في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة221)



لا الوجوب وقد مرّ ان الظاهر منه مع قطع النظر عن التحديد الواقع بعده هو جواز الارخاء بنحو يشمل جميع الوجه لكنه بعد سؤال رجل عن حدّ الارخاء أجاب بقوله: تغطي عينها والظاهر ان المراد من هذه العبارة هو التحديد بما وقع في صحيحة العيص المتقدمة التعبير عنه بقدر ما تبصر فانه مع تغطية العين لاتتمكن من السير والحركة فالمراد هو التغطية الى حدّ العين.
وامّا قوله: نعم في مقام الجواب عن السؤال عن بلوغ الفم فلابد اوّلاً من ملاحظة انه كيف يجتمع مع التحديد الاوّل فان جعل الحدّ هو العين لايجتمع مع تجويز البلوغ الى الفم وثانياً من ملاحظة انه كيف يجتمع التحديد مع اطلاق الحكم بارخاء الثوب ولا محيص من ان يقال ان المراد مجرّد تجويز الارخاء المضاف الى الثوب سواء بلغ الى حدّ العين أو الى حدّ الفم وبقرينة ساير الروايات يستفاد الجواز الى حدّ الذقن بل الى حدّ النحر.
وعليه فهذه الصحيحة شاهدة على انه لا تنافي بين الحدين ولا تعارض بين الأمرين فما عرفت في كلام بعض الاعلام  (قدس سرهم) من انه لو كانت هذه التحديدات واقعة في كلام واحد لكانت من المتنافيات، يدفعه هذه الصحيحة المشتملة على الجمع بين التحديدين فاللازم ان يقال بعدم ثبوت التنافي بوجه بل مرجعه الى جواز الجميع ومشروعية الاسدال بكل حدّ غاية الأمر انه حيث يكون موردها ما اذا كانت المحرمة في معرض نظر الأجنبي وقد وقع التصريح بهذا القيد في روايتي سماعة ومعاوية المتقدمتين فلابد من الاقتصار على هذا المورد والحكم بالجواز في هذه الصورة بالاضافة الى جميع الحدود المذكورة في الروايات وامّا في غير هذه الصورة فالحكم فيه ما تقدم في مسألة تغطية الوجه.

(الصفحة222)

مسألة 36 ـ لا كفارة على تغطية الوجه، ولا على عدم الفصل بين الثوب والوجه وان كانت أحوط في الصورتين 1 .

التاسع عشر: التظليل... 2 .


والظاهر ان قوله  (قدس سره) في المتن: للستر عن الأجنبي راجع الى أصل الحكم بجواز الاسدال بناء منه على حرمة تغطية بعض الوجه ايضاً وامّا بناء على ما اخترناه فلا يتوقف جواز الاسدال الى الأنف على ان يكون الغرض هو الستر عن الأجنبي بل يجوز مطلقاً كما ان الاحتياط المستحبي المذكور فيه انّما هو للخروج عن خلاف من اعتبر عدم الالصاق بالوجه مثل الشيخ  (قدس سرهم) على ما عرفت.
(1) وجه عدم ثبوت الكفارة عدم الدليل على ثبوتها بنحو الخصوص وامّا الدليل العام فهي رواية علي بن جعفر  (عليه السلام) التي تقدم البحث فيها مراراً وقلنا انها ضعيفة سنداً بعبدالله بن الحسن الذي هو حفيد علي بن جعفر  (عليه السلام) ودلالة لعدم ثبوت نسخة «جرحت» بل المحكى في الوسائل «خرجت» مضافاً الى عدم ملائمة كلمة الجرح لمثل هذه المقامات.
وامّا الاحتياط المستحبي فمنشأه ما ذكره الشيخ  (قدس سره) عقيب الفتوى بلزوم الفصل في مسألة الاسدال بين الثوب والوجه من وجوب الدم مع تعمّد المباشرة واستظهر منه صاحب الجواهر ثبوت الكفارة المذكورة حتى اذا زال أو ازاله بسرعة فاذا كانت الكفارة في هذه الصورة ثابتة ففي التنقب ومثله بطريق أولى لكنك عرفت ان الاسدال جائز ولو كان مصيباً للوجه وملصقاً به وفي التغطية المحرمة لم ينهض دليل على ثبوت الكفارة بوجه.
(2) قد قدّمنا البحث عن التظليل مفصّلاً في أوّل محرّمات الاحرام لأجل شدّة الابتلاء به خصوصاً في هذه الأزمنة فلا مجال للإعادة.

(الصفحة223)

العشرون: اخراج الدم من بدنه ولو بنحو الخدش أو السواك، وامّا اخراجه من بدن غيره كقلع ضرسه أو حجامته فلا بأس به كما لابأس باخراجه من بدنه عند الحاجة والضرورة، ولا كفارة في الادماء ولو لغير ضرورة 1 .


