في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة241)



ابي بصير المتقدمة وقد وقع التفصيل في جوابه بين ما اذا كان ذلك في مجلس واحد فعليه دم وبين ما اذا فعله متفرّقاً في مجلسين فعليه دمان، لكنه قد قيد في المتن الصورة الاولى بما اذا لم يتحقق التكفير بين القصين وانه مع تخلله بينهما ففيه ايضاً شاتان وهذا هو الظاهر لما عرفت في ذيل المسألة السابقة من ان المتفاهم العرفي من الصحيحة صورة عدم التخلل فكما انه في أصل ثبوت الشاة في العشرة يعتبر ذلك كذلك في ثبوت شاة واحدة في العشرين في مجلس واحد فلا اشكال في ذلك.
انّما الاشكال والمهم في هذه المسألة في ما لو قصّ جميع أظفار احداهما وبعض الاُخرى حيث انه في المتن تبعاً لصاحب الجواهر  (قدس سره) الحكم بثبوت شاة بالاضافة الى عشرة اليد أو الرجل وبالاضافة الى البعض الزائد لكلّ ظفر مد.
وجه الاشكال انّ ظاهر الصحيحة المفصلة بين العشرة وما دونها بالحكم بثبوت كفارة الشاة في الاولى وثبوت المدّ لكل ظفر في الثانية ان العشرة الملحوظة فيها هي العشرة في مقابل النقيصة وما دونها لا خصوص عنوان العشرة في مقابل النقيصة والزيادة معاً وعليه فالعشرة في المقام انّما هي كالعشرة المعتبرة في قصد الاقامة في باب السفر الموجبة للاتمام في الصلاة والقاطعة لحكمه وتفريع قصّ اظفار اليدين عليه في الرواية على كون المراد بالعشرة ذلك لما عرفت من انّ التفريع يشتمل على بعض فروض المسألة والجواب عن السؤال الثاني فيها بما عرفت من التفصيل بين مجلس واحد وبين مجلسين بثبوت دم في الاوّل ودمين في الثاني يؤيد ما ذكرنا من انه مع بلوغ العشرة يرتفع كفارة المدّ وتتحول الى الدم والشاة، غاية الأمر ثبوت واحدة في بعض الموارد واثنتين في بعض الموارد الاُخر.
وبالجملة فظاهر الصحيحة التي حكم فيها بثبوت المدّ لكل ظفر وجعلت الغاية

(الصفحة242)

مسألة 43 ـ لو كان اظفار يده أو رجله أقلّ من عشرة فقصّ الجميع فلكلّ واحد مدّ والأحوط دم شاة، ولو كانت أكثر فقص الجميع فعليه شاة، وكذا لو قصّ جميع اظفاره


فيها هو بلوغ العشرة انّه مع البلوغ اليها ينقلب الحكم ويتحول من المدّ الى الدم ومن الطعام الى الشاة وهذا لافرق فيه بين العشرة وما زاد عليها نعم يعتبر فيه عدم تخلل التكفير فاذا كفر عن العشرة بشاة ثم قص البعض من الاخرى يجب عليه ان يكفر عن البعض لكلّ ظفر مدّ وامّا مع عدم التخلل فلا وجه لثبوت كفّارتين.
ويؤيد بل يدلّ على ما ذكرنا مضافاً الى ظهور نفس الصحيحة في ذلك، ظهور صحيحة زرارة المتقدمة الدالّة على اختصاص ثبوت الكفّارة بالمتعمد وعدم ثبوتها على الناسي والسّاهي والجاهل حيث ان مدلولها انّ من قلّم اظافيره يجب عليه دم شاة وقد تقدم ان اطلاقها وان كان يقيّد بما دون العشرة إلاّ انه لا دليل على تقييدها في العشرة فما زاد فمقتضاها ثبوت الدم في كلتا الصورتين.
كما انه يدل على ما ذكرنا ان لازم ما في المتن ان تكون الصورة المذكورة أشدّ من حيث الكفارة ممّا اذا قصّ جميع الاظفار من اليدين والرجلين في مجلس واحد حيث لايكون فيه إلاّ شاة واحدة والصورة المذكورة يكون فيهما الشاة مضافة الى المدّ بالاضافة الى كل ظفر فهل يمكن استفادة ذلك من الصحيحة الواردة في المسألة.
ويؤيده ايضاً روايتا حريز المتقدمتان فانا وان لم نقل بمفادهما من جهة جعل الملاك في كفارة الدم هي الخمسة دون العشرة إلاّ انّهما ظاهرتان في انّ الملاك هي الخمسة او العشرة أو ما كان فتدلان على ان البلوغ الى الحد المعتبر يكفي في الانتقال ولا فرق بين نفس الحدّ والزائد عليه ولعمري ان ما ذكرنا بمكان من الوضوح.
ثم انه لايخفى ما في المتن من تطويل العبارة في ذيل المسألة من دون ان يكون له طائل ومن الممكن افادة المطالب من دون التطويل المذكور فتدبّر جيّدا.

(الصفحة243)

الاصليّة على الاحوط، ولو قصّ بعض الاصليّة وبعض الزائدة فلكلّ من الاصلية مدّ والاولى الاحوط تكفير مدّ لكل من الزائدة 1 .


