في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة41)

بعد الفراغ ، حتّى لا يترتّب عليه أثر ، وعدم كونه مشمولا أيضاً لأدلّة الشكّ قبل الفراغ ، حتّى يترتّب عليه حكمه من وجوب صلاة الإحتياط ، فاللازم الإتيان بالنقيصة المحتملة موصولة .
فإنّه يرد عليه أيضاً أنه لا ينبغي الإشكال في كون الإحتمالين الباقيين بعد التسليم في الصورتين ، حادثين في الأثناء وقبل الفراغ ، فاللازم ترتيب أثره عليه وهو الإتيان بصلاة الإحتياط ، وزوال أحد احتمالي النقيصة لايضرّ بتأثير الاحتمال الموجود في ما يترتّب عليه من وجوب الإحتياط ، بعد وضوح كون تشريع صلوة الإحتياط لأجل جبر النقص المحتمل ، بحيث كانت متمّمة على تقدير النقص ، وغير مضرّة على تقدير التمامية .
وبالجملة : فالإشكال في هاتين الصورتين ممّا لا ينبغي أن يصغى إليه لوضوح الحكم فيهما كما عرفت .
ودون ذلك في الوضوح حكم عكس الصورتين ، بأن كان شاكّاً بين الثلاث والأربع ، أو بين الإثنتين والأربع فانقلب شكّه بعد التسليم إلى الإثنتين والثلاث والأربع ، فإنّ انقلاب الشكّ المركّب من الإحتمالين إلى الشكّ المركّب من الاحتمالات الثلاثة ، لا يوجب زوال الاحتمالين اللذين يشترك فيهما الشكّان ، وحدوث مثلهما مع احتمال آخر حتّى يقال : إنّ الشكّ الحادث في الأثناء قد زال ، والموجود حادث بعد الفراغ فلا أثر لشي منهما .
أو يقال بعدم كون الشكّ الموجود من قبيل الشكّ بعد الفراغ ، ولا من موارد الشكّ قبل الفراغ ، فاللازم الإتيان بالنقيصة المحتملة موصولة . بل الظاهر بقاء الاحتمالين الحادثين في الأثناء وحدوث احتمال آخر ، ومقتضى بقاء ما حدث في الأثناء من احتمال النقص الإتيان بالنقيصة المحتملة مفصولة ، فيجب عليه الإتيان بركعة في الصورة الاُولى ، وبركعتين في الصورة الثانية ، وهذا ممّا لا إشكال فيه .


(الصفحة42)

إنّما الإشكال في ما يقتضيه الاحتمال الحادث بعد التسليم البنائي ، لأنّ فيه وجوهاً ثلاثة :
أحدها: عدم كونه مؤثّراً في إيجاب شيء لا موصولة ولا مفصولة ، لكونه حادثاً بعد الفراغ ومشمولا لقاعدة الشكّ بعده ، بناءً على عدم كون المراد بالفراغ هو الفراغ بعنوان آخر الركعات ، بل المراد أعمّ منه ومن مثل المقام ، ممّا إذا فرغ بعد البناء على الأكثر وسلّم حتّى يأتي بالنقيصة المحتملة مفصولة .
ثانيها : وجوب ضمّ النقيصة المحتملة بهذا الاحتمال موصولة .
ثالثها : وجوب ضمّها مفصولة .
ويرد على الوجه الأول عدم جريان قاعدة الفراغ في مثل المقام ، لانصرافها إلى ما إذا كان الفراغ بعنوان آخر الركعات واقعاً . وعلى الوجه الثاني أنّ الإتيان بالنقيصة المحتملة بالاحتمال الحادث موصولة إن كان بعد الإتيان بصلاة الإحتياط التي هي مقتضى الاحتمال الحادث في الأثناء الباقي بعد الفراغ ، فلا يبقى معنى لكونها موصولة أصلا كما لا يخفى; وإن كان الإتيان بها قبلها فهو أيضاً بعيد بعد تخلّل التسليم والإتيان به ، فالأقوى هو الاحتمال الثالث .
وانقدح من ذلك أنّ الإشكال في هاتين الصورتين أيضاً ممّا لا وجه له .
وأمّا الصورتان الباقيتان من الصور الستة ـ وهما انقلاب الشكّ بين الثلاث والأربع إلى الشكّ بين الإثنتين والأربع والعكس ـ فهما العمدة فيما هو محلّ الكلام من الصور الستّة ، فقد تعرّض لحكمهما الأصحاب والفقهاء المتأخّرون(1) :
1 ـ عدم ترتّب أثر على شيء من الشكّين ، أمّا الشكّ المنقلب عنه فلزواله بالانقلاب ، وأمّا الشكّ المنقلب إليه فلحدوثه بعد الفراغ ، فيشمله دليل قاعدة الشكّ بعد الفراغ .


(1) منهم: صاحب جامع المقاصد 2 : 491 وكشف اللثام 4: 434 ـ 435  .

