في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة501)

الرابع : استيعاب الجبهة على ما يصح السجود عليه ، بل استيعاب(1) جميع المساجد .
الخامس : الإرغام بالأنف على ما يصح السجود عليه .
السادس : بسط اليدين مضمومتي الأصابع حتّى الإبهام حذاء الاُذنين متوجّهاً بهما إلى القبلة .
السابع : شغل النظر إلى طرف الأنف حال السجود .
الثامن : الدعاء قبل الشروع في الذكر بأن يقول : «اللّهمَّ لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكّلت، وأنت ربّي، سجد وجهي للذي خلقه وشقّ سمعه وبصره، والحمد لله ربّ العالمين، تبارك الله أحسن الخالقين» .
التاسع : تكرار الذكر .
العاشر : الختم على الوتر .
الحادي عشر : اختيار التسبيح من الذكر ، والكبرى من التسبيح ، وتثليثها أو تخميسها أو تسبيعها .
الثاني عشر : أن يسجد على الأرض، بل التراب دون مثل الحجر والخشب .
الثالث عشر : مساواة موضع الجبهة مع الموقف ، بل مساواة جميع المساجد .
الرابع عشر : الدعاء في السجود أو الأخير بما يريد من حاجات الدنيا والآخرة ، وخصوص طلب الرزق الحلال; بأن يقول : «يا خير المسؤولين ويا خير المعطين، ارزقني وارزق عيالي من فضلك، فإنّك ذو الفضل العظيم» .
الخامس عشر : التورّك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما ، وهو أن يجلس على فخذه الأيسر جاعلاً ظهر القدم اليمنى في بطن اليسرى .


(1) مرّ الاحتياط في استيعاب الكفّين .

(الصفحة502)

السادس عشر : أن يقول فى الجلوس بين السجدتين : «استغفر الله ربّي وأتوب  إليه» .
السابع عشر : التكبير بعد الرفع من السجدة الأُولى بعد الجلوس مطمئنّاً ، والتكبير للسجدة الثانية وهو قاعد .
الثامن عشر : التكبير بعد الرفع من الثانية كذلك .
التاسع عشر : رفع اليدين حال التكبيرات .
العشرون : وضع اليدين على الفخذين حال الجلوس ، اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى .
الحادي والعشرون : التجافي حال السجود; بمعنى رفع البطن عن الأرض .
الثاني والعشرون : التجنّح ، بمعنى تجافي الأعضاء حال السجود; بأن يرفع مرفقيه عن الأرض مفرّجاً بين عضديه وجنبيه، ومبعداً يديه عن بدنه جاعلاً يديه كالجناحين .
الثالث والعشرون : أن يصلّي على النبيّ وآله في السجدتين .
الرابع والعشرون : أن يقوم سابقاً برفع ركبتيه قبل يديه .
الخامس والعشرون : أن يقول بين السجدتين : «اللّهمَّ اغفر لي وارحمني وأجرني وادفع عنّي ، فإنّي لما أنزلت إليَّ من خير فقير ، تبارك الله ربّ العالمين» .
السادس والعشرون : أن يقول عند النهوض للقيام : «بحول الله وقوّته أقوم وأقعد»، أو يقول : «اللّهمَّ بحولك وقوّتك أقوم وأقعد» .
السابع والعشرون : أن لا يعجن بيديه عند إرادة النهوض أي لا يقبضهما، بل يبسطهما على الأرض معتمداً عليهما للنهوض .
الثامن والعشرون : وضع الركبتين قبل اليدين للمرأة عكس الرجل عند

(الصفحة503)

الهوي للسجود ، وكذا يستحب عدم تجافيها حاله، بل تفترش ذراعيها وتلصق
بطنها بالأرض وتضم أعضاءها ، وكذا عدم رفع عجيزتها حال النهوض للقيام، بل تنهض وتنتصب عدلاً .
التاسع والعشرون : إطالة السجود والإكثار فيه من التسبيح والذكر .
الثلاثون : مباشرة الأرض بالكفين .
الواحد والثلاثون : زيادة تمكين الجبهة وسائر المساجد في السجود .
[1627] مسألة 1 : يكره الإقعاء في الجلوس بين السجدتين بل بعدهما أيضاً ; وهو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه كما فسّره به الفقهاء ، بل بالمعنى الآخر المنسوب إلى اللغويّين أيضاً ; وهو أن يجلس على أليتيه، وينصب ساقيه، ويتساند إلى ظهره كإقعاء الكلب .
[1628] مسألة 2 : يكره نفخ موضع السجود إذا لم يتولّد حرفان ، وإلاّ
فلا يجوز، بل مبطل للصلاة ، وكذا يكره عدم رفع اليدين من الأرض بين
السجدتين .
[1629] مسألة 3 : يكره قراءة القرآن في السجود كما كان يكره في الركوع .
[1630] مسألة 4 : الأحوط عدم ترك جلسة الاستراحة ; وهي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الأُولى، والثالثة ممّا لا تشهّد فيه ، بل وجوبها(1) لا يخلو عن قوّة .
[1631] مسألة 5 : لو نسيها رجع إليها(2) ما لم يدخل في الركوع .


