في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة221)

بغير ذلك .
(مسألة900): لا يجوز لكثير الشكّ الاعتناء بشكّه ، فلو شكّ في أنّه ركع أو لا ، لا  يجوز له أن يركع ، وإلاّ بطلت الصلاة ، نعم في الشكّ في القراءة أو الذكر إذا اعتنى بشكّه وأتى بالمشكوك فيه بقصد القربة لا بأس به مالم يكن إلى حدّ الوسواس .
(مسألة901): لو شكّ في أنّه حصل له حالة كثرة الشكّ بنى على العدم ، كما أنّه إذا صار كثير الشكّ ثمّ شكّ في زوال هذه الحالة بنى على بقائها .
(مسألة902): يجوز في الشك في ركعات النافلة البناء على الأقلّ والبناء على الأكثر ، إلاّ أن يكون الأكثر مفسداً ، فيبني على الأقلّ .
(مسألة903): من شكّ في شيء من أفعال الصلاة ، فريضة أو نافلة ، أدائيّة كانت الفريضة أم قضائيّة ، أم صلاة جمعة ، أم آيات، وقد دخل في الغير المترتّب على المشكوك مضى ولم يلتفت ، سواء كان الغير واجباً أو مستحبّاً ، جزءاً كان أو مقدمّة له ، فمن شكّ في تكبيرة الإحرام وهو في القراءة أو في الاستعاذة ، أو شكّ في الفاتحة وهو في السورة ، أو في الآية السابقة وهو في اللاحقة ، أو في أوّل الآية وهو في آخرها ، أو في القراءة وهو في الركوع ، أو في الركوع وهو في السجود أو بعد الهويّ إلى السجود ، أو شكّ في السجود وهو في التشهّد أو في القيام ، لم يلتفت ، وكذا إذا شكّ في التشهّد وهو في القيام أو في حال النهوض للقيام ، أو في التسليم فإنّه لا  يلتفت إلى الشكّ في جميع هذه الفروض ، نعم لو كان الشكّ في السجود وهو آخذ في القيام وجب عليه العود وتدارك السجود ، وذلك لوجود النصّ ، وإذا كان الشكّ قبل أن يدخل في الغير المترتّب وجب الإتيان به ، كمن شكّ في التكبير قبل أن يقرأ أو يستعيذ ، أو في القراءة قبل أن يهوي إلى الركوع ، أو في الركوع قبل الهويّ إلى السجود ، أو في السجود أو في التشهد وهو جالس ، أو في التسليم قبل أن يشتغل في التعقيب .


(الصفحة222)

(مسألة904): إذا شكّ في صحّة ما أتى به بعد الفراغ منه، فإن كان بعد الدخول في الغير لا يلتفت ، كما إذا شكّ بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام في صحّتها ، فإنّه لا  يلتفت إذا دخل في الغير المترتّب ، وأمّا قبله فالأحوط إتمام الصلاة وإعادتها ، كما لو شكّ في كونه قائماً حال تكبيرة الإحرام وعدمه ، وفي مثل مالو شكّ في كونه قائماً حال القراءة أو جالساً حال التشهّد فالأحوط تداركهما بنيّة القربة المطلقة ولا  حاجة إلى إعادة الصلاة ، وكذا إذا شكّ في صحّة قراءة الكلمة أو الآية .
(مسألة905): إذا أتى بالمشكوك في المحلّ ثمّ تبيّن أنّه قد فعله أوّلا لم تبطل صلاته إلاّ إذا كان ركناً . وإذا لم يأت بالمشكوك بعد تجاوز المحلّ فتبيّن عدم الإتيان به ، فإن أمكنه التدارك به فعله ، وإلاّ صحّت صلاته إلاّ أن يكون ركناً .
(مسألة906): إذا شكّ ـ وهو في فعل ـ في أنّه هل شكّ في بعض الأفعال المتقدّمة أم لا ، لم يلتفت ، وكذا لو شك في أنّه هل سها أم لا وقد جاز محلّ ذلك الشيء الذي شكّ في أنّه سها عنه أو لا ، نعم لو شكّ في السهو وعدمه وهو في محلّ يتلافى فيه المشكوك فيه ، أتى به على الأصحّ .
(مسألة907): إذا شكّ المصلّي في عدد الركعات فلابدّ له من التروّي يسيراً ، فإن استقرّ الشك وكان في الثنائية ، أو الثلاثية ، أو الأُوليين من الرباعية بطلت ، وإن كان في غيرها وقد أحرز الأُوليين; بأن رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الثانية، فهنا صور :
منها: ما لا علاج للشكّ فيها ، فتبطل الصلاة فيها .
ومنها: ما يمكن علاج الشكّ فيها وتصحّ الصلاة حينئذ ، وهي تسع صور :
الاُولى: الشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين; وهو رفع الرأس من السجدة الثانية ، فإنّه يبني على الثلاث ويأتي بالرابعة ويتمّ الصلاة ، ثمّ يحتاط بركعة قائماً أو ركعتين من جلوس ، والأحوط استحباباً اختيار الركعة من قيام ،

(الصفحة223)

