في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة141)

نعم ، لو اتّصل آخر صيغة الطلاق بأوّل زمان الحيض صحّ الطلاق ، لكن لابدّ في انقضاء العدّة من أطهار تامّة ، فتنقضي برؤية الدم الرابع ، كلّ ذلك في الحرّة(1) .

مسألة 13 : بناءً على كفاية مسمّى الطهر في الطهر الأوّل ولو لحظة وإمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرّة فأقل زمان يمكن أن تنقضي عدة الحرّة ستّة وعشرون يوماً ولحظتان ، بأن كان طهرها الأول لحظة ثمّ تحيض ثلاثة أيّام ، ثمّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام ، ثمّ تحيض ثلاثة أيّام ، ثمّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام ، ثمّ تحيض ، فبمجرّد رؤية الدم الأخير لحظة من أوّله انقضت العدّة ، وهذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدّة ، وإنّما يتوقّف عليها تماميّة الطهر الثالث ، هذا في الحرة ، وأمّا في الأمّة فأقل ما يمكن انقضاء عدّتها لحظتان وثلاثة عشر يوماً .


1 ـ أمّا كون المراد بالقروء في الآية الشريفة الواردة في الطلاق هي: الأطهار لا الحيض ، فقد عرفت(1) دلالة النصّ والفتوى عليه ، وأنّه من امتيازات الشيعة أخذها عن علي(عليه السلام) ، وإن كانت الرواية المكذوبة على علي(عليه السلام) مشتهرة ، لكن من بعده من الأئمّة(عليهم السلام) ولاسيما أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قد بيّنوا الصحيح من السقيم والصدق عن الكذب وقد تقدّم ذلك(2) ، وأمّا الإكتفاء في الطهر الأوّل بمسمّاه ولو قليلا ، بحيث لو طلّقها وقد بقيت من الطهر لحظة فيحسب ذلك طهراً; فلأنّ حقيقة الطهر حاصلة بها فتتحقّق مع الطهرين الآخرين التامّين أطهار ثلاثة ، فيصير انقضاء العدّة برؤية الدم الثالث; ولأنّه لو لم يحصل بها فاللاّزم أن يقال بحصولها بتمام مدّة الطهر أو بأكثرها ، والأوّل غير ممكن مع اعتبار حصول الطلاق في طهر

(1) في ص136 ـ 139 .

(الصفحة142)

مسألة 14: عدّة المتعة في الحامل وضع حملها ، وفي الحائل إذا كانت تحيض قرءان، والمراد بهما هنا حيضتان على الأقوى، وإن كانت لا تحيض وهي في سنّ من تحيض فخمسة وأربعون يوماً ، والمراد من الحيضتين الكاملتان ، فلو وهبت مدّتها أو انقضت في أثناء الحيض لم تحسب بقية تلك الحيضة من الحيضتين(1).


غير  المواقعة ، ودعوى شروع العدّة من الطهر اللاّحق مدفوعة جدّاً ، والثاني لا  دليل عليه أصلا ، فيتعيّن الاكتفاء في الطهر الأوّل باللحظة ، ومن المعلوم افتراقه من الطهر الأخير المتوقف كماله على رؤية الدم الثالث .
نعم ، لو اتّصل آخر صيغة الطلاق بأوّل زمان الحيض فالطلاق صحيح; لعدم وقوعه إلاّ في حال الطهر غير المواقعة ، لكن انقضاء العدّة يتوقف على رؤية الدم الرابع; وذلك لأنّ المفروض عدم ثبوت الطهر بعدالطلاق ولو لحظة ، وكذا المفروض لزوم تحقّق أطهار ثلاثة ، وهي لا تتحقّق إلاّ بذلك ، كل ذلك بالإضافة إلى الحرّة ، وأمّا في الأمة ففيها كلام مستقلّ لم يعدّ المتن ولا الشرح للبحث عن أحكام العبيد والإماء ، كما نبهنا عليه في بعض المواضع ، فاللاّزم الرجوع إلى الكتب المفصّلة كالجواهر وغيرها; لأنّ البحث عن غيرهما قد يرتبط بالبحث عنهما كما لا يخفى .

1 ـ قد تقدّم البحث عن عدّة المتعة في صورة انقضاء مدّتها أو هبتها في البحث عن النكاح المنقطع مفصّلا فراجع(1) ، والفارق بين النكاح الدائم ـ حيث إنّ العدّة فيه ثلاثة أطهار بعد الطلاق أو الانفساخ ـ وبين النكاح المنقطع ـ حيث إنّ العدّة فيه حيضتان كاملتان ، مع أنّه يبدو في النظر أنّه لا فارق بينهما في هذه الجهة المرتبطة بالدخول وعدم اليأس ، ولا فرق بين النكاحين من هذه الحيثية ـ لا يكون إلاّ

(1) تفصيل الشريعة / كتاب النكاح: فصل في النكاح المنقطع .

(الصفحة143)

مسألة 15: المدارفي الشهور هو الهلالي، فإن وقع الطلاق في أوّل رؤية الهلال فلا إشكال ، وإن وقع في أثناء الشهر ففيه خلاف وإشكال ، ولعلّ الأقوى في النظر جعل الشهرين الوسطين هلاليين وإكمال الأوّل من الرابع بمقدار ما فات منه(1).


النصّ; كالفرق بين الحرّة والأمة ، ولعلّ السرّ في أطولية العدّة في النكاح الدائم أنّها مترتبة نوعاً على الطلاق الذي يبغضه الشارع ويكرهه ويريد أن لا يقع ، بخلاف العدّة في النكاح المنقطع ، الذي يريد الشارع بالإضافة إليه التسهيل والتوسعة; لئلا يقعوا في الزنا ، والعمدة هي النص ، كما ذكرنا .

