في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة241)



صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : لا يحلّ خلعها حتى تقول لزوجها: والله لا أبرّ لك قسماً ، ولا أطيع لك أمراً ، ولا أغتسل لك من جنابة ولأوطئنّ فراشك ، ولآذننَّ عليك بغير إذنك ، وقد كان الناس يرخّصون فيما دون هذا ، فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حلّ له ما أخذ منها ، وكانت عنده على تطليقتين باقيتين ، وكان الخلع تطليقة ، وقال: يكون الكلام من عندها ، وقال: لو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقاً إلاّ للعدّة(1) .
وصحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : المختلعة التي تقول لزوجها: إخلعني ، وأنا أعطيك ما أخذت منك ، فقال : لا يحلّ له أن يأخذ منها شيئاً حتى تقول: والله لا أبرّ لك قسماً ، ولا أطيع لك أمراً ، ولآذننَّ في بيتك بغير إذنك ولاُوطئنَّ فراشك غيرك ، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها ، حلّ له ما أخذ منها ، وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها ، وكانت بائناً بذلك ، وكان خاطباً من الخطّاب(2) .
وموثّقة سماعة قال : سألته عن المختلعة؟ قال : لا يحلّ لزوجها أن يخلعها حتى تقول: لا أبرّ لك قسماً ، ولا أقيم حدود الله فيك ، ولا أغتسل لك من جنابة ، ولاُوطئنّ فراشك ، وأدخلنّ بيتك من تكره ، من غير أن تعلّم هذا ، ولا يتكلّمون هم ، وتكون هي التي تقول ذلك ، فإذا اختلعت فهي بائن ، وله أن يأخذ من مالها ما قدر عليه ، وليس له أن يأخذ من المبارأة كلّ الذي أعطاها(3) .


(1) الكافي: 6 / 139 ح1 ، التهذيب: 8 / 95 ح322 ، الاستبصار: 3 / 315 ح1121 ، الوسائل: 22 / 280 ، كتاب الخلع والمباراة ب1 ح3 ، وص284 ب3 ح2 .
(2) الكافي: 6 / 140 ح3 ، التهذيب: 8 / 95 ح324 ، الاستبصار: 3 / 315 ح1123 ، الوسائل: 22 / 280 ، كتاب الخلع والمباراة ب1 ح4 ، ص284 ب3 ح3 .
(3) الكافي: 6 / 140 ح2 ، التهذيب: 8 / 95 ح323 ، الاستبصار: 3 / 316 ح1124 ، الوسائل: 22 / 281 ، كتاب الخلع والمباراة ب1 ح5 ، وص288 ب4 ح4 .

(الصفحة242)



لكن في مقابلها ظاهراً صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : إذا قالت المرأة لزوجها جملة: لا أطيع لك أمراً ، مفسّراً أو غير مفسّر ، حلّ له ما أخذ منها ، وليس له عليها رجعة(1) .
وموثّقة سماعة بن مهران قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) : لا يجوز للرجل أن يأخذ من المختلعة حتى تتكلّم بهذا الكلام كلّه ، فقال : إذا قالت لا أطيع الله فيك ، حلّ له أن يأخذ منها ما وجد(2) .
ومع ملاحظة الروايات يقع الكلام في أمرين :
أحدهما : اعتبار كلام مخصوص وجملة خاصة وعدم اعتباره ، ويمكن استكشاف الثاني من اختلاف الروايات الواردة في هذا المجال ، خصوصاً مع ملاحظة شأن نزول الآية الشريفة المتقدّمة ممّا حاصله: أنّه جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان يحبّها وتبغضه ، فقالت: يا رسول الله لا أنا ولا ثابت ولا يجمع رأسي ورأسه شيء ، والله ما أعيب عليه في دين ولا خلق ، ولكن أكره الكفر بعد الإسلام ما أصفه بغضاً ، إنّي رفعت جانب الخباء ، فرأيته أقبل في عدّة ، فإذا هو أشدّهم سواداً ، وأخصرهم قامة ، وأقبحهم وجهاً . فنزلت الآية . وكان قد أصدقها حديقة ، فقال ثابت : يا رسول الله تردّ الحديقة ، فقال رسول الله: ما تقولين؟ فقالت : نعم وأزيده ، فقال : لا ، حديقته فقط ، فاختلعت منه(3) .
ثانيهما : اعتبار الكراهية الشديدة وعدمها ، والظاهر أنّ المراد من الكراهية

(1) التهذيب: 8/97 ح328، الاستبصار: 3/ 316 ح1127 ، الوسائل: 22 / 279 ، كتاب الخلع والمباراة ب1 ح1.
(2) التهذيب: 8/96 ح327، الاستبصار: 3/316 ح1126 ، الوسائل: 22 / 279 ، كتاب الخلع والمباراة ب1 ح2.
(3) مجمع البيان: 2 / 104 ذيل الآية 229 من سورة البقرة ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 3 / 139 ، سنن البيهقي: 7 / 313 .