وأحوط منه الجمع بينهما بتقديم الركعة من قيام ، وإن كانت وظيفته الجلوس في الصلاة احتاط بركعة جالساً .
الثانية: الشكّ بين الثلاث والأربع في أيّ موضع كان ، فيبني على الأربع ويتمّ صلاته ، ثمّ يحتاط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً ، والأحوط استحباباً اختيار الركعتين جالساً ، ومع الجمع تقديمهما على الركعة من قيام ، وإن كانت وظيفته الصلاة جالساً احتاط بركعة جالساً .
الثالثة: الشكّ بين الاثنين والأربع بعد إكمال السجدتين ، فيبني على الأربع ويتمّ صلاته ، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام ، وإن كانت وظيفته الصلاة جالساً احتاط بركعتين من جلوس .
الرابعة: الشك بين الاثنين والثلاث والأربع بعد إكمال السجدتين ، فيبني على الأربع ويتمّ صلاته ، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس ، والأقوى لزوم تأخير الركعتين من جلوس ، وإن كانت وظيفته الصلاة جالساً احتاط بركعتين من جلوس ثمّ بركعة جالساً .
الخامسة: الشكّ بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين ، فيبني على الأربع ويتمّ صلاته ، ثمّ يسجد سجدتي السهو .
السادسة: الشكّ بين الأربع والخمس حال القيام ، فإنّه يهدم ، وحكمه حكم الشكّ بين الثلاث والأربع ، فيتمّ صلاته ، ثمّ يحتاط كما سبق في الصورة الثانية .
السابعة: الشكّ بين الثلاث والخمس حالة القيام ، فإنّه يهدم ، وحكمه حكم الشكّ بين الاثنتين والأربع ، فيبني على الأربع ويتمّ صلاته ، ثمّ يحتاط كما سبق في الصورة الثالثة .
الثامنة: الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام ، فإنّه يهدم ، وحكمه حكم الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ، فيتمّ صلاته ، ويحتاط كما سبق في

(الصفحة224)

الصورة الرابعة .
التاسعة: الشكّ بين الخمس والست حال القيام ، فإنّه يهدم ، وحكمه حكم الشكّ بين الأربع والخمس ، ويتمّ صلاته ويسجد للسهو ، والأحوط في هذه الصور الأربع أن يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد أيضاً .
(مسألة908): إذا تردّد بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث ، ثمّ ضمّ إليها ركعة وسلَّم وشكّ في أنّ بناءه على الثلاث كان من جهة الظنّ أو عملا بالشك ، فالأحوط وجوباً الإتيان بصلاة الاحتياط .
(مسألة909): إذا تردّد في أنّ الحاصل له شكّ أو ظنّ ـ كما يتّفق كثيراً لبعض الناس ـ كان ذلك شكّاً ، وكذا لو حصلت له حالة في أثناء الصلاة وبعد أن دخل في فعل آخر لم يدر أنّه كان شكّاً أو ظنّاً يبني على أنّه كان شكّاً إن كان فعلا شاكّاً ، وظنّاً إن كان فعلا ظانّاً ، ويجري على ما يقتضيه ظنّه أو شكّه الفعلي ، وكذا لو شكّ في شيء ثمّ انقلب شكه إلى الظنّ ، أو ظنّ به ثمّ انقلب ظنّه إلى الشكّ ، فإنّه يلحظ الحالة الفعلية ويعمل عليها ، فلو شكّ بين الثلاث والأربع مثلا فبنى على الأربع ، ثمّ انقلب شكّه إلى الظنّ بالثلاث بنى عليه وأتى بالرابعة ، وإذا ظنّ بالثلاث ، ثمّ تبدّل ظنّه إلى الشكّ بينها وبين الأربع بنى على الأربع ثمّ يأتي بصلاة الاحتياط .
(مسألة910): الظنّ بالركعات كاليقين ، أمّا الظنّ بالأفعال فالظاهر أنّ حكمه حكم الظنّ بالركعات، وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه .
(مسألة911): في الشكوك المعتبر فيها إكمال السجدتين كالشكّ بين الاثنتين والثلاث ، والشكّ بين الاثنتين والأربع ، والشك بين الاثنتين والثلاث والأربع : إذا شكّ مع ذلك في الإتيان بالسجدتين أو واحدة ، فإن كان شكّه حال الجلوس قبل الدخول في القيام أو التشهّد بطلت صلاته ; لأنّه محكوم بعدم الإتيان بهما أو بإحداهما ، فيكون شكّه قبل إكمال السجدتين ، وإن كان بعد الدخول في القيام أو

(الصفحة225)

التشهّد لم تبطل .
(مسألة912): صلاة الاحتياط واجبة لا يجوز أن يدعها ويعيد الصلاة ، ولا  تصحّ الإعادة إلاّ إذا أبطل الصلاة بفعل المنافي .
(مسألة913): يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من الأجزاء والشرائط ، فلا بدّفيها من النيّة ، والتكبير للإحرام ، وقراءة الفاتحة إخفاتاً حتّى في البسملةعلى الأحوط وجوباً ، والركوع ، والسجود ، والتشهّد ، والتسليم ، ولا تجبفيها سورة ، وإذا تخلّل المنافي بينها وبين الصلاة فالأحوط إتيانها ثمّ إعادةالصلاة .
(مسألة914): إذا تبيّن تماميّة الصلاة قبل صلاة الاحتياط لم يحتج إليها ، وإن كان في الأثناء جاز تركها وإتمامها نافلة ركعتين .
(مسألة915): إذا تبيّن نقص الصلاة قبل الشروع في صلاة الاحتياط جرى عليه حكم من سلّم على النقص من وجوب ضمّ الناقص والإتمام ، وإذا كان في أثنائها فان كان النقص المتبيّن هو الذي جعلت هذه الصلاة جابرة له شرعاً فالواجب إتمامها ، وإن خالفته في الكمّ والكيف ، كما لو شكّ بين الثلاث والأربع فأتى بركعتين جالساً ، وفي أثنائها تبيّن النقص بركعة وأنّه سلّم على الثلاث ، فإنّه يتمّ الركعتين من جلوس ، بل وكذا إذا أمكن تتميمها كذلك ، كالركعتين من قيام إذا شكّ بين الاثنتين والأربع فأتى بركعتين قائماً وتبيّنت الثلاث قبل أن يركع في الثانية منهما ، ولا  يترك الاحتياط بالإعادة فيهما خصوصاً الثاني . وأمّا في غير ما ذكر فالواجب قطعها وإتمام أصل الصلاة . وأمّا إذا كان التبيّن بعد الفراغ منها، فإن تبيّن نقص الصلاة على النحو الذي كان يحتمله أوّلا صحّت صلاته ، وإن كان الناقص أزيد ممّا كان محتملا ، فإن كان التبيّن قبل إتيان المنافي يجب تتميم أصل الصلاة ، والأحوط الإعادة ، وإلاّ أعاد الصلاة ، وإن كان الناقص أقلّ ممّا كان محتملا فتجب

