في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة341)



ومنها : رواية أبي بصير ، عن الصادق (عليه السلام) قال : إن أعتق رجل عند موته خادماً له ثمّ أوصى بوصيّة اُخرى اُلغيت الوصيّة واُعتقت الجارية من ثلثه ، إلاّ أن يفضل من ثلثه ما يبلغ الوصيّة(1) .
ومنها : رواية أبي حمزة ، عن أحدهما (عليهما السلام) قال : إنّ الله تبارك وتعالى يقول : يا ابن آدم تطوّلت عليك بثلاثة : سترت عليك ما لو علم به أهلك ما واروك ، وأوسعت عليك فاستقرضت منك لك فلم تقدّم خيراً ، وجعلت لك نظرة عند موتك في ثلثك فلم تقدّم خيراً(2) . ويجري فيها الاحتمال الذي أشرنا إليه .
ومنها : رواية أبي ولاّد قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يكون لامرأته عليه الدَّين فتبرئه منه في مرضها؟ قال : بل تهبه له فتجوز هبتها له ، ويحسب ذلك من ثلثها إن كانت تركت شيئاً(3) .
ومنها : رواية علي بن عقبة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل حضره الموت فأعتق مملوكاً له ليس له غيره ، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك كيف القضاء منه؟ قال : ما يعتق منه إلاّ ثلثه ، وسائر ذلك الورثة أحقّ بذلك ، ولهم ما بقي(4) .
ومنها : رواية سماعة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن عطية الوالد لولده؟ فقال :

(1) تهذيب الأحكام: 9/197 ح786 ، وعنه الوسائل: 19/276 ، كتاب الوصايا ب11 ح6 .
(2) تهذيب الأحكام: 9/175 ح712 ، الخصال: 136 ح150 ، الفقيه: 4/133 ح461 ، وعنها الوسائل: 19/263 ، كتاب الوصايا ب4 ح4 .
(3) تهذيب الأحكام: 9/195 ح783، الاستبصار: 4/120 ح457، وعنهماالوسائل: 19/278، كتاب الوصيا ب11 ح11 .
(4) تهذيب الأحكام: 9/194 ح781 ، الاستبصار: 4/120 ح455 ، وعنهما الوسائل: 19/276 ، كتاب الوصايا ب11 ح4 .

(الصفحة342)



أمّا إذا كان صحيحاً فهو ماله يصنع به ما شاء ، وأمّا في مرضه فلا يصلح(1) .
ومنها : صحيحة الحلبي قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يكون لامرأته عليه الصداق أو بعضه فتبرئه منه في مرضها؟ فقال : لا(2) .
ومنها : رواية السكوني عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ (عليهم السلام) قال : إنّ رجلاً أعتق عبداً له عند موته لم يكن له مال غيره ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : يستسعى في ثلثي قيمته للورثة(3) .
ومنها : رواية إسماعيل بن همام ، عن أبي الحسن (عليه السلام) في رجل أوصى عند موته بمال لذوي قرابته وأعتق مملوكاً ، وكان جميع ما أوصى به يزيد على الثلث ، كيف يصنع به في وصيّته؟ قال : يبدأ بالعتق فينفذه(4) ; لأنّ الظاهر أنّ قوله: «يبدأ» في إرادة الإنفاق من الثلث ، كما أنّ منه يعلم إرادة ما يشمل المنجّز من الوصية ، وإلاّ فلا وجه لتقديم العتق لو فرض كونه وصيّة ، بل ينبغي تقديم المقدّم منهما .
ومنها : صحيحة محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل حضره الموت فأعتق غلامه وأوصى بوصيّة فكان أكثر من الثلث ؟ قال : يمضى عتق الغلام ويكون النقصان في ما بقي(5) ، بناءً على أنّ الظاهر إرادة كون مجموع التنجيز

(1) تهذيب الأحكام: 9/156 ح642 ، الاستبصار: 4/127 ح481 ، وعنهما الوسائل: 19/300 ، كتاب الوصايا ب17 ح11 .
(2) تهذيب الأحكام: 9/201 ح802 ، وعنه الوسائل: 19/301 ، كتاب الوصايا ب17 ح15 .
(3) تهذيب الأحكام: 8/229 ح828، الاستبصار: 4/7ح22، وعنهما الوسائل: 23/101، كتاب العتق ب64 ح5.
(4) الكافي: 7/17 ح3 ، الفقيه: 4/158 ح547 ، تهذيب الأحكام: 9/219 ح861 ، الاستبصار: 4/135 ح510 ، وعنها الوسائل: 19/400 ، كتاب الوصايا ب67 ح2 .
(5) الفقيه: 4/157 ح546 ، الكافي: 7/17 ح4 ، تهذيب الأحكام: 9/194 ح780 ، وعنها الوسائل: 19/399 ، كتاب الوصايا ب67 ح1 .