(الصفحة243)

مسألة 14 : الظاهر أنّه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج كقبح منظره وسوء خلقه وفقره وغير ذلك ، وبين أن تكون ناشئة من بعض العوارض مثل وجود الضّرة وعدم إيفاء الزوج بعض الحقوق الواجبة أو المستحبّة . نعم إن كانت الكراهة وطلب المفارقة من جهة إيذاء الزوج لها بالسبّ والشتم والضرب ونحوها فتريد تخليص نفسها منها فبذلت شيئاً ليطلّقها فطلّقها ، فلم يتحقق الخلع وحرم عليه ما أخذه منها ، ولكن الطلاق صحّ رجعيّاً بالشرط المتقدّم(1) .


الشديدة إن كان قول المرأة لزوجها: لا أطيع لك ، أو لا أطيع الله فيك ، كما في الروايتين الأخيرتين ، فلا شبهة في اعتبارها ، خصوصاً بملاحظة شأن نزول الآية الدالّ على أنّها كانت تبغضه ، مع أنّ الزوجة لها علاقة بالزوج نوعاً بلحاظ تكفّله أمور معيشتها كذلك وارضائه إيّاها لما تقتضيه الغريزة الجنسية ، فإذا صرّحت بعدم إطاعتها له أمراً بنحو النكرة في سياق النفي ، فهو دليل على كمال الكراهة ، ويؤيّده قوله تعالى : { إِلاَّ أن يَخَافا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ}(1) بعد كون المراد ليس مجرّد الخوف كما في قوله تعالى : {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا}(2) على ما تقدّم ، وإن كان المراد أشدّ من ذلك فالدليل لا يساعده .

1 ـ لا فرق بين أن تكون الكراهة المعتبرة في صحة الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج ، كالأوصاف التي أشير إليها في مورد نزول الآية الشريفة : من قبح المنظر ونقصان القامة وشدّة السواد وغير ذلك ، أو ناشئة من بعض العوارض

(1) سورة البقرة: 2 / 229 .
(2) سورة النساء: 4 / 35 .

(الصفحة244)



الخارجية مثل إدخال الضرّة عليها ، أو انكشاف وجودها بعد العقد ، أو عدم إيفاء الزوج بعض الحقوق الواجبة أو المستحبّة، وأمثال ذلك من حين الزوجية أو بعدها.
وأمّا إن كانت الكراهة وطلب المفارقة لأجل إيذاء الزوج لها بالسبّ والشتم والضرب ونحوها ، فتريد تخليص النفس منها ، فتبذل شيئاً ليطلّقها ، فطلّقها لأجل البذل والعوض ، فهذا يكون طلاقاً بالعوض ولا يكون خلعاً ، فيحرم عليه ما أخذه منها ، ولا يكون الطلاق المزبور خُلعاً بل طلاق رجعي مع الاتباع بالطلاق أي بصيغته . ولكن في محكيّ المسالك أنّ هذا بالنسبة إلى الخلع ، وأمّا الطلاق بعوض فمقتضى كلام المصنّف والجماعة(1) كونه كذلك; لاشتراكهما في المعنى ، بل عدّه في المبسوط(2) خلعاً صريحاً ، حيث قسّمه إلى واقع بصريح الطلاق وإلى واقع بغيره ، وجعل الأوّل طلاقاً وخلعاً ، وجعل الخلاف في الثاني هل هو طلاق أم لا؟ وهذا إن كان إجماعاً فهو الحُجة في حكمه ، وإلاّ فلا يخلو من إشكال; لأنّ النصوص(3) إنّما دلّت على توقّف الخلع على الكراهة ، وظاهر الطلاق بعوض أنّه مغاير له ، وإن شاركه في بعض الأحكام(4) .
هذا ، والظاهر أنّ الطلاق بالعوض خالياً عن شرائط الخلع ، التي عمدتها كراهة الزوجة أو شدّة كراهتها لا يكون مشروعاً في نفسه ولا موجباً لحلّية الفداء ، وإن كان منشأ التوهم ما ربّما يظهر من المحقّق(5) ومن جماعة(6) أخرى من الفقهاء ، ولكنّ

(1) الجامع للشرائع: 476 ، إرشاد الاذهان: 2 / 52 ، قواعد الاحكام: 2 / 77 .
(2) المبسوط: 4 / 344 .
(3) الوسائل: 22 / 179 ـ 182 ، كتاب الخلع والمباراة ب1 .
(4) مسالك الافهام: 9 / 420 .
(5) شرائع الإسلام: 3 / 54 .
(6) المبسوط: 4 / 344 ، الجامع للشرائع: 476 ، قواعد الاحكام: 2 / 77 .

