في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>


تفصيل الشريعة

في

شرح تحرير الوسيلة



كتاب الحج

الجزء الرابع

تأليف : الفقيه الأصولي
آية الله العظمى الشيخ محمّد الفاضل اللنكراني(دام ظلّه)


(الصفحة15)


بسم الله الرّحمن الرّحيم

الرابع:الاستمناء بيده أو غيرها بأيَّة وسيلة فان امني فعليه بُدنة والأحوط بطلان ما يوجب الجماع بطلانه على نحو ما مرّ 1 .


(1) ظاهر المتن ان الحرمة الاحرامية يكون موضوعها هو عنوان الاستمناء الذي هو أعم مما اذا تحقق الامناء بسببه ومما اذا لم يتحقق غاية الأمر ان ثبوت البدنة والكفارة انّما هو في خصوص صورة الامناء وقد خالفه في ذلك مثل المحقق (قده) في الشرايع حيث انه ذكر في محرمات الاحرام عنوان الاستمناء وذكر في باب الكفارات: وفي الاستمناء بدنة; وظاهره ثبوت الكفارة في مطلقه وقد نفى صاحب الجواهر(قده) وجدان الخلاف في المقام ثم استدلّ ببعض الروايات التي يأتي التعرض لها انشاء الله تعالى وظاهره انّ المستند هي الرواية دون الاجماع والتسالم.
وعليه فاللازم اوّلاً ملاحظة ان الروايات الواردة في هذا المجال هل يستفاد منها انّ متعلق الحرمة الاحرامية هو عنوان الاستمناء الذي يكون مضيّقاً من جهة اعتبار القصد وإرادة الانزال وخروج المني فيه وموّسعاً من جهة اُخرى وهي عدم اعتبار الانزال خارجاً وخروج المني عقيب القصد والارادة أو لا يستفاد منها ذلك فنقول ما يستفاد منه الحرمة والكفارة روايتان:
احديهما: صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج التي رواها الشيخ والكليني قال سألت ابا الحسن  (عليه السلام) عن الرجل يعبث بأهله وهو محرم حتى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ماذا عليهما؟ قال عليهما جميعاً الكفارة مثل ما على الذي يجامع(1) .

(1) الوسائل، أبواب كفارات الاستمتاع، الباب الرابع عشر ح1.

(الصفحة16)



وثانيتهما: موثقة اسحاق بن عمار التي رواها عنه صباح الحذاء وهو من الموثقين بالخصوص عن أبي الحسن  (عليه السلام) ماتقول في محرم عبث بذكره فامنى؟ قال أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو محرم، بدنة والحج(1) .
والروايتان وان كان يستفاد منهما الحرمة الاحرامية من طريق ثبوت الكفارة لأن ثبوتها في مورد لاينطبق عليه بفعل الثانوية القوية مثل الاضطرار والاكراه يكشف عن ثبوت الحرمة التكليفية كما مرّت الاشارة اليه غير مرّة إلاّ أنّه لايستفاد منهما كون المتعلق عنوان الاستمناء الذي عرفت اشتماله على جهتين لأن موردهما صورة تحقق الامناء خارجاً اوّلاً وَلاَ اشعار فيهما فضلاً عن الدلالة بثبوت القصد وارادة الانزال ثانياً ولا تكون الملازمة ولو الغالبية بين الملاعبة مع الأهل والانزال وكذا العبث بالذكر معه حتى يقال ان تعلق القصد بهما يستلزم تعلّق القصد به أيضاً إلاّ ان يقال بالفرق بينهما فان الملاعبة مع الأهل يترتب عليه التمتع والتلذذ ولو لم يتحقق الامناء فيمكن ان تكون مقصودة في نفسها بدونها وهذا بخلاف العبث بالذكر الذي لايترتب عليه شيء من دون تحقق الامناء.
وعلى أيّ حال فالروايتان لاتنطبقان على المدعى لأنه لا مجال لدعوى الغاء خصوصية الامناء عن موردهما فان القيود المأخوذة في كلام السائل وان كان لا دلالة لها على المدخلية في ترتب الحكم بخلاف القيود المذكورة في كلام الامام  (عليه السلام) إلاّ انه لايستفاد عدم المدخلية وثبوت الحكم مع فقدان بعضها إلاّ مع استفادة العرف عدم المدخلية بوجه كما في قوله: رجل شك بين الثلاث والأربع ومثله، وفي المقام لا مجال لدعوى عدم مدخلية الامناء لو لم نقل بظهورهما في الاتكاء على هذا القيد.

(1) الوسائل، ابواب كفارات الاستمتاع، الباب الخامس عشر، ح1.

(الصفحة17)



ثم انه وردت روايات دالة على نفي الكفارة في بعض موارد الامناء لابد من ملاحظتها والجمع بينها وبينهما فنقول:
منها: موثقة سماعة بن مهران عن أبي عبدالله  (عليه السلام) قال في محرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى، قال: ليس عليه شيء(1) .
ومنها موثقة اُخرى لسماعة عن أبي عبدالله  (عليه السلام) في المحرم تنعت له المرأة الخلقة فيمنى، قال: ليس عليه شيء(2).
ومنها رواية أبي بصير قال سئلت أبا عبدالله  (عليه السلام) عن رجل يسمع كلام امرأة من خلف حائط وهو محرم فتشاهى حتى انزل قال ليس عليه شيء(3).
أقول: هذه الروايات الثلاثة الدالة على عدم ثبوت الكفارة مشتركة في ان مواردها لايكون المقصود بشيء منها الامناء ولا يتحقق صدورها ناشياً عن هذا القصد نوعاً وان ترتب عليها الامناء من دون قصد وعليه فمقتضى الجمع بينها وبين الروايتين الدالتين على ثبوت الكفارة بعد عدم اختصاصهما بموردهما الذي هو العبث بالأهل أو بالذكر هو حملهما على صورة قصد الامناء وقد عرفت ان العبث بالذكر يكون غالباً مقروناً بهذا القصد لعدم تحقق تلذذ وتمتع بدونه بخلاف العبث بالأهل لكنه أيضاً بقرينة هذه الروايات محمول على هذه الصورة وان لم يكن بنفسه ظاهراً في الاختصاص.
وبالجملة بعد اشتراك جميع الروايات الخمسة في تحقق الامناء في مواردها واختلافها في أمرين ثبوت الكفارة وعدمها وكون موارد هذه الروايات الثلاثة لايقصد

(1) الوسائل، ابواب كفارات الاستمتاع، الباب العشرون، ح4.
(2) الوسائل، ابواب كفارات الاستمتاع، الباب العشرون، ح1.
(3) الوسائل، ابواب كفارات الاستمتاع، الباب العشرون، ح3.

