في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة61)

فصل
في صوم الكفارة

وهو أقسام:
منها: ما يجب فيه الصوم مع غيره، وهي كفارة قتل العمد، وكفارة من أفطر على محرّم(1) في شهر رمضان، فإنّه تجب فيهما الخصال الثلاث.
ومنها: ما يجب فيه الصوم بعد العجز عن غيره; وهي كفارة الظهار، وكفارة قتل الخطأ، فإنّ وجوب الصوم فيهما بعد العجز عن العتق، وكفّارة الإفطار في قضاء رمضان، فإنّ الصوم فيها بعد العجز عن الإطعام كما عرفت، وكفّارة اليمين; وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وبعد العجز عنها فصيام ثلاثة أيّام، وكفارة صيد النعامة(2)، وكفارة صيد البقر الوحشي، وكفارة صيد الغزال، فإنّ الأوّل تجب فيه بدنة ومع العجز عنها صيام ثمانية عشر يوماً، والثاني يجب فيه ذبح بقرة ومع العجز عنها صوم تسعة أيّام، والثالث يجب فيه شاة ومع العجز عنها صوم ثلاثة أيّام، وكفارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب عامداً; وهي بدنة وبعد العجز عنها صيام ثمانية عشر يوماً، وكفارة خدش المرأة وجهها في المصاب حتّى أدمته، ونتفها رأسها فيه، وكفّارة شقّ الرجل ثوبه على زوجته أو ولده، فإنّهما ككفارة اليمين.
ومنها: ما يجب فيه الصوم مخيّراً بينه وبين غيره، وهي كفارة الإفطار في شهر


(1) على الأحوط كما مرّ.
(2) يأتي تفصيل الكفّارات المرتبطة بالحجّ في كتابه إن شاء الله تعالى.

(الصفحة62)

رمضان، وكفارة الاعتكاف، وكفارة النذر والعهد، وكفارة جزّ المرأة شعرها في المصاب، فإنّ كلّ هذه مخيّرة بين الخصال الثلاث على الأقوى، وكفارة حلق الرأس في الإحرام; وهي دم شاة أو صيام ثلاثة أيّام، أو التصدّق على ستة مساكين لكلّ واحد مدّان.
ومنها: ما يجب فيه الصوم مرتّباً على غيره مخيّراً بينه وبين غيره; وهي كفارة الواطئ أمته المحرمة بإذنه، فإنّها بدنة أو بقرة، ومع العجز فشاة أو صيام ثلاثة أيّام.
[2549] مسألة 1: يجب التتابع في صوم شهرين من كفارة الجمع أو كفارة التخيير، ويكفي في حصول التتابع فيهما صوم الشهر الأوّل ويوم من الشهر الثاني. وكذا يجب التتابع في الثمانية عشر بدل الشهرين، بل هو الأحوط(1) في صيام سائر الكفارات، وإن كان في وجوبه فيها تأمّل وإشكال.
[2550] مسألة 2: إذا نذر صوم شهر أو أقل أو أزيد لم يجب التتابع إلاّ مع الانصراف أو اشتراط التتابع فيه.
[2551] مسألة 3: إذا فاته النذر المعيّن أو المشروط فيه التتابع فالأحوط(2)
في قضائه التتابع أيضاً.
[2552] مسألة 4: من وجب عليه الصوم اللاّزم فيه التتابع لا يجوز أن يشرع فيه في زمان يعلم أنّه لا يسلم له، بتخلّل العيد، أو تخلّل يوم يجب فيه صوم آخر من نذر أو إجارة أو شهر رمضان، فمن وجب عليه شهران متتابعان لا يجوز له أن يبتدئ بشعبان، بل يجب أن يصوم قبله يوماً أو أزيد من رجب، وكذا لا يجوز أن يقتصر على شوال مع يوم من ذي القعدة، أو على ذي الحجة مع يوم من المحرم


(1) لا يترك.
(2) استحباباً.

(الصفحة63)

لنقصان الشهرين بالعيدين. نعم، لو لم يعلم من حين الشروع عدم السلامة فاتفق فلا بأس على الأصح، وإن كان الأحوط(1) عدم الإجزاء، ويستثنى ممّا ذكرنا من عدم الجواز مورد واحد; وهو صوم ثلاثة أيّام بدل هدي التمتع إذا شرع فيه يوم التروية، فإنّه يصحّ وإن تخلّل بينها العيد، فيأتي بالثالث بعد العيد بلا فصل، أو بعد أيّام التشريق بلا فصل لمن كان بمنى، وأمّا لو شرع فيه يوم عرفة، أو صام يوم السابع والتروية وتركه في عرفة لم يصح ووجب الاستئناف كسائر موارد وجوب التتابع.
[2553] مسألة 5: كلّ صوم يشترط فيه التتابع إذا أفطر في أثنائه لا لعذر اختياراً يجب استئنافه، وكذا إذا شرع فيه في زمان يتخلّل فيه صوم واجب آخر من نذر ونحوه، وأمّا ما لم يشترط فيه التتابع وإن وجب فيه بنذر أو نحوه(2) فلا يجب استئنافه وإن أثم بالإفطار، كما إذا نذر التتابع في قضاء رمضان، فإنّه لو خالف وأتى به متفرّقاً صحّ، وإن عصى من جهة خلف النذر.
[2554] مسألة 6: إذا أفطر في أثناء ما يشترط فيه التتابع لعذر من الأعذار، ـكالمرض والحيض والنفاس والسفر الاضطراري دون الاختياري ـ لم يجب استئنافه، بل يبني على ما مضى. ومن العذر ما إذا نسي النيّة حتّى فات وقتها; بأن تذكّر بعد الزوال، ومنه أيضاً ما إذا نسي فنوى صوماً آخر ولم يتذكّر إلاّ بعد الزوال، ومنه أيضاً ما إذا نذر قبل تعلّق الكفارة صوم كلّ خميس، فإنّ تخلّله في أثناء التتابع لا يضرّ به، ولا يجب عليه الانتقال إلى غير الصوم من الخصال في صوم الشهرين لأجل هذا التعذّر. نعم، لو كان قد نذر صوم الدهر قبل تعلّق الكفارة اتّجه الانتقال