1 ـ لانصراف الشهر في عرف الشرع بل العرف العام إلى الهلالي ، بل لم يستعمل الشهر في الكتاب والسنّة إلاّ في الهلالي ، نعم ربما يقال : بأنّ المراد بالسنة في باب الخمس هي السنة الشمسية; لاختلاف الفصول في حصول الربح نوعاً ، فمضي السنة لا ينطبق إلاّ على مجموع السنة المشتمل على جميع الفصول الأربعة .
وأمّا في غير باب الخمس فالمراد هو الشهر الهلالي; لما ذكر ، ولرواية أبي مريم ، عن أبي عبدالله(عليه السلام)في الرجل كيف يطلّق امرأته وهي تحيض في كلّ ثلاثة أشهر حيضة واحدة؟ قال : يطلّقها تطليقة واحدة في غرّة الشهر ، فإذا انقضت ثلاثة أشهر من يوم طلّقها ، فقد بانت منه وهو خاطب من الخطّاب(1) .
وحينئذ إن وقع الطلاق في أوّل رؤية الهلال كما هو المفروض في الرواية فلا إشكال ، وإن وقع في أثناء الشهر ففيه خلاف وإشكال .
وقد ذكر المحقّق في الشرائع: ولو طلّقت في أثنائه اعتدّت بهلالين ، وأخذت من

(1) التهذيب: 8 / 120 ح414 ، الاستبصار: 3 / 324 ح1152 ، الوسائل: 22 / 200 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب13 ح3 .

(الصفحة144)

مسألة 16 : لو اختلفا في انقضاء العدّة وعدمه قدّم قولها بيمينها ، سواء ادّعت الانقضاء أو عدمه ، وسواء كانت عدّتها بالأقراء أو الأشهر(1) .


الثالث بقدر الفائت من الشهر الأوّل ، وقيل: تكملة ثلاثين وهو الأشبه(1) . هذا ، ولكنّ الظاهر هو القول الأوّل ، لتحقّق شهرين هلاليين ، والتكميل من الشهر الآخر بقدر الفائت من الشهر الأوّل ، فلا وجه لتكميل ثلاثين ، كما أنّه لا وجه للقول باعتبار العددي في الجميع ، بعد كون الشهر قد يكون تسعة وعشرين وقد يكون ثلاثين .

1 ـ الوجه في تقدّم قولها بيمينها ولو كان مخالفاً للأصل ، كما إذا ادّعت الانقضاء مع كون مقتضى الأصل العدم ، ما مرّ(2) من الروايتين الدالّتين على أنّ أمر العدّة بيد النساء ، وقد فوّض الله أمرها إليهنّ ، ومقتضى إطلاقهما عدم الفرق بين الموارد المختلفة المذكورة في المتن .


(1) شرائع الإسلام: 3 / 36 .
(2) في ص133 .

(الصفحة145)








القول في عدّة الوفاة


مسألة 1 : عدّة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيّام إذا كانت حائلا ، صغيرة كانت أو كبيرة ، يائسة كانت أو غيرها ، مدخولا بها كانت أم لا ، دائمة كانت أو منقطعة ، من ذوات الأقراء كانت أو لا . وإن كانت حاملا فأبعد الأجلين من وضع الحمل والمدّة المزبورة(1) .


1 ـ الأصل في هذه المسألة قوله تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّونَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشْراً}(1) ولا ينافيه قوله تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لاَِزْوَاجِهِم مَتَاعاً إِلَى الحَوْلِ}(2) بناءً على أنّ المراد منها الاعتداد بالسنة; لأنّها حينئذ منسوخة بالاُولى ، ومقتضى إطلاقه عدم الفرق بين الموارد المذكورة حتى بالنسبة إلى الزوجة غير المدخول بها ، التي لا  عدّة لها في الطلاق ، كما أنّه لا فرق بين أن يكون الزوج كبيراً أو صغيراً ، وكذلك

(1) سورة البقرة: 2/234 .
(2) سورة البقرة: 2 / 240 .

(الصفحة146)



لا فرق بين أن يكون الزوج حرّاً أو عبداً . نعم ، في رواية عدمها على غير المدخول بها كصورة الطلاق ، وهي :
رواية محمد بن عمر السّاباطي قال: سألت الرضا(عليه السلام)عن رجل تزوّج امرأة ، فطلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال : لا عدّة عليها . وسألته عن المتوفى عنها زوجها من قبل أن يدخل بها؟ قال : لا عدّة عليها ، وهما سواء(1) .
لكن في الجواهر إنّها من الشواذ المطروحة; لمنافاتها إطلاق الكتاب والسنّة(2)وإجماع المسلمين ، مضافاً إلى ظهور الفرق بين عدّة الطلاق وعدّة الوفاة ، التي هي في الحقيقة لإظهار الحزن والتفجع على الزوج والاحترام لفراشه; ولذلك اعتبرت بالأشهر ، وأمر فيها بالحداد ، بخلاف عدّة الطلاق المعتبر فيها الأقراء أوّلا وبالذات(3) . هذا كلّه بالإضافة إلى الحائل .
وأمّا الحامل فعدّتها أبعد الأجلين من وضع الحمل والمدّة المزبورة ، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى نفي وجدان الخلاف فيه عند أصحابنا الإماميّة(4) ـ وجود روايات كثيرة دالّة عليه ، مثل :
صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال: في الحامل المتوفّى عنها زوجها تنقضي عدّتها آخر الأجلين(5) .
والمراد بالأجلين وضع الحمل والمدّة المزبورة .