(1) محلّ إشكال، بل لا يبعد القول بمجرّد الاستحباب .
(2) مع فرض الإشكال في الوجوب ـ بل نفي البُعد عن الاستحباب ـ لا يبقى مجال للرجوع .

(الصفحة504)


فصل

في سائر أقسام السجود

[1632] مسألة 1 : يجب السجود للسهو كما سيأتي مفصلاً في أحكام الخلل .
[1633] مسألة 2 : يجب السجود على من قرأ إحدى آياته الأربع في السور الأربع; وهي : «الم تنزيل» عند قوله : (وَلاَ يَسْتَكْبِرُون) ، و«حم فصّلت» عند قوله : (تَعبُدُون) ، و«النجم» و«العلق» وهي سورة (إِقرَأ بِاسمِ) عند ختمهما ، وكذا يجب على المستمع لها بل السامع على الأظهر(1)، ويستحب في أحد عشر موضعاً، في الأعراف عند قوله : (وَلَهُ يَسْجُدُون) ، وفي الرعد عند قوله : (وَظِلاَلُهُم بِالغُدُوِّ وَالآصَال) ، وفي النحل عند قوله : (وَيَفْعَلُونَ مَايُؤْمَرُون) ، وفي بني إسرائيل عند قوله : (وَيَزِيدُهُم خُشُوعاً( ، وفي مريم عند قوله : (خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) ، وفي سورة الحج في موضعين عند قوله : (يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) وعند قوله : (افعَلُوا الخَيرَ) ، وفي الفرقان عند قوله : (وَزَادَهُم نُفُوراً) ، وفي النمل عند قوله : (رَبُّ العَرشِ العَظِيم) ، وفي ص عند قوله : (وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَاب) ، وفي الانشقاق عند قوله : (وَإِذَا قُرِئَ)، بل الأحوط الأولى السجود عند كلّ آية فيها أمر بالسجود .
[1634] مسألة 3 : يختصّ الوجوب والاستحباب بالقارئ والمستمع والسامع للآيات، فلا يجب على من كتبها أو تصوّرها أو شاهدها مكتوبة أو أخطرها بالبال(2) .
[1635] مسألة 4 : السبب مجموع الآية، فلا يجب بقراءة بعضها ولو لفظ


(1) بل على الأحوط .
(2) الفرق بينه وبين التصوّر غير ظاهر، إلاّ أن يكون من جهة الاختيار وغيره .

(الصفحة505)

السجدة منها .
[1636] مسألة 5 : وجوب السجدة فوريّ فلا يجوز التأخير . نعم، لو نسيها أتى بها إذا تذكّر، بل وكذلك لو تركها عصياناً .
[1637] مسألة 6 : لو قرأ بعض الآية وسمع بعضها الآخر فالأحوط الإتيان بالسجدة .
[1638] مسألة 7 : إذا قرأها غلطاً أو سمعها ممّن قرأها غلطاً فالأحوط السجدة أيضاً .
[1639] مسألة 8 : يتكرّر السجود مع تكرّر القراءة أو السماع أو الاختلاف، بل وإن كان في زمان واحد; بأن قرأها جماعة(1) ، أو قرأها شخص حين قراءته على الأحوط .
[1640] مسألة 9 : لا فرق في وجوبها بين السماع من المكلّف أو غيره، كالصغير والمجنون إذا كان قصدهما قراءة القرآن .
[1641] مسألة 10 : لو سمعها في أثناء الصلاة أو قرأها أومأ للسجودوسجد بعد الصلاة وأعادها .
[1642] مسألة 11 : إذا سمعها أو قرأها في حال السجود يجب رفع الرأس منه ثمّ الوضع ، ولا يكفي البقاء بقصده، بل ولا الجرّ إلى مكان آخر .
[1643] مسألة 12 : الظاهر عدم وجوب نيّته حال الجلوس أو القيام ليكون الهوي إليه بنيّته ، بل يكفي نيّته قبل وضع الجبهة بل مقارناً له(3) .


(1) على الأحوط وإن كان الظاهر خلافه، كما أنّ الظاهر التكرّر في الفرض الآتي .
(2) مرّ حكمه.
(3) الظاهر عدم كفاية المقارنة .