(1) لا يترك مع الالتفات والتردّد.
(2) أي نذر التتابع أو نحو النذر.

(الصفحة64)

إلى سائر الخصال.
[2555] مسألة 7: كلّ من وجب عليه شهران متتابعان من كفارة معينة أو مخيّرة إذا صام شهراً ويوماً متتابعاً يجوز له التفريق في البقية ولو اختياراً لا لعذر، وكذا لو كان من نذر(1) أو عهد لم يشترط فيه تتابع الأيام جميعها ولم يكن المنساق منه ذلك. وألحق المشهور بالشهرين الشهر المنذور فيه التتابع، فقالوا: إذا تابع في خمسة عشر يوماً منه يجوز له التفريق في البقية اختياراً، وهو مشكل، فلا يترك الاحتياط فيه بالاستئناف مع تخلّل الإفطار عمداً وإن بقي منه يوم، كما لا إشكال في عدم جواز التفريق اختياراً مع تجاوز النصف في سائر أقسام الصوم المتتابع.
[2556] مسألة 8: إذا بطل التتابع في الأثناء لا يكشف عن بطلان الأيام السابقة، فهي صحيحة(2) وإن لم تكن امتثالاً للأمر الوجوبي ولا الندبي; لكونها محبوبة في حدّ نفسها من حيث إنّها صوم، وكذلك الحال في الصلاة إذا بطلت في الأثناء، فإنّ الأذكار والقراءة صحيحة في حدّ نفسها من حيث محبوبيّتها لذاتها.
فصل
[في أقسام الصوم]

أقسام الصوم أربعة:
واجب، وندب، ومكروه كراهة عبادة، ومحظور.
والواجب أقسام: صوم شهر رمضان، وصوم الكفارة، وصوم القضاء،


(1) محلّ إشكال مع شرط أصل التتابع كما هو المفروض.
(2) في النذر وشبهه، وفي غيرهما إشكال.

(الصفحة65)

وصوم بدل الهدي في حج التمتع، وصوم النذر(1) والعهد واليمين، والملتزم بشرط أو إجارة، وصوم اليوم الثالث من أيّام الاعتكاف، أمّا الواجب فقد مرّ(2) جملة منه.
وأمّا المندوب منه فأقسام:
منها: ما لا يختص بسبب مخصوص ولا زمان معيّن، كصوم أيّام السنة عدا ما استثني من العيدين، وأيّام التشريق لمن كان بمنى، فقد وردت الأخبار الكثيرة في فضله من حيث هو ومحبوبيته وفوائده، ويكفي فيه ما ورد في الحديث القدسي: «الصوم لي وأنا اُجازي به»(3) وما ورد من أنّ «الصوم جُنّة من النار» وأنّ «نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبّل، ودعاءه مستجاب». ونعم ما قال بعض العلماء من أنّه لو لم يكن في الصوم إلاّ الارتقاء عن حضيض حظوظ النفس البهيميّة إلى ذروة التشبّه بالملائكة الروحانيّة لكفى به فضلاً ومنقبة وشرفاً.
ومنها: ما يختص بسبب مخصوص، وهي كثيرة مذكورة في كتب الأدعية.
ومنها: ما يختص بوقت معيّن، وهو في مواضع:
ومنها: وهو آكدها صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر، فقد ورد أنّه يعادل صوم الدهر، ويذهب بوحر الصدر، وأفضل كيفياته ما عن المشهور، ويدلّ عليه جملة من الأخبار; وهو أن يصوم أوّل خميس من الشهر وآخر خميس منه، وأوّل أربعاء في العشر الثاني، ومن تركه يستحب له قضاؤه، ومع العجز عن صومه لكبر ونحوه يستحب أن يتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام أو بدرهم.
ومنها: صوم أيّام البيض من كلّ شهر، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر على الأصح المشهور، وعن العمّاني أنّها الثلاثة المتقدّمة.