(1) التهذيب: 8 / 144 ح497 ، الاستبصار: 3 / 339 ح1210 ، الوسائل: 22 / 248 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب35 ح4 .
(2) الوسائل: 22 / 235 / 239، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب30 .
(3) جواهر الكلام: 32 / 274 .
(4) مسالك الافهام: 9 / 274 ، جواهر الكلام: 32 / 275 .
(5) الكافي: 6/114 ح2، التهذيب: 8/150 ح519، الوسائل: 22 / 239 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب31 ح1.

(الصفحة147)



وموثّقة سماعة قال : قال: المتوفّى عنها زوجها الحامل ، أجلها آخر الأجلين إن كانت حبلى ، فتمّت لها أربعة أشهر وعشر ولم تضع ، فإنّ عدّتها إلى أن تضع ، وإن كانت تضع حملها قبل أن يتمّ لها أربعة أشهر وعشر ، تعتدّ بعدما تضع تمام أربعة أشهر وعشر ، وذلك أبعد الأجلين(1) .
ورواية محمد بن قيس ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : قضى أمير المؤمنين(عليه السلام) في امرأة توفّي زوجها وهي حبلى ، فولدت قبل أن تنقضي أربعة أشهر وعشر فتزوّجت ، فقضى أن يخلّي عنها ثم لا يخطبها حتى ينقضي آخر الأجلين ، فإن شاء أولياء المرأة أنكحوها وإن شاءوا أمسكوها ، فإنْ أمسكوها ردّوا عليه ماله(2) .
إلى غير ذلك من الروايات(3) الواردة في هذا المجال .
وربما يقال: بأنّ لزوم الاعتداد بأبعد الأجلين هو مقتضى الجمع بين الآيتين(4): الآية الواردة في الأحمال ، والآية الواردة في عدّة الوفاة بعد عدم لزوم الاعتداد مكرّراً ، بل تتداخل العدّتان ، فإنّ امتثالهما حينئذ يحصل بالاعتداد بأبعد الأجلين ، ويرد عليه:
أوّلا: أنّ آية الأحمال واردة في المطلّقات ، ولا إطلاق لها يشمل عدّة الوفاة .
وثانياً: لا دليل على عدم التداخل حينئذ ، وقد مرّ(5) نظيره سابقاً ، فالعمدة هي الروايات الواردة في المقام ، التي تقدّم بعضها .


(1) الكافي: 6/113 ح1، التهذيب: 8/150 ح518، الوسائل: 22 / 240 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب31 ح2.
(2) الكافي: 6 / 114 ح4 ، الوسائل: 22 / 240 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب31 ح3 .
(3) الوسائل: 22 / 239 ـ 241 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب31 .
(4) سورة البقرة: 2 / 234 ، سورة الطلاق: 65 / 4 .
(5) في ص129 ـ 131 .

(الصفحة148)

مسألة 2 : المراد بالأشهر هي الهلالية ، فإن مات عند رؤية الهلال اعتدّت بأربعة أشهر وضمّت إليها من الخامس عشرة أيام ، وإن مات في أثناء الشهر فالأظهر أنّها تجعل ثلاثة أشهر هلاليات في الوسط ، وأكملت الأوّل بمقدار ما مضى منه من الشهر الخامس حتى تصير مع التلفيق أربعة أشهر وعشرة أيام(1) .


1 ـ قد عرفت(1) أنّ المراد بالأشهر في عرف الشارع بل في العرف العام هي: الأشهر الهلاليّة . فلو مات عند رؤية الهلال من شهر اعتدّت بأربعة أشهر ، وضمّت إليهامن الخامس عشرة أيام، وتبين كما في الشرائع بغروب الشمس من اليوم العاشر; لأنّه نهاية اليوم(2) . للإجماع(3) على أنّ المراد بالعشر عشر ليال مع عشرة أيام، خلافاًللأوزاعي(4) فأبانهابطلوع فجرالعاشرلتذكيرالعددفي الآية،المقتضي للتأنيث في تمييزه فيكون ليالي . لكن في الجواهر أنّ المحكيّ عن بعض أهل العربيّة أنّ ذلك مع ذكر التمييز ، أمّا مع عدمه كما في الآية فلا يدلّ على ذلك ، ويجوز تناوله للمذكر والمؤنث ، بل قد يقال: كما فيها ، أنّ كونه مؤنثاً لا ينافي إرادة عشر ليال بأيّامها(5) .
وإن مات في أثناء الشهر ، فإن كان الباقي أقلّ من عشرة أيّام كما إذا بقي من الشهر ثلاث تحسب أربعاً هلالية أيضاً ، وتكمل باقي العشر من الشهر السادس ، وإن كان الباقي أكثر جاء البحث السابق الذي مقتضاه هنا جعل ثلاثة أشهر هلاليات في الوسط ، وإكمال الأوّل بمقدار ما مضى منه من الشهر الخامس

(1) في ص143 .
(2) شرائع الإسلام: 3 / 38 .
(3) مسالك الافهام: 9 / 273 .
(4) المغني لابن قدامة: 9 / 107 ، الشرح الكبير: 9 / 90 ، المغني المحتاج: 3 / 395 ، الخلاف: 5 / 67 .
(5) جواهر الكلام: 32 / 275 .