(الصفحة245)



الآية الشريفة(1) التي قد علّق فيها عدم الجناح فيما افتدت به على خوف ألاّ يقيما حدود الله ، والروايات(2) الكثيرة التي مرّت جملة منها دلّتا على اعتبار الكراهة أو شدّتها ، كما لا يخفى .
وذكر في الجواهر : أنّه عثر على رسالة كبيرة مصنّفة في هذه المسألة للمحقّق القمي(قدس سره) صاحب القوانين ، وذكر فيها أنّه منذ أربعين سنة أو أزيد كان على خلاف ما ذكره الشهيد(3) ، ولكنّه ظهر له بعد ذلك صحّته ، ولكن ذكر فيها أي في الجواهر أيضاً : أنّه أوفق بفقه الأعاجم المبني على التجشّم والتدقيق على خلاف طريقة المعتدلين من أهل الفنّ(4) .
قلت : إنّي لم أعثر على تلك الرسالة ، إلاّ أنّي أظنّ أنّ منشأ التوهّم المذكور أنّ الخلع يعتبر فيه الفداء بلا إشكال من ناحية ، وكونه قسماً من الطلاق من ناحية أخرى ، فتخيّل أنّ الطلاق بالعوض مطلقاً قسم من الطلاق ، وأنّ عدم الكراهة يمنع عن وقوع الخلع لا الطلاق بالعوض ، مع أنّ كون الخلع قسماً من الطلاق لا دلالة فيه على صحّة الطلاق مع العوض ، خصوصاً مع أنّك عرفت(5) أنّ جعلهم كتاب الخلع والمباراة كتاباً مستقلاًّ بعد كتاب الطلاق ربّما يشعر بعدم كونه منه ، وإن كانت الروايات ربّما يظهر منها خلاف ذلك ، فتدبّر جيّداً .


(1) سورة البقرة: 2 / 229 .
(2) الوسائل: 22 / 179 ـ 182 ، كتاب الخلع والمباراة ب1 .
(3) الروضة البهية: 6 / 90 ، مسالك الافهام: 9 / 420 .
(4) جواهر الكلام: 33 / 56 .
(5) في ص221 ـ 222 .

(الصفحة246)

مسألة 15 : لو طلّقها بعوض مع عدم الكراهة وكون الأخلاق ملتئمة لم يصحّ الخلع ولم يملك العوض ، ولكن صحّ الطلاق بالشرط المقدّم ، فإن كان مورده الرجعي كان رجعيّاً وإلاّ بائناً(1) .

مسألة 16 : طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت ، ولها الرجوع فيه ما دامت في العدّة ، فإذا رجعت كان له الرجوع إليها(2) .


1 ـ قد مرّ في شرح المسألة السابقة أنّ الطلاق بالعوض بهذا العنوان مع عدم وجود شرائط الخلع ، التي عمدتها اعتبار مطلق الكراهة أو الكراهة الشديدة ، لا يكون مشروعاً وموجباً لحليّة العوض ، الذي يأخذه الرجل منها ، ففي كلّ مورد لا يوجد جميع شرائط الخلع لا يتحقّق الخلع ، وكذا ملكيّة العوض .
ووقوع أصل الطلاق رجعيّاً أو بائناً متوقّف على الشرط المتقدّم ، وهو الاتباع بصيغة الطلاق ، وإلاّ فلا يقع خلعاً ولا طلاقاً ، وجعل كتاب الخلع والمباراة كتاباً مستقلاًّ في مقابل كتاب الطلاق لا دلالة فيه على عدم كون الخلع ومثله قسماً للطلاق ، ولعلّ الإفراد لكثرة الأحكام المترتّبة عليه ، وقد عرفت(1) ظهور بعض الروايات بل صراحتها في كون الخلع طلاقاً ، فتدبّر في المقام ، فإنّه من مزالّ الأقدام حتى الأقدام العالية والمقامات العلمية المرتفعة ، كما عرفت بعض كلماتهم .

2 ـ في هذه المسألة اُمور ثلاثة :
الأمر الأوّل : أنّ طلاق الخلع في نفسه طلاق بائن ، لا يجوز للزوج ابتداءً

(1) في ص223 ـ 227 .

(الصفحة247)



الرجوع فيه كالطلاق الرجعي ، ويدلّ عليه الروايات الكثيرة ، مثل :
صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت أبا الحسن الرضا(عليه السلام) عن المرأة تباري زوجها ، أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع ، هل تبين منه بذلك ، أو تكون امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال : تبين منه وإن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت . فقلت: فإنّه قد روي لنا أنّها لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق ، قال : ليس ذلك إذا خلع ، فقلت : تبين منه؟ قال : نعم(1) .
ومفهوم موثّقة فضل أبي العبّاس ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : المختلعة إن رجعت في شيء من الصلح ، يقول: لأرجعنّ في بضعك(2) .
وذيل رواية عبدالله بن سنان الطويلة ، المروية في تفسير علي بن إبراهيم ، المشتمل على قوله(عليه السلام): ولا رجعة للزوج على المختلعة ولا على المبارأة ، إلاّ أن يبدو للمرأة ، فيردّ عليها ما أخذ منها(3) . وغيرها من النصوص(4) الدالة عليه بالصراحة أو الظهور ، وقد تقدّم بعضها .
الأمر الثاني : جواز رجوع المرأة فيما بذلت ما دامت في العدّة مطلقاً ، أي سواء رضي الزوج بذلك أم لم يرض ، وسواء كان المبذول موجوداً أم لا ، ويدلّ عليه جملة من الروايات المتقدّمة وغيرها .
ومقتضى القاعدة وإن كان هو عدم جواز رجوع المرأة ، سواء كان معاوضة أو صلحاً; لأنّ الأصل يقتضي اللزوم سيّما الاستصحاب ، إلاّ أنّه لابدّ من رفع اليد