(الصفحة226)

إعادة الصلاة .
(مسألة916): يجري في صلاة الاحتياط ما يجري في سائر الفرائض من أحكام السهو في الزيادة والنقيصة ، والشكّ في المحلّ ، أو بعد تجاوزه ، أو بعد الفراغ وغير ذلك ، وإذا شكّ في عدد ركعاتها لزم البناء على الأكثر إلاّ أن يكون مفسداً فيعيد الصلاة .
(مسألة917): إذا شكّ في الإتيان بصلاة الاحتياط ، فإن كان بعد خروج الوقت لا  يلتفت إليه ، وإن كان جالساً في مكان الصلاة ولم يدخل في فعل آخر ولم تفت الموالاة بنى على عدم الإتيان ، وإن دخل في فعل آخر أو فاتت الموالاة فللبناء على الإتيان بها وجه ، والأحوط الإتيان بها ثمّ إعادة الصلاة .
(مسألة918): إذا نسي من صلاة الاحتياط ركناً ولم يتمكّن تداركه أعاد الصلاة ، وكذلك إذا زاد ركوعاً أو سجدتين في ركعة .

فصل : قضاء الأجزاء المنسية
(مسألة919): إذا نسي السجدة الواحدة ولم يذكر إلاّ بعد الدخول في الركوع وجب قضاؤها بعد الصلاة وبعد صلاة الاحتياط إذا كانت عليه ، وكذا يقضي التشهّد إذا نسيه ولم يذكره إلاّ بعد الركوع على الأقوى ، ولو نسي بعض أجزاء التشهّد وجب قضاؤه فقط ، نعم لو نسي الصلاة على آل محمّد فالأحوط إعادة الصلاة على محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) . ويجري الحكم المزبور فيما إذا نسي سجدة واحدة والتشهّد من الركعة الأخيرة ولم يذكر إلاّ بعد التسليم والإتيان بما ينافي الصلاة عمداً وسهواً ، وأمّا إذا ذكره بعد التسليم وقبل الإتيان بالمنافي فاللازم تدارك المنسيّ والإتيان بالتشهّد والتسليم ، ثمّ الإتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد ، ولا يقضي غير السجدة والتشهّد من الأجزاء ، ويجب في القضاء ما يجب في المقضيّ من جزء

(الصفحة227)

وشرط ، كما يجب فيه نيّة البدليّة .
ولا يفصل بالمنافي بينه وبين الصلاة ، وإذا فصّل أتى به ثمّ أعاد الصلاة على الأحوط وجوباً .
(مسألة920): إذا شكّ في فعله وجب الإتيان به مادام في وقت الصلاة ، بل الأحوط وجوباً ذلك إذا شكّ في الوقت ولم يأت به فيه ، وإذا شكّ في موجبه بنى على العدم .

فصل : سجود السهو
(مسألة921): يجب سجود السهو للكلام ساهياً ، وللسلام في غير محلّه ، وللشكّ بين الأربع والخمس كما تقدّم ، ولنسيان التشهّد، ولنسيان السجدة ، كما أنّ الأحوط استحباباً سجود السهو للقيام في موضع القعود وبالعكس ، بل لكلّ زيادة أو نقيصة .
(مسألة922): يتعدّد السجود بتعدّد موجبه ، ولا يتعدّد بتعدّد الكلام إلاّ مع تعدّد السهو ، بأن يتذكّر ثمّ يسهو . أمّا إذا تكلّم كثيراً وكان ذلك عن سهو واحد وجب سجود واحد لا غير .
(مسألة923): لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه ، ولا تعيين السبب .
(مسألة924): يؤخّر السجود عن صلاة الاحتياط ، وكذا عن الأجزاء المنسيّة ، ويجب الإتيان به فوراً ، فإن أخّر عمداً عصى ولم يسقط ، بل وجبت المبادرة إليه ، ولو  تركه لم تبطل صلاته ولم يسقط وجوبه ، وإذا نسيه فذكر وهو في أثناء صلاة اُخرى أتمّ صلاته وأتى به بعدها .
(مسألة925): سجود السهو سجدتان متواليتان ، وتجب فيه نيّة القربة ، ولا  يجب فيه تكبير وإن كان أحوط ، والأحوط مراعاة جميع ما يعتبر في السجود

(الصفحة228)

من الطمأنينة ووضع سائر المساجد ، ووضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه ، والانتصاب مطمئناً بينهما .
والأقوى وجوب الذكر في كلّ واحد منهما ، والأحوط الأولى في صورته :
«بسم الله وبالله السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته» ويمكنه أن يقول : «بسم الله وبالله وصلّى الله على محمّد وآله» أو يقول : «بسم الله وبالله اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد» ويجب فيه التشهّد بعد رفع الرأس من السجدة الثانية ، ثمّ التسليم ، والأحوط اختيار التشهّد المتعارف .
(مسألة926): إذا شكّ في موجبه لم يلتفت ، وإذا شكّ في عدد الموجب بنى على الأقلّ ، وإذا شكّ في إتيانه بعد العلم بوجوبه أتى به حتّى ولو كان بعد خروج وقت الصلاة على الأحوط ، وإذا اعتقد تحقّق الموجب وبعد السلام شكّ فيه لم يجب عليه ، كما أنّه إذا شك في الموجب وبعد ذلك علم به أتى به ، وإذا شكّ في أنّه سجدة أو سجدتين بنى على الأقلّ إلاّ إذا دخل في التشهّد ، وإذا شكّ بعد رفع الرأس في تحقّق الذكر مضى ، وإذا علم بعدمه أعاد على الأحوط ، ولكن لا يبعد عدم وجوب الإعادة. وإذا علم أنّه زاد سجدة وجب عليه الإعادة ، كما أنّه إذا علم أنّه نقص واحدة أعاد .
(مسألة927): تشترك النافلة مع الفريضة في أنّه إذا شكّ في جزء منها فيالمحلّ لزم الإتيان به ، وإذا شكّ بعد تجاوز المحلّ لا يعتنى به ، وفي أنّه إذانسي جزءاً لزم تداركه إذا ذكره قبل الدخول في ركن بعده ، وتفترق عن الفريضة بأنّ الشكّ في ركعاتها يجوز فيه البناء على الأقلّ والأكثر ، وأنّه لا سجود للسهو فيها ، وأنّه لا  قضاء للجزء المنسيّ فيها إذا كان يقضى في الفريضة، وأنّ زيادةالركعة سهواً غير قادحة ، ومن هنا يجب تدارك الجزء المنسيّ إذا ذكره بعد الدخولفي ركن أيضاً .