(1) قال المحقق في الشرايع في عداد محرّمات الاحرام: «واخراج الدّم إلاّ عند الضرورة وقيل يكره وكذا قيل في حكّ الجسد المفضى الى ادمائه وكذا السّواك والكراهة أظهر» وحكى في الجواهر حرمة اخراج الدم عن المقنعة وجمل العلم والعمل والنهاية والمبسوط والاستبصار والتهذيب والاقتصاد والكافي والغنية والمراسم والسرائر والمهذب والجامع مع اضافة قوله: على ما حكى عن بعضها وعليه فالشهرة انّما هي على الحرمة والمراد من القائل بالكراهة الذي اشار اليه المحقق في عبارته المتقدمة هو الشيخ في الخلاف لكن مورده الاحتجام وعن المصباح ومختصره كراهيته والفصد والكلام في هذا الأمر يقع في مقامين:
المقام الاوّل: في عنوان الادماء واخراج الدم من نفسه بنحو الاطلاق فنقول الدليل على حرمته عدّة روايات:
منها صحيحة معاوية بن عمّار قال سألت ابا عبدالله  (عليه السلام) عن المحرم كيف يحكّ رأسه ؟ قال باظافيره مالم يدم أو يقطع الشعر(1) . فان المتفاهم العرفي منها انّ حكّ الرأس بالاظافير اذا اتّصف بالادماء وتعقبه خروج الدم يكون محرّماً من جهة الادماء واخراج الدم لا من جهة كون حكّ الرأس متعقّباً بخروج الدم، كما ان الأمر كذلك بالاضافة الى قطع الشعر الذي عرفت انه من الاُمور المحرّمة على المحرم ولا فرق بين ان يكون موجبه حكّ الرأس أو شيئاً آخر غيره، فهذه الرواية تامة من حيث السند والدلالة.

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح1.

(الصفحة224)



ومنها رواية عمر بن يزيد عن ابي عبدالله  (عليه السلام) قال لابأس بحكّ الرأس واللحية مالم يلق الشعر وبحكّ الجسد مالم يدمه(1) .
ومنها صحيحة الحلبي قال سألت ابا عبدالله  (عليه السلام) عن المحرم يستاك قال: نعم ولا يدمى(2).
المقام الثاني: في العناوين الخاصة الواقعة في الروايات وهي متعددة:
الاوّل الاحتجام وقد وردت فيه طائفتان من الاخبار:
الطائفة الاولى : ما ظاهره المنع وعدم الجواز مثل:
صحيحة الحلبي قال سألت ابا عبدالله  (عليه السلام) عن المحرم يحتجم ؟ قال: لا، إلاّ أن لايجد بدّاً فليحتجم ولا يحلق مكان المحاجم(3).
ورواية زرارة عن ابي جعفر  (عليه السلام) قال لايحتجم المحرم إلاّ ان يخاف على نفسه ان لايستطيع الصلاة(4).
والرّاوي عن زرارة هو مثنى بن عبدالسّلام الذي هو من رجال صفوان بن يحيى وقد اشتهر ان روايته وكذا رواية ابن ابي عمير وابن ابي نصر البزنطي عن شخص دليل على وثاقته وان كان مجهول الحال بنفسه لكن فيه كلام كما قرّر في محلّه.
ورواية الحسن الصيقل عن ابي عبدالله  (عليه السلام) عن المحرم يحتجم ؟ قال: لا، إلاّ ان يخاف التلف ولا يستطيع الصلاة وقال: اذا آذاه الدم فلا بأس به ويحتجم ولا يحلق

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح2.
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح3.
(3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح1.
(4) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح2.

(الصفحة225)



الشعر(1) . والمراد هو الشعر الموجود في مكان الحجامة.
ورواية ذريح انه سأل ابا عبدالله  (عليه السلام) عن المحرم يحتجم فقال نعم اذا خشي الدم(2).وظاهرها عدم الجواز مع عدم خشية الدم التي يعبر عنها في الفارسية به «فشار خون».
الطائفة الثانية: ما يدلّ بظاهره على الجواز مثل:
صحيحة حريز عن ابي عبدالله  (عليه السلام) قال لا بأس ان يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر(3).
ومرسلة الصدوق المعتبرة ـ على ما نبهنا عليها مراراً ـ قال: احتجم الحسن «الحسين خ ل» بن علي  (عليهما السلام) وهو محرم(4).
ورواية يونس بن يعقوب قال: سألت ابا عبدالله  (عليه السلام) عن المحرم يحتجم ؟ قال: لا احبّه(5). بناء على ظهور قوله: لا احبّه في الكراهة الملائمة للجواز وامّا بناء على ظهوره في الحرمة فالرواية تكون من روايات الطائفة الاولى.
ورواية فضل بن شاذان قال سمعت الرضا  (عليه السلام) يحدّث عن أبيه عن آبائه عن علي  (عليه السلام) انّ رسول الله  (صلى الله عليه وآله) احتجم وهو صائم محرم(6).
ورواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر  (عليهما السلام) قال سألته عن المحرم هل

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح3.
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح8 .
(3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح5.
(4) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح7.
(5) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح4.
(6) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح10.

(الصفحة226)



