في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة261)



الحج معه انما هو لاجل التزاحم على ما عرفت و قد حكم في المتن بعد ذلك بان الحكم فيه مع اعتقاد الخلاف هى الصحة التى يكون المقصود بها الاجزاء ايضا فلا مجال للاشكال في الكفاية بل ترجيح عدمها كما لا يخفى.
بقى في هذا الفرع ما لو ارتفع الضرر او الحرج قبل الميقات و صار مستطيعا و الظاهر فيه كما في المتن صحة الحج و الاجزاء لان ارتفاع الامرين قبل الميقات و صيرورته مستطيعا قبله تكفى في وجوب الحج فهو كمن حدثت له الاستطاعة قبل الميقات بعد ما كان فاقدا لها و قد سلك الطريق اختيارا لغير حجة الاسلام او قهرا و عدوانا فان حجه حجة الاسلام من دون اشكال.
الفرع الرابع: ما لو اعتقد عدم المزاحم الشرعى الاهم فبان الخلاف بعد الحج و الحكم فيه الصحة و الاجزاء كما في المتن و الوجه فيه اولا الاولوية بالاضافة الى صورة وجود المزاحم و اعتقاده ثبوته فانه قد مر فيه الحكم بالصحة لاحد امور تقدمت الاشارة اليها فاذا كان الحكم في هذه الصورة هى الصحة ففى صورة اعتقاد الخلاف يكون بطريق اولى.
و ثانيا انه لو قلنا بالبطلان في الصورة المتقدمة فلا ملازمة بينه و بين الحكم بالبطلان فى المقام لان اتصاف المزاحم الاهم بالمزاحمة انما هو في صورة فعلية التكليف و تنجزه ضرورة انه لا مجال لتوهم التزاحم مع عدم فعلية احد التكليفين و عدم اتصافه بالتنجز فاذا كان في المثال المعروف جاهلا بوجوب الازالة عن المسجد جهلا يعذر فيه او جاهلا باصل تنجس المسجد لا يبقى مجال حينئذ للحكم بتأخر الصلوة عن الازالة لاجل المزاحمة و المقام من هذا القبيل فانه بعد الاعتقاد بعدم المزاحم الشرعى الاهم لا يكون التكليف حينئذ فعليا فلا تتحقق المزاحمة بوجه بعد كونها مرتبطة بمقام الامتثال و راجعة الى عدم قدرة المكلف على الجمع بين الواجبين فاللازم ان تكون العبادة مع كونها غير اهم صحيحة جامعة لجميع الخصوصيات

(الصفحة262)



مجزية عن حجة الاسلام في المقام.
الفرع الخامس: ما لو اعتقد كونه غير بالغ فحج ندبا فبان خلافه و انه كان بالغا حين الحج و في المتن: فيه تفصيل مر نظيره اقول بل مر نفس هذا الفرع في بعض المسائل السابقة فراجع.
الفرع السادس: هذا الفرض اى صورة اعتقاد كونه غير بالغ غاية الامر ترك الحج لاجل الاعتقاد المذكور فبان الخلاف و انه كان بالغا و في المتن استقرار الحج عليه مع بقاء الشرائط الى تمام الاعمال و احتمل على اشكال اشتراط بقائها الى زمان امكان العود الى محله و العمدة في البحث في هذا الفرع الحكم بالاستقرار مع كون ترك الحج مستندا الى اعتقاد الخلاف و هو عدم كونه بالغا و اما البحث في انه ماذا يعتبر في الاستقرار من ناحية بقاء الشرائط فيأتى تفصيله في المسئلة الرابعة و الخمسين الاتية و انه قد اختلفوا فيما به يتحقق الاستقرار على اقوال فالمشهور مضى زمان يمكن فيه الاتيان بجميع افعاله مستجمعا للشرائط و هو الى اليوم الثانى عشر من ذى الحجة و قيل باعتبار مضى زمان يمكن فيه الاتيان بالاركان جامعا للشرائط فيكفى بقائها الى مضى جزء من يوم النحر يمكن فيه الطوافان و السعى و ربما يقال باعتبار بقائها الى عود الرفقة و قد يحتمل كفاية بقائها الى زمان يمكن فيه الاحرام و دخول الحرم و قد يقال بكفاية وجودها حين خروج الرفقة و قد قوى الماتن (قدس سره) تبعا للسيد (قدس سره) اعتبار بقائها الى زمان يمكن فيه العود الى وطنه بالنسبة الى الاستطاعة المالية و البدنية و السربية و اما بالنسبة الى مثل العقل فيكفى بقائها الى آخر الاعمال و العجب من السيد (قدس سره) حيث انه مع اختياره القول الاخير اعتبر فى موضعين من المسئلة الخامسة و الستين بقاء الشرائط الى ذى الحجة و الظاهر انه سهو من القلم بقرينة تصريحه بالقول الذى ذكرنا في المسئلة الواحدة و الثمانين و كيف كان فالبحث في انه بماذا يتحقق الاستقرار يأتى في محله انشاء اللّه تعالى.

(الصفحة263)