(الصفحة18)



بها الامناء نوعاً يكون مقتضى الجمع ما ذكرنا من حمل ما دلّ على ثبوت الكفارة على وجود قصد الامناء ايضاً ولا مجال لدعوى اختصاصه بموردهما لأن المتفاهم العرفي مدخلية القصد والامناء دون خصوصية العبث بالاهل أو بالذكر بل لو تخيّل بقصد الامناء فأمنى أو نظر الى تمثال مرأة جميلة بهذا القصد فأمنى ومثلهما يكون مقتضى الروايتين ثبوت الكفارة الكاشفة عن الحرمة الاحرامية وان لم يكن حراماً في نفسه كالعبث بالأهل ويؤيد عدم الاختصاص اختلاف نفس الروايتين في المورد لأنه من البعيد ان يكون الملاك في كل منهما مغايراً لما هو الملاك في الآخر كما انه يؤيّده ان الاصحاب لم يفهموا منهما ذلك.
نعم سيجيء ان بعضهم خصّ الحكم بلزوم اعادة الحج من قابل الذي يدل عليه الموثقة بخصوص موردها وهو العبث بالذكر، ويأتي البحث انشاء الله تعالى.
وقد ظهر مما ذكرنا انه لا وجه لتقويم المعارضة بين الطائفتين نظراً الى اشتراكهما في تحقق الامناء وعدم تقيد شيء من مواردهما بصورة القصد كما انه على هذا التقدير يكون الجمع بينهما بالتفصيل بين صورتي القصد وعدمه يكون جمعاً تبرعيّاً لا شاهد له بخلاف ما ذكرنا فان مرجعه الى حمل المطلق على المقيّد الذي هو خارج عن دائرة التعارض عند العرف والعقلاء.
كما انه ظهر مما ذكرنا ايضاً انّ عنوان الاستمناء المذكور في كلمات الفقهاء  (قدس سرهم)هنا وفي باب الكفارات لايكون مذكوراً في شيء من الروايات الواردة في هذا الباب سواء قيل باعتبار تحقق الامناء فيها زائداً على القصد أو قيل بعدم اعتباره بل المحرّم هو ما يقصد به الامناء وتحققت بعده وعليه فيرد على المتن ان التفكيك بين الحرمة الاحرامية وبين الكفارة بالحكم بكون متعلق الاولى لا يعتبر فيه الامناء بخلاف الثانية

(الصفحة19)



لايعلم له وجه.
وقد انقدح انّ الاستمناء المحرم في باب الاحرام والموجب لثبوت كفارة البدنة هو ما يكون متعقباً بالامناء، وامّا البطلان الموجب للزوم الحج عليه من قابل فهو مورد للاختلاف فالمحكي عن الشيخ في التهذيب وجوب القضاء وهو المحكي عن المهذب والوسيلة والجامع والعلاّمة في المختلف وقد استظهر عن التنقيح اختياره كالشهيدين والكركي بل في الاوّل نسبته الى الأكثر.
وعن ابن ادريس والحلبي وجماعة بل ربما نقل عن الشيخ في الخلاف والاستبصار عدم وجوب القضاء وجعله المحقّق في الشرايع اشبه.
والعمدة في الدليل على الوجوب موثقة اسحق بن عمار المتقدمة المصرّحة بثبوت البدنة والحج عليه من قابل ولا مناقشة في اعتبارها إلاّ على مبنى مثل صاحب المدارك ممّن لايكتفي بمجرد الوثاقة في الاعتبار والحجّية ولذا حمله على الاستحباب.
نعم ذكر العلاّمة في المختلف: «وقال ابو علي بن الجنيد: وعلى المحرم اذا أنزل الماء امّا بعبث بحرمته أو بذكره أو بادمان نظره مثل الذي يجامع في حديث الكلبي عن مسمع بن عبدالملك عن أبي عبدالله  (عليه السلام)».
وهذه الرواية على تقدير ثبوتها صحيحة لأن المسمع المذكور وهو ابو سيار الملقب بكر دين بكسر الكاف لكن لم نظفر بهما في مثل الوسائل من الجوامع الحديثية وحمل العبارة على كون المراد مفاد صحيحة ابي سيار المفصّلة المتقدمة في باب النظر والقبلة واللمس خلاف الظاهر جدّاً مع انه على تقدير ثبوتها بهذه العبارة لا ظهور فيها في لزوم الحج عليه من قابل زائداً على الكفارة التي هي البدنة وان كانت فيها المماثلة المشعرة بذلك خصوصاً مع اشتمالها على النظر الذي لايقتضي الافساد

(الصفحة20)



بوجه. نعم صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المتقدمة التي وفع فيها التعبير بالكفارة خالية عن الاشعار أيضاً لعدم معهودية اطلاق الكفارة على اعادة الحج وتكراره في القابل.
فالدليل ـ على ما ذكرنا ـ ينحصر بالموثقة الصريحة في ذلك لكنه ذكر صاحب الجواهر  (قدس سره) انّ المعارضة متحققة بينها وبين الصحيحتين الواردتين في المواقعة فيما دون الفرج الصريحتين في عدم لزوم الحج عليه من قابل.
احديهما: صحيحة معاوية بن عمّار قال سئلت أبا عبدالله  (عليه السلام) عن رجل محرم وقع على أهله فيما دون الفرج، قال: عليه بدنة وليس عليه الحج من قابل...(1)
ثانيتهما: صحيحته الاُخرى عن أبي عبدالله  (عليه السلام) في المحرم يقع على اهله قال: ان كان أفضى اليها فعليه بدنة والحج من قابل، وان لم يكن أفضى اليها فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل. الحديث...(2)
نظراً الى ان موردهما وهو الجماع فيما دون الفرج امّا يكون أغلظ من الاستمناء أو انه فرد منه كما ان الموثقة لا صراحة لها في الاستمناء وان كانت تجامع معها في بعض الاحوال.
هذا ولكن بعدما عرفت من انّ مورد الموثقة صورة الامناء المصرّحة بها وان مقتضى الجمع بينها وبين الروايات الثلاثة المتقدمة النافية للكفارة رأساً هو حمل مورد الموثقة على صورة قصد الامناء أيضاً يظهر انه لا مجال لدعوى ثبوت المعارضة بينها وبين الصحيحتين حتى ترجّحا عليها أو يرجح الى الاصل على فرض التكافؤ وذلك لاعتبار خصوصيتين في مورد الموثقة مع عدم اشعار في الصحيحتين باعتبار واحدة

(1) الوسائل، ابواب كفارات الاستمتاع، الباب السابع، ح1.
(2) الوسائل، ابواب كفارات الاستمتاع، الباب السابع، ح2.

