جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفسير مجمع البيان ـ ج8 « قرآن، حديث، دعا « صفحه اصلى  

<<        الفهرس        >>


مجمع البيان ج : 8 ص : 773
مسموعة « تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم » أي تأخذهم قشعريرة خوفا مما في القرآن من الوعيد « ثم تلين جلودهم و قلوبهم إلى ذكر الله » إذا سمعوا ما فيه من الوعد بالثواب و الرحمة و المعنى أن قلوبهم تطمئن و تسكن إلى ذكر الله الجنة و الثواب فحذف مفعول الذكر للعلم به و روي عن العباس بن عبد المطلب أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها و قال قتادة هذا نعت لأولياء الله بنعتهم الله بأن تقشعر ، جلودهم و تطمئن قلوبهم إلى ذكر الله و لم ينعتهم بذهاب عقولهم و الغشيان عليهم إنما ذلك في أهل البدع و هو من الشيطان « ذلك » يعني القرآن « هدى الله يهدي به من يشاء » من عباده بما نصب فيه من الأدلة و هم الذين آتاهم القرآن من أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن الجبائي و قيل يهدي به من يشاء من الذين اهتدوا به إنما خصهم بذلك لأنهم المنتفعون بالهداية و من لم يهتد لا يوصف بأنه هداه الله إذ ليس معه هداية « و من يضلل الله » عن طريق الجنة « فما له من هاد » أي لا يقدر على هدايته أحد عن الجبائي و قيل معناه من ضل عن الله و رحمته فلا هادي له يقال أضللت بعيري إذا ضل عن أبي مسلم و قيل معناه من يضلله عن زيادة الهدى و الألطاف لأن الكافر لا لطف له « أ فمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة » تقديره أ فحال من يدفع عذاب الله بوجهه يوم القيامة كحال من يأتي آمنا منا لا تمسه النار و إنما قال بوجهه لأن الوجه أعز أعضاء الإنسان و قيل معناه أ من يلقى في النار منكوسا فأول عضو منه مسته النار وجهه عن عطاء و معنى يتقي يتوقى كما قال عنترة :
إذ يتقون بي الأسنة لم أخم
عنها و لكني تضايق مقدمي أي يقدمونني إلى القتال فيتوقون بي حرها ثم أخبر سبحانه عما يقوله خزنة النار للكفار بقوله « و قيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون » أي جزاء ما كسبتموه من المعاصي ثم أخبر سبحانه عن أمثال هؤلاء الكفار من الأمم الماضية فقال « كذب الذين من قبلهم » ب آيات الله و جحدوا رسله « فأتاهم العذاب » عاجلا « من حيث لا يشعرون » أي و هم آمنون غافلون .

النظم

إنما اتصل قوله « أ فمن شرح الله صدره » بما تقدم من ذكر أدلة التوحيد و العدل التي إذا تفكر فيها العاقل انشرح صدره و اطمأنت نفسه إلى ثلج اليقين و اتصل قوله « الله نزل
مجمع البيان ج : 8 ص : 774
أحسن الحديث » بما تقدمه من قوله فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أي فإن أحسن الحديث القرآن فهو أولى بالإتباع عن أبي مسلم و اتصل قوله « أ فمن يتقي بوجهه سوء العذاب » بما قبله على تقديره فمن لم يهتد بهدى الله لا يهتدي و كيف يهتدي بغيره من يتقي بوجهه سوء العذاب يعني المقيم على كفره .
فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الخِْزْى فى الحَْيَوةِ الدُّنْيَا وَ لَعَذَاب الاَخِرَةِ أَكْبرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ(26) وَ لَقَدْ ضرَبْنَا لِلنَّاسِ فى هَذَا الْقُرْءَانِ مِن كلِّ مَثَل لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(27) قُرْءَاناً عَرَبِياًّ غَيرَ ذِى عِوَج لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(28) ضرَب اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شرَكاءُ مُتَشكِسونَ وَ رَجُلاً سلَماً لِّرَجُل هَلْ يَستَوِيَانِ مَثَلاً الحَْمْدُ للَّهِ بَلْ أَكْثرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ(29) إِنَّك مَيِّتٌ وَ إِنهُم مَّيِّتُونَ(30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تخْتَصِمُونَ(31)

القراءة

قرأ ابن كثير و أهل البصرة غير سهل سالما بالألف و الباقون « سلما » بغير ألف و اللام مفتوحة و في الشواذ قراءة سعيد بن جبير سلما بكسر السين و سكون اللام .

الحجة

قال أبو علي يقوي قراءة من قرأ سالما قوله « فيه شركاء متشاكسون » فكما أن الشريك عبارة عن العين و ليس باسم حدث فكذلك الذي بإزائه ينبغي أن يكون فاعلا و لا يكون اسم حدث و من قرأ « سلما » و سلما فهما مصدران و ليسا بوصفين كحسن و بطل و نقض و نضو يقال سلم سلما و سلامة و سلما و المعنى فيمن قال سلما ذا سلم أي رجلا ذا سلم قال أبو الحسن سلم من الاستسلام و قال غيره السلم خلاف المحارب .

اللغة

الخزي المكروه و الهوان و التشاكس التمانع و التنازع تشاكسوا في الأمر تشاكسا و أصله من الشكاسة و هو سوء الخلق و الاختصام رد كل واحد من الاثنين ما أتى به الآخر على وجه الإنكار عليه و قد يكون أحدهما محقا و الآخر مبطلا و قد يكونان جميعا
مجمع البيان ج : 8 ص : 775
مبطلين كاليهودي و النصراني و قد يكونان جميعا محقين .

الإعراب

قال الزجاج عربيا منصوب على الحال أي في حال عروبيته و ذكر قرآنا توكيدا كما تقول جاءني زيد رجلا صالحا و جاءني عمرو إنسانا عاقلا فتذكر رجلا و إنسانا توكيدا .
« ضرب الله مثلا رجلا » فرجلا بدل من قوله « مثلا » و التقدير ضرب الله مثلا مثل رجل فحذف المضاف و قوله « فيه شركاء » يرتفع بالظرف و رجلا عطف على الأول أي و مثل رجل سالم .