(الصفحة43)

2 ـ عدم شمول قاعدة الشكّ بعد الفراغ للشكّ الحادث بعد التسليم هنا . وفي تقريب عدم جريانها وجهان :
أحدهما : ما قرّره الشارح المحقّق الهمداني(قدس سره) في المصباح ، حيث قال : إنّ ما دلّ على عدم الإعتناء بالشكّ في الشي بعد الخروج عنه ، لا يتناول مثل هذا الخروج الذي اختاره ، لا لزعم الفراغ بل تعبّداً صوناً للصلاة ، من أن تلحقها زيادة بفعل ما يحتمل كونه تتمّة لها ، فما لم يتحقّق الفراغ من الإحتياط لا يعلم بحصول الفراغ من الصلاة ، فضلا عن أن ينصرف إليه ما دلّ على عدم الاعتناء بشكّه(1) . انتهى .
وتوضيحه ، إنّ لسان الأدلّة الدالّة على عدم الاعتناء بالشكّ في الشي بعد الخروج منه ظاهر في كون المراد من الخروج هو الخروج بزعم الفراغ من الصلاة ، بحيث يشتغل بعده بما هو مقصود له من الأعمال والحركات ، فإنّ قوله(عليه السلام): «كلّ ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكّراً فامضه ، ولا إعادة عليك فيه»(2) ظاهر في كون الشكّ العارض بعد مضيّ الصلاة والطهور ، وتخيّل حصول فراغ الذمّة عنهما ، ولذا حكم بمعاملة المضيّ معهما كما هما ماضيان .
ومرجعه إلى عدم كون الإعتقاد بالإتيان بجميع ما له دخل في المأمور به المتحقّق في حال الاشتغال ، بالإتيان به منخرماً حكماً بسبب الشكّ العارض ، بعد مضيّ العمل وتخيّل حصول الفراغ منه .
ومن الواضح اختصاص ذلك بما إذا خرج من العمل بزعم الفراغ ، وأمّا لو خرج منه تعبّداً صوناً للصلاة من لحوق الزيادة بسبب الإتيان بما يحتمل كونه متمّما ، فلا يكون هذا الخروج موجباً لمضيّ العمل حتّى يلزم معه معاملة الأمر

(1) مصباح الفقيه كتاب الصلاة: 575  .
(2) التهذيب 1: 364 ح1104; الوسائل 1: 471 . أبواب الوضوء ب42 ح6  .

(الصفحة44)

الماضي ، فالانصاف تمامية هذا الوجه وعدم شمول دليل القاعدة لمثل المقام .
ثانيهما : ما أفاده المحقّق الحائري(قدس سره) ممّا تقدّم(1) وحاصله: إنّ دليل الشكّ بعد الفراغ ينصرف إلى الفراغ بعنوان آخر الركعات واقعاً ، بمعنى أن يأتي المصلّي بالجزء الأخير بتخيل أنه الجزء الأخير ، لابناءً بواسطة تخيّل بقاء الشكّ السابق ، فبنى على الأكثر وسلّم زاعماً أنه محكوم بذلك .
وبالجملة: التسليم المحقّق لموضوع الفراغ الذي تجري فيه القاعدة ، إنّما هو التسليم الذي كان مأموراً به من الشارع ، وأما فيما لو سلّم بناءً بواسطة تخيّل الأمر من حيث تخيّل بقاء الشكّ السابق ، فلا يكون هذا النحو من التسليم موجباً لتحقّق الفراغ أصلا . والفرق بين هذا الوجه والوجه السابق واضح ، فإنّ مقتضى الوجه السابق عدم جريان القاعدة في مثل المقام ، ولو لم ينقلب الشكّ الحادث في الأثناء إلى شكّ آخر أصلا لعدم الفراغ المتعقّب لوجوب الإتيان بالنقيصة المحتملة مشمولا لدليل القاعدة ، ومقتضى هذا الوجه التفصيل بين صورتي الانقلاب وعدمه ، بجريان القاعدة فيما لو لم ينقلب لكون التسليم مأموراً به شرعاً . وعدم جريانها في صورة الانقلاب لعدم كونه مأموراً به ،بل الإتيان به إنّما هو لتخيّل الأمر من حيث بقاء الشكّ السابق .
ويرد على هذا الوجه:
أوّلا : عدم جريان القاعدة ، ولو كان التسليم مأموراً به ، لاختصاصها بالخروج الذي اختاره لزعم الفراغ لا تعبّداً ، صوناً للصلاة من لحوق الزيادة بفعل ما يحتمل كونه متمّماً ، كما عرفت .
وثانياً : إنّ مرجع القول بانتفاء الأمر في صورة الانقلاب إلى كون الشكّ

(1) كتاب الصلاة للمحقّق الحائري: 372 ـ 373 .

(الصفحة45)