(1) قد مرّ غير مرّة أنّ الواجب في مثل النذر هو عنوان الوفاء به، لا العنوان المتعلّق له.
(2) ومن جملة ما مرّ ما يجب على الولي من قضاء ما فات عن الميّت.
(3) أو اُجزي به أو اُجزي عليه، كما هو الموجود في محكيّ الحديث دون ما في المتن.

(الصفحة66)

ومنها: صوم يوم مولد النبي(صلى الله عليه وآله) وهو السابع عشر من ربيع الأوّل على الأصح، وعن الكليني ـ رحمه الله ـ أنّه الثاني عشر منه.
ومنها: صوم يوم الغدير; وهو الثامن عشر من ذي الحجة.
ومنها: صوم يوم مبعث النبي(صلى الله عليه وآله); وهو السابع والعشرون من رجب.
ومنها: يوم دحو الأرض من تحت الكعبة; وهو اليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة.
ومنها: يوم عرفة لمن لا يضعّفه الصوم عن الدعاء.
ومنها: يوم المباهلة; وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة.
ومنها: كلّ خميس وجمعة معاً، أو الجمعة فقط.
ومنها: أوّل ذي الحجة، بل كلّ يوم من التسع فيه.
ومنها: يوم النيروز.
ومنها: صوم رجب وشعبان كلاًّ أو بعضاً، ولو يوماً من كلّ منهما.
ومنها: أوّل يوم من المحرّم وثالثه وسابعه.
ومنها: التاسع والعشرون من ذي القعدة.
ومنها: صوم ستة أيّام(1) بعد عيد الفطر بثلاثة أيّام أحدها العيد.
ومنها: يوم النصف من جمادى الأُولى.
[2557] مسألة 1: لا يجب إتمام صوم التطوّع بالشروع فيه، بل يجوز له الإفطار إلى الغروب، وإن كان يكره بعد الزوال.
[2558] مسألة 2: يستحب للصائم تطوّعاً قطع الصوم إذا دعاه أخوه المؤمن إلى الطعام، بل قيل بكراهته حينئذ.


(1) في استحبابه بالخصوص إشكال كبعض ما قبله.

(الصفحة67)

وأمّا المكروه منه; بمعنى قلّة الثواب(1) ففي مواضع أيضاً:
منها: صوم عاشوراء(2).
ومنها: صوم عرفة لمن خاف أن يضعّفه عن الدعاء الذي هو أفضل من الصوم، وكذا مع الشك في هلال ذي الحجة خوفاً من أن يكون يوم العيد.
ومنها: صوم الضيف بدون إذن مضيفه، والأحوط تركه مع نهيه، بل الأحوط تركه مع عدم إذنه أيضاً.
ومنها: صوم الولد بدون إذن والده، بل الأحوط تركه خصوصاً مع النهي، بل يحرم إذا كان إيذاءً له(3) من حيث شفقته عليه، والظاهر جريان الحكم في ولد الولد بالنسبة إلى الجد، والأولى مراعاة إذن الوالدة، ومع كونه إيذاءً لها يحرم كما في الوالد.
وأما المحظور منه ففي مواضع أيضاً:
أحدها: صوم العيدين الفطر والأضحى، وإن كان عن كفارة القتل في أشهر الحرم، والقول بجوازه للقاتل شاذ، والرواية الدالّة عليه ضعيفة سنداً ودلالة.
الثاني: صوم أيّام التشريق; وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة لمن كان بمنى، ولا فرق على الأقوى بين الناسك وغيره.
الثالث: صوم يوم الشك في أنّه من شعبان أو رمضان بنيّة أنّه من رمضان، وأمّا بنيّة أنّه من شعبان فلا مانع منه كما مرّ.
الرابع: صوم وفاء نذر المعصية، بأن ينذر الصوم إذا تمكّن من الحرام الفلاني أو


(1) أو بمعنى المزاحمة مع ما هو أرجح منه، أو بمعنى انطباق عنوان مرجوح عليه أهمّ من رجحان الصوم، كالتبعية لبني اُميّة في صوم العاشور.
(2) لكنّه يستحب فيه الإمساك إلى العصر لا بقصد الصوم.
(3) لكن المحرّم هو عنوان الإيذاء لا الصوم.

(الصفحة68)

