في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة481)

فلو حصل مانع عن الاستيفاء أو عن العمل تنفسخ الإجارة، كما سيأتي تفصيله.
[3283] مسألة 1 : لو استأجر داراً مثلا وتسلّمها ومضت مدّة الإجارة استقرّت الاُجرة عليه، سواء سكنها أو لم يسكنها باختياره، وكذا إذا استأجر دابّة للركوب أو لحمل المتاع إلى مكان كذا ومضى زمان يمكن له ذلك وجب عليه الاُجرة واستقرّت وإن لم يركب أو لم يحمل، بشرط أن يكون مقدّراً بالزمان المتّصل بالعقد، وأمّا إذا عيّنا وقتاً فبعد مضيّ ذلك الوقت. هذا إذا كانت الإجارة واقعة علىعين معيّنة شخصيّة في وقت معيّن، وأمّا إن وقعت على كلّي وعيّن في فرد وتسلّمه فالأقوى أنّه كذلك مع تعيين الوقت وانقضائه. نعم، مع عدم(1) تعيين الوقت فالظاهر(2) عدم استقرار الاُجرة المسمّـاة وبقاء الإجارة وإن كان ضامناً لاُجرة المثل لتلك المدّة من جهة تفويته المنفعة على المؤجر.
[3284] مسألة 2 : إذا بذل المؤجر العين المستأجرة للمستأجر ولم يتسلّم حتّى انقضت المدّة استقرّت عليه الاُجرة، وكذا إذا استأجره ليخيط له ثوباً معيّناً مثلا في وقت معيّن وامتنع من دفع الثوب إليه حتّى مضى ذلك الوقت، فإنّه يجب عليه دفع الاُجرة، سواء اشتغل في ذلك الوقت مع امتناع المستأجر من دفع الثوب إليه بشغل آخر لنفسه أو لغيره أو جلس فارغاً.
[3285] مسألة 3 : إذا استأجره لقلع ضرسه ومضت المدّة التي يمكن إيقاع ذلك فيها وكان المؤجر باذلاً نفسه استقرّت(3) الاُجرة، سواء كان المؤجر حرّاً أو عبداً بإذن مولاه، واحتمال الفرق بينهما بالاستقرار في الثاني دون الأوّل; لأنّ منافع الحرّ
(1) أي سواء كانت الإجارة واقعة على عين معيّنة شخصية، أو على كلّي وعيّن في فرد.
(2) بل الظاهر الاستقرار من دون فرق بين الصورتين.
(3) بناءً على التفصيل الذي اختاره في المسألة الاُولى لابدّ من التقييد هنا بما إذا كان الوقت معيّناً، وأمّا بناءً على ما اخترناه فالإطلاق تامّ.

(الصفحة482)