المعنى

ثم أخبر سبحانه عما فعله بالأمم المكذبة بأن قال « فأذاقهم الله الخزي » أي الذل و الهوان « في الحياة الدنيا و لعذاب الآخرة أكبر » أي أعظم و أشد « لو كانوا يعلمون و لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل » سمي ذكر الأمم الماضية مثلا كما قال و نبين لكم كيف فعلنا بهم و ضربنا لكم الأمثال و المعنى إنا وصفنا و بينا للناس في هذا القرآن كلما يحتاجون إليه من مصالح دينهم و دنياهم « لعلهم يتذكرون » أي لكي يتذكروا و يتدبروا فيعتبروا « قرآنا عربيا غير ذي عوج » أي غير ذي ميل عن الحق بل هو مستقيم موصل إلى الحق « لعلهم يتقون » أي لكي يتقوا معاصي الله ثم ضرب سبحانه مثلا للكافر و عبادته الأصنام فقال « ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون » أي مختلفون سيئو الأخلاق متنازعون و إنما ضرب هذا المثل لسائر المشركين و لكنه ذكر رجلا واحدا وصفه بصفة موجودة في سائر المشركين فيكون المثل المضروب له مضروبا لهم جميعا و يعني بقوله « رجلا فيه شركاء » أي يعبد آلهة مختلفة و أصناما كثيرة و هم متشاجرون متعاسرون هذا يأمره و هذا ينهاه و يريد كل واحد منهم أن يفرده بالخدمة ثم يكل كل منهم أمره إلى الآخر و يكل الآخر إلى الآخر فيبقى هو خاليا عن المنافع و هذا حال من يخدم جماعة مختلفة الآراء و الأهواء هذا مثل الكافر ثم ضرب سبحانه مثل المؤمن الموحد فقال « و رجلا سلما لرجل » أي خالصا يعبد مالكا واحدا لا يشوب بخدمته خدمة غيره و لا يأمل سواه و من كان بهذه الصفة نال ثمرة خدمته لا سيما إذا كان المخدوم حكيما قادرا كريما و روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالإسناد عن علي (عليه السلام) أنه قال أنا ذاك الرجل السلم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و روى العياشي بإسناده عن أبي خالد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال الرجل السلم للرجل حقا علي و شيعته « هل يستويان مثلا » أي هل يستوي هذان الرجلان صفة و شبها في حسن العاقبة و حصول المنفعة أي لا يستويان فإن الخالص لمالك واحد يستحق من معونته و حياطته ما لا يستحقه صاحب الشركاء المختلفين في أمره و تم الكلام ثم قال « الحمد لله » أي أحمد و الله المستحق للثناء
مجمع البيان ج : 8 ص : 776
و الشكر على هذا المثل الذي علمكموه فأزال به للمؤمنين الشبه و أوضح الدلالة و قيل معناه احمدوا الله حيث لطف بكم حتى عبدتموه وحده و أخلصتم الإيمان له و التوحيد فهي النعمة السابغة « بل أكثرهم لا يعلمون » حقيقة ذلك ثم بين سبحانه المقام الذي يتبين فيه المحق و المبطل فقال « إنك ميت و إنهم ميتون » أي عاقبتك الموت و كذا عاقبة هؤلاء « ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون » يعني المحق و المبطل و الظالم و المظلوم عن ابن عباس و كان أبو العالية يقول الاختصام يكون بين أهل القبلة قال ابن عمر كنا نرى أن هذه الآية فينا و في أهل الكتابين و قلنا كيف نختصم نحن و نبينا واحد و كتابنا واحد حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف فعلمت أنها فينا نزلت و قال أبو سعيد الخدري في هذه الآية كنا نقول ربنا واحد و نبينا واحد و ديننا واحد فما هذه الخصومة فلما كان يوم صفين و شد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا نعم هو هذا و قال ابن عباس الاختصام يكون بين المهتدين و الضالين و الصادقين و الكاذبين .
* فَمَنْ أَظلَمُ مِمَّن كذَب عَلى اللَّهِ وَ كَذَّب بِالصدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَ لَيْس فى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَفِرِينَ(32) وَ الَّذِى جَاءَ بِالصدْقِ وَ صدَّقَ بِهِ أُولَئك هُمُ الْمُتَّقُونَ(33) لهَُم مَّا يَشاءُونَ عِندَ رَبهِمْ ذَلِك جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ(34) لِيُكفِّرَ اللَّهُ عَنهُمْ أَسوَأَ الَّذِى عَمِلُوا وَ يجْزِيهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسنِ الَّذِى كانُوا يَعْمَلُونَ(35)

الإعراب

« و الذي جاء بالصدق و صدق به » الذي هنا جنس لأن خبره جمع و هو قوله « أولئك » فلا يراد به واحد معين « ليكفر الله » اللام من صلة قوله « لهم ما يشاءون عند ربهم » و قيل هو لام القسم و التقدير و الله ليكفرن فحذفت النون و كسرت اللام .