(الصفحة21)



منهما فضلاً عن كلتيهما فان المواقعة فيما دون الفرج لا تلازم قصد الامناء ولا تحققها بوجه ومحط النظر فيهما انما هو نفس عنوان المواقعة فيما دون الفرج كما ان مورد النصوص الواردة في الجماع الحقيقي نفس هذا العنوان ولو لم يقصد به الانزال أو لم يتحقق خارجاً وعليه فلا معارضة بوجه.
فالانصاف انه لا محيص عن الأخذ بالموثقة والفتوى على طبقها، نعم المحكى عن الشيخ الذي هو الأصل في القول بوجوب القضاء والحكم به هو الاقتصار على موردها وهو اللعب بالذكر وقد قوّاه صاحب الرياض نظراً الى انه لاموجب للتعدية هنا حتى رواية المسمع التي ذكرها الاسكافي لما عرفت من عدم ظهورها في البطلان وان كان موردها لايختص باللعب بالذكر واختار الاختصاص أيضاً بعض الاعلام من المعاصرين في رسالته في المناسك ولكن الظاهر عدم الاختصاص وشمول الحكم لجميع موارد الاستمناء المتعقب للامناء ولا يرى وجه للفرق بين الصحيحة والموثقة من جهة الغاء الخصوصية من مورد الأولى وتعميم الحكم لصورة التخيل والنظر الى التمثال واستماع صوتها بالشرطين وعدم الغاء الخصوصية من مورد الثانية كما صنعه بعض الاعلام حيث انه أصرّ على عدم الاختصاص بالاضافة إلى الاولى وأفتى بمفاد الثانية في خصوص موردها.
ويؤيد عدم الاختصاص التشبيه في الصحيحة العبث بالأهل بالجماع فانه لو كان المقصود مجرد ثبوت البدنة وعدم لزوم الحج عليه من قابل لكان هناك اُمور اُخرى أهون من الجماع ومع ذلك يترتب عليه كفارة البدنة فالتشبيه بالجماع يؤيد عدم كون الحكم المترتب عليه مجرد البدنة.
وكيف كان فالظاهر عدم الاختصاص وثبوت الامرين في جميع الموارد ومع

(الصفحة22)

الخامس: الطيب بأنواعه حتى الكافور صبغاً واطلاء وبخوراً، على بدنه أو لباسه، ولا يجوز لبس ما فيه رائحته ولا أكل ما فيه الطيب كالزعفران، والأقوى عدم حرمة الزنجبيل والدارصيني، والأحوط الاجتناب 1 .


التنزل فمقتضى الاحتياط الوجوبي ذلك كما في المتن ثم انه هل يختص الحكم في باب الاستمناء بالرجال ولايعمّ النساء أو يعمّ النساء أيضاً ولا يبعد ان يقال بالثاني فانه وان كان العنوانان المذكوران في الروايتين وهما العبث بالأهل أو بالذكر لايصدقان في مورد النساء بخلاف عنواني التزوّج والتزويج المذكورين في الأمر المتقدم إلاّ ان الظاهر على ماهو المتفاهم عند العرف كون الملاك هو قصد الامناء وتحقق الامناء بعده ولا خصوصية للعنوانين.
ويؤيّده عدم ثبوت الاضافة الى الرجال في العبارات وان كان تفسير الاستمناء بخصوص ما كان باليد كما عن الفاضلين في بعض كتبهما ربما يؤيّد الاختصاص لكنه مضافاً الى الايراد عليهما بانه لا وجه لهذا التفسير كما في الجواهر بل هي عامة لِما كانت باليد أو بغيرها من أيّة وسيلة كما في المتن لا دلالة على الاختصاص كما لايخفي فالظاهر شمول الحكم للنساء أيضاً.
(1) في هذا الأمر جهات من الكلام:
الجهة الأولى:
هل المحرّم في باب الاحرام هو عنوان الطيب بجميع أنواعه وبنحو العموم أو الاطلاق أو خصوص جملة من أنواعه فنقول بعد كون أصل الحرمة في الجملة مجمعاً عليه بين المسلمين فضلاً عن المؤمنين بل النصوص متواترة فيه كما في الجواهر انه قد نسب في محكى الذخيرة العموم الى أكثر المتأخرين بل في المنتهى كذلك الى الأكثر بل في الرياض أيضاً نسبته الى الشهرة العظيمة وقد اختاره المتن واستظهره المحقق في

(الصفحة23)



الشرايع وقوّاه صاحب الجواهر في شرحها.
لكن المحكى عن الشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة ما ظاهره الاختصاص بستّة أنواع: المسك والعنبر والزعفران والعود والكافور والورس، بل عن خلاف الشيخ الاجماع على اَنَّهُ لا كفارة في غيرها، نعم عدم وجوب الكفارة أعمّ من عدم الحرمة بخلاف الثبوت حيث انه يكشف عن ثبوتها كما مرّ غير مرّة. والورس بفتح الواو وسكون الراء نبات كالسمسم ينحصر باليمن ويؤخذ لحمرة الوجه وبعض الامور الاُخر وسحيقه كسحيق زعفران.
والمحكّى عن الجمل والعقود والمهذب والاصباح والاشارة حصره في خمسة باسقاط الورس بل في الغنية نفي الخلاف عن حرمتها، وهو لايدل على عدم ثبوت الحرمة لغيرها كما لايخفى.
واختار بعض الاعلام  (قدس سرهم) الخمسة باسقاط الكافور من تلك الستة.
وعن الصدوق في المقنع بل المحكّى عن التهذيب وابن سعيد حصره في أربعة: المسك والعنبر والزعفران والورس وذكر صاحب الجواهر  (قدس سره) ان هذا القول في غاية الندرة حتى ان الشيخ الذي قال به في التهذيب قد رجع عنه في المبسوط الى العموم وفي الخلاف الى الستّة.
واللازم في هذه الجهة ملاحظة الروايات الواردة في الباب وينبغي قبل ذلك التنبيه على أمرين:
الاَمر الاوّل: انه لا مجال لاحتمال كون الطيب في زماننا هذا له مفهوم آخر غير الطيب في زمن صدور الروايات حتى نفتقر في الحكم ببطلانه الى استصحاب القهقرى وذلك لعدم خصوصية لهذا العنوان بين العناوين المشابهة له فالطيب من الألفاظ العربية

(الصفحة24)



التي وضع لمعنى مخصوص ولا سبيل الى احتمال تغيّر معناه الموضوع له بوجه.
الاَمر الثاني: انه لاشبهة في ان تفسير الطيب كما يأتي في بعض الروايات لايكون من قبيل التعريف الواقع في اللغة غير المرتبط بباب الاحكام فان هذا المعنى ليس من شأن الائمة  (عليهم السلام) في مقام بيان الحكم وان كانوا هم أعرف من كل لغويّ بالمراد من اللفظ لكن مقام بيان الحكم لايلائم مع ذلك فكما ان تفسير الصعيد في بعض الروايات لايرجع إلاّ الى كون المراد من الصعيد الواقع في آية التيمم ماذا، من دون ان يكون مرجعه الى توضيح اللغة بالنحو المتداول في كتب اللغة كذلك تفسير الطيب أيضاً ببعض الانواع لايكون مرجعه إلاّ الى ان ما ترتب عليه الحكم في باب الاحرام ماذا غاية الأمر انّ هذا النحو من التعبير انما يكون لسانه بنحو الحكومية كقوله لاشك لكثير الشك على ما قرّر في محلّه.
وبعد هذين الأمرين نقدّم البحث عن الروايات التي استدل بها على عدم العموم فنقول:
عمدتها صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله  (عليه السلام) قال: لاتمسّ شيئاً من الطيب وانت محرم، ولا من الدهن وامسك على أنفك من الريح الطيبة، ولا تمسك عليها من الريح المنتنة، فانه لاينبغي للمحرم ان يتلذذ بريح طيبة، واتّق الطيب في زادك، فمن ابتلى بشيء من ذلك فليعد غسله، وليتصدق بصدقة بقدر ما صنع، وانّما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء: المسك والعنبر والورس والزعفران، غير انه يكره للمحرم الادهان الطيّبة إلاّ المضطّر الى الزيت أو شبهه يتداوى به(1) . وحكى عن التهذيب: «فعليه غسله» مكان: «فليعد غسله» وهو الظاهر والعجب من صاحب الوسائل حيث انه جعل هذه

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثامن عشر، ح8.