(الصفحة343)



والوصية أكثر من الثلث ، فالجواب يرجع إلى مضيّ العتق وأنّ النقصان الذي في الثلث يكون في الوصيّة .
ومنها : رواية الحسن بن الجهم ـ التي وصفها في الجواهر بالموثّقة(1) ـ قال : سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول في رجل أعتق مملوكاً وقد حضره الموت وأشهد له بذلك وقيمته ستّمائة درهم ، وعليه دين ثلاثمائة درهم ولم يترك شيئاً غيره ، قال : يعتق منه سدسه; لأنّه إنّما له منه ثلاثمائة درهم ، ويقضي عنه ثلاثمائة درهم وله من الثلاثمائة ثلثها ، وله السدس من الجميع(2) .
ومنها : صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج الطويلة قال : سألني أبو عبدالله (عليه السلام)   هل يختلف ابن أبي ليلى وابن شبرمة؟ فقلت : بلغني أنّه مات مولى لعيسى بن موسى فترك عليه ديناً كثيراً ، وترك مماليك يحيط دينه بأثمانهم ، فأعتقهم عند الموت ، فسألهما عيسى بن موسى عن ذلك ، فقال ابن شبرمة : أرى أن تستسعيهم في قيمتهم فتدفعها إلى الغرماء ، فإنّه قد أعتقهم عند موته ، وقال ابن أبي ليلى : أرى أن أبيعهم وأدفع أثمانهم إلى الغرماء ، فإنّه ليس له أن يعتقهم عند موته ، وعليه دين يحيط بهم ، وهذا أهل الحجاز اليوم يعتق الرجل عبده وعليه دين كثير ، فلا يجيزون عتقه إذا كان عليه دين كثير ، فرفع ابن شبرمة يده إلى السماء وقال : سبحان الله يا ابن أبي ليلى متى قلت بهذا القول؟ والله ما قلته إلاّ طلب خلافي .
فقال أبو عبدالله (عليه السلام)  : فعن رأي أيّهما صدر؟ قال : قلت : بلغني أنّه أخذ برأي ابن أبي ليلى ، وكان له في ذلك هوى فباعهم وقضى دينه ، فقال : فمع أيّهما من قبلكم؟

(1) جواهر الكلام: 26/67 .
(2) تهذيب الأحكام: 9/169 ح690 و ص218 ح855 ، الكافي: 7/27 ح3 ، وعنهما الوسائل: 19/354 ، كتاب الوصايا ب39 ح4 .

(الصفحة344)



قلت له : مع ابن شبرمة ، وقد رجع ابن أبي ليلى إلى رأي ابن شبرمة بعد ذلك .
فقال : أما والله إنّ الحقّ لفي الّذي قال ابن أبي ليلى ، وإن كان قد رجع عنه ، فقلت له : هذا ينكسر عندهم في القياس ، فقال : هات قايسني ، قلت : أنا أُقايسك! فقال : لتقولنّ بأشدّ ما تدخل فيه من القياس ، فقلت له : رجل ترك عبداً لم يترك مالاً غيره ، وقيمة العبد ستّمائة درهم ودينه خمسمائة درهم ، فأعتقه عند الموت ، كيف يصنع؟ قال : يباع العبد فيأخذ الغرماء خمسمائة درهم ، ويأخذ الورثة مائة درهم ، فقلت : أليس قد بقي من قيمة العبد مائة درهم عن دينه؟ فقال : بلى ، قلت : أليس للرجل ثلثه يصنع به ما شاء؟ قال : بلى ، قلت : أليس قد أوصى للعبد بالثلث من المائة حين أعتقه؟ قال : إنّ العبد لا وصيّة له إنّما ماله لمواليه .
فقلت له : فإن كان قيمة العبد ستّمائة درهم ودينه أربعمائة؟ فقال : كذلك يُباع العبد فيأخذ الغرماء أربعمائة درهم ، ويأخذ الورثة مائتين ولا يكون للعبد شيء ، قلت : فإنّ قيمة العبد ستّمائة درهم ودينه ثلاثمائة درهم ، فضحك (عليه السلام) فقال : من ها هنا أتي أصحابك جعلوا الأشياء شيئاً واحداً ولم يعلموا السنّة ، إذا استوى مال الغرماء ومال الورثة ، أو كان مال الورثة أكثر من مال الغرماء لم يتّهم الرجل على وصيّته ، واُجيزت وصيّته على وجهها فالآن يوقف هذا ، فيكون نصفه للغرماء ويكون ثلثه للورثة ويكون له السدس(1) ، فإنّ ذيلها صريح في نفوذ العتق المنجّز في الثلث لا الأصل ، وإلاّ كان نصفه حرّاً ، واحتمال أنّه في الوصية لا المنجّز مقطوع بفساده أو كالمقطوع ، كما اعترف به

(1) الكافي: 7/26 ح1 ، تهذيب الأحكام: 9/217 ح854 وج 8/232 ح841 ، وعنهما الوسائل: 19/354 ، كتاب الوصايا ب39 ح5 .