المعنى

ثم بين سبحانه حال الفريقين فقال « فمن أظلم ممن كذب على الله » بأن ادعى له ولدا و شريكا « و كذب بالصدق » بالتوحيد و القرآن « إذ جاءه » ثم هدد سبحانه من هذه صورته بأن قال « أ ليس في جهنم مثوى للكافرين » أي منزل و مقام للجاحدين و هذا
مجمع البيان ج : 8 ص : 777
استفهام يراد به التقرير و معناه أنه لكذلك و يقال أثوى و ثوى بمعنى قال :
طال الثواء على ربع بيمؤود
أودي و كل جديد مرة مود « و الذي جاء بالصدق و صدق به » اختلف في المعنى به فقيل الذي جاء بالصدق محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) جاء بالقرآن و صدق به المؤمنون فهو حجتهم في الدنيا و الآخرة عن ابن زيد و قتادة و مقاتل و احتجوا بقوله « أولئك هم المتقون » و قيل الذي جاء بالصدق و هو القرآن جبرائيل (عليه السلام) و صدق به محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) تلقاه بالقبول عن السدي و قيل الذي جاء بالصدق و هو قول لا إله إلا الله هو محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) و صدق به هو أيضا و بلغه إلى الخلق عن ابن عباس قال و لو كان المصدق به غيره لقال و الذي صدق به و هذا أقوى الأقوال و قيل الذي جاء بالصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و صدق به أبو بكر عن أبي العالية و الكلبي و قيل الذي جاء بالصدق الأنبياء و صدق به أتباعهم عن عطاء و الربيع و على هذا فيكون الذي للجنس كما في قول الشاعر :
و إن الذي حانت بفلج دماؤهم
هم القوم كل القوم يا أم خالد أ لا ترى أنه عاد إليه ضمير الجمع و قيل الذي جاء بالصدق محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) و صدق به علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن مجاهد و رواه الضحاك عن ابن عباس و و المروي عن أئمة الهدى (عليهم السلام) من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثم من سبحانه بما أعد لهم من النعيم فقال « لهم ما يشاءون » من الثواب و النعيم في الجنة « عند ربهم » ينالون من جهته « ذلك جزاء المحسنين » على إحسانهم الذي فعلوه في الدنيا و أعمالهم الصالحة « ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا » أي أسقط الله عنهم عقاب الشرك و المعاصي التي فعلوا قبل ذلك بإيمانهم و إحسانهم و رجوعهم إلى الله تعالى « و يجزيهم أجرهم » أي ثوابهم « بأحسن الذي كانوا يعملون » أي بالفرائض و النوافل فهي أحسن أعمالهم لأن المباح و إن كان حسنا فلا يستحق به ثواب و لا مدح .
أَ لَيْس اللَّهُ بِكاف عَبْدَهُ وَ يخَوِّفُونَك بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَ مَن يُضلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد(36) وَ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِل أَ لَيْس اللَّهُ بِعَزِيز ذِى انتِقَام(37) وَ لَئن سأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السمَوَتِ وَ الأَرْض لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَ فَرَءَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنىَ اللَّهُ بِضر هَلْ هُنَّ كشِفَت ضرِّهِ أَوْ أَرَادَنى بِرَحْمَة هَلْ هُنَّ مُمْسِكَت رَحْمَتِهِ قُلْ حَسبىَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكلُ الْمُتَوَكلُونَ(38) قُلْ يَقَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكمْ إِنى عَمِلٌ فَسوْف تَعْلَمُونَ(39) مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يخْزِيهِ وَ يحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ(40)

مجمع البيان ج : 8 ص : 778

القراءة

قرأ أهل الكوفة غير عاصم و أبو جعفر بكاف عباده على الجمع و الباقون « عبده » على التوحيد و قرأ أهل البصرة كاشفات و ممسكات بالتنوين و ما بعدهما منصوبان و قرأ الباقون بغير تنوين على إضافة كل واحدة منهما إلى ما بعدها .

الحجة

قال أبو علي حجة من قرأ « عبده و يخوفونك » فكأن المعنى ليس الله بكافيك و هم يخوفونك و من قرأ عباده فالمعنى أ ليس الله بكاف عباده الأنبياء كما كفى إبراهيم النار و نوحا الغرق و يونس ما وقع إليه فهو سبحانه كافيك كما كفى الأنبياء قبلك و من قرأ كاشفات ضره و ممسكات رحمته فالوجه فيه أنه مما لم يقع و ما لم يقع من أسماء الفاعلين أو كان للحال فالوجه فيه النصب و وجه الجر أنه لما حذف التنوين و إن كان المعنى على إثباته عاقبت الإضافة التنوين .

المعنى

لما وعد الله سبحانه الصادق و المصدق عقبه بأنه يكفيهم و إن كانت الأعداء تقصدهم و تؤذيهم فقال « أ ليس الله بكاف عبده » استفهام يراد به التقرير يعني به محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) يكفيه عداوة من يعاديه و يناوئه « و يخوفونك » يا محمد « بالذين من دونه » كانت الكفار تخوفه بالأوثان التي كانوا يعبدونها عن قتادة و السدي و ابن زيد لأنهم قالوا له إنا نخاف أن تهلكك آلهتنا و قيل إنه لما قصد خالد لكسر العزى بأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قالوا إياك يا خالد فبأسها شديد فضرب خالد أنفها بالفأس و هشمها و قال كفرانك يا عزى لا سبحانك سبحان من
مجمع البيان ج : 8 ص : 779
أهانك إني رأيت الله قد أهانك « و من يضلل الله فما له من هاد » أي من أضله الله عن طريق الجنة بكفره و معاصيه فليس له هاد يهديه إليها و قيل معناه إن من وصفه بأنه ضال إذ ضل هو عن الحق فليس له من يسميه هاديا و قيل من يحرمه الله من زيادات الهدى فليس له زائد « و من يهدي الله فما له من مضل » أي من يهده الله إلى طريق الجنة فلا أحد يضله عنها و قيل من يهده الله فاهتدى فلا يقدر أحد على صرفه عنه و قيل من بلغ استحقاق زيادات الهدى فقد ارتفع عن تأثير الوسواس « أ ليس الله بعزيز » أي قادر قاهر لا يقدر أحد على مغالبته « ذي انتقام » من أعدائه الجاحدين لنعمه ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) « و لئن سألتهم » يا محمد « من خلق السماوات و الأرض » و أوجدها و أنشأها بعد أن كانت معدومة « ليقولن الله » الفاعل لذلك لأنهم مع عبادتهم الأوثان يقرون بذلك ثم احتج عليهم بأن ما يعبدونه من دون الله لا يملك كشف الضر و السوء عنهم فقال « قل » لهم « أ فرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر » أي بمرض أو فقر أو بلاء أو شدة « هل هن كاشفات ضره » أي هل يكشفن ضره « أو أرادني برحمة » أي بخير أو صحة « هل هن ممسكات رحمته » أي هل يمسكن و يحبسن عني رحمته و المعنى أن من عجز عن النفع و الضر و كشف السوء و الشر عمن يتقرب إليه كيف يحسن منه عبادته و إنما يحسن العبادة لمن قدر على جميع ذلك و لا يلحقه العجز و المنع و هو الله تعالى « قل » يا محمد « حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون » و به يثق الواثقون و من توكل على غيره توكل على غير كاف « قل » لهم يا محمد « يا قوم اعملوا على مكانتكم » أي على قدر جهدكم و طاقتكم في إهلاكي و تضعيف أمري « إني عامل » قدر جهدي و طاقتي « فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحل عليه عذاب مقيم » قد مضى مفسرا و في هذا غاية الوعيد و التهديد .