(الصفحة25)



الرواية أربع روايات أوردها في باب واحد والذي دعاه الى ذلك الاقتصار في اثنتين منهما على صدر هذه الرواية وفي الثالثة على ذيلها مع ان الراوي عن معاوية في اثنتين هو صفوان مع فضالة أو مع ابن ابي عمير وفي الآخرتين هو ابراهيم النخعي ومن الواضح هي الوحدة المشتملة على ما نقلنا.
ومنها: موثقة ابن ابي يعفور عن أبي عبدالله  (عليه السلام) قال: الطيب: المسك والعنبر والزعفران والعود(1) .
ومنها: موثقة عبدالغفار قال: سمعت أبا عبدالله  (عليه السلام) يقول: الطيب: المسك والعنبر والزعفران والورس...(2) وقد رواها في الوسائل في ابواب تروك الاحرام عن الشيخ بهذا النحو ولكنه رواها في ابواب آداب الحمام عن الكليني وفيها العود مكان(3) الورس...
والظاهر كما مرّ ان هذا النحو من التعبير ناظر الى الحكم المترتب على الطيب في الشريعة وهو ليس إلاّ الحرمة الاحرامية المعهودة بين المسلمين فضلاً عن المؤمنين ولسانه لسان الحكومة وانّ الطيب المحرّم على المحرم وان كان مذكوراً بنحو الاطلاق في دليل التحريم أي الدليل المحكوم لكن المراد به خصوص الأنواع الأربعة.
وقد اشترك جميع هذه الروايات في ان المراد هي أربعة أنواع لكن الاختلاف بينها انّما هو في النوع الرابع وانه هل هو الورس أو العود فمقتضى رواية معاوية بن عمّار ورواية عبدالغفار على أحد نقليها ان الرابع هو الورس ومقتضى رواية ابن أبي يعفور ورواية عبدالغفار على النقل الآخر ان الرابع هو العود.

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثامن عشر، ح15.
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثامن عشر، ح16.
(3) ابواب آداب الحمام، الباب السابع والتسعون، ح2.

(الصفحة26)



وعلى أيّ حال فهذه الروايات مختلفة من هذه الجهة.
وربما يُقال كما قاله جملة من المحققين بانه لاتعارض بينها في الحقيقة لأن دلالة كل من الطرفين على حرمة خصوص المذكورات فيها انّما هي بالصراحة وعلى عدم حرمة ما عداها انّما هي بالظهور فيتصرف في ظهور كل منهما بنصّ الآخر بمقتضى قاعدة حمل الظاهر على الأظهر أو النص فان صحيحة معاوية بن عمّار وان كانت مشتملة على اداة الحصر ومتعرضة لعنوان الأربعة مضافاً الى كون الأنواع المذكورة فيها أربعة إلاّ ان كل ذلك لايوجب صراحتها في عدم حرمة عنوان خامس غير العناوين الأربعة المذكورة فيها بل مقتضى الوضع وكون كلمة «انّما» موضوعة للحصر لايتجاوز عن الظهور كظهور الأسد في معناه الحقيقي المستند الى الوضع وكذا عنوان «الأربعة» وعدّ العناوين كذلك فان شيئاً منهما وكذا المجموع لايوجب الصراحة في نفي الخامس بل لايكون في البين إلاّ مجرّد الظهور، وكذا الروايتان الآخرتان فانهما وان كانتا بلسان الحكومة وناظرتين الى تفسير عنوان الطيب الذي وقع متعلقاً للحرمة الاحرامية في أدلّة التحريم إلاّ ان دلالتهما لاتبلغ حدّ الصراحة في جانب النفي وان كانت صريحة بالاضافة الى جانب الاثبات فمقتضى الجمع هو الحكم بكون المحرّم هو العناوين الخمسة.
ومن أضاف اليها الكافور فمستنده ما دلّ عل يمنع الميّت المحرم منه فالحيّ أولى وان كان مخدوشاً لمنع الأولوية فان المحرم اذا عرض له الموت لايبقى له وصف المحرمية بوجه بل الظاهر انه حكم تعبدي لايجوز التعدّي عن مورده.
هذا ويمكن المناقشة في الجمع المذكور بعدم كونه مقبولاً عند العقلاء والعرف موجباً لخروج الطرفين عن عنوان المتعارضين الذي هو الموضوع في الأخبار العلاجية

(الصفحة27)



مثل مقبولة عمر بن حنظلة المعروفة.
نعم ما يترتب على الجمع المزبور هو وجود الضعف في دلالة هذه الأخبار في مقابل الأخبار الدالة على حرمة مطلق الطيب ولابد من ملاحظتها ايضاً ثم النظر فيما يقتضيه الجمع فنقول:
منها: صحيحة محمد بن اسماعيل ـ يعني ابن بزيع ـ قال: رأيت أبا الحسن  (عليه السلام)كشف بين يديه طيب لينظر اليه وهو محرم فأمسك بيده على أنفه بثوبه من ريحه(1) .
والظاهر انه لايستفاد منها حرمة الطيب بنحو الاطلاق لأنّ الحاكي لفعل الامام  (عليه السلام)هو الرّاوي لا امام آخر حتى يمكن التمسك باطلاق كلامه في مقام الحكاية اذا كان بصدد بيان الحكم كما نبهّنا عليه مراراً ومن الظاهر ان الطيب المكشوف بين يدي الامام  (عليه السلام) كان نوعاً خاصاً فلا دلالة لهذه الرواية على الاطلاق.
ومنها رواية سدير قال قلت لأبي جعفر  (عليه السلام) ما تقول في الملح فيه زعفران للمحرم؟ قال: لاينبغي أن يأكل شيئاً فيه زعفران، ولا شيئاً من الطيب...(2) وفي نسخة من الوسائل: ولا يطعم شيئاً من الطيب والظاهر ان «لا» في هذه النسخة للنهي لا زائدة وعلى كلتا النسختين فلا شبهة في كون المراد لاينبغي هي الحرمة لحرمة الزعفران.
ومنها رواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله  (عليه السلام) قال: لا تمسّ ريحاناً وأنت محرم، ولا شيئاً فيه زعفران ولا تطعم طعاماً فيه زعفران(3). ونقل مثلها عن الشيخ في الوسائل وجعلهما روايتين وأوردهما في باب واحد.

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني عشر، ح1.
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثامن عشر، ح2.
(3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثامن عشر، ح3.