(1) يقع البحث في هذه المسألة في مقامين:
المقام الاوّل: فيما لو كان اظفار يده أو رجله أقل من العشرة وقد قصّ الجميع وقد حكم فيه في المتن بثبوت المدّ لكل واحد وان مقتضى الاحتياط الاستحبابي ثبوت دم شاة وفي الجواهر ثبوت الاشكال في الناقصة من صدق اليدين، ومن الأصل والنصّ على العشر في الاخبار.
أقول العمدة في المسألة صحيحة ابي بصير المتقدمة وفيها ظهوران متنافيان في بادئ النظر بالاضافة الى هذا المقام الذي نبحث فيه احدهما ظهور جعل الغاية بلوغ العشرة في ان هذا العدد له مدخلية في انتقال الكفارة من الطعام الى الشاة وقد مرّ انّ ذكر هذا العدد انّما هو بالاضافة الى ما دون العشرة وما نقص منه وعليه فمقتضاه في مورد البحث ثبوت المدّ لكل واحد.
ثانيهما ظهور التفريع في انّ ما يترتب عليه كفارة الدم ويوجب التحوّل والانتقال قصّ جميع اظفار اليدين فيما لو قصّه ومن الواضح تحقق هذا العنوان لو كان الاظفار أقلّ من العشرة لنقصان اصبع واحد ـ مثلاً ـ أو نقصان محل الظفر، ضرورة انه لاشبهة في انّه قصّ جميع اظفار يديه.
وعليه فاللازم ملاحظة انّ الظهور الاوّل هل يكون هو الأقوى فاللازم حمل مورد التفريع على ما اذا كان اظفار يديه عشرة أو ان الظهور الثاني هو الأقوى فتحمل العشرة على الغالب المتعارف من سلامة اليدين والرجلين، وما في المتن يبتنى على الاوّل، ولكن الظاهر هو الثاني على ما هو مقتضى الفهم العرفي بعد ملاحظة كلا الأمرين ومقايسة كلا الظهورين.

(الصفحة244)



ويؤيد بل يدلّ على ما ذكرنا ان مقتضى صحيحة زرارة المتقدمة الواردة فيمن قلّم اظافيره المفصلة بين الناسي والساهي والجاهل وبين المتعمد، بانّه لا شيء في الاوّل ويثبت الدم في الثاني، الاطلاق وقد قيد بصحيحة ابي بصير على ما تقدم فلو فرض الاجمال في الصحيحة وعدم ثبوت ترجيح لأحد الظهورين على الآخر يصير المقيّد مجملاً مردّداً بين الأقل والأكثر لتردد العشرة المأخوذة فيها بين ان تكون لها موضوعية بحيث لايكون اقلّ منها ولو في محلّ البحث موجباً لثبوت كفارة الدم وبين ان لاتكون لها موضوعية فتشمل الأقل في الناقصة وفي مثل ذلك لابد من الاقتصار على الأقل من جهة التقييد وهو يقتضي ثبوت الدم في المقام كما هو ظاهر.
ثم ان رعاية الاحتياط ولو كان استحبابياً تقتضي الجمع بين المدّ لكل ظفر وبين كفارة الدم لا خصوص الاقتصار على الثاني كما لايخفى.
المقام الثاني: فيما لو كان اظفار يديه ـ مثلاً ـ أكثر من عشرة وفيه فروض:
الفرض الاوّل ما لو قصّ الجميع وفيه دم شاة فقط لا أزيد امّا على ما اخترناه فلانّا وان قلنا بثبوت المدّ لظفر الأصبع الزائد ايضاً ولو كان معلوم الزيادة إلاّ انه حيث كانت العشرة المأخوذة في الصحيحة في مقابل النقيصة دون الزيادة مضافاً الى صدق عنوان القصّ بالاضافة الى جميع اظفار اليدين دون الجميع والزيادة لكان اللازم هو الالتزام بدم الشاة فقط لا مع اضافة المد.
وامّا على ما اختاره الماتن  (قدس سره) من التفصيل في الاصبع الزائد بين معلوم الزيادة فنفي البعد عن جواز قصّ ظفره وبين ما لم يكن معلوم الزيادة إلاّ اجمالاً فاحتاط بالاجتناب عن القصّ فلأنه في الصورة الاولى تحقق قصّ عشرة اظفار متجانسة وضم الزائد الذي لايكون قصه محرّماً لايوجب شيئاً زائداً على الشاة بوجه وفي الصورة

(الصفحة245)



الثانية التي يكون مقتضى الاحتياط الوجوبي الناشئ عن العلم الاجمالي بكون أحد الأصابع زائداً يكون قصّ الجميع موجباً لقص جميع ما هو من أظفار اليد التي هي عشرة فيترتب عليه كفارة الدم ولا يترتب على الزائد غير المعلوم شيء بعد فرض كونه زائداً والمفروض ثبوت التجانس المعتبر عند الماتن  (قدس سره).
الفرض الثاني ما لو قصّ جميع اظفاره الاصليّة دون الزائد ومقتضى الفرض كون الاظفار الاصلية متميزة عن غيرها وقد احتاط وجوباً في المتن بثبوت دم شاة في مقابل احتمال ثبوت المدّ لكل ظفر.
ويرد عليه انه لايجتمع مع مبنى المتن من عدم حرمة قص الظفر الزائد المتميز حيث انه نفى البعد عن جوازه في أصل المسألة وثبوت الموضوعية لعنوان العشرة كما دلّ عليه الحكم بثبوت المدّ دون الدم فيما لو كان اظفار يديه ـ مثلاً ـ ناقصة على ما صرّح به في أوّل هذه المسألة فان مقتضى المبنيين الحكم بثبوت الشاة هنا بنحو الأقوى إذ لا مجال لاحتمال ثبوت المدّ مع قصّ جميع الاظفار الاصلية التي هي عبارة عن العشرة المتسانحة وعدم حرمة قصّ الظفر الزائد المتميز فانه ـ ح ـ ليس بحرام حتى يترتب عليه الكفارة أو يؤثر في تشديدها كما لايخفى فاللازم الفتوى بذلك دون الاحتياط الوجوبى.
نعم بناء على ما اخترناه من حرمة قلم الظفر الزائد ولو كان متميزاً كما مرّ في صدر البحث عن هذا المحرّم الاحرامي ومن عدم كون العشرة المذكورة في صحيحة ابي بصير المتقدمة لها موضوعية بل الملاك هو ظهور التفريع الدال على ترتب دم الشاة على قلم جميع اظفار اليد، يمكن ان يقال بان ثبوت الشاة في هذا الفرض انّما هو بنحو الاحتياط الوجوبي لعدم تحقق قلم جميع اظفار اليد بعد عدم قص الزائد وكون قصّه