النظم

اتصل قوله « و لئن سألتهم » بقوله « و يخوفونك بالذين من دونه » و المعنى أنه لا ينبغي أن يخوفوك بها مع اعترافهم بأن الخالق هو دون غيره .
إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْك الْكِتَب لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَ مَن ضلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَ مَا أَنت عَلَيهِم بِوَكيل(41) اللَّهُ يَتَوَفى الأَنفُس حِينَ مَوْتِهَا وَ الَّتى لَمْ تَمُت فى مَنَامِهَا فَيُمْسِك الَّتى قَضى عَلَيهَا الْمَوْت وَ يُرْسِلُ الأُخْرَى إِلى أَجَل مُّسمًّى إِنَّ فى ذَلِك لاَيَت لِّقَوْم يَتَفَكَّرُونَ(42) أَمِ اتخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شفَعَاءَ قُلْ أَ وَ لَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شيْئاً وَ لا يَعْقِلُونَ(43) قُل لِّلَّهِ الشفَعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْك السمَوَتِ وَ الأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(44) وَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشمَأَزَّت قُلُوب الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ وَ إِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَستَبْشِرُونَ(45)

مجمع البيان ج : 8 ص : 780

القراءة

قرأ أهل الكوفة غير عاصم و قتيبة قضي بالضم الموت بالرفع و الباقون « قضى » بالفتح « الموت » بالنصب .

الحجة

قال أبو علي حجة من بنى الفعل للفاعل قوله « و يرسل الأخرى » فكما أن هذا مبني للفاعل فكذلك حكم الذي عطف عليه و من بنى الفعل للمفعول به فهو في المعنى مثل بناء الفعل للفاعل و الأول أبين .

اللغة

التوفي قبض الشيء على الإيفاء و الإتمام يقال توفيت حقي من فلان و استوفيته بمعنى و الاشمئزاز الانقباض و النفور عن الشيء قال عمرو بن كلثوم :
إذا عض الثقاف بها اشمأزت
و ولتهم عشوزنة زبونا و روى ثعلب عن ابن الأعرابي الشمز نفور الشيء من الشيء يكرهه .

المعنى

ثم بين سبحانه تحقيق وعيده بالعذاب المقيم بأن قال « إنا أنزلنا عليك الكتاب » يعني القرآن « للناس » أي لجميع الخلق عن ابن عباس « بالحق » أي ليس فيه شيء من الباطل و قيل بالحق معناه بأنه الحق أو على أنه الحق الذي يجب النظر في موجبه
مجمع البيان ج : 8 ص : 781
و مقتضاه فما صححه وجب تصحيحه و ما أفسده وجب إفساده و ما رغب فيه وجب العمل به و ما حذر منه وجب اجتنابه و ما دعا إليه فهو الرشد و ما صرف عنه فهو الغي « فمن اهتدى » بما فيه من الأدلة « فلنفسه » لأن النفع في عاقبته يعود إليه « و من ضل » عنه و حاد « فإنما يضل عليها » أي على نفسه لأن مضرة عاقبته من العقاب تعود عليه « و ما أنت » يا محمد « عليهم بوكيل » أي برقيب في إيصال الحق إلى قلوبهم و حفظه عليهم حتى لا يتركوه و لا ينصرفوا عنه إذ لا تقدر على إكراههم على الإسلام و قيل بكفيل يلزمك إيمانهم فإنما عليك البلاغ « الله يتوفى الأنفس حين موتها » أي يقبضها إليه وقت موتها و انقضاء آجالها و المعنى حين مرت أبدانها و أجسادها على حذف المضاف « و التي لم تمت في منامها » أي و يتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها و التي تتوفى عند النوم هي النفس التي يكون بها العقل و التمييز و هي التي تفارق النائم فلا يعقل و التي تتوفى عند الموت هي نفس الحياة التي إذا زالت زال معها النفس و النائم يتنفس فالفرق بين قبض النوم و قبض الموت أن قبض النوم يضاد اليقظة و قبض الموت يضاد الحياة و قبض النوم يكون الروح معه في البدن و قبض الموت يخرج الروح معه من البدن « فيمسك التي قضى عليها الموت » إلى يوم القيامة لا تعود إلى الدنيا « و يرسل الأخرى » يعني الأنفس الأخرى التي لم يقض على موتها يريد نفس النائم « إلى أجل مسمى » قد سمي لموته « إن في ذلك لآيات » أي دلالات واضحات على توحيد الله و كمال قدرته « لقوم يتفكرون » في الأدلة إذ لا يقدر على قبض النفوس تارة بالنوم و تارة بالموت غير الله تعالى قال ابن عباس في بني آدم نفس و روح بينهما مثل شعاع الشمس فالنفس التي بها العقل و التمييز و الروح التي بها النفس و التحرك فإذا نام قبض الله نفسه و لم يقبض روحه و إذا مات قبض الله نفسه و روحه و يؤيده ما رواه العياشي بالإسناد عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن ثابت أبي المقدام عن أبي جعفر (عليه السلام) قال ما من أحد ينام إلا عرجت نفسه إلى السماء و بقيت روحه في بدنه و صار بينهما سبب كشعاع الشمس فإن أذن الله في قبض الأرواح أجابت الروح النفس و إذا أذن الله في رد الروح أجابت النفس الروح و هو قوله سبحانه « الله يتوفى الأنفس حين موتها » الآية فمهما رأت في ملكوت السماوات فهو مما له تأويل و ما رأت فيما بين السماء و الأرض فهو مما يخيله الشيطان و لا تأويل له « أم اتخذوا » أي بل اتخذوا « من دون الله » آلهة « شفعاء قل » يا محمد « أ و لو كانوا » يعني الآلهة « لا يملكون شيئا » من الشفاعة « و لا يعقلون » و جواب هذا الاستفهام محذوف تقديره أ و لو كانوا بهذه الصفة يتخذونهم شفعاء و يعبدونهم راجين شفاعتهم ثم قال « قل » لهم « لله الشفاعة جميعا » أي لا يشفع أحد إلا بإذنه عن مجاهد و المعنى لا يملك
مجمع البيان ج : 8 ص : 782
أحد الشفاعة إلا بتمليكه كما قال من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه و في هذا إبطال الشفاعة لمن ادعيت له الشفاعة من الآلهة « له ملك السماوات و الأرض ثم إليه ترجعون » مضى معناه ثم أخبر سبحانه عن سوء اعتقادهم و شدة عنادهم فقال « و إذا ذكر الله وحده اشمأزت » أي نفرت عن السدي و الضحاك و الجبائي و قيل انقبضت عن ابن عباس و مجاهد و مقاتل و قيل كفرت و استكبرت عن قتادة « قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة » كان المشركون إذا سمعوا قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له نفروا من هذا لأنهم كانوا يقولون الأصنام آلهة « و إذا ذكر الذين من دونه » يعني الأصنام التي عبدوها من دونه « إذا هم يستبشرون » يفرحون و يسرون حتى يظهر السرور في وجوههم .