الموضوع لأدلّة الشكوك هو الشكّ الباقي الذي لم ينقلب إلى شكّ آخر ، ومقتضى ذلك عدم جواز إجراء أحكام الشكوك على شيء من الشكوك الحادثة في الأثناء ، لعدم العلم ببقائه وعدم انقلابه إلى شكّ آخر ، فالظاهر عدم اختصاص موضوع أدلّة الشكوك بالشكّ الباقي إلى آخر الإتيان بصلاة الإحتياط ، بل يعمّ ما إذا انقلب بعد الفراغ أيضاً .
وكيف كان ، فلا خفاء في عدم شمول دليل الشكّ بعد الفراغ لمثل المقام ، فيجب الاعتناء بهذا الشكّ والإتيان بالنقيصة المحتملة .
وهل الواجب الإتيان بها موصولة كما اختاره المحقّق الحائري(قدس سره) في كلامه المتقدّم ، أو أنّ اللازم الإتيان بها مفصولة ، كما إذا كان الشكّ حادثاً في الأثناء ولم يتبدل إلى شكّ آخر وجهان :
والظاهر هو الوجه الثاني ، لأنه بعد تحقّق التسليم ووقوعه في محلّه ـ لكونه مأموراً به من الشارع ـ لا يبقى معنى للاتّصال ، بل تصير الركعة التي يأتي بها بهذا العنوان أمراً غير مرتبط بالصلاة ، فاللازم الإتيان بها مفصولة لتكون صلاة مستقلة صالحة للتتميم على تقدير نقص الفريضة .
وبالجملة: فلا فرق بين المقام وبين ما إذا كان الشكّ الحادث في الأثناء باقياً بعد الصلاة من حيث لزوم تدارك النقيصة المحتملة مفصولة ، صوناً للصلاة من وقوع الزيادة فيها ، فالظاهر هو الوجه الثاني .
وبقي من الصور ، صورتان :
1 ـ انقلاب الشكّ بين الإثنتين والثلاث إلى الشكّ بين الإثنتين والثلاث والأربع .
2 ـ انقلابه إلى الشكّ بين الثلاث والأربع والحكم فيهما البطلان ، لانّ مرجع الانقلاب بحسب حاله الأول بعد لزوم الإتيان بركعة موصولة في الشكّ بين

(الصفحة46)

الإثنتين والثلاث إلى كونه بحسب حاله الفعلي مردّداً بين الثلاث والأربع والخمس في الصورة الاُولى وبين الأربع والخمس في الصورة الثانية .

فذلكة أحكام الصور:
قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ عشرين صورة التي تتحصّل من ضرب الشكوك الخمسة المنصوصة المنقلب عنها في الشكوك الأربعة المنقلب إليها مختلفة من حيث الحكم ، فأربع منها حكمها البطلان ، وستّ منها حكمها الصحّة والتمامية وعدم وجوب شيء ، وأربع منها حكمها لزوم العمل على وفق الشكّ المنقلب إليه بلا اشكال ، والباقية حكمها كذلك على الأقوى ، وإن وقع فيها الإشكال والخلاف .
أمّا الأربع التي حكمها البطلان فهي انقلاب الشكّ بين الإثنتين والثلاث إلى شيء من الشكوك الأربعة الاُخر ، ووجه البطلان فيها إمّا العلم التفصيلي بتحقّق الزيادة في الصلاة كما في بعضها ، أو العلم الإجمالي بالزيادة أو النقيصة كما في بعضها الآخر .
وأمّا الستّ التي حكمها الصحّة والتمامية ، وعدم وجوب شيء ، فهي ما لو كان الشكّ المنقلب عنه هو الشكّ بين الأربع والخمس ، والشكّ المنقلب إليه واحداً من الشكوك الثلاثة التي كان أحد طرفيها أو أطرافها احتمال التمامية ، وهي الشكّ بين الإثنتين والأربع ، والشكّ بين الثلاث والأربع ، والشكّ بين الإثنتين والثلاث والأربع ، أو بالعكس .
والوجه في الصحّة ما عرفت من أنّه لو كان الشكّ المنقلب إليه هو الشكّ بين الأربع والخمس ، يتحقّق العلم بعدم النقص ، فلا معنى للتدارك وإن كان محتملا في الأثناء ، ولو كان الشكّ المنقلب عنه هو الشكّ بين الأربع والخمس يكون الشكّ الحادث بعد الصلاة شكّاً بعد الفراغ الحقيقي ، لانّ المفروض أنّه أتى بالجزء الأخير

(الصفحة47)

بعنوان أنّه الجزء الأخير كما تقدّم .
وأمّا الأربع التي حكمها لزوم العمل على وفق الشكّ المنقلب إليه بلا كلام ، فهي الصور التي كان الشكّ المنقلب إليه هو الشكّ بين الإثنتين والثلاث ، والشكّ المنقلب عنه واحداً من الشكوك الأربعة الاُخر . والسرّ في ذلك هو أنّه مع وجود الشكّ المنقلب إليه يعلم بنقصان الصلاة وعدم كون التسليم واقعاً في محلّه ، فالشكّ الحادث بعده شكّ في أثناء الصلاة حقيقة ، وقد تقدّم أنه لو تبدّل الشكّ إلى شكّ آخر في الأثناء لابدّ من العمل على وفق الشكّ المنقلب إليه بلا إشكال .
وأما الستّ الباقية التي حكمها أيضاً لزوم العمل على وفق الشكّ المنقلب إليه على الأقوى ، وإن وقع فيها الإشكال والخلاف تارة من حيث إلحاقها بالستّ المتقدّمة التي حكمها الصحّة والتمامية وعدم وجوب شيء ، نظراً إلى زوال ما حدث في الأثناء وعروض الموجود بعد الفراغ ، فلا أثر لشيء منهما ، وأُخرى من حيث لزوم الإتيان بالنقيصة المحتملة بالاحتمال الموجود موصولة كما عن المحقّق المتقدّم .
فهي الصور الستّ الأخيرة التي تتحصّل من انقلاب واحد من الشكوك التي أحد طرفيها أو أطرافها احتمال التمامية ، والآخر احتمال النقيصة إلى شكّ آخر من تلك الشكوك كما عرفت . وعليك بملاحظة الجدول المرقوم في الذيل :