(الصفحة345)



في الرياض(1)، بل في الجواهر(2)، خصوصاً بعد ملاحظة كلام الأصحاب في حكم مضمونه.
ومنها : صحيحة جميل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل أعتق مملوكه عند موته وعليه دين ، فقال : إن كان قيمته مثل الذي عليه ومثله جاز عتقه ، وإلاّ لم يجز(3) . قال في الجواهر : ويحتمل تثنية مثل الثانية كما عن نسخة من الفقيه(4) ، وحينئذ يكون الواو فيه بمعنى أو ، فيوافق الصحيح السابق(5) .
ومنها : غير ذلك من الروايات .
والإنصاف أنّ الروايات من الطرفين الدالّة على كلا القولين قويّة جدّاً وإن كان بعضها بل كثيرها غير خال عن النقاش من حيث السند أو الدلالة ، ولكن حيث إنّ الشهرة المحقّقة خصوصاً بين القدماء على عدم المنع(6) ، فاللازم الأخذ به كما في المتن ، بل قد عرفت دعوى الإجماع عليه(7) . وقد ذكرنا مراراً أنّ أوّل المرجّحات على ما يستفاد من مقبولة ابن حنظلة المعروفة(8) الواردة في باب تعارض الروايتين هي الشهرة من حيث الفتوى(9) وإن كان يظهر من صاحب الجواهر ـ الذي تكلّم في

(1) رياض المسائل: 9/461 ـ 464 و 546 ـ 547 .
(2) جواهر الكلام: 26/69 .
(3) الفقيه: 4/166 ح580 ، الكافي: 7/27 ح2 ، تهذيب الأحكام: 9/218 ح856 ، وعنها الوسائل: 19/356 ، كتاب الوصايا ب39 ح6 .
(4) الفقيه : 3/70 ح239 .
(5) جواهر الكلام: 26/70 .
(6) رياض المسائل: 9/545 .
(7) في ص339 .
(8) وسائل الشيعة: 27/106 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب9 ح1 .
(9) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 225 و 296 .

(الصفحة346)

مسألة 1 : لا إشكال ولا خلاف في أنّ الواجبات المالية التي يؤدّيها المريض في مرض موته كالخمس والزكاة والكفّارات تخرج من الأصل1.


المسألة مفصّلاً كمال التفصيل بحيث لم يظهر منه مثله في سائر المسائل الفقهيّة ـ أنّ في المسألة أقوالاً سبعة ، وإن قال: إنّه ربما عدّت عشرة(1) ، ولكن الظاهر أنّ المهمّ هو القولان المتقدّمان ، وأنّ الحقّ مع ما في المتن من الخروج من الأصل لا الثلث; لما عرفت ، ولكن الرجوع إليهما فيه فوائد شتّى ومنافع كثيرة ، خصوصاً بعد إرجاع بعض الأقوال إلى بعض واختيار الخروج من الأصل ، فتدبّر جيّداً .

1 ـ قد مرّ في كتاب الخمس(2) أنّه كما يظهر من عنوانه المذكور في الكتاب والسنّة أنّه ثابت بنحو الإشاعة للأصناف الستّة المذكورين في آية الخمس(3) ، وأمّا الزكاة ، فالتعبيرات بالإضافة إلى الاُمور المتعلّقة للزكاة مختلفة ، فمن بعضها يستفاد الإشاعة كما في زكاة الغلاّت ، ومن بعضها يستفاد الكلّي في المعيّن ، ومن ثالث يستفاد الشركة في المالية . وعلى أيّ حال فكلّ منهما دين يجب أداؤه فوراً ، ولا مدخلية للثلث في ذلك ، بل الدَّين مقدّم على الإرث كما في أكثر آياته .
وبالجملة : فأداؤه تكليف إلهيّ لا فرق فيه بين المريض وغيره ، ولا لنقصان حقّ الورثة وعدمه ، ولذا نفى الإشكال والخلاف في المتن عن الخروج عن الأصل ، وهكذا الكفّارات الواجبة .


(1) جواهر الكلام: 26/81 ـ 82 .
(2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الخمس: 251 ـ 252 .
(3) سورة الأنفال: 8/41 .

(الصفحة347)

مسألة 2 : لو أقرّ بدين أو عين من ماله في مرض موته لوارث أو أجنبيّ ، فإن كان مأموناً غير متّهم نفذ إقراره في جميع ما أقرّ به وإن كان زائداً على ثلث ماله ، بل وإن استوعبه ، وإلاّ فلا ينفذ فيما زاد على ثلثه . والمراد بكونه متّهماً وجود أمارات يظنّ معها بكذبه; كأن يكون بينه وبين الورثة معاداة يظنّ معها بأنّه يريد بذلك إضرارهم ، أو كان له حبّ شديد بالنسبة إلى المقرّ له يظنّ معه بأنّه يريد بذلك نفعه1.


