جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفسير مجمع البيان ـ ج9 « قرآن، حديث، دعا « صفحه اصلى  

<<        الفهرس        >>



مجمع البيان ج : 9 ص : 359
مسعود و رواه البراء بن عازب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و روى العياشي بالإسناد عن منهال القصاب قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ادع الله أن يرزقني الشهادة فقال إن المؤمن شهيد و قرأ هذه الآية و عن الحرث بن المغيرة قال كنا عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال العارف منكم هذا الأمر المنتظر له المحتسب فيه الخير كمن جاهد و الله مع قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) بسيفه ثم قال بل و الله كمن جاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بسيفه ثم قال الثالثة بل و الله كمن استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في فسطاطه و فيكم آية من كتاب الله و قلت و أي آية جعلت فداك قال قول الله ( عز و جل ) « و الذين آمنوا بالله و رسله أولئك هم الصديقون و الشهداء عند ربهم » ثم قال صرتم و الله صادقين شهداء عند ربكم و قيل إن الشهداء منفصل مما قبله مستأنف و المراد بالشهداء الأنبياء (عليهم السلام) الذين يشهدون للأمم و عليهم و هو قول ابن عباس و مسروق و مقاتل بن حيان و اختاره الفراء و الزجاج و قيل هم الذين استشهدوا في سبيل الله عن مقاتل بن سليمان و ابن جرير « و الذين كفروا و كذبوا ب آياتنا أولئك أصحاب الجحيم » يبقون فيها دائمين ثم زهد سبحانه المؤمنين في الدنيا و الركون إلى لذاتها فقال « اعلموا أنما الحياة الدنيا » يعني أن الحياة في هذه الدار الدنيا « لعب و لهو » أي بمنزلة اللهو و اللعب إذ لا بقاء لذلك و لا دوام و يزول عن وشيك كما يزول اللهو و اللعب قال مجاهد كل لعب لهو و قيل اللعب ما رغب في الدنيا و اللهو ما ألهى عن الآخرة « و زينة » تتزينون بها في الدنيا و قيل أراد بذلك أنها تتحلى في أعين أهلها ثم تتلاشى « و تفاخر بينكم » أي يفاخر الرجل بها قرينة و جاره عن ابن عباس « و تكاثر في الأموال و الأولاد » قال يجمع ما لا يحل له تكاثرا به و يتطاول على أولياء الله بماله و ولده و خدمه و المعنى أنه يفني عمره في هذه الأشياء ثم بين سبحانه لهذه الحياة شبها فقال « كمثل غيث » أي مطر « أعجب الكفار نباته » أي أعجب الزراع ما ينبت من ذاك الغيث قال الزجاج و يجوز أن يكون المراد الكفار بالله لأن الكافر أشد إعجابا بالدنيا من غيره « ثم يهيج » أي يبيس « فتريه مصفرا » و هو إذا قارب اليبس « ثم يكون حطاما » يتحطم و يتكسر بعد يبسه و شرح هذا المثل قد تقدم في سورة يونس « و في الآخرة عذاب شديد » لأعداء الله عن مقاتل « و مغفرة من الله و رضوان » لأوليائه و أهل طاعته « و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور » لمن اغتر بها و لم يعمل لآخرته قال سعيد بن جبير متاع الغرور لمن لم يشتغل بطلب الآخرة و من اشتغل بطلبها فهي له متاع بلاغ إلى ما هو خير منه و قيل معناه و العمل للحياة الدنيا متاع الغرور و أنه كهذه الأشياء التي مثل بها في الزوال و الفناء .

مجمع البيان ج : 9 ص : 360
سابِقُوا إِلى مَغْفِرَة مِّن رَّبِّكمْ وَ جَنَّة عَرْضهَا كَعَرْضِ السمَاءِ وَ الأَرْضِ أُعِدَّت لِلَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسلِهِ ذَلِك فَضلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضلِ الْعَظِيمِ(21) مَا أَصاب مِن مُّصِيبَة فى الأَرْضِ وَ لا فى أَنفُسِكُمْ إِلا فى كتَب مِّن قَبْلِ أَن نَّبرَأَهَا إِنَّ ذَلِك عَلى اللَّهِ يَسِيرٌ(22) لِّكَيْلا تَأْسوْا عَلى مَا فَاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِمَا ءَاتَامْ وَ اللَّهُ لا يحِب كلَّ مخْتَال فَخُور(23) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَ يَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبُخْلِ وَ مَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنىُّ الحَْمِيدُ(24) لَقَدْ أَرْسلْنَا رُسلَنَا بِالْبَيِّنَتِ وَ أَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَب وَ الْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاس بِالْقِسطِ وَ أَنزَلْنَا الحَْدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شدِيدٌ وَ مَنَفِعُ لِلنَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصرُهُ وَ رُسلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِىُّ عَزِيزٌ(25)

القراءة

قرأ أبو عمرو بما أتيكم مقصورا و الباقون بالمد و قرأ أهل المدينة و الشام فإن الله الغني الحميد لأنهم وجدوا في مصاحفهم كذلك و الباقون « فإن الله هو الغني » بإثبات هو و كذلك هو في مصاحفهم .

الحجة

قال أبو علي حجة من قصر أتيكم أنه معادل به فاتكم فكما أن الفعل للفائت في قوله « فاتكم » فكذلك للآتي في قوله « بما آتيكم » قال الشاعر :
و لا فرح بخير إن أتاه
و لا جزع من الحدثان لاع
مجمع البيان ج : 9 ص : 361

و حجة من مد أن الخير الذي يأتيهم هو من عند الله و هو المعطي لذلك و فاعل آتاكم هو الضمير العائد إلى اسم الله و الهاء محذوفة من الصلة تقديره بما آتاكموه و قوله « إن الله هو الغني الحميد » ينبغي أن يكون هو فصلا و لا يكون مبتدأ لأن الفصل حذفه أسهل أ لا ترى أنه لا موضع للفصل من الإعراب و قد يحذف فلا يخل بالمعنى .

اللغة

أعدت مشتقة من العدد و الإعداد وضع الشيء لما يكون في المستقبل على ما يقتضيه من عدد الأمر الذي له .
الفضل و الإفضال واحد و هو النفع الذي كان للقادر أن يفعله بغيره و له أن لا يفعله و الأسى الحزن و الت آسي تخفيف الحزن بالمشاركة في حاله .

الإعراب

« في كتاب » يتعلق بمحذوف تقديره إلا هي كائنة في كتاب فهو في محل الرفع بأنه خبر مبتدإ محذوف و يجوز أن يتعلق بفعل محذوف تقديره إلا قد كتبت في كتاب فيكون الجار و المجرور في موضع نصب على الحال أي لا مكتوبة « لكيلا تأسوا » تأسوا منصوب بنفس كي و اللام هي اللام الجارة ، « الذين يبخلون » في موضع جر على البدل من مختال فخور فعلى هذا لا يجوز الوقف على فخور و يجوز أن يكون محله رفعا على الابتداء و يكون خبره محذوفا كما حذف جواب لو من قوله و لو أن قرآنا سيرت به الجبال و يكون التقدير الذين يبخلون فإنهم يستحقون العذاب و يجوز أن يكون محله رفعا أو نصبا على الذم .