لا تضمن إلاّ بالاستيفاء لا وجه له; لأنّ منافعه بعد العقد عليها صارت مالاً للمستحقّ، فإذا بذلها ولم يقبل كان تلفها منه، مع أنّا لا نسلّم أنّ منافعه لا تضمن إلاّ بالاستيفاء، بل تضمن بالتفويت أيضاً إذا صدق ذلك، كما إذا حبسه وكان كسوباً، فإنّه يصدق في العرف أنّه فوّت عليه(1) كذا مقداراً. هذا، ولو استأجره لقلع ضرسه فزال الألم بعد العقد لم تثبت الاُجرة لانفساخ(2) الإجارة حينئذ.
[3286] مسألة 4 : إذا تلفت العين المستأجرة قبل قبض المستأجر بطلت الإجارة، وكذا إذا تلفت عقيب قبضها بلا فصل، وأمّا إذا تلفت بعد استيفاء(3) منفعتها في بعض المدّة فتبطل بالنسبة إلى بقيّة المدّة، فيرجع من الاُجرة بما قابل المتخلّف من المدّة إن نصفاً فنصف، وإن ثلثاً فثلث، مع تساوي الأجزاء بحسب الأوقات، ومع التفاوت تلاحظ النسبة.
[3287] مسألة 5 : إذا حصل الفسخ في أثناء المدّة بأحد أسبابه تثبت الاُجرة المسمّـاة بالنسبة إلى ما مضى، ويرجع منها بالنسبة إلى مابقي، كما ذكرنا فى البطلان على المشهور، ويحتمل(4) قريباً أن يرجع تمام المسمّى ويكون للمؤجر اُجرة المثل
(1) لكن لا دليل على أنّ التفويت موجب للضمان، فالظاهر عدم الضمان.
(2) لا دليل على الانفساخ إلاّ فيما إذا صار القلع محرّماً، بل يمكن دعوى عدم الانفساخ في هذه الصورة أيضاً، ولكنّها مشكلة.
(3) أو مضى مدّة يمكنه فيها الاستيفاء، وإن لم يستوف وكانت بعض المدّة لا تمامها.
(4) الظاهر هو التفصيل بين الموارد، فإن كان سبب الفسخ هو اشتراط الخيار في متن العقد فالظاهر أنّه تابع لكيفيّة الاشتراط من جهة التأثير من الأصل أو من الحين، وإن كان السبب هو الخيار الذي مستنده قاعدة نفي الضرر، كخيار الغبن ونحوه فاللازم ملاحظة أنّ الضرر هل يندفع بالانحلال من الحين أو بالانفساخ من الأصل، وإن كان السبب هو الخيار الثابت بمقتضى الأدلّة الخاصّة كخيار العيب ونحوه فاللازم ملاحظتها، ولا يبعد دعوى كون الظاهر أو المتيقّن منها هو الفسخ في المجموع.

(الصفحة483)

بالنسبة إلى ما مضى; لأنّ المفروض أنّه يفسخ العقد الواقع أوّلاً، ومقتضى الفسخ عود كلّ عوض إلى مالكه، بل يحتمل أن يكون الأمر كذلك في صورة البطلان أيضاً، لكنّه بعيد.
[3288] مسألة6: إذا تلف بعض العين المستأجرة تبطل بنسبته(1) ويجيء خيار تبعّض الصفقة.
[3289] مسألة 7 : ظاهر كلمات العلماء أنّ الاُجرة من حين العقد مملوكة للمؤجر بتمامها، وبالتلف قبل القبض أو بعده أو في أثناء المدّة ترجع إلى المستأجر كلاّ أو بعضاً من حين البطلان، كما هو الحال عندهم في تلف المبيع قبل القبض، لا أن يكون كاشفاً عن عدم ملكيّتها من الأوّل، وهو مشكل; لأنّ مع التلف ينكشف عدم كون المؤجر مالكاً للمنفعة إلى تمام المدّة، فلم ينتقل ما يقابل المتخلّف من الأوّل إليه، وفرق واضح بين تلف المبيع قبل القبض وتلف العين هنا; لأنّ المبيع حين بيعه كان مالاً(2) موجوداً قوبل بالعوض، وأمّا المنفعة في المقام فلم تكن موجودة حين العقد ولا في علم الله إلاّ بمقدار بقاء العين. وعلى هذا فإذا تصرّف في الاُجرة يكون تصرّفه بالنسبة إلى ما يقابل المتخلّف فضوليّاً، ومن هذا يظهر أنّ وجه البطلان في صورة التلف ـكلاّ أو بعضاًـ انكشاف عدم الملكيّة للمعوّض.

(1) إلاّ فيما إذا كان تلف البعض موجباً لانعدام المنفعة وزوالها رأساً، كما في استئجار بقرين لحرث الأرض إذا فرض تقوّم الغرض بهما جميعاً كما في بعض البلاد، فإنّ الظاهر في مثل ذلك البطلان رأساً.
(2) ولكن العوض المبذول بإزائه لم يبذل باعتبار هذه المالية المحدودة، وإلاّ لم يكن وجه للانفساخ، بل باعتبار ثبوت اقتضاء البقاء فيه وكون التلف أمراً طارئاً على خلاف الأصل، وهذا التقريب جار في المنفعة أيضاً، فإنّ تلف العين المستلزم لتلف المنفعة لا يوجب خللاً فيانعقاد الإجارة بعد ثبوت هذاالاقتضاء المذكور فيها، وعليه فالحكم في المقامين واحد، وما استظهره من كلمات العلماء ـ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ـ في محلّه.