إذا ترك الواجب الفلاني يقصد بذلك الشكر على تيسّره، وأمّا إذا كان بقصد الزجر عنه فلا بأس به. نعم، يلحق بالأوّل في الحرمة ما إذا نذر الصوم زجراً عن طاعة صدرت منه أو عن معصية تركها.
الخامس: صوم الصمت، بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في تمام النهار أو بعضه بجعله في نيّته من قيود صومه، وأمّا إذا لم يجعله قيداً وإن صمت فلا بأس به، بل وإن كان في حال النيّة بانياً على ذلك إذا لم يجعل الكلام جزءاً من المفطرات وتركه قيداً في صومه.
السادس: صوم الوصال; وهو صوم يوم وليلة إلى السحر، أو صوم يومين بلا إفطار في البين، وأمّا لو أخّر الإفطار إلى السحر أو إلى الليلة الثانية مع عدم قصد جعل تركه جزءاً من الصوم فلا بأس به، وإن كان الأحوط عدم التأخير إلى السحر مطلقاً.
السابع: صوم الزوجة مع المزاحمة لحقّ الزوج، والأحوط(1) تركه بلا إذن منه، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه عنه وإن لم يكن مزاحماً لحقّه.
الثامن: صوم المملوك مع المزاحمة لحقّ المولى، والأحوط تركه من دون إذنه، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه.
التاسع: صوم الولد مع كونه موجباً لتألّم الوالدين وأذيّتهما.
العاشر: صوم المريض ومن كان يضره الصوم.
الحادي عشر: صوم المسافر إلاّ في الصور المستثناة على ما مر.
الثاني عشر: صوم الدهر حتّى العيدين على ما في الخبر، وإن كان يمكن أن يكون من حيث اشتماله عليهما لا لكونه صوم الدهر من حيث هو.


(1) لا يترك، وكذا في المملوك.

(الصفحة69)

[2559] مسألة 3: يستحب الإمساك تأدّباً في شهر رمضان وإن لم يكن صوماً في مواضع.
أحدها: المسافر إذا ورد أهله أو محلّ الإقامة بعد الزوال مطلقاً أو قبله وقد أفطر، وأمّا إذا ورد قبله ولم يفطر فقد مر أنّه يجب عليه الصوم.
الثاني: المريض إذا برئ في أثناء النهار وقد أفطر، وكذا لو لم يفطر إذا كان بعد الزوال، بل قبله أيضاً على ما مر من عدم صحّة صومه، وإن كان الأحوط تجديد النيّة(1) والإتمام ثمّ القضاء.
الثالث: الحائض والنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار.
الرابع: الكافر إذا أسلم في أثناء النهار أتى بالمفطر أم لا.
الخامس: الصبي إذا بلغ في أثناء النهار.
السادس: المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا في أثنائه.


(1) مرّ ما يتعلّق به وبما بعده.

(الصفحة70)



بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الاعتكاف

وهو اللبث في المسجد بقصد العبادة، بل لا يبعد كفاية قصد التعبّد بنفس اللبث، وإن لم يضم إليه قصد عبادة اُخرى خارجة عنه، لكن الأحوط الأوّل، ويصح في كلّ وقت يصح فيه الصوم، وأفضل أوقاته شهر رمضان، وأفضله العشر الأواخر منه. وينقسم إلى واجب(1) ومندوب، والواجب منه ما وجب بنذر أو عهد أو يمين أو شرط في ضمن عقد أو إجارة أو نحو ذلك، وإلاّ ففي أصل الشرع مستحب، ويجوز الإتيان به عن نفسه وعن غيره الميّت، وفي جوازه نيابة عن الحيّ قولان لا يبعد ذلك، بل هو الأقوى(2)، ولا يضرّ اشتراط الصوم فيه فإنّه تبعيّ، فهو كالصلاة في الطواف الذي يجوز فيه النيابة عن الحي.
ويشترط في صحته أُمور:


(1) بناءً على ما ذكرنا في النذر وشبهه لا يكون الاعتكاف بعنوانه واجباً أصلاً.
(2) لا قوّة فيه، والأحوط الإتيان به رجاءً.

(الصفحة71)

الأوّل: الإيمان، فلا يصح من غيره.
الثاني: العقل، فلا يصح من المجنون ولو أدواراً في دوره، ولا من السكران وغيره من فاقدي العقل.
الثالث: نية القربة كما في غيره من العبادات، والتعيين إذا تعدّد ولو إجمالاً، ولا يعتبر فيه قصد الوجه كما في غيره من العبادات، وإن أراد أن ينوي الوجه ففي الواجب منه ينوى الوجوب(1) وفي المندوب الندب، ولا يقدح في ذلك كون اليوم الثالث الذي هو جزء منه واجباً لأنّه من أحكامه، فهو نظير النافلة إذا قلنا بوجوبها بعد الشروع فيها، ولكن الأولى ملاحظة ذلك حين الشروع فيه، بل تجديد نية الوجوب في اليوم الثالث، ووقت النيّة قبل الفجر، وفي كفاية النيّة في أوّل الليل كما في صوم شهر رمضان إشكال(2). نعم، لو كان الشروع فيه في أوّل الليل أو في أثنائه نوى في ذلك الوقت، ولو نوى الوجوب في المندوب أو الندب في الواجب اشتباهاً لم يضرّ إلاّ إذا كان على وجه التقييد لا الاشتباه في التطبيق.
الرابع: الصوم، فلا يصح بدونه، وعلى هذا فلا يصح وقوعه من المسافر في غير المواضع التي يجوز له الصوم فيها، ولا من الحائض والنفساء ولا في العيدين، بل لو دخل فيه قبل العيد بيومين لم يصح وإن كان غافلاً حين الدخول. نعم، لو نوى اعتكاف زمان يكون اليوم الرابع أو الخامس منه العيد، فإن كان على وجه التقييد بالتتابع لم يصح، وإن كان على وجه الإطلاق لا يبعد صحّته، فيكون العيد فاصلاً(3)

(1) بناءً علىتعلّق الوجوب بعنوان الاعتكاف، وقد مرّ أنّه ممنوع، وعليه فمقتضى القاعدةـبناءً على اعتبار قصد الوجهـهي نيّة الاستحباب، كصلاة الليل إذا تعلّق النذر بها.
(2) والظاهر أنّه كشهر رمضان، وقد مرّ حكمه.
(3) الفصل بالعيد يمنع عن كون الطرفين اعتكافاً واحداً. نعم، يكون ما بعد العيد اعتكافاً آخر إذا كان جامعاً لشرائطه التي منها النيّة المستقلّة.

