في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة121)

مسألة 4 : لو طلّقت ذات الاقراء قبل بلوغ سنّ اليأس ورأت الدم مرّة أو مرّتين ثم يئست أكملت العدّة بشهرين أو شهر ، وكذلك ذات الشهور إذا اعتدّت شهراً أو شهرين ثم يئست أتمّت ثلاثة(1) .

مسألة 5 : المطلّقة ومن ألحقت بها إن كانت حاملا فعدّتها مدّة حملها ، وتنقضي بأن تضع ولو بعد الطلاق بلا فصل ، سواء كان تاماً أو غيره ، ولو كان

1 ـ العمدة في هذه المسألة بيان أنّ بلوغ سنّ اليأس في أثناء العدّة ، سواء كانت ذات الأقراء أو ذات الشهور، لا يوجب تماميّة العدّة وانقضاءَها، وإن كان مقتضى القاعدة ذلك; بناءً على ما اخترناه من عدم ثبوت العدّة لليائسة والصغيرة; لعدم الفرق في ذلك بين أن يكون بلوغ سنّ اليأس قبل الشروع في العدّة أو في أثنائها ، والدليل عليه ـ مضافاً إلى  أنّه لا خلاف فيه ـ رواية هارون بن حمزة، عن أبي عبدالله (عليه السلام)في امرأة طلّقت ، وقد طعنت في السنّ ، فحاضت حيضة واحدة ، ثم ارتفع حيضها، فقال: تعتدّ بالحيضة وشهرين مستقبلين، فإنّها قد يئست من المحيض(1).
والرواية تدل على عدم الانقضاء بمجرّد عروض اليأس في الأثناء على خلاف القاعدة ، فلا فرق بين الصورة المذكورة وبين غيرها من الصور ، كما أنّه لا فرق بين ذات الأقراء وذات الشهور ، بل في الجواهر: أنّه حتى لو لم تكن ذات اقراء ، وقد صادف طلاقها لحظة قبل زمن سنّ اليأس . نعم ، لو فرض اتّحاد زمان آخر صيغة الطلاق مع أوّل زمن اليأس إتّجه عدم اعتدادها حينئذ(2) . والسرّ في الصورة الأخيرة المستدركة ، أنّ الحكم بوجوب الإعتداد إنّما يترتّب على الطلاق ، الذي

(1) الكافي: 6 / 1001 ح11 ، الوسائل: 22 / 191 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب6 ح1 .
(2) جواهر الكلام: 32 / 244 .

(الصفحة122)

مضغة أو علقة إن تحقّق أنّه حمل(1) .


لا  يتحقّق إلاّ بآخر صيغة ، والمفروض تحقّق اليأس غير الموجب للعدّة حينئذ ، فالمتّجه عدم الإعتداد بخلاف الصورة الاُخرى ، فتدبّر جيّداً .

1 ـ الأصل في ذلك قوله تعالى في الآية المتقدّمة {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}(1) ويدلّ عليه الروايات الكثيرة ، مثل :
صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : طلاق الحامل واحدة ، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه(2) .
وغير ذلك من الروايات ، التي جمعها في الوسائل في الباب التاسع من أبواب العدد .
والظاهر أنّ عدّة الحامل وضع الحمل دون الأقراء والأشهر كما هو المشهور(3)شهرة محقّقة ، وعن الصدوق(4) وابن حمزة(5) امتدادها بأقرب الأجلين منهما ومن الوضع ، وقد استدلّ لهما:
بخبر أبي الصباح، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: طلاق الحامل واحدة، وعدّتها أقرب الأجلين(6).
وصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال : طلاق الحُبلى واحدة ، وأجلها أن

(1) سورة الطلاق: 65 / 4 .
(2) الفقيه: 3 / 329 ح1593 ، الوسائل: 22 / 193 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 ح1 .
(3) الحدائق الناضرة: 25 / 447، جواهر الكلام: 32 / 252.
(4) المقنع: 345 ـ 346 ، الفقيه: 3 / 329 ذح1593 .
(5) الوسيلة: 325 .
(6) الكافي: 6 / 81 ح2 ، الوسائل: 22 / 194 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 ح3 .

(الصفحة123)



تضع حملها ، وهو أقرب الأجلين(1) .
وصحيحة أبي بصير قال : قال أبو عبدالله(عليه السلام) : طلاق الحامل الحُبلى واحدة ، وأجلها أن تضع حملها ، وهو أقرب الأجلين(2) .
وذكر أنّ هذه الروايات قاصرة عن معارضة غيرها من الكتاب(3) والسنّة(4)من وجوه ، سيّما بعد احتمالها إرادة أنّ وضع الحمل أقرب العدّتين; باعتبار إمكان حصوله بعد الطلاق بلحظة خصوصاً الأخيرين منها ، وهو غير الاعتداد بأقرب الأجلين ، بل لا معنى لغيره بعد إمكان أن يكون وضع الحمل أبعد الأجلين; لاحتمال التأخّر عن الثلاثة .
وكيف كان ، فالجمع بين قوله(عليه السلام) : «وأجلها أن تضع حملها» وبين قوله : «وهو أقرب الأجلين» لا يتحقّق إلاّ بما ذكر .
نعم ، في رواية أبي الصباح المتقدّمة: «وعدّتها أقرب الأجلين» فإنّ مقتضى إطلاقها انقضاء العدّة بالثلاثة إذا كان قبل الوضع ، ولكن موافقة الطائفة الاُولى مع الشهرة المحقّقة ـ التي هي أول المرجّحات في باب الخبرين المتعارضين ، كما حقّقناه في محلّه ـ توجب ترجيحها على الطائفة الثانية ، لو لم يكن الجمع الدلالي العقلائي ثابتاً بينهما ، كما لا يخفى .
هذا، ولكن ذكر في الجواهر: أنّ الإنصاف عدم خلوّ قول المخالف ـ الذي في رأسه الصدوق ـ عن قوّة; ضرورة كونه مقتضى الجمع بين الأدلّة كتاباً(5) وسنّةً; إذ منها ما