1 ـ قد فصّل في المتن في صورة الإقرار بدين أو عين في مرض موته لوارث أو أجنبيّ بين صورة عدم الاتّهام وكونه مأموناً ، فإقراره نافذ في جميع ما أقرّ به وإن كان زائداً على ثلث ماله ، بل وإن استوعبه ، وبين صورة الاتّهام فلا ينفذ فيما زاد على ثلثه ، ويدلّ عليه روايات :
منها: صحيحة الحلبي ـ التي جعلها في الوسائل روايتين ، مع أنّ الظاهر اتّحادهما ـ قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام)  : الرجل يقرّ لوارث بدين ، فقال : يجوز إذا كان مليّاً(1) .
والظاهر أنّ المراد هو الإقرار به له في مرضه ، كما وقع التصريح به في النقل الآخر(2) . وحكي عن الصحاح أنّه مَلُؤَ الرجل: صار مليئاً أي ثقة(3) . وفي الجواهر احتمال أن تكون الملاءة طريقاً لرفع التهمة ، خصوصاً إذا رجع الضمير في كان إلى الوارث . ثمّ قال : ولعلّ الأوّل أولى(4) .


(1) الكافي : 7/41 ح1 ، الفقيه : 4/170 ح593 ، تهذيب الأحكام : 9/159 ح655 ، الاستبصار : 4/111 ، ح425 ، وعنها الوسائل : 292 ، كتاب الوصايا ب16 ح5 .
(2) تهذيب الأحكام: 6/190 ح405 ، وعنه الوسائل: 19/293 ، كتاب الوصايا ب16 ح7 .
(3) الصحاح: 1/110 .
(4) جواهر الكلام: 26/79 .

(الصفحة348)



ومنها : رواية منصور بن حازم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أوصى لبعض ورثته أنّ له عليه ديناً ؟ فقال : إن كان الميّت مرضيّاً فأعطه الذي أوصى له(1) .
ومنها : رواية العلاء بيّاع السابري قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة استودعت رجلاً مالاً ، فلمّا حضرها الموت قالت له : إنّ المال الذي دفعته إليك لفلانة ، وماتت المرأة فأتى أولياؤها الرجل ، فقالوا له: إنّه كان لصاحبتنا مال ولا نراه إلاّ عندك ، فاحلف لنا مالها قبلك شيء ، أفيحلف لهم؟ فقال : إن كانت مأمونة عنده فليحلف لهم ، وإن كانت متّهمة فلا يحلف ، ويضع الأمر على ما كان ، فإنّما لها من مالها ثلثه(2) .
ومنها : رواية أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل معه مال مضاربة فمات وعليه دين ، وأوصى أنّ هذا الذي ترك لأهل المضاربة ، أيجوز ذلك؟ قال : نعم ، إذا كان مصدّقاً(3) .
ومنها : مكاتبة محمّد بن عبد الجبّار إلى العسكري (عليه السلام) : عن امرأة أوصت إلى رجل وأقرّت له بدين ثمانية آلاف درهم ، وكذلك ما كان لها من متاع البيت من صوف وشعر وشبه وصفر ونحاس ، وكلّ مالها أقرّت به للموصى إليه ، وأشهدت على وصيّتها ، وأوصت أن يحجّ عنها من هذه التركة حجّتان ، وتعطى مولاة لها

(1) الكافي: 7/41 ح2 ، الفقيه: 4/170 ح594 ، تهذيب الأحكام: 9/159 ح656 ، الاستبصار: 4/111 ح426 ، وعنها الوسائل: 19/291 ، كتاب الوصايا ب16 ح1 .
(2) الكافي: 7/42 ح3 ، الفقيه: 4/170 ح595 ، تهذيب الأحكام: 9/160 ح661 ، الاستبصار: 4/112 ح431 ، وعنها الوسائل: 19/291 ، كتاب الوصايا ب16 ح2 .
(3) تهذيب الأحكام: 9/167 ح679 ، وعنه الوسائل: 19/296 ، كتاب الوصايا ب16 ح14 .

(الصفحة349)



أربعمائة درهم ، وماتت المرأة وتركت زوجاً ، فلم ندر كيف الخروج من هذا واشتبه علينا الأمر ، وذكر كاتب أنّ المرأة استشارته فسألته أن يكتب لها ما يصحّ لهذا الوصي ، فقال لها : لا تصحّ تركتك لهذا الوصي إلاّ بإقرارك له بدين يحيط بتركتك بشهادة الشهود ، وتأمريه بعدُ أن ينفذ ما توصيه به ، فكتبت له بالوصية على هذا ، وأقرّت للوصي بهذا الدَّين ، فرأيك أدام الله عزّك في مسألة الفقهاء قبلك عن هذا ، وتعريفنا ذلك لنعمل به إن شاء الله .
فكتب (عليه السلام) بخطّه : إن كان الدَّين صحيحاً معروفاً مفهوماً فيخرج الدَّين من رأس المال إن شاء الله ، وإن لم يكن الدَّين حقّاً أنفذ لها ما أوصت به من ثلثها ، كفى أو لم يكف(1) ، فإنّ الظاهر كما في الجواهر رجوع ذلك إلى الاتّهام بأخبار الكاتب وغيره(2) .
وهنا نصوص مطلقة في جانبي النفي والإثبات يجب تقييدها بالروايات المتقدِّمة ، مثل :
رواية إسماعيل بن جابر قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أقرّ لوارث له وهو مريض بدين له عليه؟ قال : يجوز عليه إذا أقرّ به دون الثلث(3) .
ورواية أبي ولاّد قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل مريض أقرّ عند الموت لوارث بدين له عليه ؟ قال : يجوز ذلك ، قلت : فإن أوصى لوارث