(الصفحة28)



ومنها مرسلة حريز عمّن أخبره عن أبي عبدالله  (عليه السلام) قال لايمسّ المحرم شيئاً من الطيب ولا الريحان ولا يتلذّذ به ولا بريح طيبة فمن ابتلى بذلك فليتصدق بقدر ما صنع قدر سعته(1) .
وقد رواها في الوسائل عن الكليني هكذا ولكنه رواها عن الشيخ مسنداً وجعلها رواية اُخرى أورد كلتيهما في باب واحد مع وضوح وحدة الرواية وكون الاختلاف في المتن يسيراً جدّاً حيث لاتكون الرواية الثانية مشتملة على قوله: ولا بريح طيبة وذكر فيها مكان «قدر سعته»: بقدر شبعه يعني من الطعام، والظاهر ان قربهما في الكتابة يوجب الظن بكون أحدهما تصحيف الآخر.
ومنها رواية النضر بن سويد عن أبي الحسن  (عليه السلام) في حديث ان المرأة المُحْرِمة لاتمسّ طيباً(2). ومن الواضح عدم اختصاص الحكم بالمرأة المحرمة لأنه لا قائل بالفرق بينها وبين الرجل في هذا الحكم والمناقشة في السند باعتبار اشتماله على سهل بن زياد مدفوعة بكون استناد المشهور الى مثلها جابراً لضعفها.
ومنها رواية منصور بن حازم عن أبي عبدالله  (عليه السلام) قال اذا كنت متمتعاً فلا تقرّبنّ شيئاً فيه صفرة حتى تطوف بالبيت(3). والظاهر ان المراد من الصفرة الزعفران والورس ولا تشمل الرواية غيرهما.
ومنها رواية حمران عن أبي جعفر  (عليه السلام) في قول الله ـ عزّوجلّ ـ: ثم ليقضوا تفثهم قال: التفث حفوف الرجل من الطيب فاذا قضى نسكه حلّ له الطيب(4).

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثامن عشر، ح6.
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثامن عشر، ح7.
(3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثامن عشر، ح12.
(4) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثامن عشر، ح17.

(الصفحة29)



والمراد من الحفوف بعد العهد بسبب الاحرام من تطييب الرجل الذي كان معمولاً في تلك الأزمنة وعليه فالمراد من الآية انه بعد قضاء مناسك الحج يجوز لهم العود الى ما كانوا عليه والرواية ظاهرة في حرمة الطيّب حال الاحرام وان حليته متوقفة على قضاء النسك.
ومنها مرسلة الصدوق المعتبرة قال: وكان علي بن الحسين  (عليهما السلام) اذا تجهّز الى مكّة قال لأهله: ايّاكم ان تجعلوا في زادنا شيئاً من الطيب ولا الزعفران نأكله أو نطعمه(1) . ولكنه، حيث يكون الحاكي لفعل الامام  (عليه السلام) هو غيره من الرواة فلا دلالة في الحكاية على كون العلّة في النهي هي حرمة الطيب مطلقاً ومن الممكن ان يكون بعض أنواعه مكروهاً غير محرّم عنده  (عليه السلام) وكانت الكراهة هي العلّة في النهي كما لايخفى.
ومنها رواية زرارة عن أبي جعفر  (عليه السلام) قال: من أكل زعفراناً متعمداً أو طعاماً فيه طيب فعليه دم، فان كان ناسياً فلا شيء عليه ويستغفر الله ويتوب اليه(2). وهذه الرواية من أحسن الروايات التي يمكن الاستدلال بها للمشهور ولا مجال لحملها على الكراهة بوجه حيث انّها لاتجتمع مع ثبوت الكفارة خصوصاً كفارة الدّم.
ومنها رواية معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله  (عليه السلام) قال: سألته عن رجل مسّ الطيب ناسياً وهو محرم قال: يغسل يده ويلبيّ(3).
والسؤال ظاهر في كون حرمة الطيب على المحرم مفروغاً عنها عند السائل وانما السؤال عن خصوص حال النسيان والجواب تقرير له، مضافاً الى ظهوره في وجوب

(1) ابواب تروك الاحرام، الباب الثامن عشر، ح18.
(2) الوسائل، ابواب بقيّة كفارات الاحرام، الباب الرابع، ح1.
(3) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الرابع، ح2.

(الصفحة30)



غسل اليد بعد زوال النسيان.
ومنها رواية الحسن بن زياد قال قلت لأبي عبدالله  (عليه السلام) وضّأني الغلام ولم أعلم "بدستشان" فيه طيب، فغسلت يدي وانا محرم، فقال: تصدّق بشيء لذلك(1) .
قيل: دستشان معرب دست شود ويحتمل كونه مصحف الاشنان الذي وقع التعرض له في بعض الروايات، ويحتمل ان يكون مجموع الكلمة فارسيّاً قد استعمل لكون السائل من الفرس.
ومنها رواية اسحاق بن عمار عن أبي عبدالله  (عليه السلام) قال: سألته عن المحرم يمسّ الطيب وهو نائم لايعلم. قال: يغسله وليس عليه شيء. و «سئلته خ ل» عن المحرم يدهنه الحلال بالدهن الطيب والمحرم لايعلم ما عليه، قال: لا شيء يغسله أيضاً وليحذر...(2)
ومنها رواية اُخرى للحسن بن زياد عن أبي عبدالله  (عليه السلام) قال: قلت له: الاشنان فيه الطيب أغسل به يدي وانا محرم؟ فقال اذا أردتم الاحرام فانظروا مزاودكم فاعزلوا الذي لاتحتاجون اليه، وقال: تصدّق بشيء كفارة للاشنان الذي غسلت به يدك(3).
ومن المحتمل قوّياً ان تكون هذه الرواية هي رواية الحسن بن زياد المتقدمة وعليه فيظهر ان الكلمة في تلك الرواية اشنان لا الاحتمالات الاُخر واشتمال هذه على بعض الاُمور الاُخر لاينافي الاتحاد بوجه.
ومنها مرسلة المفيد  (قدس سره) في المقنعة وهي معتبرة أيضاً قال: قال  (عليه السلام): كفارة مسّ

(1) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الرابع، ح4.
(2) الوسائل، ابواب بقيّة كفارات الاحرام، الباب الرابع، ح7.
(3) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الرابع، ح8.

(الصفحة31)



الطيب للمحرم ان يستغفر الله...(1)
ومنها غير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال.
ثمّ ان صاحب الجواهر  (قدس سره) تبع المحقق صاحب الشرايع في جعل القول بالعموم هو الأظهر وقال بعد توصيف القول بالأربعة بكونه في غاية الندرة: «ومنه يعلم المناقشة في الحصر في الصحيح بالأربعة المشتمل على ما لا يقول به أحد من الكفارة بانه لابد من صرفه عن ظاهره بالنسبة الى الكافور والعود لما عرفت فيكون مجازاً بالنسبة الى ذلك وهو ليس بأولى من ابقاء العموم على حاله وحمله على ما هو أغلظ تحريماً أو المختص بالكفارة بل لعلّه أولى وان كان التخصيص بالترجيح أحرى من المجاز حيث ما تعارضا، فان ذلك حيث لايلزم إلاّ أحدهما، وامّا اذا لزم المجاز على كلّ تقدير فلا ريب في انّ اختيار فرد منه يجامع العموم أولى من الذي يلزم معه التخصيص كما لايخفى والعمدة كثرة النصوص المزبورة مع عمل المشهور بمضمونهما واشتمال بعضها على التعليل بانه لاينبغي للمحرم التلذذ بذلك المناسب لمعنى الاحرام ولما ورد في دعائه من احرام الايف وغيره فيكون الظنّ بها أقوى...».
ومحصله ـ مع تقريب منّا ـ انه في الدوران بين المجاز والتخصيص وان كان الترجيح مع الثاني امّا لعدم كون التخصيص مستلزماً للمجازية كما قد حقق في الاصول لأنه تصرف في الارادة الجدية ومانع عن جريان اصالة التطابق بين الارادتين: ـ الاستعمالية والجدية ـ ولا يستلزم التصرف في الإرادة الاستعمالية بحيث يكون كاشفاً عن ان المستعمل فيه غير العموم، وامّا لكونه أغلب من المجاز نظراً الى انه ما من عام إلاّ وقد خصّ كما اشتهر إلاّ ان مورد هذا الترجيح، ما اذا لم يكن التخصيص في مورد

(1) الوسائل، ابواب بقيّة كفارات الاحرام، الباب الرابع، ح9.