(الصفحة506)

[1644] مسألة 13 : الظاهر أنّه يعتبر في وجوب السجدة كون القراءة بقصد القرآنية ، فلو تكلّم شخص بالآية لا بقصد القرآنية لا يجب السجود بسماعه ، وكذا لو سمعها ممّن قرأها حال النوم أو سمعها من صبيّ غير مميّز ، بل وكذا لو سمعها من صندوق حبس الصوت ، وإن كان الأحوط(1) السجود في الجميع .
[1645] مسألة 14 : يعتبر في السماع تمييز الحروف والكلمات ، فمع سماع الهمهمة لا يجب السجود وإن كان أحوط .
[1646] مسألة 15 : لا يجب السجود لقراءة ترجمتها أو سماعها، وإن كان المقصود ترجمة الآية .
[1647] مسألة 16 : يعتبر(2) في هذا السجود بعد تحقّق مسمّـاه ـ مضافاً إلى النيّة ـ إباحة المكان، وعدم علوّ المسجد بما يزيد على أربعة أصابع ، والأحوط وضع سائر المساجد ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه ، ولا يعتبر فيه الطهارة من الحدث ولا من الخبث، فتسجد الحائض وجوباً عند سببه وندباً عند سبب الندب ، وكذا الجنب ، وكذا لا يعتبر فيه الاستقبال ، ولا طهارة موضع الجبهة ، ولا ستر العورة فضلاً عن صفات الساتر من الطهارة وعدم كونه حريراً أو ذهباً أو جلد ميتة . نعم، يعتبر أن لا يكون لباسه مغصوباً إذا كان السجود يعدّ تصرّفاً فيه .
[1648] مسألة 17 : ليس في هذا السجود تشهّد ، ولا تسليم ، ولا تكبير افتتاح . نعم، يستحب التكبير للرفع منه ، بل الأحوط عدم تركه .


(1) بل الظاهر في مثل السماع من التلفزيون والراديو إذا كان القارئ يقرأها في ذلك الحال .
(2) الظاهر أنّه لا يعتبر في هذا السجود بعد تحقّق مسمّاه، والنيّة شيء آخر . نعم، الأحوط أن يكون على ما يصحّ السجود عليه .

(الصفحة507)

[1649] مسألة 18 : يكفي فيه مجرّد السجود ، فلا يجب فيه الذكر وإن كان يستحب ، ويكفي في وظيفة الاستحباب كلّ ما كان ، ولكنّ الأولى أن يقول : «سجدت لك يا ربّ تعبداً ورقّاً، لا مستكبراً عن عبادتك ولا مستنكفاً ولا  مستعظماً، بل أنا عبد ذليل خائف مستجير» ، أو يقول : «لا إله إلاّ الله حقّاً حقّاً ، لا إله إلاّ الله إيماناً وتصديقاً ، لا إله إلاّ الله عبوديةً ورقّاً ، سجدت لك يا ربّ تعبّداً ورقّاً لا مستنكفاً ولا مستكبراً، بل أنا عبد ذليل ضعيف خائف مستجير» ، أو يقول : «إلهي آمنّا بما كفروا ، وعرفنا منك ما أنكروا ، وأجبناك إلى ما دعوا ، إلهي فالعفو العفو» ، أو يقول ما قاله النبيّ(صلى الله عليه وآله) في سجود سورة العلق وهو : «أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك عن عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا اُحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك» .
[1650] مسألة 19 : إذا سمع القراءة مكرّراً وشك بين الأقلّ والأكثر يجوز له الاكتفاء في التكرار بالأقلّ . نعم، لو علم العدد وشك في الإتيان بين الأقلّ والأكثر وجب الاحتياط بالبناء على الأقلّ أيضاً .
[1651] مسألة 20 : في صورة وجوب التكرار يكفي في صدق التعدّد رفع الجبهة عن الأرض ثمّ الوضع للسجدة الاُخرى ، ولا يعتبر الجلوس ثمّ الوضع ، بل ولا يعتبر رفع سائر المساجد، وإن كان أحوط .
[1652] مسألة 21 : يستحب السجود للشكر لتجدّد نعمة، أو دفع نقمة، أو تذكّرهما ممّا كان سابقاً، أو للتوفيق لأداء فريضة أو نافلة، أو فعل خير ولو مثل الصلح بين اثنين ، فقد روي عن بعض الأئمة(عليهم السلام) أنّه كان إذا صالح بين اثنين أتى بسجدة الشكر ، ويكفي في هذا السجود مجرّد وضع الجبهة مع النيّة . نعم، يعتبرفيه إباحة المكان، ولا يشترط فيه الذكر، وإن كان يستحب أن يقول: «شكراً لله»، أو


(1) الظاهر عدم اعتبارها فيه أيضاً .

(الصفحة508)