الصور الأربع التي حكمها لزوم العمل على طبق الشكّ الثاني بلا إشكال:

الشكّ المنقلب عنه الشكّ المنقلب إليه
الشكّ بين الثلاث والأربع الشكّ بين الإثنتين والثلاث
الشكّ بين الاثنتين والأربع الشكّ بين الإثنتين والثلاث
الشكّ بين الإثنتين والثلاث والأربع الشكّ بين الإثنتين والثلاث
الشكّ بين الأربع والخمس الشكّ بين الإثنتين والثلاث


(الصفحة48)

الصور الأربع التي حكمها البطلان :

الشكّ المنقلب عنه الشكّ المنقلب إليه
الشكّ بين الإثنتين والثلاث الشكّ بين الثلاث والأربع
الشكّ بين الإثنتين والثلاث الشكّ بين الإثنتين والأربع
الشكّ بين الإثنتين والثلاث الشكّ بين الإثنتين والثلاث والأربع
الشكّ بين الإثنتين والثلاث الشكّ بين الأربع والخمس

الصور الستّ التي حكمها الصحّة وعدم وجوب شيء

الشكّ المنقلب عنه الشكّ المنقلب إليه
الشكّ بين الأربع والخمس الشكّ بين الثلاث والأربع
الشكّ بين الأربع والخمس الشكّ بين الإثنتين والأربع
الشكّ بين الأربع والخمس الشكّ بين الإثنتين والثلاث والأربع
الشكّ بين الثلاث والأربع الشكّ بين الأربع والخمس
الشكّ بين الإثنتين والثلاث الشكّ بين الأربع والخمس
الشكّ بين الإثنتين والثلاث والأربع الشكّ بين الأربع والخمس

(الصفحة49)


الصور الستّ الباقية التي حكمها لزوم العمل على وفق الشكّ الثاني مع إشكال منهم

الشكّ المنقلب عنه الشكّ المنقلب إليه
الشكّ بين الثلاث والأربع الشكّ بين الإثنتين والأربع
الشكّ بين الإثنتين والثلاث والأربع الشكّ بين الإثنتين والأربع
الشكّ بين الإثنتين والأربع الشكّ بين الثلاث والأربع
الشكّ بين الإثنتين والثلاث والأربع الشكّ بين الثلاث والأربع
الشكّ بين الثلاث والأربع الشكّ بين الإثنتين والثلاث والأربع
الشكّ بين الإثنتين والأربع الشكّ بين الإثنتين والثلاث والأربع


(الصفحة50)






(الصفحة51)







سجود السهو


قد استمرّ العمل من المسلمين من زمان النبيّ(صلى الله عليه وآله) وزمان الأئمّة(عليهم السلام) إلى يومنا هذا على وجوب سجدتي السهو في بعض الموارد ، وأخبار الفريقين تدلّ على أنّه(صلى الله عليه وآله)اتّفق له السهو في صلاة وسجد بعدها السجدتين(1) ولكن مقتضى أصول المذهب خلافها ، مضافاً إلى معارضتها مع رواية زرارة قال : سألت أبا جعفر(عليه السلام)هل سجد رسول الله(صلى الله عليه وآله) سجدة السهو قط؟ قال : «لا ولا يسجدهما فقيه»(2) . والمراد بالفقيه ، الأئمّة المعصومون(عليهم السلام) ، ومع وجود هذه الرواية ، يغلب على الظنّ كون تلك الروايات المثبتة لسهو النبيّ(صلى الله عليه وآله) صدرت تقيّة .
وكيف كان ، فلا إشكال في أصل ثبوت سجود السهو وكذا في كونه سجدتين ، وإن وقع الاختلاف بين فقهاء المسلمين في موارد ثبوته ، حيث إنّ العامّة اتّفقوا على

(1) سنن البيهقي 2: 335; صحيح البخاري 2: 82 و 83 ح1227 ـ 1229 ، ب1 ـ 4; الكافي 3: 355 ح1 وص357 ح6; الوسائل 8: 201 و 203 . أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب3 ح11 و 16 .
(2) التهذيب 2: 350 ح1454; الوسائل 8: 202 . أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب3 ح13 .

(الصفحة52)

ثبوته في موارد الشكّ في عدد الركعات مطلقاً من دون فرق بين الأوليين والأخيرتين  ، وإن اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال :
1 ـ البناء على الأقلّ والإتيان بالركعة المشكوكة وسجدتي السهو ، وذهب إليه مالك والشافعي وبعض آخر .
2 ـ ما اختاره أبو حنيفة من أنّه إن كان أوّل أمره فسدت صلاته ، وإن تكرّر ذلك منه تحرّى وعمل على غلبة الظنّ ثمّ يسجد سجدتين بعد السلام .
3 ـ إنّه ليس عليه إذا شكّ لا رجوع إلى اليقين ولا تحر ، وإنّما عليه السجود فقط إذا شكّ ، وظاهره البناء على الأكثر ، واختار هذا القول جماعة منهم(1) وهو قريب من فتاوى الإمامية من حيث إيجابهم البناء على الأكثر في غير الأوليين من الرباعية(2) .
ولكن يرد عليه منع ما قالوا: من أنّ السجدتين جابرتان للنقيصة المحتملة من عدد الركعات ، فإنه كيف يمكن أن تجبر السجدتان لركعة أو أزيد كما هو واضح ، هذا بالنسبة إلى الركعات .
وأمّا بالنسبة إلى الأفعال ، فقد اتّفقوا على ايجاب سجود السهو لمطلق الزيادة ، وإن لم تكن من أجزاء الصلاة ، وأمّا النقيصة فظاهرهم التفصيل بين الفريضة والسنة والرغيبة ، بأنّ الاخلال بالاولى موجب للاستئناف إن لم تكن قابلة للتدارك ، وبالثانية موجب لسجدتي السهو وبالثالثة لا يترتّب عليه أثر(3) .