(1) تهذيب الأحكام: 9/161 ح664 ، الاستبصار: 4/113 ح433 ، وعنهما الوسائل: 19/294 ، كتاب الوصايا ب16 ح10 .
(2) جواهر الكلام: 26/80 .
(3) الكافي: 7/42 ح4 ، الفقيه: 4/170 ح592 ، تهذيب الأحكام: 9/160 ح659 ، الاستبصار: 4/112 ح429 ، وعنها الوسائل: 19/292 ، كتاب الوصايا ب16 ح3 .

(الصفحة350)

مسألة 3 : لو لم يعلم حال المقرّ ، وأنّه كان متّهماً أو مأموناً ، فالأقوى عدم نفوذ إقراره في الزائد على الثلث وإن كان الأحوط التصالح بين الورثة والمقرّ له1.

مسألة 4 : إنّما يحسب الثلث في الإقرار ونحوه بالنسبة إلى مجموع ما يتركه


بشيء ، قال : جائز(1) .
ورواية القاسم بن سليمان قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل اعترف لوارث بدين في مرضه ؟ فقال : لا تجوز وصيّته لوارث ولا اعتراف له بدين(2) .
وغير ذلك من الروايات .
ثمّ إنّه قد فسّر التهمة في المتن بوجود أمارات يظنّ معها ذلك وأنّ منشأ الإقرار إمّا إرادة الإضرار ببعض الورثة ، أو الحبّ الشديد بالإضافة إلى المقرّ له ، والظاهر اعتبار الظنّ الشخصي من أيّ طريق حصل ، كما أنّ الظاهر عدم اعتبار حجّية المظنّة واعتبارها .

1 ـ لو لم يكن حال المقرّ معلوماً ، وأنّه هل يكون متّهماً أو مأموناً ، فقد قوىّ في المتن عدم نفوذ إقراره في الزائد على الثلث ، ولعلّ وجهه لزوم إحراز المأمونية والوثاقة في نفوذ الإقرار مطلقاً على ما يستفاد من الروايات المتقدِّمة ، لكن الأحوط استحباباً التصالح بين الورثة والمقرّ له .


(1) الكافي: 7/42 ح5 ، تهذيب الأحكام: 9/160 ح660 ، الاستبصار: 4/112 ح430 ، وعنها الوسائل: 19/292 ، كتاب الوصايا ب16 ح4 .
(2) تهذيب الأحكام: 9/200 ح799 ، الاستبصار: 4/127 ح479 ، وعنهما الوسائل: 19/289 ، كتاب الوصايا ب15 ح12 .

(الصفحة351)

في زمان موته من الأموال; عيناً أو ديناً أو منفعة ، أو حقّاً ماليّاً يبذل بإزائه المال كحقّ التحجير ، وهل تحسب الدية من التركة وتضمّ إليها ، ويحسب الثلث بالنسبة إلى المجموع أم لا؟ وجهان بل قولان ، لا يخلو أوّلهما من رجحان1.


1 ـ في المسألة أمران :
الأوّل : أنّه إنّما يحسب الثلث في الإقرار ونحوه بالنسبة إلى مجموع تركته في زمان موته من الأموال; عيناً كانت أو ديناً أو منفعة ، كما في باب الإجارة الذي يتملّكها المستأجر من حين عقد الإجارة ، أو حقّاً بشرط أن يكون ماليّاً يبذل بإزائه المال; كحقّ التحجير وحقّ الاختصاص ونحوهما ، والسرّ فيه أنّه من جانب الإثبات لا فرق بين ما ذكرنا من الأموال ; لأنّ كلّها مرتبطة به من دون فرق . وأمّا من جانب النفي فلأنّه يمكن عروض التلف السماوي للمجموع أو للبعض من دون تحقّق ضمان ، ولا مجال حينئذ لثبوت حكم بالإضافة إلى التالف ، فإذا قلنا : بأنّ إقراره إنّما يحسب من الثلث كما إذا كان متّهماً على ما عرفت ، فهل يمكن أن يُقال بنفوذ إقراره بالنسبة إلى الثلث حال الإقرار ، ولو كان مستوعباً للجميع حال الموت ، أو أزيد منه؟ فلا إشكال في أنّ الملاك هي التركة حال الموت .
الثاني : أنّه لو فرض أنّ سبب الموت هو القتل الخطائي ، أو ما يشبه العمد أو العمدي ، واختار الورثة الدية بدلاً عن القصاص ورضي بها القاتل ، فهل تحسب الدية من التركة وتضمّ إليها ويحسب الثلث بالنسبة إلى المجموع ، أم لا؟ وفي المتن وجهان بل قولان ، لا يخلو أوّلهما من رجحان ، ولعلّ السرّ في الرجحان أنّ الدية عوض عن الدم وبدل له ، ففي الحقيقة يكون صاحبها هو المقتول ، غاية الأمر أنّه حيث لا يمكن أن يصير المقتول مالكاً له لفرض موته ينتقل إلى