يصلح له ان يحتجم ؟ قال: نعم ولكن لايحلق مكان المحاجم ولا يجزّه(1) .
والجمع بين الطائفتين بحيث يخرجهما عن المتعارضين انّما هو بحمل الطائفة الثانية على صورة الضرورة وقد وقع التصريح بالجواز في هذه الصورة في جملة من روايات الطائفة الاولى وبعبارة اُخرى الطائفة الثانية تدلّ على الجواز بنحو الاطلاق وان كان في مرسلة الصدوق لا مجال للاطلاق ايضاً لانّها حكاية فعل الامام  (عليه السلام) والفعل لا اطلاق له نعم لو كان الحاكي له هو امام آخر وكان غرضه من الحكاية بيان الحكم وافادته من هذا الطريق كما في رواية فضل بن شاذان يمكن التمسك باطلاقه وبالجملة الطائفة المجوزة مطلقة والطائفة المانعة مفصلة بين صورتي الضرورة وعدمها والجمع يقتضي حمل الاولى على صورة الضرورة ولا حاجة معه الى وجود الشهرة على طبق الطائفة المفصلة لأن الجمع الدلالي يوجب الخروج عن دائرة التعارض والشهرة مرجّحة في باب المتعارضين فلا مجال لما في الجواهر من ان الشهرة ترجح الجمع بين النصوص بالتقييد بالضرورة، ثم ان حمل صحيحة حريز الظاهرة في الجواز المقيدة بصورة الضرورة عليها لاينافي التقييد بعدم الحلق وقطع الشعر نظراً الى انّه لو كانت الضرورة موجودة لكان مقتضاها جواز الحلق والقطع ايضا.
وجه عدم المنافاة ان الضرورة في أصل الاحتجام لا تستلزم الضرورة بالاضافة الى الحلق والقطع ولأجله وقع الجمع بين الأمرين في صحيحة الحلبي المتقدمة حيث انه بعد الحكم بجواز الاحتجام فيما لا يجد بدّاً نهى فيها عن حلق مكان المحاجم.
العنوان الثاني: الاستياك والفرق بينه وبين الاحتجام ملازمة الثاني للادماء وامكان عدم الادماء في الاوّل وقد وقع فيه ايضاً طائفتان من الاخبار:

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والستون، ح11.

(الصفحة227)



الطائفة الاولى: ما ظاهره المنع في صورة الادماء مثل:
صحيحة الحلبي قال سألت ابا عبدالله  (عليه السلام) عن المحرم يستاك ؟ قال: نعم ولا يدمي(1) .
الطائفة الثانية: ما ظاهره الجواز في الصورة المذكورة مثل:
صحيحة علي بن جعفر ـ في كتابه ـ عن أخيه موسى   (عليه السلام) قال: سألته عن المحرم هل يصلح له ان يستاك ؟ قال: لا بأس ولا ينبغي ان يدمى فيه(2). بناء على كون قوله: لاينبغي، ظاهراً في الكراهة المقابلة للحرمة وامّا لو كان المراد به الحرمة فيما لم يقم دليل على خلافها فهذه الرواية تصير من جملة الطائفة الاولى كما انه لو قيل بان المراد به هو الأعم من الكراهة والحرمة لكانت صحيحة الحلبي قرينة على ان المراد بها خصوص الحرمة كما انه على القول الاوّل تصير هذه الرواية قرينة على ان المراد بقوله: ولا يدمي في الصحيحة المزبورة هي الكراهة.
وصحيحة معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبدالله  (عليه السلام) في المحرم يستاك؟ قال: نعم، قلت: فان أدمى يستاك؟ قال: نعم هو من السنّة(3). وفي الوسائل ان الكليني  (قدس سره) بعد نقل الرواية بهذه الكيفية عن معاوية بن عمار، قال: قال الكلينى : وروى ايضاً لايستدمي.
واحتمل ان يكون: روى بصيغة المعلوم فيكون ضمير الفاعل راجعاً الى معاوية بن عمّار وعليه فمقتضاه كون الرواية مسندة بنفس السند المذكور قبله واللازم ـ ح ـ ان

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح3.
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح5.
(3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثاني والتسعون، ح1.

(الصفحة228)



يقال بان موضع «لايستدمي» مكان الجواب عن السؤال الثاني وهو قوله: نعم هو من السنّة فتدلّ الرواية على عدم جواز الاستدماء والظاهر انه لا فرق بينها وبين الادماء المذكورة في السؤال.
ولكن الظاهر ان هذا الاحتمال في غاية الضعف وذلك لأنّه عليه كان اللازم التصريح بكون معاوية روى ذلك بهذا السند كما انه كان اللازم بيان محلّ قوله: لايستدمي بل الرواية مرسلة على نقل الكليني والظاهر ان مراده هي صحيحة الحلبي المتقدمة غاية الأمر ان الشيخ رواها مسندة والكليني مرسلة.
وكيف كان فالمعارضة متحققة بين الطائفتين ولا سبيل الى الجمع الدلالي المخرج لهما عن عنوان المتعارضين وحيث ان الاولى موافقة للشهرة الفتوائية حيث ان جملة من الاصحاب وان اقتصروا على ذكر بعض العناوين كالاحتجام وحكّ الجسد والاستياك ونحوها إلاّ ان المشهور على ما عرفت في أوّل البحث حكموا بحرمة مطلق الادماء من أي طريق تحقق، وعبارة الشرايع المتقدمة التي استظهر فيها الكراهة تحتمل ان تكون راجعة الى العنوانين لا الى عنوان الادماء على سبيل الاطلاق كما فسرها بذلك ابتداء صاحب الجواهر وهو الظاهر وان احتمل في ذيل كلامه رجوعها الى المطلق فاللازم الأخذ بالطائفة الناهية والحكم بحرمة الاستياك مع الادماء.
العنوان الثالث: حكّ الجسد المؤدّي الى ادمائه وقد اقتصر عليه في محكى الاقتصاد والكافى.
ويدلّ على حرمته صحيحة معاوية بن عمّار قال سألت ابا عبدالله  (عليه السلام) عن المحرم كيف يحكّ رأسه؟ قال: باظافيره مالم يدم أو يقطع الشعر(1) .

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح1.

