاصّ المحدود فيما بين الفجر إلى الغروب، فلا  شكّ أ نّ كلاًّ من نيّتي القطع والقاطع الحالي أو الاستقبالي تنافيه ; ضرورة أ نّه كيف يجتمع العزم على الإمساك المذكور مع نيّة القاطع ولو بعد ساعة ؟ فنيّة القاطع فضلاً عن القطع ولو فيما بعد لا تكاد تجتمع مع القصد إلى الصوم الصحيح ، فهو نظير من شرع في الصلاة بانياً على إبطالها في الركعة الثالثة ; فإنّ مثله غير قاصد لامتثال الأمر بجميع أجزاء الصلاة وإن لم يكن بالفعل قاطعاً للصلاة . انتهى(1) .

وأنت خبير بأ نّه لا دليل على البطلان بمجرّد قصد الإبطال في الركعة الثالثة ما لم  يتحقّق الإبطال خارجاً ، فالأقوى حينئذ ما في المتن ، فتأمّل جيّداً .

  • (1) المستند في شرح العروة 21 : 85 ـ 86 .

( الصفحة 59 )

القول فيما يجب الإمساك عنه

مسألة 1 : يجب على الصائم الإمساك عن اُمور :

الأوّل والثاني : الأكل والشرب; معتاداً كان كالخبز والماء ، أو غيره كالحصاة وعصارة الأشجار; ولو كانا قليلين جدّاً كعُشر حبّة وعُشر قطرة 1 .

1 ـ لا إشكال في مفطريّة الأكل والشرب في الجملة ، ويدلّ عليه قبل كلّ شيء الكتاب العزيز المشتمل على قوله ـ تعالى ـ : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ}ـ الآية(1) ـ ووجوب إتمام الصيام إلى الليل(2) ، ولعلّهما  ـ كما يظهر من بعض الروايات ـ هما الأساس والأصل في المفطريّة ، وبقيّتها ملحقة بهما .

وكيف كان ، فمفطريّتهما ضروريّة عند جميع المسلمين(3) ، فاتّصافهما بها من ضرورة الإسلام لا الفقه فقط . والظاهر أ نّه لا فرق فيهما من حيث المعتاد وغيره من جهة المأكول والمشروب ، كما أ نّه لا فرق فيهما من حيث الإيصال إلى البطن من الطريق غير المتعارف كالأنف وغيره ، أو من الطريق المتعارف كالفم ، أمّا الثاني

  • (1، 2) سورة البقرة 2 : 187 .
    (3) جواهر الكلام 16 : 217 ، مستمسك العروة 8 : 233 ، المستند في شرح العروة 21 : 92 .

( الصفحة 60 )

فسيأتي حكمه في المسألة الثانية إن شاء الله تعالى .

وأمّا الأوّل : فالمشهور بل المتسالم عليه بينهم هو ذلك ، بل ربما يقال(1) : إنّ المرتكز في أذهان عامّة المسلمين عدم الفرق في المأكول والمشروب من حيث المتعاد وغيره . وقد نسب الخلاف في ذلك إلى بعض المخالفين(2) ، والسيّد في محكي بعض كتبه إدّعى الاتّفاق بين المسلمين على ذلك ، وأنّ الخلاف المزبور مسبوق بالإجماع وملحوق به (3)، ومع ذلك فقد حكي عنه في بعض كتبه(4) وعن ابن الجنيد(5) المخالفة في ذلك واختصاص المفطريّة بالمأكول والمشروب العاديين ، مع أ نّه من الواضح أ نّ إطلاقات الكتاب والسنّة تشمل الجميع من دون إشعار بالاختصاص فضلاً عن الدلالة .

ودعوى الاختصاص ممنوعة جدّاً ولو كانت ناشئة عن إدعاء الانصراف الممنوع جدّاً أيضاً; لعدم الفرق في نظر العرف بين المعتاد وغيره، فلافرق بين أكل الخبز وبين أكل الطين ، ولذا ورد في الرواية : من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه(6) .

نعم ، هنا شيء سيأتي البحث عنه إن شاء الله تعالى ; وهو أ نّه ربما تستعمل كلمة «الشرب» في اُمور لعلّها خارجة عن عنوان الشرب في نظر العرف ، كشرب التتن الممثّل به في الاُصول في بحث البراءة ، مع أ نّه خارج عن حقيقة الشرب ، واللازم

  • (1) مستمسك العروة 8 : 233 ، المستند في شرح العروة 21 : 93 ، جواهر الكلام 16 : 217 .
    (2) وهما الحسن بن صالح وأبو طلحة الأنصاري ، والناسب هو السيّد في مسائل الناصريّات: 294.
    (3) مسائل الناصريات : 294 ، والحاكي هو العلاّمة في مختلف الشيعة 3: 258 ـ 259 مسألة 21.
    (4) رسائل الشريف المرتضى 3 : 54 وجمل العلم والعمل : 90 .
    (5) حكى عنه في مختلف الشيعة 3 : 257 مسألة 21 .
    (6) الكافي 6 : 266 ح 8 ، المحاسن 2 : 387 ح 2370، تهذيب الأحكام 9 : 89 ح 376 ، وعنها وسائل الشيعة 24 : 222 ، كتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأطعمة المحرّمة ب 58 ح 7 .

