جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفسير مجمع البيان ـ ج4 « قرآن، حديث، دعا « صفحه اصلى  

<<        الفهرس        >>



مجمع البيان ج : 4 ص : 673

أبيض لا يرهب الهزال و لا
يقطع رحما و لا يخون إلى و روي إلي أيضا و قيل أنه أراد بقوله إلا إلا بالتشديد فخففه و هو العهد و القرابة و الوقوع و السقوط و النزول نظائر و الرجس العذاب و قيل الرجس الرجز قلبت الزاي سينا كما قلبت السين تاء في قول الشاعر :
ألا لحى الله بني السعلات
عمرو بن يربوع شرار النات أي الناس :
ليسوا بأعفاف و لا أكيات يريد أكياس .

الإعراب

انتصب « أخاهم هودا » بقوله أرسلنا في أول الكلام لأن تفصيل القصص يقتضي ذلك و التقدير و أرسلنا إلى عاد أخاهم هودا و صرف هود لخفته كما صرفت جمل لخفتها « يا قوم » موضع قوم نصب لأنه نداء مضاف و لو وصفته لم يجز في صفته إلا النصب قوله « و لكني رسول » استدرك بلكن لأن فيه معنى ما دعاني إلى أمركم السفه و لكن دعاني إليه أني رسول .

المعنى

ثم عطف سبحانه على قصة نوح قصة هود فقال « و إلى عاد » و هو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح « أخاهم » يعني في النسب لا في الدين « هودا » و هو هود بن شالخ بن أرفحشد بن سام بن نوح (عليه السلام) عن محمد بن إسحاق و قيل هو هود بن عبد الله بن رياح بن جلوث بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عن غيره و كذا هو في كتاب النبوة و إنما قال أخاهم لأنه أبلغ في الحجة عليهم إذا اختار الرسالة إليهم من هو من قبيلتهم ليكونوا إليه أسكن و به آنس و عنه أفهم « قال » هود « يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره » قد مر تفسيره « أ فلا تتقون » استفهام يراد به التقرير « قال الملأ الذين كفروا من قومه » قد مر تفسيره « إنا لنراك » يا هود « في سفاهة » أي جهالة و معناه نراك سفيها إلا أنه قال في سفاهة على جهة المبالغة أي نراك منغمسا في سفاهة « و إنا لنظنك من الكاذبين » أي كذبوه ظانين لا متيقنين عن الحسن و الزجاج و قيل إن المراد بالظن هنا العلم كما في قول الشاعر :
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج
سراتهم في الفارسي المسرد و معناه أيقنوا « قال » هود « يا قوم ليس بي سفاهة » أي لم يحملني على هذا الإخبار
مجمع البيان ج : 4 ص : 674
السفاهة « و لكني رسول من رب العالمين » هذا تعليم من الله تعالى بأن لا يقابل السفهاء بالكلام القبيح و لكن يقتصر الإنسان على نفي ما أضيف إليه عن النفس « أبلغكم رسالات ربي » أي نبوات ربي إنما قال رسالات هنا و فيما تقدم بلفظ الجمع لأن الرسالة متضمنة لأشياء كثيرة من الأمر و النهي و الترغيب و الترهيب و الوعد و الوعيد و غير ذلك فأتى بلفظ يدل عليها و إذا قال رسالة ربي بلفظ الواحد أتى بلفظة مشتملة على هذه الأشياء بطريق الإجمال « و أنا لكم ناصح » فيما أدعوكم إليه من طاعة الله و توحيده « أمين » أي ثقة مأمون في تأدية الرسالة فلا أكذب و لا أغير عن الضحاك و الجبائي و قيل معناه كنت مأمونا فيكم فكيف تكذبونني عن الكلبي « أ و عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم » أي لا عجب في أن جاءكم نبوة و قيل معجزة و بيان « على رجل منكم » في النسب نشأ بينكم و قيل إن معناه كيف تتعجبون من بعثة رجل منكم و لا تتعجبون من عبادة حجر « لينذركم » ليخوفكم « و اذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح » معناه و اذكروا نعمة الله عليكم بأن جعلكم سكان الأرض من بعد قوم نوح و هلاكهم بالعصيان « و زادكم في الخلق بصطة » أي طولا و قوة عن ابن عباس و جماعة قال الكلبي كان أطولهم مائة ذراع و أقصرهم ستين ذراعا و قيل كان أقصرهم اثني عشر ذراعا و قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) كانوا كأنهم النخل الطوال و كان الرجل منهم ينحو الجبل بيديه فيهدم منه قطعة و قيل معناه و زاد في خلقكم بسطة فكانوا أطول من غيرهم بمقدار أن يمد الإنسان يده فوق رأسه باسطا « فاذكروا آلاء الله » أي نعم الله « لعلكم تفلحون » أي لكي تفوزوا بنعيم الدنيا و الآخرة « قالوا أ جئتنا » يا هود « لنعبد الله وحده و نذر » عبادة « ما كان يعبد آباؤنا » من الأصنام « فأتنا بما تعدنا » من العذاب « إن كنت من الصادقين » في أنك رسول الله إلينا و في نزول العذاب بنا لو لم نترك عبادة الأصنام « قال » هود لقومه جوابا عما قالوه « قد وقع عليكم » أي وجب عليكم و حل بكم لا محالة فهو كالواقع « من ربكم رجس » أي عذاب « و غضب » و الغضب من الله إرادة العذاب بمستحقيه و مثله السخط « أ تجادلونني » أي أ تناظرونني و تخاصمونني « في أسماء سميتموها أنتم و آباؤكم » أي في أصنام صنعتموها أنتم و آباؤكم و اخترعتم لها أسماء سميتموها آلهة و ما فيها من معنى الإلهية شيء و قيل معناه تسميتهم لبعضها أنه يسقيهم المطر و لآخر أنه يأتيهم بالرزق و لآخر أنه يشفي المرضى و الآخر أنه يصحبهم في السفر « ما نزل الله بها من سلطان » أي حجة و برهان و بينة و عليكم البينة بما ادعيتم و سميتم و ليس علي أن آتيكم بالبينة على ما تعبدون من دون الله بل ذلك عليكم و علي أن آتيكم بسلطان مبين إن الله تعالى هو المعبود و لا معبود
مجمع البيان ج : 4 ص : 675
سواه و إني رسوله « فانتظروا » عذاب الله فإنه نازل بكم « إني معكم من المنتظرين » لنزوله بكم عن الحسن و الجبائي و المفسرين « فأنجيناه و الذين معه برحمة منا » أي فخلصنا هودا و الذين كانوا آمنوا معه من العذاب بإخراجنا إياهم من بينهم قبل إنزال العذاب بهم « و قطعنا دابر الذين كذبوا ب آياتنا » أي و استأصلنا الذين كذبوا بحججنا بعذاب الاستئصال فلم يبق لهم نسل و لا ذرية « و ما كانوا مؤمنين » بالله و رسوله و إنما قال ذلك ليبين أنه كان المعلوم من حالهم أنه لو لم يهلكهم ما كانوا ليؤمنوا كما قال في موضع آخر و لقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا و جاءتهم رسلهم بالبينات و ما كانوا ليؤمنوا و في هذه الآية دلالة على أن قوم هود استؤصلوا فلا عقب لهم .

[ قصة هود]


جملة ما ذكره السدي و محمد بن إسحاق و غيرهما من المفسرين في قصة هود أن عادا كانوا ينزلون اليمن و كانت مساكنهم منها بالشحر و الأحقاف و هي رمال يقال لها رمل عالج و الدهناء و يبرين ما بين عمان إلى حضرموت و كان لهم زرع و نخل و لهم أعمار طويلة و أجساد عظيمة و كانوا أصحاب أصنام يعبدونها فبعث الله تعالى إليهم هودا نبيا و كان من أوسطهم نسبا و أفضلهم حسبا فدعاهم إلى التوحيد و خلع الأنداد فأبوا عليه و كذبوه و آذوه فأمسك الله عنهم المطر سبع سنين و قيل ثلاث سنين حتى قحطوا و كان الناس في ذلك الزمان إذا نزل بهم بلاء أو جهد التجئوا إلى بيت الله الحرام بمكة مسلمهم و كافرهم و أهل مكة يومئذ العماليق من ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح و كان سيد العماليق إذ ذاك بمكة رجلا يقال له معاوية بن بكر و كانت أمه من عاد فبعث عاد وفدا إلى مكة ليستسقوا لهم فنزلوا على معاوية بن بكر و هو بظاهر مكة خارجا من الحرم فأكرمهم و أنزلهم و أقاموا عنده شهرا يشربون الخمر فلما رأى معاوية طول مقامهم و قد بعثهم قومهم يتغوثون من البلاء الذي نزل بهم شق ذلك عليه و قال هلك أخوالي و هؤلاء مقيمون عندي و هم ضيفي أستحي أن آمرهم بالخروج إلى ما بعثوا إليه و شكا ذلك إلى قينتيه اللتين كانتا تغنيانهم و هما الجرادتان فقالتا قل شعرا نغنيهم به لا يدرون من قاله فقال معاوية بن بكر :
أ لا يا قيل ويحك قم فهينم
لعل الله يصبحنا غماما