و اما البحث في اصل الاستقرار فنقول لا اشكال في ثبوته فيما إذا ترك الحج مع وجود الشرائط متعمدا و مع التوجه و الالتفات و خاليا عن العذر انما الكلام في مثل المقام مما إذا كان ترك الحج مسببا عن اعتقاد عدم وجوبه لاجل فقد بعض شرائط الوجوب و قد حكى عن الجواهر انه نفى الخلاف و الاشكال من حيث النص و الفتوى في استقرار الحج فى الذمة إذا استكملت الشرائط مع ان الموجود فيها ذلك في صورة الاهمال الذى هو اعم من مطلق الترك فلا دلالة له على حكم المقام.
و كيف كان فقد ذكر بعض الاعلام في شرح العروة ان الظاهر عدم الاستقرار قال ما ملخصه: «اما اولا فلان موضوع وجوب الحج هو المستطيع و متى تحقق عنوان الاستطاعة صار الحكم بوجوب الحج فعليا لفعلية الحكم بفعلية موضوعه و إذا زالت الاستطاعة و ارتفع الموضوع يرتفع وجوب الحج لارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه حتى بالاتلاف و العصيان نظير القصر و التمام بالاضافة الى الحاضر و المسافر و لو لم تكن الادلة الواردة في مورد التسويف الدالة على ذمّه و انه تضييع شريعة من شرائع الاسلام لقلنا بعدم وجوبه و عدم الاستقرار في مورد الترك عن عمد ايضا لعدم دلالة الادلة الاولية الا على الوجوب ما دامت الاستطاعة باقية و من المعلوم ان ما ورد في التسويف لا يشمل المقام لعدم صدق عنوان التسويف على المعتقد بالخلاف و انه غير بالغ لا يجب عليه الحج.
و اما ثانيا فلان الاحكام و ان كانت تشمل الجاهل و لكن لا تشمل المعتقد بالخلاف لانه غير قابل لتوجه الخطاب اليه فهو غير مأمور بالحكم واقعا فلا يكون وجوب في البين حتى يستقر عليه ففى زمان الاعتقاد بالخلاف لا يكون مكلفا و بعد الانكشاف لا يكون مستطيعا على الفرض.
و اما ثالثا فلان الاستقرار انما هو فيما إذا كان الترك لا عن عذر و مع الاستناد

(الصفحة264)



الى العذر كما في المقام لا موجب له و عليه فالظاهر في المقام العدم».
اقول: عمدة ما يرد عليه امران:
احدهما انا قد حققنا في الاصول تبعا لسيدنا الاستاذ الماتن ـ رضوان اللّه تعالى عليه و حشره مع اجداده الطاهرين سلام اللّه عليهم اجمعين ـ ان الخطابات العامة لا تكاد تنحل الى خطابات متعددة حسب تعدد المكلفين و تكثر افرادهم حتى يلاحظ حال المكلف و انه يمكن ان يتوجه اليه خطاب ام لا بل الملحوظ فيها حال الغالب و انه صالح لتوجه التكليف و الخطاب اليه ام لا و عليه فكما يكون الجاهل مشمولا للخطابات كذلك يكون المعتقد بالخلاف ايضا مكلفا واقعا و التكليف ثابت عليه غاية الامر انه يكون معذورا في المخالفة غير مستحق للعقوبة عليها و عليه فلا مجال لدعوى عدم ثبوت التكليف بالاضافة الى من اعتقد عدم كونه بالغا.
ثانيهما انه لا بد من ملاحظة ان الاستقرار في موارد ثبوته هل يكون على وفق القاعدة و ثابتا بمقتضى الادلة الاولية الدالة على وجوب الحج على المستطيع او انه يكون على خلافها و ان تلك الادلة لا تدل على ثبوته بل يحتاج الى مثل الروايات الواردة في التسويف بحيث لو لا تلك الروايات لما كان دليل على الاستقرار اصلا.
و الظاهر هو الوجه الاول فان موضوع وجوب الحج و ان كان هو عنوان المستطيع الا انه لا دليل على كونه مثل عنوانى المسافر و الحاضر من العناوين التى لها دخل في ترتب الحكم حدوثا و بقاء بل الظاهر كونه من العناوين التى لها دخل في ترتب الحكم حدوثا فقط و عليه فحدوث الاستطاعة يكفى في بقاء التكليف و ثبوته بعد زوال الاستطاعة غاية الامر انه ليس المراد بالحدوث مجرده بل ما به يتحقق الاستقرار من الاحتمالات التى اشرنا اليها في اول هذا الفرع.
و الدليل على ذلك اى كون عنوان المستطيع من قبيل هذه العناوين ـ مضافا الى انه لا يبعد الاستظهار مطلقا في جميع العناوين المأخوذة الا ما قام الدليل فيه على

(الصفحة265)



الخلاف ـ ما هو المرتكز بين المتشرعة و المتفاهم عندهم من آية الحج و غيرها من ادلة وجوب الحج و عليه فيكون الاستقرار على وفق القاعدة فالحكم في المقام ما في المتن من الاستقرار.
الفرع السابع ما لو اعتقد عدم كفاية ماله عن حجة الاسلام فترك الحج ثم بان الخلاف و انه كان مستطيعا مالا و المفروض وجود باقى الشرائط ايضا و الحكم فيه ما تقدم في الفرع السادس من دون فرق اصلا و قد مرّ ان الاقوى هو الاستقرار.
الفرع الثامن ما لو اعتقد المانع من العدو او الحرج او الضرر المستلزم له فترك الحج فبان الخلاف و قد استظهر الماتن (قدس سره) الاستقرار في هذا الفرع ايضا و لكن السيد (قدس سره) فى العروة بعد ان ذكر ان فيه وجهين قد قوى عدم الاستقرار قال لان المناط من الضرر الخوف و هو حاصل الا إذا كان اعتقاده على خلاف روية العقلاء و بدون الفحص و التفتيش.
و عليه فالفرق بين هذا الفرع و الفرعين السابقين ـ بنظر السيد ـ يرجع الى ان الاعتقاد بالخلاف كان محققا فيهما دونه لان الشرط ليس هو عدم الضرر واقعا و عدم العدو كذلك بل الشرط هو عدم خوف الضرر و المفروض تحققه بمجرد الاعتقاد و عليه فلا يكون ترك الحج مستندا الا الى عدم تحقق شرط الوجوب واقعا لا الى الاعتقاد بالخلاف مع وجوده كذلك.
و لذا اورد عليه بعض الاعلام بانه لا يتم على مسلكه من شرطية هذه الامور واقعا فان الخوف بوجود العدو او الضرر و ان كان طريقا عقلائيا الى وجوده و لكن الحكم بعدم الوجوب في ظرف الجهل بتحقق الشرط حكم ظاهرى لا واقعى فيكون المقام نظير ما إذا اعتقد عدم المال و ترك الحج ثم بان الخلاف.
اقول قد مر في المسئلة الثانية و الاربعين ما يتعلق ببحث الخوف فراجع.
الفرع التاسع ما لو اعتقد وجود مزاحم شرعى اهم فترك الحج لاجله فبان

(الصفحة266)

مسئلة 45 ـ لو ترك الحج مع تحقق الشرائط متعمدا استقر عليه مع بقائها الى تمام الاعمال و لو حج مع فقد بعضها فان كان البلوغ فلا يجزيه الا إذا بلغ قبل احد الموقفين فانه مجز على الاقوى، و كذا لو حج مع فقد الاستطاعة المالية، و ان حج مع عدم امن الطريق او عدم صحة البدن و حصول الحرج فان صار قبل الاحرام مستطيعا و ارتفع العذر صح و اجزأ، بخلاف ما لو فقد شرط في حال الاحرام الى تمام الاعمال، فلو كان نفس الحج و لو ببعض اجزائه حرجيا او ضرريا على النفس فالظاهر عدم الاجزاء1.