(الصفحة149)

مسألة 3 : لو طلّقها ثم مات قبل انقضاء العدّة ، فإن كان رجعيّاً بطلت عدّة الطلاق ، واعتدّت من حين موته عدّة الوفاة ، إلاّ في المسترابة بالحمل فإنّ فيها محل تأمّل ، فالأحوط لها الاعتداد بأبعد الأجلين من عدّة الوفاة ووظيفة المسترابة ، فإذا مات الزوج بعد الطلاق بشهر مثلا تعتدّ عدّة الوفاة ، وتتم عدّة المسترابة إلى رفع الريبة وظهور التكليف ، ولو مات بعد سبعة أشهر اعتدت بأبعدهما من اتضاح الحال وعدّة الوفاة ، ولو كانت المرأة حاملا اعتدت بأبعد الأجلين منها ومن وضع الحمل كغير المطلّقة . وإن كان بائناً اقتصرت على إتمام عدّة الطلاق ولا عدّة لها بسبب الوفاة(1) .


حتّى تصير مع التّلفيق أربعة أشهر وعشرة أيام .
هذا ، وربما يمكن أن يتوهم هنا أنّ ذكر العشر قرينة على أنّ الشهر قد حسب ثلاثين ، بخلاف ما مرّ من الشهور في عدّة الطلاق ، فإنّ خلوّه عن مثل العشر قرينة على إرادة عرف الشرع من الشهر الهلالي ، ولكن قرينية ذكر العشر على ذلك ممنوعة ، بل العرف المذكور بحاله ، فلا اختلاف بين المقامين من هذه الجهة ، فكما أنّ المراد بالشهر هناك الهلالي ، وفي صورة الانكسار يتوقف التلفيق على ما ذكر ، كذلك المراد بالشهر هنا أيضاً ذلك ، والتلفيق متحقّق بما ذكرنا ، فتدبّر جيّداً .

1 ـ لو طلّقها ثمّ مات قبل انقضاء العدّة ، فتارةً يكون الطلاق رجعياً ، واُخرى يكون بائناً ، فهنا مقامان :
المقام الأوّل : فيما إذا كان الطلاق رجعيّاً ، فقد لا تكون المرأة حاملا ولا مسترابة بالحمل، بل هي حائل غيرمسترابة، وقدتكون حاملا،وقد تكون مسترابة.
أمّا الصورة الاُولى: فالظاهر بطلان عدّة الطلاق ، ولزوم الاعتداد من حين

(الصفحة150)



الموت عدّة الوفاة ، ويدل عليه الروايات الكثيرة ، مثل :
رواية هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله(عليه السلام): في رجل كانت تحته امرأة فطلّقها ، ثم مات قبل أن تنقضي عدّتها ، قال : تعتدّ أبعد الأجلين عدّة المتوفى عنها زوجها(1) .
ومرسلة جميل بن درّاج ، عن أحدهما(عليهما السلام): في رجل طلّق امرأته طلاقاً يملك فيه الرجعة ثم مات عنها ، قال: تعتدّ بأبعد الأجلين أربعة أشهر وعشراً(2) .
ورواية محمد بن قيس ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : سمعته يقول : أيّما امرأة طلّقت ، ثم توفّي عنها زوجها قبل أن تنقضي عدّتها ولم تحرم عليه فانّها ترثه ، ثم تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها ، وإن توفّيت وهي في عدّتها ولم تحرم عليه فإنّه يرثها(3) .
ورواية سماعة قال: سألته عن رجل طلّق امرأته ، ثم إنّه مات قبل أن تنقضي عدّتها؟ قال : تعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها ولها الميراث(4) .
ورواية محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن رجل طلّق امرأته تطليقةً على طهر ، ثمّ توفّي عنها وهي في عدّتها؟ قال : ترثه ، ثم تعتدّ عدّة المتوفى عنها زوجها ، وإن ماتت قبل انقضاء العدّة منه ورثها وورثته(5) .
إلى غير ذلك من الروايات الواردة ، مضافاً إلى أنّ المعتدّة الرجعية بحكم

(1) الكافي: 6 / 121 ح5 ، التهذيب: 8 / 149 ح516 ، الاستبصار: 3 / 343 ح1224 ، الوسائل: 22 / 249 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب36 ح1 .
(2) الكافي: 6 / 120 ح1 ، الوسائل: 22 / 250 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب36 ح5 .
(3) الكافي: 6 / 121 ح6 ، التهذيب: 8 / 149 ح517 ، الاستبصار: 3 / 343 ح1225 ، الوسائل: 22 / 250 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب36 ح3 .
(4) الفقيه: 3 / 353 ح1691 ، الوسائل: 22 / 251 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب36 ح9 .
(5) التهذيب: 8 / 81 ح195 ، الوسائل: 26 / 224 ، أبواب ميراث الأزواج ب13 ح5 .