(الصفحة352)

مسألة 5 : ما ذكر من عدم النفوذ فيما زاد على الثلث في الوصيّة ونحوها ، إنّما هو مع عدم إجازة الورثة ، وإلاّ نفذت بلا إشكال ، ولو أجاز بعضهم نفذت بمقدار حصّته ، ولو أجازوا بعضاً من الزائد على الثلث نفذت بمقداره1.

مسألة 6 : لا إشكال في صحّة إجازة الوارث بعد موت المورّث . و هل تصحّ منه في حال حياته بحيث تلزم عليه ولا يجوز له الردّ بعد ذلك ، أم لا؟ قولان ،


ورثته ، ففي الحقيقة كأنّ الدية تنتقل إلى الميّت أوّلاً ، ومنه إلى ورثته ثانياً ، وإلاّ فليست هي مالاً منتقلاً إلى الوارث من دون واسطة ، فلا محالة تضمّ إلى سائر التركة ويحسب الثلث بالنسبة إلى المجموع ، وهذا هو الظاهر وإن كان الانتقال إلى الورثة في بعض الصور منوطاً باختياره ، كما في صورة ثبوت حقّ القصاص أوّلاً ، فتدبّر .

1 ـ ما تقدّم من عدم النفوذ فيما زاد على الثلث في الوصيّة مطلقاً(1) ، والإقرار مع كون المقرّ متّهماً على ما عرفت(2) إنّما هو بلحاظ حال الورثة وعدم تحقّق الإضرار بهم ، فلو اتّفقوا على إجازة ما زاد على الثلث طبقاً للوصيّة أو الإقرار بأجمعهما يتحقّق النفوذ بلا إشكال ; لأنّ الحقّ لا يعدوهم ، ومنه يظهر أنّه لو أجاز بعضهم دون بعض نفذت بمقدار حصّة المجيز ، ولا يكون الأمر دائراً بين إجازة الجميع أو ردّهم ، كما يظهر أنّه لو اتّفقوا على إجازة بعض الزائد دون الجميع يتحقّق النفوذ بذلك المقدار ، كما لايخفى .

(1) في ص337 ـ 338 .
(2) في ص 347 ـ 350 .

(الصفحة353)

أقواهما الأوّل ، خصوصاً في الوصيّة . ولو ردّ في حال الحياة يمكن أن تلحقها الإجازة بعد ذلك على الأقوى1.


1 ـ في المسألة صور :
الاُولى : إجازة الوارث بعد موت المورّث لما زاد على الثلث من دون أن تكون مسبوقة بالردّ أصلاً ، بل ربما لم تكن الوصيّة بما زاد معلومة لهم في حال الحياة ، ونفى الإشكال عن الصحّة ـ أي صحّة إجازة الوارث ـ في المتن ، والوجه فيه ما عرفت من أنّ تعليق النفوذ على الإجازة إنّما هو لرعاية حقّ الوارث ، فإذا فرض صدور الإجازة من الجميع بعد الموت فلا يبقى مجال للإشكال ، كما هو ظاهر .
الثانية : إجازة الوارث في حال حياة المورّث; سواء كانت متّصلة بالوصيّة ، أم ملحوقة بها ، والبحث حينئذ في أنّ هذه الإجازة هل تكون لازمة على الوارث ولا يجوز له الردّ بعد الإجازة في حال الحياة أو بعد موته ، أم لا ؟ قوّى في المتن عدم جواز الردّ بعد أن حكى أنّ في المسألة قولين ، وخصّ الوصيّة بهذه الجهة في مقابل الإقرار ونحوه ، ولعلّ الوجه فيه أنّه لو لم تكن الإجازة لازمة ، وكان له الردّ بعد الإجازة ، يلزم أن يكون نفوذ الإجازة متوقّفاً على عدم الردّ ولو للتالي ، وهو غير معلوم ، مع أنّ الغالب تحقّق الردّ ولو بعد سنين ، فيلزم أن يكون اعتبار الإجازة بلا أثر نوعاً . وأمّا خصوصيّة الوصيّة ، فلعلّها عبارة عن ظهور أدلّة توقّف الزائد على الثلث على الإجازة في أنّ الإجازة لازمة توجب صيرورة الوصيّة نافذة مطلقاً .
الثالثة : لو ردّ الزائد على الثلث في حال الحياة ، فهل يمكن أن تلحقه الإجازة بعد الموت؟ فقد قوّاه في المتن ، ومنشؤه أنّ التوقّف على الإجازة إنّما هو بلحاظ حال