الخلاف بعد الحج و الحكم فيه ما في الفرعين المتقدمين ـ السادس و السابع ـ من دون فرق و عليه فالحكم فيه هو الاستقرار ايضا.
1 ـ فى هذه المسئلة ايضا فروع يكون الجامع لغير الفرع الاول الحج مع فقد بعض الشرائط فنقول:
الاول: لو كانت الشرائط المعتبرة في وجوب الحج متحققة باجمعها و المكلف عالم بها و بوجوب الحج عليه و مع ذلك تركه عامدا اختيارا فهذا هو القدر المسلم من مورد استقرار الحج عليه و لزوم الاتيان به في القابل و لو متسكعا مع بقاء الشرائط الى تمام الاعمال الذى يمكن تحققه في اليوم الثانى عشر من ذى الحجة و قد مر ان الحبث فيما به يتحقق الاستقرار من جهة بقاء الشرائط يأتى في بعض المسائل الآتية و اما اصل الاستقرار و ثبوته في المقام فلا مجال للاشكال فيه و هذا هو المورد الذى نفى الاشكال فيه نصا و فتوى في عبارته المتقدمة لان الاهمال فيها بمعنى ترك الحج متعمدا و متساهلا و لا فرق فيه بين القول بكون اصل الاستقرار على وفق القاعدة او على خلافها غاية الامر انه على التقدير الثانى يدل عليه الروايات الكثيرة الواردة في التسويف الذامة له الدالة على انه تضييع شريعة من شرايع الاسلام و انه يوجب ان يموت يهوديا او نصرانيا و لا فرق في مفادها بين كون التسويف الى العام القابل او الى الاعوام المتعددة بل الى آخر

(الصفحة267)



العمر فاصل الاستقرار لا مجال للمناقشة فيه.
الثانى: لو حج مع فقد البلوغ فان وقع تمام الحج معه فالحج و ان كان صحيحا بناء على مشروعية عبادات الصبى و رجحانها و استحبابها كما هو مقتضى التحقيق الا انه لا يكون مجزيا عن حجة الاسلام لدلالة الروايات المتعددة عليه و في بعضها انه لو حج عشر حجج لا يجزيه عن حجة الاسلام.
و ان وقع بعضه معه فقد اختار الماتن (قدس سره) انه لو بلغ قبل احد الموقفين فهو يجزى عن حجة الاسلام و الوجه فيه الغاء الخصوصية من الروايات الواردة في العبد الذى انعتق قبل احد الموقفين الدالة على اجزاء حجه عن حجة الاسلام و قد مرّ تفصيل البحث في ذلك فى شرح المسئلة السادسة من كتاب الحج فراجع
الثالث: لو حج مع فقد الاستطاعة المالية فتارة يقع تمام الحج معه و اخرى يرتفع ذلك قبل احد الموقفين و مقتضى المتن الاجزاء في الفرض الثانى و منشأه ايضا الغاء الخصوصية من روايات العبد كما في الصغير و عليه يكون المستفاد منه ان ما جعله السيد فى العروة مادة النقض بالاضافة الى الغاء الخصوصية و هو ان مقتضاه الالتزام به في الاستطاعة إذا حصلت قبل احد الموقفين و انهم لا يقولون به قد التزم به الماتن (قدس سره)لعدم الدليل على عدم الاجزاء في هذه الصورة و كيف كان فمقتضى الغاء الخصوصية الحكم بالاجزاء في هذا الفرض.
و اما الفرض الاول الذى هو عبارة عن وقوع الحج باجمعه او الموقفين معا مع فقد الاستطاعة المالية فمقتضى المتن فيه عدم الاجزاء و قال السيد (قدس سره) في العروة: «و ان حج مع عدم الاستطاعة المالية فالظاهر مسلمية عدم الاجزاء و لا دليل عليه الا الاجماع و الاّ فالظاهر ان حجة الاسلام هو الحج الاول و إذا اتى به كفى و لو كان ندبا كما إذا اتى الصبى صلوة الظهر مستحبا ـ بناء على شرعية عباداته ـ فبلغ في اثناء الوقت فان الاقوى عدم وجوب اعادتها، و دعوى ان المستحب لا يجزى عن الواجب

(الصفحة268)