(الصفحة246)

مسألة 44 ـ لو اضطّر الى قلم اظفاره أو بعضها جاز، والأحوط الكفارة بنحو ما ذكر 1 .


داخلاً في دائرة الحرمة وأحوط من ذلك الجمع بين عشرة امداد وبين دم الشاة.
الفرض الثالث: ما لو قصّ بعض الاظفار الاصلية وبعض الزائدة ومقتضى هذا الفرض ايضاً تميز الاصليّة عن الزائدة ولا اشكال في ثبوت المدّ بالنسبة الى كل ظفر من الاظفار الاصلية وامّا بالنسبة الى الاظفار الزائدة فالحكم بثبوت الكفارة وعدمها يبتنى على القول بالحرمة وعدمه حيث ان مختار المتن العدم وان مقتضى الاحتياط الاستحبابي الاجتناب فمقتضى الاحتياط الاستحبابي ثبوت الكفارة لكل منها مد.
لكن عرفت منّا انه لا فرق بين الاصلية والزائدة وعليه فيترتب على الزائدة ايضاً الكفارة ولا أقل من الاحتياط الوجوبي كما انه لو بلغ المجموع العشرة يترتب عليه كفارة الشاة كذلك فتدبّر.
(1) لا اشكال في ارتفاع الحرمة بسبب الاضطرار العرفي كما في ساير موارد الاضطرار الرافع للحكم ويدلّ عليه وعلى ثبوت الكفارة في خصوص المقام صحيحة معاوية بن عمّار عن ابي عبدالله  (عليه السلام) قال سألته عن الرجل المحرم تطول اظفاره قال: لايقصّ شيئاً منها ان استطاع، فان كانت تؤذيه فليقصّها (فليقلّمها خ ل) وليطعم مكان كلّ ظفر قبضة من طعام(1) . وظاهرها ان الكفارة الثابتة في صورة الاضطرار قبضة من طعام ولا محيص عن الأخذ بها وتقييد صحيحة ابي بصير المتقدمة بسببها من دون فرق بين الأقل من العشرة وبين العشرة فما زاد، على ما هو مقتضى اطلاق الرواية وعليه فالظاهر ثبوت قبضة من الطعام مطلقاً لا المدّ ولا دم الشاة فلا وجه للاحتياط الوجوبي المذكور في المتن كما لايخفى.

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والسبعون، ح1.

(الصفحة247)

الثاني والعشرون: قلع الضرس ولو لم يدم على الاحوط، وفيه شاة على الأحوط 2.


(2) قلع الضرس ان كان مدمياً وموجباً لخروج الدم فالحكم فيه ما مرّ في مطلق الادماء لأنه من مصاديقه كما ذكرنا سابقاً وان لم يكن موجباً للادماء فقد وقع ثبوت الحرمة فيه محلّ خلاف فعن ابني بابويه والجنيد نفي البأس عن قلع الضرس ولم يوجبا شيئاً لكن المحكى عن النهاية والمبسوط والكافي والمهذب، ثبوت الشاة على من قلع ضرسه وظاهرها عدم الفرق بين صورة الادماء وغيرها وحكى عن الغنية ثبوت مدّ من الطعام وعن بعض طعام مسكين ولعلّ المراد واحد ولكن الجميع مشترك في الحكم بالحرمة لما عرفت من ان ثبوت الكفارة تدلّ بالدلالة التزامية على ثبوت الحرمة بلحاظ الحكم الاوّلي كما مرّ مراراً نعم حكى عن بعض ثبوت الشاة في خصوص صورة الادماء.
هذا وامّا ما ورد في المقام من الروايات فروايتان احداهما واردة في أصل الحكم والثانية في الكفارة:
امّا الاولى فحسنة الحسن الصيقل انه سأل ابا عبدالله  (عليه السلام) عن المحرم تؤذيه ضرسه أيقلعه ؟ فقال: نعم لا بأس به(1) . وقد ورد في الحسن بن زياد الصيقل بعض المدائح وحكى عن المجلسي الاوّل انه يظهر من الصدوق ان كتابه معتمد عند الاصحاب وقال في محكى المستدرك: أوضحنا وثاقته، ويجري في مفاد الرواية بالاضافة الى مورد السؤال احتمالان:
الأوّل أن يكون السؤال عن صورة الايذاء كاشفاً عن مفروغيّة عدم جواز قلع الضرس في صورة الاختيار وعدم الايذاء وانّما كان مورد شكه صورة الايذاء، ولذا سأل عنها وعليه فالجواب بقوله  (عليه السلام) «نعم لابأس به»، لايدلّ على أزيد من الحكم بالجواز

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الخامس والتسعون، ح2.