النظم

اتصل قوله « الله يتوفى الأنفس » بقوله « و ما أنت عليهم بوكيل » فبين سبحانه أن الحفيظ عليهم هو الذي يتوفاهم و يصرفهم كيف يشاء و قيل يتصل بقوله أ ليس الله بكاف عبده أي من كان هذه صفته فإنه يكفيك أمرهم و اتصل قوله « أم اتخذوا من دون الله شفعاء » بقوله أ ليس الله بكاف عبده أي فكما أن أصنامهم لا تملك الضر و النفع فإنها لا تملك الشفاعة .
قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السمَوَتِ وَ الأَرْضِ عَلِمَ الْغَيْبِ وَ الشهَدَةِ أَنت تحْكمُ بَينَ عِبَادِك فى مَا كانُوا فِيهِ يخْتَلِفُونَ(46) وَ لَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظلَمُوا مَا فى الأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِن سوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَ بَدَا لهَُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يحْتَسِبُونَ(47) وَ بَدَا لهَُمْ سيِّئَات مَا كسبُوا وَ حَاقَ بِهِم مَّا كانُوا بِهِ يَستهْزِءُونَ(48) فَإِذَا مَس الانسنَ ضرُّ دَعَانَا ثمَّ إِذَا خَوَّلْنَهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمِ بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ وَ لَكِنَّ أَكْثرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ(49) قَدْ قَالهََا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنى عَنهُم مَّا كانُوا يَكْسِبُونَ(50)

مجمع البيان ج : 8 ص : 783

المعنى

لما قدم سبحانه ذكر الأدلة فلم ينظروا فيها و المواعظ فلم يتعظوا بها أمر نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يحاكمهم إليه ليفعل بهم ما يستحقونه فقال « قل » يا محمد ادع بهذا الدعاء « اللهم فاطر السماوات و الأرض » أي يا خالقهما و منشئهما « عالم الغيب و الشهادة » أي يا عالم ما غاب علمه عن جميع الخلق و عالم ما شهدوه و علموه « أنت تحكم بين عبادك » يوم القيامة « فيما كانوا فيه يختلفون » في دار الدنيا من أمر دينهم و دنياهم و تفصل بينهم بالحق في الحقوق و المظالم أي فاحكم بيني و بين قومي بالحق و في هذا بشارة للمؤمنين بالظفر و النصر لأنه سبحانه إنما أمره به للإجابة لا محالة و عن سعيد بن المسيب أنه قال إني لأعرف موضع آية لم يقرأها أحد قط فسأل الله شيئا إلا أعطاه قوله « قل اللهم فاطر السماوات و الأرض » الآية ثم أخبر سبحانه عن وقوع العقاب بالكفار بأن قال « و لو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا و مثله معه » زيادة عليه « لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة » و قد مضى تفسيره « و بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون » أي ظهر لهم يوم القيامة من صنوف العذاب ما لم يكونوا ينتظرونه و لا يظنونه واصلا إليهم و لم يكن في حسابهم قال السدي ظنوا أعمالهم حسنات فبدت لهم سيئات و قيل إن محمد بن المنكدر جزع عند الموت فقيل له أ تجزع قال أخذتني آية من كتاب الله عز و جل « و بدا لهم » الآية أخذتني أن يبدو لي من الله ما لم أحتسب « و بدا لهم » أي و ظهر لهم أيضا « سيئات ما كسبوا » أي جزاء سيئات أعمالهم « و حاق بهم » أي نزل بهم « ما كانوا به يستهزءؤن » و هو كل ما ينذرهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) مما كانوا ينكرونه و يكذبون به ثم أخبر عن شدة تقلب الإنسان من حال إلى حال فقال « فإذا مس الإنسان ضر » من مرض أو شدة « دعانا » و استغاث بنا مسلما مخلصا في كشفه علما بأنه لا يقدر غيرنا عليه « ثم إذا خولناه نعمة منا » أي أعطيناه نعمة من الصحة في الجسم و السعة في الرزق أو غير ذلك من النعم « قال إنما أوتيته على علم » قيل فيه وجوه ( أحدها ) قال إنما أوتيته بعلمي و جلدي و حيلتي عن الحسن و الجبائي فيكون هذا إشارة إلى جهلهم بمواضع المنافع و المضار ( و ثانيها ) على علم على خبر علمه الله عندي عن قتادة و مقاتل ( و ثالثها ) على علم يرضاه عني فلذلك أتاني ما أتاني من النعم ثم قال ليس الأمر على ما يقولونه « بل هي فتنة » أي بلية و اختبار يبتليه الله بها فيظهر كيف شكره أو صبره في مقابلتها فيجازيه بحسبها و قيل معناه هذه النعمة فتنة أي عذاب لهم إذا أضافوها إلى أنفسهم و قيل معناه هذه المقالة التي قالوها فتنة لهم لأنهم يعاقبون عليها « و لكن أكثرهم لا يعلمون » البلوى من النعمي و قيل لا يعلمون أن النعم كلها من الله و إن حصلت بأسباب من جهة العبد « قد قالها » أي قد قال مثل هذه الكلمة و هذه المقالة « الذين من قبلهم » مثل قارون حيث قال
مجمع البيان ج : 8 ص : 784
إنما أوتيته على علم عندي « فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون » أي فلم ينفعهم ما كانوا يجمعونه من الأموال بل صارت وبالا عليهم .
فَأَصابهُمْ سيِّئَات مَا كَسبُوا وَ الَّذِينَ ظلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سيُصِيبهُمْ سيِّئَات مَا كَسبُوا وَ مَا هُم بِمُعْجِزِينَ(51) أَ وَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسط الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ وَ يَقْدِرُ إِنَّ فى ذَلِك لاَيَت لِّقَوْم يُؤْمِنُونَ(52) * قُلْ يَعِبَادِى الَّذِينَ أَسرَفُوا عَلى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوب جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53) وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَاب ثُمَّ لا تُنصرُونَ(54) وَ اتَّبِعُوا أَحْسنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكمُ الْعَذَاب بَغْتَةً وَ أَنتُمْ لا تَشعُرُونَ(55)