(1) التهذيب: 8/98 ح332، الاستبصار: 3/318 ح1132 ، الوسائل: 22 / 286 ، كتاب الخلع والمباراة ب3 ح9.
(2) التهذيب: 8 / 100 ح337 ، الوسائل: 22 / 293 ، كتاب الخلع والمباراة ب7 ح3 .
(3) تفسير القمي: 1 / 75 ، الوسائل: 22 / 293 ، كتاب الخلع والمباراة ب7 ح4 .
(4) الوسائل: 22 / 284 ـ 287 و 293 ، كتاب الخلع والمباراة ب3 و7 .

(الصفحة248)

مسألة 17 : الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه بعد رجوعها ، فلو لم يمكن كالمطلقة ثلاثاً ، وكما إذا كانت ممّن ليست لها عدّة كاليائسة وغير المدخول بها ، لم يكن لها الرجوع في البذل ، بل لا يبعد عدم صحّة رجوعها فيه مع فرض عدم علمه بذلك إلى انقضاء محلّ رجوعه ، فلو رجعت عند نفسها ، ولم يطلع عليه الزوج حتى انقضت العدّة ، فلا أثر لرجوعها(1) .


عنها; لدلالة النص الصحيح عليه كما عرفت .
الأمر الثالث : جواز رجوع الزوج إليها بعد رجوعها فيما بذلت ، وقد نفى وجدان الخلاف فيه في الجواهر إلاّ من ابن حمزة(1) . حيث إنّه اعتبر التراضي منهما مع إطلاقهما ، أمّا إذا قيّدا أو أحدهما كان للمرأة الرجوع بما بذلت ، وله الرجوع بها إن شاء ، ولا ريب في ضعفه(2) .
ثم إنّ الظاهر أنّ رجوعها فيما بذلت إنّما يوجب جواز رجوعه بها ، لا صيرورتها زوجة له قهراً ، وإن كان ربّما يشعر به بعض الروايات ، إلاّ أنّ الظاهر هو الملازمة بين جواز رجوعها وجواز رجوعه ، فإذا ردّ إلى الزوجة ما بذلت ولم يرد الرجوع إليها ، لا تعود زوجة أبداً .

1 ـ ظاهر الشيخ(3) بل المنسوب إلى المشهور(4) اشتراط جواز رجوعها

(1) الوسيلة: 332 .
(2) جواهر الكلام: 33 / 63 .
(3) النهاية: 529 .
(4) الروضة البهية: 6 / 106 ، رياض المسائل: 7 / 427 و 428 ، جواهر الكلام: 33 / 63 .

(الصفحة249)



بإمكان صحّة رجوعه وعدمه ، وظاهر غير واحد(1) ممّن أطلق جواز الرجوع بها عدم الاشتراط . هذا ، ولكنَّ ظاهر النصوص المزبورة والروايات المتقدّمة هو الأوّل حتى رواية ابن بزيع ، الظاهرة في صيرورتها امرأة له قهراً بعد رجوعها في البذل إن شاء ، فإنّ التصرّف في هذا الظاهر إنّما هو بهذا المقدار وهو إرادة الزوج الرجوع ، وحتى الموثقة الدالة على الملازمة بين جواز رجوعها في البذل وجواز رجوعه في البضع بعد وضوح أنّ الرجوع في البضع لا يمكن إلاّ في العدّة ، ولعلّه لذا اتّفق الأصحاب على تقييد جواز رجوعها في البذل بما إذا كانت في العدّة مع خلوّ النصوص عنه .
فلو لم تكن للمرأة عدّة أصلا كاليائسة وغير المدخول بها لم يكن لها الرجوع في البذل ، وكذلك إذا كانت لها عدّة ولم يكن للزوج الرجوع فيها أصلا ، كما إذا كان الطلاق بائناً كالطلاق الثالث ، حيث إنّه لا يكون للزوج الرجوع في عدّته ، فلا يجوز لها الرجوع بالبذل وإن كان في العدّة ، والإجماع(2) وإطلاق النصوص(3) وإن كانا على جواز الخلع بالإضافة إلى الزوجة ، التي لا عدّة لها أصلا ، أو كانت عدّته بائناً كالطلاق الثالث ، إلاّ أنّه لا دلالة لهما على عدم تقيّد جواز رجوعها في البذل بما إذا كانت في العدّة ، وكان للزوج الرجوع بعد رجوعها .
ويبقى الكلام فيما لو رجعت في البذل عند نفسها ، ولم يطّلع عليه الزوج حتى انقضت العدّة وفات محلّ رجوعه . فنفى البعد في المتن عن عدم صحّة رجوعها في البذل في هذه الصورة وأنّه لا أثر له ، وعلّله في الجواهر بأنّ الثابت من الأدلّة

(1) شرائع الإسلام: 3 / 55 ، الكافي في الفقه: 308 .
(2) جواهر الكلام: 33 / 63 .
(3) الوسائل: 22 / 179 ـ 182، كتاب الخلع والمباراة ب1.