(الصفحة229)


المبحث العاشر : صلاة المسافر

وفيه فصول

الفصل الأوّل : شرائط القصر
تقصر الصلاة الرباعية بإسقاط الركعتين الأخيرتين منها في السفر بشروط :
الأوّل: قصد قطع المسافة ; وهي ثمانية فراسخ امتدادية ذهاباً أو إياباً ، أو ملفّقة من أربعة ذهاباً ، وأربعة إياباً ، سواء اتّصل ذهابه بإيابه، أو انفصل عنه بمبيت ليلة واحدة أو أكثر في الطريق أو المقصد الذي هو رأس الأربعة ، ما لم تحصل منه الإقامة القاطعة للسفر أو غيرها من القواطع الآتية .
(مسألة928): الفرسخ ثلاثة أميال ، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد ، وهو من المرفق إلى طرف الأصابع ، فتكون المسافة خمساً وأربعين كيلومتراً تقريباً .
(مسألة929): إذا نقصت المسافة عن ذلك ولو يسيراً بقي على التمام ، وكذا إذا شكّ في بلوغها المقدار المذكور ، بل وكذا لو ظنّ كونها مسافة .
(مسألة930): تثبت المسافة بالعلم وبالبيّنة الشرعيّة ، والظاهر عدم ثبوتها بخبر العدل الواحد ، وإذا تعارضت البيّنتان تساقطتا ووجب التمام ، والأحوط الاختبار إلاّ إذا لزم منه الحرج ، وإذا شكّ العامي في مقدار المسافة شرعاً وجب عليه إمّا الرجوع إلى المجتهد والعمل على فتواه ، أو الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام ، وإذا اقتصر على أحدهما وانكشف مطابقته للواقع أجزأه .
(مسألة931): إذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصّر ، فظهر عدمه أعاد ، وكذا إذا اعتقد عدم كونه مسافة فأتمّ ثمّ ظهر كونه مسافة .
(مسألة932): إذا شكّ في كونه مسافة ، أو اعتقد العدم وظهر في أثناء السير

(الصفحة230)

كونه مسافة ، قصّر وإن لم يكن الباقي مسافة .
(مسألة933): إذا كان للبلد طريقان ، والأبعد منهما مسافة دون الأقرب ، فإن سلك الأبعد قصّر ، وإن سلك الأقرب أتمّ ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون سفره من بلده إلى بلد آخر ، أو من بلد آخر إلى بلده أو غيره .
(مسألة934): الأقوى اعتبار أن لا يكون الذهاب أقلّ من أربعة بعد كون المجموع ثمانية ، فإذا كان الذهاب خمسة فراسخ والإياب ثلاثة يقصّر .
(مسألة935): مبدأ حساب المسافة من سور البلد إذا كان آخر البلد ، وإلاّ فالمبدأ هو آخره وإن كان خارج السور ، ومنتهى البيوت فيما لا سور له .
(مسألة936): لا يعتبر توالي السير على النحو المتعارف ، بل يكفي قصد السفر في المسافة المذكورة ـ ولو في أيّام كثيرة ـ ما لم يخرج عن قصد السفر عرفاً .
(مسألة937): يجب القصر في المسافة المستديرة ، ويعتبر أن يكون من مبدأ السير إلى المقصد أربعة مع كون المجموع بقدر المسافة .
(مسألة938): لابدّ من تحقّق القصد إلى المسافة في أوّل السير ، فإذا قصد ما  دون المسافة وبعد بلوغه تجدّد قصده إلى ما دونها أيضاً ـ وهكذا ـ وجب التمام وإن قطع مسافات ، نعم إذا شرع في الإياب إلى البلد وكانت المسافة ثمانية قصّر ، وإلاّ بقي على التمام ، فطالب الضالّة أو الغريم أو الآبق ونحوهم يتمّون ، إلاّ إذا حصل لهم في الأثناء قصد ثمانية فراسخ امتدادية أو ملفّقة ، بشرط أن لا يكون الذهاب أقلّ من أربعة .
(مسألة939): إذا خرج إلى ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة ـ إن تيسّروا سافر معهم وإلاّ رجع ـ أتمّ ، وكذا إذا كان سفره مشروطاً بأمر آخر غير معلوم الحصول ، نعم إذا كان مطمئناً بتيسّر الرفقة أو بحصول ذلك الأمر قصّر .
(مسألة940): لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلاًّ ، فإذا كان تابعاً لغيره

(الصفحة231)