مجمع البيان ج : 4 ص : 676

فيسقي أرض عاد إن عادا
قد أمسوا ما يبينون الكلاما
و إن الوحش تأتيهم جهارا
و لا تخشى لعادي سهاما
و أنتم هاهنا فيما اشتهيتم
نهاركم و ليلكم التماما
فقبح وفدكم من وفد قوم
و لا لقوا التحية و السلاما فلما غنتهم الجرادتان بهذا قال بعضهم لبعض إنما بعثكم قومكم يتغوثون بكم من هذا البلاء فادخلوا هذا الحرم و استسقوا لهم فقال رجل منهم قد آمن يهود سرا و الله لا تسقون بدعائكم و لكن إن أطعتم نبيكم سقيتم فزجروه و خرجوا إلى مكة يستسقون بها لعاد و كان قيل بن عنزر رأس وفد عاد فقال يا إلهنا إن كان هود صادقا فاسقنا فإنا قد هلكنا فأنشأ الله سبحانه سحابا ثلاثا بيضاء و حمراء و سوداء ثم ناداه مناد من السماء يا قيل اختر لنفسك و لقومك فاختار السحابة السوداء التي فيها العذاب فساق الله سبحانه تلك السحابة بما فيها من النقمة إلى عاد فلما رأوها استبشروا بها و قالوا هذا عارض ممطرنا يقول الله عز و جل « بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم » فسخرها الله تعالى عليهم سبع ليال و ثمانية أيام حسوما أي دائمة فلم تدع من عاد أحدا إلا هلك و اعتزل هود و من معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبه و من معه إلا ما تلين عليه الجلود و تلتذ النفوس و إنها لتمر من عاد بالظعن ما بين السماء و الأرض و تدمغهم بالحجارة فأهلكتهم و روى أبو حمزة الثمالي عن سالم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال إن الله تبارك و تعالى بيت ريح مقفل عليه لو فتح لأذرت ما بين السماء و الأرض ما أرسل على قوم عاد إلا قدر الخاتم و كان هود و صالح و شعيب و إسماعيل و نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) يتكلمون بالعربية .

مجمع البيان ج : 4 ص : 677
وَ إِلى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صلِحاً قَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكم مِّنْ إِلَه غَيرُهُ قَدْ جَاءَتْكم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكلْ فى أَرْضِ اللَّهِ وَ لا تَمَسوهَا بِسوء فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(73) وَ اذْكرُوا إِذْ جَعَلَكمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَاد وَ بَوَّأَكمْ فى الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سهُولِهَا قُصوراً وَ تَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكرُوا ءَالاءَ اللَّهِ وَ لا تَعْثَوْا فى الأَرْضِ مُفْسِدِينَ(74) قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ استَكبرُوا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ استُضعِفُوا لِمَنْ ءَامَنَ مِنهُمْ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صلِحاً مُّرْسلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ(75) قَالَ الَّذِينَ استَكبرُوا إِنَّا بِالَّذِى ءَامَنتُم بِهِ كَفِرُونَ(76) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَ قَالُوا يَصلِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنت مِنَ الْمُرْسلِينَ(77) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصبَحُوا فى دَارِهِمْ جَثِمِينَ(78) فَتَوَلى عَنهُمْ وَ قَالَ يَقَوْمِ لَقَدْ بْلَغْتُكمْ ْ رِسالَةَ رَبى وَ نَصحْت لَكُمْ وَ لَكِن لا تحِبُّونَ النَّصِحِينَ(79)

القراءة

قرأ ابن عامر وحده و قال الملأ بإثبات الواو و الباقون بغير الواو .

الحجة

قد تقدم القول في نحو هذا الواو و أن إثباتها حسن و حذفها حسن .

اللغة

البينة العلامة الفاصلة بين الحق و الباطل من جهة شهادتها به و الناقة أصلها من التوطئة و التذليل يقال بعير منوق أي مذلل موطأ و تنوق في العمل جودة و الآية و العبرة و الدلالة و العلامة نظائر و التبوئة التمكين من المنازل يقال بوأته منزلا إذا أمكنته منه ليأوي إليه و أصله من الرجوع قال الشاعر :
و بوئت في صميم معشرها
فتم في قومها مبوؤها أي أنزلت و مكنت و القصور جمع قصر و هو الدار التي لها سور يكون به مقصورة و أصله القصر الذي هو الجعل على منزلة دون منزلة و منه القصير لأنه دون غيره و القصر الغاية
مجمع البيان ج : 4 ص : 678
يقال قصرك الموت لأنه قصر عليه و العثي الفساد يقال عثى يعثي و عاث يعيث بمعنى و العقر الجرح الذي يأتي على أصل النفس و هو من عقر الحوض : أصله قال امرؤ القيس :
بإزاء الحوض أو عقره ) و العتو تجاوز الحد في الفساد و الرجف الاضطراب يقال رجف بهم السقف يرجف رجوفا إذا اضطرب من تحتهم و أرجف الناس بالشيء إذا خاضوا فيه و اضطربوا و الجثوم البروك على الركبة يقال جثم يجثم جثوما قال جرير :
عرفت المنتأى و عرفت منها
مطايا القدر كالحدء الجثوم .

الإعراب

ثمود جاء مصروفا و غير مصروف فمن صرفه فعلى أنه اسم الحي مذكر و من ترك صرفه فعلى أنه اسم القبيلة كما قال إلا أن ثمودا كفروا ربهم إلا بعدا لثمود فصرف الأول و لم يصرف الثاني آية منصوب على الحال لأن معنى قوله « هذه ناقة الله » انظروا إلى هذه الناقة آية أي علامة و تأكل في موضع نصب على الحال أي آكلة و مفسدين أيضا نصب على الحال و قوله « لمن آمن منهم » موضعه نصب بدل من قوله « للذين استضعفوا » و هو بدل البعض من الكل إلا أنه أعيد فيه حرف الجر و قوله « يا صالح ائتنا » إن وصلته همزته و إن ابتدأت به لم تهمز بل تقول ايتنا و إنما كان كذلك لأن أصله ائتنا بهمزتين فكرهوا اجتماعهما فقلبوا الثانية ياء لكسرة ما قبلها و إذا وصل تسقط همزة الوصل فتظهر همزة الأصل .