المعنى

ثم أخبر سبحانه عن حال هؤلاء الكفار فقال « فأصابهم سيئات ما كسبوا » أي أصابهم عقاب سيئاتهم فحذف المضاف لدلالة الكلام عليه و قيل إنما سمي عقاب سيئاتهم سيئة لازدواج الكلام كقوله و جزاء سيئة سيئة مثلها « و الذين ظلموا من هؤلاء » أي من كفار قومك يا محمد « سيصيبهم سيئات ما كسبوا » أيضا « و ما هم بمعجزين » أي لا يفوتون الله تعالى و قيل لا يعجزون الله بالخروج من قدرته « أ و لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء و يقدر » أي يوسع الرزق على من يشاء و يضيق على من يشاء بحسب ما يعلم من المصلحة « إن في ذلك لآيات » دلالات واضحات « لقوم يؤمنون » يصدقون بتوحيد الله تعالى لأنهم المنتفعون بها « قل » يا محمد « يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم » بارتكاب الذنوب « لا تقنطوا من رحمة الله » أي لا تيأسوا من مغفرة الله « إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم » و عن ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال ما أحب أن لي الدنيا و ما فيها بهذه الآية و عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال ما في القرآن آية أوسع من « يا
مجمع البيان ج : 8 ص : 785

عبادي الذين أسرفوا » الآية و في مصحف عبد الله إن الله يغفر الذنوب جميعا لمن يشاء و قيل إن الآية نزلت في وحشي قاتل حمزة حين أراد أن يسلم و خاف أن لا تقبل توبته فلما نزلت الآية أسلم فقيل يا رسول الله هذه له خاصة أم للمسلمين عامة فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) بل للمسلمين عامة و هذا لا يصح لأن الآية نزلت بمكة و وحشي أسلم بعدها بسنين كثيرة و لكن يمكن أن يكون قرئت عليه الآية فكانت سبب إسلامه فالآية محمولة على عمومها فالله سبحانه يغفر جميع الذنوب للتائب لا محالة فإن مات الموحد من غير توبة فهو في مشيئة الله إن شاء عذبه بعدله و إن شاء غفر له بفضله كما قال و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم دعا سبحانه عباده إلى التوبة و أمرهم بالإنابة إليه فقال « و أنيبوا إلى ربكم » أي ارجعوا من الشرك و الذنوب إلى الله فوحدوه « و أسلموا له » أي انقادوا له بالطاعة فيما أمركم به و قيل معناه اجعلوا أنفسكم خالصة له قد حث سبحانه بهذه الآية على التوبة كيلا يرتكب الإنسان المعصية و يدع التوبة اتكالا على الآية المتقدمة « من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون » عند نزول العذاب بكم « و اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم » أي من الحلال و الحرام و الأمر و النهي و الوعد و الوعيد فمن أتى بالمأمور به و ترك المنهي عنه فقد اتبع الأحسن عن ابن عباس و قيل إنما قال أحسن ما أنزل لأنه أراد بذلك الواجبات و النوافل التي هي الطاعات دون المباحات و قيل أراد بالأحسن الناسخ دون المنسوخ عن الجبائي قال علي بن عيسى و هذا خطأ لأن المنسوخ يجوز أن يكون حسنا إلا أن العمل بالناسخ يكون أصلح و أحسن « من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة » أي فجاة في وقت لا تتوقعونه « و أنتم لا تشعرون » أي لا تعرفون وقت نزوله بكم .
أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَحَسرَتى عَلى مَا فَرَّطت فى جَنبِ اللَّهِ وَ إِن كُنت لَمِنَ السخِرِينَ(56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَاخ لَكنت مِنَ الْمُتَّقِينَ(57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَاب لَوْ أَنَّ لى كرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ(58) بَلى قَدْ جَاءَتْك ءَايَتى فَكَذَّبْت بهَا وَ استَكْبرْت وَ كُنت مِنَ الْكَفِرِينَ(59) وَ يَوْمَ الْقِيَمَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسوَدَّةٌ أَ لَيْس فى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبرِينَ(60)

مجمع البيان ج : 8 ص : 786

القراءة

قرأ أبو جعفر يا حسرتاي بياء مفتوحة بعد الألف و الباقون « يا حسرتا » بغير ياء .

الحجة

قال ابن جني في قوله يا حسرتاي إشكال و ذلك أن الألف في حسرتا إنما هي بدل من يا حسرتي أبدلت الياء ألفا هربا إلى خفة الألف من ثقل الياء قال و الذي عندي فيه أنه جمع بين العوض و المعوض عنه كمذهب أبي إسحاق و أبي بكر في قول الفرزدق :
هما نفثا في في من فمويهما
على النابح العاوي أشد رجام فجمع بين الميم و الواو و إنما الميم بدل من الواو و مثله ما أنشده أبو زيد :
إني إذا ما حدث ألما
أقول يا اللهم يا اللهما فجمع بين ياء و ميم و إنما الميم عوض من ياء .

اللغة

التفريط إهمال ما يجب أن يتقدم فيه حتى يفوت وقته و مثله التقصير و ضده الأخذ بالحزم يقال فلان حازم و فلان مفرط و التحسر الاغتمام مما فأت وقته لانحساره عنه بما لا يمكنه استدراكه و مثله التأسف و أصل الباب الانقطاع يقال انحسرت الدابة أي انقطع سيرها كلالا و الجنب العضو المعروف و الجنب أيضا معظم الشيء و أكثره يقال هذا قليل في جنب مودتك و يقال ما فعلت في جنب حاجتي أي في أمره قال كثير :
أ لا تتقين الله في جنب عاشق
له كبد حري عليك تقطع .

