جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة أحكام التخلّي والوضوء
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 193)

جهدهم في بيان ما يحتاج إلى البيان وترتيبه على أحسن النظام ، والاختلاف بينهم مستند إلى اختلاف الأخبار ، أو فهم معانيها من الألفاظ المحتملة ، حتّى لو نقلت تلك الأخبار لكانت موجبة للاختلاف ، كما ترى الاختلاف الوارد بين المحدّثين ، مع أنّ عملهم مقصور على الأخبار المنقولة .

وبالجملة : فلا فرق بين التصنيف في الفقه والتأليف في الحديث(1) .

ويرد عليهم أيضاً ـ مضافاً إلى منع المبنى ; لأنّ الرجوع إلى المجتهد ليس من باب الرجوع إلى راوي الحديث وناقل الخبر ، بل التقليد الاصطلاحي الذي استفيد جوازه من الأدلّة ، مرجعه إلى تطبيق العمل على رأي العالم ونظره ; من جهة أ نّه أهل الخبرة والاطّلاع والنظر والاجتهاد ، ولذا يعتبر فيه الفقاهة والبلوغ إلى مرتبة النظر ، ولو كان الرجوع إليه من جهة كونه راوي الحديث ، لما كان يعتبر فيه الفقاهة ; لعدم مدخليّتها في الراوي بما هو راو أصلا ـ منع البناء ; فإنّه على تقدير صحّة المبنى ، لا مجال لجواز الرجوع إلى الميّت بعد ثبوت الاختلاف بين العلماء أحيائهم وأمواتهم ، خصوصاً إذا كان الترجيح مع غير من يريد الرجوع إليه من الأموات ; فإنّه بناءً على ذلك  تصير آراء المجتهدين بمنزلة الروايات المختلفة المتعارضة ، فلابدّ من الأخذ بذي الترجيح منها ، أو التخيير لو قام دليل عليه في مثل هذه الصورة أيضاً ، وإلاّ فمقتضى القاعدة في تعارض الأمارتين سقوطهما عن الحجّية ، كما هو المحقّق في محلّه .

إذا عرفت ذلك فالكلام يقع في مقامين :

المقام الأوّل : في جواز تقليد الميّت ابتداءً وعدمه ، وبعبارة أُخرى : في اشتراط

  • (1) منبع الحياة : 31 .

(الصفحة 194)

الحياة في المفتي ابتداءً وعدمه ، وقبل الخوض في ذكر أدلّة الطرفين ، وبيان ما استدلّ به أصحاب المذهبين ، وتحقيق ما هو الحقّ في البين ، نقول :

لا خفاء في أنّ مقتضى الأصل ـ على تقدير الشك ووصول النوبة إليه ـ عدم حجّية فتوى الميّت بحسب الابتداء ; لأنّ مرجع الشك في الاشتراط إلى الشك في أصل الحجّية بالإضافة إليه ، ومقتضى الأصل الأوّلي في كلّ أمارة مشكوكة الحجّية عدم ترتّب شيء من آثار الحجّية عليها .

ولذا اشتهر أنّ الشكّ في الحجّية مساوق للقطع بعدمها ، فما يحتاج إلى الدليل إنّما هو القول بعدم اشتراط الحياة وسعة دائرة الحجّية المجعولة ، وشمولها لفتوى المجتهد الميّت أيضاً ، ومع ذلك فالمناسب بيان أدلّة كلا الطرفين ، فنقول :

أمّا ما استدلّ به على الاشتراط وعدم جواز تقليد الميّت فوجوه :

الأوّل : دعوى الإجماع على ذلك عن جملة من أعاظم الفقهاء وأكابر العلماء رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، ولا بأس بنقل جملة من الكلمات المشتملة على هذه الدعوى . قال المحقّق الثاني في محكيّ شرح الألفيّة : لا يجوز الأخذ عن الميّت مع وجود المجتهد الحيّ ، بلا خلاف بين علماء الإماميّة(1) .

وقال الشهيد الثاني في محكيّ المسالك : قد صرّح الأصحاب في هذا الباب ـ من كتبهم المختصرة والمطوّلة ـ وفي غيره ، باشتراط حياة المجتهد في جواز العمل بقوله ، ولم يتحقّق إلى الآن في ذلك خلاف ممّن يعتدّ بقوله من أصحابنا ، وإن كان للعامّة في ذلك خلاف مشهور(2) .

  • (1) شرح الألفيّة ، المطبوع مع حياة المحقّق الكركي وآثاره: 7 / 253 .
  • (2) مسالك الأفهام : 3 / 109 .

(الصفحة 195)

وقال أيضاً في محكيّ الرسالة ـ المعمولة في المسألة ـ : ونحن بعد التتبّع الصادق لما وصل إلينا من كلامهم، ماعلمنا بأحد من أصحابنا ـ ممّن يعتبر قوله ، ويعوّل على فتواه ـ خالف في ذلك، فعلى مدّعي الجواز بيان القائل به ، على وجه لا يلزم منه خرق الإجماع.

ثمّ قال : ولا قائل بجواز تقليد الميّت من أصحابنا السابقين وعلمائنا الصالحين ; فإنّهم ذكروا في كتبهم الأُصوليّة والفقهيّة قاطعين بما ذكرناه(1) .

وقال صاحب المعالم في محكيّها : العمل بفتاوي الموتى مخالف لما يظهر من اتّفاق علمائنا على المنع من الرجوع إلى فتوى الميّت ، مع وجود المجتهد الحيّ(2) .