(1) المجموع 4: 107 و 111; بداية المجتهد 1: 273; الخلاف 1: 445 مسألة 192; تذكرة الفقهاء3: 314 مسألة 341 .
(2) الإنتصار: 155 مسألة 54; الخلاف 1: 445 مسألة 192; السرائر 1: 254; تذكرة الفقهاء 3: 314; مستند الشيعة 7: 140 .
(3) المجموع 4: 125 ـ 128; فتح العزيز 4: 138 ـ 139; المدوّنة الكبرى 1: 14; تذكرة الفقهاء 3: 349 مسألة  360 .

(الصفحة53)

وأمّا موضعه عندهم فذهب الشافعي إلى أنّ سجود السهو موضعه أبداً قبل السلام ، وذهب أبو حنيفة إلى أنّ موضعه أبداً بعد السلام ، وفصّل مالك فقال : إن كان السجود لنقصان كان قبل السلام ، وإن كان لزيادة كان بعد السلام . وقال أحمد: يسجد قبل السلام في المواضع التي سجد فيها رسول الله(صلى الله عليه وآله) قبل السلام ، ويسجد بعد السلام في المواضع التي سجد فيها بعده(1) .
وأمّا صفة سجود السهو فقد اختلفوا فيها ، فرأى مالك أنّ حكمها إذا كانت بعد السلام أن يتشهّد فيها ويسلّم منها ، وبه قال أبو حنيفة ، لأنّ سجدتي السهو عنده بعد السلام ، وإذا كانت قبل السلام أن يتشهّد لها فقط ، وأنّ السلام من الصلاة هو سلام منها ، وبه قال الشافعي ، إذ كان السجود كلّه عنده قبل السلام .
وحكي عن مالك أنه لا يتشهّد للتي قبل السلام ، وبه قال جماعة ، وقال أبو بكر ابن المنذر : اختلف العلماء في هذه المسألة على ستّة أقوال ، فقالت طائفة : لا تشهّد فيها ولاتسليم ، وبه قال أنس بن مالك والحسن وعطاء ، وقال قوم مقابل هذا وهو: أنّ فيها تشهّداً وتسليماً ، وقال قوم: فيها تشهّد فقط دون تسليم ، وبه قال الحكم وحمّاد والنخعي ، وقال قوم مقابل هذا وهو: إنّ فيها تسليماً وليس فيها تشهّد ، وهو قول ابن سيرين .
والقول الخامس : إن شاء تشهّد وسلّم وإن شاء لم يفعل ، روي ذلك عن عطا; والسادس : قول أحمد بن حنبل : إنّه إن سجد بعد السلام تشهّد وإن سجد قبل السلام لم يتشهّد . وهو الذي حكيناه نحن عن مالك ، قال أبو بكر : قد ثبت إنّه(صلى الله عليه وآله)كبّر فيها أربع تكبيرات وأنه سلّم ، وفي ثبوت تشهّده فيها نظر(2) ، انتهى . هذا كلّه

(1) المجموع 4: 154 ـ 155; بداية المجتهد 1: 265; المغني لابن قدامة 1: 709; الشرح الكبير 1: 733 ـ 734; تذكرة الفقهاء 3: 355 مسألة 363 .
(2) بداية المجتهد 1: 271 .

(الصفحة54)

ما يتعلّق بسجود السهو في نظر العامّة .
وأمّا نحن معاشر الإمامية فلا إشكال عندنا في عدم وجوبه فى موارد الشكّ في عدد الركعات إلاّ في الشكّ بين الأربع والخمس على ماعرفت(1) . نعم أوجبه والد الصدوق في الشكّ بين الاثنتين والثلاث في بعض فروضه ولكنّه نادر(2) .
وأمّا في الأفعال ، فما يوجب منهاالسجدتين أمور :
أحدها : ترك التشهّد نسياناً ، فإنه يجب قضاؤه بعد السلام والإتيان بسجدتي السهو نصّاً وفتوى على ماتقدّم في باب التشهّد(3) .
ثانيها : نسيان سجدة واحدة إلى أن يركع في اللاحقة ، فإنّه يجب قضاؤها نصّاً وفتوى ، والإتيان بسجدتي السهو على ماهو المشهور من حيث الفتوى(4) ، وإن كان النصّ خالياً من ذلك إلاّ أنه يستكشف وجوده من فتوى المشهور .
ثالثها : التكلّم سهواً ، فإنّه أيضاً يوجب سجود السهو بمقتضى الروايات الواردة فيه ، مضافاً إلى الشهرة بل الاجماع ، على ما ادّعي .
رابعها : السلام في غير المحلّ كما هو المشهور(5) ولعلّه لكونه من كلام الآدميّين على ما عرفت تحقيقه في باب التسليم ، فوقوعه في غير محلّه إنّما هو كالتكلّم سهواً بل هو عينه .