(الصفحة484)

[3290] مسألة 8 : إذا آجر دابّة كلّيّة ودفع فرداً منها فتلف لاتنفسخ الإجارة، بل ينفسخ الوفاء(1)، فعليه أن يدفع فرداً آخر.
[3291] مسألة 9 : إذا آجره داراً فانهدمت، فإن خرجت عن الانتفاع بالمرّة(2) بطلت، فإن كان قبل القبض أو بعده قبل أن يسكن فيها أصلاً رجعت الاُجرة بتمامها، وإلاّ فبالنسبة(3)، ويحتمل تمامها في هذه الصورة أيضاً، ويضمن اُجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى، لكنّه بعيد. وإن أمكن الانتفاع بها مع ذلك كان للمستأجر الخيار بين الإبقاء والفسخ، وإذا فسخ كان حكم الاُجرة ماذكرنا، ويقوى هنا(4) رجوع تمام المسمّى مطلقاً ودفع اُجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى; لأنّ هذا هو مقتضى فسخ العقد كما مرّ سابقاً، وإن انهدم بعض بيوتها بقيت الإجارة بالنسبة إلى البقيّة، وكان للمستأجر خيار تبعّض الصفقة، ولو بادر المؤجر إلى تعميرها بحيث لم يفت الانتفاع أصلاً ليس للمستأجر الفسخ حينئذ على الأقوى، خلافاً للثانيين.
[3292] مسألة 10 : إذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة يجبر عليه، وإن لم يمكن إجباره للمستأجر فسخ الإجارة والرجوع بالاُجرة، وله الإبقاء ومطالبة عوض المنفعة الفائتة، وكذا إن أخذها(5) منه بعد التسليم بلا فصل أو في أثناء المدّة، ومع الفسخ في الأثناء يرجع بما يقابل المتخلّف من الاُجرة، ويحتمل(6) قويّاً رجوع تمام الاُجرة ودفع اُجرة المثل لما مضى، كما مرّ نظيره سابقاً; لأنّ مقتضى فسخ العقد عود
(1) في التعبير مسامحة واضحة.
(2) أو عن الانتفاع الذي استأجرها له بنحو التقييد ووحدة المطلوب.
(3) ويثبت للمستأجر حينئذ خيار التبعّض، وعلى تقدير الفسخ ترجع الاُجرة بتمامها.
(4) مرّ ما هو مقتضى التحقيق.
(5) ثبوت الخيار في صورة الأخذ بعد التسليم مشكل.
(6) مرّ مقتضى التحقيق في المسألة الخامسة.

(الصفحة485)