المعنى

ثم رغب سبحانه في المسابقة لطلب الجنة فقال « سابقوا » أي بادروا العوارض القاطعة عن الأعمال الصالحة و سارعوا إلى ما يوجب الفوز في الآخرة « إلى مغفرة من ربكم » قال الكلبي إلى التوبة و قيل إلى الصف الأول و قيل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) « و جنة عرضها كعرض السماء و الأرض » أي و سابقوا إلى استحقاق ثواب جنة هذه صفتها و ذكر في ذكر العرض دون الطول وجوه ( أحدها ) أن عظم العرض يدل على عظم الطول ( و الآخر ) أن الطول قد يكون بلا عرض و لا يكون عرض بلا طول ( و ثالثها ) أن المراد به أن العرض مثل السماوات و الأرض و طولها لا يعلمه إلا الله تعالى قال الحسن أن الله يفني الجنة ثم يعيدها على ما وصفه فلذلك صح وصفها بأن عرضها كعرض السماء و الأرض و قال غيره إن الله قال عرضها كعرض السماء و الأرض و الجنة المخلوقة في السماء السابعة فلا تنافي « أعدت للذين آمنوا » أي ادخرت و هيئت للمؤمنين « بالله و رسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء » معناه أنه يجزي الدائم الباقي على القليل الفاني و لو اقتصر في الجزاء على قدر ما يستحق بالأعمال كان عدلا منه لكنه تفضل بالزيادة و قيل معناه أن أحدا لا ينال خيرا في الدنيا
مجمع البيان ج : 9 ص : 362
و الآخرة إلا بفضل الله فإنه سبحانه لو و لم يدعنا إلى الطاعة و لم يبين لنا الطريق و لم يوفقنا للعمل الصالح لما اهتدينا إليه و ذلك كله من فضل الله و أيضا فإنه سبحانه تفضل بالأسباب التي يفعل بها الطاعة من التمكين و الألطاف و كمال العقل و عرض المكلف للثواب فالتكليف أيضا تفضل و هو السبب الموصل إلى الثواب و قال أبو القاسم البلخي و البغداديون من أهل العدل إن الله سبحانه و تعالى لو اقتصر لعباده في طاعاتهم على مجرد إحساناته السالفة إليهم لكان عدلا فلهذا جعل سبحانه الثواب و الجنة فضلا و في هذه الآية أعظم رجاء لأهل الإيمان لأنه ذكر أن الجنة معدة للمؤمنين و لم يذكر مع الإيمان شيئا آخر « و الله ذو الفضل العظيم » أي ذو الإفضال العميم و الإحسان الجسيم إلى عباده ثم قال « ما أصاب من مصيبة في الأرض » مثل قحط المطر و قلة النبات و نقص الثمرات « و لا في أنفسكم » من الأمراض و الثكل بالأولاد « إلا في كتاب » يعني إلا و هو مثبت مذكور في اللوح المحفوظ « من قبل أن نبرأها » قبل أن أي من يخلق الأنفس ليستدل ملائكته به على أنه عالم لذاته يعلم الأشياء بحقائقها « إن ذلك على الله يسير » أي إثبات ذلك على كثرته هين على الله يسير سهل غير عسير ثم بين سبحانه لم فعل لذلك فقال « لكيلا تأسوا على ما فاتكم » أي فعلنا ذلك لئلا تحزنوا على ما يفوتكم من نعم الدنيا « و لا تفرحوا بما آتاكم » أي بما أعطاكم الله منها و الذي يوجب نفي الأسى و الفرح من هذا أن الإنسان إذا علم أن ما فأت منها ضمن الله تعالى عليه العوض في الآخرة فلا ينبغي أن يحزن لذلك و إذا علم أن ما ناله منها كلف الشكر عليه و الحقوق الواجبة فيه فلا ينبغي أن يفرح به و أيضا فإذا علم أن شيئا منها لا يبقى فلا ينبغي أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي تدوم و لا تبيد و في هذه الآية إشارة إلى أربعة أشياء ( الأول ) حسن الخلق لأن من استوى عنده وجود الدنيا و عدمها لا يحسد و لا يعادي و لا يشاح فإن هذه من أسباب سوء الخلق و هي من نتائج حب الدنيا ( و ثانيها ) استحقار الدنيا و أهلها إذا لم يفرح بوجودها و لم يحزن لعدمها ( و ثالثها ) تعظيم الآخرة لما ينال فيها من الثواب الدائم الخالص من الشوائب ( و رابعها ) الافتخار بالله دون أسباب الدنيا و يروى أن علي بن الحسين (عليهماالسلام) جاءه رجل فقال له ما الزهد فقال الزهد عشرة أجزاء فأعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضاء و إن الزهد كله في آية من كتاب الله « لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم » و قيل لبزرجمهر ما لك أيها الحكيم لا تأسف على ما فأت و لا تفرح بما هو آت فقال إن الفائت لا يتلافى بالعبرة
مجمع البيان ج : 9 ص : 363
و الآتي لا يستدام بالخبرة و عن عبد الله بن مسعود قال لئن جمرة الحسرة أحرقت ما أحرقت و أبقت ما أبقت أحب إلي من أن أقول لشيء كان ليته لم يكن أو لشيء لم يكن ليته كان « و الله لا يحب كل مختال فخور » أي متكبر بما أوتي فخور على الناس بالدنيا « الذين يبخلون » بمنع الواجبات « و يأمرون الناس بالبخل » و في الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) سأل عن سيد بني عوف فقالوا جد بن قيس على أنه يزن بالبخل فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أي داء أدوى من البخل سيدكم البراء بن معرور و معنى يزن يتهم و يقرف « و من يتول » أي يعرض عما دعاه الله إليه « فإن الله هو الغني » عنه و عن طاعته و صدقته « الحميد » في جميع أفعاله ثم أقسم سبحانه فقال « لقد أرسلنا رسلنا بالبينات » أي بالدلائل و المعجزات « و أنزلنا معهم الكتاب » المكتوب الذي يتضمن الأحكام و ما يحتاج إليه الخلق من الحلال و الحرام كالتوراة و الإنجيل و القرآن « و الميزان » أي و أنزلنا معهم من السماء الميزان ذا الكفتين الذي يوزن به عن ابن زيد و الجبائي و مقاتل بن سليمان و قيل معناه أنزلنا صفة الميزان « ليقوم الناس » في معاملاتهم « بالقسط » أي بالعدل و المراد و أمرنا بالعدل كقوله الله الذي أنزل الكتاب بالحق و الميزان عن قتادة و مقاتل بن حيان « و أنزلنا الحديد » روي عن ابن عمر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض أنزل الحديد و النار و الماء و الملح و قال أهل المعاني معنى أنزلنا الحديد أنشأناه و أحدثناه كقوله و أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج و إلى هذا ذهب مقاتل فقال معناه بأمرنا كان الحديد و قال قطرب معنى أنزلنا هنا هيأنا و خلقنا من النزل و هو ما يهيا للضيف أي أنعمنا بالحديد و هيأناه لكم و قيل أنزل مع آدم من الحديد العلاة و هي السندان و الكلبتان و المطرقة عن ابن عباس « فيه بأس شديد » أي يمتنع به و يحارب به عن الزجاج و المعنى أنه يتخذ منه آلتان آلة للدفع و آلة للضرب كما قال مجاهد فيه جنة و سلاح « و منافع للناس » يعني ما ينتفعون به في معاشهم مثل السكين و الفأس و الإبرة و غيرها مما يتخذ من الحديد من الآلات و قوله « و ليعلم الله من ينصره و رسله بالغيب » معطوف على قوله « ليقوم الناس بالقسط » أي ليعاملوا بالعدل و ليعلم الله نصرة من ينصره موجودة و جهاد من جاهد مع رسوله موجودا و قوله « بالغيب » أي بالعلم الواقع بالاستدلال و النظر من غير مشاهدة بالبصر « إن الله قوي » على الانتقام من أعدائه « عزيز » أي منيع من أن يعترض عليه في أرضه و سمائه .