(1) الكافي: 6 / 82 ح8 ، الوسائل: 22 / 195 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 ح6 .
(2) الكافي: 6 / 82 ح6 ، التهذيب: 8 / 128 ح441 ، الوسائل: 22 / 193 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 ح2 .
(3) سورة الطلاق: 65 / 4 .
(4) الوسائل: 22 / 193 ـ 196، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9.
(5) سورة البقرة: 2 / 228 ، سورة الطلاق: 65 / 4 .

(الصفحة124)



دلّ على اعتداد المطلّقة بالثلاثة(1) ، ومنها ما دلّ على اعتداد الحامل مطلّقة كانت أو غيرها بالوضع(2) ، فيكون أيّهما سبق يحصل به الاعتداد ، نحو ما سمعته في الثلاثة أشهر والأقراء ، بعد القطع بعدم احتمال كون كلّ منهما عدّة في الطلاق; كي يتوجّه الاعتداد حينئذ بأبعدهما .
وأمّا الصحيحان ، فالمراد منهما الاعتداد بالوضع حال كونه أقرب الأجلين ، فالجملة حالية ، فيوافقان الخبر الأوّل ، بل جعلها مستأنفةً لا حاصل له; ضرورة كون الموجود في الخارج منه كلاًّ من الأقرب والأبعد ـ إلى أن قال : ـ وكأنّ هذا هو الذي دعا المتأخّرين إلى الاطناب بفساد قول الصدوق ، وأنّه في غاية الضعف ، إلاّ أنّ الإنصاف خلافه ، إلى آخره(3) .
أقول : إنّ وقوع قوله تعالى : {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} في سورة الطلاق، مسبوقاً ـ وكذا ملحوقاً ـ بالآيات(4) المرتبطة بالطلاق يوجب كون الطلاق هوالقدر المتيقّن من هذا القول، فهذه الآية مخصّصة لقوله تعالى : {وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوء}(5) ويوجب اختصاصها بغيرها ، كما أنّ قوله تعالى : { وَاللاَّئِى يَئِسْنَ مِنَ المـَحِيضِ مِن نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أشْهُر}(6) مخصّص لذلك القول ، ولا يبعد أن يقال : إنّ المراد بالحامل في الطائفة الثانية من ظهر حملها وبان ، خصوصاً مع التوصيف بالحبلى أيضاً ، والظاهر أنّ الفصل بين

(1) الوسائل: 22 / 198 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب12 .
(2) الوسائل: 22 / 193 ـ 196 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 .
(3) جواهر الكلام: 32 / 253 ـ 254 .
(4) سورة الطلاق: 65 / 1 ـ 6 .
(5) سورة البقرة: 2 / 228 .
(6) سورة الطلاق: 65 / 4 .

(الصفحة125)

مسألة 6 : إنّما تنقضي العدّة بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة ، فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدّته ، فلو كانت حاملا من زنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج منها به ، بل يكون انقضاؤها بالأقراء والشهور كغير الحامل ، فوضع الحمل لا أثر له أصلا . نعم ، إذا حملت من وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق الولد بالواطئ لا بالزوج ، فوضعه سبب لانقضاء العدّة بالنسبة إليه لا الزوج المطلّق(1) .


ظهور الحمل والوضع أقلّ من ثلاثة أشهر; لعدم تحقّق القرء في الحامل نوعاً ، وعليه فلا تكون الجملة حاليّة ، كما هو خلاف الظاهر جدّاً ، بل الأقربية حينئذ متحقّقة في جميع الموارد ، وإن كان الجمع الدلالي بالنحو المذكور غير ممكن عند العقلاء ، فالترجيح مع الطائفة الموافقة للمشهور كما ذكرنا .
ثم إنّه قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ انقضاء عدّة الحامل بأن تضع حملها ، ولو بعد الطلاق بلحظة ، ولا فرق في الولد بين أن يكون تامّاً أو غير تام ، فإذا كان مضغة يكون الحكم كذلك ، وأمّا في صورة العلقة فالحكم أيضاً كذلك إذا تحقّق أنّها حمل .
ففي موثّقة عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي الحسن(عليه السلام) قال : سألته عن الحبلى إذا طلّقها زوجها ، فوضعت سقطاً تمّ أو لم يتمّ ، أو وضعته مضغة؟ فقال : كلّ شيء يستبين أنّه حمل تمّ أو لم يتمّ ، فقد انقضت عدّتها وإن كان مضغة(1) .

1 ـ إنّما تنقضي العدّة بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة من الزوج المطلّق مثلا ، وإن انتفى عنه باللّعان بناءً على عدم انتفاء نسبه به ، وإن انتفت أحكام الولد شرعاً عنه ، ولا يبعد دعوى الانصراف في الكتاب(2)

(1) الكافي: 6 / 82 ح9 ، الوسائل: 22 / 197 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب11 ح1 .
(2) سورة الطلاق: 65 / 4 .

(الصفحة126)

مسألة 7 : لو كانت حاملا باثنين فالأقوى عدم البينونة إلاّ بوضعهما ، فللزوج الرجوع بعد وضع الأوّل ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط ، ولا تنكح زوجاً إلاّ بعد وضعهما(1) .