(الصفحة151)



الزوجة ، فتشملها الآية(1) الواردة في عدّة الوفاة ، وكذا آية الإرث(2) وغيرها .
أمّا الصورة الثانية : وهي ما لو كانت المعتدّة الرجعية حاملا ، فإنّ عدّتها هي العدّة في الحامل المتوفّى عنها زوجها غير المطلّقة من أبعد الأجلين ومن المدّة المزبورة; لاقتضاء كونها زوجة ذلك ، وقد تقدّم(3) البحث في عدّة الحامل المتوفّى عنها زوجها في غير صورة الطلاق .
أمّا الصورة الثالثة : وهي ما لو كانت المعتدّة الرجعية مسترابة بالحمل ، ففي الجواهر: أنّ في الاجتزاء فيها بعدّة الوفاة أي الأربعة أشهر وعشراً ، أو مع المدّة التي يظهر فيها عدم الحمل ، أو وجوب إكمال العدّة المطلّقة بثلاثة أشهر بعد التسعة أو السنة ، أو وجوب أربعة أشهر وعشراً بعدها أوجهاً: أقواها الأوّل; لاندراجها في عنوان الزوجة ، فتشملها الأدلّة العامة الواردة في المتوفّى عنها زوجها ، وبطلان حكم الطلاق بالنسبة إلى ذلك ، قال: ولا ينافيه وصفها بأبعد الأجلين المنزل على الغالب ، فلا يعارض إطلاق غيره من النصوص المتروك فيه الوصف المزبور ، فيكتفي بها حينئذ ما لم يظهر الحمل لأصل العدم ، وإلاّ اعتدت بأبعد الأجلين من وضعه ، ومن الأربعة أشهر وعشر كالحامل غير المطلّقة(4) .
وقد احتاط وجوباً بالاعتداد بأبعد الأجلين من عدّة الوفاة . ووظيفة المسترابة ، فإذا مات الزوج بعد الطلاق بشهر مثلا تعتدّ عدّة الوفاة ، وتتم عدّة المسترابة إلى رفع الريبة وظهور التكليف ، ولو مات بعد سبعة أشهر اعتدّت

(1) سورة البقرة: 2 / 234 .
(2) سورة النساء: 4 / 7 ، 11 ، 12 .
(3) في ص146 ـ 147 .
(4) جواهر الكلام: 32 / 261 .

(الصفحة152)



بأبعدهما من اتضاح الحال وعدّة الوفاة .
واللاّزم ملاحظة الخبرين الواردين في المسترابة فنقول :
أحدهما : خبر عمّار السّاباطي قال : سئل أبو عبدالله(عليه السلام): عن الرجل عنده امرأة شابة ، وهي تحيض في كلّ شهرين ، أو ثلاثة أشهر حيضةً واحدةً ، كيف يطلّقها زوجها؟ فقال : أمر هذه شديد ، هذه تطلّق طلاق السنّة تطليقةً واحدةً على طهر من غير جماع بشهود ، ثم تترك حتى تحيض ثلاث حيض ، متى حاضتها فقد انقضت عدّتها ، قلت له : فإن مضت سنة ولم تحض فيها ثلاث حيض؟ فقال : يتربّص بها بعد السنة ثلاثة أشهر ، ثمّ قد انقضت عدّتها ، قلت : فإن ماتت أو مات زوجها؟ قال : أيّهما مات ورث صاحبه ما بينه وبين خمسة عشر شهراً(1) .
ثانيهما : خبر سورة بن كليب قال : سئل أبو عبدالله(عليه السلام) عن رجل طلّق امرأته تطليقةً واحدةً على طهر من غير جماع بشهود طلاق السنّة ، وهي ممّن تحيض ، فمضى ثلاثة أشهر فلم تحض إلاّ حيضة واحدة ، ثم ارتفعت حيضتها حتى مضى ثلاثة أشهر اُخرى ، ولم تدر ما رفع حيضتها ، فقال : إن كانت شابة مستقيمة الطمث ، فلم تطمث في ثلاثة أشهر إلاّ حيضة ، ثمّ ارتفع طمثها ، فلا تدري ما رفعها ، فإنّها تتربّص تسعة أشهر من يوم طلّقها ، ثم تعتدّ بعد ذلك ثلاثة أشهر ، ثم تتزوّج إن شاءت(2) .
وذكر صاحب الجواهر: أنّ الأوّل معرض عنه ، وهما غير شاملين للفرض

(1) التهذيب: 8 / 119 ح410 ، الاستبصار: 3 / 322 ح1148 ، الوسائل: 22 / 199 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب13 ح1 .
(2) التهذيب: 8 / 119 ح411 ، الاستبصار: 3 / 322 ح1149 ، الوسائل: 22 / 199 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب13 ح2 .

(الصفحة153)

مسألة 4: يجب على المرأة في وفاة زوجها الحدادمادامت في العدّة ، والمراد به:ترك الزّينة في البدن بمثل التكحيل والتطيبوالخضابوتحميرالوجه والخطاط ونحوها ، وفي اللباس بلبس الأحمر والأصفر والحلّي ونحوها . وبالجملة ترك كلّ ما يعدّ زينةً تتزيّن به للزوج ، وفي الأوقات المناسبة له في العادة كالأعياد والأعراس ونحوهما ، ويختلف ذلك بحسب الأشخاص والأزمان والبلاد ، فيلاحظ في كلّ بلد ما هو المعتاد والمتعارف فيه للتزيين . نعم ، لا بأس بتنظيف البدن واللباس ، وتسريح الشعر ، وتقليم الأظفار ، ودخول الحمّام ، والافتراش بالفراش الفاخر ، والسكنى في المساكن المزيّنة ، وتزيين أولادها وخدمها(1) .


قطعاً(1) ، هذا ومقتضى الاحتياط ما أفاده في المتن ممّا تقدّم .
المقام الثاني : فيما إذا كان الطلاق بائناً ، وقد نفى وجدان الخلاف فيه(2) في لزوم الاقتصار على إتمام عدّة الطلاق ، وذلك لأنّها أجنبية ولابد من انقضاء العدّة ، ثمّ يكون الزوج خاطباً من الخطّاب بدون المحلّل أو معه كما لا يخفى . لكن في مرسلة علي بن إبراهيم المضمرة بل عن غير الإمام(عليه السلام) في المطلّقة البائنة إذا توفّي عنها زوجها وهي في عدّتها قال : تعتدّ بأبعد الأجلين(3) .
وذكر صاحب الوسائل عقيب نقل الرواية: هذا يحتمل الحمل على الاستحباب ، ويحتمل أن تكون البائنة مستعملة بالمعنى اللغوي ، ويكون مخصوصاً بالرجعي .