«شكراً شكراً» و«عفواً عفواً» مائة مرّة، أو ثلاث مرّات ، ويكفي مرّة واحدة أيضاً،
ويجوزالاقتصار على سجدة واحدة، ويستحبّ مرّتان، ويتحقّق التعدّدبالفصل بينهما بتعفير الخدّين أوالجبينين، أوالجميع مقدّماً للأيمن منهما على الأيسر، ثمّ وضع الجبهة ثانياً، ويستحب فيه افتراش الذراعين، وإلصاق الجؤجؤ والصدروالبطن بالأرض، ويستحب أيضاً أن يمسح موضع سجوده بيده ثمّ إمرارها على وجهه ومقاديم بدنه، ويستحب أن يقرأ في سجوده ما ورد في حسنة عبدالله بن جندب، عن موسى بن جعفر(عليهما السلام)، ماأقول في سجدة الشكر فقد اختلف أصحابنا فيه؟ فقال(عليه السلام):
قل وأنت ساجد: «اللّهمَّ إني اُشهدكواُشهد ملائكتك وأنبيائكورسلك وجميع خلقك، أنّك أنت الله ربّي ، والإسلام ديني ، ومحمّد نبيّي ، وعليّ والحسن والحسين ـ إلى آخرهم ـ أئمّتي  (عليهم السلام) ، بهم أتولّى، ومن أعدائهم أتبرّأ ، اللّهمَّ إنّي اُنشدك دم المظلوم» ثلاثاً «اللّهمَّ إنّي أُنشدك بإيوائك على نفسك لأعدائك لتهلكنّهم بأيدينا وأيدي المؤمنين ، اللّهمَّ إنّي أُنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنّهم بعدوّك وعدوّهم ، أن تصلّي على محمّد وعلى المستحفظين من آل محمّد»، ثلاثاً «اللّهمَّ إنّي أسألك اليسر بعد العسر» ثلاثاً، ثمّ تضع خدّك الأيمن على الأرض وتقول : «يا كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق عليَّ الأرض بما رحبت ، يا بارئ خلقي رحمة بي وقد كنت عن خلقي غنيّاً ، صلِّ على محمّد وعلى المستحفظين من آل محمّد» ، ثمّ تضع خدّك الأيسر وتقول: «يا مذلّ كلّ جبّار، ويامعزّ كلّ ذليل قد وعزّتك بلغ مجهودي» ثلاثاً، ثمّ تقول : «يا حنّان يا منّان، يا كاشف الكرب العظام» ، ثمّ تعود للسجود فتقول مائة مرّة : «شكراً شكراً» ، ثمّ تسأل حاجتك إن شاء الله ، والأحوط وضع الجبهة في هذه السجدة أيضاً على ما يصحّ السجود عليه، ووضع سائر المساجد على الأرض ، ولا بأس بالتكبير قبلها وبعدها لا بقصد الخصوصية والورود .


(الصفحة509)

[1653] مسألة 22 : إذا وجد سبب سجود الشكر وكان له مانع من السجود على الأرض فليومئ برأسه ويضع خدّه على كفّه، فعن الصادق(عليه السلام) : «إذا ذكر أحدكم نعمة الله عزّوجلّ فليضع خدّه على التراب شكراً لله ، وإن كان راكباً فلينزل فيلضع خدّه على التراب ، وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خدّه على قربوسه ، فإن لم يقدر فليضع خدّه على كفّه، ثمّ ليحمد الله على ما أنعم عليه» ، ويظهر من هذا الخبر تحقّق السجود بوضع الخدّ فقط من دون الجبهة .
[1654] مسألة 23 : يستحب السجود بقصد التذلّل أو التعظيم لله تعالى ، بل من حيث هو راجح وعبادة ، بل من أعظم العبادات وآكدها ، بل ما عبدالله بمثله ، وما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجداً ; لأنّه أُمر بالسجود فعصى، وهذا اُمر به فأطاع ونجى ، وأقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد، وأنّه سنّة الأوّابين، ويستحب إطالته، فقد سجد آدم ثلاثة أيّام بلياليها ، وسجد عليّ بن الحسين(عليهما السلام) على حجارة خشنة حتّى اُحصي عليه ألف مرّة : «لا إله إلاّ الله حقّاً حقّاً، لا إله إلاّ الله تعبّداً ورقّاً، لا إله إلاّ الله إيماناً وتصديقاً» ، وكان الصادق(عليه السلام)يسجد السجدة حتّى يقال : إنّه راقد، وكان موسى بن جعفر(عليهما السلام) يسجد كلّ يوم بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال .
[1655] مسألة 24 : يحرم(1) السجود لغير الله تعالى ، فإنّه غاية الخضوع،


(1) الظاهر أنّه لم يقم دليل على حرمة السجود لغير الله، وليس مجرّد السجود شركاً محرّماً غير قابل للتخصيص; لأنّه تعالى لا يغفر أن يُشرك به حتّى يوجّه سجدة الملائكة بما ذكر، بل الظاهر أنّ سجودهم كان لآدم(عليه السلام) مأموراً به من قبل الله تعالى لا مجرّد كون آدم(عليه السلام)قبلة لهم، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى ظهور الكتاب في ذلك ـ استكبار إبليس واستنكافه من السجود، فإنّه لم يستنكف من السجود لله، بل من السجود لآدم، ويشهد به استدلاله . نعم، الظاهر احتياج الجواز إلى الدليل، وبدونه لا مجال للالتزام به .

(الصفحة510)

فيختصّ بمن هو في غاية الكبرياء والعظمة ، وسجدة الملائكة لم تكن لآدم بل كان قبلة لهم ، كما أنّ سجدة يعقوب وولده لم تكن ليوسف بل لله تعالى شكراً، حيث رأوا ما أعطاه الله من الملك ، فما يفعله سواد الشيعة من صورة السجدة عند قبر أميرالمؤمنين وغيره من الأئمّة(عليهم السلام)مشكل ، إلاّ أن يقصدوا به سجدة الشكر لتوفيق الله تعالى لهم لإدراك الزيارة . نعم، لا يبعد جواز تقبيل العتبة الشريفة .