كالزوجة والعبد والخادم والأسير ، وجب التقصير إذا كان قاصداً تبعاً لقصد المتبوع ، وإذا شكّ في قصد المتبوع بقي على التمام ، ويجب على الأحوط الاستخبار من المتبوع ، ولكن لا يجب عليه الإخبار . وإذا علم في الأثناء قصد المتبوع ، فإن كان الباقي مسافة ولو ملفّقة بنحو لا يكون الذهاب أقلّ من أربعة قصّر ، وإلاّ بقي على التمام .
(مسألة941): إذا كان التابع عازماً على مفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة، أو متردّداً في ذلك بقي على التمام ، وكذا إذا كان عازماً على المفارقة على تقدير حصول أمر محتمل الحصول ، سواء كان له دخل في ارتفاع المقتضي للسفر أو شرطه ، مثل الطلاق أو العتق ، أم كان مانعاً عن السفر مع تحقّق المقتضي له وشرطه; فإذا قصد المسافة واحتمل احتمالا عقلائيّاً حدوث مانع عن سفره أتمّ صلاته وإن انكشف بعد ذلك عدم المانع .
(مسألة942): يجب القصر في السفر إذا كان مكرهاً على السفر أو مضطرّاً إليه عرفاً ، أمّا إذا اُلقي في قطار أو سفينة من دون اختياره ـ بأن لم يكن له حركة سيريّة  ـ ففي وجوب القصر ولو مع العلم بالإيصال إلى المسافة إشكال، فلا يترك الاحتياط فيه بالجمع .
الثاني: استمرار القصد : فإذا عدل قبل بلوغ الأربعة إلى قصد الرجوع ، أو تردّد في ذلك وجب التمام ، وإذا كان العدول أو التردّد بعد بلوغ الأربعة وكان عازماً على العود قبل إقامة العشرة بقي على القصر واستمرّ على الإفطار .
(مسألة943): يكفي في استمرار القصد بقاء قصد نوع السفر وإن عدل عن الشخص الخاصّ ، كما إذا قصد السفر إلى مكان وفي الأثناء عدل إلى غيره ، فإذا كان ما مضى مع ما بقي إليه مسافة، فإنّه يقصّر على الأصحّ ، وكذا إذا كان من أوّل الأمر قاصداً السفر إلى أحد البلدين من دون تعيين أحدهما إذا كان السفر إلى كلّ منهما

(الصفحة232)

يبلغ المسافة .
(مسألة944): إذا تردّد في الأثناء ثمّ عاد إلى الجزم ، فإمّا أن يكون قبل قطع شيء من الطريق فيبقى على القصر ، وإمّا أن يكون بعده ، فان كان تردّده بعد بلوغ أربعة فراسخ وكان عازماً على الرجوع قبل العشرة قصّر، وكذا يقصّر عند الشروع في السير بنيّة السفر إلى المسافة إذا كان مابقي مسافة ولو ملفّقة ، بشرط أن لا يقلّ الذهاب عن أربعة فراسخ ، وفيما سوى ذلك فلا يترك الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام فيما كان ما قطعه حال الجزم أوّلا مع مابقي بعد العود إلى الجزم مسافة .
الثالث: أن لا يكون ناوياً في أوّل السفر إقامة عشرة أيّام قبل بلوغ المسافة ، أو يكون متردّداً في ذلك ، وإلاّ أتمّ من أوّل السفر ، وكذا إذا كان ناوياً المرور بوطنه أو مقرّه ، أو متردّداً في ذلك ، فإذا كان قاصداً السفر المستمرّ ، لكن احتمل عروض ما يوجب احتمالا عقلائيّاً تبدّل قصده على نحو يلزمه أن ينوي الإقامة عشرة ، أو المرور بالوطن ، أتمّ صلاته ، وإن لم يعرض ما احتمل عروضه .
الرابع: أن يكون السفر مباحاً ، فإذا كان حراماً لم يقصّر ، سواء كان حراماً لنفسه كإباق العبد ، أو لغايته كالسفر لقتل النفس المحترمة ، أم للسرقة ، أو للزنا ، أم لإعانة الظالم ، ونحو ذلك ، ويلحق به ما إذا كانت الغاية من السفر ترك الواجب ، كما إذا كان مديوناً وسافر مع مطالبة الدائن وإمكان الأداء في الحضر دون السفر ، فإنّه يجب فيه التمام إذا كان السفر بقصد التوصّل إلى ترك الواجب ، وإذا لم يكن السفر لأجله ، لكن كان مستلزماً لترك الواجب فقط قصّر، وإن كان الأحوط الجمع بين القصر والتمام . أمّا إذا كان السفر ممّا يتّفق وقوع الحرام أو ترك الواجب في أثنائه ، كالغيبة وشرب الخمر وترك الصلاة ونحو ذلك ، من دون أن يكون الحرام أو ترك الواجب غاية للسفر ، وجب فيه القصر .
(مسألة945): إذا كان السفر مباحاً ، ولكن ركب دابّة مغصوبة فالأقوى فيه

(الصفحة233)

القصر ، ولو مشى في أرض مغصوبة فالأحوط وجوباً الجمع .
(مسألة946): إباحة السفر شرط في الابتداء والاستدامة ، فإذا كان ابتداء سفره مباحاً ، وفي الأثناء قصد المعصية أتمّ حينئذ ، وأمّا ما صلاّه قصراً سابقاً فلا تجب إعادته . وإذا رجع إلى قصد الطاعة ثانياً ، فإن كان ما بقي مسافة ولو ملفّقة  ـ بشرط أن لا يقلّ الذهاب عن أربعة فراسخ ـ وشرع في السير قصّر ، وإلاّ فلا يترك الاحتياط بالجمع إذا كان المجموع مع إلغاء ما في الوسط بقدر المسافة ، نعم إذا شرع في الإياب وكان مسافة قصّر .
(مسألة947): إذا كان ابتداء سفره معصية فعدل إلى المباح ، فإن كان الباقي مسافة ولو ملفقّة ، بشرط أن لا يقلّ الذهاب عن أربعة فراسخ قصّر ، وإلاّ أتمّ .
(مسألة948): الراجع من سفر المعصية يقصّر إذا كان الرجوع مسافة وكان تائباً ، وإن كان مع عدم التوبة فلا يبعد وجوب التمام عليه إذا عدّ العرف الرجوع جزءاً من سفر المعصية .
(مسألة949): إذا سافر لغاية ملفقّة من الطاعة والمعصية أتمّ صلاته ، إلاّ إذا كان داعي الطاعة مستقلاًّ وداعي المعصية تبعاً ، فإنّه يقصّر .
(مسألة950): إذا سافر للصيد لهواً، كما يستعمله أبناء الدنيا أتمّ الصلاة في ذهابه ، وقصّر في إيابه إذا كان وحده مسافة ، أمّا إذا كان الصيد لقوته وقوت عياله قصّر ، وإذا كان للتجارة فالأحوط فيه الجمع بين القصر والتمام في الصلاة ولكن يفطر صومه ، ولا فرق في ذلك بين صيد البرّ والبحر، وفي حرمة الصيد لهواً إشكالٌ .
(مسألة951): التابع للجائر إذا كان مكرهاً ، أو بقصد غرض صحيح كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره يقصّر ، وإلاّ فإن عدّت تبعيّته إعانة للجائر في جوره يتمّ ، وإن كان سفر الجائر مباحاً فالتابع يتمّ والمتبوع يقصّر .
(مسألة952): إذا شكّ في كون السفر معصية أو لا ، مع كون الشبهة موضوعيّة