المعنى

ثم عطف سبحانه على ما تقدم قصة صالح فقال « و إلى ثمود أخاهم صالحا » أي و أرسلنا إلى ثمود و ثمود هنا القبيلة و هو ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح و صالح من ولد ثمود « قال يا قوم اعبدوا الله » وحده « ما لكم من إله غيره » فتعبدوه « قد جاءتكم بينة من ربكم » أي دلالة معجزة شاهدة على صدقي « هذه ناقة الله لكم آية » أشار إلى ناقة بعينها أضافها إلى الله سبحانه تفضيلا و تخصيصا نحو بيت الله و قيل إنما أضافها إليه لأنها خلقها بلا واسطة و جعلها دلالة على توحيده و صدق رسوله لأنها خرجت من صخرة ملساء تمخضت بها كما تتمخض المرأة ثم انفلقت عنها على الصفة التي طلبوها و كان لها
مجمع البيان ج : 4 ص : 679
شرب يوم تشرب فيه ماء الوادي كله و تسقيهم اللبن بدله و لهم شرب يوم يخصهم لا تقرب فيه ماءهم عن السدي و ابن إسحاق و جماعة و قيل إنما أضافها إلى الله لأنه لم يكن لها مالك سواه تعالى عن الجبائي قال الحسن كانت ناقة من النوق و كان وجه الإعجاز فيها أنها كانت تشرب ماء الوادي كله في يوم على ما شرحناه « فذروها » أي اتركوها « تأكل في أرض الله و لا تمسوها بسوء » أي بعقر أو نحر « فيأخذكم » أي ينالكم « عذاب أليم » أي مؤلم « و اذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد » أي و اذكروا نعم الله تعالى عليكم في أن أورثكم الأرض و مكنكم فيها من بعد عاد « و بوأكم في الأرض » أي أنزلكم فيها و جعل لكم فيها مساكن و بيوتا تأوون إليها و « تتخذون من سهولها قصورا » و السهل خلاف الجبل و هو ما ليس فيه مشقة على النفس أي تبنون في سهولها الدور و القصور و إنما اتخذوها في السهول ليصيفوا فيها « و تنحتون الجبال بيوتا » قال ابن عباس كانوا يبنون القصور بكل موضع و ينحتون من الجبال بيوتا يسكنونها شتاء لتكون مساكنهم في الشتاء أحصن و أدفأ و يروى أنهم لطول أعمارهم يحتاجون إلى أن ينحتوا بيوتا في الجبال لأن السقوف و الأبنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم « فاذكروا آلاء الله » أي نعم الله عليكم بما أعطاكم من القوة و طول العمر و التمكن في الأرض « و لا تعثوا في الأرض مفسدين » أي و لا تضطربوا بالفساد في الأرض و لا تبالغوا فيه « قال الملأ الذين استكبروا » أي تعظموا و رفعوا أنفسهم فوق مقدارها بجحود الحق للأنفة من اتباع الرسول الداعي إليه « من قومه » أي من قوم صالح « للذين استضعفوا » أي للذين استضعفوهم من المؤمنين « لمن آمن منهم » إنما ذكره لئلا يظن بالمستضعفين أنهم كانوا غير مؤمنين لأنه قد يكون المستضعف مستضعفا في دينه و لا يكون مؤمنا فأزال الله سبحانه هذه الشبهة « أ تعلمون أن صالحا مرسل من ربه » أي هل تعلمون أن الله سبحانه أرسل صالحا « قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون » أي مصدقون « قال الذين استكبروا » لهم حين سمعوا منهم الإيمان و الاعتراف بنبوة صالح « إنا بالذي آمنتم به » أي صدقتم به « كافرون » جاحدون ثم أخبر سبحانه عما فعله المستكبرون بقوله « فعقروا الناقة » أي فنحروا الناقة قال الأزهري العقر عند العرب قطع عرقوب البعير ثم جعل النحر عقرا لأن ناحر البعير يعقره ثم ينحره « و عتوا عن أمر ربهم » أي تجاوزوا الحد في الفساد و المعصية « و قالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا » من العذاب على قتل الناقة فقد قتلناها « إن كنت من المرسلين » ثم أخبر سبحانه بما حل بهم من العذاب بقوله « فأخذتهم الرجفة » أي الصيحة عن مجاهد و السدي و قيل الصاعقة و قيل الزلزلة أهلكوا بها عن أبي مسلم و قيل كانت صيحة
مجمع البيان ج : 4 ص : 680
زلزلت بها الأرض و أصل الرجفة الحركة المزعجة بشدة الزعزعة « فأصبحوا في دارهم » أي في بلدهم و لذلك وحد و قيل يريد في دورهم و إنما وحد لأنه أراد الجنس كقوله « إن الإنسان لفي خسر » و قد ذكر في موضع آخر ديارهم بالجمع « جاثمين » أي صرعى ميتين ساقطين لا حركة بهم و قيل كالرماد الجاثم لأنهم احترقوا بالصاعقة « فتولي عنهم » صالح أي أعرض عنهم لأنه إنما كان يقبل عليهم لدعائهم إلى الإيمان « و قال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي و نصحت لكم » أي أديت النصح في تبليغ الرسالة « و لكن لا تحبون الناصحين » أي و لكنكم لا تحبون من ينصح لكم لأن من أحب إنسانا قبل منه .

[ قصة صالح ]