ممنوعة بعد اتحاد ماهية الواجب و المستحب نعم لو ثبت تعدد ماهية حج المتسكع و المستطيع تم ما ذكر لا لعدم اجزاء المستحب عن الواجب».
و يظهر منه الترديد في تعدد ماهية الحج بالاضافة الى المتسكع و المستطيع بل الميل الى العدم اما الكبرى و هو عدم الاجزاء على فرض التعدد فلا ريب فيه هنا و شبهه كصلوتى الظهر و العصر فانهما ماهيتان متغايرتان ضرورة ان عنوانى الظهر و العصر من العناوين القصدية التى يتقوم تحقق المأمور به بهما فان صلوة الظهر ليست مجرد اربع ركعات يؤتى بها بعد الزوال بل ما كانت مقرونة بقصد الظهرية و عليه فمن اتى بصلوة العصر قبل صلوة الظهر باعتقاد انه اتى بها اولا ثم انكشف الخلاف بعد الصلوة لا مجال لدعوى وقوع ما اتى به ظهرا و الاتيان بالعصر بعدها نعم اختار ذلك السيد (قدس سره) في العروة في مباحث النية استنادا الى رواية صحيحة دالة على قيام الاربع مكان الاربع و اعترض عليه اكثر المحشين و الشارحين بان الرواية غير معمول بها فلا بد من المشى على طبق القاعدة و هى تقتضى عدم الاجزاء و كيف كان فلا مناقشة في الكبرى و اما الصغرى فالدليل على تعدد ماهية الحج بالاضافة الى الفاقد لشرائط الوجوب و الواجد لها اما في مورد الصغير فما عرفت من ورود روايات متعددة دالة على ان الصبى لو حج عشر حجج لا يكون حجه مجزيا عن حجة الاسلام فيظهر منها ثبوت الاختلاف بين الصلوة و الحج الصادرين من الصبى و ان اشتركا في المشروعية و الصحة و اما في المقام فالدليل على التغاير و التعدد اطلاق ادلة وجوب الحج على المستطيع من الاية و الرواية فان مقتضاه وجوبه على المستطيع و ان حج قبله في حال عدم الاستطاعة و لازمه عدم الاجزاء و هو يدل على تعدد الماهية و بالجملة اطلاق مثل الاية يقتضى حدوث الوجوب على المستطيع و ان حج سابقا ندبا و هذا الاطلاق و ان كان قابلا للتقييد الاّ انه مع عدم نهوض دليل عليه لا بد من الاخذ به و الحكم بعدم الاجزاء و عليه فالحكم الاجماعى موافق للقاعدة و ـ ح ـ لا يبقى للاجماع اصالة بل يكون مستندا اليها ـ قطعا او احتمالا ـ

(الصفحة269)



لا يقال ان مثل ذلك يجرى في صلوة الصبى في المثال المفروض في كلام السيد (قدس سره)لان الوجوب انما يتحقق بالبلوغ فكيف يحكم فيه بالاجزاء لانا نقول ليس الامر كذلك فان مثل اقيموا الصلوة مطلق شامل للصبى و لا يكون مقيدا بالبالغين و لو لم يكن فى البين مثل حديث رفع القلم عن الصبى لقلنا بلزوم الاتيان بالصلوة على الصبى ايضا و من المعلوم ان الحديث لا يرفع الا قلم التكليف و الالزام و ما يتبعه من استحقاق العقاب و المؤاخذة و عليه فالمقدار الخارج عن اقيموا الصلوة هو اللزوم على الصبى و اما الخطاب و اصل الحكم فهما باقيان ضرورة ان الصبى انما يتمثل اقيموا الصلوة لا شيئا آخر و بعد امتثاله في اول الوقت لا يبقى مجال لامتثاله ثانيا بعد تحقق البلوغ و صيرورته مكلفا.
و هذا بخلاف من يحج ندبا فانه لا يتمثل الآية و مثلها من الادلة الدالة على الوجوب على المستطيع بل يتمثل الامر الاستحبابى المتوجه اليه المتعلق بعمله و بعد صيرورته مستطيعا يتوجه اليه الآية لتحقق عنوان المستطيع فاللازم امتثاله و الاتيان بالحج ثانيا و بالجملة الفرق انما هو في مدخلية عنوان المستطيع في الدليل الدال على وجوب الحج و اخذه فيه و عدم مدخلية البلوغ بحيث كان المفاد ايها البالغون اقيموا الصلوة فعمل الصبى موجب لامتثال «اقيموا» و حج المتسكع لا يكون امتثالا للاية و شبهها و عليه فعدم الاجزاء فى باب الحج ثابت على طبق القاعدة.
الرابع: لو حج مع عدم أمن الطريق او مع عدم صحة البدن و حصول الحرج فهل يكفى حجه عن حجة الاسلام ام لا فالمحكى عن المشهور عدم الاجزاء عن الواجب و ذهب الشهيد في الدروس الى الاجزاء حيث انه بعد ذكر الشروط الثمانية لوجوب الحج و جعل السادس الصحة من المرض و العضب و السابع تخلية السرب و الثامن التمكن من المسير بسعة الوقت قال: «و لو حج فاقد هذه الشرايط لم يجزه و عندى لو تكلف المريض و المعضوب و الممنوع بالعدو و تضيق الوقت اجزأه لان ذلك من

(الصفحة270)



باب تحصيل الشرط فانه لا يجب و لو حصله وجب و اجزأ نعم لو ادى ذلك الى اضرار بالنفس يحرم انزاله و لو قارن بعض المناسك احتمل عدم الاجزاء» ثم تعرض لبيان ما لم يعتبر من الشروط عندنا و عدّه اربعة: الاسلام و البصر و المحرم في النساء من دون حاجة و اذن الزوج ثم قال في نتيجة البحث: «فانقسمت الشرائط الى اربعة اقسام: اولها ما يشترط في الصحة خاصة و هو الاسلام.
الثانى ما يشترط في المباشرة و هو الاسلام و التمييز.
الثالث ما يشترط في الوجوب و هو ما عدا الاسلام.
الرابع ما هو شرط في الاجزاء و هو ما عدا الثلثة الاخيرة و في ظاهر الفتاوى: كل شرط فى الوجوب و الصحة شرط في الاجزاء».
فقد فرق في الاستطاعة بين الاستطاعة المالية و بين الاستطاعات الثلاثة الاخر من الاستطاعة السربية و الاستطاعة البدنية و الاستطاعة الزمانية و ان الحج مع فقد الاولى لا يكون مجزيا عن حجة الاسلام بخلاف الحج مع فقد احدى الاستطاعات الثلاثة الاخر فانه يجزى عن حجة الاسلام و استدل عليه بان تحصيل شرط الوجوب و ان لم يكن واجبا بخلاف شرط الواجب الاّ انه مع التحصيل يصير واجبا لتحقق شرطه و ان لم يكن لازم التحصيل.
و يرد عليه عدم انطباق الدليل على المدعى فان تحصيل شرط الوجوب و ان كان موجبا لتحققه مع انه لا يكون واجبا الا انه في المقام لا يكون تكلف الحج مع فقد شىء من الاستطاعات الثلاثة موجبا لتحققه و حصول الاستطاعة فان المفروض كون الطريق غير مأمون و عدم صحة البدن و تضيق الوقت و عدم سعته و التكلف لا يرفع شيئا من ذلك و ليس مثل الاستطاعة المالية غير لازمة التحصيل المتحققة بعده فانها لم تكن و بالتحصيل قد تحققت و اما في المقام فلم تتحقق الاستطاعة المنتفية اصلا فالمدعى الحج مع عدم الاستطاعة و الدليل يقتضى وقوعه معها كما لا يخفى