(الصفحة354)



الوارث ورعاية حقّه ، فإذا أجاز ولو بعد الردّ لا يلزم تضييع حقّه بوجه ، اللّهمَّ إلاّ أن يُقال : إنّ مع الردّ ينتفى موضوع الوصيّة بما زاد ، فكأنّه لم يوص به أصلاً ، فلا موضوع للإجازة ، وإن كان أصل التوقّف إنّما هو لرعاية حقّه ، فإجازته بعد الموت بمنزلة الإجازة مع عدم الوصيّة ، كما لا يخفى .
هذا تمام الكلام في شرح كتاب الحجر .

(الصفحة355)




كتاب الضمان



(الصفحة356)






(الصفحة357)





[مسائل الضمان]

وهو التعهّد بمال ثابت في ذمّة شخص لآخر . وهو عقد يحتاج إلى إيجاب من الضامن بكلّ لفظ دالّ عرفاً ـ ولو بقرينة ـ على التعهّد المزبور ، مثل : «ضمنت» أو «تعهّدت لك الدَّين الذي لك على فلان» ونحو ذلك ، وقبول من المضمون له بما دلّ على الرضا بذلك ، ولا يعتبر فيه رضا المضمون عنه1.


1 ـ قال في الجواهر : الضمان الذي هو عندنا على ما اعترف به غير واحد منّا مشتقّ من الضمن(1) ; لأنّه ينقل ما كان في ذمّته من المال ، ويجعله في ضمن ذمّة اُخرى ، أو لأنّ ذمّة الضامن تتضمّن الحقّ ، فالنون فيه أصليّة ، خلافاً لما عن أكثر العامّة(2) من أنّه غير ناقل ، وإنّما يفيد اشتراك الذمّتين ، فاشتقاقه من الضمّ ، والنون فيه زائدة; لأنّه حينئذ ضمّ ذمّة إلى ذمّة ، فيتخيّر المضمون له في المطالبة ، قال : وفيه ما لا يخفى; من منافاة وجود النون في جميع تصاريفه ، إلاّ بدعوى اشتقاق ما فيه النون من الخالي عنها ، وهو كما ترى . ومن صعوبة تحقّقه في ضمان النفس وظهور

(1) مسالك الأفهام: 4/171 ، غاية المراد: 2/219 ، تذكرة الفقهاء: 2/85 (ط الحجري) ، مفتاح الكرامة: 5/348 .
(2) المغني لابن قدامة: 5/70 ، الشرح الكبير: 5/70 ، المجموع شرح المهذّب: 14/252 .

(الصفحة358)



قوله (عليه السلام)  : الزعيم غارم(1) في اختصاص الغرم به ، ولغير ذلك ممّا هو في مذهب الخصم ، بعد الغضّ عن عدم تصوّر شغل ذمّتين فصاعداً بمال واحد ، وقد بيّنا أنّ المشغول به في تعاقب الأيدي على المغصوب ذمّة واحدة ، وهو من تلف في يده المال مثلاً ، وإن جاز له الرجوع على كلّ واحد ، وإلاّ فهو مناف للمقطوع به من مذهبنا(2) ، انتهى موضع الحاجة .
وكيف كان ، لا ينبغي الارتياب في أنّ النون أصليّة غير زائدة ، وهو لا ينطبق إلاّ على ما يقول به فقهائنا (رضي الله تعالى عنهم) . وما أفاده في الجواهر من عدم تصوّر شغل ذمّتين أو أزيد بمال واحد ممنوع جدّاً ; لأنّ دليل ضمان اليد بالنسبة إلى الأيدي المتعاقبة متساوية النسبة من حيث الضمان ، وجواز الرجوع إلى كلّ واحدة فرع ثبوت هذا الضمان، وإلاّ لا دليل عليه. نعم ، بعد أداء واحد منهم لا يبقى موضوع للضمان ; لفرض تحقّق التأدية التي هي الغاية للثبوت على العهدة . نعم ، الأمر غير المتصوّر هو اشتغال ذمم متعدِّدة بمال واحد بنحو يكون كلّ منها ضامناً ولو مع أداء الآخر ، ضرورة أنّ المال الواحد لا يتدارك إلاّ بمثل واحد أو قيمة واحدة .
كما أنّه لا شبهة في أنّه عقد يحتاج إلى إيجاب من الضامن وقبول من المضمون له ، أمّا احتياجه إلى الإيجاب من الضامن فواضح ، وأمّا احتياجه إلى قبول من المضمون له ، فلأنّه حيث يكون موجباً لانتقال الحقّ إلى غير من هو الطرف الأصلي للمضمون له ; لأنّ المفروض أنّه على مذهبنا عبارة عن انتقال مال من ذمّة

(1) المنصف لعبد الرزاق: 8/181 ح14796 وج 9/49 ذح16308 ، المسند لابن حنبل: 8/304 ذح22357 وح22358 ، سنن ابن ماجة: 3/150 ح25405 ، سنن أبي داود: 549 ذح3565 ، سنن الترمذي: 3/565 ح1268 ، معرفة السنن والآثار: 4/472 ح3664 ، شرح السنة: 8/225 ح2162 .
(2) جواهر الكلام: 26/113 .