مجمع البيان ج : 9 ص : 364

النظم


وجه اتصال قوله و « ما أصاب من مصيبة » الآية بما قبلها أنه سبحانه لما بين الثواب على الطاعات عقبه ببيان الأعواض على مقاساة المصائب و الملمات فقال لا يذهب علينا عوض من أصابته مصيبة ما فإن كانت من فعلنا نعوضه بالأضعاف من جزائنا و إن كان من فعل عبادنا فباستيفائنا ذلك منهم ثم أكد ذلك بقوله « لكيلا تأسوا » الآية لأن المصيبة لو كانت بغير عوض في العاقبة لازداد الأسى و الحزن فإن الحزن كل الحزن في الخسران الذي ليس له جبران ثم عقب ذلك بقوله « لقد أرسلنا رسلنا بالبينات » الآية فبين أنه سبحانه لطف لعباده بما يدعو إلى الخشوع و الخضوع و ترك الخيلاء .
وَ لَقَدْ أَرْسلْنَا نُوحاً وَ إِبْرَهِيمَ وَ جَعَلْنَا فى ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكتَب فَمِنهُم مُّهْتَد وَ كثِيرٌ مِّنهُمْ فَسِقُونَ(26) ثمَّ قَفَّيْنَا عَلى ءَاثَرِهِم بِرُسلِنَا وَ قَفَّيْنَا بِعِيسى ابْنِ مَرْيَمَ وَ ءَاتَيْنَهُ الانجِيلَ وَ جَعَلْنَا فى قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَ رَحْمَةً وَ رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضوَنِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَئَاتَيْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنهُمْ أَجْرَهُمْ وَ كَثِيرٌ مِّنهُمْ فَسِقُونَ(27) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ءَامِنُوا بِرَسولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَينِ مِن رَّحْمَتِهِ وَ يجْعَل لَّكمْ نُوراً تَمْشونَ بِهِ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(28) لِّئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكتَبِ أَلا يَقْدِرُونَ عَلى شىْء مِّن فَضلِ اللَّهِ وَ أَنَّ الْفَضلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضلِ الْعَظِيمِ(29)

اللغة

التقفية جعل الشيء في إثر شيء على الاستمرار فيه و لهذا قيل لمقاطع الشعر
مجمع البيان ج : 9 ص : 365
قواف إذ كانت تتبع البيت على إثره مستمرة في غيره على منهاجه و الرهبانية أصلها من الرهبة و هي الخوف إلا أنها عبادة مختصة بالنصارى لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا رهبانية في الإسلام و الابتداع ابتداء أمر لم يحتذ فيه على مثال و منه البدعة إذ هي إحداث أمر على خلاف السنة و الكفل الحظ و منه الكفل الذي يتكفل به الراكب و هو كساء أو نحوه يحويها على الإبل إذا أراد أن يرقد فيه فيحفظه من السقوط ففيه حظ من التحرز من الوقوع .


الإعراب


و رهبانية منصوب بفعل مضمر يفسره قوله « ابتدعوها » التقدير و ابتدعوا رهبانية ابتدعوها و قوله « ما كتبناها عليهم » في محل النصب لأنه صفة لرهبانية .
« ابتغاء رضوان الله » نصب لأنه بدل من ها في كتبناها و التقدير كتبناها عليهم ابتغاء رضوان الله أي اتباع أوامره و لم نكتب عليهم الرهبانية و لا في « لئلا يعلم » زائدة و أن في « ألا يقدرون » مخففة من الثقيلة و اسمه محذوف و تقديره أنهم لا يقدرون و لا هنا يدل على الإضمار في أن مع تخفيف أن .

المعنى

ثم عطف سبحانه على ما تقدم من ذكر الأنبياء بقصة إبراهيم (عليه السلام) و نوح (عليه السلام) فقال سبحانه « و لقد أرسلنا نوحا و إبراهيم » و إنما خصهما بالذكر لفضلهما و لأنهما أبوا الأنبياء « و جعلنا في ذريتهما النبوة و الكتاب » يعني أن الأنبياء كلهم من نسلهما و ذريتهما و عليهم أنزل الكتاب ثم أخبر عن حال ذريتهما فقال « فمنهم مهتد » إلى طريق الحق « و كثير منهم فاسقون » أي خارجون عن طاعة الله إلى معصيته « ثم قفينا على آثارهم برسلنا » أي ثم اتبعنا بالإرسال على آثار من ذكرناهم من الأنبياء برسل آخرين إلى قوم آخرين و أنفذناهم رسولا بعد رسول « و قفينا بعيسى بن مريم » بعدهم فأرسلناه رسولا « و آتيناه الإنجيل » أي و أعطينا عيسى بن مريم الإنجيل « و جعلنا في قلوب الذين اتبعوه » في دينه يعني الحواريين و أتباعهم اتبعوا عيسى « رأفة » و هي أشد الرقة « و رحمة » و إنما أضاف الرأفة و الرحمة إلى نفسه لأنه سبحانه جعل في قلوبهم الرأفة و الرحمة بالأمر به و الترغيب فيه و وعد الثواب عليه و قيل لأنه خلق في قلوبهم الرأفة و الرحمة و إنما مدحهم على ذلك و إن كان من فعله لأنهم تعرضوا لهما « و رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم » و هي الخصلة من العبادة يظهر فيها معنى الرهبة إما في كنيسة أو انفراد عن الجماعة أو غير ذلك من الأمور التي يظهر فيها نسك صاحبه و المعنى ابتدعوا رهبانية لم نكتبها عليهم و قيل إن الرهبانية التي ابتدعوها هي رفض النساء و اتخاذ الصوامع عن قتادة قال و تقديره
مجمع البيان ج : 9 ص : 366