(الصفحة271)



و عليه فكيف يصير الحج بسبب التكلف واجبا مع عدم تحقق شرط الوجوب نعم لو كان فقد شىء من الاستطاعات مرتبطا بالمشى الى الميقات الذى هو مقدمة لتحقق الاعمال التى يكون شروعها بالاحرام من الميقات لا مجال للاشكال في الاجزاء و لا قائل بعدمه كما انه في الاستطاعة المالية يكون الامر كذلك فانه لو استطاع المكلف في الميقات قبل الشروع في الاعمال يكون حجه مجزيا عن حجة الاسلام انما الكلام و الاشكال فيما لو كان الفقد مقرونا بالاعمال و انه هل يكون مجزيا ام لا و الدليل لا يقتضى الاجزاء نعم ذكر انه لو ادى ذلك الى اضرار بالنفس يحرم و يحتمل عدم الاجزاء في هذا الفرض الذى كان مقارنا لبعض المناسك.
و قد وجه في «المستمسك» كلام الشهيد (قدس سره) بان عدم الحرج و الضرر المأخوذ شرطا في الاستطاعة يراد به عدم الحرج و الضرر الآتيين من قبل الشارع لا مطلقا فاذا تكلف المكلف الحرج و الضرر لا بداعى امر الشارع بل بداع آخر فعدم الحرج و الضرر الآتيين من قبل الشارع حاصل لان المفروض ان الحرج و الضرر الحاصلين كانا باقدام منه و بداع نفسانى لابداع الامر الشرعى فتكون الاستطاعة حينئذ حاصلة بتمام شروطها فيكون الحج حجة الاسلام ثم دفع توهم ان لازم ذلك البطلان فيما إذا كان المكلف جاهلا و اقدم على الحج بداعى اللزوم الشرعى مع ان مقتضى اطلاق كلام الشهيد الصحة في هذا الفرض ايضا بان الحرج او الضرر في الفرض المذكور لا يكون آتيا من قبل الشارع بل يكون ناشيا من جهله بالحكم و اعتقاده اللزوم اشتباها و قال في آخر كلامه ما ملخصه ان هذا التوجيه انما هو لرفع استبشاع التفصيل المذكور لا لرفع الاشكال عنه بالمرة لان دليل نفى الحرج او الضرر لا يصلح لرفع الملاك في حال الحرج او الضرر فلا يدل على اشتراط عدمهما في الاستطاعة.
و التحقيق في المقام ان يقال ان محل البحث ـ كما في الدروس ـ هو انتفاء واحدة من الاستطاعات الثلاثة: السربية و البدنية و الزمانية و عليه لا مجال لتقييد عدم

(الصفحة272)



صحة البدن بصورة حصول الحرج كما في المتن تبعا للعروة حيث قيده به بكلمة «مع» و كذلك قيد ضيق الوقت به بكلمة «كذلك» و يجرى في المتن احتمال كون «او» محل «واو» و ان كان يبعده قوله بعده فان صار قبل الاحرام مستطيعا لعدم مدخلية عدم الحرج في موضوع الاستطاعة فان دليل نفى الحرج و ان كان حاكما على الادلة الاولية الدالة على الاحكام اللزومية من الوجوب و التحريم و مدلوله رفع اللزوم و التكليف الاّ ان تقدمه عليها ليس بنحو يرجع الى التقييد او التخصيص في الادلة الاولية بحيث كان مرجعه الى تقييدها بعدم لزوم الحرج كتقييد دليل وجوب الحج بالاستطاعة و عليه لا يقع الحج الحرجى المحكوم بعدم الوجوب في رديف الحج الفاقد للاستطاعة المعتبرة في الوجوب و عليه فقوله في المتن: «فان صار قبل الاحرام مستطيعا» يدل على عدم كون المراد بالحرج هو الحرج المأخوذ في قاعدة نفيه فلا يبقى مجال ـ حينئذ ـ لتقييد عدم صحة البدن بحصول الحرج نعم يمكن ان يقال بان الروايات الواردة في الاستطاعة البدنية وقع التعبير فى اكثرها بصحة البدن او قوته و في بعضها بان المانع هو المرض الذى لا يطيق فيه الحج و قد مر ان المراد من الطاقة هى الطاقة العرفية لا العقلية و ـ حينئذ ـ يمكن ان يقال بان المراد من هذا التعبير كون المرض موجبا لصيرورة الحج حرجيا و عليه يتم التقييد المذكور فى المتن.
و يرد عليه ـ مضافا الى عدم معلومية مساواة التعبير المذكور لكون الحج حرجيا بسبب المرض ـ انه على تقدير المساواة لا بد من المعاملة معه معاملة سائر الشرائط المأخوذة في وجوب الحج فانه يكون مثلها في الاخذ بعنوان الشرطية و يكون فقده موجبا لفقد الشرط و هو يوجب عدم الاجزاء.
و ما اوردناه على المتن يرد على العروة ايضا على ما عرفت خصوصا مع ملاحظة انه فى مقام الاستدلال جعل الملحوظ قاعدتى نفى الحرج و الضرر و اختار في الذيل ما اختاره في الدروس لكن لا لما ذكره من الدليل بل لان الضرر و الحرج إذا لم يصلا

(الصفحة273)