والسنّة(1) عن غير الحمل الملحق بمن له العِدّة ، فلو كانت حاملا من زنا قبل الطلاق أو بعده ، مع العلم بكون الحمل من زنا لم تخرج من العدّة بالوضع ، بل يكون انقضاؤها بالأقراء والشهور كغير الحامل ، فوضع الحمل لا أثر له . نعم ، فيما إذا كان الحمل من وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده ، بحيث كان الولد ملحقاً بالواطئ دون الزوج ، فوضع الحمل وإن كان سبباً لانقضاء العدّة ، إلاّ أنّ انقضاء العدّة انّما يلاحظ بالإضافة إلى الواطئ دون الزوج المطلّق ، وتظهر الثمرة في جواز وطء الزوج بعد الوطء بالشبهة وعدم الجواز للواطئ بها; لأنّ العدّة بالنسبة إليه بائنة ، وبعد الانقضاء يصير خاطباً من الخطّاب إذا انقضت عدّة الطلاق ، وإن كان الولد ملحقاً بالواطئ بالشبهة ، لو لم يمكن لحوقه بالزوج ، كما إذا كان الزوج غائباً مدّة طويلة لا يمكن اللحوق به شرعاً ، فوطء الشبهة وإن كان غير محرّم ، والولد وإن كان ملحقاً بالواطئ في جميع الأحكام والآثار ، مع عدم إمكان اللحوق بالزوج ، والعدّة فيه وإن كانت بائنة ، ضرورة أنّها أجنبية عن الواطئ شرعاً ، بل هو بعد انقضاء عدّة الطلاق وانقضاء عدّة الوطء كواحد من الخطّاب ، إلاّ أنّه لا يوجب صيرورته كولد الزوج والحمل من وطئه في جميع الآثار والأحكام ، كما عرفت في المثال .

1 ـ قال المحقّق في الشّرائع : ولو كان حملها اثنين بانت بالأوّل ، ولم تنكح إلاّ بعد

(1) الوسائل: 22 / 193 ـ 196 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب9 .

(الصفحة127)



وضع الأخير ، والأشبه أنّها لا تبين إلاّ بوضع الجميع(1) . والقائل بالقول الأوّل هو جماعة من القدماء ، كالشيخ في محكي النهاية(2) وابني حمزة(3) والبرّاج(4) . ويدل عليه:
رواية عبد الرحمن بن أبي عبدالله ، عن الصادق(عليه السلام) قال : سألته عن رجل طلّق امرأته وهي حُبلى ، وكان في بطنها اثنان ، فوضعت واحداً وبقي واحد؟ قال : تبين بالأوّل ، ولا تحلّ للأزواج حتى تضع ما في بطنها(5) .
ويرد عليه ـ مضافاً إلى ضعف الخبر وعدم حجّيته ـ كون مفاده مناسباً للاحتياط ، الذي لا يناسب شأن الإمام(عليه السلام) .
وعن أبي علي إطلاق انقضاء العدّة بوضع أحدهما(6) . وعن جماعة(7) غير قليلة ما جعله المحقّق في الشرائع أشبه ، وهو: أنّها لا تبين ، كما أنّها لا تنكح إلاّ بعد وضعهما ، وهو ـ مضافاً إلى أنّه مقتضى الاستصحاب بالإضافة إلى البينونة وإلى نكاح الغير ـ تدلّ عليه الآية الشريفة ، وهو قوله تعالى : {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}(8) فإنّ المتفاهم منه عند العرف وضع

(1) شرائع الإسلام: 3 / 37 .
(2) النهاية: 517 ، 534 .
(3) الوسيلة: 322 .
(4) المهذب: 2 / 286 ، 316 .
(5) الكافي: 6 / 82 ح10 ، الوسائل: 22 / 196 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب10 ح1 .
(6) حكى عنه في مختلف الشيعة: 7 / 497 .
(7) المبسوط: 5 / 241 ، الخلاف: 5 / 60 مسألة 8 ، السرائر: 2 / 689 ، مختلف الشيعة: 7 / 497 ، مسالك الافهام: 9 / 259 ـ 260 ، نهاية المرام: 2 / 97 .
(8) سورة الطلاق: 65 / 4 .

(الصفحة128)

مسألة 8 : لو وطئت شبهة فحملت واُلحق الولد بالواطئ; لبعد الزوج عنها أو لغير ذلك ثم طلّقها ، أو وطئت شبهة بعد الطلاق على نحو ألحق الولد بالواطئ كانت عليها عدّتان: عدّة لوطء الشبهة تنقضي بالوضع ، وعدّة للطلاق تستأنفها فيما بعده ، وكان مدّتها بعد انقضاء نفاسها إذا اتّصل بالوضع ، ولو تأخّر دم النفاس يحسب النقاء المتخلّل بين الوضع والدّم قرءاً من العدّة الثانية ولو كان بلحظة(1) .


الحمل فيما إذا كان واحداً ، وأزيد منه بمقدار الحمل فيما إذا كان متعدّداً ، فإنّه لا ينسبق إلى ذهن العرف من وضع الحمل إلاّ ذلك ، ودعوى صدق المسمّى بوضع الواحد ممنوعة ، إلاّ إذا كان الحمل واحداً ، مضافاً إلى معلومية كون العدّة لاستبراء الرحم من ولد مشكوك فضلا عن المعلوم . نعم في أنّ المعتبر في انقضاء العدّة بوضع التوأمين هل هو ولادتهما لأقلّ من ستّة أشهر ولو بلحظة; ليعلم وجودهما حين الطلاق لكونها أقلّ الحمل ، أو أنّ أقصى مدّة بين التوأمين ستّة أشهر كما حكي عن قواعد الفاضل(1) كلام ، وقد حمل كلامه فيها على التسامح في التعبير؟(2) وحينئذ فلو ولدت الثاني لستّة أشهر فصاعداً ، فهو حمل آخر لا يرتبط بحكم الأوّل ، الذي قد تحقّق وجوده حال الطلاق بوضعه تامّاً لدون الستّة أشهر .