(الصفحة229)



ورواية عمر بن يزيد التي في سندها ابنه محمد وهو لم يوثق عن ابي عبدالله  (عليه السلام)قال: لابأس بحكّ الرأس واللحية مالم يلق الشعر وبحكّ الجسد مالم يدمه(1) .
ولا ينافيهما رواية زرارة قال سألت ابا عبدالله  (عليه السلام) هل يحكّ المحرم رأسه ويغتسل بالماء؟ قال: يحك رأسه مالم يتعمّد قتل دابة الحديث(2). بعد كون اطلاقها محمولاً على صورة عدم الادماء خصوصاً مع كون الغالب عدم ايجاب حكّ الرأس لادمائه كما لا يخفى.
العنوان الرابع: عصر الدّمل وقد وردت فيه صحيحة معاوية بن عمّار انه سأل ابا عبدالله  (عليه السلام) عن المحرم يعصر الدّمل ويربط عليه الخرقة فقال: لا بأس(3). ومقتضى اطلاق السؤال وترك الاستفصال وان كان هو عدم الفرق بين صورة خروج الدم وصورة عدمه خصوصاً مع كون عصر الدمل يتعقبه خروج الدم ايضاً غالباً إلاّ ان الرواية محمولة على صورة الضرورة للتأذي ببقاء الدّمل على حاله وعدم عصره بقرينة ما تقدم من الروايات.
العنوان الخامس: الجرب وقد وردت فيه موثقة عمّار بن موسى عن ابي عبدالله  (عليه السلام)قال سألته عن المحرم يكون به الجرب فيؤذيه قال: يحكّه فان سال الدم فلا بأس(4).
وامّا قلع الضرس فهو من محرمات الاحرام وقد وقع البحث فيه مستقلاً وسيأتي انشاء الله تعالى.

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح2.
(2) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الثالث والسبعون، ح4.
(3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السبعون، ح1.
(4) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب الواحد والسبعون، ح3.

(الصفحة230)

الواحد والعشرون: قلم الاظفار و قصّها ـ كلاًّ أو بعضاً ـ من اليد أو الرجل من غير فرق بين آلاته كالمقراضين والمدية ونحوهما، والأحوط عدم ازالته ولو بالضرس ونحوه، بل الأحوط عدم قصّ الظفر من اليد الزائدة أو الاصبع الزائد وان لايبعد الجواز لو علم انّهما زائدان 1 .


ثم انه لم ينهض دليل على ثبوت الكفارة في الادماء وان حكى عن الدروس ان فدية اخراج الدم شاة وحكاه عن بعض اصحاب المناسك وعن الحلبي في حكّ الجسم حتى يدمي مدّ طعام مسكين لكن لم يعرف الدليل المعتبر على شيء منهما.
(1) الظاهر انه لا اشكال ولا خلاف في اصل الحكم وفي الجواهر بعد نفي وجدان الخلاف فيه بل ثبوت الاجماع بقسميه عليه قال: بلى في المنتهى والتذكرة نسبته الى علماء الامصار.
والأصل في المسألة النصوص المتعددة الواردة فيها وهي على طائفتين:
الطائفة الاولى: ما تدلّ لعى حرمة القصّ أو وجوب الابقاء بالمطابقة مثل:
صحيحة معاوية بن عمّار التي رواها الشيخ  (قدس سره) عن ابي عبدالله  (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل المحرم تطول اظفاره قال: لايقصّ شيئاً منها ان استطاع، فان كانت تؤذيه فليقصّها «فليقلمها خ ل» وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام(1) .
قال في الوسائل بعد نقل الرواية: ورواه الصدوق في المقنع مرسلا.
ولكنه رواه في باب آخر عن الصدوق مسنداً بسند صحيح مع اضافة قوله في السؤال: أو ينكسر بعضها فيؤذيه(2).
ودلالتها على حرمة القصّ بالمعنى الأعم الشامل لمطلق الإزالة والقطع ظاهرة

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والسبعون، ح1.
(2) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثاني عشر، ح4.

(الصفحة231)



خصوصاً لو فرض كون التعبير في صورة الايذاء بالقلم كما في بعض النسخ كما ان دلالتها على حرمة قصّ شيء من الاظفار ايضاً كذلك وعليه فتدلّ على حرمة قصّ ظفر أصبع واحد بل بعضه والاستطاعة المأخوذة في لسان الدليل يكون المراد هي الاستطاعة العرفية كسائر العناوين المأخوذة في الادلّة والظاهر انّ مقابلتها مع الأذية تقتضي ان لايكون المراد بالأذية مطلقها الشامل لما اذا كانت قابلة للتحمل عادة ولا تكون موجبة للعسر والجرح بل خصوص الأذية غير القابلة لذلك الواقعة في مقابل الاستطاعة العرفية وكيف كان فلا شبهة في دلالة الرواية على الحرمة بالمطابقة.
وموثقة اسحاق بن عمّار عن ابي الحسن  (عليه السلام) قال سألته عن رجل أحرم فنسي ان يقلّم اظفاره، قال: فقال يدعها قال قلت انّها طوال قال وان كانت قلت فان رجلاً أفتاه أن يقلّمها ويغتسل ويعيد احرامه ففعل قال: عليه دم(1) .ورواه صاحب الوسائل في موضع آخر(2) وقد توهم لأجله انّهما روايتان مع وضوح انّهما رواية واحدة خصوصاً مع عدم الاختلاف بينهما في العبارة إلاّ يسيراً كتوصيف الرجل المفتى بكونه من أصحابنا ومثل ذلك.
وظاهر ان مرجع الضمير وان كان هو المحرم الذي قلّم اظفاره استناداً الى فتوى الرجل الذي هو من اصحابنا إلاّ ان الظاهر كون المراد منه هو الرجل المفتى لوجهين:
الاوّل دلالة الروايات المتعددة على نفي ثبوت الكفارة في المقام بالاضافة الى الناسي والساهي والجاهل وسيأتي التعرض لبعضها ومن المعلوم كون المحرم في مورد الرواية جاهلاً واستند في عمله الى فتوى المفتى.