تمام كلّ من العوضين إلى مالكهما الأوّل، لكن هذا الاحتمال خلاف فتوى المشهور.
[3293] مسألة 11 : إذا منعه ظالم عن الانتفاع بالعين قبل القبض تخيّر بين الفسخ والرجوع بالاُجرة، وبين الرجوع على الظالم بعوض ما فات، ويحتمل قويّاً(1) تعيّن الثاني، وإن كان منع الظالم أو غصبه بعد القبض يتعيّن الوجه الثاني، فليس له الفسخ حينئذ، سواء كان بعد القبض في ابتداء المدّة أو في أثنائها، ثمّ لو أعاد(2) الظالم العين المستأجرة في أثناء المدّة إلى المستأجر فالخيار باق، لكن ليس له الفسخ إلاّ في الجميع، وربما يحتمل جواز الفسخ بالنسبة إلى ما مضى من المدّة في يد الغاصب، والرجوع بقسطه من المسمّى واستيفاء باقي المنفعة، وهو ضعيف; للزوم(3) التبعيض في العقد، وإن كان يشكل الفرق بينه وبين ما ذكر من مذهب المشهور من إبقاء العقد فيما مضى وفسخه فيما بقي; إذ إشكال تبعيض العقد مشترك بينهما.
[3294] مسألة 12 : لو حدث للمستأجر عذر في الاستيفاء، كما لو استأجر دابّة لتحمله إلى بلد فمرض المستأجر ولم يقدر فالظاهر البطلان إن اشترط المباشرة على وجه القيديّة، وكذا لو حصل له عذر آخر، ويحتمل(4) عدم البطلان. نعم، لو كان هناك عذر عامّ بطلت قطعاً; لعدم قابليّة العين للاستيفاء حينئذ.
[3295] مسألة 13 : التلف السماوي للعين المستأجرة أو لمحلّ العمل موجب
(1) أي فيما هو المفروض من كون المنع متوجّهاً إلى المستأجر، والممنوع عنه هو الانتفاع بالعين; لعدم الفرق حينئذ بين ما إذا كان المنع قبل القبض أو بعده، وأمّا إذا كان المنع متوجّهاً إلى المؤجر والممنوع عنه هو الإقباض فلا وجه لهذا الاحتمال أصلاً.
(2) أي في الصورة الاُولى التي حكم فيها بالخيار، وحينئذ فالتعبير بالإعادة فيه مسامحة واضحة; لعدم كون العين في يد المستأجر في زمان أصلاً.
(3) لا للزوم التبعيض حتّى يشكل الفرق بينه وبين ما ذكر من مذهب المشهور، بل لأجل عدم تأثير الفسخ في الزمان السابق بعد وقوع الإجارة صحيحة، وعليه فالفرق ظاهر.
(4) وهذا هو الأظهر.

(الصفحة486)

للبطلان، ومنه إتلاف الحيوانات. وإتلاف المستأجر بمنزلة(1) القبض، وإتلاف المؤجر موجب للتخيير بين ضمانه والفسخ، وإتلاف الأجنبي موجب لضمانه، والعذر العامّ بمنزلة التلف. وأمّا العذر الخاصّ بالمستأجر، كما إذا استأجر دابّة لركوبه بنفسه فمرض ولم يقدر على المسافرة، أو رجلاً لقلع سنّه فزال ألمه أو نحو ذلك ففيه إشكال(2)، ولايبعد أن يقال: إنّه يوجب البطلان إذا كان بحيث لو كان قبل العقد لم يصحّ معه العقد.
[3296] مسألة 14 : إذا آجرت الزوجة نفسها بدون إذن الزوج فيما ينافي حقّ الاستمتاع وقفت(3) على إجازة الزوج، بخلاف ما إذا لم يكن منافياً فإنّها صحيحة، وإذا اتّفق إرادة الزوج للاستمتاع كشف عن فسادها.
[3297] مسألة 15 : قد ذكر سابقاً أنّ كلاّ من المؤجر والمستأجر يملك ما انتقل إليه بالإجارة بنفس العقد، ولكن لايجب تسليم أحدهما إلاّ بتسليم الآخر، وتسليم المنفعة بتسليم العين، وتسليم الاُجرة بإقباضها، إلاّ إذا كانت منفعة أيضاً فبتسليم العين التي تستوفى منها، ولايجب على واحد منهما الابتداء بالتسليم، ولو تعاسرا
(1) لم يدلّ دليل على هذه المنزلة، بل الظاهر أنّ صور الإتلاف الأربعة يجري فيها حكم صورة التلف وهو البطلان. غاية الأمر ضمان المتلف للمالك إذا لم يكن نفسه ولم يكن حيواناً.
(2) قد مرّ منه استظهار البطلان فيما إذا اشترط المباشرة على وجه القيديّة، ومرّ منّا أنّ الأظهر هو العدم مطلقاً في استئجار الدابّة، وأمّا استئجار الرجل لقلع السنّ فقد عرفت أنّه لا دليل على الانفساخ فيما إذا لم يكن القلع محرّماً، وفي هذه الصورة يشكل الحكم، وأمّا ما ذكره من الضابط فغير مستقيم لعدم التلازم.
(3) الظاهر هو الصحّة ولو مع منع الزوج; لعدم المنافاة بين الاستحقاقين; لتحقّق الاعتبار بالإضافة إليهما وعدم كون اعتبار القدرة على التسليم على فرضه موجباً للمنع بعد عدم الإخلال به.