الى حدّ الحرمة انما يرفعان الوجوب و الالزام لا اصل الطلب فاذا تحملهما و اتى بالمأمور به كفى.
و بالجملة لم يظهر لى وجه تقييد صورة المسئلة بما ذكر و لا الاتكال في مقام الاستدلال على مفاد القاعدتين مع ان مقتضى ما ذكرنا وقوع الحج مع فقد الاستطاعة و كون الحج معه مغايرا حقيقة و ماهية مع الحج الواجد للاستطاعة و لا مجال ـ حينئذ ـ للاجزاء فلا بد من الحكم بعدمه كما عليه المشهور و قد عرفت عدم انطباق دليل الشهيد (قدس سره)على مدعاه فالحكم في اصل محل البحث هو عدم لاجزاء.
نعم يقع الكلام بعد ذلك فيما إذا كان الحج و لو ببعض مناسكه حرجيا مع كونه واجدا للاستطاعة بتمام انواعها كما إذا كان الوقوف بعرفات حرجيا عليه او الوقوف بالمشعر كذلك و مع ذلك تحمل الحرج و اتى بالحج مع عدم كونه واجبا عليه لاجل ارتفاع الوجوب بالحرج بمقتضى قاعدته و هو الذى تعرض له في المتن في ذيل المسئلة بقوله فلو كان نفس الحج و لو ببعض اجزائه حرجيا و ان كان يرد على التفريع بالفاء ايضا ما ذكرنا من عدم كون المسئلة الاصلية المفروضة مرتبطة بالحرج اصلا و كيف كان فقد استظهر فيه و فيما إذا كان موجبا للاضرار بالنفس عدم الاجزاء و نقول: اما في مورد الحرج فالكلام فيه تارة في اصل الصحة و اخرى بعد الفراغ عن الصحة في الاجزاء عن حجة الاسلام.
اما البحث في اصل الصحة فقد مر غير مرة ان العبادة الحرجية لا تكاد تقع صحيحة بمقتضى قاعدة نفى الحرج لان مقتضاها انما هو السقوط بنحو العزيمة لا الرخصة و لكنه ورد في خصوص الحج روايات كثيرة دالة على استحباب الحج و رجحانه في كل حال من دون فرق بين صورة الحرج و غيرها و من المعلوم ان دليل نفى الحرج لا يكون حاكما الا على الادلة الدالة على الاحكام اللزومية من الوجوبية او التحريمية فاستحباب الحج ثابت على كل حال و عليه فالحج الحرجى يقع صحيحا لا محالة

(الصفحة274)

مسئلة 46 ـ لو توقف تخلية السرب على قتال العدو لا يجب و لو مع العلم بالغلبة، و لو تخلى لكن يمنعه عدو عن الخروج للحج فلا يبعد وجوب قتاله مع العلم بالسلامة والغلبة،اوالاطمينان والوثوق بهما، ولا تخلو المسئلة عن اشكال1.


كالحج الواقع مع فقد الاستطاعة.
و اما الكلام في الاجزاء فهو عين الكلام في الاجزاء بالاضافة الى حج المتسكّع و قد عرفت ان لازم تعدد المهية الثابت في الحج هو عدم الاجزاء.
نعم يرد على المتن ان عطف الضرر على النفس على الحرج لا يكاد يتم على مبناه في قاعدة نفى الضرر و هو كونه حكما مولويا صادرا عن مقام حكومة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله لا كونه حكما الهيا مرتبطا بمقام رسالته و وساطته و ذلك لان المراد بالضرر على النفس ما كان واجدا لجهتين الاولى عدم كونه موجبا لتلفه لعدم محل للبحث في الاجزاء عن حجة الاسلام بعد فرض التلف و الهلاك فالمراد هو الضرر النفسى غير البالغ حد التلف و الثانية عدم كونه حرجيا لانه مقتضى العطف على الحرج.
و عليه فالجمع بين كون المراد بالضرر هو ما كان واجدا للجهتين المزبورتين و بين كون المراد من حديث «لا ضرر» ما ذكر لا ما هو المشهور من كونه قاعدة فقهية و حكما ثانويا ناظرا الى الادلة الاولوية و حاكما عليها يقتضى كون الحج الضررى هو بنفسه حجة الاسلام لان المفروض تحقق جميع شروط الوجوب و ثبوت الحكم اللزومى و عدم وجود دليل حاكم عليه مقتض لنفى الوجوب و رفع اللزوم فالحج الكذائى لا يكون غير حجة الاسلام و لا يكون مستحبا مغايرا من حيث الماهية مع الحج الواجب كما لا يخفى.
1 ـ قد وقع فرض المسئلة في كلام السيد ـ في العروة ـ و من قبله بعنوان واحد و هو ما لو توقف الحج على قتال العدو قال العلامة في القواعد: «و لو افتقر في السير الى القتال فالاقرب السقوط مع ظن السلامة» و في محكى الايضاح: «ان

(الصفحة275)



المراد بالظن هنا العلم العادى الذى لا يعد العقلاء نقيضه من المخوفات كامكان سقوط جدار سليم قعد تحته لانه مع الظن بالمعنى المصطلح عليه يسقط اجماعا و بالسلامة هنا السلامة من القتل و الجرح و المرض و الشين لانه مع ظن احدها بالمعنى المصطلح عليه في لسان اهل الشرع و الاصول يسقط باجماع المسلمين».
و قال في محكى كشف اللثام: «الاقرب وفاقا للمبسوط و الشرايع سقوط الحج ان علم الافتقار الى القتال مع ظن السلامة ـ اى العلم العادى بها ـ و عدمه كان العدو مسلمين او كفارا للاصل و صدق عدم تخلية السرب، و عدم وجوب قتال الكفار الاّ للدفع او للدعاء الى الاسلام باذن الامام الى ان قال: و قطع في التحرير و المنتهى بعدم السقوط إذا لم يلحقه ضرر و لا خوف و احتمله في التذكرة و كانه لصدق الاستطاعة و منع عدم تخلية السرب حينئذ مع تضمن المسير امرا بمعروف و نهيا عن المنكر و اقامة لركن من اركان الاسلام».
هذا و لكنه قد فرض في المتن للمسئلة صورتين يختلف حكمهما على طبق القواعد: الاولى: ما لو توقف تخلية السرب على قتال العدو و الحكم فيها عدم وجوب القتال و لو مع العلم بالغلبة لانه قد عرفت انه لا يجب تحصيل شرط الوجوب فكما انه لا يجب تحصيل الاستطاعة المالية التى هى شرط الوجوب كذلك لا يجب تحصيل تخلية السرب المتحققة بقتال العدو و لو كان مقرونا بالعلم بالغلبة و السلامة فلا ينبغى الاشكال في هذه الصورة في عدم وجوب القتال و عدم وجوب الحج نعم لو قاتل و صار غالبا يصير الحج واجبا.
الثانية: ما لو كان السرب مخلى لكن يمنعه العدو عن الخروج للحج و قد نفى البعد فى المتن عن وجوب القتال في هذه الصورة بشرط العلم او الاطمينان بالسلامة و الغلبة ثم نفى خلو المسئلة عن الاشكال و الوجه فيه انها ذات وجهين: من كونه مانعا عن تحقق الحج مع فعلية وجوبه و تحقق جميع شروطه كما