و كان من قصة صالح و قومه على ما ذكره أصحاب التواريخ أن عادا لما هلكت و تقضي أمرها عمرت ثمود بعدها و استخلفوا في الأرض فكثروا و عمروا و كانوا في سعة من معايشهم فعتوا على الله و أفسدوا في الأرض و عبدوا غير الله فبعث الله إليهم صالحا و كان من أوسطهم نسبا و كانوا قوما عربا و روي في الخبر أنه لما بعث كان ابن ست عشرة سنة فلبث فيهم يدعوهم إلى الله تعالى حتى بلغ عشرين و مائة سنة لا يجيبونه إلى خير و كان لهم سبعون صنما يعبدونها فلما رأى ذلك منهم قال لهم أنا أعرض عليكم أمرين إن شئتم فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما تسألون و إن شئتم سألت آلهتكم فإن أجابوني خرجت عنكم فقد شنئتكم و شنئتموني قالوا قد أنصفت فاتعدوا ليوم يخرجون فيه فخرجوا بأصنامهم إلى عيدهم و أكلوا و شربوا فلما فرغوا دعوه فقالوا يا صالح سل فسألها فلم تجبه قال لا أرى آلهتكم تجيبني فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم الساعة فقالوا يا صالح أخرج لنا من هذه الصخرة و أشاروا إلى صخرة منفردة ناقة مخترجة جوفاء وبراء و المخترجة ما شاكل البخت من الإبل فإن فعلت صدقناك و آمنا بك فسأل الله سبحانه ذلك صالح فانصدعت الصخرة صدعا كادت عقولهم تطير منه ثم اضطربت كالمرأة يأخذها الطلق ثم انصدعت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء كما وصفوا لا يعلم ما بين جنبيها إلا الله عظما و هم ينظرون ثم نتجت سقبا مثلها في العظم ف آمن به رهط من قومه و لم يؤمن من أكابرهم فقال لهم صالح هذه ناقة لها شرب و لكم شرب يوم معلوم و قد بينا ذلك قبل فإذا كان يومها وضعت رأسها في مائهم فما ترفعه حتى تشرب كل ما فيه ثم ترفع رأسها فتفجج لهم فيحتلبون ما شاءوا من لبن فيشربون
مجمع البيان ج : 4 ص : 681
و يدخرون حتى يملئوا أوانيهم كلها قال الحسن بن محبوب حدثني رجل من أصحابنا يقال له سعيد بن يزيد قال أتيت أرض ثمود فذرعت مصدر الناقة بين الجبلين و رأيت أثر جنبيها فوجدته ثمانين ذراعا و كانت تصدر من غير الفج الذي منه وردت لا تقدر على أن تصدر من حيث ترد لأنه يضيق عنها فكانوا في سعة و دعة منها و كانوا يشربون الماء يوم الناقة من الجبال و المغارات فشق ذلك عليهم و كانت مواشيهم تنفر عنها لعظمها فهموا بقتلها قالوا و كانت امرأة جميلة يقال لها صدوف ذات مال من إبل و بقر و غنم و كانت أشد الناس عداوة لصالح فدعت رجلا من ثمود يقال له مصدع بن مهرج و جعلت له نفسها على أن يعقر الناقة و امرأة أخرى يقال لها عنيزة دعت قدار بن سالف و كان أحمر أزرق قصيرا و كان ولد زنا و لم يكن لسالف الذي يدعى إليه و لكنه ولد على فراشه و قالت له أعطيك أي بناتي شئت على أن تعقر الناقة و كان قدار عزيزا منيعا في قومه فانطلق قدار بن سالف و مصدع فاستغويا غواة ثمود فاتبعهما سبعة نفر و أجمعوا على عقر الناقة قال السدي و غيره أوحى الله تعالى إلى صالح إن قومك سيعقرون ناقتك فقال ذلك لقومه فقالوا ما كنا لنفعل قال صالح أنه يولد في شهركم هذا غلام يعقرها و يكون هلاككم على يديه فقالوا لا يولد لنا ابن في هذا الشهر إلا قتلناه فولد لتسعة منهم في ذلك الشهر فذبحوا أبناءهم ثم ولد للعاشر فأبى أن يذبح ابنه و كان لم يولد له قبل ذلك شيء و كان العاشر أزرق أحمر و نبت نباتا سريعا و كان إذا مر بالتسعة فرأوه قالوا لو كان أبناؤنا أحياء لكانوا مثل هذا فغضب التسعة على صالح لأنه كان سبب قتلهم أبناءهم فتقاسموا بالله لنبيتنه و أهله قالوا نخرج فيرى الناس أنا قد خرجنا إلى سفر فنأتي الغار فتكون فيه حتى إذا كان الليل و خرج صالح إلى مسجده أتيناه فقتلناه ثم رجعنا إلى الغار فكنا فيه ثم رجعنا فقلنا ما شهدنا مهلك أهله و إنا لصادقون فيصدقوننا يعلمون أنا قد خرجنا إلى سفرنا و كان صالح لا ينام معهم في القرية و يبيت في مسجد يقال له مسجد صالح فإذا أصبح أتاهم فوعظهم و إذا أمسى خرج إلى المسجد فبات فيه فانطلقوا فلما دخلوا الغار و أرادوا أن يخرجوا من الليل سقط عليهم الغار فقتلهم فانطلق رجال ممن اطلع على ذلك منهم فإذا هم رضخ فرجعوا و جعلوا يصيحون في القرية أي عباد الله أ ما رضي صالح أن أمرهم بقتل أولادهم إذ قتلهم فاجتمع أهل القرية على عقر الناقة و قال ابن إسحاق إنما كان تقاسم التسعة على تبييت صالح بعد عقر الناقة و إنذار صالح إياهم بالعذاب قال السدي و لما ولد قدار و كبر جلس مع أناس يصيبون من الشراب فأرادوا ماء يمزجون به شرابهم و كان ذلك اليوم شرب الناقة فوجدوا الماء قد شربته الناقة فاشتد ذلك عليهم فقال قدار هل لكم في أن أعقرها لكم قالوا
مجمع البيان ج : 4 ص : 682
نعم و قال كعب كان سبب عقرهم الناقة أن امرأة يقال لها ملكاء كانت قد ملكت ثمودا فلما أقبل الناس على صالح و صارت الرئاسة إليه حسدته فقالت لامرأة يقال لها قطام و كانت معشوقة قدار بن سالف و لامرأة أخرى يقال لها قبال كانت معشوقة مصدع و كان قدار و مصدع يجتمعان معهما كل ليلة و يشربون الخمر فقالت لهما ملكاء إن أتاكما الليلة قدار و مصدع فلا تطيعاهما و قولا لهما إن ملكاء حزينة لأجل الناقة و لأجل صالح فنحن لا نطيعكما حتى تعقرا الناقة فلما أتياهما قالتا هذه المقالة لهما فقالا نحن نكون من وراء عقرها قالوا فانطلق قدار و مصدع و أصحابهما السبعة فرصدوا الناقة حين صدرت عن الماء و قد كمن لها قدار في أصل صخرة على طريقها و كمن لها مصدع في أصل أخرى فمرت على مصدع فرمى بسهم فانتظم به عضلة ساقها و خرجت عنيزة و أمرت ابنتها و كانت من أحسن الناس فأسفرت لقدار ثم زمرته فشه على الناقة بالسيف فكشف عرقوبها فخرت و رغت رغاة واحدة و تحذر سقبها ثم طعن في لبتها فنحرها و خرج أهل البلدة و اقتسموا لحمها و طبخوه فلما رأى الفصيل ما فعل بأمه ولى هاربا حتى صعد جبلا ثم رغا رغاء تقطع منه قلوب القوم و أقبل صالح فخرجوا يعتذرون إليه إنما عقرها فلان و لا ذنب لنا فقال صالح انظروا هل تدركون فصيلها فإن أدركتموه فعسى أن يرفع عنكم العذاب فخرجوا يطلبونه في الجبل فلم يجدوه و كانوا عقروا الناقة ليلة الأربعاء فقال لهم صالح تمتعوا في داركم يعني في محلتكم في الدنيا ثلاثة أيام فإن العذاب نازل بكم ثم قال يا قوم إنكم تصبحون غدا و وجوهكم مصفرة و اليوم الثاني تصبحون وجوهكم محمرة و اليوم الثالث وجوهكم مسودة فلما كان أول يوم أصبحت وجوههم مصفرة فقالوا جاءكم ما قال لكم صالح و لما كان اليوم الثاني احمرت وجوههم و اليوم الثالث اسودت وجوههم فلما كان نصف الليل أتاهم جبرائيل (عليه السلام) فصرخ بهم صرخة خرقت أسماعهم و فلقت قلوبهم و صدعت أكبادهم و كانوا قد تحنطوا و تكفنوا و علموا أن العذاب نازل بهم فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم و كبيرهم فلم يبق الله منهم ثاغية و لا راغية و لا شيئا يتنفس إلا أهلكه فأصبحوا في ديارهم موتى ثم أرسل الله إليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين فهذه قصتهم و في كتاب علي بن إبراهيم فبعث الله عليهم صيحة و زلزلة فهلكوا و روى الثعلبي بإسناده مرفوعا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال يا علي أ تدري من أشقى الأولين قال قلت الله و رسوله أعلم قال عاقر الناقة قال أ تدري من أشقى الآخرين قال قلت الله و رسوله أعلم قال قاتلك و في رواية أخرى قال أشقى الآخرين من يخضب هذه من هذه و أشار إلى لحيته و رأسه و روى أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال لما مر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالحجر في غزوة
مجمع البيان ج : 4 ص : 683
تبوك قال لأصحابه لا يدخلن أحد منكم القرية و لا تشربوا من مائهم و لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم الذي أصابهم ثم قال أما بعد فلا تسألوا رسولكم الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا رسولهم الآية فبعث الله لهم الناقة و كانت ترد من هذا الفج و تصدر من هذا الفج تشرب ماءهم يوم ورودها و أراهم مرتقى الفصيل حين ارتقى في القارة فعتوا عن أمر ربهم فعقروها فأهلك الله من تحت أديم السماء منهم في مشارق الأرض و مغاربها إلا رجلا واحدا يقال له أبو رغال و هو أبو ثقيف كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن و دفن معه غصن من ذهب و أراهم قبر أبي رغال فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم و حثوا عنه فاستخرجوا ذلك الغصن ثم قنع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) رأسه و أسرع السير حتى جاز الوادي .
وَ لُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفَحِشةَ مَا سبَقَكُم بهَا مِنْ أَحَد مِّنَ الْعَلَمِينَ(80) إِنَّكمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شهْوَةً مِّن دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسرِفُونَ(81) وَ مَا كانَ جَوَاب قَوْمِهِ إِلا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطهَّرُونَ(82) فَأَنجَيْنَهُ وَ أَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كانَت مِنَ الْغَبرِينَ(83) وَ أَمْطرْنَا عَلَيْهِم مَّطراً فَانظرْ كيْف كانَ عَقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ(84)

القراءة

قرأ أهل المدينة و حفص و سهل هنا « إنكم لتأتون » و كذلك مذهبهم في الاستفهامين يجتمعان يكتفون بالاستفهام الأول عن الثاني في كل القرآن و هو مذهب الكسائي إلا في قصة لوط و الباقون بهمزتين الثانية مكسورة و حققهما أهل الكوفة إلا أن حفصا يفصل بينهما بألف و ابن كثير و أبو عمرو و رويس يحققون الأولى و يلينون الثانية إلا أن أبا عمرو يفصل بينهما بالألف .

الحجة

قال أبو علي كل واحد من الاستفهامين جملة مستقلة لا يحتاج في تمامها إلى شيء فمن ألحق حرف الاستفهام جملة نقلها به من الخبر إلى الاستخبار و من لم يلحقها
مجمع البيان ج : 4 ص : 684
بقاها على الخبر فإذا كان كذلك فمن قرأ « إنكم لتأتون الرجال » جعله تفسيرا للفاحشة كما أن قوله للذكر مثل حظ الأنثيين تفسير الوصية .

اللغة

قال الزجاج لوط اسم غير مشتق لأن العجمي لا يشتق من العربي و إنما قال ذلك لأنه لم يوجد إلا علما في أسماء الأنبياء و قيل أنه مشتق من لطت الحوض إذا ألزقت عليه الطين و ملسته به و يقال هذا ألوط بقلبي من ذاك أي ألصق و الليطة القشر للصوقة بما اتصل به و الشهوة مطالبة النفس بفعل ما فيه اللذة و ليست كالإرادة لأنها قد تدعو إلى الفعل من جهة الحكمة و الشهوة ضرورية فينا من فعل الله تعالى و الإرادة من فعلنا يقال شهيت أشهى شهوة قال :
و أشعث يشهى النوم قلت له ارتحل
إذا ما النجوم أعرضت و اسبكرت
فقام يجر البرد لو أن نفسه
يقال له خذها بكفيك خرت و الإسراف الخروج عن حد الحق إلى الفساد و الغابر الباقي قال الأعشى :
عض بما أبقى المواسي له
من أمه في الزمن الغابر .

الإعراب

إنما صرف لوطا لخفته بكونه على ثلاثة أحرف ساكن الأوسط فقاومت الخفة أحد السببين و يجوز في قوله « جواب قومه » الرفع إلا أن الأجود النصب و عليه القراءة شهوة مصدر وضع موضع الحال و قوله « إلا امرأته » استثناء متصل لأنه يجوز أن تدخل الزوجة في الأهل على التغليب في الجملة دون التفصيل و لم يقل من الغابرات لأنه أراد أنها ممن بقيت مع الرجال و مطرا مصدر ذكر للتأكيد كقوله ضربه ضربا .