(الصفحة487)

أجبرهما الحاكم، ولو كان أحدهما باذلاً دون الآخر ولم يمكن جبره كان للأوّل الحبس إلى أن يسلّم الآخر، هذا كلّه إذا لم يشترط في العقد تأجيل التسليم في أحدهما، وإلاّ كان هو المتبّع.
هذا، وأمّا تسليم العمل، فإن كان مثل الصلاة والصوم والحجّ والزيارة ونحوها فبإتمامه، فقبله لايستحقّ المؤجر المطالبة وبعده لايجوز للمستأجر المماطلة، إلاّ أن يكون هناك شرط أو عادة في تقديم الاُجرة فيتّبع، وإلاّ فلايستحقّ حتّى لو لم يمكن له العمل إلاّ بعد أخذ الاُجرة، كما في حجّ الاستئجاري إذا كان المؤجر معسراً، وكذا في مثل بناء جدار داره أو حفر بئر في داره أو نحو ذلك، فإنّ إتمام العمل تسليم ولايحتاج إلى شيء آخر. وأمّا في مثل الثوب الذي أعطاه ليخيطه، أو الكتاب الذي يكتبه، أو نحو ذلك ممّا كان العمل في شيء بيد المؤجر، فهل يكفي إتمامه في التسليم، فبمجرّد الإتمام يستحقّ المطالبة، أو لا إلاّ بعد تسليم مورد العمل، فقبل أن يسلّم الثوب مثلا لايستحقّ مطالبة الاُجرة ؟ قولان.
أقواهما الأوّل; لأنّ المستأجر عليه نفس العمل والمفروض أنّه قد حصل(1)، لا الصفة الحادثة في الثوب مثلا; وهي المخيطيّة حتّى يقال: إنّها في الثوب وتسليمها بتسليمه، وعلى ما ذكرنا فلو تلف الثوب مثلا بعد تمام الخياطة في يد
(1) إن كان الملاك حصول المستأجر عليه وتحقّقه في الخارج ـ كما هو ظاهر العبارة ـ فأيّ فرق بين ما إذا كان هو العمل أو الصفة الحادثة في الثوب; لأنّه في كليهما قد تحقّق ما هو المستأجر عليه وإن لم يسلّم الثوب، وإن كان الملاك تحقّق التسليم كما هو الظاهر، فكما أنّ تسليم الصفة بتسليم الموصوف، كذلك تسليم العمل بتسليم مورده.
وبالجملة: الظاهر عدم الفرق بين الصورتين ولزوم تسليم الثوب على كلا التقديرين، لكنّه لا بمعنى تقدّم استحقاق المستأجر على الأجير، بل بمعنى توقّف استحقاق مطالبة الاُجرة على تسليم الثوب، كما أنّ استحقاق مطالبة الثوب من طرف المستأجر يتوقّف على تسليم الاُجرة.


(الصفحة488)