(الصفحة276)

مسئلة 47 ـ لو انحصر الطريق في البحر او الجو وجب الذهاب الا مع خوف الغرق او السقوط او المرض خوفا عقلائيا، او استلزم الاخلال باصل صلاته لا بتبديل بعض حالاتها و اما لو استلزم اكل النجس و شربه فلا يبعد وجوبه مع الاحتراز عن النجس حتى الامكان و الاقتصار على مقدار الضرورة، و لو لم يحترز كذلك صح حجه و ان اثم كما لو ركب المغصوب الى الميقات بل الى مكة و منى و عرفات فانه اثم و صح حجه، و كذا لو استقر عليه الحج و كان عليه خمس او زكاة او غيرهما من الحقوق الواجبة فانه يجب ادائها فلو مشى الى الحج مع ذلك اثم و صح حجه نعم لو كانت الحقوق في عين ماله فحكمه حكم الغصب و قد مر1.


هو المفروض فيجب دفعه باى نحو امكن ليتحقق المأمور به فى الخارج كما لو كان مانعا عن الصلوة و توقف ايجادها على قتاله و دفعه مع انه مرتبة من مراتب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر فيجب ايجادها.
و من كون المفروض ان العدو غير واجب القتل مع قطع النظر عن المانعية سواء كان مسلما او كافرا و المانعية لا تقتضى بنفسها الجواز بعد تقدم حفظ النفس على الحج و كونه مزاحما اهم و ان كان بينه و بين ما إذا كان الحج مستلزما لترك حفظ النفس الواجب فرق الاّ انه لا يقتضى الوجوب في المقام.
1 ـ فى هذه المسئلة جهات من الكلام:
الاولى: ان انحصار طريق الحج في البحر او الجو الموجب للركوب على السفينة او الطيارة لا يوجب سقوط وجوب الحج بعد عدم اختصاصه بطريق خاص ضرورة انه مع تحقق شرائط وجوبه يجب الاتيان به من كل طريق امكن من دون فرق بين الطرق اصلا.
الثانية: يستثنى من وجوب الذهاب من طريق البحر او الجو ما إذا كان هناك خوف عقلائى بالاضافة الى الغرق او السقوط او المرض فاذا كان كذلك يسقط

(الصفحة277)



وجوب الحج لما مر في الاستطاعة السربية من ان الخوف كذلك مانع عن تحققها و الخوف العقلائى ان كان متحققا بالنسبة الى النوع و الغالب فلا اشكال في عدم الوجوب معه و ان لم يكن كذلك بل كان الخوف بالاضافة الى شخص المكلف من جهة تخوفه على خلاف الغالب فان كان موجبا للحرج فالظاهر عدم الوجوب لان الملحوظ في قاعدة نفى الحرج هو الحرج الشخصى لا النوعى فهذا الفرض و ان لم يصدق عليه الخوف العقلائى كما هو الظاهر يدل على عدم وجوب الحج فيه القاعدة المذكورة.
الثالثة: يستثنى ايضا من الوجوب المذكور ما إذا استلزم الذهاب من طريق البحر او الجو الاخلال باصل الصلوة و موجبا لتركها فانه لا شبهة حينئذ في عدم الوجوب لاهمية الصلوة بالاضافة الى الحج عند ثبوت المزاحمة و اما إذا استلزم تبديل بعض حالات الصلوة كتبديل القيام الى القعود ـ مثلا ـ و تبديل الطهارة المائية بالطهارة الترابية و تبديل الركوع و السجود بالايماء ففى المتن انه لا يرتفع الوجوب بالتبديل و الوجه فيه ظهور كون الحج الذى هو من اهم الفرائض الالهية و يموت تاركه يهوديا او نصرانيا اهم من التبديل و ترك الصلوة قائما مع الاتيان بها جالسا فلا بد من ترجيحه هذا بناء على ما اخترناه في معنى الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج من ان المراد بها هى الاستطاعة العرفية و لا يعتبر فيها سوى ما فسرت به في الروايات الدالة على بيانها من ان المراد هى الاستطاعات الاربعة: المالية و السربية و البدنية و الزمانية فمع تحققها يصير وجوب الحج فعليا و لو كان فعله مستلزما لترك واجب او فعل حرام فلا بد من رعاية قواعد التزاحم و ترجيح الاهم ـ قطعا او احتمالا ـ و التخيير مع عدمه كذلك.
و اما إذا قلنا بمدخلية عدم الاستلزام المذكور في معنى الاستطاعة و ان المراد بها هى الاستطاعة الشرعية غير المتحققة مع الاستلزام لترك الواجب او فعل الحرام

(الصفحة278)