(الصفحة248)



في الصورة المذكورة وفيه التقرير بالاضافة الى ماهو المفروغ عنه عند السائل فيكون مفاد الرواية ثبوت الحرمة ومقتضى الاطلاق انه لا فرق بين صورتي الادماء وعدمها.
الثاني أن يكون السؤال عن الصورة المذكورة بلحاظ كونها مورداً لابتلائها من دون أن يكون عدم الجواز في غيرها مفروغاً عنه عند السائل وعليه فلا دلالة للرواية على الجواز في صورة الاختيار نفياً واثباتاً هذا والظاهر ان المتفاهم العرفي من الرواية هو الاحتمال الأوّل ويؤيده ما ورد في الكفارة على تقدير تماميته سنداً ودلالة.
وامّا الثانية فهي ما رواه الشيخ باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى عن عدّة من أصحابنا عن رجل من أهل خراسان انّ مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شيء، محرم قلع ضرسه فكتب  (عليه السلام) بهريق دما(1) .
والاشكال فيها من حيث السنّد بالارسال لكون الرجل الذي هو من أهل خراسان مجهولاً مضافاً الى الاضمار وان كان السيّاق يشهد بكون الكاتب هو الامام  (عليه السلام)خصوصاً لو كان السلام عليه من كلام الراوي وان كان قابلاً للدفع لانحصار دليل القائلين بكفارة الشاة بهذه الرواية وهذا القول على تقدير ثبوت الشهرة على طبقه كما ربما يقال يكفي في الانجبار إلاّ أن يقال بعدم تحقق الشهرة الفتوائية وفتوى من عرفت لاتكون بحدّ يبلغ الشهرة إلاّ أن في دلالتها أيضاً اشكال من جهة احتمال كون مورده خصوص صورة الادماء كما هو الغالب وان كان يدفعه الاطلاق خصوصاً مع ما عرفت من عدم ثبوت الكفارة في الادماء ومن جهة احتمال كون مورده خصوص صورة الجهل التي لا يكون فيها كفارة إلاّ أن يقال بمنعه غاية الأمر ثبوت الاطلاق ويقيده ما يدلّ على نفي الكفارة على الجاهل، وقد انقدح مما ذكرنا ان ما في المتن من الاحتياط الوجوبي

(1) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب التاسع عشر، ح1.

(الصفحة249)

الثالث والعشرون: قلع الشجر والحشيش النابتين في الحرم وقطعهما، ويستثنى منه موارد: الأوّل ما نبت في داره ومنزله بعدما صارت داره ومنزله فان غرسه وأنبته بنفسه جاز قلعهما وقطعهما، وان لم يغرس الشجر بنفسه فالأحوط الترك وان كان الأقوى الجواز، ولا يترك الاحتياط في الحشيش ان لم ينبته بنفسه. ولو اشترى داراً فيه شجر وحشيش فلايجوز له قطعهما. الثاني شجر الفواكه والنخيل سواء أنبته الله تعالى أو الآدمي. الثالث الأذخر وهو حشيش 1 .


في أصل الحكم وكذا في الكفارة في محلّه فتدبّر جيدا.
(1) هذا الأمر كما وقع التصريح به في بعض المسائل الآتية لايكون من محرّمات الاحرام بل يكون من أحكام الحرم ويشترك فيه المحرم والمحلّ والكلام فيه يقع في مقامين:
المقام الأول: في أصل ثبوت الحكم اجمالاً قال في الجواهر بعد نفي وجدان الخلاف فيه بل الاجماع بقسميه عليه بل في المنتهى وعن التذكرة نسبته الى علماء الأمصار.
والأصل في المسألة الروايات المستفيضة الواردة فيها مثل:
صحيحة حريز عن أبي عبدالله  (عليه السلام) قال: كل شيء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلاّ ما أنبتّه أنت وغرسته(1) . والحرمة في الرواية وان كانت متعلّقة بالشيء النابت في الحرم إلاّ أن الاستثناء قرينة على كون المراد من متعلق الحكم ما يكون مثل القلع والقطع ولا يشمل مثل مجرد النظر أو التصرفات غير المتنافية لبقاء النابت من دون حصول تغيّر فيه أصلاً مع ان بعض الروايات الآتية مُبَيِّنةٌ لذلك.
وصحيحة اُخرى لحريز عن ابي عبدالله  (عليه السلام) قال: لما قدم رسول الله  (صلى الله عليه وآله) مكّة

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السادس والثمانون، ح4.

(الصفحة250)



يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر بصور في الكعبة فطمست فأخذ بعضادتي الباب فقال لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ماذا تقولون وماذا تظنون ؟ قالوا نظنّ خيراً ونقول خيراً أخ كريم وابن أخ كريم وقد قدرت قال فانّي أقول كما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، إلاّ أنّ الله قد حرّم مكّة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرام الله الى يوم القيامة لاينفر صيدها، ولا يعضد شجرها ولا يختلى خلاها ولا تحلّ لقطتها إلاّ لمنشد فقال العبّاس: يا رسول الله إلاّ الاذخر فانّه للقبر والبيوت فقال رسول الله  (صلى الله عليه وآله) إلاّ الأذخر(1) .
والعضد في قوله  (صلى الله عليه وآله) ولا يعضد... بمعنى القطع وقد وقع الخلاف بين اللغويين في معنى الخلا بعد الاتفاق على كونه مقصوراً فعن الجوهري: الخلا مقصوراً الحشيش اليابس تقول خلّيت الخلا واختليته جززّته وقطعته. وعن القاموس: الخلا مقصوراً الرطب من النبات أو كل بقلة قلعتها. وعن النهاية لابن الاثير الخلا مقصوراً النبات الرقيق مادام رطبا. وعن مجمع البحرين: لايجتز نبتها الرقيق مادام رطباً واذا يبس سمّي حشيشا.
والمراد من انشاء اللقطة تعريفها وقد ذكر في كتاب اللقطة اِن للقطة الحرم بعض الاحكام الخاصة.
وقد مرّ في باب الطيب انّ الأذخر من النباتات البريّة التي لها رائحة طيبة ومراد العباس من قوله فانه للقبر والبيوت انه يحتاج اليه في القبور لتسدّ به فرج اللحدّ المتخلّلة

(1) أوردها بأجمعها في الكافي ولكن أورد صاحب الوسائل ذيله من قوله  (صلى الله عليه وآله) إلاّ أن... الخ في الباب 88 من أبواب التروك، ح1.