و رهبانية ما كتبناها عليهم « إلا » إنهم اتبعوها « ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها » و قيل إن الرهبانية التي ابتدعوها لحاقهم بالبراري و الجبال في خبر مرفوع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فما رعاها الذين بعدهم حق رعايتها و ذلك لتكذيبهم بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن ابن عباس و قيل إن الرهبانية هي الانقطاع عن الناس للانفراد بالعبادة « ما كتبناها » أي ما فرضناها عليهم و قال الزجاج إن تقديره ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله و ابتغاء رضوان الله اتباع ما أمر به فهذا وجه قال و فيها وجه آخر جاء في التفسير أنهم كانوا يرون من ملوكهم ما لا يصبرون عليه فاتخذوا أسرابا و صوامع و ابتدعوا ذلك فلما ألزموا أنفسهم ذلك التطوع و دخلوا عليه لزمهم تمامه كما أن الإنسان إذا جعل على نفسه صوما لم يفرض عليه لزمه أن يتمه قال و قوله « فما رعوها حق رعايتها » على ضربين ( أحدهما ) أن يكونوا قصروا فيما ألزموه أنفسهم ( و الآخر ) و هو الأجود أن يكونوا حين بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فلم يؤمنوا به كانوا تاركين لطاعة الله فما رعوا تلك الرهبانية حق رعايتها و دليل ذلك قوله « فأتينا الذين آمنوا منهم أجرهم » يعني الذين آمنوا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) « و كثير منهم فاسقون » أي كافرون انتهى كلام الزجاج و يعضد هذا ما جاءت به الرواية عن ابن مسعود قال كنت رديف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على حمار فقال يا ابن أم عبد هل تدري من أين أحدثت بنو إسرائيل الرهبانية فقلت الله و رسوله أعلم فقال ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى يعملون بمعاصي الله فغضب أهل الإيمان فقاتلوهم فهزم أهل الإيمان ثلاث مرات فلم يبق منهم إلا القليل فقالوا إن ظهرنا لهؤلاء أفنونا و لم يبق للدين أحد يدعو إليه فتعالوا نتفرق في الأرض إلى أن يبعث الله النبي الذي وعدنا به عيسى (عليه السلام) يعنون محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) فتفرقوا في غيران الجبال و أحدثوا رهبانية فمنهم من تمسك بدينه و منهم من كفر ثم تلا هذه الآية « و رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم » إلى آخرها ثم قال يا ابن أم عبد أ تدري ما رهبانية أمتي قلت الله و رسوله أعلم قال الهجرة و الجهاد و الصلاة و الصوم و الحج و العمرة و عن ابن مسعود قال دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال يا ابن مسعود اختلف من كان قبلكم على اثنتين و سبعين فرقة نجا منها اثنتان و هلك سائرهن فرقة قاتلوا الملوك على دين عيسى (عليه السلام) فقتلوهم و فرقة لم تكن لهم طاقة لموازاة الملوك و لا أن يقيموا بين ظهرانيهم يدعونهم إلى دين الله تعالى و دين عيسى (عليه السلام) فساحوا في البلاد و ترهبوا و هم الذين قال الله لهم « و رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم » ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من آمن بي و صدقني و اتبعني فقد رعاها حق رعايتها و من لم يؤمن بي فأولئك هم الهالكون ثم قال سبحانه « يا أيها الذين آمنوا » أي اعترفوا بتوحيد الله و صدقوا بموسى و عيسى (عليهماالسلام) « اتقوا الله و آمنوا برسوله » محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن ابن عباس و قيل معناه يا أيها الذين آمنوا ظاهرا آمنوا باطنا « يؤتكم كفلين » أي يؤتكم
مجمع البيان ج : 9 ص : 367
نصيبين « من رحمته » نصيبا لإيمانكم بمن تقدم من الأنبياء و نصيبا لإيمانكم بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن ابن عباس « و يجعل لكم نورا تمشون به » أي هدى تهتدون به عن مجاهد و قيل النور القرآن و فيه الأدلة على كل حق و البيان لكل خير و به يستحق الضياء الذي يمشي به يوم القيامة عن ابن عباس « و يغفر لكم » أي و يستر عليكم ذنوبكم « و الله غفور رحيم » قال سعيد بن جبير بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) جعفرا في سبعين راكبا إلى النجاشي يدعوه فقدم عليه و دعاه فاستجاب له و آمن به فلما كان عند انصرافه قال ناس ممن آمن به من أهل مملكته و هم أربعون رجلا ائذن لنا فنأتي هذا النبي فنسلم به فقدموا مع جعفر فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة استأذنوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و قالوا يا نبي الله إن لنا أموالا و نحن نرى ما بالمسلمين من الخصاصة فإن أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها فأذن لهم فانصرفوا فأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين فأنزل الله فيهم « الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون » إلى قوله « و مما رزقناهم ينفقون » فكانت النفقة التي واسوا بها المسلمين فلما سمع أهل الكتاب ممن لم يؤمن به قوله « أولئك يؤتون أجرهم مرتين » بما صبروا فخروا على المسلمين فقالوا يا معشر المسلمين أما من آمن بكتابكم و كتابنا فله أجران و من آمن منا بكتابنا فله أجر كأجوركم فما فضلكم علينا فنزل قوله « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و آمنوا برسوله » الآية فجعل لهم أجرين و زادهم النور و المغفرة ثم قال « لئلا يعلم أهل الكتاب » و قال الكلبي كان هؤلاء أربعة و عشرين رجلا قدموا من اليمن على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و هو بمكة لم يكونوا يهودا و لا نصارى و كانوا على دين الأنبياء فأسلموا فقال لهم أبو جهل بئس القوم أنتم و الوفد لقومكم فردوا عليه و ما لنا لا نؤمن بالله الآية فجعل الله لهم و لمؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام و أصحابه أجرين اثنين فجعلوا يفخرون على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و يقولون نحن أفضل منكم لنا أجران و لكم أجر واحد فنزل « لئلا يعلم أهل الكتاب » إلى آخر السورة و روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال من كانت له أمة فعلمها فأحسن تعليمها و أدبها فأحسن تأديبها و أعتقها و تزوجها فله أجران و أيما رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) و آمن بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) فله أجران و أيما مملوك أدى حق الله و حق مواليه فله أجران أورده البخاري و مسلم في الصحيح « لئلا يعلم » أي لأن يعلم و لا مزيدة « أهل الكتاب » يعني الذين لم يؤمنوا بمحمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و حسدوا المؤمنين منهم « ألا يقدرون على شيء من فضل الله » و أن هذه
مجمع البيان ج : 9 ص : 368
هي المخففة من الثقيلة و التقدير أنهم لا يقدرون و معناه جعلنا الأجرين لمن آمن بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليعلم الذين لم يؤمنوا أنهم لا أجر لهم و لا نصيب لهم في فضل الله « و أن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء » فأتى المؤمنين منهم أجرين « و الله ذو الفضل العظيم » يتفضل على من يشاء من عباده المؤمنين و قيل إن المراد بفضل الله هنا النبوة أي لا يقدرون على نبوة الأنبياء و لا على صرفها عمن شاء الله أن يخصه بها فيصرفونها عن محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى من يحبونه بل هي بيد الله يعطيها من يشاء ممن هو أهلها و يعلم أنه يصلح لها و قيل إنما تدخل لا صلة في كل كلام دخل في أواخره أو أوائله جحد و إن لم يكن مصرحا به نحو قوله « ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك » « و ما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون » « و حرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون » عن الفراء و قيل أن لا هنا في حكم الثبات و المعنى لأن لا يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون أن يؤمنوا لأن من لا يعلم أنه لا يقدر يعلم أنه يقدر فعلى هذا يكون المراد لكي يعلموا أنهم يقدرون على أن يؤمنوا فيحوزوا الفضل و الثواب و قيل إن معناه لئلا يعلم اليهود و النصارى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و المؤمنين لا يقدرون على ذلك فقد علموا أنهم لا يقدرون عليه أي إن آمنتم كما أمركم الله آتاكم الله من فضله فعلم أهل الكتاب خلافه و على هذا فالضمير في يقدرون ليس لأهل و قال أبو سعيد السيرافي معناه أن الله يفعل بكم هذه الأشياء لئلا يعلم أي ليتبين جهل أهل الكتاب و أنهم لا يعلمون أن ما يؤتيكم الله من فضله لا يقدرون على تغييره و إزالته عنكم ففي هذه الوجوه لا يحتاج إلى زيادة لا .

مجمع البيان ج : 9 ص : 369
( 58 ) سورة المجادلة مدنية و آياتها ثنتان و عشرون ( 22 )

عدد آيها

إحدى و عشرون آية مكي و المدني الأخير و آيتان في الباقين .

اختلافها

آية « في الأذلين » غير المكي و المدني الأخير .

فضلها

أبي بن كعب قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و من قرأ سورة المجادلة كتب من حزب الله يوم القيامة .

تفسيرها

لما ختم الله سورة الحديد بذكر فضله على من يشاء من عباده افتتح هذه السورة بذكر بيان فضله في إجابة الدعوة كما أجاب دعاء تلك المرأة فقال :
مجمع البيان ج : 9 ص : 370

سورة المجادلة
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَدْ سمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتى تجَدِلُك فى زَوْجِهَا وَ تَشتَكِى إِلى اللَّهِ وَ اللَّهُ يَسمَعُ تحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سمِيعُ بَصِيرٌ(1) الَّذِينَ يُظهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسائهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَتِهِمْ إِنْ أُمَّهَتُهُمْ إِلا الَّئِى وَلَدْنَهُمْ وَ إِنهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكراً مِّنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً وَ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوُّ غَفُورٌ(2) وَ الَّذِينَ يُظهِرُونَ مِن نِّسائهِمْ ثمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَة مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسا ذَلِكمْ تُوعَظونَ بِهِ وَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(3) فَمَن لَّمْ يجِدْ فَصِيَامُ شهْرَيْنِ مُتَتَابِعَينِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسا فَمَن لَّمْ يَستَطِعْ فَإِطعَامُ سِتِّينَ مِسكِيناً ذَلِك لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسولِهِ وَ تِلْك حُدُودُ اللَّهِ وَ لِلْكَفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ(4) إِنَّ الَّذِينَ يحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِت الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَ قَدْ أَنزَلْنَا ءَايَتِ بَيِّنَت وَ لِلْكَفِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ(5)

القراءة

قرأ عاصم « يظاهرون » بضم الياء و تخفيف الظاء و قرأ أهل البصرة و ابن كثير يظهرون بتشديد الظاء و الهاء و فتح الياء و قرأ الباقون يظاهرون بفتح الياء و تشديد الظاء و روي عن بعضهم ما هن أمهاتهم برفع التاء .

الحجة

قال أبو علي ظاهر من امرأته و ظهر مثل ضاعف و ضعف و تدخل التاء على كل واحد منهما فيصير تظاهر و تظهر و يدخل حرف المضارعة فيصير يتظاهر و يتظهر ثم تدغم الطاء في الظاء لمقاربتها لها فتصير يظاهر و يظهر بفتح الياء التي هي حرف المضارعة لأنها للمطاوعة كما تفتحها في يتدحرج الذي هو مطاوع دحرجته فتدحرج و وجه الرفع في قوله ( ما هن أمهاتهم ) أنه لغة بني تميم قال سيبويه و هو أقيس الوجهين و ذلك أن النفي كالاستفهام فكما لا يغير الاستفهام الكلام عما كان عليه في الواجب ينبغي أن لا يغيره النفي عما كان عليه في الواجب و وجه النصب أنه لغة أهل الحجاز و الأخذ بلغتهم في القرآن أولى و عليها جاء ما هذا بشرا .