المعنى

ثم عطف سبحانه على ما تقدم فقال « و لوطا » أي و أرسلنا لوطا و قيل إن تقديره و اذكر لوطا قال الأخفش يحتمل المعنيين جميعا هاهنا و لم يحتمل في قصة عاد و ثمود إلا أرسلنا لأن فيها ذكر إلى و هو لوط بن هاران بن تارخ ابن أخي إبراهيم الخليل (عليه السلام) و قيل إنه كان ابن خالة إبراهيم و كانت سارة امرأة إبراهيم أخت لوط « إذ قال لقومه أ تأتون الفاحشة » أي السيئة العظيمة القبح يعني إتيان الرجال في أدبارهم « ما سبقكم بها من أحد
مجمع البيان ج : 4 ص : 685
من العالمين » قيل ما نزا ذكر على ذكر قبل قوم لوط عن عمرو بن دينار قال الحسن و كانوا يفعلون ذلك بالغرباء ثم بين تلك الفاحشة فقال « إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء » معناه أ تأتون الرجال في أدبارهم اشتهاء منكم أي تشتهونهم فتأتونهم و تتركون إتيان النساء اللاتي أباحها الله لكم « بل أنتم قوم مسرفون » أي متجاوزون عن الحد في الظلم و الفساد و مستوفون جميع المعايب إتيان الذكران و غيره « و ما كان جواب قومه » أي لم يجيبوه عما قال « إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم » قابلوا النصح و الوعظ بالسفاهة فقالوا أخرجوا لوطا و من آمن به من بلدتكم و المراد بالقرية البلدة كما قال أبو عمرو بن العلاء ما رأيت قرويين أفصح من الحسن البصري و الحجاج يريد بالقروي من يسكن المدن « إنهم أناس يتطهرون » أي يتحرجون عن أدبار الرجال فعابوهم بما يجب أن يمدحوا به عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و قيل معناه يتنزهون عن أفعالكم و طرائقكم « فأنجيناه » أي فخلصنا لوطا من الهلاك « و أهله » المختصين به و أهل الرجل من يختص به اختصاص القرابة « إلا امرأته كانت من الغابرين » أي من الباقين في قومه المتخلفين عن لوط حتى هلكت لأنها كانت على دينهم فلم تؤمن به و قيل معناه كانت من الباقين في عذاب الله عن الحسن و قتادة « و أمطرنا عليهم مطرا » أي أرسلنا عليهم الحجارة كالمطر كما قال في آية أخرى و أمطرنا عليهم حجارة من سجيل « فانظر كيف كان عاقبة المجرمين » معناه تفكر و أنظر بعين العقل كيف كان م آل أمر المقترفين للسيئات و المنقطعين إليها و عاقبة فعلهم من عذاب الدنيا بالاستئصال قبل عذاب الآخرة بالخلود في النار .

[ قصة لوط مع قومه ]

و جملة أمرهم فيما روي عن أبي حمزة الثمالي و أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) أن لوطا لبث في قومه ثلاثين سنة و كان نازلا فيهم و لم يكن منهم يدعوهم إلى الله و ينهاهم عن الفواحش و يحثهم على الطاعة فلم يجيبوه و لم يطيعوه و كانوا لا يتطهرون من الجنابة بخلاء أشحاء على الطعام فأعقبهم البخل الداء الذي لا دواء له في فروجهم و ذلك أنهم كانوا على طريق السيارة إلى الشام و مصر و كان ينزل بهم الضيفان فدعاهم البخل إلى أن كانوا إذا نزل بهم الضيف فضحوه و إنما فعلوا ذلك لتنكل النازلة عليهم من غير شهوة بهم إلى ذلك فأوردهم البخل هذا الداء حتى صاروا يطلبونه من الرجال و يعطون عليه الجعل و كان لوط سخيا كريما يقري الضيف إذا نزل به فنهوه عن ذلك و قالوا لا تقرين ضيفا جاء ينزل بك فإنك
مجمع البيان ج : 4 ص : 686
إن فعلت فضحنا ضيفك فكان لوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه و لما أراد الله سبحانه عذابهم بعث إليهم رسلا مبشرين و منذرين فلما عتوا عن أمره بعث الله إليهم جبرائيل (عليه السلام) في نفر من الملائكة فأقبلوا إلى إبراهيم قبل لوط فلما رآهم إبراهيم ذبح عجلا سمينا فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم و أوجس منهم خيفة قالوا يا إبراهيم إنا رسل ربك و نحن لا نأكل الطعام إنا أرسلنا إلى قوم لوط و خرجوا من عند إبراهيم فوقفوا على لوط و هو يسقي الزرع فقال من أنتم قالوا نحن أبناء السبيل أضفنا الليلة فقال لوط إن أهل هذه القرية قوم سوء ينكحون الرجال في أدبارهم و يأخذون أموالهم قالوا قد أبطأنا فأضفنا فجاء لوط إلى أهله و كانت امرأته كافرة فقال قد أتاني أضياف في هذه الليلة فاكتمي أمرهم قالت أفعل و كانت العلامة بينها و بين قومها أنه إذا كان عند لوط أضياف بالنهار تدخن من فوق السطح و إذا كان بالليل توقد النار فلما دخل جبرائيل (عليه السلام) و الملائكة معه بيت لوط وثبت امرأته على السطح فأوقدت نارا فأقبل القوم من كل ناحية يهرعون إليه أي يسرعون و دار بينهم ما قصة الله تعالى في مواضع من كتابه فضرب جبرائيل (عليه السلام) بجناحه على عيونهم فطمسها فلما رأوا ذلك علموا أنهم قد أتاهم العذاب فقال جبرائيل (عليه السلام) يا لوط اخرج من بينهم أنت و أهلك إلا امرأتك فقال كيف أخرج و قد اجتمعوا حول داري فوضع بين يديه عمودا من نور و قال اتبع هذا العمود و لا يلتفت منكم أحد فخرجوا من القرية فلما طلع الفجر ضرب جبرائيل بجناحه في طرف القرية فقلعها من تخوم الأرضين السابعة ثم رفعها في الهواء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم و صراخ ديوكهم ثم قلبها عليها و هو قول الله عز و جل « فجعلنا عاليها سافلها » و ذلك بعد أن أمطر الله عليهم حجارة من سجيل و هلكت امرأته بأن أرسل الله عليها صخرة فقتلها و قيل قلبت المدينة على الحاضرين منهم فجعل عاليها سافلها و أمطرت الحجارة على الغائبين فأهلكوا بها و قال الكلبي أول من عمل عمل قوم لوط إبليس الخبيث لأن بلادهم أخصبت فانتجعها أهل البلدان فتمثل لهم إبليس في صورة شاب ثم دعاهم إلى دبره فنكح في دبره ثم عبثوا بذلك العمل فلما كثر ذلك فيهم عجت الأرض إلى ربها فسمعت السماء فعجت إلى ربها فسمع العرش فعج إلى ربه فأمر الله السماء أن تحصبهم و أمر الأرض أن تخسف بهم .

مجمع البيان ج : 4 ص : 687
وَ إِلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شعَيْباً قَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكم مِّنْ إِلَه غَيرُهُ قَدْ جَاءَتْكم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكمْ فَأَوْفُوا الْكيْلَ وَ الْمِيزَانَ وَ لا تَبْخَسوا النَّاس أَشيَاءَهُمْ وَ لا تُفْسِدُوا فى الأَرْضِ بَعْدَ إِصلَحِهَا ذَلِكمْ خَيرٌ لَّكُمْ إِن كنتُم مُّؤْمِنِينَ(85) وَ لا تَقْعُدُوا بِكلِّ صِرَط تُوعِدُونَ وَ تَصدُّونَ عَن سبِيلِ اللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِهِ وَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَ اذْكرُوا إِذْ كنتُمْ قَلِيلاً فَكَثرَكمْ وَ انظرُوا كَيْف كانَ عَقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ(86) وَ إِن كانَ طائفَةٌ مِّنكمْ ءَامَنُوا بِالَّذِى أُرْسِلْت بِهِ وَ طائفَةٌ لَّمْ يُؤْمِنُوا فَاصبرُوا حَتى يحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَ هُوَ خَيرُ الحَْكِمِينَ(87)

اللغة

الإيفاء إتمام الشيء إلى حد الحق فيه و منه إيفاء العهد و هو إتمامه بالعمل به و الكيل تقدير الشيء بالمكيال حتى يظهر مقداره منه و الوزن تقديره بالميزان و المساحة تقديره بالذراع أو ما زاد عليه أو نقص و البخس النقص عن الحد الذي يوجبه الحق و الإفساد إخراج الشيء إلى حد لا ينتفع به بدلا من حال ينتفع بها و ضده الإصلاح و الصد الصرف عن الفعل بالإغواء فيه كما يصد الشيطان عن ذكر الله و عن الصلاة يقال صده عن الأمر يصده أي منعه العوج بكسر العين في الدين و كل ما لا يرى و العوج بفتح العين في العود و كل ما يرى كالحائط و غيره و الطائفة الجماعة من الناس و هو من الطوف مأخوذة من أنها تجتمع على الطواف .