(الصفحة250)



المزبورة رجوعها في حال علم الزوج بذلك .
أمّا الصحيح الأوّل(1) ، الذي قد اعتبر في شرط كونها امرأة له فأقرب مجازاته حال علمه الذي يكون فيه حينئذ أحقّ ببضعها .
وأمّا الموثقة(2) فجواب الشرط فيه الخطاب بقوله: «لأرجعنّ في بضعك» الذي لا ينطبق إلاّ على حال العلم .
وأمّا الثالث(3) فاختصاص دلالته بحال العلم واضح ، ولم نقف على غيرها ، فيبقى في غير مفادها على أصالة المنع(4) .
ودعوى مقايسة جواز الرجوع بالبذل هنا بجواز رجوع الزوج المطلّق في الطلاق الرجعي ، نظراً إلى أنّه لو لم يعلم بذلك حتّى انقضت العدّة ، لا يسوّغ له الرجوع بمجرّد الجهل ، ولا يبقى المحلّ لفرض انقضاء العدّة ، ففي المقام إذا لم يكن عالماً بذلك فأيّ مانع من جواز رجوعها في البذل; لعدم مدخلية العلم في ذلك ، بل المدار كون الطرف هي العدّة ، والشرط إمكان صحّة رجوعه إلى الزوجة والمفروض ثبوته ، مدفوعة بما عرفت(5) من أنّ جواز الرجوع في البذل على خلاف القاعدة ، والمستفاد من النصوص الواردة جوازه في صورة علم الزوج بأنّ له حقّ الرجوع بالزوجة ، ولا يكفي مجرّد الإمكان مع فرض الجهل .
وكذا دعوى ثبوت الدور في صورة عدم الجواز; نظراً إلى أنّ المتحصّل من

(1) التهذيب: 8/98 ح332، الاستبصار: 3/ 318 ح1132 ، الوسائل: 22 / 286 ، كتاب الخلع والمباراة ب3 ح9.
(2) التهذيب: 8 / 100 ح337 ، الوسائل: 22 / 293 ، كتاب الخلع والمباراة ب7 ح3 .
(3) تفسير القمي: 1 / 75 ، الوسائل: 22 / 293 ، كتاب والخلع المباراة ب7 ح4 .
(4) جواهر الكلام: 33 / 64 .
(5) في ص247 .

(الصفحة251)

مسألة 18 : المباراة قسم من الطلاق ، فيعتبر فيه جميع شروطه المتقدّمة ، ويعتبر فيه ما يشترط في الخلع من الفدية والكراهة ، فهي كالخلع طلاق بعوض ما تبذله المرأة ، وتقع بلفظ الطلاق بأن يقول الزوج بعدما بذلت له شيئاً ليطلّقها : «أنت طالق على ما بذلت» ولو قرنه بلفظ «بارأتك» كان الفراق بلفظ الطلاق من غير دخل للفظ «بارأتك» ولا يقع بقوله «بارأتك» مجرّداً(1) .


الأدلّة كون رجعتها شرطاً في جواز رجوعه ، والشرط لا يتوقّف وجوده على وجود المشروط بالفعل وإلاّ يتحقّق الدور ، فإنّها مدفوعة بعدم ثبوت الدور في المقام ، بعد كون حاصل ما ذكر راجعاً إلى أنّ ثبوت حقّ الرجوع لها في البذل ينحصر بصورة علم الزوج بجواز رجوعه بعد رجوعها ، فجواز رجوعه وإن كان مشروطاً برجوعها في البذل ، إلاّ أنّ رجوعها في البذل مشروط بإمكان رجوعه المتوقف على العلم ، فلا دور أصلا كما لا يخفى . وعليه فلا وجه لما عن القواعد(1)وغيرها(2) من الحكم بالصحة في المقام ، كما لايخفى .

1 ـ المباراة التي هي في اللغة بمعنى المفارقة ، قسم من الخلع الذي هو قسم من الطلاق; لأنّ المعتبر في الخلع كراهية الزوجة أعمّ من كراهية الزوج وعدمها ولااختصاص له بكراهة الزوجة خاصّة ، ويدلّ عليه الاستدلال بآية الفداء(3) على الخلع ، مع أنّها في المباراة باعتبار ظهورها في كون المورد خوفهما من عدم إقامتهما حدود الله ، وهو لا يكون إلاّ مع كراهتهما لا كراهة الزوجة خاصّة ، ويدلّ عليه

(1) قواعد الاحكام: 2 / 78.
(2) الروضة البهية: 6 / 106 .
(3) سورة البقرة: 2 / 229 .