1 ـ امّا أصل وجوب الحداد ولزومه على المرأة في عدّة وفاة زوجها ما دامت في العدّة ، فيدلّ عليه ـ مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه ـ روايات متعدّدة واردة في بيان

(1 و 2) جواهر الكلام: 32 / 262 .
(3) الكافي: 6 / 120 ح2 ، الوسائل: 22 / 250 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب36 ح6 .

(الصفحة154)



وجوبه أو كيفيته ، مثل :
رواية زرارة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : المتوفى عنها زوجها ليس لها أن تطيّب ولا تزيّن حتى تنقضي عدّتها أربعة أشهر وعشرة أيام(1) .
ورواية ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن المتوفّى عنها زوجها؟ قال : لا تكتحل للزينة ، ولا تطيب ، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً ، ولا تبيت عن بيتها ، وتقضي الحقوق ، وتمتشط بغسلة ، وتحجّ ، وإن كان في عدّتها(2) .
ومرسلة أبي يحيى الواسطي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : يحدّ الحميم على حميمه ثلاثاً ، والمرأة على زوجها أربعة أشهر وعشراً(3) .
وقيام الدليل على عدم ثبوت الوجوب في الأول لا يستلزم عدم الوجوب في الثاني كما لا يخفى . إلى غير ذلك من الروايات(4) .
والحداد من الحدّ بمعنى المنع من حدّت المرأة تحدّ حدّاً أي منعت نفسها من التزيين فهي حادّة ، وقد وقع التعبير بهذا العنوان في بعض الروايات المتقدّمة كمرسلة الواسطي وجملة من الروايات الاُخر ، والمراد منه ترك كلّ ما يعدّ زينة واُريد به التزيّن للزوج ، سواء كان مرتبطاً بالبدن كالاكتحال لا للمداواة ، بل للتزيين والتطيّب والخضاب وتحمير الوجه ، أو التصرّف في شعر الرأس بإيجاد لون خاص فيه لما ذكر أو إيجاد شكل خاص فيه كذلك ، أو مرتبطاً باللباس كالألبسة الخاصة المعدّة للتزيين ، أو اللبس في أوقات مخصوصة مناسبة له كالأعياد

(1) الكافي: 6 / 117 ح12 ، الوسائل: 22 / 234 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح4 .
(2) الكافي: 6/116 ح4، التهذيب: 8/159 ح551، الوسائل: 22 / 233 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح2.
(3) التهذيب: 8 / 161 ح559 ، الوسائل: 22 / 234 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح6 .
(4) الوسائل: 22 / 223 ـ 235 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 .

(الصفحة155)



والأعراس ونحوهما ، ومن المعلوم اختلاف ذلك بحسب الأشخاص من جهة السنّ ، ومن جهة الغنى والفقر ، ومن جهة الشرف وغيره ، وبحسب الأزمان والأمكنة ، ولعلّ الاكتحال كان من ذلك في الأزمنة السالفة دون مثل زماننا .
هذا ، وأمّا مثل تنظيف البدن ولو بالدلك ، وكذا تنظيف اللباس وتسريح الشعر ، ودخول الحمّام ، والافتراش بالفراش الفاخر ، والسكنى في المساكن المزيّنة ، وتزيين الأولاد والاخدام فلا مانع منه; لعدم كون الغرض من ذلك التزيين ، فإنّ من دخل الحمام لتنظيف البدن وكذا من غسل ثوبه الوسخ ، لا يكون عمله مصداقاً للتزيين ، وعلى ما ذكرنا فالعناوين المذكورة في جملة من الروايات لا خصوصية فيها ، بل المناط مجرد التزيين بها وصدقه عادة المختلف بحسب ما ذكر . نعم في جواز المبيت في غير بيتها كلام يأتي .
نعم في موثقة عمّار الساباطي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه سأله عن المرأة يموت عنها زوجها ، هل يحلّ لها أن تخرج من منزلها في عدّتها؟ قال : نعم وتختضب وتكتحل وتمتشط وتصبغ وتلبس المصبغ ، وتصنع ما شاءت بغير زينة لزوج(1) .
وفي الجواهر «لغير ريبة من زوج» . . . بل في الوافي قد مضى حديث آخر(2) بهذا الإسناد فيما تفعل المطلّقة في عدّتها ، وكان مضمونه قريباً من مضمون هذا الحديث إلاّ ما تضمن صدره ، ويشبه أن يكون الحديثان واحداً ، وإنّما ورد في المتوفّى عنها زوجها والمطلّقة جميعاً وقد سقط منه شيء(3) ، ويمكن حملها على إرادة جواز فعل ذلك للضرورة ، بل ربّما كان في قوله(عليه السلام): «لغير ريبة من زوج» إشعار بذلك على أنّ

(1) الفقيه: 3 / 328 ح1591 ، الوسائل: 22 / 234 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح7 .
(2) أي في الوافي : 23 / 1206 ح13 .
(3) الوافي : 23 / 1220 ح18 وذيله .