(الصفحة234)

فالأصل الإباحة فيقصّر ، إلاّ إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة ، أو كان هناك أصل موضوعيّ يحرز به الحرمة فلا يقصّر .
(مسألة953): إذا كان السفر في الابتداء معصية ، فقصد الصوم ثمّ عدل في الأثناء إلى الطاعة ، فإن كان العدول قبل الزوال وجب الإفطار إذا كان الباقي مسافة ولو ملفّقة ، بشرط كون الذهاب مشتملا على أربعة فراسخ وقد شرع فيه ، ولا  يفطر بمجرّد العدول من دون الشروع في قطع الباقي ممّا هو مسافة ، وإن كان العدول بعد الزوال وكان في شهر رمضان، فالأوجه الصحّة ولزوم الإتمام . ولو  انعكس الأمر، بأن كان سفره طاعة في الابتداء وعدل إلى المعصية في الأثناء ، فإن لم يأت بالمفطر وكان قبل الزوال صحّ صومه ، والأحوط قضاؤه أيضاً ، وإن كان بعد فعل المفطر أو بعد الزوال بطل ، والأحوط إمساك بقيّة النهار تأدّباً إن كان من شهر رمضان .
الخامس: أن لا يتّخذ السفر عملا له ، كالمكاري ، والملاّح ، والساعي ، والراعي ، والتاجر الذي يدور في تجارته ، وغيرهم ممّن عمله السفر إلى المسافة فما زاد ، فإنّ هؤلاء يتمّون الصلاة في سفرهم وإن استعملوه لأنفسهم ، كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى آخر ، وكما أنّ التاجر الذي يدور في تجارته يتمّ الصلاة ، كذلك العامل الذي يدور في عمله ، كالنجّار الذي يدور في الرساتيق لتعمير النواعير والكرود ، والبنّاء الذي يدور في الرساتيق لتعمير الآبار التي يستقى منها للزرع ، والحدّاد الذي يدور في الرساتيق والمزارع لتعمير الماكينات وإصلاحها ، والنقّار الذي يدور في القرى لنقر الرحى ، وأمثالهم من العمّال الذين يدورون في البلاد والقرى والرساتيق للاشتغال والأعمال مع صدق الدوران في حقّهم ، لكون مدّة الإقامة للعمل قليلة ، ومثلهم الحطّاب ، والجلاّب الذي يجلب الخضر والفواكه والحبوب ونحوها إلى البلد ، فإنّهم يتمّون الصلاة ، ولا يلحق بمن عمله السفر أو

(الصفحة235)

يدور في عمله من كان عمله في مكان معيّن يسافر إليه في أكثر أيّامه ، كمن كانت إقامته في مكان وتجارته أو طبابته أو تدريسه أو دراسته في مكان آخر ، فإنّه يقصّر إلاّ إذا نوى الإقامة ، والحاصل أنّ العبرة في لزوم التمام بكون السفر بنفسه عملا له لا كون عمله في السفر وكان السفر مقدّمة له .
(مسألة954): إذا اختصّ عمله بالسفر إلى ما دون المسافة قصّر إن اتّفق له السفر إلى المسافة ، نعم إذا كان عمله السفر إلى مسافة معيّنة كالمكاري من النجف إلى كربلاء ، فاتّفق له كرى دوابّه إلى غيرها فإنّه يتمّ حينئذ .
(مسألة955): لا يعتبر في وجوب التمام تكرّر السفر ثلاث مرّات ، بل يكفي كون السفر عملا له ولو في المرّة الاُولى ، نعم إذا لم يتحقّق الصدق إلاّ بالتعدّد يعتبر ذلك .
(مسألة956): إذا سافر من عمله السفر سفراً ليس من عمله ـ كما إذا سافر المكاري للزيارة أو الحجّ ـ وجب عليه القصر . نعم، لو حجّ أو زار لكن من حيث إنّه عمله ـ كما إذا كرى دابّته للحجّ أو الزيارة وحجّ أو زار بالتبع ـ أتمّ .
(مسألة957): إذا اتّخذ السفر عملا له في شهور معيّنة من السنة ، أو فصل معيّن منها ، كالذي يكري دوابّه بين مكّة وجدّة في شهور الحجّ ، أو يجلب الخضر في فصل الصيف ، جرى عليه الحكم وأتمّ الصلاة في سفره في المدّة المذكورة ، أمّا في غيرها من الشهور فيقصّر في سفره إذا اتّفق له السفر .
(مسألة958): الحملدارية الذين يسافرون إلى مكّة في أيّام الحجّ في كلّ سنة ، ويقيمون في بلادهم بقية أيّام السنة يشكل جريان حكم من عمله السفر عليهم ، فالظاهر وجوب القصر عليهم فيما إذا كان زمان سفرهم قليلا ، كما هو الغالب في من يسافر جوّاً في عصرنا الحاضر .
(مسألة959): لا يعتبر في من شغله السفر اتّحاد كيفيّات وخصوصيّات أسفاره