(الصفحة252)

مسألة 19 : تفارق المباراة الخلع بأمور:
أحدها: أنّها تترتّب على كراهة كلّ من الزوجين لصاحبه ، بخلاف الخلع فإنّه يترتّب على كراهة الزوجة خاصة .
ثانيها: أنّه يشترط فيها أن لا يكون الفداء بأكثر من مهرها ، بل الأحوط أن يكون أقلّ منه بخلاف الخلع ، فإنّه فيه على ما تراضيا .
ثالثها: أنّها لا تقع بلفظ «بارأتكِ» ولو جمع بينه وبين لفظ الطلاق يكون الفراق بالطلاق وحده ، بخلاف الخلع فإنّ الأحوط وقوعه بلفظ الخلع والطلاق معاً كما مرّ(1) .


أيضاً صحيحة ابن بزيع المتقدّمة(1) ، فإنّه مع كون السؤال فيها عن المباراة والخلع معاً اقتصر في الجواب على ذكر الخلع ، وهو لا يكاد يلتئم إلاّ مع كونه أعمّ منها ، غاية الأمر أنّه حيث يكون موضوعاً لأحكام خاصّة أفرد عنها ، وسيأتي في المسألة الآتية الاُمور الفارقة بينهما ; ومنها وقوع الخلع بلفظه وبلفظ الطلاق كما مرّ في المسألة الثانية ، وذكرنا هناك أنّه لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بينهما بل لا يترك ، وأمّا المباراة فلا تقع إلاّ بلفظ الطلاق; لعدم الدليل على وقوعها بغيره ، ولو قرنه بلفظ بارأتك كان الفراق بلفظ الطلاق .

1 ـ تفارق المباراة الخلع الاصطلاحي بأمور ثلاثة :
الأوّل : أنّها تترتّب على كراهة كلّ من الزوجين لصاحبه بخلاف الخلع ، فإنّه يترتّب على كراهة الزوجة خاصة ، ويدلّ عليه :
موثّقة سماعة قال : سألته عن المباراة كيف هي؟ فقال : يكون للمرأة شيء على

(1) في ص247 .

(الصفحة253)



زوجها من مهر أومن غيره، ويكون قد أعطاها بعضه، فيكره كلّ واحدمنهما صاحبه، فتقول المرأة لزوجها: ما أخذت منك فهو لي ، وما بقي عليك فهو لك واُبارئك ، فيقول الرجل لها: فإن أنت رجعت في شيء ممّا تركت فأنا أحقّ ببضعك(1) .
والظاهر أنّ المراد بالكراهة هنا هي الكراهة في باب الخلع لاأوسع منها، ويؤيّده، مضافاً إلى عدم التعرّض لمعناها هنا ، ما عرفت من الاستدلال لمشروعية الخلع بآية الفداء(2) ، مع أنّها أنسب بالمباراة باعتبار عدم إقامتهما حدود الله ، فتدبّر .
الثاني : أنّه يشترط في المباراة أن لا يكون الفداء أكثر من المهر ، بل الأحوط أن يكون أقلّ منه بخلاف الخلع ، فإنّه على ما تراضيا عليه من القليل أو الكثير ، ويدلّ عليه ، مضافاً إلى إشعار الموثقة المذكورة بذلك ، صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر(عليه السلام)قال : المبارئة يؤخذ منها دون الصِداق ، والمختلعة يؤخذ منها ما شئت ، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر ، وإنّما صارت المبارئة يؤخذ منها دون الصداق ، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء ، لأنّ المختلعة تعتدي في الكلام ، وتكلّم بما لا يحلّ لها(3) .
هذا ، وفي صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قوله في الذيل : ولا يحلّ لزوجها أن يأخذ منها إلاّ المهر فما دونه(4) .
وفي مرسلة الصدوق قال: وروي أنّه لا ينبغي له أن يأخذ منها أكثر من مهرها ، بل يأخذ منها دون مهرها ، والمبارئة لا رجعة لزوجها عليها(5) . وعلى

(1) الكافي: 6 / 142 ح1 ، الوسائل: 22 / 294 ، كتاب الخلع والمباراة ب8 ح3 .
(2) في ص222 .
(3) الكافي: 6 / 142 ح2 ، التهذيب: 8 / 101 ح340 ، الوسائل: 22 / 287 ، كتاب الخلع والمباراة ب4 ح1 .
(4) الكافي: 6 / 143 ح5 ، الوسائل: 22 / 295 ، كتاب الخلع والمباراة ب8 ح4 .
(5) الفقيه: 3 / 336 ح1624 ، الوسائل: 22 / 294 ، كتاب الخلع والمباراة ب8 ح2 .