الإعراب

مدين اسم للمدينة أو القبيلة لا ينصرف للتعريف و التأنيث و جائز أن يكون أعجميا عن الزجاج « بكل صراط » بمعنى على كل صراط و يجوز تعاقب الحروف الثلاثة هنا الباء و على و في تقول لا تقعد بكل صراط و على كل صراط و في كل صراط لأنه اجتمع معاني
مجمع البيان ج : 4 ص : 688
الأحرف الثلاثة فيه فإن الباء للإلصاق و هو قد لاصق المكان و على للاستعلاء و هو قد علا المكان و في للمحل و قد حل المكان و من آمن في موضع نصب بأنه مفعول به أي و تصدون المؤمنين بالله و إنما قال « فاصبروا » فجعل الصبر جزاء و هو لازم على كل حال لأن المعنى فسيقع جزاء كل فريق بما يستحقه من ثواب أو عقاب كأنه قال فأنتم مصبوون على حكم الله بذلك .

المعنى

ثم عطف سبحانه على ما تقدم من القصص قصة شعيب فقال « و إلى مدين » أي و أرسلنا إلى مدين « أخاهم شعيبا » و قيل إن مدين ابن إبراهيم الخليل فنسبت القبيلة إليه قال عطاء هو شعيب بن توبة بن مدين بن إبراهيم و قال قتادة هو شعيب بن بويب قال ابن إسحاق هو شعيب بن ميكيل بن يشحب بن مدين بن إبراهيم و أم ميكيل بنت لوط و كان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه و هو أصحاب الأيكة و قال قتادة أرسل شعيب مرتين إلى مدين مرة و إلى أصحاب الأيكة مرة « قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم » قد مر تفسيره « فأوفوا الكيل و الميزان » أي أتموا ما تكيلونه على الناس بالمكيال و ما تزنونه عليهم بالميزان و معناه أدوا حقوق الناس على التمام في المعاملات « و لا تبخسوا الناس أشياءهم » أي لا تنقصوهم حقوقهم و قال قتادة و السدي البخس الظلم و منه المثل تحسبها حمقاء و هي باخس « و لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها » يعني لا تعملوا في الأرض بالمعاصي و استحلال المحارم بعد أن أصلحها الله بالأمر و النهي و بعثة الأنبياء و تعريف الخلق مصالحهم و قيل لا تفسدوا بأن لا تؤمنوا فيهلك الله الحرث و النسل « ذلكم » الذي أمرتكم به « خير لكم » و أعود عليكم « إن كنتم مؤمنين » أي مصدقين بالله و إنما علق خيريته بالإيمان و إن كان هو خيرا على كل حال من حيث إن من لا يكون مؤمنا بالله و عارفا بنبيه لم يمكنه أن يعلم أن ذلك خير له فكأنه قال لهم كونوا مؤمنين لتعلموا أن ذلك خير لكم و يمكن أن يكون المراد لا ينفعكم إيفاء الكيل و الوزن إلا بعد أن تكونوا مؤمنين و قال الفراء لم يكن لشعيب معجزة على نبوته لأن الله تعالى لم يذكر له دلالة في القرآن و هو غلط لأنه لا يجوز أن يخلي الله تعالى نبيا عن معجزة هذا و قد قال سبحانه « قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا » فجاء بالفاء جوابا للجزاء و يجوز أن يكون له معجزات و إن لم تذكر في القرآن كما أن أكثر آيات نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) و معجزاته غير مذكورة في القرآن و لم يوجب ذلك نفيها « و لا تقعدوا بكل صراط توعدون » قيل في معناه أقوال ( أحدها ) أنهم كانوا يقعدون
مجمع البيان ج : 4 ص : 689

على طريق من قصد شعيبا للإيمان به فيخوفونه بالقتل عن ابن عباس و الحسن و قتادة و مجاهد ( و ثانيها ) أنهم كانوا يقطعون الطريق فنهاهم عن أبي هريرة و عبد الرحمن بن زيد و يمكن أن يكونا أرادا به أنهم كانوا يقطعون الطريق على الناس عن قصد شعيب فيرجع إلى معنى القول الأول ( و ثالثها ) أن المراد لا تقعدوا بكل طريق من طرق الدين فتطلبونه له العوج بإيراد الشبه و تقولون لشعيب إنه كذاب فلا يفتننكم عن الدين و تتوعدونه « و تصدون عن سبيل الله من آمن به » أي تمنعون عن دين الله من أراد أن يؤمن به من الناس « و تبغونها عوجا » الهاء راجعة إلى السبيل أي تبغون السبيل عوجا عن الحق و هو أن تقولوا هذا كذب و هذا باطل و ما أشبه ذلك عن قتادة و قيل معناه تلتمسون لها الزيغ عن مجاهد و قيل معناه لا تستقيمون على طريق الهدى عن الحسن و قيل تريدون الاعوجاج و العدول عن القصد عن الزجاج « و اذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم » أي كثر عددكم قال ابن عباس و ذلك أن مدين بن إبراهيم تزوج بنت لوط فولدت حتى كثر أولادها قال الزجاج و جائز أن يكون كثركم جعلكم أغنياء بعد أن كنتم فقراء و جائز أن يكونوا غير ذوي مقدرة و أقدار فكثرهم و جائز أن يكون عددهم قليلا فكثرهم « و انظروا كيف كان عاقبة المفسدين » يعني فكروا في عواقب أمر عاد و ثمود و لوط و إنزال العقاب بهم و استئصال شافتهم و ما حل بهم من البوار « و إن كان طائفة » أي جماعة « منكم آمنوا بالذي أرسلت به » أي صدقوني في رسالتي و قبلوا قولي « و طائفة لم يؤمنوا » لم يصدقوني « فاصبروا حتى يحكم الله بيننا » خاطب الطائفتين و معناه لا يغرنكم تفرق الناس عني فإن جميل العاقبة لي و سيجزي الله كل واحد من الفريقين بما يستحقه على عمله في الدنيا أو الآخرة دون الدنيا « و هو خير الحاكمين » لأنه لا يجوز عليه الجور و لا المحاباة في الحكم و هذا وعيد لهم قال البلخي أمرهم في هذه الآية بالكف عما كانوا يفعلون من الصد عن الدين و الإبعاد عليه و الكف عنه خير و رشد و لم يأمرهم بالمقام على الكفر و في ذلك دلالة على أنه ليس كل أفعال الكفار كفر و معصية كما يذهب إليه بعض أهل النظر .

مجمع البيان ج : 4 ص : 690
* قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ استَكْبرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّك يَشعَيْب وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَك مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فى مِلَّتِنَا قَالَ أَ وَ لَوْ كُنَّا كَرِهِينَ(88) قَدِ افْترَيْنَا عَلى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فى مِلَّتِكم بَعْدَ إِذْ نجَّانَا اللَّهُ مِنهَا وَ مَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلا أَن يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كلَّ شىْء عِلْماً عَلى اللَّهِ تَوَكلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَ بَينَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَ أَنت خَيرُ الْفَتِحِينَ(89)

اللغة

العود الرجوع و هو مصير الشيء إلى حال كان عليها و منه إعادة الله الخلق و تستعمل لفظة الإعادة في الفعل مرة ثانية حقيقة و في فعل مثله مجازا و كلاهما يسمى إعادة تقول أعدت الكتابة و القراءة و معناه فعلت مثله قال الزجاج يقال قد عاد علي من فلان مكروه و إن لم يكن سبقه مكروه قبل ذلك و تأويله أنه قد لحقني منه مكروه و قال الشاعر :
لأن كانت الأيام أحسن مرة
إلي فقد عادت لهن ذنوب الافتراء مشتق من فري الأديم و هو مثل الاختلاف و الافتعال و الملة الديانة التي يجتمع على العمل بها فرقة عظيمة و الأصل فيه تكرار الأمر من قولهم طريق مليل إذا تكرر سلوكه حتى توطأ و منه الملل و هو تكرر الشيء على النفس حتى تضجر و الملة الرماد الحار تدفن فيه الخبزة حتى تنضج لتكرار الحمي عليها و الفتح الحكم و الفاتح و الفتاح الحاكم لأنه يفتح باب العلم الذي انغلق على غيره و فاتحته في كذا أي قاضيته قال ابن عباس ما كنت أدري ما الفتح حتى سمعت بنت سيف بن ذي يزن و قد جرى بيني و بينها كلام فقالت انطلق أفاتحك إلى القاضي أي أحاكمك إليه .