(1) راجع2 : 496 ـ 497 .
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة 2: 383  .
(3) راجع مختلف الشيعة 2: 407; مدارك الأحكام 4: 242; جواهر الكلام 12: 303 .
(4) المقنعة: 138; جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) 3: 36 ـ 37; المراسم: 89; الكافي في الفقه: 119; السرائر 1: 257; مختلف الشيعة 2: 367; مدارك الأحكام 4: 240; جواهر الكلام 12: 300 .
(5) المقنعة: 147 ـ 148; المبسوط 1: 123; الجمل والعقود: 80 ; جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) 3: 37; الفقيه 1: 341 و353; مختلف الشيعة 2: 423 .

(الصفحة55)

خامسها : القعود في موضع القيام أو العكس ، واختار ايجابهما للسجود جماعة كالصدوق وعلم الهدى وأبي يعلى وأبي الصلاح والقاضي وابن حمزة وأبي المكارم وابن إدريس والعلاّمة وكثير ممّن تأخر(1) ، وخالف فيه الشيخان وعلي بن بابويه وجمع من متأخّري المتأخّرين(2) ، ومنشأ الاختلاف اختلاف الأخبار التي يستفاد منها حكم هذه المسألة .
وما يدلّ منها على مذهب المثبتين خبران :
أحدهما : خبر معاوية بن عمّار قال : سأله عن الرجل يسهو فيقوم في حال قعود أو يقعد في حال قيام؟ قال : «يسجد سجدتين بعد التسليم ، وهما المرغمتان ترغمان الشيطان»(3) .
ثانيهما : موثّقة عمّار بن موسى قال : سألت أبا عبدالله(صلى الله عليه وآله) عن السهو ما تجب فيه سجدتا السهو؟ قال : «إذا أردت أن تقعد فقمت ، أو أردت أن تقوم فقعدت ، أو أردت أن تقرأ فسبّحت ، أو أردت أنّ تسبّح فقرأت ، فعليك سجدتا السهو ، وليس في شيء ممّا تتمّ به الصلاة سهو» . وعن الرجل إذا أراد أن يقعد فقام ثمّ ذكر من قبل ان يقدّم شيئاً أو يحدث شيئاً؟ فقال : «ليس عليه سجدتا السهو حتّى يتكلّم بشيء . . .»(4) .
وقال الباقون : هذان الخبران معارضان بالأخبار الكثيرة المتضافرة الدالّة

(1) امالي الصدوق: 513; جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) 3: 37; المراسم: 90; الكافي في الفقه: 148; المهذّب 1: 156; الوسيلة: 102 ، الغنية: 113; السرائر 1: 257; مختلف الشيعة 2: 426; الروضة البهيّة 1: 327; روض الجنان: 353; الحدائق 9: 323; مدارك الأحكام 4: 279; مستند الشيعة 7: 235 .
2) المقنعة: 147 ـ 148; المبسوط 1: 123; الخلاف 1: 459; المعتبر 2: 399; وحكاه عن ابن بابويه في مختلف الشيعة 2: 426; الجامع للشرائع: 86 .
(3) الكافي 3: 357 ح9; الوسائل 8: 25 . أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب32 ح1 .
(4) التهذيب 2: 353; 1466; الوسائل 8: 250 . أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب32 ح2 .

(الصفحة56)

على أنّ من ترك سجدة أو تشهّداً وقام فذكر قبل أن يركع ، يرجع ويتدارك المنسيّ(1) ، ولا يكون فيها إشارة إلى لزوم سجود السهو من أجل القيام في موضع القعود ، فيستفاد من ذلك عدم كونه موجباً لسجود السهو أصلا .
وحكى في المفتاح عن استاذه أنّه أجاب عن هذا الاستدلال: بأنّ المراد من موضوع البحث ما إذا وقع السهو في خصوص القيام موضع القعود وكذا العكس ، لا أنه سهى فترك السجود أو التشهّد فقام عمداً ، أو أنّه سهى فاعتقد أنّها الركعة الثانية ، فقعد عمداً للتشهّد فتذكّر أنّها الاُولى أو الثالثة ، وذلك بخلاف ما إذا غفل وسهى فقام في الركعة الثانية في موضع قعود التشهّد ، أو قعد كذلك بعد الركعة الأولى أو الثالثة(2) .
ويرد عليه: أنّ القيام موضع القعود لا يتّفق غالباً إلاّ مع السهو عن التشهّد ، وكون الركعة السابقة ركعة ثانية ، وكذا القعود موضع القيام يتحقّق غالباً مع السهو عن كون الركعة التي بيده هي الركعة الاُولى أو الثالثة ، وأمّا كون السهو سبباً لنفس القيام موضع القعود أو العكس ، فهو فرض لا يكاد يتّفق إلاّ نادراً كما لا يخفى .
وكيف كان ، فالخبران المتقدّمان يدلاّن على ثبوت سجدتي السهو في القيام موضع القعود وكذا العكس ، ونحن نقول : إنّ القعود في الصلاة في ثلاثة مواضع ، أوّلها وثانيها القعود في حال التشهّد الأول والأخير ، والثالث القعود بين السجدتين ، وأمّا جلسة الاستراحة فقد عرفت ثبوت الخلاف فيها ، وأنّ الأقوى عدم الوجوب .
أمّا القعود في حال التشهّد ، فالظاهر عدم كونه واجباً مستقلاًّ في مقابل التشهّد ، عند أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم ، خلافاً للعامّة حيث ذهب كثير

(1) الوسائل 6: 364 و 365 . أبواب السجود ب14 ح1 ، 4 وص406 . أبواب التشهّد ب9 ح4 .
(2) مفتاح الكرامة 3: 319  .