الإعراب

« بلى قد جاءتك » جواب قوله « أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين » لأن معناه ما هداني فقيل لها بلى قد جاءتك آياتي لأن بلى جواب النفي و ليس في الظاهر نفي فيحمل على المعنى .
« وجوههم مسودة » مبتدأ و خبر و الجملة في موضع نصب على الحال و استغني عن الواو لمكان الضمير و يجوز في غير القرآن وجوههم بالنصب على البدل من « الذين كذبوا » أي ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة بالنصب و مثل النصب قول عدي بن زيد :
مجمع البيان ج : 8 ص : 787

دعيني إن أمرك لن يطاعا
و ما ألفيتني حلمي مضاعا .

المعنى

لما أمر الله سبحانه باتباع الطاعات و اجتناب المقبحات تحذيرا من نزول العقوبات بين الغرض في ذلك بقوله « أن تقول نفس » أي خوف أن تقول أو حذرا من أن تقول و المعنى كراهة أن تصيروا إلى حال تقولون فيها « يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله » أي يا ندامتي على ما ضيعت من ثواب الله عن ابن عباس و قيل قصرت في أمر الله عن مجاهد و السدي و قيل في طاعة الله عن الحسن قال الفراء الجنب القرب أي في قرب الله و جواره يقال فلان يعيش في جنب فلان أي في قربه و جواره و منه قوله تعالى و الصاحب بالجنب فيكون المعنى على هذا القول على ما فرطت في طلب جنب الله أي في طلب جواره و قربه و هو الجنة و قال الزجاج أي فرطت في الطريق الذي هو طريق الله فيكون الجنب بمعنى الجانب أي قصرت في الجانب الذي يؤدي إلى رضا الله و روى العياشي بالإسناد عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال نحن جنب الله « و إن كنت لمن الساخرين » أي و إني كنت لمن المستهزءين بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و القرآن و بالمؤمنين في دار الدنيا عن قتادة و السدي و قيل من الساخرين ممن يدعوني إلى الإيمان « أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين » أي فعلنا ذلك كراهة أن تقول لو أراد الله هدايتي لكنت ممن يتقي معاصيه خوفا من عقابه و قيل إنهم لما لم ينظروا في الأدلة و أعرضوا عن القرآن و اشتغلوا بالدنيا و الأباطيل توهموا أن الله تعالى لم يهدهم فقالوا ذلك بالظن و لهذا رد الله عليهم بقوله « بلى قد جاءتك آياتي » الآية و قيل معناه لو أن الله هداني إلى النجاة بأن يردني إلى حال التكليف لكنت ممن يتقي المعاصي عن الجبائي قال لأنهم يضطرون يوم القيامة إلى العلم بأن الله قد هداهم « أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين » أي لو أن لي رجعة إلى الدنيا فأكون من الموحدين المطيعين ثم قال سبحانه منكرا على هذا القائل « بلى » أي ليس كما قلت « قد جاءتك آياتي » أي حججي و دلالاتي « فكذبت بها » و أنفت من اتباعها و ذلك قوله « و استكبرت و كنت من الكافرين » بها و إنما قال جاءتك و إن كانت النفس مؤنثة لأن المراد بالنفس هنا الإنسان و روي في الشواذ عن عاصم و الجحدري و يحيى بن يعمر بكسر الكاف و التاءات « بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها و استكبرت و كنت من الكافرين » « و يوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله » فزعموا أن له شريكا و ولدا « وجوههم مسودة أ ليس في جهنم مثوى للمتكبرين » الذين تكبروا عن الإيمان بالله هذا استفهام تقرير أي فيها مثواهم و مقامهم و روى العياشي بإسناده عن خيثمة قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول من حدث عنا بحديث فنحن سائلوه عنه يوما فإن صدق علينا فإنما يصدق على الله و على رسوله و إن كذب علينا فإنما
مجمع البيان ج : 8 ص : 788
يكذب على الله و على رسوله لأنا إذا حدثنا لا نقول قال فلان و قال فلان إنما نقول قال الله و قال رسوله ثم تلا هذه الآية « و يوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله » الآية ثم أشار خيثمة إلى أذنيه فقال صمتا إن لم أكن سمعته و عن سودة بن كليب قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن هذه الآية فقال كل إمام انتحل إمامة ليست له من الله قلت و إن كان علويا قال (عليه السلام) و إن كان علويا قلت و إن كان فاطميا قال و إن كان فاطميا .
وَ يُنَجِّى اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسهُمُ السوءُ وَ لا هُمْ يحْزَنُونَ(61) اللَّهُ خَلِقُ كلِّ شىْء وَ هُوَ عَلى كلِّ شىْء وَكِيلٌ(62) لَّهُ مَقَالِيدُ السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِئَايَتِ اللَّهِ أُولَئك هُمُ الْخَسِرُونَ(63) قُلْ أَ فَغَيرَ اللَّهِ تَأْمُرُونى أَعْبُدُ أَيهَا الجَْهِلُونَ(64) وَ لَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْك وَ إِلى الَّذِينَ مِن قَبْلِك لَئنْ أَشرَكْت لَيَحْبَطنَّ عَمَلُك وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الخَْسِرِينَ(65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَ كُن مِّنَ الشكِرِينَ(66)

القراءة

قرأ أهل الكوفة غير حفص بمفازاتهم و الباقون « بمفازتهم » و قرأ أهل المدينة تأمروني خفيفة النون مفتوحة الياء و قرأ ابن عامر تأمرونني بنونين ساكنة الياء و قرأ ابن كثير تأمروني مشددة النون مفتوحة الياء و الباقون « تأمروني » مشددة النون ساكنة الياء و قرأ زيد عن يعقوب لنحبطن عملك و الباقون و « ليحبطن عملك » .