(الصفحة156)

مسألة 5 : الأقوى أنّ الحداد ليس شرطاً في صحّة العدّة ، بل هو تكليف مستقل في زمانها ، فلو تركته عصياناً أو جهلا أو نسياناً في تمام المدّة أو بعضها ، لم يجب عليها استئنافها وتدارك مقدار ما اعتدّت بدونه(1) .


التدهن والامتشاط ليس مطلقهما من الزينة (1) .
أقول : إنّ عنوان الزوج بهذه الصورة المذكورة لا ينطبق على المعتدّة بعد فرض كونها في العدّة ، ويحرم النكاح فيها قطعاً ، فاللاّزم أن يكون المراد هو الزوج التقديري ، وعليه فالراجح في النظر أن يكون الصادر ما في الجواهر لا ما في الوسائل . فتدبّر والأمر سهل .

1 ـ المشهور(2) على ما حكاه غير واحد أنّ الحداد واجب تعبّدي ، وتكليف مستقلّ لا شرطي لتحقّق الاعتداد ، فلو أخلّت به عالمةً عامدةً وعصياناً لم يبطل الاعتداد ، ولا منافاة بين المعصية وانقضاء العدّة ، بل لو فرض النكاح في العدّة لا يوجب عدم الانقضاء ، فيجوز التزويج بالثالث بعده ، وحكي عن أبي الصلاح وبعض آخر(3) إبطال العدّة بالإخلال به مطلقاً أو حال العمد خاصة على اختلاف النقلين; لعدم حصول الامتثال فيجب الاستئناف . وردّ بأنّه لا دليل على شرطيته بل ظاهر الأدلّة خلافه .
وفي الجواهر: ولكن الانصاف عدم خلوّه عن الوجه ، خصوصاً مع ملاحظة

(1) جواهر الكلام: 32 / 278 .
(2) مسالك الافهام: 9 / 279 ، نهاية المرام: 2 / 101 ، الحدائق الناضرة: 25 / 478 ، رياض المسائل: 7 / 379 ـ 380 ، جواهر الكلام: 32 / 283 .
(3) نقل ذلك عن أبي الصلاح والسيد الفاخر شارح الرسالة في مسالك الافهام: 9 / 279 ونهاية المرام: 2 / 102 ، ولكن لم نعثر عليهما .

(الصفحة157)

مسألة 6 : لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة والذمّية ، كما لا فرق على الظاهر بين الدائمة والمنقطعة ، نعم لا يبعد عدم وجوبه على من قصرت مدة تمتعها كيوم أو يومين ، وهل يجب على الصغيرة والمجنونة أم لا؟ قولان أشهرهما الوجوب بمعنى وجوبه على وليّهما ، فيجنبهما عن التزيين ما دامتا في العدّة ، وفيه تأمّل وإن كان أحوط(1) .


الاحتياط وقاعدة وجوب الشيء في الشيء والنصوص(1) المتكثرة التي ستسمع جملة منها في تعليل وجوب الاعتداد عليها عند بلوغ الخبر ، بخلاف المطلّقة بوجوب الحداد عليها أي في عدّتها بخلافها ، بل قال أبو جعفر(عليه السلام) في خبر زرارة منها: إن مات عنها ـ يعني: وهو غائب ـ فقامت البيّنة على موته ، فعدّتها من يوم يأتيها الخبر أربعة أشهر وعشراً; لأنّ عليها أن تحدّ عليه في الموت أربعة أشهر وعشراً ، فتمسك عن الكحل والطيب والأصباغ(2) . لا أقل من الشك في انقضاء العدّة بدونه ، فتأمّل جيّداً(3) .
وأنت خبير بعدم دلالة شيء ممّا ذكر على الوجوب الشرطي ، بل مقتضى القاعدة مع عدم الدليل عليه عدم الإشتراط; لأنّه أمر ثالث يحتاج إليه .

1 ـ لافرق في وجوب الحداد بين الزوجة المسلمة والكافرة الذمّية ، وقد صرّح بذلك غيرواحد(4)، والدليل عليه إطلاق الأدلّة، كما أنّه لافرق بين الدائمة والمنقطعة.


(1) الوسائل: 22 / 228 ـ 232 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب28 .
(2) الكافي: 6 / 112 ح6 ، التهذيب: 8 / 163 ح566 ، الاستبصار: 3 / 354 ح1269 ، الوسائل: 22 / 233 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب29 ح1 .
(3) جواهر الكلام: 32 / 283 .
(4) شرائع الإسلام: 3 / 38 ، مسالك الافهام: 9 / 278 ، رياض المسائل: 7 / 379 ، جواهر الكلام: 32/ 381 .

(الصفحة158)



نعم ، نفى في المتن البعد عن عدم وجوب الحداد على من قصرت تمتعها كيوم أو يومين ، ولعلّ السرّ فيه أنّ الحداد قد روعي فيه احترام الزوج وشأنه ، فكما أنّها تتربّص أربعة أشهر وعشراً ، ولا يجوز لها الإقدام على التزويج حفظاً لمقام الزوج ، كذلك تحدّ الزوجة لذلك ، وتمنع نفسها عمّا به تتحقّق الزينة ، وإن شئت قلت : إنّ المنقطعة وإن كانت زوجة شرعاً ، ويجب عليها الاعتداد ولو كانت مدّة التمتّع بها قليلة ، إلاّ أنّه لا يبعد أن يقال بانصراف أدلّة الحداد عنها; لأنّه بملاحظة ما ذكرنا ينحصر بما إذا كانت الزوجة مع الزوج كثيراً ، فتراعى في العدّة احترامه ، وأمّا مع عدم الكون معه إلاّ قصيراً ، لا يبقى مجال للزوم الرعاية المذكورة .
وهل يجب الحداد على الزوجة الصغيرة أو المجنونة أيضاً أم لا؟ قولان أشهرهما الوجوب ، وقد صرّح بذلك المحقّق في الشرائع(1) . وعن ابن إدريس(2) والعلاّمة في المختلف(3) التردّد في ذلك ، بل في محكيّ كشف اللثام(4) هو ـ أي: عدم الوجوب ـ هو الأقوى وفاقاً للجامع(5) . وجه التردد إطلاق الأدلّة من ناحية ، وعدم توجّه التكليف إلى الصغيرة والمجنونة من ناحية اُخرى ، وتكليف الولي غير معلوم ، ولا إشارة في الأدلّة إليه ، ولا مفهوم من أمرها بالحداد ، ولكن ذكر في الجواهر قد يقال: لا يخفى على من رزقه الله فهم اللّسان مساواة الأمر بالحداد للأمر بالاعتداد ،