1 ـ المفروض في هذه المسألة تحقق وطء الشبهة وحملها ولحوق الولد بالواطئ; لبعد الزوج عنها أو لغير ذلك ، والطلاق من الزوج سواء كان وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده . وفي هذه الصورة يكون عليها عدّتان: عدّة لوطء الشبهة مع فرض

(1) قواعد الاحكام: 2 / 69 .
(2) كما في جواهر الكلام: 32 / 260 .

(الصفحة129)



كونها حاملا من الواطئ ، والمفروض أنّ عدّة الحامل وضع الحمل فيما إذا لم يكن الحمل من زنا ، وعدّة للزوج المطلّق; لأنّ المفروض عدم كونها يائسة أو صغيرة أو غير مدخول بها ، والظاهر أنّ عدّة الطلاق متأخّرة عن عدّة وطء الشبهة وإن كان الطلاق متقدّماً عليه ، فهنا دعويان :
الدعوى الاُولى : عدم تداخل العدّتين كما هو المشهور(1) . بل عن الخلاف الإجماع عليه(2) خلافاً لأبي علي(3) والصدوق(4) والمفيد في موضع من المقنعة(5) . ويدل عليه رواية الحلبي عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن المرأة الحبلى يموت زوجها ، فتضع وتتزوّج قبل أن يمضي لها أربعة أشهر وعشراً؟ فقال : إن كان دخل بها فرّق بينهما ، ثم لم تحل له أبداً ، واعتدّت بما بقي عليها من الأوّل ، واستقبلت عدّة اُخرى من الآخر ثلاثة قروء ، وإن لم يكن دخل بها فرّق بينهما ، واعتدّت بما بقي عليها من الأوّل ، وهو خاطب من الخطّاب(6) .
وما عن طبريّات المرتضى أنّ امرأة نكحت في العدّة ، ففرّق بينهما أمير المؤمنين(عليه السلام)وقال : أيّما امرأة نكحت في عدّتها ، فإن لم يدخل بها زوجها الذي تزوّجها فإنّها تعتدّ من الأوّل ، ولا عدّة عليها للثاني ، وكان خاطباً من الخطّاب . وإن كان دخل بها فرّق بينهما ، وتأتي ببقية العدّة من الأوّل ، ثم تأتي عن الثاني

(1) الحدائق الناضرة: 25 / 459 ، جواهر الكلام: 32 / 264 .
(2) الخلاف: 5 / 75 ـ 76 مسألة 31 .
(3) حكى عنه في مختلف الشيعة: 7 / 502 .
(4) المقنع: 354 .
(5) لم نعثر عليه في المقعنة .
(6) الكافي: 5 / 427 ح4 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 110 ح272 ، التهذيب: 7 / 306 ح1273 ، الاستبصار: 3 / 186 ح675 ، الوسائل: 20 / 451 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب17 ح6 .

(الصفحة130)



بثلاثة أقراء مستقبلة(1) . وروى مثل ذلك عن عمر في سنن البيهقي(2) .
لكن في مقابلها صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في امرأة تزوّجت قبل أن تنقضي عدّتها ، قال : يفرّق بينهما ، وتعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً(3) .
ومثلها صحيحة أبي العباس ، عن الصادق(عليه السلام)(4) .
وخبر زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في امرأة فقد زوجها أو نعي إليها ، فتزوّجت ، ثم قدم زوجها بعد ذلك فطلّقها ، قال : تعتدّ منهما جميعاً ثلاثة أشهر عدّة واحدة ، الحديث(5) .
ولكنّ الظاهر أنّ المفروض فيها صورة عدم تحقّق الدخول من الزوج الثاني ، وإلاّ فاللازم ثبوت الحرمة الأبدية، ومن الواضح أنّه مع عدم تحقّق الدخول لا تكون العدّة ثابتة; لما عرفت من عدم ثبوتها في صورة عدم الدخول ، إلاّ أنّه ينافي ذلك ظاهرقوله: «تعتدّ عدّة واحدة منهما» مع وضوح أنّ ثبوت العدّة بالإضافة إلى الثاني فرع الدخول، ولكن لامحيص عن رفع اليد عن هذا الظاهر، وإن كان بعيداً في نفسه.
نعم ، ذكر في الجواهر : أنّه لو كان الاشتباه من المطلّق نفسه مثلا اتّجه التداخل ، وفاقاً للفاضلين(6) بأن تستأنف عدّة كاملة للأخير واجتزأت بها; لأنّهما إنّما تعلّقتا

(1) لم نجده في جوابات المسائل الطبريّة ، نعم حكى عنه في الجواهر: 32 / 264 .
(2) سنن البيهقي: 7 / 441 .
(3) التهذيب: 7 / 308 ح1278 ، الاستبصار: 3 / 187 ح681 ، الوسائل: 20 / 453 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب17 ح11 .
(4) التهذيب: 7 / 308 ح1280 ، الاستبصار: 3 / 188 ح683 ، الوسائل: 20 / 453 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب17 ح12 .
(5) التهذيب: 7 / 308 ح1279 ، الوسائل: 20 / 446 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب16 ح2 .
(6) قواعد الاحكام: 2 / 69 ، شرائع الإسلام: 3 / 46 .