المعنى

ثم أخبر سبحانه عما دار بينه و بين قومه فقال « قال الملأ الذين استكبروا من قومه » أي رفعوا أنفسهم فوق مقدارها « لنخرجنك يا شعيب و الذين آمنوا معك من قريتنا » أي نخرجنك و أتباعك من المؤمنين بك من بلدتنا التي هي وطنك و مستقرك « أو لتعودن في ملتنا » أو لترجعن إلى ملتنا التي كنا عليها لأنه كان عندهم و في ظنهم أنه كان قبل ذلك على دينهم فلذلك أطلقوا لفظ العود و قد كان (عليه السلام) يخفي دينه فيهم و يحتمل أنهم أرادوا به قومه فأدخلوه معهم في الخطاب و يحتمل أن يكون المراد به أو لتدخلن في ديننا و طريقتنا لأن العود يذكر و يراد به الابتداء كما قاله الزجاج و يكون بمعنى الصيرورة و مثله
مجمع البيان ج : 4 ص : 691
قول الشاعر :
تلك المكارم لا قعبان من لبن
شيبا بماء فعادا بعد أبوالا و حقيقة المعنى أنا لا نمكنك من المقام في بلدنا و أنت على غير ملتنا فأما أن تخرج من بلدتنا أو تدخل في ملتنا « قال أ و لو كنا كارهين » أي قال شعيب لهم أ تعيدوننا في ملتكم و تردوننا إليها و لو كنا كارهين للدخول فيها و المعنى إنا مع كراهتنا لذلك لما عرفناه من بطلانه لا نرجع فأدخل همزة الاستفهام على و لو و قيل المعنى إنكم لا تقدرون على ردنا إلى دينكم على كره منا فيكون على هذا كارهين بمعنى مكرهين « قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها » أي إن عدنا في ملتكم بأن نحل ما تحلونه و نحرم ما تحرمونه و ننسبه إلى الله تعالى بعد إذ نجانا الله تعالى منها بأن أقام الدليل و الحجة على بطلانها و أوضح الحق لنا فقد اختلقنا على الله كذبا فيما دعوناكم إليه « و ما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا » قيل في معنى هذه المشيئة مع حصول العلم بأنه سبحانه لا يشاء عبادة الأصنام أقوال ( أحدها ) أن المراد بالملة الشريعة و ليس المراد بها ما يرجع إلى الاعتقاد في الله سبحانه و صفاته مما لا يجوز أن تختلف العبادة فيه و في شريعتهم أشياء يجوز أن يتعبد الله تعالى بها فكأنه قال ليس لنا أن نعود في ملتكم إلا أن يشاء الله أن يتعبدنا بها و ينقلنا إليها و ينسخ ما نحن فيه من الشريعة عن الجبائي و القاضي ( و ثانيها ) أنه سبحانه علق ما لا يكون بما علم لأنه لا يكون على وجه التبعيد كما قال و لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط و كقول الشاعر :
إذا شاب الغراب أتيت أهلي
و صار القار كاللبن الحليب فيكون المعنى كما لا يشاء الله عبادة الأصنام و القبائح لأن ذلك لا يليق بحكمته فكذلك لا نعود في ملتكم عن جعفر بن حرب ( و ثالثها ) أن المراد إلا أن يشاء الله أن يمكنكم من إكراهنا و يخلي بينكم و بينه فنعود إلى إظهارها مكرهين و يقوي هذا قوله « أ و لو كنا كارهين » ( و رابعها ) أن تعود الهاء التي في قوله « فيها » إلى القرية لا إلى الملة لأن ذكر القرية قد تقدم كما
مجمع البيان ج : 4 ص : 692
أن ذكر الملة تقدم فيكون تحقيق الكلام إنا سنخرج من قريتكم و لا نعود فيها إلا أن يشاء الله بما ينجزه لنا من الوعد في الإظهار عليكم و الظفر بكم فنعود فيها ( و خامسها ) أن يكون المعنى إلا أن يشاء الله أن يردكم إلى الحق فنكون جميعا على ملة واحدة غير مختلفة لأنه لما قال حاكيا عنهم أو لتعودن في ملتنا كان معناه أو لنكونن على ملة واحدة غير مختلفة فحسن أن يقول من بعد إلا أن يشاء الله أن يجمعكم معنا على ملة واحدة فإن قيل فكان الله تعالى ما شاء أن يرجع الكفار إلى الحق قلنا بلى قد شاء ذلك إلا أنه إنما شاء بأن يؤمنوا مختارين ليستحقوا الثواب و لم يشأ على كل حال إذ لو شاءه على كل حال جاز ألا يقع منهم ذلك فكأنه قال إن ملتنا لا تكون واحدة أبدا إلا أن يشاء الله أن يلجئكم إلى الإيمان و الاجتماع معنا على ملتنا « وسع ربنا كل شيء علما » انتصب علما على التمييز و تقديره وسع علم ربنا كل شيء فنقل الفعل إلى نفسه لما فيه من جزالة اللفظ و فخامة المعنى و قيل في وجه اتصاله بما قبله إن الملة إنما يتعبد بها على حسب ما في المعلوم من المصلحة فالمعنى أنه سبحانه أحاط علمه بكل شيء فهو أعلم بما هو أصلح لنا فيتعبدنا به و قيل إن المراد به أنه عالم بما يكون منا من عود أو ترك « على الله توكلنا » في الانتصار منكم و في كل أمورنا « ربنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق » هذا سؤال من شعيب و رغبة منه إلى الله في أن يحكم بينه و بين قومه بالحق على سبيل الانقطاع إليه سبحانه و إن كان من المعلوم أن الله سيفعله لا محالة و قيل إن معناه اكشف بيننا و بين قومنا و بين أينا على حق و هذا استعجال منه للنصر « و أنت خير الفاتحين » أي خير الحاكمين و الفاصلين .

مجمع البيان ج : 4 ص : 693
وَ قَالَ المَْلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ لَئنِ اتَّبَعْتُمْ شعَيْباً إِنَّكمْ إِذاً لَّخَسِرُونَ(90) فَأَخَذَتهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصبَحُوا فى دَارِهِمْ جَثِمِينَ(91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شعَيْباً كانُوا هُمُ الْخَسِرِينَ(92) فَتَوَلى عَنْهُمْ وَ قَالَ يَقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكمْ رِسلَتِ رَبى وَ نَصحْت لَكُمْ فَكَيْف ءَاسى عَلى قَوْم كَفِرِينَ(93)

اللغة

غني بالمكان يغنى غنا و غنانا أقام به كأنه استغنى بذلك المكان عن غيره و المغاني المنازل و أصل الباب الغني .
قال حاتم طيء :
غنينا زمانا بالتصعلك و الغنى
فكلا سقاناه بكأسيهما الدهر
فما زادنا بغيا على ذي قرابة
غنانا و لا أزرى بأحسابنا الفقر و الأسى شدة الحزن يقول أسى يأسي أسا و قال يقولون لا تهلك أسى و تجمل .

الإعراب

« إنكم إذا لخاسرون » جواب القسم و قد سد مسد جواب الشرط من قوله « لئن » و إذا هاهنا ملغاة لأنها وقعت حشو الكلام و ما بعدها يعتمد على ما قبلها « الذين كذبوا شعيبا » الأول في موضع رفع بالابتداء و خبره « كأن لم يغنوا فيها » و إنما أعيد مرة ثانية من غير كناية لتغليظ الأمر في تكذيبهم شعيبا مع البيان أنهم الذين حصلوا على الخسران لا من نسبوه إلى ذلك من أهل الإيمان و هم في قوله « هم الخاسرين » فصل و إنما دخل الفصل مع أن المضمر لا يوصف لأنه يحتاج فيه إلى التوكيد ليتمكن معناه في النفس و إن الذي بعده من المعرفة لا يخرجه ذلك من معنى الخبر و إن كان الأصل في الخبر النكرة .