(الصفحة32)



مستلزماً للمجازية أيضاً وامّا في صورة الاستلزام فالترجيح مع عدمه لبقاء اصالة المعموم على حالها والمقام من هذا القبيل للزوم التصرف في روايات الأربعة جميعاً حتى الصحيحة المشتملة على أداة الحصر الظاهر في الحصر الحقيقي خصوصاً مع التعرّض لعنوان «الأربعة» لأنك عرفت ان مقتضى الجمع بين هذه الروايات جعل الأنواع المحرّمة خمسة وبضميمة الكافور ستة وعليه فالتخصيص أيضاً يوجب الحمل على خلاف الظاهر فلا يبقى مجال لترجيح التخصيص على المجاز مع استلزام الطرفين له، امّا التخصيص فلما عرفت، وامّا العموم فلأن حمل هذه الروايات على تأكد الحرمة وأشديتها أو على كون المراد من الطيب المذكور هو الطيب المحرّم الموجب للكفّارة على خلاف الظاهر فالمجازية لازمة على كلا التقديرين والترجيح مع المجاز الذي لاينافي انحفاظ اصالة العموم خصوصاً مع وجود الشهرة المؤيدة وساير المؤيدات المذكورة في كلامه.
وقد أورد على هذا الكلام بعض الاعاظم  (قدس سرهم) على ما في تقريرات بحثه بما حاصله: «انه لايلزم من تخصيص العمومات بالحصر المذكور في صحيحة معاوية بن عمّار مجاز أصلاً لا في العام لعدم كون التخصيص مستلزماً للمجازية في العام ولا في الحصر نظراً الى لزوم حمله على الاضافي بالنسبة الى العود والكافور لأن أدوات الحصر كألفاظ العموم تدلّ على حصر متلوّها فان قيل ما جائني إلاّ زيد يكون مفاد «ما و إلاّ» حصر المجيء في زيد، وان قيل إلاّ زيد وعمرو يكون الحصر ثابتاً في اثنين وهكذا فأداة الحصر نظير الفاظ العموم حيث انه لا فرق فيها بين ان يقول: اكرم كلّ رجل، وبين ان يقول اكرم كل رجل عالم وعليه فكلمة «انّما» في الصحيحة انما تفيد الحصر وامّا كون المحصور فيه خصوص الأربعة فمنوط بعدم دليل على حرمة غيرها ومعه يكون

(الصفحة33)



المحصور فيه أزيد من الأربعة فاتضح انه لايلزم في صورة التخصيص مجاز أصلاً كما انه على تقدير عدمه والحمل على الأغلظية أو خصوص ما يوجب الكفارة وان كان يرد عليه انه بلا شاهد لعدم وضوح كونه جمعاً عرفيّاً لكنه لايوجب المجازية بوجه فالمجاز لايلزم على شيء من التقديرين».
والجواب عن هذا الايراد امّا في صورة التخصيص فلأنّ أداة الحصر وان كانت تدلّ على حصر متلوّها كما أفاده  (قدس سره) إلاّ انّها اذا استعملت مع متلو واحد ـ مثلاً ـ فقال: ماجائني من العدم إلاّ زيد ثم اخبر بكلام منفصل باشتراك عمرو مع زيد في المجيء من دون ان يكون في الخبر اشعار بالعدول عمّا اخبر به اوّلاً وانه قد نسي مجيء عمرو مثلاً فهل يمكن ان يُقال بان هذا الخبر الثاني لاينافي ظاهر ما اشتمل على أداة الحصر ويكون مثل ما اذا اخبر أوّلاً بمجيء زيد من دون الاشتمال على أدات الحصر، الظاهر انه لا مجال للالتزام بذلك، لأنّ مرجعه الى توقف دلالة القول الأوّل على حصر المجيء في خصوص زيد على عدم مجيء دليل آخر على مجيء عمرو ـ مثلاً ـ ومن الظاهر عدم امكان الالتزام بذلك خصوصاً في مثل الصحيحة التي تكون مشتملة على عنوان «الأربعة» زائداً على كلمة «انّما» فان مقتضى ما أفاده عدم ظهور الصحيحة في نفسها في الحصر في الأربعة وتوقف دلالتها عليه على عدم ثبوت عنوان خامس أو أزيد فالانصاف ان التخصيص يستلزم خلاف الظاهر من هذه الجهة.
وامّا في صورة انحفاظ العام وعدم التخصيص فالظاهر ان حمل النهي على الأغلظية مخالف لما هو ظاهره لأن مفاده أصل الحرمة لا تأكّدها كما ان تخصيص مورده بخصوص ما يوجب الكفارة أيضاً كذلك وتجري مثل ذلك فيما اشتمل على تفسير الطيب بالأربعة من الروايات المتقدمة فان الظاهر كون اللام في «الطيب» اشارة

(الصفحة34)



الى ماهو المحرم في حال الاحرام المعهود عند المسلمين لما عرفت من كون حرمة الطيب في الجملة في حال الاحرام من الامور المسلّمة بين الفريقين وحمله على الطيب الذي يكون آكد في الحرمة وأغلظ فيها أو الذي يكون موجباً للكفارة من بين الأنواع المشتركة في أصل الحرمة الاحرامية خلاف الظاهر جدّاً فانقدح انه لايرد اشكال على صاحب الجواهر  (قدس سره) من هذه الجهة.
هذا، والذي يقتضيه التحقيق في مقام الجمع بين الطائفتين من الروايات الواردة في المقام هو حمل الطائفة الدالة على حرمة الطيب مطلقاً وبجميع أنواعه على الكراهة وتخصيص الحرمة بخصوص العناوين الخمسة الواردة في الطائفة الثانية وذلك لأنّ لسان هذه الطائفة امّا لسان الحصر وان كان المحصور فيه زائداً على الأربعة المذكورة لاقتضاء الجمع بين روايات نفس هذه الطائفة لذلك كما في صحيحة معاوية بن عمّار. وامّا لسان التفسير والحكومة ومرجعه الى بيان ان الطيب الذي تكون حرمته في حال الاحرام معهودة عبارة عن الأربعة المذكورة فيه وان كان مقتضى الجمع بين الدليلين الحاكمين هو وجود عنوان خامس إلاّ انّ زيادة عنوان آخر لايوجب التزلزل في أصل الحكومة ولا رفع اليد عن مفاد كلمة «انّما» الذي هو عدم عمومية الحرمة لجميع أنواع الطيب فمقتضى الجمع الدلالي الذي يوجب الخروج عن عنوان «المتعارضين» ولا تصل النوبة الى المرجحات حتى الشهرة الفتوائية هو الحكم باختصاص الحرمة بالأنواع الخمسة وحمل ما دلّ على النهي عن المطلق على الكراهة واللازم على هذا التقدير حمل مادلّ على ثبوت الكفارة في مطلق الطيب على كون المراد واحداً من تلك الأنواع الخمسة وكيف يجتمع لسان الحكومة الموجود في أكثر هذه الطائفة مع عموم النهي كما انه لايجتمع معه لسان الحصر الموجود في الصحيحة.