الحجة

قال أبو علي حجة الإفراد أن المفازة و الفوز واحد فأفراد المفازة كأفراد الفوز و حجة الجمع أن المصادر قد تجمع إذا اختلفت أجناسها و مثله في الإفراد و الجمع على مكانتكم و مكاناتكم و قوله « أ فغير الله تأمروني أعبد » غير ينتصب على وجهين ( أحدهما ) أعبد غير الله فيما تأمرونني ( و الآخر ) أن ينتصب بتأمرونني أي أ تأمرونني بعبادة غير الله فلما حذف أن ارتفع أعبد فصارت أن و صلتها في موضع نصب و لا يجوز انتصاب غير بأعبد على هذا لأنه في تقدير الصلة فلا يعمل فيما تقدم عليه فموضع أعبد و أن المضمرة نصب على
مجمع البيان ج : 8 ص : 789
تقدير البدل من غير كأنه قال أ بعبادة غير الله تأمروني إلا أن الجار حذف كما حذف من قوله أمرتك الخير و صار التقدير بعد الحذف أ غير الله تأمروني عبادته فأضمر المفعول الثاني للأمر و المفعول الأول علامة المتكلم و أن أعبد بدل من غير و مثل هذا في البدل قوله و ما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره أي ما أنساني ذكره إلا الشيطان و أقول في بيانه و شرحه أن تقديره كان في الأصل أ فبعبادة غير الله تأمرونني ثم حذف الجار الذي هو الباء فوصل الفعل فنصبه فصار أ فبعبادة غير الله تأمرونني ثم حذف المضاف الذي هو عبادة و أقيم المضاف إليه الذي هو غير مقامه فصار أ فغير الله تأمرونني ثم جعل أعبد الذي تقديره أن أعبده و هو في معنى عبادته بدلا من غير الله و بيانا للمحذوف الذي هو عبادة في قوله أ فبعبادة غير الله فصار مثل قوله تعالى « و ما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره » و من قال أن قوله « أعبد » في موضع نصب على الحال فلا وجه لقوله و أما على الوجه الأول و هو أن يكون غير الله منصوبا بأعبد فإنه يكون تأمرني اعتراضا بين العامل و المعمول .
رجعنا إلى كلام أبي علي فأما تأمروني فالقياس تأمرونني و يدغم فيصير تأمروني و جاز الإدغام و إسكان النون المدغمة لأن قبلها حرف لين و هو الواو في تأمرونني و من خفف فقال تأمروني ينبغي أن يكون حذف النون الثانية المصاحبة لعلامة المنصوب المتكلم لأنها قد حذفت في مواضع نحو :
يسوء الفاليات إذا فليني و إني و كأني و قدي و قدني و إنما قدرنا حذف الثانية لأن التكرير و التثقيل به وقع و لأن حذف الأولى لحن لأنها دلالة الرفع و على هذا يحمل قول الشاعر :
أ بالموت الذي لا بد أني
ملاق لا أباك تخوفيني و فتح الياء من تأمروني و إسكانها جميعا سائغ حسن .

المعنى

لما أخبر الله سبحانه عن حال الكفار عقبه بذكر حال الأتقياء الأبرار فقال « و ينجي الله الذين اتقوا » معاصيه خوفا من عقابه « بمفازتهم » أي بمنجاتهم من النار و أصل المفازة المنجاة و بذلك سميت المفازة على وجه التفاؤل بالنجاة منها كما سموا اللديغ سليما « لا يمسهم السوء » أي لا يصيبهم المكروه و الشدة « و لا هم يحزنون » على ما فاتهم من لذات الدنيا و لما ذكر الوعد و الوعيد بين سبحانه أنه القادر على كل شيء بقوله « الله خالق كل شيء » أي محدث كل شيء و مبدعه « و هو على كل شيء وكيل »
مجمع البيان ج : 8 ص : 790
أي حافظ مدبر « له مقاليد السماوات و الأرض » واحدها مقليد و مقلاد يريد مفاتيح السماوات و الأرض بالرزق و الرحمة عن ابن عباس و قتادة و قيل خزائن السماوات و الأرض يفتح الرزق على من يشاء و يغلقه عمن يشاء عن الضحاك « و الذين كفروا ب آيات الله أولئك هم الخاسرون » لأنهم يخسرون الجنة و نعيمها و يصلون النار و سعيرها ثم أعلم سبحانه أنه المعبود لا معبود سواه بقوله « قل » يا محمد لهؤلاء الكفار « أ فغير الله تأمروني أعبد » أي أ تأمرونني أن أعبد غير الله « أيها الجاهلون » فيما تأمرونني به إذ تأمرون بعبادة من لا يسمع و لا يبصر و لا ينفع و لا يضر ثم قال لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) « و لقد أوحي إليك » يا محمد « و إلى الذين من قبلك » من الأنبياء و الرسل « لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين » قال ابن عباس هذا أدب عن الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) و تهديد لغيره لأن الله تعالى قد عصمه من الشرك و مداهنة الكفار و ليس في هذا ما يدل على صحة القول بالإحباط على ما يذهب إليه أهل الوعيد لأن المعنى فيه أن من أشرك في عبادة الله غيره من الأصنام و غيرها وقعت عبادته على وجه لا يستحق عليها الثواب به و لذلك وصفها بأنها محبطة إذ لو كانت العبادة خالصة لوجه الله تعالى لاستحق عليها الثواب ثم أمر سبحانه بالتوحيد فقال « بل الله فاعبد » أي وجه عبادتك إليه تعالى وحده دون الأصنام « و كن من الشاكرين » الذين يشكرون الله على نعمه و يخلصون العبادة له قال الزجاج الله منصوب بقوله « فاعبد » في قول البصريين و الكوفيين و الفاء جاءت على معنى المجازاة و المعنى قد تبينت فاعبد الله .
وَ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الأَرْض جَمِيعاً قَبْضتُهُ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَ السمَوَت مَطوِيَّت بِيَمِينِهِ سبْحَنَهُ وَ تَعَلى عَمَّا يُشرِكُونَ(67) وَ نُفِخَ فى الصورِ فَصعِقَ مَن فى السمَوَتِ وَ مَن فى الأَرْضِ إِلا مَن شاءَ اللَّهُ ثمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظرُونَ(68) وَ أَشرَقَتِ الأَرْض بِنُورِ رَبهَا وَ وُضِعَ الْكِتَب وَ جِاىءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشهَدَاءِ وَ قُضىَ بَيْنهُم بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا يُظلَمُونَ(69) وَ وُفِّيَت كلُّ نَفْس مَّا عَمِلَت وَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ(70)
 

Back Index Next