فصل

في التشهّد

وهو واجب في الثنائية مرّة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الثانية ، وفي الثلاثية والرباعية مرّتين: الأُولى كما ذكر، والثانية بعد رفع الرأس من السجدة الثانية في الركعة الأخيرة ، وهو واجب غير ركن ، فلو تركه عمداً بطلت الصلاة ، وسهواً أتى به ما لم يركع ، وقضاه بعد الصلاة إن تذكّر بعد الدخول في الركوع مع سجدتي السهو .
وواجباته سبعة :
الأوّل : الشهادتان .
الثاني : الصلاة على محمّد وآل محمّد ، فيقول : «أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا  شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد» ويجزئ على الأقوى(1) أن يقول : «أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنّ


(1) والأحوط الاقتصار على الكيفيّة الاُولى .

(الصفحة511)

محمّداً رسول  الله ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد» .
الثالث : الجلوس بمقدار الذكر المذكور .
الرابع : الطمأنينة فيه .
الخامس : الترتيب بتقديم الشهادة الأُولى على الثانية، وهما على الصلاة على محمّد وآل محمّد كما ذكر .
السادس : الموالاة بين الفقرات والكلمات والحروف، بحيث لا يخرج عن الصدق .
السابع : المحافظة على تأديتها على الوجه الصحيح العربي في الحركات والسكنات وأداء الحروف والكلمات .
[1656] مسألة 1 : لابدّ من ذكر الشهادتين والصلاة بألفاظها المتعارفة ، فلا يجزئ غيرها وإن أفاد معناها، مثل ما إذا قال بدل أشهد : أعلم أو أقرّ أو أعترف، وهكذا في غيره .
[1657] مسألة 2 : يجزئ الجلوس فيه بأيّ كيفيّة كان ولو إقعاء ، وإن كان الأحوط تركه .
[1658] مسألة 3 : من لا يعلم الذكر يجب عليه التعلّم ، وقبله يتبع غيره فيلقّنه ، ولو عجز ولم يكن من يلقنه أو كان الوقت ضيقا أتى بما يقدر ويترجم الباقي ، وإن لم يعلم شيئاً يأتي بترجمة الكلّ ، وإن لم يعلم يأتي بسائر الأذكار بقدره ، والأولى التحميد إن كان يحسنه ، وإلاّ فالأحوط الجلوس قدره مع الإخطار بالبال إن أمكن .
[1659] مسألة 4 : يستحب في التشهد أُمور :
الأوّل : أن يجلس الرجل متورِّكاً على نحو ما مر في الجلوس بين السجدتين .
الثاني : أن يقول قبل الشروع في الذكر : «الحمد لله»، أو يقول : «بسم الله

(الصفحة512)

وبالله والحمد لله وخير الاسماء لله» ، أو «الأسماء الحسنى كلّها لله» .
الثالث : أن يجعل يديه على فخذيه منضمّة الأصابع .
الرابع : أن يكون نظره إلى حجره .
الخامس : أن يقول بعد قوله : وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله : «أرسله بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، وأشهد أنّ ربّي نِعم الربّ، وأنّ محمّداً نعم الرسول» ثمّ يقول : «اللّهمَّ صلِّ» الخ .
السادس : أن يقول بعد الصلاة : «وتقبّل شفاعته وارفع درجته» في التشهد الأوّل ، بل في الثاني أيضاً ، وإن كان الأولى(1) عدم قصد الخصوصية في الثاني .
السابع: أن يقول في التشهد الأوّل والثاني ما في موثّقة أبي بصير; وهي قوله(عليه السلام):
إذا جلست في الركعة الثانية فقل : «بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، أشهد أنّك نعم الربّ ، وأنّ محمّداً نعم الرسول ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد ، وتقبّل شفاعته في اُمّته وارفع درجته» ، ثمّ تحمد الله مرّتين أو ثلاثاً ، ثمّ تقوم ، فإذا جلست في الرابعة قلت : «بسم  الله وبالله، والحمد لله، وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، أشهد أنّك نعم الربّ، وأنّ محمّداً نعم الرسول ، التحيّات لله والصلوات الطاهرات الطيّبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات  لله، ما طاب وزكى وطهر وخلص وصفا فللّه ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله


(1) بل الأحوط .