(1) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والسبعون، ح2.
(2) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثالث عشر، ح2.

(الصفحة232)



الثاني التصريح بذلك في رواية اسحاق الصيرفي قال: قلت لأبي ابراهيم  (عليه السلام) انّ رجلاً أحرم فقلّم اظفاره وكانت له اصبع عليلة فترك ظفرها لم يقصّه فأفتاه رجل بعدما أحرم فقصّه فأدماه فقال على الذي أفتى شاة(1) . والظاهر عدم مدخلية الادماء في ثبوت الكفارة على المفتي خصوصاً بعد عدم تجاوز الفتوى عن حدّ القصّ وان حكى عن المشهور الفتوى بذلك مقيَّداً بالادماء نظراً الى هذه الرواية.
الطائفة الثانية: ما تدلّ على الحرمة بالدلالة الالتزامية لدلالتها على ثبوت الكفارة مثل:
صحيحة زرارة عن ابي جعفر  (عليه السلام) قال: من قلّم اظافيره ناسياً أو ساهياً أو جاهلاً فلا شيء عليه ومن فعله متعمّداً فعليه دم(2). وسيأتي البحث انشاء الله تعالى في مسألة الكفارة ان الجمع المضاف الواقع فيها هل يكون المراد به خصوص الجميع أو الأعم منه ومن البعض ثم انه لا فرق في هذا المحرّم بين الرجل والمرأة وان وقع التعبير بالاوّل في جملة من الروايات لكن الظاهر انه لا خصوصية له خصوصاً بعد التعبير بـ «من» في صحيحة زرارة كما انه لا فرق بمقتضى الاطلاق بين اليد والرجل والظاهر انه لا فرق بين آلات القطع لدلالة بعض الروايات على وجوب الابقاء المنافي للقلع ولو بالضرس ونحوه وعليه فالظاهر عدم الجواز بمثله ايضا.
واما اليد الزائدة والأصبع الزائد فظاهر المتن التفصيل بين ما اذا كان الزائد منهما مشخّصاً معلوماً فنفى البعد عن الجواز فيه، وبين ما اذا لم يكن مشخّصاً فاحتاط وجوباً عدم القصّ والقلم.

(1) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثالث عشر، ح1.
(2) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب العاشر، ح5.

(الصفحة233)

مسألة 41 ـ الكفارة في كل ظفر من اليد أو الرجّل مدّ من الطّعام مالم يبلغ في كل منهما العشرة فلو قصّ تسعة أظفار من كل منهما فعليه لكل واحد مد 1 .


والظاهر انه لا فرق بين الصورتين في عدم الجواز فان كون اليد زائدة أو الأصبع كذلك لاينافي اضافة الظفر الى الرجل المحرم غاية الأمر انّه انسان له خصوصية كذا ولا يكون الزائد خارجاً عن الجزئية له والاضافة اليه ولذا يجب غسلهما خصوصاً في باب الغسل الذي يعتبر فيه غسل جميع البدن، ودعوى انصراف الادلة المانعة عن ظفر الأصبع الزائد أو اليد الزائدة ممنوعة جدّاً خصوصاً لو قلنا بان الجمع المضاف الى الضمير في مثل قوله: اظافيره ظاهر في جميع الاظافير وهذا هو الذي قواه الفخر وتبعه الشهيد وان احتمل صاحب الجواهر خلافه.
(1) المشهور انّ ثبوت الكفارة بالاضافة الى كل ظفر مالم يبلغ العشرة بالاضافة الى كل من اليد والرجل انّما هو بمقدار مدّ من طعام وظاهرهم تعيّن نفس المدّ وانه لايجتزي بقيمته.
لكن حكى عن الاسكافي انه قال: في الظفر مُدٌّ او قيمته حتى يبلغ خمسة فصاعداً فدم ان كان في مجلس واحد فان فرّق بين يديه ورجليه فليديه دم ولرجليه دم.
وعن الحلبى : في قصّ ظفر كفّ من طعام وفي اظفار احدى يديه صاع، وفي اظفار كلتيهما دم شاة، وكذا حكم اظفار رجليه وان كان الجميع في مجلس فدم.
وظاهر الوسائل في عنوان الباب التخيير بين مدّ من الطعام وبين كفّ منه.
وكيف كان فالدليل على المشهور صحيحة ابي بصير بناء على نقل الصّدوق قال سألت ابا عبدالله  (عليه السلام) عن رجل قصّ ظفراً من اظافيره وهو محرم قال: عليه مدّ من طعام حتى يبلغ عشرة فان قلم اصابع يديه كلّها فعليه دم شاة، فان(1) قلّم اظافير يديه ورجليه

(1) هكذا في الوسائل ولكنه حكى عن المصدر زيادة «قلت» وهو الظاهر وإلاّ لايكون كلمة الغاء وكذا ذكر «فقال» ملائماً كما لايخفى.