(الصفحة57)

منهم إلى وجوبه بنفسه ، بل ذهب جمع من هذه الطائفة إلى عدم وجوب التشهّد أصلا وكونه سنّة محضة(1) .
وبالجملة: فالظاهر عندنا أنّ القعود واجب في حال التشهّد لا لنفسه بل لأجله .
وحينئذ فالسهو عن القعود في حاله لا ينفكّ إمّا عن الاعتقاد بالإتيان بالتشهّد ، وإمّا عن الاعتقاد بكون الركعة التي فرغ منها من أوتار ركعات الصلاة ، ولا يكاد يمكن أن يتحقّق السهو عنه دون التشهّد ، فالسهو عنه عبارة اُخرى عن السهو عن التشهّد ، وعليه فيعارض الخبرين من هذه الجهة الروايات الكثيرة الواردة في نسيان التشهّد ، الدالّة على أنّه لو تذكّر قبل أن يركع في الثالثة يجب عليه الرجوع لتداركه ، وظاهرها بقرينة الحكم بوجوب السجدتين في الشقّ الآخر من شقّي مسألة نسيان التشهّد ، وهو ما لو تذكّر بعد الركوع من الركعة الثالثة عدم وجوبهما في هذا الشقّ كما لايخفى .
وأمّا القعود بين السجدتين فهو وإن كان واجباً خلافاً لبعض العامّة كأبي حنيفة ومن يحذو حذوه(2) ، إلاّ أنّ الظاهر أنه لا يكاد ينفكّ السهو عنه عن السهو عن السجدة الأخيرة ، وحينئذ تقع المعارضة بين الخبرين وبين الروايات الكثيرة الواردة في نسيان سجدة واحدة ، الدالّة على وجوب العود للتدارك مع التذكّر قبل أن يركع في الركعة اللاحقة .
وهذه الروايات غير متعرّضة لسجدتي السهو أصلا ، بل ظاهرها عدم

(1) المجموع 3: 449 ـ 450; 462; المغني 1: 606 ـ 613; الشرح الكبير 1: 634; الخلاف 1: 364 و367 مسألة 121 و 126; تذكرة الفقهاء 3: 227 ـ 228  .
(2) المغني لابن قدامة 1: 598; المجموع 3: 440; الخلاف 1: 360 مسألة 117; تذكرة الفقهاء 3: 190 مسألة  261 .

(الصفحة58)

الوجوب ، ومن المعلوم أنّ الترجيح معها ، لأنّ المشهور بين القدماء وجوب السجدتين في خمسة مواضع فقط ، وسيجئ نقل عبارة الشيخ في كتاب المبسوط ، ومع ذلك لا ينبغي ترك الإحتياط .
ثمّ إنّ المحقّق في المعتبر بعد الإشكال على الاستدلال بخبر عمّار المتقدّم بأنّه نادر ينفرد به عمّار الساباطي ، وهو فطحيّ ، فلا يعمل به ، قال : ويعارضه بما رواه سماعة عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «من حفظ سهوه فاتمّه فليس عليه سجدتا السهو»(1) . وهذا يؤيّد ما ذكرنا ، فتدبّر .
ثمّ إنّه على تقدير الوجوب ، فهل يكون الموجب هو القعود في موضع القيام وكذا العكس ، أو نقصان القعود أو القيام في مواضع وجوبهما ، أو عنوان تبدّل القعود إلى القيام والعكس المتقوّم بعدم واحد ووجود ضدّه؟ . كلّ محتمل ، ولكنّ الظاهر هو الوجه الثاني كما لايخفى .
ثمّ إنّ الروايات الواردة في موجبات سجود السهو كثيرة ربما تبلغ ثلاثين أو أزيد ، وقد ورد أكثرها في السهو بالمعنى المصطلح ، أعني المقارن للجهل المركّب ، وجملة منها في السهو المساوق للجهل البسيط ، وهذه الطائفة على قسمين : قسم منها وارد في خصوص الظنّ ، والقسم الآخر في خصوص الشكّ .
أمّا ما ورد في السهو بالمعنى المصطلح فهي كثيرة جدّاً ، ولكن موردها مختلف ، فطائفة منها واردة في التكلّم نسياناً ، وهي رواية ابن أبي يعفور الواردة في الشكّ بين الإثنتين والأربع(2) ، ورواية عبدالرحمن بن الحجّاج(3) ورواية

(1) المعتبر 2: 399; الوسائل 8: 238 . أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب23 ح4 .
(2) الكافي 3: 352 ح4; التهذيب 2: 186 ح739; الاستبصار 1: 372 ح1315; الوسائل 8: 219 . أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب11 ح2 .
(3) الكافي 3: 356 ح4; التهذيب 2: 191 ح755; الإستبصار 1: 378 ح1433; الوسائل 8: 206 . أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب4 ح1  .