(الصفحة35)



ويؤيد ما ذكرنا التدبّر في نفس صحيحة معاوية بن عمار المشتمل صدورها على النهي عن مسّ شيء من الطيب وكذا الدهن الذي يكون المراد به بقرينة الذيل هو الدهن الطيّب وذيلها على أمرين: أحدهما حصر المحرم من الطيب في الأربعة، وثانيهما كراهة الادهان الطيبة لغير المضطر. ومن الواضح انّ المراد من الكراهة في مقابل الحرمة هي الكراهة المصطلحة فهل الجمع بين المصدر المذكور في الرواية وبين الذيل الذي اُشير اليه، يستلزم التهافت والتنافي أو انّ مقتضاه كون الذيل قرينة على ان المراد بالصدر هي الكراهي كما انه قد صرّح بها بالنسبة الى الدهن وهل يمكن حمل الكراهة الواقعة في مقابل الحرمة على الحرمة فلا محيص عن حمل النهي في المصدر على الكراهة.
ويؤيده التعليل بانّه لاينبغي للمحرم ان يتلذذ بريح طيبة فانه لو لم تكن الرواية مشتملة على الذيل المذكور الموجب لحمل النهي في الصدر على الكراهة لما كان هذا التعبير منافياً للحرمة بوجه إلاّ ان الاشتمال على الذيل كما انّه أوجب حمل الصدر على الكراهة كذلك يوجب حمل التعليل على ما يناسب الكراهة.
كما انه يؤيد ما ذكرنا جعل الكفارة قبل بيان الأنواع المحرّمة هو التصدق بصدقة بقدر ما صنع مع ان كفارة الطيب المحرم كما دلّ عليه بعض الروايات المتقدمة، هو الدم وعليه الفتوى فاللازم ان يقال بان هذه الكفارة كفارة المكروه ولاتكون واجبة بل مستحبة. فالتدبّر في نفس هذه الصحيحة يرشدنا الى الجمع الذي ذكرنا وإلاّ يلزم التهافت أو الاضطراب في الرواية.
بقى الكلام في هذه الجهة في معنى الطيب ومفهومه سواء قلنا بتعلّق الحرمة بعنوانه بنحو الاطلاق أو قلنا بثبوت الكراهة في غير العناوين الخمسة المحرّمة فانّه على هذا

(الصفحة36)



التقدير أيضاً لابد من معرفة معنى الطيب فنقول:
الظاهر انه من العناوين التي يرجع في تشخيص معناها وفهم المراد منها الى العرف واللغة، لعدم ثبوت معنى خاص له في الشريعة وتعرّض جملة من أعيان الفقهاء لتعريفه وتفسيره لا يرجع الى ثبوت معنى مخصوص له فيها بل بيان لما هو المتفاهم منه عند العرف ولا بأس بالاشارة الى نقل جملة منها فنقول:
قال العلاّمة  (قدس سره) في محكى التذكرة: «انه ما تطيب رائحته ويتخذ للشمّ كالمسك والعنبر والكافور والزعفران وماء الورد والأدهان الطيّبة كدهن البنفسج والورس، والمعتبر ان يكون معظم الغرض منه التطيّب أو يظهر فيه هذا الغرض».
وقال الشهيد الأوّل: «يعني به كل جسم ذي ريح طيبة بالنسبة الى معظم الأمزجة أو الى مزاج المستعمل له غير الرياحين».
وقال في المسالك: «هو الجسم ذو الريح الطيبة المتخذة للشمّ غالباً غير الرياحين كالمسك والعنبر والزعفران وماء الورد والكافور».
والعمدة ما عرفت من ان المعيار هو المعنى العرفي واللغوي والتعاريف المزبورة ناظرة اليه وسيأتي الكلام في بعض المصاديق انشاء الله تعالى. هذا تمام الكلام في الجهة الأولى.
الجهة الثانية: في تنقيح متعلق الحرمة من الأفعال المتعلقة بالعناوين الخاصة أو بالطيب بنحو الاطلاق ولنقدم في هذه الجهة أمراً وهو انه ربما يُقال كما في تقريرات بعض الأعاظم  (قدس سرهم) بكون أدلّة المقام ظاهرة في تعلق الحكم ابتداء بنفس الاعيان فتصير نظير قوله تعالى: حرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير... غاية الأمر لابد من الالتزام بعدم كون المراد ذلك لعدم امكان تعلق الحكم بنفس الاعيان.

(الصفحة37)



ويرد عليه بطلان ما أفاده لعدم كون أدلّة المقام نظيراً للآية المزبورة، وذلك لأن صحيحة معاوية بن عمّار المشتملة على الحصر ناظرة الى نفي ثبوت الحرمة فيما عدا الأربعة المذكورة فيها، وامّا تعلّق الحرمة بنفس العناوين المتعددة التي وقعت مورداً لتعرضها، فلا دلالة لها عليه أصلاً. وبعبارة اُخرى مفادها تضييق دائرة متعلق الحكم التحريمي وتخصيصها بالأربعة.
وامّا كون الأربعة بذواتها متعلقة للحرمة فلا يستفاد منها بوجه. وأوضح منها الروايات الدالة على تفسير الطيب التي قد عرفت ان لسانها لسان الحكومة، والتوضيح فان مفادها انّ الطيب الذي يكون محرّماً في حال الاحرام وتكون حرمته معهودة عبارة عن الأربعة المذكورة فيها وامّا كون المتعلّق نفس العناوين فلا دلالة لها عليه أصلاً فالمقام لايكون نظيراً للآية المذكورة حتى يجري فيه احتمال كون حذف المتعلق مفيداً للعموم.
نعم على القول بحرمة الطيب باطلاقه يكون بعض الروايات المتقدمة الدالة على هذا الحكم مشعرة بتعلق الحكم بعنوانه وان كان أكثرها دالة على التعلّق بالفعل المتعلق به مثل المسّ المذكور في كثير منها.
وكيف كان فالتحقيق في أصل هذه الجهة ان يقال انه لا شبهة في خروج بعض الأفعال المتعلّقة بالطيب المحرّم عن دائرة الحرمة كالنظر اليه وبيعه وشرائه ومثل ذلك من الأفعال التي لايفهم العرف كونها ايضاً محرّمة ولم يقع الفتوى بها من أحد. كما ان الظاهر انه لاينبغي الارتياب في كون الاستشمام وتعلق الشم بالطيب المحرّم محرّماً لأنه القدر المتيقن الذي يدلّ عليه مفهوم الطيب ومعناه كما مرّ في التعاريف المتقدمة فان كونه عبارة عمّا يتخذ للشمّ غالباً أو انه ذو الريح الطيبة يرشد الى ان تعلق الحرمة به