(الصفحة234)



جميعاً فقال: ان كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم، وان كان فعله متفرّقاً في مجلسين فعليه دمان(1) . هذا ولكن في نقل الشيخ بدل «عليه مدّ من طعام» قال: عليه في كل ظفر قيمة مدّ من طعام، وعلى ما ذكرنا فالاختلاف انّما هو بين النقلين لا بين النسختين كما هو ظاهر صاحب الجواهر وحيث ان الصدوق اضبط في نقل الرواية عن الشيخ لكثرة اشتغالاته وتأليفاته في الفنون المختلفة الاسلامية بل له تأليفات متعددة في فنّ واحد كالفقه فالظاهر لزوم الأخذ بما رواه الصدوق الذي يؤيّده فتوى المشهور كما انه يؤيده خبر الحلبي وان كان في سنده ضعف انه سأله عن محرم قلّم اظافيره قال: عليه مدّ في كل اصبع فان هو قلّم اظافيره عشرتها فانّ عليه دم شاة(2).
لكن ربما يتوهم انّ في مقابلها روايتين ظاهرتين في خلاف ما ذكر:
احداهما صحيحة معاوية بن عمّار المتقدمة عن ابي عبدالله  (عليه السلام) قال سألته عن الرجل المحرم تطول اظفاره قال لايقصّ شيئاً منها ان استطاع فان كانت تؤذيه فليقصها (فليقلمها خ ل) وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام(3). ولعله لأجله حكم صاحب الوسائل بالتخيير بين المدّ والكف للجمع بين الروايات ولكن حيث ان مورد ذيل الرواية صورة الاضطرار المسوغ للقصّ فلا دلالة له على ان الكفارة في محلّ البحث الذي هي صورة الحرمة ومخالفة التكليف التحريمي المتعلق بقصّ الظفر ايضاً ذلك.
ثانيتهما صحيحة زرارة المتقدمة ايضاً عن ابي جعفر  (عليه السلام) قال من قلّم اظافيره

(1) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثاني عشر، ح1.
(2) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثاني عشر، ح2.
(3) الوسائل، ابواب تروك الاحرام، الباب السابع والسبعون، ح1.

(الصفحة235)



ناسياً أو ساهياً أو جاهلاً فلا شيء عليه ومن فعله متعمّداً فعليه دم(1) بناء على عدم ظهور الجمع المضاف الى الضمير في العموم فانّها ـ ح ـ تدل على ثبوت الدم في قصّ ظفر واحد ايضاً.
ولكن الجواب انّ اطلاقها على فرض ثبوته يقيَّد بالمجموع بسبب صحيحة ابي بصير المتقدمة الّتي هي نص في عدم وجوب الدّم في قصّ ظفر واحد أو مثله.
وقد ظهر مما ذكرنا انه لا محيص عن الالتزام بما عليه المشهور وربما يدفع احتمال ثبوت القيمة بانه يلزم ـ ح ـ التخيير بين الأقل والأكثر في الواجب التخييري وهو مستحيل بخلاف نفس المدّ الذي يرجع الى التخيير بين انواع مختلفة مثل الحنطة والشعير وغيرهما ولكن التحقيق كما قرّر في الاصول انه لا استحالة في التخيير بين الأقل والأكثر بوجه هذا كلّه بالنسبة الى ما دون الخمسة.
وامّا في الخمسة وما زاد عليها الى ان تبلغ العشرة ففي المتن تبعاً للمشهور ان في كل ظفر مدّاً من طعام فلو قصّ تسعة اظفار ففي كل واحد منها المدّ ويبلغ المجموع تسعة امداد لكن عرفت في عبارة الاسكافي انّ في الخمسة فما زاد الدّم وفي عبارة الحلبي ان في الخمسة المطابقة لاظفار احدى يديه صاع مع ان الصاع يعادل أربعة امداد.
أقول امّا ما ذكره الحلبي فلا شاهد له اصلاً إلاّ ما ذكره صاحب الجواهر من انّه يحتمل ان يكون مراده من الصاع هو صاع النبي  (صلى الله عليه وآله) الذي كان خمسة امداد ومن الظاهر انه بعيد.
وامّا ما ذكره الاسكافي فيمكن ان يكون مستنده في ذلك صحيحة حريز عن ابي

(1) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب العاشر، ح5.

(الصفحة236)