(الصفحة131)



بواحد ، والموجب لهما حقيقة انّما هو الوطء ، وإذا استأنفت عدّة كاملة ظهرت براءة الرحم ، ولا ينافي ذلك إطلاق الأكثر : إطلاق عدم تداخل العدّتين بعد انسباق التعدّد منه ، وحينئذ فلو وقع الوطء شبهة مثلا في القرء الأوّل أو الثاني أو الثالث ، فالباقي من العدّة الاُولى يحسب للعدّتين ثم تكتمل الثانية(1) .
الدعوى الثانية: أنّه بعد الفراغ من عدم التداخل فيما إذا كانت العدّة لأزيد من واحد، يقع الكلام في أنّ اللاّزم أوّلا انقضاء عدّة الوطء بالشبهة الملحق به الولد بوضع الحمل ، ثم استئناف عدّة الزوج المطلّق ، وإن كان الطلاق قبل الوطء بالشبهة أم لا؟
الظاهر أنّ مقتضى القاعدة ـ بعد فرض عدم التداخل ـ هو لزوم تقديم الموجب الأوّل ، سواء كان طلاقاً أو وطء شبهة ، ولا وجه لتقديم وطء الشبهة إن كان متأخّراً عن الطلاق .
هذا ، ولكن صاحب الجواهر(قدس سره) نفى وجدان الخلاف ، والإشكال في تقدّم عدّة وطء الشبهة بانقضاء الوضع ، وإن كان متأخّراً عن الطلاق ، وأنّها تستأنف عدّة الطلاق بعد الوضع ، قال : بل لو فرض تأخّر الوطء المزبور عن الطلاق ، كان الحكم كذلك أيضاً; لعدم إمكان تأخّر عدّته التي هي وضع الحمل ، فليس حينئذ إلاّ تأخير إكمال عدّة الطلاق بعد فرض عدم التداخل بين العدّتين(2) .
هذا ، ولكن لم يتبيّن لي وجه عدم إمكان تأخّر عدّة وطء الشبهة التي هي وضع الحمل . وإن قلنا بعدم التداخل كما هو المفروض ، فإنّه لو فرض غيبة الزوج الذي تحقّق منه الدخول قبلها سنتين ، وبعد الحضور علم أنّ زوجته قد وطئت شبهة ،

(1 ـ 2) جواهر الكلام: 32 / 266 .

(الصفحة132)

مسألة 9 : لو ادّعت المطلّقة الحامل أنّها وضعت فانقضت عدّتها وأنكر الزوج ، أو انعكس فادّعى الوضع وانقضاء العدّة وأنكرت هي ، أو ادّعت الحمل وأنكر ، أو ادّعت الحمل والوضع معاً وأنكرهما ، يقدّم قولها بيمينها بالنسبة

ولكنّ الحمل لم يتبيّن بمجرّد الحضور إلاّ بعد طلاقه إيّاها شهراً أو شهرين ، ففي هذه الصورة لا مانع من الطلاق ، والمفروض كونه طلاقاً بعد الدخول المتحقق قبل الغيبة ، ولا مجال لدعوى عدم ثبوت العدّة عليها للطلاق بالأقراء أو الشهور; لأنّه من ناحية لا يكون الحمل متبيّناً ، ويحتمل حصوله بعد الطلاق . ومن ناحية اُخرى لا يعلم الوضع أي الكيفية في المستقبل ، فأيّ مانع من أن تكون عدّة الطلاق ثابتة قبل عدّة الوطء بالشبهة الذي تحقق بسببه الحمل مع فرض عدم التداخل؟
اللّهم إلاّ أن يكون هناك إجماع على التقدّم كما لا يبعد ، ويؤيّده ما سيجيء من أنّ عدّة وطء الشبهة مبدؤها الوطء الآخر لا حين الانجلاء ، والمفروض أنّ الوطء قد تحقّق قبل حضوره والطلاق واقع بعده ، فالقول بتقدّم عدّة الطلاق مستلزم للتداخل لا محالة وقد فرض عدمه ، فلا محالة تكون عدّة وطء الشبهة التي يكون مبدؤها حين الوطء الأخير الثابت قبل حضور الزوج المطلّق بعد الحضور متقدّماً على عِدّة الطلاق ، كما لا يخفى .
وحينئذ إن كان نفاسها متّصلا بالوضع كما هو الغالب ، يكون شروع العدّة الثانية بعد انقضاء نفاسها ، ولو تأخّر دم النفاس عن الوضع ، وتخلّل بينهما طهر ، يحسب الطهر المتخلّل قرءً من العدّة الثانية ، ولو كان لحظة بعد كون الأقراء في آية الطلاق هي الأطهار كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى(1) .


(1) في ص136 ـ 137 .

(الصفحة133)

إلى بقاء العدّة والخروج منها ، لا بالنسبة إلى آثار الحمل غير ما ذكر على الظاهر(1) .