اللغة

الاشتكاء إظهار ما بالإنسان من مكروه و الشكاية إظهار ما يصنعه به غيره من المكروه و التحاور التراجع و هي المحاورة يقال حاوره محاورة أي راجعه الكلام و تحاورا قال عنترة :
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
و لكان لو علم الكلام مكلمي و المحادة المخالفة و أصله من الحد و هو المنع و منه الحد الحاجز بين الشيئين قال النابغة :
مجمع البيان ج : 9 ص : 371


إلا سليمان إذ قال المليك له
قم في البرية فاحددها عن الفند الكبت مصدر كبت الله العدو أي أذله و أخزاه .

النزول

نزلت الآيات في امرأة من الأنصار ثم من الخزرج و اسمها خولة بنت خويلد عن ابن عباس و قيل خولة بنت ثعلبة عن قتادة و مقاتل و زوجها أوس بن الصامت و ذلك أنها كانت حسنة الجسم فرآها زوجها ساجدة في صلاتها فلما انصرفت أرادها فأبت عليه فغضب عليها و كان امرءا فيه سرعة و لمم فقال لها أنت علي كظهر أمي ثم ندم على ما قال و كان الظهار من طلاق أهل الجاهلية فقال لها ما أظنك إلا و قد حرمت علي فقالت لا تقل ذلك و ائت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فاسأله فقال إني أجد أني أستحيي منه أن أسأله عن هذا قالت فدعني أسأله فقال سليه فأتت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و عائشة تغسل شق رأسه فقالت يا رسول الله إن زوجي أوس بن الصامت تزوجني و أنا شابة غانية ذات مال و أهل حتى إذا كل مالي و أفنى شبابي و تفرق أهلي و كبرت سني ظاهر مني و قد ندم فهل من شيء يجمعني و إياه فتنعشني به فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) ما أراك إلا حرمت عليه فقالت يا رسول الله و الذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقا و أنه أبو ولدي و أحب الناس إلى فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) ما أراك إلا حرمت عليه و لم أومر في شأنك بشيء فجعلت تراجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و إذا قال لها رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) حرمت عليه هتفت و قالت أشكو إلى الله فاقتي و حاجتي و شدة حالي اللهم فأنزل على لسان نبيك و كان هذا أول ظهار في الإسلام فقامت عائشة تغسل شق رأسه الآخر فقالت أنظر في أمري جعلني الله فداك يا نبي الله فقالت عائشة أقصري حديثك و مجادلتك أ ما ترين وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و كان (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذا نزل عليه الوحي أخذه مثل السبات فلما قضي الوحي قال ادعي زوجك فتلا عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) « قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها » إلى تمام الآيات قالت عائشة تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها إن المرأة لتحاور رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أنا في ناحية البيت أسمع بعض كلامها و يخفى علي بعضه إذ أنزل الله « قد سمع » فلما تلا عليه هذه الآيات قال له هل تستطيع أن تعتق رقبة قال إذا يذهب مالي كله و الرقبة غالية و أني قليل المال فقال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين فقال و الله يا رسول الله إني إذا لم آكل ثلاث مرات كل بصري و خشيت أن تغشى عيني قال فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا قال لا و الله إلا أن تعينني على ذلك يا رسول الله فقال إني معينك بخمسة عشر صاعا و أنا داع لك بالبركة فأعانه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بخمسة عشر صاعا فدعا له البركة فاجتمع لهما أمرهما .

المعنى

« قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها » أي تراجعك في أمر زوجها
مجمع البيان ج : 9 ص : 372

عن أبي العالية « و تشتكي إلى الله » و تظهر شكواها و ما بها من المكروه فتقول اللهم إنك تعلم حالي فارحمني فإن لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا و إن ضممتهم إلي جاعوا « و الله يسمع تحاوركما » أي تخاطبكما و مراجعتكما الكلام « إن الله سميع بصير » أي يسمع المسموعات و يرى المرئيات و السميع البصير من هو على حالة يجب لأجلها أن يسمع المسموعات و يبصر المبصرات إذا وجدتا و ذلك يرجع إلى كونه حيا لا آفة به ثم قال سبحانه يذم الظهار « الذين يظاهرون منكم من نسائهم » أي يقولون لهن أنتن كظهور أمهاتنا « ما هن أمهاتهم » أي ما اللواتي تجعلونهن من الزوجات كالأمهات بأمهات أي لسن بأمهاتهم « إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم » أي ما أمهاتهم إلا الوالدات « و إنهم » يعني المظاهرين « ليقولون منكرا من القول » لا يعرف في الشرع « و زورا » أي كذبا لأن المظاهر إذا جعل ظهر امرأته كظهر أمه و ليست كذلك كان كاذبا « و إن الله لعفو غفور » عفا عنهم و غفر لهم و أمرهم بالكفارة ثم بين سبحانه حكم الظهار فقال « و الذين يظاهرون من نسائهم » يعني الذين يقولون القول الذي حكيناه « ثم يعودون لما قالوا » اختلف المفسرون و الفقهاء في معنى العود هنا فقيل إنه العزم على وطئها عن قتادة و هو مذهب مالك و أبي حنيفة و قيل العود هو أن يمسكها بالعقد و لا يتبع الظهار بطلاق و ذلك أنه إذا ظاهر منها فقد قصد التحريم فإن وصل ذلك بالطلاق فقد جرى على ما ابتدأه و لا كفارة و إذا سكت عن الطلاق بعد الظهار زمانا يمكنه أن يطلق فيه فذلك الندم منه على ما ابتدأه و هو عود إلى ما كان عليه فحينئذ تجب الكفارة و هو مذهب الشافعي و استدل على ذلك بما روي عن ابن عباس أنه فسر العود في الآية بالندم فقال يندمون و يرجعون إلى الألفة و قال الفراء يعودون لما قالوا و إلى ما قالوا و فيما قالوا معناه يرجعون عما قالوا يقال عاد لما فعل أي نقض ما فعل و يجوز أن يقال عاد لما فعل يريد فعله مرة أخرى و قيل إن العود هو أن يكرر لفظ الظهار عن أبي العالية و هو مذهب أهل الظاهر و احتجوا بأن ظاهر لفظ العود يدل على تكرير القول قال أبو علي الفارسي ليس في هذا ظاهر كما ادعوا لأن العود قد يكون إلى شيء عليه قبل و قد سميت الآخرة معادا و لم يكن فيها أحد ثم صار إليها و قال الأخفش تقدير الآية و الذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة لما قالوا ثم يعودون إلى نسائهم أي فعليهم تحرير رقبة لما نطقوا به من ذكر التحريم .
و التقديم و التأخير كثير في التنزيل و أما ما ذهب إليه أئمة الهدى من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) فهو أن المراد بالعود إرادة الوطء و نقض القول الذي قاله فإن الوطء لا يجوز له إلا بعد الكفارة و لا يبطل حكم قوله الأول إلا بعد الكفارة « فتحرير رقبة » أي فعليهم تحرير رقبة « من قبل أن يتماسا » أي من قبل أن يجامعها فيتماسا و التحرير هو أن يجعل الرقبة المملوكة حرة بالعتق بأن يقول
مجمع البيان ج : 9 ص : 373
المالك لمن يملكه أنت حر « ذلكم توعظون به » أي ذلكم التغليظ في الكفارة توعظون به أي أن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار قاله الزجاج « و الله بما تعملون خبير » أي عليم بأعمالكم فلا تدعوا ما وعظكم به من الكفارة قبل الوطء فيعاقبكم عليه « فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا » أي فمن لم يجد الرقبة فعليه صيام شهرين متتابعين قبل الجماع و التتابع عند أكثر الفقهاء أن يوالي بين أيام الشهرين الهلاليين أو يصوم ستين يوما و قال أصحابنا أنه إذا صام شهرا و من الثاني شيئا و لو يوما واحدا ثم أفطر لغير عذر فقد أخطأ إلا أنه يبني عليه و لا يلزمه الاستئناف و إن أفطر قبل ذلك استأنف و متى بدأ بالصوم و صام بعض ذلك ثم وجد الرقبة لا يلزمه الرجوع إليها و إن رجع كان أفضل و قال قوم أنه يلزمه الرجوع إلى العتق و قوله « فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا » أي فمن لم يطق الصوم لعلة أو كبر فإطعام ستين مسكينا فعليه إطعام ستين فقيرا لكل مسكين نصف صاع عند أصحابنا فإن لم يقدر فمد « ذلك » أي افترض ذلك الذي وصفناه « لتؤمنوا بالله و رسوله » أي لتصدقوا بما أتى به الرسول و تصدقوا بأن الله أمر به « و تلك حدود الله » يعني ما وصفه من الكفارات في الظهار أي هي شرائع الله و أحكامه « و للكافرين عذاب أليم » أي و للجاحدين المتعدين حدود الله عذاب مؤلم في الآخرة « إن الذين يحادون الله و رسوله » أي يخالفون أمر الله و يعادون رسوله « كبتوا » أي أذلوا و أخزوا « كما كبت الذين من قبلهم » أي كما أخزي الذين من قبلهم من أهل الشرك « و قد أنزلنا آيات بينات » أي حججا واضحات من القرآن و ما فيه من الأدلة و البيان « و للكافرين » الجاحدين لما أنزلناه « عذاب مهين » يهينهم و يخزيهم فأما الكلام في مسائل الظهار و فروعها فموضعه كتب الفقه .