(الصفحة72)

بين أيّام الاعتكاف.
الخامس: أن لا يكون أقل من ثلاثة أيّام، فلو نواه كذلك بطل، وأمّا الأزيد فلا بأس به وإن كان الزائد يوماً أو بعضه، أو ليلة أو بعضها، ولا حدّ لأكثره. نعم، لو اعتكف خمسة أيّام وجب السادس، بل ذكر بعضهم(1) أنّه كلّما زاد يومين وجب الثالث، فلو اعتكف ثمانية أيّام وجب اليوم التاسع وهكذا، وفيه تأمّل، واليوم من طلوع الفجر إلى غروب الحمرة المشرقية، فلا يشترط إدخال الليلة الأُولى ولا الرابعة وإن جاز ذلك كما عرفت، ويدخل فيه الليلتان المتوسّطتان، وفي كفاية الثلاثة التلفيقية إشكال(2).
السادس: أن يكون في المسجد الجامع، فلا يكفي في غير المسجد ولا في مسجد القبيلة والسوق، ولو تعدّد الجامع تخيّر بينها، ولكن الأحوط مع الإمكان كونه في أحد المساجد الأربعة: مسجد الحرام، ومسجد النبي(صلى الله عليه وآله)، ومسجد الكوفة، ومسجد البصرة.
السابع: إذن السيد بالنسبة إلى مملوكه، سواء كان قنّاً أو مدبّراً أو أُمّ ولد، أو مكاتباً لم يتحرّر منه شيء ولم يكن اعتكافه اكتساباً، وأمّا إذا كان اكتساباً فلا مانع منه، كما أنّه إذا كان مبعّضاً فيجوز منه في نوبته إذا هاياه مولاه من دون إذن، بل مع المنع منه أيضاً. وكذا يعتبر إذن المستأجر بالنسبة إلى أجيره الخاصّ، وإذن الزوج بالنسبة إلى الزوجة إذا كان منافياً لحقّه، وإذن الوالد أو الوالدة بالنسبة إلى ولدهما إذا كان مستلزماً لإيذائهما، وأمّا مع عدم المنافاة وعدم الإيذاء فلا يعتبر إذنهم، وإن كان أحوط، خصوصاً بالنسبة إلى الزوج والوالد.


(1) وهو الأحوط لو لم يكن أقوى.
(2) أظهره عدم الكفاية.

(الصفحة73)

الثامن: استدامة اللبث في المسجد، فلو خرج عمداً اختياراً لغير الأسباب المبيحة بطل، من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل به، وأمّا لو خرج ناسياً أو مكرهاً فلا يبطل، وكذا لو خرج لضرورة عقلاً أو شرعاً أو عادة كقضاء الحاجة من بول أو غائط، أو للاغتسال من الجنابة أو الاستحاضة ونحو ذلك، ولايجب الاغتسال(1) في المسجد وإن أمكن من دون تلويث، وإن كان أحوط. والمدار على صدق اللبث، فلا ينافيه خروج بعض أجزاء بدنه من يده أو رأسه أو نحوهما.
[2560] مسألة 1: لو ارتدّ المعتكف في أثناء اعتكافه بطل ـ وإن تاب بعد ذلكـ إذا كان ذلك في أثناء النهار، بل مطلقاً على الأحوط.
[2561] مسألة 2: لا يجوز العدول بالنية من اعتكاف إلى غيره وإن اتحدا في الوجوب والندب، ولا عن نيابة ميت إلى آخر أو إلى حيّ، أو عن نيابة غيره إلى نفسه أو العكس.
[2562] مسألة 3: الظاهر عدم جواز النيابة عن أكثر من واحد في اعتكاف واحد. نعم، يجوز ذلك بعنوان إهداء الثواب، فيصحّ إهداؤه إلى متعدّدين أحياءً أو أمواتاً أو مختلفين.
[2563] مسألة 4: لا يعتبر في صوم الاعتكاف أن يكون لأجله، بل يعتبر فيه أن يكون صائماً أيّ صوم كان، فيجوز الاعتكاف مع كون الصوم استئجارياً(2)
أو واجباً من جهة النذر ونحوه، بل لو نذر الاعتكاف يجوز له بعد ذلك(3) أن يؤجر


(1) بل لا يجوز في المسجدين مطلقاً، وفي غيرهما مع التوقّف على المكث.
(2) كفاية الصوم عن الغير مطلقاً ـ أجيراً كان أو وليّاً أو متبرّعاً ـ في الاعتكاف عن غير ذلك الغير سواء كان لنفسه أو لغيره ـ محلّ تأمّل وإشكال.
(3) إذا كان الاعتكاف منذوراً بنحو الإطلاق، وأمّا إذا كان منذوراً في أيّام معيّنة فلا يجوز أن يؤجر نفسه لصوم تلك الأيّام، ولو فرض الجواز إذا كان الإيجار قبله.