1 ـ قد فرض في المسألة صوراً مرتبطة بالحمل ووضعه ، وحكم في الجميع بتقديم قولها بيمينها ، بالإضافة إلى بقاء العدّة والخروج عنها لا بالنسبة إلى آثار الحمل غير ما ذكر ممّا يرتبط بالعدّة ، ولا تكلّف بالبيّنة ، ولا بإحضار الولد الذي قد تعجز عن إحضاره ، ولإطلاق صحيحة جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : العدّة والحيض للنساء إذا ادّعت صدِّقت(1) .
وروى الطبرسي في مجمع البيان ، عن الصادق(عليه السلام) في قوله تعالى : {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ}(2) قال : قد فوّض الله إلى النساء ثلاثة أشياء : الحيض ، والطهر ، والحمل(3) .
فإنّ المراد من وجوب تصديقهنّ في العدّة والحمل وجوب تصديقهنّ في بقاء العدّة وانقضائها ، وفي أصل ثبوت الحمل ووضعه وعدمه كما لا يخفى ، مضافاً إلى أنّه يتعذّر أو يتعسّر عليها الإشهاد في كلّ حال .
وفي محكيّ القواعد تصدّق حتى لو ادّعت الانقضاء بوضعه ميّتاً أو حيّاً ، ناقصاً أو كاملا ، في مقابل بعض العامة(4) القائل بالتكليف بالبيّنة إن ادّعت وضع الكامل;

(1) الكافي: 6 / 101 ح1 ، الوسائل: 22 / 222 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب24 ح1 .
(2) سورة البقرة: 2 / 228 .
(3) مجمع البيان: 2 / 101 ، الوسائل: 22 / 222 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب24 ح2 .
(4) راجع المغني لابن قدامة: 8 / 489 ، الشرح الكبير: 8 / 487 ، الحاوي الكبير: 13 / 189 ، بدائع الصنائع: 3 / 293 ، الانصاف: 9 / 161 ، المجموع: 19 / 287 ـ 289 ، الامّ: 5 / 262 ـ 263 ، المبسوط: 6 / 26 ، مغني المحتاج: 3 / 338 .

(الصفحة134)

مسألة 10: لو اتّفق الزوجان على إيقاع الطلاق ووضع الحمل واختلفا في المتقدّم والمتأخّر ، فقال الزوج: «وضعت بعد الطلاق فانقضت عدّتك» وقالت: «وضعت قبله وأنا في العدّة» أو انعكس ، لا يبعد تقديم قولها في بقاء العدّة والخروج منها مطلقاً من غير فرق بين ما لم يتّفقا على زمان أحدهما أو اتفقا عليه(1) .


لأنّها مدّعية والغالب حضور القوابل . ومنهم من كلّفها في الميت والسقط أيضاً; لأنّ ما نالها من العسر يمكنها من الإشهاد(1) .
وفي المسالك تقييد تصديقها في ذلك بالإمكان أيضاً ، قال : ويختلف الإمكان بحسب دعواها ، فإن ادّعت ولادة ولد تام ، فأقل مدّة تصدَّق فيها ستة أشهر ولحظتان من يوم النكاح; لحظة لإمكان الوطء ولحظة للولادة ، فإن ادّعت أقلّ من ذلك لم تصدّق(2) . إلى آخر ما قال . ولا بأس بهذا التقييد ، ضرورة أنّه مع عدم الإمكان شرعاً لا مجال لتصديقها الملازم لصورة الشك ، كما لا يخفى .

1 ـ قد فرض في هذه المسألة فرضين بعد اتّفاق الزوجين على إيقاع الطلاق ووضع الحمل ، واختلافهما في المتقدّم والمتأخّر منهما :
أحدهما : ما لو قال الزوج: وضعت بعد الطلاق فانقضت عدّتك بالوضع بعده ، وقالت الزوجة: بل وضعتُ قبله وأنا في العدّة . وأنّه لا ارتباط بين الوضع وبين انقضاء العدّة ، بل انقضاؤها بأمر آخر لم يتحقّق بعد .


(1) قواعد الاحكام: 2 / 66 .
(2) مسالك الافهام: 9 / 195 .

(الصفحة135)



ثانيهما: عكس ذلك، بأن ادّعت الخروج عن العدّة بالوضع بعد الطلاق ، وادّعى أنّ الوضع كان قبل الطلاق، ولاارتباط بين الوضع وبين انقضاءالعدّة،وفي كلا الفرضين نفى البعدعن تقديم قولها في بقاء العدّةوالخروج عنهامطلقاً، من غيرفرق بين ما إذا لم يتفقا على زمان احدهما أو اتفقا عليه ، وإن كان مقتضى القاعدة في صورة الاتفاق على زمان واحد تقديم قول من يدّعي التأخّر عن ذلك الزمان; لأنّه مقتضى أصالة تأخّر الحادث الموافقة لقول من يدّعي التأخّر ، وكذا في صورة عدم الاتفاق على زمان واحد يصير المورد من مصاديق مجهولي التاريخ ، إلاّ أنّ مقتضى الإطلاق في الروايتين المتقدّمتين في المسألة التاسعة السابقة ، الدالتين على أنّ أمر العدّة وجوداً وعدماً إنّما هو بيد النساء ، ثبوت ذلك في مثل المقام أيضاً ، فالأصل وإن كان مع الزوج في بعض الصور إلاّ أنّه لا مجال للأصل مع وجود الإطلاق ، كما لا يخفى .
ولكن عن الشيخ(1) وجماعة(2) أنّه لو اتّفقا في زمن الوضع واختلفا في زمن الطلاق فالقول قوله; لأنّه اختلاف في فعله ، بخلاف ما إذا اتفق الزوجان في زمن الطلاق واختلفا في زمن الوضع فإنّ القول قولها; لأنّه اختلاف في الولادة .
واستشكل المحقّق في الشرائع في المسألتين نظراً إلى أنّ الأصل عدم الطلاق وعدم الوضع(3) ، ولكن مقتضى الإطلاق المذكور تقديم قول الزوجة .
ودعوى أنّ الرجوع إليهنّ في العدّة لا يشمل المقام ، كما في الجواهر(4) غير مسموعة ، خصوصاً بملاحظة ما ذكرنا في المسألة السابقة ، فتدبّر جيّداً .