(الصفحة513)

وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدى الساعة .
أشهد أنّ ربّي نعم الربّ، وأنّ محمّداً نعم الرسول ، وأشهد أنّ الساعة آتية لا  ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، الحمد لله ربّ العالمين ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وبارك على محمّد وآل محمّد، وسلّم على محمّد وآل محمّد ، وترحّم على محمّد وآل محمّد ، كما صلّيت وباركت وترحّمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد ، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا، ربّنا إنّك رؤوف رحيم ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وامنن عليَّ بالجنّة وعافني من النار ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات، ولا تزد الظالمين إلاّ تباراً» ، ثمّ قل : «السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، السلام على أنبياء الله ورسله ، السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقرّبين ، السلام على محمّد بن عبدالله خاتم النبيّين لا نبيّ بعده ، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» ، ثمّ تسلّم .
الثامن : أن يسبِّح سبعاً بعد التشهّد الأوّل; بأن يقول : «سبحان الله سبحان الله» سبعاً ثمّ يقوم .
التاسع : أن يقول : «بحول الله وقوّته . . .» الخ حين القيام(1) عن التشهد الأوّل .
العاشر : أن تضمّ المرأة فخذيها حال الجلوس للتشهد .
[1660] مسألة 5 : يكره الإقعاء حال التشهد على نحو ما مر في الجلوس بين السجدتين ، بل الأحوط تركه كما عرفت .


(1) أي النهوض عنه إلى القيام .

(الصفحة514)


فصل

في التسليم

وهو واجب على الأقوى ، وجزء من الصلاة، فيجب فيه جميع ما يشترط فيها من الاستقبال وستر العورة والطهارة وغيرها ، ومخرج منها، ومحلّل للمنافيات المحرّمة بتكبيرة الإحرام ، وليس ركناً، فتركه عمداً مبطل لا سهواً ، فلو سها عنه وتذكّر بعد إتيان شيء من المنافيات عمداً وسهواً أو بعد فوات الموالاة لا يجب تداركه(1) . نعم، عليه سجدتا السهو للنقصان بتركه ، وإن تذكّر قبل ذلك أتى به ولا شيء عليه إلاّ إذا تكلّم فيجب عليه سجدتا السهو ، ويجب فيه الجلوس وكونه مطمئناً .
عليها ، وأمّا «السلام عليك أيّها النبيّ» فليس من صيغ السلام، بل هو من توابع التشهد ، وليس واجباً بل هو مستحب ، وإن كان الأحوط(3) عدم تركه لوجود القائل بوجوبه ، ويكفي في الصيغة الثانية : «السلام عليكم» بحذف قوله : «ورحمة الله وبركاته»، وإن كان الأحوط ذكره ، بل الأحوط الجمع بين الصيغتين بالترتيب


(1) في فرض فوات الموالاة، وأمّا في فرض التذكّر بعد الإتيان بالمنافي مطلقاً قبل فوات الموالاة فالظاهر هو البطلان .
(2) والأحوط الإتيان بها مطلقاً، سواء كان بعد الأُولى أو مجرّدة عنها .
(3) لا يترك .

(الصفحة515)

المذكور ، ويجب فيه المحافظة على أداء الحروف والكلمات على النهج الصحيح مع العربية والموالاة ، والأقوى عدم كفاية قوله : «سلام عليكم» بحذف الألف واللام .
[1661] مسألة 1 : لو أحدث أو أتى ببعض المنافيات الاُخر قبل السلام بطلت الصلاة . نعم، لو كان ذلك بعد نسيانه; بأن اعتقد خروجه من الصلاة لم تبطل (1)، والفرق أنّ مع الأوّل يصدق الحدث في الأثناء، ومع الثاني لا يصدق; لأنّ المفروض أنّه ترك نسياناً جزءاً غير ركني، فيكون الحدث خارج الصلاة .
[1662] مسألة 2 : لا يشترط فيه نية الخروج من الصلاة، بل هو مخرج قهراً وإن قصد عدم الخروج ، لكن الاحوط عدم قصد عدم الخروج ، بل لو قصد ذلك فالأحوط إعادة الصلاة .
[1663] مسألة 3 : يجب تعلّم السلام على نحو ما مرّ في التشهد ، وقبله يجب متابعة الملقّن إن كان ، وإلاّ اكتفى بالترجمة ، وإن عجز فبالقلب ينويه مع الإشارة باليد على الأحوط ، والأخرس يخطر ألفاظه بالبال ويشير إليها باليد أو غيرها .
[1664] مسألة 4 : يستحب التورّك في الجلوس حاله على نحو ما مرّ، ووضع اليدين على الفخذين ، ويكره الإقعاء .
[1665] مسألة 5 : الأحوط أن لا يقصد بالتسليم التحيّة حقيقة; بأن يقصد السلام على الإمام أو المأمومين أو الملكين . نعم، لا بأس بإخطار ذلك بالبال، فالمنفرد يخطر بباله الملكين الكاتبين حين السلام الثاني ، والإمام يخطرهما مع المأمومين ، والمأموم يخطرهم مع الإمام ، وفي «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» يخطر بباله الأنبياء والأئمّة والحفظة(عليهم السلام) .
[1666] مسألة 6 : يستحب للمنفرد والإمام الإيماء بالتسليم الأخير إلى يمينه


(1) قد مرّ التفصيل في أوّل البحث .