(الصفحة74)

نفسه للصوم ويعتكف في ذلك الصوم، ولا يضرّه وجوب الصوم عليه بعد نذر الاعتكاف، فإنّ الذي يجب لأجله هو الصوم الأعم من كونه له أو بعنوان آخر، بل لا بأس بالاعتكاف(1) المنذور مطلقاً في الصوم المندوب الذي يجوز له قطعه، فإن لم يقطعه تمّ اعتكافه، وإن قطعه انقطع ووجب عليه الاستئناف.
[2564] مسألة 5: يجوز قطع الاعتكاف المندوب في اليومين الأوّلين، ومع تمامهما يجب الثالث، وأمّا المنذور، فإن كان معيّناً فلا يجوز قطعه مطلقاً، وإلاّ فكالمندوب.
[2565] مسألة 6: لو نذر الاعتكاف في أيّام معينة وكان عليه صوم منذور أو واجب لأجل الإجارة(2) يجوز له أن يصوم في تلك الأيّام وفاءً عن النذر أو الإجارة. نعم، لو نذر الاعتكاف في أيّام مع قصد كون الصوم له ولأجله لم يجزئ عن النذر أو الإجارة.
[2566] مسألة 7: لو نذر اعتكاف يوم أو يومين، فإن قيّد بعدم الزيادة بطل نذره، وإن لم يقيّده صحّ ووجب ضمّ يوم أو يومين.
[2567] مسألة 8: لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام معيّنة أو أزيد فاتفق كون الثالث عيداً بطل من أصله، ولا يجب عليه قضاؤه لعدم انعقاد نذره، لكنّه أحوط.


(1) إن قلنا بأنّ تعلّق النذر لا يستتبع إلاّ مجرّد وجوب الوفاء به، ولا يسري الوجوب إلى العنوان المنذور، فنفس الاعتكاف أيضاً لا يصير واجباً فضلاً عن الصوم، وإن لم نقل بذلك كما هو ظاهرهم على خلاف ما هو التحقيق عندنا، فالظاهر صيرورة الصوم أيضاً واجباً. نعم، في النذر المطلق يجوز قطع الاعتكاف في اليومين الأوّلين.
(2) تقدّم الإشكال فيه.

(الصفحة75)

[2568] مسألة 9: لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد بطل إلاّ أن يعلم(1) يوم قدومه قبل الفجر، ولو نذر اعتكاف ثاني يوم قدومه صح، ووجب عليه ضمّ يومين آخرين.
[2569] مسألة 10: لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام من دون الليلتين المتوسطتين لم ينعقد.
[2570] مسألة 11: لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام أو أزيد لم يجب إدخال الليلة الأُولى فيه بخلاف ما إذا نذر اعتكاف شهر، فإنّ الليلة الاُولى جزء من الشهر.
[2571] مسألة 12: لو نذر اعتكاف شهر يجزئه ما بين الهلالين وإن كان ناقصاً(2)، ولو كان مراده مقدار شهر وجب ثلاثون يوماً.
[2572] مسألة 13: لو نذر اعتكاف شهر وجب التتابع، وأمّا لو نذر مقدار الشهر جاز له التفريق ثلاثة ثلاثة إلى أن يكمل ثلاثون يوماً، بل لا يبعد جواز التفريق(3) يوماً فيوماً، ويضمّ إلى كلّ واحد يومين آخرين، بل الأمر كذلك في كلّ مورد لم يكن المنساق منه هو التتابع.
[2573] مسألة 14: لو نذر الاعتكاف شهراً أو زماناً على وجه التتابع ـ سواء شرطه لفظاً، أو كان المنساق منه ذلك ـ فأخلّ بيوم أو أزيد بطل، وإن كان ما


(1) بناءً على عدم كفاية التلفيق كما اخترناه. وأمّا بناءً عليها، فإن كان صام في ذلك اليوم الذي علم بالقدوم بعد طلوع فجره يصحّ الاعتكاف.
(2) لكن الأحوط حينئذ ضمّ يوم آخر كما مرّ.
(3) بأن يعتكف يوماً من نذره ثمّ يضمّ إليه يومين مندوبين أو واجبين بغير النذر، لكن الأحوط الترك، وعلى فرض الجواز يجوز يومين فيومين أيضاً.