وعن الوحيد البهبهاني في فوائده : أنّ الفقهاء أجمعوا على أنّ الفقيه لو مات لايكون قوله حجّة(3) . وقال في موضع آخر : وربما جعل ذلك من المعلوم من مذهب الشيعة(4) .

وعن ابن أبي جمهور الأحسائي : لابدّ في جواز العمل بقول المجتهد من بقائه ، فلو مات بطل العمل بقوله ووجب الرجوع إلى غيره ، إذ الميّت لا قول له(5) ، وعلى هذا انعقد الإجماع من الإماميّة ، وبه نطقت مصنّفاتهم الأُصوليّة ، لا أعلم فيه مخالفاً منهم .

وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ مخالفة المحقّق القمّي(رحمه الله) إنّما هي مبتنية على مسلكه ، ومتفرّعة على مبناه من الانسداد الذي لا نقول به ، وكذا مخالفة الأخباريّين مبتنية

  • (1) رسائل الشهيد الثاني : 1 / 44 .
  • (2) معالم الدين : 248 .
  • (3 ، 4) الفوائد الحائريّة للبهبهاني : 260 و 397 و 500 .
  • (5) الأقطاب الفقهيّة : 163 .

(الصفحة 196)

على إنكارهم للتقليد الاصطلاحي ، وعلى تقدير خلاف ذلك لا يضرّ بدعوى الإجماع ، واستكشاف رأي المعصوم(عليه السلام) من طريق الحدس ، كما هو مبنى المتأخّرين في باب الإجماع .

وقد أُورد على هذا الدليل بأنّ الإجماع المدّعى على تقدير تحقّقه ليس إجماعاً تعبّديّاً موجباً لاستكشاف قول المعصوم(عليه السلام) به ; لاحتمال أن يكون مستند المجمعين أصالة الاشتغال ، أو ظهور الأدلّة في اشتراط الحياة فيمن يجوز تقليده ، أو غير ذلك ، ومع هذا الاحتمال ينسدّ باب الحدس واستكشاف رأي المعصوم(عليه السلام) ، الذي هو الملاك في الحجّية عندنا ; ضرورة عدم ثبوت وصف الحجّية للإجماع بما هو إجماع(1) ، كما قد حقّق في محلّه .

والجواب عن هذا الإيراد : أ نّه وإن كان احتمال الاستناد إلى الدليل ، أو الأصل مانعاً عن ثبوت وصف الحجّية للإجماع ، إلاّ أ نّه لا مجال لهذا الاحتمال في المقام ، خصوصاً بعد استقرار رأي المخالفين ، واستمرار عملهم على تقليد الميّت ، والرجوع إلى أشخاص معيّنين من الأموات ، ففي الحقيقة يكون هذا من خصائص الشيعة وامتيازات الإماميّة .

والعجب من هذا المورد : أ نّه كيف يناقش في تحقّق الإجماع واستكشاف رأي المعصوم(عليه السلام) ، مع تصريحه فيما يأتي من كلامه(2) ; بأنّ ضرورة مذهب الشيعة تقتضي عدم الأخذ بفتوى المجتهد الميّت ولو فيما إذا كان أعلم ; فإنّه كيف تجتمع دعوى الضرورة والبداهة مع المناقشة في دعوى الإجماع .

  • (1) التنقيحفي شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 104 .
  • (2) في ص199 .

(الصفحة 197)

الثاني : اختصاص الأدلّة الدالّة على حجّية فتوى المجتهد ، وجواز الرجوع إليه والأخذ بها ، بخصوص المجتهد المتّصف بوصف الحياة ، وعدم شمولها لغير الواجد لهذا الوصف .

أمّا قوله تعالى في آية النفر : {لِّيَتَفَقَّهُوا فِى الدِّينِ وَ لِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ}(1) فلظهوره في أنّ الإنذار ـ الذي يتعقّبه الحذر ـ إنّما هو الإنذار الحاصل من المنذر الحيّ ; لعدم معنى لإنذار الميّت ، كما أ نّه لا معنى لاتّصافه بالفقاهة فعلا ، ويُؤيّده تعليق وجوب الإنذار على الرجوع الظاهر في الحياة .

وكذا قوله تعالى : {فَسْـَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}(2) ظاهر فيمن يكون متّصفاً بهذا الوصف فعلا ، خصوصاً بعد إيجاب السؤال ; فإنّه وإن لم يكن للسؤال مدخليّة في حجّية قول أهل الذكر ونظره ، إلاّ أنّ المفروض في الآية إمكان الرجوع إليه والسؤال عنه ، وهذا الوصف لا يتحقّق في الميّت بوجه .

وكذا الروايات الدالّة على حجّية فتوى المجتهد ، أعمّ ممّا يدلّ عليها بنحو العموم ، كقوله(عليه السلام) ـ فيما حكي عن تفسير العسكري(عليه السلام) ـ : فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه إلخ(3) . في الإرجاع إلى أشخاص معيّنين ; فإنّ ظهورها في الواجد للأوصاف المذكورة فيها فعلا ، خصوصاً الطائفة الثانية منها واضح لا ينبغي الارتياب فيه .

وكذا السيرة العقلائية ـ التي هي العمدة في أدلّة حجّية فتوى الفقيه كما

  • (1) سورة التوبة : 9 / 122 .
  • (2) سورة الأنبياء : 21 / 7 .
  • (3) تقدّم في ص83 .