(الصفحة236)

من حيث الطول والقصر ، ومن حيث الحمولة ، ومن حيث نوع الشغل ، فلو كان يسافر إلى الأمكنة القريبة فسافر إلى البعيدة ، أو كانت دوابّه الحمير فبدّل إلى الجمال ، أو كان مكارياً فصار ملاّحاً أو بالعكس ، يلحقه الحكم; وإن أعرض عن أحد النوعين إلى الآخر أو لفّق من النوعين ، فالمناط هو الاشتغال بالسفر وإن اختلف نوعه .
(مسألة960): إذا أقام من عمله السفر في بلدة عشرة أيّام وجب عليه القصر في السفرة الاُولى دون الثانية فضلا عن الثالثة ، وكذا إذا أقام في غير بلده عشرة منويّة ، ولو أقام في غير بلده عشرة بلا نيّة فلا يترك الاحتياط في السفر الأوّل بعده بالجمع بين القصر والتمام ، ولا فرق في الحكم المزبور بين المكاري والملاّح والساعي وغيرهم ممّن عمله السفر .
السادس: أن لا يكون ممّن بيته معه ، كأهل البوادي من العرب والعجم الذين لا  مسكن لهم معيّن في الأرض ، بل يتّبعون العشب والماء أينما كانا ومعهم بيوتهم ، فإنّ هؤلاء يتمّون صلاتهم وتكون بيوتهم بمنزلة الوطن ، نعم إذا سافر أحد من بيته لمقصد آخر كحجّ أو زيارة أو لشراء ما يحتاج من قوت أو حيوان أو نحو ذلك قصّر ، وأمّا إذا خرج لاختيار المنزل أو موضع العشب والماء وكان مسافة ولم يكن بيته معه ففي وجوب القصر أو التمام عليه إشكال ، فلا يترك الاحتياط بالجمع .
(مسألة961): السائح في الأرض الذي لم يتّخذ وطناً منها يتمّ ، وأمّا إذا كان له وطن وخرج معرضاً عنه ولم يتّخذ وطناً آخر يقصّر .
السابع: أن يصل إلى حدّ الترخّص ، وهو المكان الذي يتوارى عنه جدران بيوت البلد ويخفى عنه أذانه ، ويكفي أحدهما مع الجهل بحصول الآخر ، وأمّا مع العلم بعدم الآخر فالأحوط الجمع بين القصر والتمام ، ولا يلحق محلّ الإقامة والمكان الذي بقي فيه ثلاثين يوماً متردّداً بالوطن على الأحوط وجوباً ، فلو أراد

(الصفحة237)

المسافر أن يؤدّي صلاته فيهما قبل الوصول إلى حدّ الترخّص فالأحوط أن يجمعبين القصر والتمام .
(مسألة962): المدار في السماع على المتعارف من حيث اُذُن السامع ،والصوت المسموع وموانع السمع ، والخارج عن المتعارف يرجع إليه ، وكذلك الحال في الرؤية .
(مسألة963): كما لا يجوز التقصير فيما بين البلد إلى حدّ الترخّص في ابتداء السفر ، كذلك لا يجوز التقصير عند الرجوع إلى البلد ، فإنّه إذا تجاوز حدّ الترخّص إلى البلد وجب عليه التمام .
(مسألة964): إذا شكّ في الوصول إلى الحدّ بنى على عدمه ، فيبقى على التمام في الذهاب وعلى القصر في الإياب ، إلاّ إذا لزم منه محذور كمخالفة العلم الاجمالي أو التفصيلي ، كمن صلّى الظهر تماماً في الذهاب في مكان استصحاباً ، وأراد إتيان العصر في الإياب قصراً في ذلك المكان .
(مسألة965): يعتبر كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر ، كما أنّه يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان البلد غير خارج عن المتعارف في العلوّ .
(مسألة966): إذا اعتقد الوصول إلى الحدّ فصلّى قصراً ثمّ بان أنّه لم يصل بطلت ووجبت الإعادة قبل الوصول إليه تماماً ، وبعده قصراً ، فإن لم يعد وجب عليه القضاء ، وكذا في العود إذا صلّى تماماً باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الإعادة قبل الوصول إليه قصراً، وبعده تماماً ، فإن لم يعد وجب القضاء .

الفصل الثاني : قواطع السفر
وهي اُمور :
الأوّل: الوطن ، والظاهر أنّه لا يعتبر في الوطن الأصلي شيء ، بل هو وطنه مطلقاً ما دام فيه، وإن كان قصده الإعراض عنه ما لم يتحقّق الإعراض العملي ، نعم

(الصفحة238)

يعتبر في المستجدّ الالتفات إلى الدوام واتّخاذه مقرّاً له كذلك ، كما أنّه لا يعتبر الإقامة ستّة أشهر ، ولا يعتبر فيه أن يكون له فيه ملك وإنّما يعتبر فيه الإقامة بمقدار يصدق عليه عرفاً أنّه وطنه ، فربّما يصدق بالإقامة فيه بعد القصد المزبور شهراً أو أقلّ .
(مسألة967): إذا عزم على السكنى في بلد إلى مدّة مديدة كثلاثين سنة فلا يبعد صدق التوطّن بذلك عرفاً، وإن كان الأحوط مراعاة الاحتياط .
(مسألة968): يجوز أن يكون للإنسان وطنان ; بأن يكون له منزلان في مكانين ، كلّ واحد منهما على الوصف المتقدّم ، فيقيم في كلّ سنة بعضاً منها في هذا ، وبعضها الآخر في الآخر ، وفي جواز أن يكون له أكثر من وطنين إشكال .
(مسألة969): ذكر المشهور أنّه تجري أحكام الوطن على الوطن الشرعي ، وهو المكان الذي يملك فيه الإنسان منزلا قد استوطنه ستّة أشهر ، بأن أقام فيه ستّة أشهر عن قصد ونيّة ، فيتمّ الصلاة فيه كلّما دخله ، لكنّ الأقوى عدم جريان حكم الوطن عليه بعد الإعراض ، فالوطن الشرعيّ غير ثابت .
(مسألة970): يكفي في صدق الوطن قصد التوطّن ولو تبعاً ، كما في الأولاد والزوجة والعبد .
(مسألة971): إذا حدث له التردّد في التوطّن في المكان بعدما كان وطناً أصليّاً أو مستجدّاً ، ففي بقاء الحكم إشكال ، أقربه عدم الزوال قبل الإعراض العملي .
الثاني: العزم على الإقامة عشرة أيّام متوالية في مكان واحد ، أو العلم ببقائه المدّة المذكورة فيه وإن لم يكن باختياره ، والليالي المتوسّطة داخلة بخلاف الاُولى والأخيرة ، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر ، فإذا نوى الإقامة من زوال أوّل يوم إلى زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام ، والظاهر أنّ مبدأ اليوم طلوع الشمس ، فإذا نوى الإقامة من طلوع الشمس يكفي في وجوب التمام نيّتها إلى