(الصفحة516)

بمؤخّر عينه أو بأنفه أو غيرهما على وجه لا ينافي الاستقبال . وأمّا المأموم، فإن لم يكن على يساره أحد فكذلك ، وإن كان على يساره بعض المأمومين فيأتي بتسليمة اُخرى مومئاً إلى يساره ، ويحتمل استحباب تسليم آخر للمأموم بقصد الإمام، فيكون ثلاث مرّات .
[1667] مسألة 7 : قد مرّ سابقاً في الأوقات أنّه إذا شرع في الصلاة قبل الوقت ودخل عليه وهو في الصلاة صحّت صلاته، وإن كان قبل السلام أو في أثنائه ، فاذا أتى بالسلام الأوّل ودخل عليه الوقت في أثنائه تصح صلاته ، وأمّا إذا دخل بعده قبل السلام الثاني أو في أثنائه ففيه إشكال ، وإن كان يمكن القول بالصحّة; لأنّه وإن كان يكفي الأوّل في الخروج عن الصلاة، لكن على فرض الإتيان بالصيغتين يكون الثاني أيضاً جزءاً، فيصدق دخول الوقت في الأثناء ، فالأحوط(1) إعادة الصلاة مع ذلك .

فصل

في الترتيب

يجب الإتيان بأفعال الصلاة على حسب ما عرفت من الترتيب; بأن يقدّم تكبيرة الإحرام على القراءة ، والقراءة على الركوع وهكذا ، فلو خالفه عمداً بطل ما أتى به مقدّماً ، وأبطل من جهة لزوم الزيادة، سواء كان ذلك في الأفعال أو الأقوال، وفي الأركان أو غيرها . وإن كان سهواً، فإن كان في الأركان بأن قدّم ركناً على ركن، كما إذا قدّم السجدتين على الركوع فكذلك ، وإن قدّم ركناً على


(1) لا يترك .

(الصفحة517)

غير  الركن، كما إذا قدّم الركوع على القراءة ، أو قدّم غير الركن على الركن، كما إذا قدّم التشهّد على السجدتين ، أو قدّم غير الأركان بعضها على بعض، كما إذا قدم السورة مثلاً على الحمد، فلا تبطل الصلاة إذا كان ذلك سهواً . وحينئذ فإن أمكن التدارك بالعود; بأن لم يستلزم زيادة ركن وجب ، وإلاّ فلا . نعم، يجب(1) عليه سجدتان لكلّ زيادة أو نقيصة تلزم من ذلك .
[1668] مسألة 1 : إذا خالف الترتيب في الركعات سهواً; كأن أتى بالركعة الثالثة في محلّ الثانية; بأن تخيّل بعد الركعة الأُولى أنّ ما قام إليه ثالثة فأتى بالتسبيحات الاربع وركع وسجد، وقام إلى الثالثة وتخيّل أنّها ثانية فأتى بالقراءة والقنوت لم تبطل صلاته ، بل يكون ما قصده ثالثة ثانية، وما قصده ثانية ثالثة قهراً، وكذا لو سجد الأُولى بقصد الثانية والثانية بقصد الأُولى .

فصل

في الموالاة

قد عرفت سابقاً وجوب الموالاة في كلّ من القراءة والتكبير والتسبيح والأذكار بالنسبة إلى الآيات والكلمات والحروف ، وأنّه لو تركها عمداً على وجه يوجب محو الاسم بطلت الصلاة ، بخلاف ما إذا كان سهواً فإنّه لا تبطل الصلاة، وإن بطلت تلك الآية أو الكلمة فيجب إعادتها . نعم، إذا أوجب فوات الموالاة فيها محو اسم الصلاة بطلت ، وكذا إذا كان ذلك في تكبيرة الإحرام، فإنّ فوات الموالاة فيها سهواً بمنزلة نسيانها ، وكذا في السلام(2)، فإنّه بمنزلة عدم الإتيان به ، فاذا تذكّر ذلك


(1) على الأحوط .
(2) قد تقدّم حكم السلام .

(الصفحة518)

ومع ذلك أتى بالمنافي بطلت صلاته ، بخلاف ما إذا أتى به قبل التذكّر، فإنّه كالإتيان به بعد نسيانه . وكما تجب الموالاة في المذكورات تجب في أفعال الصلاة; بمعنى عدم الفصل بينها على وجه يوجب محو صورة الصلاة، سواء كان عمداً أو سهواً مع حصول المحو المذكور ، بخلاف ما إذا لم يحصل المحو المذكور، فإنّه لا يوجب البطلان .
[1669] مسألة 1 : تطويل الركوع أو السجود، أو إكثار الأذكار أو قراءة السور الطوال لا تعدّ من المحو فلا إشكال فيها .
[1670] مسألة 2 : الأحوط(1) مراعاة الموالاة العرفية بمعنى متابعة الأفعال بلا فصل، وإن لم يمح معه صورة الصلاة ، وإن كان الأقوى عدم وجوبها ، وكذا في القراءة والأذكار .
[1671] مسألة 3 : لو نذر الموالاة بالمعنى المذكور فالظاهر انعقاد نذره لرجحانها ولو من باب الاحتياط ، فلو خالف عمداً عصى ، لكن الأظهر(2) عدم بطلان صلاته .