(الصفحة254)

مسألة 20 : طلاق المباراة بائن ليس للزوج الرجوع فيه ، إلاّ أن ترجع الزوجة في الفدية قبل إنقضاء العدّة ، فله الرجوع إليها حينئذ(1) .


ما ذكرنا فالأقوى أن لا يكون أكثر من المهر ، والأحوط أن يكون أقلّ .
الثالث : لزوم الإتيان بصيغة الطلاق في المباراة ، والاحتياط في الخلع بالجمع بين صيغة الطلاق وعنوان الخلع ، وقد تعرّضنا لذلك في شرح المسألة السابقة فراجع ، ونضيف هنا وجود الاتفاق على توقّف الإفتراق في المباراة على صيغة الطلاق بخلاف الخلع .

1 ـ حكم هذه المسألة حكم الخلع على ما تقدّم(1) من كونه بائناً لا يجوز في نفسه للزوج الرجوع فيه ، إلاّ أن ترجع الزوجة في الفدية قبل انقضاء العدّة فله الرجوع إليها حينئذ ، وقد عرفت(2) عدم البعد عن اختصاص ذلك بصورة علم الزوج بذلك ، وإلاّ فلا يجوز لها الرجوع في البذل فراجع .
كما أنّك عرفت(3) عدم جريانها بالنسبة إلى الطلاق الثالث الذي لا يجوز للزوج الرجوع في عدّتها ، فضلا عن الصغيرة واليائسة اللّتين لا عدّة لهما أصلا; لأنّه لا مجال للزوج الرجوع بوجه ، واختصاص الرجوعين بذات العدّة التي أمكن للزوج الرجوع فيها ، فتدبّر جيّداً .
هذا تمام الكلام في شرح كتابي الخلع والمباراة بعد شرح كتاب الطلاق ، ويتلوه شرح كتاب الظهار إن شاء الله تعالى .


(1 و 2) في ص246 ـ 250 .
(3) في ص249 .

(الصفحة255)






كتاب

الظـهـار



(الصفحة256)







(الصفحة257)





كتاب الظهار

الذي كان طلاقاً في الجاهلية وموجباً للحرمة الأبدية ، وقد غيّر شرع الإسلام حكمه ، وجعله موجباً لتحريم الزوجة المظاهرة ، ولزوم الكفّارة بالعود كما ستعرف تفصيله(1) .


1 ـ وهو مصدر «ظاهر» من باب المفاعلة ، مأخوذ من الظهر; لأنّ صورته الأصلية أن يقول الرّجل لزوجته: «أنتِ عليّ كظهر أمّي» والظهر باعتبار أنّه موضع الركوب ، ومن المعلوم أنّ المرأة مركوبة وقت الغشيان ، فركوب الاُمّ مستعار من ركوب الدابّة .
ومن الواضح حرمة ركوب الأمّ حرمة أبديّة ; ولذا كان طلاقاً في الجاهلية وموجباً للحرمة الأبديّة ، ولكن غيّر شرع الإسلام حكمه فقال في هذا المجال: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِن نِسَائِهِم مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِنَ القَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}(1) .


(1) سورة المجادلة: 58 / 2 .

(الصفحة258)

مسألة 1 : صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطباً للزوجة : «أنتِ عليّ كظهر أمّي» أو يقول بدل أنت «هذه» مشيراً إليها أو «زوجتي» أو «فلانة» ، ويجوز

والسبب في نزولها على ما في رواية حمران ، عن أبي جعفر(عليه السلام) ، المرويّة في تفسير علي بن إبراهيم،قال:إنّ أميرالمؤمنين(عليه السلام) قال:إنّ امرأة من المسلمين أتت رسول الله (صلى الله عليه وآله)فقالت: يا رسول الله إنّ فلاناً زوجي قد نثرت له بطني ، وأعنته على دنياه وآخرته ، فلم ير منّي مكروهاً ، وأنا أشكوه إلى الله وإليك ، قال : فما تشكينه؟ قالت : إنّه قال لي اليوم: أنت عليّ حرام كظهر أمّي ، وقد أخرجني من منزلي ، فانظر في أمري ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أنزل الله عليّ كتاباً أقضي به بينك وبين زوجك ، وأنا أكره أن أكون من المتكلّفين. فجعلت تبكي وتشتكي ما بها إلى الله وإلى رسوله وانصرفت، فسمع الله محاورتها لرسوله وما شكت إليه ، فأنزل الله عزّوجلّ بذلك قرآناً:
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا وَتَشْتَكِى إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ـ يعني محاورتها لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في زوجها ـ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ* الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِن نِسَائِهِم مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِنَ القَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}(1) .
فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله)إلى المرأة فأتته فقال لها : جيئيني بزوجك ، فأتته به ، فقال : أقلت لأمرأتك هذه : أنت عليّ حرام كظهر أمّي؟ فقال : قد قلت ذلك ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد أنزل الله فيك قرآناً ، الحديث(2) .