المعنى

ثم حكى الله سبحانه ما قالت الجماعة الكافرة الجاحدة ب آيات الله فقال « و قال الملأ الذين كفروا من قومه » أي من قوم شعيب الباقين منهم « لئن اتبعتم شعيبا » في دينه و تركتم دينكم انقيادا لأمره و نهيه لأن الاتباع هو طلب الثاني موافقة الأول فيما دعا إليه « إنكم إذا لخاسرون » و الخسران ذهاب رأس المال فكأنهم قالوا إن اتبعتموه كنتم بمنزلة من ذهب رأس ماله و قيل خاسرون مغبونون عن ابن عباس و قيل هالكون « فأخذتهم الرجفة » أي فأخذ قوم شعيب الزلزلة عن الكلبي و قيل أرسل الله عليهم رمدة و حرا شديدا فأخذ بأنفاسهم فدخلوا أجواف البيوت فدخل عليهم البيوت فلم ينفعهم ظل و لا ماء و أنضجهم الحر فبعث الله تعالى سحابة فيها ريح طيبة فوجدوا برد الريح و طيبها و ظل السحابة فتنادوا عليكم بها فخرجوا إلى البرية فلما اجتمعوا تحت السحابة ألهبها الله عليهم نارا و رجفت بهم الأرض فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلي و صاروا رمادا و هو عذاب يوم الظلة عن ابن عباس و غيره من المفسرين و قيل بعث الله عليهم صيحة واحدة فماتوا عن أبي عبد الله (عليه السلام) و قيل إنه كان لشعيب قومان قوم أهلكوا بالرجفة و قوم هم أصحاب الظلة « فأصبحوا
مجمع البيان ج : 4 ص : 694
في دارهم » أي منازلهم « جاثمين » أي ميتين ملقين على وجوههم « الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها » أي كأنهم لم يقيموا بها قط لأن المهلك يصير كأن لم يكن و قيل كأن لم يغنوا فيها كأن لم يعيشوا فيها مستغنين عن قتادة و قيل كأن لم يعمروا فيها عن ابن عباس « الذين كذبوا شعيبا » عاد اللفظ تأكيدا و تغليظا « كانوا هم الخاسرين » مر معناه بين سبحانه أنهم الخاسرون دون من آمن به « فتولي عنهم » شعيب أي أعرض عنهم لما رأى إقبال العذاب عليهم إعراض الآيس منهم « و قال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي » فيما أمرني فلم تؤمنوا « و نصحت لكم » فلم تقبلوا و معناه أن ما نزل بكم من البلاء و إن كان عظيما فقد استوجبتم ذلك بجنايتكم على أنفسكم « فكيف آسى » أي فكيف أحزن « على قوم كافرين » حل العذاب بهم مع استحقاقهم له و قوله « فكيف آسى » و إن كان على لفظ الاستفهام فالمراد به النفي لأن جوابه في هذا الموضع لا يصح إلا بالنفي و إنما يدخله معنى الإنكار أيضا لهذه العلة و هذا كما قال العجاج :
أ طربا و أنت قنسري و هذا تسل من شعيب بما يذكر من حاله معهم في مناصحته لهم و تأديته رسالة ربه إليهم و أنه لا ينبغي أن يأسى عليهم مع تمردهم في كفرهم و شدة عتوهم قال البلخي و في هذا دلالة على أنه لا يجوز للمسلم أن يدعو للكافر بالخير و أنه لا يجوز الحزن على هلاك الكافرين و الظالمين .
وَ مَا أَرْسلْنَا فى قَرْيَة مِّن نَّبى إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْساءِ وَ الضرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضرَّعُونَ(94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكانَ السيِّئَةِ الحَْسنَةَ حَتى عَفَوا وَّ قَالُوا قَدْ مَس ءَابَاءَنَا الضرَّاءُ وَ السرَّاءُ فَأَخَذْنَهُم بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشعُرُونَ(95)

اللغة

التبديل وضع أحد الشيئين مكان الآخر و أصل العفو الترك من قوله فمن عفي له من أخيه شيء فمعنى قوله « عفوا » تركوا حتى كثروا قال :
و لكنا نعض السيف منها
بأسوق عافيات اللحم كوم
مجمع البيان ج : 4 ص : 695
و البغتة الفجأة و هي الأخذ على غرة من غير تقدمة تؤذن بالنازلة يقال بغته يبغته بغتا و بغتة قال :
و أنكا شيء حين يفجأك البغت .

الإعراب

أصل يضرعون يتضرعون فأدغمت التاء في الضاد استطالة و إنما يدغم الناقص في الزائد و لا يدغم الزائد في الناقص لما في ذلك من الإخلال به و هو في موضع رفع بأنه خبر لعل و بغتة مصدر وضع موضع الحال .

المعنى

ثم ذكر سبحانه بعد ما اقتص من قصص الأنبياء و تكذيب أممهم إياهم و ما نزل بهم من العذاب سنة في أمثالهم تسلية لنبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال « و ما أرسلنا في قرية » من القرى التي أهلكناها بالعذاب و قيل في سائر القرى عن الجبائي « من نبي » و هو من يؤدي عنا بلا واسطة من البشر فلم يؤمنوا به بعد قيام الحجة عليهم « إلا أخذنا أهلها » يعني أهل تلك القرية « بالبأساء و الضراء لعلهم يضرعون » أي ليتنبهوا و يعلموا أنه مقدمة العذاب و يتضرعوا و يتوبوا عن شركهم و مخالفتهم و يعني بالبأساء ما نالهم من الشدة في أنفسهم و بالضراء ما نالهم في أموالهم و قيل إن البأساء الجوع و الضراء الأمراض و الشدائد عن الحسن و قيل إن البأساء الجوع و الضراء الفقر عن السدي « ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة » أي رفعنا السيئة و وضعنا الحسنة مكانها و السيئة الشدة و الحسنة الرخاء عن ابن عباس و الحسن و قتادة و مجاهد و سميت سيئة لأنها تسوء صاحبها قال الجبائي جرى في هذا الموضع على سبيل التوسع و المجاز « حتى عفوا » أي كثروا عن ابن عباس و مجاهد و السدي و قيل سمنوا عن الحسن و قيل أعرضوا عن الشكر عن أبي مسلم « و قالوا قد مس آباءنا الضراء و السراء » أي قال بعضهم لبعض هكذا عادة الدهر فكونوا على ما أنتم عليه كما كان آباؤكم كذلك فلم ينتقلوا عن حالهم فتنتقلوا « فأخذناهم بغتة » أي فجاة عبرة لمن بعدهم « و هم لا يشعرون » أي لم يعلموا أن العذاب نازل بهم إلا بعد حلوله و حقيقة المعنى في الآية أنه سبحانه يدبر خلقه الذين يعصونه بأن يأخذهم تارة بالشدة و تارة بالرخاء فإذا أفسدوا على الأمرين جميعا أخذهم فجاة ليكون ذلك أعظم في الحسرة و أبلغ في العقوبة نعوذ بالله من سخطه .

مجمع البيان ج : 4 ص : 696
وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيهِم بَرَكَت مِّنَ السمَاءِ وَ الأَرْضِ وَ لَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَهُم بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ(96) أَ فَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيهُم بَأْسنَا بَيَتاً وَ هُمْ نَائمُونَ(97) أَ وَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسنَا ضحًى وَ هُمْ يَلْعَبُونَ(98) أَ فَأَمِنُوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَسِرُونَ(99)

القراءة

« أ و أمن » بفتح الواو عراقي و ابن فليح و الباقون أو أمن بسكون الواو إلا أن ورشا قرأه على أصله في إلقاء حركة الهمزة على الساكن قبلها فقال أ و من .

الحجة

قال أبو علي أو حرف استعمل على ضربين ( أحدهما ) أن يكون بمعنى أحد الشيئين أو الأشياء في الخبر و الاستفهام ( و الآخر ) أن يكون للإضراب عما قبلها في الخبر و الاستفهام كما أن أم المنقطعة في الاستفهام و الخبر كذلك فأما التي تكون لأحد الشيئين أو الأشياء فمثاله في الخبر زيد أو عمرو ضربته و جاء زيد أو عمرو كما تقول أحدهما جاء و أحدهما ضربته و هي إذا كانت للإباحة كذلك أيضا و هو قوله جالس الحسن أو ابن سيرين و أما أو التي تجيء للإضراب بعد الخبر و الاستفهام فكقولك أنا أخرج ثم تقول أو أقيم أضربت عن الخروج و أثبت الإقامة كأنك قلت لا بل أقيم كما أنك في قولك إنها لابل أم شاة مضرب عن الأول و لا يقع بعد أو هذه إلا جملة و من ثم قال سيبويه في قوله و لا تطع منهم آثما أو كفورا أنك لو قلت أو لا تطع كفورا انقلب المعنى و إنما كان ينقلب المعنى لأنه إذا قال لا تطع منهم آثما أو كفورا فكأنه قال لا تطع هذا الضرب و لا تطع هؤلاء فإنما لزمه أن لا يطيع واحدا منهما لأن كل واحد منهما في معنى الآخر في وجوب ترك الطاعة له كما جاز له أن يجمع بين مجالسة الحسن و ابن سيرين لأن كل واحد منهما أهل للمجالسة و مجالسة كل واحد منهما كمجالسة الآخر و لو قال و لا تطع منهم آثما أو لا تطع كفورا كان بقوله أو لا تطع قد أضرب عن ترك طاعة الأول و كان يجوز أن يطيعه و في جواز ذلك انقلاب المعنى و وجه قراءة من قرأ أو أمن أنه جعل أو للإضراب لا على أنه أبطل الأول و لكن كقوله الم تنزيل
 

<<        الفهرس        >>