عبدالله  (عليه السلام) في المحرم ينسي فيقلّم ظفراً من اظافيره قال: يتصدّق بكفّ من طعام قلت فاثنتين قال: كفين قلت فثلاثة قال: ثلث أكفّ كل ظفر كف حتى يصير خمسة فاذا قلّم خمسة فعليه دم واحد خمسة كان أو عشرة أو ما كان(1) .
ومرسلته عمّن أخبره عن ابي جعفر  (عليه السلام) في محرم قلّم ظفراً قال يتصدّق بكفّ من طعام قلت: ظفرين، قال: كفين قلت ثلاثة قال ثلاثة أكفّ، قلت أربعة قال أربعة أكفّ قلت خمسة قال عليه دم يهريقه فان قصّ عشرة أو أكثر من ذلك فليس عليه إلاّ دم يهريقه(2).
ودلالة الاولى على ثبوت الدم في الخمسة في صورة التوجه والالتفات انّما هي على سبيل الاولوية لأنه اذا كان الدم ثابتاً في الخمسة في صورة النسيان ففي صورة الالتفات لا مجال لاحتمال كون الكفارة أخفّ وأقلّ من الدّم إلاّ ان يكون المراد بالنسيان فيه هو النسيان قبل الاحرام وتقليم الظفر بعده مع الالتفات وعليه تكون دلالتها بالمطابقة كالمرسلة لكن هذا الاحتمال في الصحيحة خلاف الظاهر جدّا.
ثم ان دلالة الروايتين على مدّعى الاسكافي انّما هي بالاضافة الى بعض مدّعاه الذي هو محلّ البحث فعلاً لأنّ بعضه الآخر كان عبارة عن التخيير بين المدّ و قيمته مع ان مقتضى الروايتين ثبوت كفّ من طعام في ظفر واحد وكفين في ظفرين وهكذا الى ان يبلغ الخمسة.
هذا ويرد على الاستناد اليهما انّ الثانية ضعيفة بالارسال ولا مجال للاستناد اليها والاولى وان كانت صحيحة إلاّ انّ ثبوت الكفارة في مورد النسيان في قلم الظفر مضافاً

(1) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثاني عشر، ح2.
(2) الوسائل، ابواب بقية كفارات الاحرام، الباب الثاني عشر، ح5.

(الصفحة237)



الى انه خلاف الفتاوى بل الاجماع كما في الجواهر فالرواية تصير معرضاً عنها يكون مخالفاً لحديث الرفع ولما دلّ على ان الناسي أو الجاهل في باب الحج ليس عليه الكفارة إلاّ في مسألة الصيد ولما ورد في خصوص المقام من الرواية الصحيحة الدالة على اختصاص الكفارة بالمتعمد وانه لاشيء على الناسي والساهي والجاهل كصحيحة زرارة المتقدمة في أصل البحث فلا مجال للأخذ بهذه الصحيحة في المقام على انهما موافقتان لمذهب ابي حنيفة في الحكم بالدم في الخمسة.
هذا وامّا المناقشة في الصحيحة بكون أمرها دائراً بين الارسال كالرواية الثانية التي نقلها الكليني وبين كونها مسندة كما في نقل الشيخ كما في كلام بعض الاعلام  (قدس سرهم) فمن الغرائب جدّاً فان الدوران انما يكون مورده ما اذا كان الراوي واحداً والامام الذي روى عنه واحداً فانه ـ ح ـ اذا كانت احدى روايتيه بنحو الارسال والاُخرى مسندة يكون أمر الرواية دائراً بين الارسال والاسناد ويخرج بذلك عن الحجية والاعتبار وامّا اذا كان الامام  (عليه السلام) متعدداً فأي مانع من ان يكون نقله عن احدهما بنحو الارسال والآخر مسنداً ولا منافاة بين النقلين بوجه والمقام من هذا القبيل فان حريز روى الصحيحة عن الصادق  (عليه السلام) بلا واسطة والمرسلة عن الباقر  (عليه السلام) مع واسطة مجهولة ولا معنى للحكم بالدوران هنا بل الصحيحة باقية على حجيتها ووجود المرسلة لايقدح فيها بوجه هذا كلّه بالاضافة الى الخمسة وما زاد مالم يبلغ العشرة.
وامّا العشرة فلا شبهة في ان الكفارة فيها نصّاً واجماعاً هو دم شاة وقد وقع التصريح به في صحيحة ابي بصير المتقدمة كما انه لا شبهة في انه اذا كانت العشرة مجموع اليدين أو مجموع الرجلين تكون كفارة الدّم ثابتة وامّا اذا كانت مركبة من اليد والرجل كما اذا قلّم اظافير يد واحدة وكذا رجل واحدة فهل الكفارة الدم أو عشرة امداد

(الصفحة238)



من الطعام ؟
صريح المتن هو الثاني حيث وقع فيه التصريح بانه لو قص من كل واحدة من اليد والرج لتسعة اظفار فعليه لكل واحد مدّ وقد تبع في ذلك صاحبي المسالك والجواهر  (قدس سرهما).
والتحقيق يقتضي خلاف ذلك لأنّ المستند الوحيد في هذا المقام هي صحيحة ابي بصير المتقدمة وان جعل في الوسائل روايته متعددة وتبعه بعض الكتب الفقهية إلاّ ان الظاهر عدم كونها اُخرى كما أشرنا اليه مرارا.
وصحيحة ابي بصير الدالة على ثبوت المدّ لكلّ من ظفر لا مجال للاشكال في ثبوت الاطلاق لها بالاضافة الى ما دون العشرة فاذا قصّ اظفار احدى يديه وأربعة اظفار من رجليه ـ كلتيهما أو احديهما ـ فالحكم فيه هي تسعة امداد من الطعام مع عدم التجانس بين الاظفار لكون جملة منها من اليد وجملة اُخرى من الرجل ومن الواضح انّ مبنى الحكم ومستنده هي هذه الصحيحة وعليه فاللازم الالتزام بثبوت الاطلاق للضابطة الكلية المستفادة منها وهي ثبوت المدّ لكل ظفر فيما دون العشرة والحكم بانه لا فرق فيما دونها بين ان يكون الجميع من اليد أو من الرجل أو من كلتيهما على سبيل الاختلاط والتركيب.
فاذا كان الاطلاق ثابتاً لِلْمُعنيّى فالظاهر ثبوته بالنسبة الى الغاية وهي العشرة لأن الصحيحة مسوقة لبيان حكم كل من الصورتين وعليه فكما انه لا فرق فيما دون العشرة بين الفروض الثلاثة المذكورة كذلك لا فرق في العشرة بين تلك الفروض ولا مجال للتفكيك بين العنوانين فاذا كانت العشرة مركبة من اليد والرجل معاً فاللازم الحكم بثبوت كفارة الدّم فيها.