مجمع البيان ج : 9 ص : 374
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصاهُ اللَّهُ وَ نَسوهُ وَ اللَّهُ عَلى كلِّ شىْء شهِيدٌ(6) أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فى السمَوَتِ وَ مَا فى الأَرْضِ مَا يَكونُ مِن نجْوَى ثَلَثَة إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لا خَمْسة إِلا هُوَ سادِسهُمْ وَ لا أَدْنى مِن ذَلِك وَ لا أَكْثرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كانُوا ثمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَمَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكلِّ شىْء عَلِيمٌ(7) أَ لَمْ تَرَ إِلى الَّذِينَ نهُوا عَنِ النَّجْوَى ثمَّ يَعُودُونَ لِمَا نهُوا عَنْهُ وَ يَتَنَجَوْنَ بِالاثْمِ وَ الْعُدْوَنِ وَ مَعْصِيَتِ الرَّسولِ وَ إِذَا جَاءُوك حَيَّوْك بِمَا لَمْ يحَيِّك بِهِ اللَّهُ وَ يَقُولُونَ فى أَنفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصلَوْنهَا فَبِئْس الْمَصِيرُ(8) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَنَجَيْتُمْ فَلا تَتَنَجَوْا بِالاثْمِ وَ الْعُدْوَنِ وَ مَعْصِيَتِ الرَّسولِ وَ تَنَجَوْا بِالْبرِّ وَ التَّقْوَى وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى إِلَيْهِ تحْشرُونَ(9) إِنَّمَا َجْوَى وَى مِنَ الشيْطنِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ لَيْس بِضارِّهِمْ شيْئاً إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكلِ الْمُؤْمِنُونَ(10)

القراءة

قرأ أبو جعفر وحده ما تكون بالتاء و الباقون بالياء و قرأ يعقوب و سهل و لا أكثر بالرفع و الباقون بالنصب و قرأ حمزة و رويس عن يعقوب ينتجون و الباقون « يتناجون » و قرأ رويس أيضا فلا تنجوا .

الحجة

قال ابن جني التذكير في قوله « ما يكون من نجوى ثلاثة » هو الوجه لما هناك من الشياع و عموم الجنسية كقولك ما جاءني من امرأة و ما حضرني من جارية و أما تكون بالتاء فلاعتزام لفظ التأنيث حتى كأنه قال ما تكون نجوى ثلاثة و قوله و لا أكثر بالرفع معطوف على محل الكلام قبل دخول من فإن قوله « من نجوى » في محل رفع بأنه فاعل يكون و من زائدة و القراءة الظاهرة أكثر بالفتح في موضع الجر و قوله ( ينتجون ) يفتعلون من النجوى و النجوى مصدر كالدعوى و العدوي و مثل ذلك في أنه على فعلى التقوى إلا أن الواو فيها مبدلة و ليست بلام و لما كان مصدرا وقع للجمع على لفظ الواحد في قوله تعالى : « إذ يستمعون إليك و إذ هم نجوى » أي هم ذوو نجوى و قوله « ما يكون من نجوى ثلاثة » قال أبو علي : ثلاثة يحتمل جره أمرين ( أحدهما ) أن يكون مجرورا بإضافة نجوى إليه كأنه ما يكون من أسرار ثلاثة إلا هو رابعهم أي لا يخفى عليه ذلك كما قال أ لم يعلموا أن الله يعلم سرهم و نجواهم و يجوز أن يكون ثلاثة جرا على الصفة على قياس قوله تعالى « و إذ هم
مجمع البيان ج : 9 ص : 375
نجوى » فيكون المعنى ما يكون من متناجين ثلاثة و أما النجي فصفة تقع على الكثرة كالصديق و الرفيق و الحميم و مثله الغري و في التنزيل خلصوا نجيا و أما قول حمزة ينتجون و قول سائرهم متناجون فإن يفتعلون و يتفاعلون قد يجريان مجرى واحد و من ثم قالوا ازدوجوا و اعتوروا فصححوا الواو و إن كانت على صورة يجب فيها الاعتلال لما كان بمعنى تعاوروا و تزاوجوا كما صح عور و حول لما كان بمعنى أفعال و يشهد لقراءة حمزة قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في علي صلوات الرحمن عليه لما قال له بعض أصحاب أ تناجيه دوننا قال ما أنا أنتجيته بل الله انتجاه .

اللغة

النجوى هي أسرار ما يرفع كل واحد إلى آخر و أصله من النجوة الارتفاع من الأرض و النجاء الارتفاع في السير و النجاة الارتفاع من البلاء .

الإعراب


« هو رابعهم » مبتدأ و خبر في محل جر بأنه صفة ثلاثة و تقول فلان رابع أربعة إذا كان واحد أربعة و رابع ثلاثة إذا جعل ثلاثة أربعة بكونه معهم و يجوز على هذا أن يقال رابع ثلاثة و لا يجوز رابع أربعة لأنه ليس فيه معنى الفعل .
« حسبهم جهنم » مبتدأ و خبر و « يصلونها » في موضع نصب على الحال .

النزول

قال ابن عباس نزل قوله « أ لم تر إلى الذين نهوا عن النجوى » الآية في اليهود و المنافقين أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين و ينظرون إلى المؤمنين و يتغامزون بأعينهم فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا ما نراهم إلا و قد بلغهم عن أقربائنا و إخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل أو مصيبة أو هزيمة فيقع ذلك في قلوبهم و يحزنهم فلما طال ذلك شكوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأمرهم أن لا يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك و عادوا إلى مناجاتهم فنزلت الآية .