(الصفحة251)



بين اللبنّات ويحتاج اليه في سقوف البيت يجعل فوق الخشب كما ذكره العلاّمة المجلسي  (قدس سره) في الميراث.
هذا ولكن الرواية موردها مكّة ومورد الفتاوى والنصوص الاُخر هو الحرم وقد وقع التصريح في بعضها بانه بريد في بريد.
ورواية محمد بن مسلم التي رواها الصدوق باسناده عنه عن أحدهما  (عليهما السلام) قال قلت: المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم؟ قال: نعم، قلت فمن الحرم؟ قال: لا(1) . لكن تقدم مراراً ان اسناد الصدوق الى محمد بن مسلم لايكون صحيحا.
وصحيحة معاوية بن عمّار قال سألت أبا عبدالله  (عليه السلام) من شجرة أصلها في الحرم وفرعها في الحلّ فقال حرم فرعها لمكان أصلها قال: قلت: فانّ أصلها في الحلّ وفرعها في الحرم فقال: حرم أصلها لمكان فرعها(2). وهذه الرواية تدلّ على ان الحرمة المرتبطة بالشجر لاتختص بالقلع الذي معناه القطع من الأصل الواقع في الأرض وكذا لاتختص بما يشمل خصوص القطع الذي مرجعه الى حفظ الأصل وقطع الشجر وإزالة ارتباطه به بل تشمل الفروع من الأغصان بل والأوراق والثمر ايضاً كما لايخفى.
وغير ذلك من الروايات المتعددة الواردة في هذا المجال.
هذا وقد حكى عن العلاّمة في المنتهى انه لابأس بقلع اليابس من الشجر والحشيش لأنه ميّت فلم تبق له حرمة لكن عن التذكرة عدم جواز قلع اليابس وانه ان قلعه فعليه الضمان لأنه لو لم يقلع لنبت ثانياً وظاهره الفرق بين القلع والقطع ولكن الظاهر بمقتضى اطلاق الروايات انه لا فرق بين الرطب واليابس ولا فرق بين القلع والقطع بل

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الخامس والثمانون، ح2 .
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب التسعون، ح1.

(الصفحة252)



لايجوز قطع الغصن اليابس والحشيش كذلك وان فسر الخلا بالرطب في بعض الكلمات المتقدمة لكنّه لا دلالة للرواية على نفي حرمة غيره فالظاهر هو العموم.
المقام الثاني: فيما استثنى من الحكم بعدم جواز القلع والقطع وهي موارد:
المورد الأوّل: ما أنبته أو غرسه في داره أو منزله والكلام فيه يقع من جهتين:
الجهة الاُولى: في أصل ثبوت هذا الاستثناء في الجملة يستفاد من صاحب الرياض على ما مَرَّ في الجواهر الترديد فيه وان الاستثناء يبتنى على انجبار الخبرين الواردين فيه بفتوى الجماعة قال: وإلاّ يشكل هذا الاستثناء.
مع انّ الظاهر انه لا مجال للمناقشة في أصل الاستثناء بعد دلالة صحيحة حريز المتقدمة في المقام الأوّل(1) على ان ما أنبته بنفسه أو غرسه خارج عن دائرة الحرمة ولا تأمّل فيها من حيث السند ومن جهة الدلالة وعليه فالاستثناء لايبتنى على ما أفاده صاحب الرياض.
والغالب على الظنّ انّ الرياض اعتمد على نقل الوسائل الخالي عن كلمة «إلاّ» الدالة على الاستثناء مع ان الرواية في التهذيب الذي هو مصدرها مشتمل عليها وبدونها تكون العبارة غير صحيحة نعم هذه الرواية في نقل الكليني(2). لاتكون مشتملة على شيء من اداة الاستثناء وذكر المستثنى اصلاً ويمكن ان يكون هذا النقل مستند الرياض والكليني وان كان أضبط من الشيخ لكن في الدوران بين النقيصة وبين الزيادة تكون اصالة عدم الزيادة مقدمة ويؤيده ان نقل الصدوق ايضاً موافق لنقل الشيخ كما في الوسائل وكيف كان لا شبهة في أصل الاستثناء في الجملة.

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السادس والثمانون، ح4.
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السادس والثمانون، ح1.