(الصفحة38)



يرتبط بهذه الجهة قطعاً فحرمة الشم هو القدر المتيقن، كما ان القدر المتيقن من تعلّق الحرمة بالميتة في الآية الشريفة هو حرمة أكل لحمها والاستفادة منها من هذه الجهة بل ما نحن فيه أولى من الآية، لأن الأكل لم يؤخذ في مفهوم الميتة ومعناها، لا في معناها العرفي ولا في معناها الشرعي بناء على ثبوت معنى شرعي لها وامّا الطيب فقد عرفت انه قد اُخذ في مفهومه الاتخاذ للشمّ وعليه فلا شبهة في ان هذا العنوان محرم ولا يبقى مجال للبحث فيه والترديد في انه هل يصدق على الشمّ عنوان «الاستعمال» أو لايصدق كما في بعض الكلمات، فانه لافرق فيما ذكرنا بين الصدق وعدمه خصوصاً مع عدم دلالة شيء من الروايات على تعلّق الحرمة بعنوان الاستعمال كما هو الظاهر.
هذا ومقتضى رواية زرارة المتقدمة الدالة على ثبوت الكفارة على من أكل طعاماً فيه طيب هو كون الأكل أيضاً مما تعلق به التحريم في باب الطيب من دون فرق بين القول بحرمة مطلق الطيب كما عليه المشهور أو بحرمة بعض أنواعه كما رجّحناه واحتمال كون الأكل في الرواية لا مدخلية له بل ذكره انّما هو لأجل استلزامه للشمّ مدفوع مضافاً الى منع الاستلزام لإمكان كونه فاقداً لحاسة الشمّ أو ممسكاً لأنفه في حال الأكل بانّ ظاهر الرواية كون الأكل له الموضوعية والمدخلية ولا وجه للحمل على خلاف الظاهر وعليه فتتسع دائرة متعلق الحرمة، ويجب الحكم بكون الأكل أيضاً محرّماً كالشمّ على ما عرفت.
انّما الاشكال والبحث في مسّ الطيب وقد ذكر بعض الأعاظم  (قدس سرهم) على ما في تقريراته انه لاينبغي الاشكال في حرمته من جهة الاخبار الناهية عن مسّ مطلق الطيب كقوله  (عليه السلام) في صحيح معاوية بن عمّار المتقدم: لا تمسّ شيئاً من الطيب وانت محرم ولا من الدهن... وفي صحيح حريز: لايمسّ المحرم شيئاً من الطيب ولا الريحان

(الصفحة39)



ونحوهما غيرهما من الاخبار فحرمة المسّ لاتختص بالأربعة بل كل ما كان من الطيب ويصدق عليه انه منه يحرم مسّه للاخبار المتقدمة.
وعن التذكرة التصريح بذلك حيث قال: «شمّاً ومسّاً علق به البدن أو عبقت به الرائحة واحتقاناً واكتحالاً واستعاطاً لا لضرورة ولبساً لثوب مطيب وافتراشاً له بحيث يشمّ الريح أو يباشر بدنه أو ثياب بدنه» بل قال: «لو داس بنعله طيباً فعلق بنعله وجبت الفدية».
والذي يقوي في النظر بعد التأمل في صحيحة معاوية بن عمّار انّ المسّ المنهي عنه فيها في صدر الرواية وشروعها لايراد به ما يقابل الشمّ بل ذكره انّما هو لأجل كون الاستفادة من الطيب بشمّه انّما تتحقق نوعاً بمسّه على البدن أو الثوب خصوصاً في مثل المرأة التي وقع السؤال في بعض الروايات المتقدمة عن مسّها الطيب فانّ مسّها للطيب انما يكون غالباً لأجل كونه مطلوباً لزوجها وموجباً لحصول الرغبة الزائدة اليها ومؤثراً في كمال التمتع منها.
ويؤيد ما ذكرنا في مفاد الصحيحة انه لو كان المسّ له موضوعية مستقلة في مقابل الشمّ لكان اللازم رعاية لمناسبة الحكم والموضوع التعرض في الطيب أوّلاً لحكم الشمّ الذي قد عرفت انه الفعل الظاهر المتعلق به مع انه لم يقع التعرض له في الرواية كذلك كما ان الظاهر ان قوله: فانه لاينبغي للمحرم ان يتلذذ بريح طيبة تعليلي لجميع الاحكام المذكورة لا لخصوص قوله وامسك أنفك من الريح الطيبة وعلى تقدير كون المسّ عنواناً مستقلاً في تعلّق الحكم به لكان الأولى ذكر العلّة له لأنه بعيد عن الأذهان بخلاف الشمّ الذي تكون علّة حرمته ظاهرة.
هذا مع انّ حمل الصدر على تحريم مسّ مطلق الطيب والذيل على انحصار

(الصفحة40)



الحرمة في الأربعة من دون تعرّض للشم فيها مستبعد جدّاً بل الظاهر في الجمع بين الصدر والذيل ما قدّمنا وانّ المسّ لا موضوعية له بحيث لو لم يستلزم الشمّ لجهة يكون محرّماً أيضاً.
ولأجل الجمود على ظاهر الأدلة الحاكم بحرمة المسّ وانه لا فرق فيه بين الحدوث والبقاء وقع الكلام بينهم في انه اذا تطيب بعد الاحرام هل يجوز له ان يزيله بيده أم لا بل يجب ان يزيله بآلة أو أمر غير المحرم بالإزالة لئلا يمسّ الطيب فالمحكى عن الدروس انه أمر الحلال بغسله أو غسله بآلة و المحكى عن التهذيب والتحرير التصريح بجواز ازالته بمباشرته وبنفسه وهو الموافق للروايات المتعددة الواردة في هذه المسألة ولا مجال لحملها على حال الضرورة وهو يؤيد ما ذكرنا من عدم كون المسّ بعنوانه محرّماً كما في الموارد الاُخرى التي وقع متعلقاً للحكم كمسّ الميت الذي يترتب عليه وجوب الغسل فان تحقق مسمّاه يكفي في ايجاب الغسل فهل يكون المقام ايضاً كذلك نعم لو وقع التدهين بالدهن الطيب يكون هذا محرّماً موجباً للكفارة بل يظهر من محكى المنتهى ان عليه اجماع أهل العلم ولكن التدهين بنفسه عنوان آخر من الامور المحرَّمة للمحرم في عرض الطيب وسائر الامور، وامّا المسّ المجرد عن الشم وعن التدهين فالظاهر انه لايمكن الالتزام بحرمته خصوصاً لو قلنا بحرمة الريحان ايضاً زائداً على الطيب كما اُفيد في المتن في المسئلة الآتية وقد وقع معطوفاً على الطيب في مثل صحيحة حريز المتقدمة فان اللازم ـ ح ـ الالتزام بكون مجرّد مسّ الريحان ولو لم يكن مستلزماً لِشمّه محرماً ايضاً مع انه من الواضح عدم امكان الالتزام به.
ثم ان العناوين الثلاثة الواقعة في المتن من الصبغ والاطلاء والبخور يكون المراد بالأوّل بناء على كسر الصّاد هو الادام المايع الذي يتخمر فيه الخبز وقد ورد في قوله

<<التالي الفهرس السابق>>