المعنى

ثم بين سبحانه وقت ذلك العذاب فقال « يوم يبعثهم الله جميعا » أي يحشرهم إلى أرض المحشر و يعيدهم أحياء « فينبؤهم بما عملوا » أي يخبرهم و يعلمهم بما عملوه من المعاصي في دار الدنيا « أحصاه الله » عليهم و أثبته في كتاب أعمالهم « و نسوة و الله على كل شيء شهيد » معناه أنه يعلم الأشياء كلها من جميع وجوهها لا يخفى عليه شيء منها و منه قوله « شهد الله أنه لا إله إلا هو » أي علم الله ثم بين سبحانه أنه يعلم ما يكون في العالم فقال « أ لم تر أن الله يعلم ما في السماوات و ما في الأرض » يعني جميع المعلومات و الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و المراد جميع المكلفين و هو استفهام معناه التقرير أي أ لم
مجمع البيان ج : 9 ص : 376
تعلم و قيل أ لم تر إلى الدلالات المرئية من صنعته الدالة على أنه عالم بجميع المعلومات « ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم » بالعلم يعني أن نجواهم معلومة عنده كما تكون معلومة عند الرابع الذي هو معهم و قيل السرار ما كان بين اثنين و النجوى ما كان بين ثلاثة و قال بعضهم النجوى كل حديث كان سرا أو علانية و هو اسم للشيء الذي يتناجى به « و لا خمسة إلا هو سادسهم » أي و لا يتناجى خمسة إلا و هو عالم بسرهم كسادس معهم « و لا أدنى من ذلك و لا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا » المعنى أنه عالم بأحوالهم و جميع متصرفاتهم فرادى و عند الاجتماع لا يخفى عليه شيء منها فكأنما هو معهم و مشاهد لهم و على هذا يقال إن الله مع الإنسان حيثما كان لأنه إذا كان عالما به لا يخفى عليه شيء من أمره حسن هذا الإطلاق لما فيه من البيان فأما أن يكون معهم على طريق المجاورة فذلك محال لأنه من صفات الأجسام و قد دلت الأدلة على أنه ليس بصفات الأجسام « ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة » أي يخبرهم بأعمالهم « إن الله بكل شيء عليم » لا يخفى عليه خافية « أ لم تر إلى الذين نهوا عن النجوى » أي أ لم تعلم حال الذين نهوا عن المناجاة و أسرار الكلام بينهم دون المسلمين بما يغم المسلمين و يحزنهم و هم اليهود و المنافقون « ثم يعودون لما نهوا عنه » يعني إلى ما نهوا عنه أي يرجعون إلى المناجاة بعد النهي « و يتناجون بالإثم و العدوان » في مخالفة الرسول و هو قوله « و معصية الرسول » و ذلك أنه نهاهم عن النجوى فعصوه و يجوز أن يكون الإثم و العدوان ذلك السر الذي يجري بينهم لأنه شيء يسوء المسلمين و يوصي بعضهم بعضا بترك أمر الرسول و المعصية له « و إذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله » و ذلك أن اليهود كانوا يأتون النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيقولون السام عليك و السام الموت و هم يوهمونه أنهم يقولون السلام عليك و كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يرد على من قال ذلك فيقول و عليك و قال الحسن كان اليهودي يقول السام عليك أي إنكم ستسأمون دينكم هذا و تملونه فتدعونه و من قال السام الموت فهو سام الحياة بذهابها « و يقولون في أنفسهم » أي يقول بعضهم لبعض و قيل معناه أنهم لو تكلموا لقالوا هذا الكلام و إن لم يكن منهم قول « لو لا يعذبنا الله بما نقول » أي يقولون لو كان هذا نبيا كما يزعم فهلا يعذبنا الله و لا يستجيب له فينا قوله و عليكم يعني السام و هو الموت فقال سبحانه « حسبهم » أي كافيهم « جهنم يصلونها » يوم القيامة و يحترقون فيها « فبئس المصير » أي فبئس المرجع و المال جهنم لما فيها من أنواع العذاب و النكال ثم نهى المؤمنين عن مثل ذلك فقال « يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم و العدوان و معصية الرسول » أي لا تفعلوا كفعل المنافقين و اليهود « و تناجوا بالبر و التقوى » أي بأفعال الخير و الطاعة و الخوف من
مجمع البيان ج : 9 ص : 377
عذاب الله و اتقاء معاصي الله « و اتقوا الله الذي إليه » أي إلى جزائه « تحشرون » يوم القيامة « إنما النجوى من الشيطان » يعني نجوى المنافقين و الكفار بما يسوء المؤمنين و يغمهم من وساوس الشيطان و بدعائه و إغوائه يفعل ذلك النجوى « ليحزن الذين آمنوا و ليس بضارهم شيئا » أي نجواهم لا يضرهم شيئا و قيل إن الشيطان لا يضرهم شيئا « إلا بإذن الله » يعني بعلم الله و قيل بأمر الله لأن سببه بأمره و هو الجهاد و خروجهم إليه و قيل بأمر الله لأنه يلحقهم الآلام و الأمراض عقيب ذلك « و على الله فليتوكل المؤمنون » في جميع أمورهم دون غيره و قيل إن الآية المراد بها أحلام المنام التي يراها الإنسان في نومه فيحزنه و ورد في الخبر عن عبد الله بن مسعود قال قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه و عن ابن عمر عنه قال لا يتناج اثنان دون الثالث .

مجمع البيان ج : 9 ص : 378
يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسحُوا فى الْمَجَلِسِ فَافْسحُوا يَفْسح اللَّهُ لَكُمْ وَ إِذَا قِيلَ انشزُوا فَانشزُوا يَرْفَع اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَت وَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(11) يَأَيهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَجَيْتُمُ الرَّسولَ فَقَدِّمُوا بَينَ يَدَى نجْوَاشْ صدَقَةً ذَلِك خَيرٌ لَّكمْ وَ أَطهَرُ فَإِن لَّمْ تجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(12) ءَ أَشفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَى نجْوَاشْ صدَقَت فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تَاب اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصلَوةَ وَ ءَاتُوا الزَّكَوةَ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسولَهُ وَ اللَّهُ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ(13) * أَ لَمْ تَرَ إِلى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِب اللَّهُ عَلَيهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَ لا مِنهُمْ وَ يحْلِفُونَ عَلى الْكَذِبِ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ(14) أَعَدَّ اللَّهُ لهَُمْ عَذَاباً شدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ(15)

القراءة

قرأ عاصم وحده « في المجالس » على الجمع و الباقون في المجلس على التوحيد و قرأ أهل المدينة و ابن عامر و عاصم غير يحيى مختلف عنه قيل انشزوا فانشزوا بالضم و الباقون بالكسر .

الحجة

قال أبو علي في المجلس زعموا أنه مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و إذا كان كذلك فالوجه الإفراد و يجوز أن يجمع على هذا على أن يجعل لكل جالس مجلس أي موضع جلوس و يكون المجلس على إرادة العموم مثل قولهم كثر الدينار و الدرهم فيشتمل على هذا جميع المجالس و مثله قوله إن الإنسان لفي خسر و قوله « انشزوا » أي قوموا و النشز المرتفع من الأرض قال :
ترى الثعلب الحولي فيها كأنه
إذا ما علا نشز أ حصان مجلل و منه نشوز المرأة على زوجها و ينشز و ينشز مثل يعكف و يعكف و يعرش و يعرش .

اللغة

التفسح الاتساع في المكان و التفسح و التوسع واحد و فسح له في المجلس يفسح فسحا و مكان فسيح و في صفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان فسيح ما بين المنكبين أي بعيد ما بينهما لسعة صلبه و الإشفاق الخوف و رقة القلب و النشوز الارتفاع عن الشيء بالذهاب عنه .

النزول

قال قتادة كانوا يتنافسون في مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فإذا رأوا من جاءهم مقبلا ضنوا بمجلسهم عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض و قال المقاتلان كان رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) في الصفة و في المكان ضيق و ذلك يوم الجمعة و كان (صلى الله عليه وآله وسلّم) يكرم أهل بدر من المهاجرين و الأنصار فجاء أناس من أهل بدر و فيهم ثابت بن قيس بن شماس و قد سبقوا في المجلس فقاموا حيال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته فرد عليهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فلم يفسحوا لهم فشق ذلك على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال لمن حوله من المهاجرين و الأنصار من غير أهل بدر قم يا فلان قم يا فلان بقدر النفر الذين كانوا بين يديه من أهل بدر فشق ذلك على من أقيم من مجلسه و عرف الكراهية في وجوههم و قال المنافقون للمسلمين
مجمع البيان ج : 9 ص : 379
أ لستم تزعمون أن صاحبكم يعدل بين الناس فو الله ما عدل على هؤلاء إن قوما أخذوا مجالسهم و أحبوا القرب من نبيهم فأقامهم و أجلس من أبطأ عنهم مقامهم فنزلت الآية ( و أما ) قوله « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا » الآية فإنها نزلت في الأغنياء و ذلك أنهم كانوا يأتون النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيكثرون مناجاته فأمر الله سبحانه بالصدقة عند المناجاة فلما رأوا ذلك انتهوا عن مناجاته فنزلت آية الرخصة عن مقاتل بن حيان و قال أمير المؤمنين صلوات الرحمن عليه إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي و لا يعمل بها أحد بعدي « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول » الآية كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فكلما أردت أن أناجي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قدمت درهما فنسختها الآية الأخرى « أ أشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات » الآية فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) بي خفف الله عن هذه الأمة و لم ينزل في أحد قبلي و لم ينزل في أحد بعدي و قال ابن عمر و كان لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ثلاث لو كانت لي واحدة منهن لكانت أحب إلي من حمر النعم تزويجه فاطمة و إعطاؤه الراية يوم خيبر و آية النجوى و قال مجاهد و قتادة لما نهوا عن مناجاته صلوات الرحمن عليه حتى يتصدقوا لم يناجه إلا علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلوات قدم دينارا فتصدق به ثم نزلت الرخصة .