فصل

في القنوت

وهو مستحب في جميع الفرائض اليومية ونوافلها، بل جميع النوافل حتّى صلاة الشفع على الأقوى ، ويتأكّد في الجهرية من الفرائض، خصوصاً في الصبح والوتر والجمعة ، بل الأحوط عدم تركه في الجهرية، بل في مطلق الفرائض . والقول


(1) لا يترك .
(2) الأحوط البطلان كما مرّ .

(الصفحة519)

بوجوبه في الفرائض أو في خصوص الجهرية منها ضعيف ، وهو في كلّ صلاة مرّة قبل الركوع من الركعة الثانية، وقبل الركوع في صلاة الوتر ، إلاّ في صلاة العيدين، ففيها في الركعة الأُولى خمس مرّات ، وفي الثانية أربع مرّات، وإلاّ في صلاة الآيات، ففيها مرّتان : مرّة قبل الركوع الخامس ومرّة قبل الركوع العاشر ، بل لا يبعد استحباب(1) خمس قنوتات فيها في كلّ زوج من الركوعات، وإلاّ في الجمعة، ففيها قنوتان : في الركعة الأُولى قبل الركوع وفي الثانية بعده .
ولا يشترط فيه(2) رفع اليدين ولا ذكر مخصوص، بل يجوز ما يجري على لسانه من الذكر والدعاء والمناجاة وطلب الحاجات ، وأقلّه «سبحان الله» خمس مرّات أو ثلاث مرّات ، أو «بسم الله الرحمن الرحيم» ثلاث مرّات ، أو «الحمد لله» ثلاث مرّات ، بل يجزئ«سبحان الله» أو سائر ما ذكر مرّة واحدة ، كما يجزئ الاقتصار على الصلاة على النبيّ وآله(صلى الله عليه وآله) ، ومثل قوله : «اللّهمَّ اغفر لي» ونحو ذلك ، والأولى أن يكون جامعاً للثناء على الله تعالى، والصلاة على محمّد وآله، وطلب المغفرة له وللمؤمنين والمؤمنات .
[1672] مسألة 1 : يجوز قراءة القرآن في القنوت، خصوصاً(3) الآيات المشتملة على الدعاء، كقوله تعالى : (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 3 / 8] ونحو ذلك .
[1673] مسألة 2 : يجوز قراءة الأشعار المشتملة على الدعاء والمناجاة، مثل قوله :


(1) وهذا هو الظاهر، ولم يثبت ما ذكره من استحباب قنوتين، الذي لازمه استحباب القنوت قبل الركوع الخامس .
(2) لا ينبغي ترك هذا الاحتياط .
(3) والجمع بين الحكاية والدعاء ممّا لا مانع منه، كما مرّ .

(الصفحة520)

الهي عبدك العاصي أتاكا مقرّاً بالذنوب وقد دعاكا
ونحوه .
[1674] مسألة 3 : يجوز الدعاء فيه بالفارسية(1) ونحوها من اللغات غير العربية ، وإن كان لا يتحقّق وظيفة القنوت إلاّ بالعربي ، وكذا في سائر أحوال الصلاة وأذكارها . نعم، الأذكار المخصوصة لا يجوز إتيانها بغير العربي .
[1675] مسألة 4 : الأولى أن يقرأ الأدعية الواردة عن الأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ والأفضل كلمات الفرج، وهي :
«لا إله إلاّ الله الحليم الكريم ، لا إله إلاّ الله العليّ العظيم ، سبحان الله ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع، وما فيهنّ وما بينهنّ وربّ العرش العظيم ، والحمد لله ربّ العالمين» ، ويجوز أن يزيد بعد قوله : «وما بينهنّ» «وما فوقهنّ وما تحتهنّ»، كما يجوز أن يزيد(2) بعد قوله : «العرش العظيم» «وسلامٌ على المرسلين» والأحسن أن يقول بعد كلمات الفرج : «اللّهمَّ اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعف عنّا، إنّك على كلّ شيء قدير» .
[1676] مسألة 5 : الأولى ختم القنوت بالصلاة على محمّد وآله، بل الابتداء بها أيضاً ، أو الابتداء في طلب المغفرة أو قضاء الحوائج بها ، فقد روي أنّ الله سبحانه وتعالى يستجيب الدعاء للنبيّ(صلى الله عليه وآله) بالصلاة . وبعيد من رحمته أن يستجيب الأوّل والآخر ولا يستجيب الوسط ، فينبغي أن يكون طلب المغفرة والحاجات بين الدعاءين للصلاة على النبيّ(صلى الله عليه وآله)(3) .


(1) ولكنّه مخالف للاحتياط .
(2) الأولى تركه أو الإتيان به بقصد الحكاية وقراءة القرآن .
(3) أي بالكيفيّة المتعارفة المشتملة على الصلاة على الآل أيضاً .
<<التالي الفهرس السابق>>