(الصفحة239)



نعم هنا شيء ربما يمكن ان يوهم خلاف ذلك وهو ان التفريع المذكور بعده بقوله: فان قلم اصابع يديه ناظراً الى الاظفار المتجانسة وهي أظفار اليدين ولكن من الظاهر انّ التعرض لبعض الفروض في مقام التفريع لايوجب اختصاص الحكم به ولذا يستفاد منه حكم اظفار الرجلين ايضاً ولا شاهد على الاختصاص بالفرضين بل الظاهر شمول الحكم للفرض الثالث وهي صورة الاختلاط والشاهد على استفادة حكم الرجلين ايضاً السؤال الثاني لأبي بصير المشتمل على فرض الجمع بين اظفار اليدين والرجلين معاً فانه لو لم يكن حكم الرجلين مستفاداً من الجواب عن السؤال الاوّل لكان الاولى بل المتعيّن السؤال عنه قبل السؤال عن الجمع بين أظفار اليدين والرجلين معاً وقد عرفت انّ النسخة الصحيحة الملائمة مع كلمة «الفاء» ومع قوله: فقال هو اضافة كلمة «قلت» الظاهرة في السؤال الثاني قبل قوله فان قلّم اظافير يديه ورجليه معاً وعلى ما ذكرنا فالصحيحة تدلّ بالوضوح على انّ العشرة المركبة من اليد والرجل كفارتها ايضاً دم شاة.
ثم انّ المنسبق الى الذهن والمتفاهم العرفي من الصحيحة انّ ثبوت كفارة الدم فيما اذا بلغ عشراً انّما هو فيما اذا لم يتحقق التكفير عمّا دونه فلو فرض انه كفّر عقيب كلّ ظفر قصّه مدّاً من الطعام فالظاهر انه لا يترتب على قص الظفر العاشر الذي هو ظفر واحد بعد الكفارات المتعددة لما دونه إلاّ المدّ ولا يثبت كفارة الدم بمجرد قصّ ظفر واحد مع هذه الصفة كما انه لو كفر عقيب التسعة عن الجميع تسعة أمداد فقصّ الظفر العاشر فلا يترتب عليه إلاّ كفارة المدّ دون الدّم وهكذا في الفروض المشابهة حتى في مثل ما كفر عن ظفر واحد، فان ترتب كفارة الدم متوقف على العشرة بعده بحيث صار المجموع واحداً وعشرة ولا يكفي مجرّد تحقق العشرة في المجموع وهذا لا فرق فيه

(الصفحة240)

مسألة 42 ـ الكفارة لقصّ جميع اظفار اليد شاة، ولقصّ جميع اظفار الرجّل شاة، نعم لو قصّهما في مجلس واحد فللمجموع شاة إلاّ مع تخلّل الكفارة بين قصّ الاوّل والثاني فعليه شاتان، ولو قصّ جميع اظفار احديهما وبعض الاُخرى فللجميع شاة وللبعض لكلّ ظفر مدّ، ولو قصّ جميع احديهما في مجلس أو مجلسين وجميع الاُخرى في مجلس آخر أو مجلسين آخرين فعليه شاتان، ولو قصّ جميع أظفار يده في مجالس عديدة فعليه شاة وكذا في قصّ ظفر الرجل 1 .


بين القول بكون الموضوع لكفارة الدم هي العشرة المتجانسة كعشرة اليدين فقط أو الرجلين كذلك وبين القول بكون الموضوع أعمّ منها ومن العشرة المركبة المختلطة.
نعم على الاوّل ربما يتحقق الاشكال من جهة انه لو كفّر عن ظفر واحد فالعشرة المتجانسة لا تتحقق ـ ح ـ إلاّ على فرض كون الظفر المذكور من غير جنس البقية لعدم تحقق التجانس ـ ح ـ كما لو فرض انّه قصّ ظفراً واحداً من الرجل فكفّر ثم قصّ جميع اظفار اليد وإلاّ فلو فرض كون الظفر الذي كفّر عنه من اليد ثم قصّ ساير اظفارها وضم اليه واحداً من الرجل لايترتب عليه كفارة الدم لعدم التجانس ومن الواضح انه من المستبعد جدّاً فيصير مثل ذلك قرينة اُخرى على عدم اعتبار التجانس بوجه كما لايخفى.
(1) امّا ثبوت كفارة الشاة لقصّ جميع اظفار اليد أو جميع اظفار الرجل فقد مرّ البحث فيه في المسألة السابقة وتقدم انّ ذلك انّما هو فيما اذا لم يكن القصّ المذكور مسبوقاً بالتكفير عن بعض ما دون العشرة فضلاً عن جميعه وإلاّ لايترتب كفارة الشاة إلاّ اذا كان اللاحق على التكفير بالغاً الى العشرة مطلقاً أو خصوص المتجانسة على اختلاف الرأيين.
وامّا قصّ جميع اظفار اليدين والرجلين معاً فهو مورد للسؤال الثاني في صحيحة

<<التالي الفهرس السابق>>