المعنى

لما قدم سبحانه النهي عن النجوى لما فيه من إيذاء المؤمنين عقبه بالأمر بالتفسح لما في تركه من إيذائهم أيضا فقال « يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس » أي اتسعوا فيه و هو مجلس النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن قتادة و مجاهد و قيل المراد به مجالس الذكر كلها « فافسحوا يفسح الله لكم » أي فتوسعوا يوسع الله لكم مجالسكم في الجنة « و إذا قيل انشزوا » أي ارتفعوا و قوموا و وسعوا على إخوانكم « فانشزوا » أي فافعلوا ذلك و قيل معناه و إذا قيل لكم انهضوا إلى الصلاة و الجهاد و عمل الخير فانشزوا و لا تقصروا عن مجاهد و قيل معناه و إذا قيل لكم ارتفعوا في المجلس و توسعوا للداخل فافعلوا فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا يقرب و لا يرفع إلا بإذن الله و أمره و قيل معناه و إذا نودي للصلاة فانهضوا فإن رجالا كانوا يتثاقلون عن الصلاة عن عكرمة و الضحاك و قيل وردت في قوم كانوا يطيلون المكث عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيكون كل واحد منهم يحب أن يكون آخر خارج فأمرهم الله أن ينشزوا أي يقوموا إذا قيل لهم انشزوا « يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات » قال ابن عباس يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات و قيل معناه لكي يرفع الله الذين آمنوا منكم بطاعتهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) درجة و الذين أوتوا العلم بفضل علمهم و سابقتهم درجات في الجنة و قيل درجات في مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأمر الله سبحانه أن يقرب العلماء من نفسه فوق المؤمنين الذين لا يعلمون العلم ليبين فضل العلماء على
مجمع البيان ج : 9 ص : 380

غيرهم و في هذه الآية دلالة على فضل العلماء و جلالة قدرهم و قد ورد أيضا في الحديث أنه قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) فضل العالم على الشهيد درجة و فضل الشهيد على العابد درجة و فضل النبي على العالم درجة و فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه و فضل العالم على سائر الناس كفضلي على أدناهم رواه جابر بن عبد الله و قال علي (عليه السلام) من جاءته منيته و هو يطلب العلم فبينه و بين الأنبياء درجة « و الله بما تعملون خبير » أي عليم ثم خاطب سبحانه المؤمنين مرة أخرى و قال « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة » أي إذا ساررتم الرسول فقدموا قبل أن تساروه صدقة و أراد بذلك تعظيم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أن يكون ذلك سببا لأن يتصدقوا فيؤجروا عنه و تخفيفا عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال المفسرون فلما نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا ضن كثير من الناس فكفوا عن المسألة فلم يناج أحد إلا علي بن أبي طالب على ما مضى ذكره قال مجاهد و ما كان إلا ساعة و قال مقاتل بن حيان كان ذلك ليالي عشرا ثم نسخت بما بعدها و كانت الصدقة مفوضة إليهم غير مقدرة « ذلك » أي ذلك التصدق بين يدي مناجاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) « خير لكم » لأن فيه أداء واجب و تحصيل ثواب « و أطهر » أي و أدعي لكم إلى مجانبة المعاصي و تركها و أزكى لكم تتطهرون بذلك بمناجاته كما تقدم الطهارة على الصلاة « فإن لم تجدوا » ما تتصدقون به « فإن الله غفور » يستر عليكم ترك ذلك « رحيم » يرحمكم و ينعم عليكم ثم قال سبحانه ناسخا لهذا الحكم « أ أشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات » يعني أ خفتم الفاقة يا أهل الميسرة و بخلتم بالصدقة بين يدي نجواكم و هذا توبيخ لهم على ترك الصدقة إشفاقا من العيلة « فإذ لم تفعلوا و تاب الله عليكم » لتقصيركم فيه « فأقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و أطيعوا الله » فيما أمركم به و نهاكم عنه « و رسوله » أي و أطيعوا رسوله أيضا « و الله خبير بما تعملون » أي عالم بأعمالكم من طاعة و معصية و حسن و قبيح فيجازيكم بها ثم قال سبحانه « أ لم تر » يا محمد « إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم » و المراد به قوم من المنافقين كانوا يوالون اليهود و يفشون إليهم أسرار المؤمنين و يجتمعون معهم على ذكر مساءة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و المؤمنين عن قتادة و ابن زيد « ما هم منكم و لا منهم » يعني أنهم ليسوا من المؤمنين في الدين و الولاية و لا من اليهود « و يحلفون على الكذب » أي و يحلفون أنهم لم ينافقوا « و هم يعلمون » أنهم منافقون « أعد الله لهم عذابا شديدا » أي في الآخرة « إنهم ساء ما كانوا يعملون » أي بئس العمل عملهم و هو النفاق و موالاة أعداء الله .

مجمع البيان ج : 9 ص : 381
اتخَذُوا أَيْمَنهُمْ جُنَّةً فَصدُّوا عَن سبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ(16) لَّن تُغْنىَ عَنهُمْ أَمْوَلهُُمْ وَ لا أَوْلَدُهُم مِّنَ اللَّهِ شيْئاً أُولَئك أَصحَب النَّارِ هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ(17) يَوْمَ يَبْعَثهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يحْلِفُونَ لَكمْ وَ يحْسبُونَ أَنهُمْ عَلى شىْء أَلا إِنهُمْ هُمُ الْكَذِبُونَ(18) استَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشيْطنُ فَأَنساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئك حِزْب الشيْطنِ أَلا إِنَّ حِزْب الشيْطنِ هُمُ الخَْسِرُونَ(19) إِنَّ الَّذِينَ يحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسولَهُ أُولَئك فى الأَذَلِّينَ(20) كتَب اللَّهُ لأَغْلِبنَّ أَنَا وَ رُسلى إِنَّ اللَّهَ قَوِىُّ عَزِيزٌ(21) لا تجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الاَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسولَهُ وَ لَوْ كانُوا ءَابَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَنَهُمْ أَوْ عَشِيرَتهُمْ أُولَئك كتَب فى قُلُوبهِمُ الايمَنَ وَ أَيَّدَهُم بِرُوح مِّنْهُ وَ يُدْخِلُهُمْ جَنَّت تجْرِى مِن تحْتهَا الأَنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا رَضىَ اللَّهُ عَنهُمْ وَ رَضوا عَنْهُ ك ولَئك حِزْب اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْب اللَّهِ هُمُ المُْفْلِحُونَ(22)

القراءة

قرأ محمد بن حبيب الشموني عن الأعشى عن أبي بكر أو عشيراتهم على الجمع و الباقون « أو عشيرتهم » على التوحيد و في الشواذ قراءة الحسن اتخذوا إيمانهم بكسر الهمزة و رواية بعضهم عن عاصم كتب بضم الكاف في قلوبهم الإيمان بالرفع .

الحجة


من قرأ إيمانهم حذف المضاف أي اتخذوا إظهار إيمانهم جنة و من قرأ كتب في قلوبهم الإيمان فهو على حذف المضاف أيضا أي كتب في قلوبهم علامة الإيمان
 

Back Index Next