(الصفحة253)



الجهة الثانية: في محدودة المستثنى في هذا المورد فنقول:
انّ المحقق في الشرايع جعل عنوان المستثنى قوله: إلاّ ان ينبت في ملكه، والظاهر انّ مراده استثناء ما اذا كان الشجر أو الحشيش نابتاً في الأرض التي هي ملكه وظاهره كونه مالكاً لعينها فلا يشمل المستأجر الذي لايكون مالكاً إلاّ للمنفعة وكذا الأرض المباحة أو المغصوبة بطريق أولى، واحتمال كون مراد المحقق من العبارة المذكورة جعل «ملكه» فيها مصدراً على معنى كون النبات في ملكه في مقابل المغصوب ونحوه في غاية البعد ولا مجال لحملها عليه.
وامّا المتن فقد وقع فيه التفصيل بين ما نبت في داره ومنزله بعدما صارت داره ومنزله فان غرسه وأنبته بنفسه جاز قلعهما وقطعهما وبين ما لو اشترى داراً فيه شجر وحشيش فلا يجوز له قطعهما ـ وبطريق أولى قلعهما ـ وفي الصورة الأولى فيما اذا لم يغرس الشجر بنفسه ولم ينبت الحشيش كذلك جعل مقتضى الاحتياط الاستحبابي في الاول الترك ومقتضى الاحتياط الوجوبي في الثاني الترك واللازم ملاحظة النصوص الواردة في هذا المجال فنقول:
عمدتها صحيحة حريز المتقدمة وظاهره ان عنوان المستثنى كون الانبات أو الغرس مستنداً اليه من دون فرق بين ما اذا كان بالمباشرة أو بالتسبيب وكذا من دون فرق بين ان يكون النبات أو الشجر ملكاً له أو مباحاً أو مغصوباً وكذا من دون فرق بين ما اذا كان المحلّ الذي ينبته فيه أو يغرسه ملكاً له أو مباحاً أو مغصوباً فانه في جميع هذه الموارد يصحّ الاسناد اليه حقيقة.
ومنها رواية حمّاد بن عثمان التي رواها الشيخ باسناده عن سعد بن عبدالله عن محمّد بن الحسين بن ابي الخطّاب عن محمد بن يحيى عنه قال سألت ابا عبدالله  (عليه السلام)

(الصفحة254)



عن الرجل يقلع الشجرة من مضربه أو داره في الحرم فقال ان كانت الشجرة لم تزل قبل ان يبني الدار أو يتخذ المضرب فليس له ان يقلعها، وان كانت طريّة عليه فله قلعها(1) . والرواية ضعيفة بمحمد بن يحيى لأن الظاهر ان المراد به هو محمد بن يحيى الصيرفي الذي وقع التصريح به في سند الرواية الآتية وهو مجهول وامّا من حيث الدلالة فموردها قلع الشجرة ولا تعرض فيه للحشيش ولكنها عامة من جهة عدم الاختصاص بالدار والمنزل للتصريح بالمضرب الذي معناه هو محلّ ضرب الخيمة والفسطاط كما انّها عامة من جهة جعل المناط في جواز القلع كون الشجرة طارئة على بناء الدار ـ مثلاً ـ من دون فرق بين ان يكون غرسها مستنداً اليه وبين غيره.
ومنها رواية اُخرى لحمّاد بن عثمان التي رواها الشيخ أيضاً باسناده عن سعد بن عبدالله عن محمد بن الحسين عن ايوب بن نوح عن محمد بن يحيى الصيرفي عنه عن أبي عبدالله  (عليه السلام) في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم فقال: ان بنى المنزل والشجرة فيه فليس له ان يقلعها، وان كانت نبتت في منزله وهو له فليقلعها(2). وليس فيها تعرض لغير المنزل كما ان ذيلها ظاهر في ان اضافة المنزل اليه اضافة ملكيته الظاهرة في ملكية العين كما ان المراد من قوله  (عليه السلام): وان كانت نبتت ليس هو النبات بنفسها حتى يخرج ما اذا كان انباتها مستنداً الى مالك الدار بل المراد هو لحوق نباتها على بناء الدار وطروه عليه في مقابل السبق.
هذا والعجب من صاحب الوسائل حيث جعلهما روايتين تبعاً للشيخ في التهذيب مع انه من الواضح وحدة الرواية خصوصاً بعد كون الراوي عن حمّاد في كلتيهما هو

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والثمانون، ح2 .
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والثمانون، ح3.

(الصفحة255)



محمد بن يحيى الصيرفي وأعجب من ذلك انه أورد صاحب الوسائل في نفس هذا الباب رواية ثالثة لحمّاد بن عثمان قد رواها الكليني عن الحسين بن محمّد عن معلى بن محمّد عن الحسن بن علي الوشاء عنه عن أبي عبدالله  (عليه السلام) انّ الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم قال: ان بنى المنزل والشجرة فيه فليس له ان يقعلها، وان كانت نبتت في منزله وهو له فليقعلها(1) . مع وضوح انّها ايضاً لاتكون رواية اُخرى بل هي بعينها رواية حمّاد غاية الأمر ان الكليني قد رواها باسناده عنه وسنده ايضاً ضعيف.
نعم هنا رواية موثقة لاسحاق بن يزيد انه سأل أبا جعفر  (عليه السلام) عن الرجل يدخل مكّة فيقطع من شجرها، قال: اقطع ما كان داخلاً عليك ولا تقطع ما لم يدخل منزلك عليك(2).وقد رواها الصدوق باسناده عنه وفي سنده علي بن الحسين السعد آبادي وهو موثق بالتوثيق العام لوروده في اسناد كتاب كامل الزيارات وهو حجّة مالم يعارضه قدح خاص والفقرة الاولى وان كانت خالية عن ذكر المنزل إلاّ ان التعرض له في الذيل قرينة على كون المراد من الصدر أيضاً ذلك وان كان يحتمل ان يكون ذكر المنزل باعتبار كونه ملكاً له نوعاً من دون ان يكون له خصوصية.
وكيف كان فهذه الروايات الأخيرة واردة في الشجرة وليس في شيء منها التعرض للحشيش بخلاف صحيحة حريز الواردة في مورد كل ما ينبت في الحرم الشامل لكليهما والظاهر ان منشأ التفصيل المذكور في المتن بينهما هي هذه الجهة مع ان الظاهر عدم خصوصية بنظر العرف للشجرة المذكورة في هذه الروايات وشمول حكمها للحشيش ايضاً وعليه فلا مجال للاحتياط الوجوبي بالاضافة اليه.