(1) المبسوط: 5 / 241 .
(2) الجامع للشرائع: 474 ، إرشاد الأذهان: 2 / 47 ، تحرير الأحكام: 2 / 71 ـ 72 .
(3) شرائع الإسلام: 3 / 38 .
(4) جواهر الكلام: 32 / 269 .

(الصفحة136)

مسألة 11 : لو طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها فإن كانت مستقيمة الحيض بأن تحيض في كلّ شهر مرّة كانت عدّتها ثلاثة قروء ، وكذا إذا تحيض في كلّ شهر أزيد من مرّة أو ترى الدم في كلّ شهرين مرّة ، وبالجملة كان الطهر الفاصل بين حيضتين أقلّ من ثلاثة أشهر ، وإن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض ـ إمّا لكونها لم تبلغ الحدّ الذي ترى الحيض غالب النساء وإمّا لانقطاعه لمرض أو حمل أو رضاع ـ كانت عدّتها ثلاثة أشهر ، ويلحق بها من تحيض ، لكن الطهر الفاصل بين حيضتين منها ثلاثة أشهر أو أزيد(1) .


1 ـ الأصل في هذه المسألة قوله تعالى : { وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوء}(1) بعد عدم الاختصاص بالمطلّقات ، وشموله لمن انفسخ نكاحها ، وبعد اختصاصها بالمطلّقات اللاّتي لها عدّة ، وتكون عدّتها غير وضع الحمل بمقتضى الآيات(2) والروايات(3) الدالة على هذا المعنى ، فتخرج المطلّقة اليائسة والصغيرة وغير المدخول بها ، وكذا تخرج أُولات الأحمال اللاتي أجلهنّ أن يضعن حملهنّ كما  تقدّم(4) .
إنّما الكلام في معنى ثلاثة قروء ، وقد صرّح النص والفتوى بكون المراد في الآية الأطهار على كلّ حال ، أي سواء قلنا بأنّ لفظة القرء مشترك لفظاً أو معنى بين الحيض والطهر ، أو بكونه حقيقة في أحدهما مجازاً في الآخر ، كما أنّه لا فرق بين القول باختلاف معنى القرء بالفتح وبالضمّ، وأنّ الأوّل للحيضويجمع على «أقراء» ،

(1) سورة البقرة: 2 / 228 .
(2) سورة البقرة: 2 / 222 ، سورة الطلاق: 65 / 4 .
(3) الوسائل: 22 / 175 ـ 210 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب1 ـ 16 .
(4) في ص90 ـ 97 و122 ـ 125 .

(الصفحة137)



والثاني الطهر ويجمع على «قروء» والقول باتحادهما .
امّا الروايات :
فمنها: صحيحة عمر بن اُذينة ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : سمعت ربيعة الرأي يقول مِن رأيي أنّ الأقراء التي سمّى الله عزّ وجلّ في القرآن إنّما هو الطهر فيما بين الحيضتين ، فقال : كذب لم يقل برأيه ، ولكنّه إنّما بلغه عن عليّ(عليه السلام) . فقلت : أكان عليّ(عليه السلام) يقول ذلك؟ فقال : نعم إنّما القرء الطهر الذي يقرؤ فيه الدم فيجمعه ، فإذا جاء الحيض دفعه (دفقه خ ل)(1) .
ومنها: صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : القرء ما بين الحيضتين(2) .
ومنها: ذيل صحيحة زرارة المتقدّمة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: قلت له : أصلحك الله رجل طلّق امرأته على طهر من غير جماع بشهادة عدلين ، فقال : إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدّتها ، وحلّت للأزواج . قلت له : أصلحك الله إنّ أهل العراق يروون عن عليّ(عليه السلام) أنّه قال : هو أحقّ برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، فقال : فقد كذبوا(3) .
ومنها : رواية زرارة الثالثة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : أوّل دم رأته من الحيضة

(1) الكافي: 6/89 ح1، تفسير العياشي: 1/114 ح351، الوسائل: 22/201، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب14  ح4.
(2) الكافي: 6 / 89 ح3 ، التهذيب: 8 / 123 ح424 ، الاستبصار: 3 / 330 ح1174 ، الوسائل: 22 / 201 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب14 ح2 .
(3) الكافي: 6 / 86 ح1 ، التهذيب: 8 / 123 ح426 ، الاستبصار: 3 / 327 ح1163 ، تفسير العياشي: 1 / 114 ح351 ، الوسائل: 22 / 204 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح1 .

(الصفحة138)



الثالثة فقد بانت منه(1) .
ومنها : رواية زرارة الرابعة ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : سمعته يقول : المطلّقة تبين عند أوّل قطرة من الدم في القرء الأخير(2) .
ومنها : موثّقة إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في الرجل يطلّق امرأته ، قال : هو أحقّ برجعتها ما لم تقع في الدّم الثالث(3) . إلى غير ذلك من الروايات(4) الكثيرة الدالّة على ذلك . ولكن في مقابلها ما يدلّ على أنّه أحقّ برجعتها ما لم تكمل الحيضة الثالثة مثل :
صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر(عليه السلام) في الرجل يطلّق امرأته تطليقة على طهر من غير جماع ، يدعها حتى تدخل في قرئها الثالث ، ويحضر غسلها ، ثم يراجعها ، ويشهد على رجعتها ، قال : هو أملك بها ما لم تحلّ لها الصّلاة(5) .
ومرسلة إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : جاءت امرأة إلى عمر ، تسأله عن طلاقها ، فقال : إذهبي إلى هذا فاسأليه ـ يعني عليّاً(عليه السلام) ـ فقالت لعليّ(عليه السلام) : إنّ زوجي طلّقني ، قال : غسلت فرجك؟ فرجعت إلى عمر ، فقالت : أرسلتني إلى رجل يلعب ، فردّها إليه مرّتين ، كلّ ذلك ترجع فتقول: يلعب ، قال: فقال لها : انطلقي إليه ، فإنّه أعلمنا ، قال : فقال لها عليّ(عليه السلام): غسلت فرجك؟ قالت : لا ، قال :