( الصفحة 61 )

أن يقال في مفطريّة مثله: إ نّه على تقديرها لا يكون من مصاديق الشرب ، بل من أشباه الغبار الداخل في الحلق الذي هو أجزاء دقيقة من التراب وشبهه ، فانتظر .

ثمّ إنّه لا فرق في مفطريّة الأكل والشرب بين الكثرة والقلّة ولو كانت في غايتها ، وقد ذكر السيّد في العروة أنّه لو بلّ الخيّاط الخيط بريقه أو غيره ثمّ ردّه إلى الفم وابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه ، إلاّ إذا استهلك ما كان عليه من الرطوبة بريقه على وجه لا تصدق عليه الرطوبة الخارجيّة ، وكذا لو استاك وأخرج المسواك من فمه وكان عليه رطوبة ثمّ ردّه إلى الفم ; فإنّه لو ابتلع ما عليه بطل صومه إلاّ مع الاستهلاك على الوجه المذكور (1). وربما يستشكل في ذلك بمنع تحقّق الاستهلاك بعد فرض الاتّحاد في الجنس ; فأنّه إنّما يتصوّر في غير المتجانسين على ما ذكروه في الشركة ، كامتزاج التراب في الماء ، أو وقوع قطرة من البول في كرّ من الماء مثلاً ، الموجب لزوال الموضوع وانعدامه .

وأمّا المزج الحاصل في المتجانسين ـ كما في المقام ـ فهو موجب لزيادة الكمّيّة والإضافة على مقدارها ، فكأ نّ الريق أو الماء عشرة مثاقيل مثلاً ، فصار أحد عشر مثقالاً ، وإلاّ فالمزيج باق على ما كان لا أنّه زال وانعدم .

ودفعه بعض الأعلام على ما في الشرح بما يرجع إلى أنّ ما ذكر إنّما يتمّ بالنظرإلى ذات المزيج ، فلا يعقل الاستهلاك بملاحظة نفس الممتزجين المتّحدين في الجنس . وأمّا بالنظر إلى الوصف العنواني ـ الذي بملاحظته جُعِل موضوعاً لحكم من الأحكام ; بأن كان الأثر مترتّباً على صنف خاصّ من الطبيعة ـ فلا مناص من الالتزام بالاستهلاك من هذه الجهة ، فلو فرضنا أنّ ماء البئر لا يجوز التوضّؤ به ،

  • (1) العروة الوثقى 2 : 13 ، فصل فيما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات .

( الصفحة 62 )

فمزجنا مقداراً منه بماء النهر ، فالاستهلاك بالنظر إلى ذات الماء غير متصوّر . وأ مّا بالنظر الى الخصوصيّة ـ أي الإضافة إلى البئر ـ فالاستهلاك ضروريّ ; لعدم بقاء هذه الإضافة بعد الامتزاج فيما إذا كان المزيج قليلاً ، ولا موضوع لتلك الحصّة الخاصّة ، فلا يطلق على الممتزج أ نّ هذا ماء البئر ، أو أ نّ فيه ماء البئر ، فالماء بما هو ماء وإن لم يكن مستهلكاً ، ولكن بما هو ماء البئر مستهلك بطبيعة الحال .

وقد وسّع هذا الحكم فيما لو اُخذ مقدار من الماء المغصوب واُلقي في الماء المباح، بحيث كان الأوّل يسيراً جدّاً في قبال الثاني ، كما لو اُلقي مقدار من الماء المغصوب في الكرّ أو البحر ، فهل يمكن التفوّه بعدم جواز الاستعمال من البحر أو الكرّ ، بدعوى حصول الامتزاج وامتناع الاستهلاك في المتجانسين ؟ والمقام من هذا القبيل; فإنّ الريق مادام كونه في الفم يجوز ابتلاعه ، وإذا خرج لا يجوز ، فهناك صنفان محكومان بحكمين ، فإذا امتزج الصنفان على نحو تحقّق معه الاستهلاك ـ لا بما هو ريق ، بل بما هو ريق خارجي ـ جاز ابتلاعه .

ثمّ استدلّ عليه مضافاً إلى القاعدة بالروايات الورادة في جواز السواك بالمسواك الرطب ، وفي بعضها جواز بلّه بالماء والسواك به بعد النفض(1) ، وبما ورد من جواز المضمضة بل الاستياك بنفس الماء وأ نّه يفرغ الماء من فمه ولا شيء عليه (2); فإنّه تبقى لا محالة أجزاء من الرطوبة المائيّة في الفم ، إلاّ أنّه من جهة الاستهلاك في الريق لا مانع من ابتلاعها ، انتهى(3) .

قلت : الأمر كما أفاده زيد في علوّ مقامه ، إلاّ أنّه ينبغي التنبيه على أمر ; وهو أنّ

  • (1) وسائل الشيعة 10: 83 و 85، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 28 ح 3 و 11 .
    (2) وسائل الشيعة 10:86، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 28 ح 15 و 16 و ص 91 ب 31 ح 1 .
    (3) المستند في شرح العروة 21 : 99 ـ 101 .