(1) سورة المجادلة: 58 / 1 ـ 2 .
(2) تفسير القمّي : 2 / 353 ـ 354 ، الكافي: 6 / 152 ح1 ، الوسائل: 22 / 304 ، كتاب الظهار ب1 ح2 ، والمتن مطابق للكافي .

(الصفحة259)



تبديل «عليّ» بقوله : «منّي» أو «عندي» أو «لديّ» بل الظاهر عدم اعتبار ذكر لفظة «عليّ» وأشباهه أصلا بأن يقول : «أنت كظهر أمّي» ولو شبّهها بجزء آخر من أجزاء الاُمّ غير الظهر كرأسها أو بدنها أو بطنها ، ففي وقوع الظهار قولان : أحوطهما ذلك . ولو قال : «أنت كأمّي» أو «أمّي» قاصداً به التحريم لا علوّ المنزلة والتعظيم أو كبر السنّ وغير ذلك ، لم يقع وإن كان الأحوط وقوعه ، بل لايترك الاحتياط(1) .


1 ـ قد وقع الإتفاق بين المؤمنين بل المسلمين على وقوع صيغة الظهار بقول الزوج مخاطباً للزوجة : «أنت عليّ كظهر أمّي» وإذا قال بدل «أنتِ» «هذه» مشيراً إلى الزوجة أو «زوجتي» في صورة الانحصار أو «فلانة» فالظاهر أيضاً كذلك ، لعدم الفرق ، كما إذا أبدل لفظة «عليّ» بقوله : «منّي» أو «عندي» أو «لديّ» تتحقّق صيغة الظهار ، ولا خصوصية لقوله : «أنت» لظهور المثالية في النصوص(1) الدالّة عليه ، كما أنّه لو قال مخاطباً للزوجة: «ظهرك عليّ كظهر أمّي» تتحقّق صيغة الظهار بل بطريق أولى ، وأمّا لو قال: «أنت كظهر أمّي» من دون أيّة صلة ، فالظاهر أيضاً وقوع الظهار به كقوله : «أنت طالق» . واحتمال الفرق بينهما باحتمال صيغة الظهار مجرّدة عن الصلة كونها محرّمة على غيره حرمة ظهر أمّه عليه ، بخلاف الطلاق فإنّه لا طلاق ، وهي في حبسه دون حبس غيره ، لا وجه له بعد إرادة الظهار له ، فما عن التحرير(2) من التوقف في حذف الصّلة لا وجه له .
ولو شبّهها بجزء آخر من أجزاء الاُمّ غير الظهر ، كرأسها أو بدنها أو بطنها

(1) الوسائل: 22 / 303 وما بعدها ، كتاب الظهار ب1 وب2 ح2 وب4 ح2 و3 وب9 وب13 ح5 وب16 .
(2) تحرير الاحكام: 2 / 61.

(الصفحة260)



ففيه  قولان:
قول بالمنع كما عن المرتضى(1) ، بل قيل : وعن المتأخرين(2) ، بل في الانتصار أنّه ممّا انفردت به الإمامية اقتصاراً فيما خالف الأصل على منطوق الآية(3) وغيرها من أدلّة الظهار المنساق غير المفروض منها ولو من ملاحظة المبدأ .
وقول بالوقوع كما عن الشيخ في الخلاف الإجماع عليه(4) ، وعن الصّدوق(5)وابن حمزة(6) استناداً إلى رواية ذكر في الشرائع أنّ فيها ضعفاً(7) وهي رواية سدير ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: قلت له : الرجل يقول لامرأته أنت عليّ كشعر أمّي أو كقبلها (ككفها خ ل) أو كبطنها أو كرجلها ، قال : ما عنى؟ إن أراد به الظهار فهو الظهار(8) .
ويؤيّدها مرسلة يونس ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سألته عن رجل قال لامرأته: أنت عليّ كظهر أمّي أو كيدها أو كبطنها أو كفرجها أو كنفسها أو ككعبها، أيكون ذلك الظهار؟ وهل يلزمه فيه ما يلزم المظاهر؟ قال : المظاهر إذا ظاهر من امرأته فقال : هي عليه كظهر أمّه أو كيدها أو كرجلها أو كشعرها أو كشيء منها ينوي بذلك التحريم فقد لزمه الكفارة في كلّ قليل منها أو كثير ، وكذلك إذا هو قال:

(1) الانتصار: 322 .
(2) المهذب البارع: 3 / 524 ، كشف الرموز: 2 / 241 ، إيضاح الفوائد: 3 / 402 ، التنقيح الرائع: 3 / 369 .
(3) سورة المجادلة: 58 / 2 .
(4) الخلاف: 4 / 530 مسألة 9 .
(5) الفقيه: 3 / 392 ذيل ح1641.
(6) الوسيلة: 334 .
(7) شرائع الإسلام: 3 / 61 .
(8) التهذيب: 8 / 10 ح29 ، الوسائل: 22 / 317 ، كتاب الظهار ب9 ح2 .
<<التالي الفهرس السابق>>