(الصفحة76)

مضى ثلاثة فصاعداً واستأنف آخر مع مراعاة التتابع فيه، وإن كان معيّناً وقد أخلّ بيوم أو أزيد وجب قضاؤه(1)، والأحوط التتابع فيه أيضاً، وإن بقي شيء من ذلك الزمان المعيّن بعد الإبطال بالإخلال فالأحوط ابتداء القضاء منه.
[2574] مسألة 15: لو نذر اعتكاف أربعة أيّام فأخلّ بالرابع ولم يشترط التتابع ولا كان منساقاً من نذره وجب قضاء ذلك اليوم وضمّ يومين آخرين، والأولى جعل المقضي أوّل الثلاثة، وإن كان مختاراً في جعله أيّاً منها شاء.
[2575] مسألة 16: لو نذر اعتكاف خمسة أيّام وجب أن يضمّ إليها سادساً، سواء تابع أو فرّق بين الثلاثتين.
[2576] مسألة 17: لو نذر زماناً معيّناً شهراً أو غيره وتركه نسياناً أو عصياناً أو اضطراراً وجب قضاؤه، ولو غمّت الشهور فلم يتعيّن عنده ذلك المعيّن عمل بالظن(2)، ومع عدمه يتخيّر بين موارد الاحتمال.
[2577] مسألة 18: يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد، فلا يجوز أن يجعله في مسجدين، سواء كانا متصلين أو منفصلين. نعم، لو كانا متصلين على وجه يعدّ مسجداً واحداً فلا مانع.
[2578] مسألة 19: لو اعتكف في مسجد ثمّ اتفق مانع من إتمامه فيه من خوف أو هدم أو نحو ذلك بطل، ووجب استئنافه أو قضاؤه إن كان واجباً في مسجد آخر، أو ذلك المسجد إذا ارتفع عنه المانع، وليس له البناء، سواء كان في مسجد آخر أو في ذلك المسجد بعد رفع المانع.


(1) أي قضاء المنذور بأجمعه.
(2) بل يحتاط بالجمع بين المحتملات مع عدم استلزام الحرج، من غير فرق بين صورة الظن وعدمه.

(الصفحة77)

[2579] مسألة 20: سطح المسجد وسردابه ومحرابه منه ما لم يعلم خروجها، وكذا مضافاته إذا جعلت جزءاً منه كما لو وسّع فيه.
[2580] مسألة 21: إذا عيّن موضعاً(1) خاصّاً من المسجد محلاًّ لاعتكافه لم يتعيّن وكان قصده لغواً.
[2581] مسألة 22: قبر مسلم وهانئ ليس جزءاً من مسجد الكوفة على الظاهر.
[2582] مسألة 23: إذا شك في موضع من المسجد أنّه جزء منه أو من مرافقه لم يجر عليه حكم المسجد.
[2583] مسألة 24: لابدّ من ثبوت كونه مسجداً أو جامعاً بالعلم الوجداني أو الشياع المفيد للعلم أو البينة الشرعية، وفي كفاية خبر العدل الواحد إشكال(2)، والظاهر كفاية حكم الحاكم الشرعي.
[2584] مسألة 25: لو اعتكف في مكان باعتقاد المسجدية أو الجامعية فبان الخلاف تبيّن البطلان.
[2585] مسألة 26: لا فرق في وجوب كون الاعتكاف في المسجد الجامع بين الرجل والمرأة، فليس لها الاعتكاف في المكان الذي أعدته للصلاة في بيتها، بل ولا في مسجد القبيلة ونحوها.
[2586] مسألة 27: الأقوى صحّة اعتكاف الصبي المميّز، فلا يشترط فيه البلوغ.
[2587] مسألة 28: لو اعتكف العبد بدون إذن المولى بطل، ولو أُعتق في


(1) الظاهر أنّ المراد هو التعيين بالنذر، وعليه يشكل صحّته في بعض الفروض.
(2) أظهره العدم.

(الصفحة78)

أثنائه لم يجب عليه إتمامه، ولو شرع فيه بإذن المولى ثمّ اُعتق في الأثناء، فإن كان في اليوم الأوّل أو الثاني لم يجب عليه الإتمام إلاّ أن يكون من الاعتكاف الواجب(1)، وإن كان بعد تمام اليومين وجب عليه الثالث، وإن كان بعد تمام الخمسة وجب السادس.
[2588] مسألة 29: إذا أذن المولى لعبده في الاعتكاف جاز له الرجوع عن إذنه ما لم يمض يومان، وليس له الرجوع بعدهما لوجوب إتمامه حينئذ. وكذا لا يجوز له الرجوع إذا كان الاعتكاف واجباً بعد الشروع فيه(2) من العبد.
[2589] مسألة 30: يجوز للمعتكف الخروج من المسجد لإقامة الشهادة أو لحضور الجماعة(3) أو لتشييع الجنازة وإن لم يتعيّن عليه هذه الأُمور، وكذا في سائر الضرورات العرفية أو الشرعية الواجبة أو الراجحة، سواء كانت متعلّقة بأُمور الدنيا أو الآخرة ممّا يرجع مصلحته إلى نفسه أو غيره، ولا يجوز الخروج اختياراً بدون أمثال هذه المذكورات.
[2590] مسألة 31: لو أجنب في المسجد ولم يمكن(4) الاغتسال فيه وجب عليه الخروج، ولو لم يخرج(5) بطل اعتكافه لحرمة لبثه فيه.
[2591] مسألة 32: إذا غصب مكاناً من المسجد سبق إليه غيره; بأن أزاله وجلس فيه فالأقوى بطلان(6) اعتكافه، وكذا إذا جلس على فراش مغصوب، بل