(1) شرائع الإسلام: 3 / 38 .
(2) السرائر: 2 / 739 .
(3) مختلف الشيعة: 7 / 477 .
(4) كشف اللثام: 2 / 139 .
(5) الجامع للشرائع: 472 .

(الصفحة159)

مسألة 7 : يجوز للمعتدّة بعدّة الوفاة أن تخرج من بيتها في زمان عدّتها والتردّد في حوائجها خصوصاً إذا كانت ضرورية ، أو كان خروجها لاُمور راجحة كالحج والزيارة وعيادة المرضى وزيارة أرحامها ولا سيّما والديها ، نعم ينبغي بل الأحوط أن لا تبيت إلاّ في بيتها ، الذي كانت تسكنه في حياة زوجها أو تنتقل منه إليه للاعتداد بأن تخرج بعد الزوال وترجع عند العشي ، أو تخرج بعد نصف الليل وترجع صباحاً(1) .


الذي لا خلاف فيه بين المسلمين فضلا عن المؤمنين في جريانه على الصغيرة على معنى تكليف الوليّ بالتربّص بها ، فيجري مثله في الحداد ولا حاجة إلى الاشارة في النصوص إلى خصوص ذلك ، ضرورة معلومية توجه التكليف إلى الأولياء في كلّ ما يراد عدم وجوده في الخارج(1) .
قلت : الفرق بين الحداد والاعتداد: أنّ الغرض المهم من الاعتداد عدم التزويج بالغير ، خصوصاً فيما لو احتمل اختلاط المياه كما في المجنونة والكبيرة والمدخول بها . وأمّا الحداد فليس إلاّ مجرّد تكليف ، وقد عرفت أنّه تكليف مستقل ، ولا يكون شرطاً في العدّة . ومن المعلوم انتفاء التكليف عن الصبي حتّى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق ، وليست المحرّمات التي يجب على الولي منع الصغير والمجنون عنها في رتبة واحدة ، ولو كان الولي واجباً عليه الأمر بالحداد والتجنيب عن التزيين لقد اُشير إليه في تلك الروايات الكثيرة الواردة في الحداد ، ومع ذلك يكون مقتضى الاحتياط الاستحبابي الرعاية .

1 ـ الكلام في هذه المسألة إنّما هو في أمرين :


(1) جواهر الكلام: 32 / 381 .

(الصفحة160)



أحدهما : أنّ المعتدّة بعدّة الوفاة ، هل يجوز لها الخروج من بيتها في زمان عدّتها ، والتردّد في حوائجها أو لا يجوز لها ذلك ؟
فنقول : الظاهر دلالة روايات كثيرة على جواز الخروج من منزلها سيّما في الاُمور الراجحة كالحجّ والزيارة ونحوهما ، مثل :
موثقة ابن بكير قال : سألت أبا عبدالله(عليه السلام)عن التي يتوفى عنها زوجها تحجّ؟ قال : نعم ، وتخرج وتنتقل من منزل إلى منزل(1) .
ورواية عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) في المتوفى عنها زوجها أتحجّ وتشهد الحقوق؟ قال : نعم(2) .
ومقتضى إطلاق السؤال وترك الاستفصال في الجواب أنّه لا فرق بين الحجّ الواجب وغيره ، كما أنّه لا فرق بين أن تكون الحقوق المشهود بها هي حقوق الله أو حقوق الناس .
ومكاتبة الصفّار أنّه كتب إلى أبي محمد الحسن بن علي(عليهما السلام) في امرأة مات عنها زوجها وهي في عدّة منه ، وهي محتاجة لا تجد من ينفق عليها وهي تعمل للناس ، هل يجوز لها أن تخرج وتعمل وتبيت عن منزلها في عدّتها؟ قال : فوقّع(عليه السلام): لا بأس بذلك إن شاء الله(3) .
وغير ذلك ممّا يدلّ عليه من الروايات(4) ، فلا إشكال في هذا الأمر .
ثانيهما : أنّ المعتدة المذكورة هل يجوز لها البيتوتة في غير بيتها ، الذي كانت

(1) قرب الاسناد: 168 ح617 ، الوسائل: 22 / 243 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب33 ح3 .
(2) الكافي: 6 / 116 ح5 و 7 ، الوسائل: 22 / 244 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب33 ح4 و 5 .
(3) الفقيه: 3 / 328 ح1590 ، الوسائل: 22 / 246 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب34 ح1 .
(4) الوسائل: 22 / 243 ـ 247 ، كتاب الطلاق ، أبواب العدد ب33 ـ 34 .
<<التالي الفهرس السابق>>