(الصفحة359)

مسألة 1 : يشترط في كلّ من الضامن والمضمون له أن يكون بالغاً عاقلاً رشيداً مختاراً ، وفي خصوص المضمون له أن يكون غير محجور عليه لفلس1.

مسألة 2 : يشترط في صحّة الضمان اُمور :

منها: التنجيز على الأحوط ، فلو علّق على أمر ـ كأن يقول: أنا ضامن إن أذن أبي ، أو أنا ضامن إن لم يف المديون إلى زمان كذا ، أو إن لم يف أصلاً ـ بطل2.


المضمون عنه إلى الضامن ، فمن الممكن أن لا تكون ذمّة الضامن معتبرة عند المضمون له بوجه ، وعدم الاعتبار وإن كان قد يفرض بالإضافة إلى ذمّة المضمون عنه أيضاً ، إلاّ أنّ الفرق أنّ الدَّين الثابت قد يكون بسبب غير اختياري كالإتلاف ، والضمان أمر اختياري متقوّم بالعقد .

1 ـ أمّا اعتبار البلوغ والعقل والرشد والاختيار في كلّ من الضامن والمضمون له ، فلأنّ الضمان من التصرّفات الماليّة ، والفاقد لبعض هذه الأوصاف إمّا أن يكون ممنوعاً من تلك التصرّفات مطلقاً ، أو مع عدم إذن الوليّ وإجازته ، وأمّا اعتبار أن لا يكون المضمون له محجوراً عليه لفلس ، فلأنّه حيث يكون الضمان عندنا كما عرفت نقل ذمّة إلى ذمّة اُخرى ، وانتقال الدَّين عن عهدة المضمون عنه إلى الضامن ، فإذا كان المضمون له محجوراً عليه لأجل الفلس ، يكون ذلك بمنزلة التصرّف في حقّ الغرماء ، ومن الممكن عدم رضا بعضهم بكون الضامن هو المديون; لأجل عدم اعتبار ذمّته ، أو لبعض الجهات الاُخر .

2 ـ يشترط في صحّة الضمان اُمور :
منها : التنجيز على الأحوط الوجوبي ، والدليل على اعتباره ـ مضافاً إلى أدلّة

(الصفحة360)

ومنها : كون الدَّين الذي يضمنه ثابتاً في ذمّة المضمون عنه; سواء كان مستقرّاً كالقرض والثمن والمثمن في البيع الذي لا خيار فيه ، أو متزلزلاً كأحد العوضين في البيع الخياري ، والمهر قبل الدخول ونحو ذلك ، فلو قال : أقرض فلاناً أو بعه نسيئة وأنا ضامن لم يصحّ1.


اعتبار التنجيز في العقود ، كالبيع ونحوه على ما هو مذكور في متاجر الشيخ الأعظم الأنصاري (قدس سره)(1) ـ أ نّ التعليق بمثل إذن الأب ، أو عدم وفاء المديون مطلقاً ، أو إلى زمان كذا يوجب التزلزل في الانتقال وعدمه . نعم ، مقتضى ما ذكر عدم بطلان التعليق إذا كان المعلّق عليه معلوم الحصول خصوصاً في الحال ، كما إذا قال : أنا ضامن إن كان اليوم يوم الجمعة ، مع العلم بذلك وأ نّ اليوم يوم الجمعة . والتحقيق في بيان حكم الصور في محلّه .

1 ـ من الاُمور المعتبرة في الضمان ثبوت الدَّين في ذمّة المضمون عنه; سواء كان مستقرّاً كالأمثلة المذكورة في المتن ، أو متزلزلاً كالأمثلة المذكورة فيه أيضاً ، وفرّع على اعتبار هذا الأمر أنّه لو قال : أقرض فلاناً وأنا ضامن ، أو بعه نسيئة كذلك لم يصحّ ، والدليل على اعتبار هذا الأمر الإجماع صريحاً في محكي الغنية(2) وغيرها (3) ، بل عن التذكرة أنّه لو قال لغيره : مهما أعطيت فلاناً فهو عَليّ لم يصحّ إجماعاً(4) ; لأنّ حقيقة الضمان ترجع إلى انتقال ذمّة إلى ذمّة اُخرى ،

(1) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم): 3 / 163 ـ 164 .
(2) غنية النزوع: 260.
(3) المبسوط: 2 / 324 ـ 325 ، التنقيح الرائع: 2 / 186 .
(4) تذكرة الفقهاء: 2 / 89 (ط الحجري)
<<التالي الفهرس السابق>>