(الصفحة59)

الأعرج(1) هذا ، وقد اتّفق الأصحاب أيضاً على مقتضى هذه الطائفة ، وأنّ التكلّم نسياناً يوجب السجدتين كما عرفت .
وطائفة منها واردة فيما إذا نسي التشهّد الأول حتّى يركع في الركعة الثالثة ، وهي رواية الفضيل بن يسار والحلبي عن أبي عبدالله(عليه السلام)(2) ، ورواية عليّ بن أبي حمزة(3) ورواية سليمان بن خالد وابن أبي يعفور والحسين بن أبي العلاء ورواية قرب الاسناد المرويّة في الوسائل(4) وغير ذلك ممّا ورد بهذا المضمون ، وقد اتّفق الأصحاب هنا أيضاً على ذلك(5) .
وطائفة ثالثة واردة في نسيان سجدة واحدة حتّى يركع في الركعة اللاحقة ، وهي رواية معلّى بن خنيس ، وما رواه البرقي في المحاسن المحكيّ في الوسائل(6) ، ومرسلة سفيان بن السمط(7) ، ولكنّ الانصاف أنّه لا دلالة لشي منها على الوجوب ، ولكن يغنينا عن ذلك إتّفاق الأصحاب عليه كالتشهّد المنسي(8) ، فيستكشف من ذلك وجود نصّ معتبر ، غاية الأمر أنّه لم يصل إلينا .


(1) الكافي 3: 357 ح6; التهذيب 2: 345 ح1433; الوسائل 8: 203 . أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب3 ح16  .
(2) الكافي 3: 356 و357 ح2 و8 ; التهذيب 2: 345 و344 ح1431 و1429; الوسائل 6: 405 و406 . أبواب التشهّد ب9 ح1 و3 .
(3) التهذيب 2: 344 ح1430; الكافي 3: 357 ح7; الوسائل 8 : 244 ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب26 ح2 .
(4) التهذيب 2: 157 ـ 159 ح616 و618 ـ 620; الاستبصار 1: 362 و363 ح1374 و 1375; الفقيه 1: 231 ح1026; قرب الاسناد: 168 ح727; الوسائل 6: 402 ـ 404 . أبواب التشهّد ب7 ح3 و4 و5 و8 .
(5) مدارك الأحكام 4 : 242 .
(6) التهذيب 2: 154 ح606; الاستبصار 1: 359 ح1363; المحاسن 2: 50 ح1150; الوسائل 6: 366 ، 367 . أبواب السجود ب14 ح5 و7 .
(7) التهذيب 2: 155 ح608; الاستبصار 1: 361 ح1367; الوسائل 8 : 251 . أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب32 ح3 .
(8) رياض المسائل 2 : 527 .

(الصفحة60)

ثمّ إنّه قد وقع اشتباه في نقل متن المرسلة ، حيث إنّ الشيخ(قدس سره) في التهذيب بعدما ذكر عبارة المقنعة في نسيان سجدة واحدة استدلّ لحكمه بالمرسلة ونقلها ، ثمّ بيّن انطباقها على المورد بكلام(1) ، وقد توهّم جماعة من المحدّثين كصاحبي الوافي وترتيب التهذيب أنّ ذلك الكلام أيضاً من تتمّة الرواية (2) ، ولكن صاحب الوسائل وجمع آخر قد سلموا من هذا الإشتباه ، وسيأتي نقل متن المرسلة .
وهنا رواية واحدة تدلّ على صحة الصلاة لو زيدت فيها ركعة سهواً ، غاية الأمر وجوب سجدتي السهو من أجل ذلك ، وهي رواية زيد بن عليّ بن الحسين عن آبائه ، عن عليّ(عليهم السلام)(3) ولكنّها ـ مضافاً إلى مخالفتها لاُصول المذهب من حيث اشتمالها على أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) صلّى بالقوم الظهر خمس ركعات ثمّ سجد السجدتين بعد ا لتذكّر ـ شاذّ لا يعمل بها ، لأنّ زيادة الركعة توجب الاستئناف بمقتضى الأخبار الكثيرة .
ورواية اُخرى واردة في نقصان ركعة وأنّه يوجب السجدتين ، وهي رواية عيص بن القاسم(4) ولكن من الواضح أنّ الموجب للسجود في ذلك المورد إنّما هو السلام سهواً ، وإلاّ فمجرّد نسيان الركعة من حيث هو لا يوجب السجود ، نعم يقع الكلام في السلام السهوي وأنّه هل يكون بنفسه موجباً للسجود ، أو لأجل أنّه من مصاديق الكلام سهواً ، حيث إنّك عرفت أنّ السلام من كلام الآدميّين؟ ، فيه وجهان .
وروايتان واردتان فيمن قام في موضع القعود أو بالعكس ، وهما روايتا

(1) التهذيب 2: 155  .
(2) الوافي 8 : 992; ترتيب التهذيب 1: 378  .
(3) التهذيب 2: 349 ح1449; الاستبصار 1: 377 ح1432; الوسائل 8: 233 . أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب19 ح9 .
(4) التهذيب 2: 350 ح1451 و ص149 ح586; الوسائل 8: 198 . أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب3 ح8 .

<<التالي الفهرس السابق>>