(الصفحة239)

غروب اليوم العاشر .
(مسألة972): يشترط وحدة محلّ الإقامة ، فإذا قصد الإقامة عشرة أيّام في النجف الأشرف ومسجد الكوفة مثلا بقي على القصر ، نعم لا يشترط قصد عدم الخروج عن سور البلد ، بل إذا قصد الخروج إلى ما يتعلّق بالبلد من الأمكنة ، مثل بساتينه ومزارعه ومقبرته ، ونحو ذلك من الأمكنة التي يتعارف وصول أهل البلد إليها من جهة كونهم أهل ذلك البلد ، لم يقدح في صدق الإقامة فيها . نعم ، لو كان من نيّته الخروج نهاراً والرجوع قبل الليل ففيه إشكال ، خصوصاً مع تكرّر ذلك في أيّام الإقامة وكون زمان الخروج في كلّ يوم أكثر من زمان الإقامة فيه ، فالأحوط لو لم يكن أقوى عدم تحقّق الإقامة بذلك ، نعم لا تقدح نيّة الخروج ساعة أو ساعتين ولو مع التكرار .
(مسألة973): إذا قصد الإقامة إلى ورود المسافرين ، أو انقضاء الحاجة أو نحو ذلك ، وجب القصر وإن اتّفق حصوله بعد عشرة أيّام ، وإذا نوى الإقامة إلى آخر الشهر مثلا وكان عشرة أيّام فالظاهر عدم كفايته في صدق الإقامة ووجوب التمام ما لم يعلم بذلك .
(مسألة974): تجوز الإقامة في البرّية ، ولا يجب التضييق في دائرة المقام ، كما لا  يجوز التوسيع كثيراً بحيث يخرج عن صدق وحدة المحلّ ، فالمدار على صدق الوحدة عرفاً .
(مسألة975): إذا عدل المقيم عشرة أيّام عن قصد الإقامة ، فإن كان قد صلّى فريضة رباعيّة بقي على التمام إلى أن يسافر ، وإلاّ رجع إلى القصر ، سواء لم يصلّ أصلا أو صلّى مثل الصبح والمغرب ، وسواء فعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل والصوم أو لم يفعل ، وأمّا لو شرع في الرباعية ولم يتمّها وكان في الركوع الثالثة فالأحوط وجوباً في هذه الصورة الجمع .


(الصفحة240)

(مسألة976): إذا صلّى بعد نيّة الإقامة فريضة رباعيّة تماماً نسياناً ، أو لشرف البقعة غافلا عن نيّته ، فلا يترك الاحتياط بالجمع في الصورتين .
(مسألة977): إذا تمّت مدّة الإقامة لم يحتج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة ، بل يبقى على التمام إلى أن يسافر ، وإن لم يصلّ في مدّة الإقامة فريضة تماماً .
(مسألة978): لا يشترط في تحقّق الإقامة كونه مكلّفاً ، فلو نوى الإقامة وهو غير بالغ ، ثمّ بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الأيّام ، وقبل البلوغ يصلّي تماماً ، وإذا نواها وهو مجنون وكان تحقّق القصد منه ممكناً ، أو نواها حال الإفاقة ثمّ جنّ يصلّي تماماً بعد الافاقة في بقيّة العشرة ، وكذا إذا كانت حائضاً حال النيّة ، فإنّها تصلّي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماماً ، بل إذا كانت حائضاً تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشيء سفراً .
(مسألة979): إذا صلّى تماماً ثمّ عدل ، لكن تبيّن بطلان صلاته رجع إلى القصر ، وإذا صلّى بنيّة التمام وبعد السلام شك في أنّه سلّم على الأربع أو الإثنين أو الثلاث كفى في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد الصلاة ، وكذا يكفي في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الإقامة بعد السلام الواجب وقبل فعل المستحبّ منه أو قبل الإتيان بسجود السهو ، بل وكذا لو عدل بعد السلام وقبل قضاء السجدة المنسيّة . وأمّا لو عدل قبل صلاة الاحتياط، فإن كان أحد طرفي الشك أو أطرافه الاثنتين رجع إلى القصر، وفي غيره لا يترك الاحتياط بالجمع .
(مسألة980): إذا استقرّت الإقامة ولو بالصلاة تماماً ، فبدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة ، فإن كان ناوياً للاقامة في المقصد ، أو في محلّ الإقامة ، أو في غيرهما ، بقي على التمام حتى يسافر من محلّ الإقامة الثانية ، وإن كان ناوياً الرجوع إلى محلّ الإقامة من حيث إنّه في طريقه في سفره الجديد والسفر منه قبل العشرة ، فمع عدم كون الذهاب أربعة فراسخ فلا يترك الاحتياط بالجمع في الذهاب
<<التالي الفهرس السابق>>