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والثمانون، ح8.
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والثمانون، ح6.

(الصفحة256)



وامّا العنوان المستثنى فالظاهر انّ مقتضى الجمع بين صحيحة حريز وبين سائر الروايات الواردة في هذا المقام التي لايبعد دعوى انجبارها باستناد المشهور اليها ولذا نفى صاحب الجواهر  (قدس سره) وجدان خلاف محقق بالاضافة الى الدار أو المنزل ويبعد كون مستندهم خصوص الموثقة بعد عدم ذكر «المنزل» في الفقرة الاولى خصوصاً بعدما عرفت من الاحتمال المتقدم في ذكر المنزل في الفقرة الثانية ودعوى ان ذكر عنوان «المنزل» في غير الموثقة من سائر الروايات قد وقع في مورد السؤال وهو لايدلّ على ثبوت مدخليّة له، مدفوعة بان التعرض في كلام السائل وان كان لا دلالة له على ذلك إلاّ أن توصيف المنزل في بعضها بقوله  (عليه السلام): وهو يدلّ على ثبوت خصوصية من هذه الجهة.
وكيف كان فالظاهر ان مقتضى الجمع هو الالتزام بان العنوان المستثنى هو أحد أمرين على سبيل منع الخلّو امّا ان يكون انبات الشجر أو الحشيش مستنداً اليه ومضافاً بنفسه لا في مقابل التسبيب بل في مقابل ما اذا أنبته الغير أو نبت بنفسه من دون فرق بين ان يكون في ملكه فضلاً عن منزله وداره وبين ان يكون في ملك الغير أو في أرض مباحة، وامّا ان يكون الشجر والحشيش نابتاً في ملكه بعدما صار ملكه من دون فرق بين المنزل والدار وبين مثل المزرعة سواء كان نباتهما بانباته أو بنفسهما كما لايخفى.
المورد الثاني: شجر الفواكه والنخيل سواء أنبته الله أو الآدمي وقد نفى وجدان الخلاف فيه في الجواهر ثم قال: بل نسبه غير واحد الى قطع الأصحاب كما عن ظاهر المنتهى الاتفاق عليه.
والأصل في ذلك روايتان:
أحداهما مارواه الشيخ بسند فيه الطاطري ـ الذي هو واقفي ولكنّه ثقة كما ذكرنا

(الصفحة257)



سابقاً عن سليمان بن خالد، والصدوق بسند صحيح عنه عن أبي عبدالله  (عليه السلام) في حديث قال: لاينزع من شجر مكّة شيء إلاّ النخل وشجر الفاكهة(1) .
ثانيتهما مرسلة عبدالكريم عمّن ذكره عن أبي عبدالله  (عليه السلام) قال: لاينزع من شجر مكّة إلاّ النخل وشجر الفاكهة(2). وقد استدلوا بهاتين الروايتين على جواز قلع شجرة النخل والفاكهة فضلاً عن القطع وعن قطع بعض أغصانه وأوراقه وفاكهته وقد صرّح المحقق بجواز القلع مع انه من المستبعد جدّاً أن يكون اشتمال الشجرتين على الفاكهة والنخل موجباً لجواز قلعهما في مقابل الشجرة التي لايترتب عليها أثر إلاّ مجرد الخضروية والاشتمال على الظلّ الموجودين في شجرة الفاكهة مع اضافة الفاكهة ويغلب على الظن بمقتضى التأمّل في الروايتين المشتملتين على ذكر عنوان «النزع» مع ضمّ كلمة «من» ان المراد جواز النزع من الشجرتين الراجع الى جواز نزع ثمرتهما لكونهما موضوعتين لذلك ولازمه جواز نزع الأغصان الزائدة المانعة عن الاثمار أو كماله وبالجملة لا دلالة في شيء من الروايتين على جواز قلع الشجرة المثمرة أو قطعها على ما هو ظاهر المتن تبعاً للمشهور والاحكام المرتبطة بمسائل الحرم والمناسك وان كانت تعبدية محضة إلاّ ان الالتزام بها انّما هو في صورة قيام الدليل عليها ومع عدمه لا مجال للزوم التعبّد بها بوجه.
المورد الثالث الأذخر الذي هو نبات بريّ له رائحة طيبة ويدلّ على استثنائه صحيحة حريز المفصلّة المتقدمة في أوّل هذا الأمر(3). الدالة على انّ العبّاس عمّ

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والثمانون، ح1.
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والثمانون، ح9.
(3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثامن والثمانون، ح1.

(الصفحة258)

مسألة 45 ـ لو قطع الشجرة التي لايجوز قطعها فان كانت كبيرة فعليه بقرة، وان كانت صغيرة فعليه شاة على الأحوط 1 .

مسألة 46 ـ لو قطع بعض الشجر فالأقوى لزوم الكفارة بقيمته وليس في الحشيش كفارة إلاّ الاستغفار 2.