فان قلنا في موارد التبديل المذكورة بجواز تعجيز الانسان نفسه عن القيام و عن الطهارة المائية ـ مثلا ـ مع الاختيار فاللازم الاتيان بالحج لتحقق الاستطاعة بهذا المعنى ايضا لان المفروض عدم استلزامه لذلك بعد فرض جواز التعجيز.
و اما إذا قلنا بحرمة التعجيز المذكور فيشكل الامر و في «المستمسك» بعد ان استظهر من الفتاوى عدم الفرق في مزاحمته لوجوب الحج و منافاته لتحقق الاستطاعة بين كونه اهم من الحج و عدمه بل استظهر انه لا اشكال فيه عندهم قال: «و الذى ينبغى ان يقال انه لا عموم في النصوص التى اعتمد عليها في مانعية ما ذكر عن الاستطاعة لكل واجب بل يختص بالواجب الذى له نوع من الاهمية بحيث يصح ان يعتذر به في ترك الحج فاذا علم المكلف انه إذا حج يفوته رد السلام على من سلم عليه او الانفاق يوما مّا على من تجب نفقته عليه او نحو ذلك من الواجبات التى ليس لها تلك الاهمية لا يجوز له ترك الحج فرارا عن تركها فانه لا يصح له الاعتذار بذلك».
و انت خبير بان رفع اليد عن المبنى المذكور اولى من التوجيه بهذا النحو فان صحة الاعتذار به في ترك الحج ان كان المقصود هى الصحة عند الشارع فلا طريق الى اثباتها و ان كان هى الصحة عند المتشرعة ـ كما صرح به في ذيل كلامه ـ فلا تكون كاشفة عن الصحة عند الشارع فانهم لا يرون جواز ترك الحج بمجرد استلزامه لترك صلوة واحدة خصوصا إذا لم تكن ازيد من ركعتين مع انك عرفت ترجيحها على الحج بلا كلام و بالجملة فهذا التوجيه لا يرجع الى محصل.
الرابعة: ما إذا استلزم الحج المذكور اكل النجس او شربه و قد نفى البعد عن وجوب الحج في هذه الصورة و الوجه فيه ما ذكرنا من اهمية وجوب الحج بالاضافة الى وجوب الاجتناب عن النجس فتلزم مراعاة وجوب الحج نعم لا بد من الاقتصار على مقدار الضرورة و الاحتراز عن الزائد عليه جمعا بين التكليفين و لو لم يحترز كذلك فلا يضر بصحة حجه بعد كون ذلك مرتبطا بالمقدمة و بالسفر في البحر

(الصفحة279)



او الجو غاية الامر تحقق الاثم و العصيان كما في ركوب الدابة المغصوبة و يجرى في هذه الجهة ما ذكرنا في الجهة الثالثة بناء على مبنى الاستطاعة الشرعية.
الخامسة: ما لو استقر عليه الحج و كان عليه خمس او زكوة او غيرهما من الحقوق الواجبة و في المتن انه يجب عليه ادائها و لكن لو مشى الى الحج بدون الاداء اثم و صح حجه.
و قد تقدم في مسئلة مزاحمة الحج لاداء الدين في عام الاستطاعة و قبل استقرار الحج ما يتعلق باهمية الحج او اهمية اداء الدين و مثله او التخيير بينهما من التفصيل في بيان الادلة و ما هو المختار فراجع.
نعم لا اشكال في صحة الحج و لو كان اداء الحقوق اهم بالاضافة اليه لعدم كون المزاحمة موجبة لبطلان المزاحم غير الاهم إذا كان عبادة كما في الصلوة و الازالة و ان كانت الاراء في وجه الصحة مختلفة و النظرات متعددة.
لكن في المقام إذا قلنا بان تعلق الخمس و الزكوة بالمال انما هو بنحو الاشاعة و الشركة لكان اللازم عدم كون ثوب الاحرام المشترى بالمال المذكور بنحو الثمن المعين او الثمن الكلى لكن مع البناء حين المعاملة على الاداء من ذلك المال منتقلا اليه و كذا ثمن الهدى.
و اما إذا قلنا بكون تعلقهما انما هو بنحو الكلى في المعين فالمعاملة صحيحة إذا بقى عنده من المال مقدارهما.
و قد مر ايضا ان غصبية ثوبى الاحرام لا تكاد تضر بالاحرام لعدم مدخليتهما في حقيقته نعم غصبية الثوب حال الطواف و صلوته قادحة في صحتهما كما ان الاخلال بالهدى و كونه غصبا يقدح في صحة الحج و يمنع عن وقوع الاعمال المترتبة عليه صحيحة.

(الصفحة280)

مسئلة ـ 48 يجب على المستطيع الحج مباشرة فلا يكفيه حج غيره عنه تبرعا او بالاجارة، نعم لو استقر عليه و لم يتمكن منها لمرض لم يرج زواله او حصر كذلك او هرم بحيث لا يقدر او كان حرجا عليه وجبت الاستنابة عليه، و لو لم يستقر عليه لكن لا يمكنه المباشرة لشىء من المذكورات ففى وجوبها و عدمه قولان لا يخلو الثانى عن قوة و الاحوط فورية وجوبها.
و يجزيه حج النائب مع بقاء العذر الى ان مات بل مع ارتفاعه بعد العمل بخلاف اثنائه فضلا عن قبله و الظاهر بطلان الاجارة و لو لم يتمكن من الاستنابة سقط الوجوب و قضى عنه، و لو استاب مع رجاء الزوال لم يجز عنه فيجب بعد زواله و لو حصل اليأس بعد عمل النائب فالظاهر الكفاية، و الظاهر عدم كفاية حج المتبرع عنه في صورة وجوب الاستنابة و فى كفاية الاستنابة من الميقات اشكال و ان كان الاقرب عدم الكفاية1.


1 ـ فى هذه المسئلة فروع متعددة:
الاول: انه إذا كان المستطيع قادرا على مباشرة الحج يجب عليه الحج مباشرة و لا يكفيه حج غيره عنه تبرعا او بالاجارة و الوجه فيه ـ مضافا الى تسلمه و ثبوت الاجماع القطعى عليه ـ كون جواز النيابة و الاستنابة امرا مخالفا للقاعدة مفتقرا الى قيام الدليل و لم يقم دليل عليه مع فرض قدرة المستطيع على مباشرة الحج.
الثانى: من استقر عليه الحج و لم يتمكن بعد الاستقرار من المباشرة لشىء من الامور المذكورة في المتن ففى وجوب الاستنابة عليه و عدمه قولان فالمشهور بل المدعى عليه الاجماع في جمع من الكتب كالروضة و المسالك و المفاتيح و شرحها و بعض آخر هو الوجوب و جزم صاحب المستند بعدم الوجوب و استظهره من الذخيرة بل من الشرايع و النافع و الارشاد لترددهم في مسئلة استنابة المعذور من غير تفصيل بين الاستقرار و عدمه، و قد قواه صاحب الجواهر و حكى التردد من بعضهم في الوجوب