(1) أي المعيّن.
(2) الظاهر تعلّق القيد بالوجوب لا بالرجوع، كما إذا نذر الإتمام بعد الشروع.
(3) إن كان المراد بها الجمعة فالظاهر هو الجواز لو كانت تقام في غير المسجد الذي اعتكف فيه، وإن كان المراد بها الجماعة فهو محلّ إشكال حتّى في مكّة.
(4) تقدّم حكم الاغتسال.
(5) أي بالمرّة أو فوراً، والحكم بالبطلان محلّ إشكال.
(6) محلّ تأمّل بل منع، وكذا فيما بعده.

(الصفحة79)

الأحوط الاجتناب عن الجلوس على أرض المسجد المفروش بتراب مغصوب، أو آجر مغصوب على وجه لا يمكن إزالته، وإن توقف على الخروج خرج على الأحوط. وأمّا إذا كان لابساً لثوب مغصوب أو حاملاً له فالظاهر عدم البطلان.
[2592] مسألة 33: إذا جلس على المغصوب ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً أو مضطرّاً لم يبطل اعتكافه.
[2593] مسألة 34: إذا وجب عليه الخروج لأداء دين واجب الأداء عليه، أو لإتيان واجب آخر متوقّف على الخروج ولم يخرج أثم، ولكن لا يبطل اعتكافه على الأقوى.
[2594] مسألة 35: إذا خرج عن المسجد لضرورة فالأحوط مراعاة أقرب الطرق، ويجب عدم المكث إلاّ بمقدار الحاجة والضرورة، ويجب أيضاً أن لا يجلس تحت الظلال مع الإمكان، بل الأحوط(1) أن لا يمشي تحته أيضاً، بل الأحوط عدم الجلوس مطلقاً إلاّ مع الضرورة.
[2595] مسألة 36: لو خرج لضرورة وطال خروجه بحيث انمحت صورة الاعتكاف بطل.
[2596] مسألة 37: لا فرق في اللبث في المسجد بين أنواع الكون من القيام والجلوس والنوم والمشي ونحو ذلك، فاللازم الكون فيه بأيّ نحو كان.
[2597] مسألة 38: إذا طلّقت المرأة المعتكفة في أثناء اعتكافها طلاقاً رجعياً وجب عليها الخروج إلى منزلها للاعتداد وبطل اعتكافها، ويجب استئنافه إن كان واجباً موسّعاً بعد الخروج من العدّة. وأمّا إذا كان واجباً معيّناً فلا يبعد التخيير(2)


(1) الأقوى هو الجواز.
(2) والأحوط الخروج ثمّ القضاء.

(الصفحة80)

بين إتمامه ثمّ الخروج، وإبطاله والخروج فوراً; لتزاحم الواجبين ولا أهمية معلومة في البين. وأمّا إذا طلّقت بائناً فلا إشكال; لعدم وجوب كونها في منزلها في أيّام العدّة.
[2598] مسألة 39: قد عرفت أنّ الاعتكاف إمّا واجب معيّن أو واجب موسّع، وإمّا مندوب، فالأوّل يجب بمجرّد الشروع بل قبله ولا يجوز الرجوع عنه، وأمّا الأخيران فالأقوى فيهما جواز الرجوع قبل إكمال اليومين، وأمّا بعده فيجب اليوم الثالث، لكن الأحوط فيهما أيضاً وجوب الإتمام بالشروع، خصوصاً الأوّل منهما.
[2599] مسألة 40: يجوز له أن يشترط حين النيّة الرجوع متى شاء حتّى في اليوم الثالث، سواء علّق الرجوع على عروض عارض أو لا، بل يشترط الرجوع متى شاء حتّى بلا سبب عارض، ولا يجوز له اشتراط جواز المنافيات كالجماع ونحوه مع بقاء الاعتكاف على حاله، ويعتبر أن يكون الشرط المذكور حال النيّة فلا اعتبار بالشرط قبلها، أو بعد الشروع فيه وإن كان قبل الدخول في اليوم الثالث. ولو شرط حين النيّة ثمّ بعد ذلك أسقط حكم شرطه فالظاهر عدم سقوطه، وإن كان الأحوط(1) ترتيب آثار السقوط من الإتمام بعد إكمال اليومين.
[2600] مسألة 41: كما يجوز اشتراط الرجوع في الاعتكاف حين عقد نيته كذلك يجوز اشتراطه في نذره، كأن يقول: «لله عليّ أن اعتكف بشرط أن يكون لي الرجوع عند عروض كذا، أو مطلقاً». وحينئذ فيجوز له الرجوع وإن لم يشترط حين الشروع في الاعتكاف، فيكفي الاشتراط(2) حال النذر في جواز الرجوع،


(1) لا يترك.
(2) الظاهر عدم الكفاية ولزوم الاشتراط حين الشروع.
<<التالي الفهرس السابق>>