النبي  (صلى الله عليه وآله) قد طلب منه استثناء الأذخر منه  (صلى الله عليه وآله) يوم فتح مكة بعد قوله  (صلى الله عليه وآله) ولا يعضد شجرها ولا يختلى خلاها مستنداً الى انه للقبر والبيوت فقبل منه النبي  (صلى الله عليه وآله)واستثنى الأذخر.
ورواية زرارة قال سمعت أبا جعفر  (عليه السلام) يقول حرّم الله حرمه بريداً في بريد ان يختلي خلاه أو يعضد شجره إلاّ الأذخر أو يصاد طيره. الحديث(1)
(1) و (2) المشهور كما حكى عن غير واحد بل عن الخلاف الاجماع عليه ان قلع شجرة الحرم ان كانت كبيرة فيه بقرة ولو كان القالع محلاًّ وفي الصغيرة شاة وفي أبعاضها القيمة.
لكن عن ابن ادريس انه لا كفارة في هذا المورد مطلقاً، وعن القاضي ثبوت البقرة مطلقاً، وعن ابن الجنيد الاسكافي ثبوت القيمة مطلقاً واختاره العلاّمة في محكّى المختلف ومن المعاصرين بعض الاعلام  (قدس سرهم) وعن الحلبيين في قطع الأبعاض ما يتيسر من الصدقة.
والروايات الواردة في هذا المقام لا تتجاوز عن ثلاث:
احديها ما أورده الصدوق باسناده عن منصور بن حازم انه سأل أبا عبدالله  (عليه السلام) عن الاراك يكون في الحرم فأقطعه ؟ قال عليك فدائه(2). والاستدلال بها للمشهور مبني على

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والثمانون، ح4.
(2) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثامن عشر، ح1.

(الصفحة259)



كون المراد من الاراك هي الشجرة الصغيرة لأنه هي الشجرة التي يؤخذ منها السواك وهي صغيرة. ومن الفداء هو الشاة.
لكنه قد استشكل في الروايه من جهة السند والدلالة معاً امّا من جهة السنّد فلأنّ في طريق الصدوق الى منصور بن حازم محمد بن علي ماجيلويه وقد وثّقه العلاّمة في الخلاصة ولا عبرة بتوثيقه فيها ومجرّد الشيخوخة لايوجب الوثاقة.
وامّا من جهة الدلالة فلأنه لا دليل على كون المراد بالفداء هي الشاة بل الظاهر من الفداء هو البدل كما هو الشايع في الاستعمالات الواردة في الآيات والروايات ومرجعه الى المثل في المثليات والقيمة في القيميات فالمراد من الفداء في الرواية هو ثمن الشجر وقيمته.
والجواب عن الأوّل مضافاً الى ان ضعف السند غير قادح في مثل المقام مما كانت الرواية الضعيفة مورداً لاستناد المشهور اليها والى ما ذكره المستشكل في ذيل كلامه من انه قد يكون للصدوق طريقان الى كتب الاصحاب والرواة ومع ذلك لايذكر في مشيخة الفقيه إلاّ الطريق الذي يكون ضعيفاً ولا يذكر الطريق الآخر لكن الشيخ  (قدس سره) في الفهرست أو في مشيخة التهذيب يتعرض لذلك الطريق الذي لايكون ضعيفاً والمقام من هذا القبيل.
انّ عدم العبرة بتوثيق العلاّمة في الخلاصة لا وجه له بعد وضوح ثبوت المستند له في التوثيق ولا يكون مجرّد الفصل الزماني الكثير بينه وبين الرواة مانعاً عن اعتبار توثيقه ضرورة ان هذا الفصل موجود في النجاشي والكشي بالاضافة الى أصحاب الباقر أو الصادق  (عليهما السلام).
وعن الثاني ان الفداء وان كانت لغة بالمعنى المذكور إلاّ ان الظاهر كون المراد بها

(الصفحة260)



في باب كفارات الحج هي الشاة دون البدل يعني المثل أو القيمة ويؤيده مضافاً الى فهم المشهور منه ذلك مع كون أكثرهم من أجلّة علماء الأدبيّة والمطلّعين على اللغة العربية انه لو كان المراد منه القيمة لما كان وجه للعدول عن التعبير عنها به خصوصاً مع ملاحظة التصريح بالثمن في الرواية الآتية الواردة في قطع الابعاض والظاهر ان كلمة الفداء في باب كفارات الحج انما هي كاطلاق كلمة «الدم» المنصرف الى خصوص دم الشاة كما مرّ مراراً وعليه فالاستناد الى الرواية لما ذهب اليه المشهور بالاضافة الى الشجرة الصغيرة تامّ لا مناقشة فيه.
ثانيتهما رواية سليمان بن خالد التي قد عرفت انّها موثقة على نقل الشيخ وصحيحة على نقل الصدوق عن ابي عبدالله  (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يقطع من الاراك بمكّة قال عليه ثمنه يتصدّق به ولا ينزع من شجر مكّة شيئاً إلاّ النخل وشجر الفواكه(1) . وظاهرها ثبوت الثمن على بعض الشجر المقطوع من الاراك من أغصانه وفروعه لظهور الفرق بين قطع الاراك الظاهر في قطع الجميع كما هو مورد السؤال في الروايه المتقدمة حيث وقع التعبير فيه بقوله: فاقطعه وبين القطع من الاراك كما هو مورد السؤال في هذه الرواية فان ظاهره قطع بعضه من أغصانه وفروعه وعليه فدلالة الرواية على ثبوت كفارة القيمة في قطع ابعاض الشجرة ظاهرة ودعوى انّها تدلّ بالأولوية على ثبوت الكفارة في القلع يدفعها انه ان كان المراد الأولوية بالنسبة الى أصل الكفارة فهو واضح ولكنه لايستلزم كون الكفارة الثابتة فيه هو الثمن والقيمة ايضاً ومن الممكن ان تكون كفارته الشاة كما في الرواية السابقة وان كان المراد الاولوية بالنسبة الى خصوص كفارة الثمن فهو ممنوع جدّاً وكيف كان فدلالة الرواية على بعض مدّعي المشهور لا مجال للارتياب فيها

(1) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثامن عشر، ح2.

<<التالي الفهرس السابق>>