(1) الكافي: 6 / 87 ح6 ، الوسائل: 22 / 206 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح9 .
(2) الكافي: 6 / 87 ح7 ، الوسائل: 22 / 206 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح10 .
(3) الكافي: 6 / 87 ح8 ، الوسائل: 22 / 206 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح11 .
(4) الوسائل: 22 / 201 ـ 210 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب14 ـ 15 .
(5) التهذيب: 8 / 127 ح437 ، الاستبصار: 3 / 331 ح1777 ، الوسائل: 22 / 208 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح15 .

(الصفحة139)



فزوجك أحقّ ببضعك ما لم تغسلي فرجك(1) .
ورواية عبدالله بن ميمون ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه(عليهما السلام) ، قال : قال عليّ(عليه السلام) : إذا طَلّق الرجل المرأة ، فهو أحقّ بها ما لم تغتسل من الثالثة(2) .
وغير ذلك من الروايات(3) الواردة بهذا المضمون .
وعن المفيد الجمع بينهما بأنّه إذا طلّقها في آخر طهرها اعتدّت الحيض ، وإن طلّقها في أوّله اعتدّت بالأطهار(4) . واستقربه الشيخ(5) فيما حكي عنه ، وتبعه بعض متأخّري المتأخّرين(6) .
وأنت خبير بدلالة جملة من الطائفة الاُولى على أنّ القول الأخير إنّما هو باعتبار شهرة الرواية المكذوبة عن علي(عليه السلام) ، كما وقع التصريح به من أبي جعفر(عليه السلام)في بعض الروايات المتقدّمة .
وإن شئت قلت: إنّه بعد عدم إمكان الجمع الدلالي بين الطائفتين، ووصول النوبة إلى ملاحظة الترجيح المذكور في الأخبار العلاجية ، تكون الشهرة الفتوائية المحققة مع الطائفة الاُولى فاللاّزم الأخذ بها ، هذا كلّه بالإضافة إلى مستقيمة الحيض .
وعطف عليها ما إذا تحيض في كلّ شهر أزيد من مرّة ، وكذا ما إذا تحيض في كلّ شهرين مرّة ، وجعل الضابط ما إذا كان الفاصل بين حيضتين أقلّ من ثلاثة أشهر;

(1) التهذيب: 8/125 ح433، الاستبصار: 3/329 ح1170، الوسائل: 22/207، كتاب الطلاق، أبواب العدد ب15 ح13.
(2) التهذيب: 8 / 125 ح432 ، الاستبصار: 3 / 329 ح1169 ، الوسائل: 22 / 207 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب15 ح12 .
(3) الوسائل: 22 / 201 ـ 210 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب14 و 15 .
(4) المقنعة: 532 .
(5) التهذيب: 8 / 127 ذح438 .
(6) الحدائق الناضرة: 25 / 405 .

(الصفحة140)

مسألة 12 : المراد بالقروء الأطهار ، ويكفي في الطهر الأوّل مسمّاه ولو قليلا ، فلو طلّقها وقد بقيت منه لحظة يحسب ذلك طهراً ، فإذا رأت طهرين آخرين تامّين يتخلّل حيضة بينهما انقضت العدّة ، فانقضاؤها برؤية الدم الثالث 

. لما دلّ من النصوص(1) المستفيضة أو المتواترة على أنّ عدّة المرأة التي لا تحيض ثلاثة أشهر:
كصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : عدّة المرأة التي لا تحيض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر(2) .
وإن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض كانت عدّتها ثلاثة أشهر ، وقد تقدّم البحث عن مثل ذلك باعتبار الابتلاء في زماننا بإخراج الرحم بجهة الكسالة ، أو عدم الابتلاء بالحمل أو غيرهما من الجهات في رسالة مستقلّة فراجع إليها(3) .
ومثله من كانت لا تحيض ثلاثة أشهر كما في صحيحة الحلبي ، فإنّ عدّتها بالشهور لا بالأقراء; لأنّ الفاصل بين حيضتين ثلاثة أشهر أو أزيد .
ولا يخفى أنّه لا فرق بين الحيض والنفاس الذي هو كالحيض ، وما في بعض النصوص السابقة(4) من أنّ القرء ما كان بين الحيضتين محمول على الغالب ، فالمراد المدّة التي بين الحيضتين ، أو بين الحيض والنفاس ، فلو طلّقها بعد الوضع قبل أن ترَ دماً ثم رأته لحظة ، ثم رأت الطهر عشراً ، ثم رأت الحيض ثلاثاً كان ما بينهما طهر .


(1) الوسائل: 22 / 183 ـ 190 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب4 .
(2) الكافي: 6 / 100 ح8 ، التهذيب: 8 / 118 ح407 ، الاستبصار: 3 / 332 ح1183 ، الوسائل: 22 / 186 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب4 ح7 .
(3) في ص97 ـ 119 .
(4) في ص137 .
<<التالي الفهرس السابق>>