المؤجر بلا ضمان يستحقّ اُجرة العمل، بخلافه على القول الآخر(1)، ولو تلف مع ضمانه أو أتلفه وجب عليه قيمته مع وصف المخيطيّة لا قيمته قبلها، وله الاُجرة المسمّـاة بخلافه على القول الآخر، فإنّه لايستحقّ الاُجرة، وعليه قيمته غير مخيط(2)، وأمّا احتمال عدم استحقاقه الاُجرة مع ضمانه القيمة مع الوصف فبعيد، وإن كان له وجه(3)، وكذا يتفرّع على ما ذكر أنّه لايجوز حبس العين بعد إتمام العمل إلى أن يستوفي الاُجرة، فإنّها بيده أمانة، إذ ليست هي ولا الصفة التي فيها مورداً للمعاوضة، فلو حبسها ضمن، بخلافه على القول الآخر.
[3298] مسألة 16 : إذا تبيّن بطلان الإجارة رجعت الاُجرة إلى المستأجر، واستحقّ المؤجر اُجرة المثل بمقدار ما استوفاه المستأجر من المنفعة، أو فاتت تحت يده إذا كان جاهلاً بالبطلان، خصوصاً مع علم المستأجر. وأمّاإذا كانعالماً فيشكل ضمانالمستأجر، خصوصاً إذا كان جاهلاً; لأنّه بتسليمه العين إليه قد هتك(4)
(1) بل على هذا القول أيضاً يستحقّ اُجرة العمل; لأنّ المتوقّف على تسليم الثوب إنّما هو استحقاق المطالبة لا أصل استحقاق الاُجرة، كيف وقد ذكر في أوّل المسألة أنّ ملكية الاُجرة تتحقّق بنفس العقد من دون توقّف على شيء، ولم يدلّ دليل هنا على انفساخ الإجارة; لعدم كونه من التلف قبل القبض، وتوقّف استحقاق المطالبة على تسليم الثوب إنّما هو فيما إذا أمكن، ومع عدمه كما في المقام يستحقّ المطالبة أيضاً.
(2) بل عليه قيمته مخيطاً، ويستحق الاُجرة المسمّـاة كما مرّ.
(3) غير صحيح.
(4) تسليم العين في المعاملات الفاسدة شرعاً ليس موجباً لهتك حرمة المال ورفع اليد عمّا هو مقتضى احترامه، ضرورة أنّ الإقدام والإذن إنّما هو بعنوان تلك المعاملة. غاية الأمر أنّه مع العلم بالفساد شرعاً لا يقصد إلاّ ما هو معناها بنظر العرف، بل في صورة الصحّة أيضاً لا يكون المقصود إلاّ المعنى العرفي للمعاملة، وعليه فالإقدام مع العلم بالفساد لا يكون موجباً للهتك رافعاً للضمان. نعم، فيما إذا كان الفساد لأجل عدم الاُجرة، أو كونها غير متموّلة عند العرف يكون الإقدام مساوقاً للهتك ورافعاً للضمان، سواء كان ذلك مع العلم بالفساد أو مع الجهل.

(الصفحة489)

حرمة ماله، خصوصاً إذا كان البطلان من جهة جعل الاُجرة ما لايتموّل شرعاً أو عرفاً، أو إذا كان اُجرة بلا عوض. ودعوى أنّ إقدامه وإذنه في الاستيفاء إنّما هو بعنوان الإجارة والمفروض عدم تحقّقها، فإذنه مقيّد بما لم يتحقّق، مدفوعة بأنّه إن كان المراد كونه مقيّداً بالتحقّق شرعاً فممنوع، إذ مع فرض العلم بعدم الصحّة شرعاً لايعقل قصد تحقّقه إلاّ على وجه التشريع المعلوم عدمه، وإن كان المراد تقيّده بتحقّقها الإنشائيّة فهو حاصل، ومن هنا يظهر حال الاُجرة أيضاً، فإنّها لو تلفت في يد المؤجر يضمن عوضها إلاّ إذا كان المستأجر(1) عالماً ببطلان الإجارة ومع ذلك دفعها إليه. نعم، إذا كانت موجودة له أن يستردّها. هذا.
وكذا في الإجارة على الأعمال إذا كانت باطلة يستحقّ العامل اُجرة المثل لعمله دون المسمّـاة إذا كان جاهلاً بالبطلان، وأمّا إذا كان عالماً(2) فيكون هو المتبرّع بعمله، سواء كان بأمر من المستأجر أو لا، فيجب عليه ردّ الاُجرة المسمّـاة أو عوضها، ولايستحقّ اُجرة المثل، وإذا كان المستأجر أيضاً عالماً فليس(3) له مطالبة الاُجرة مع تلفها ولو مع عدم العمل من المؤجر.
[3299] مسألة 17 : يجوز إجارة المشاع كما يجوز بيعه وصلحه وهبته، ولكن
(1) قد ظهر ممّا ذكرنا ثبوت الضمان في هذه الصورة أيضاً.
(2) قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ العالم أيضاً يستحقّ اُجرة المثل إلاّ فيما إذا كان الفساد ناشئاً عن عدم جعل الاُجرة أو كونها غير متموّلة لدى العرف.
(3) ظهر حكمه ممّا تقدّم.

(الصفحة490)

لايجوز(1) تسليمه إلاّ بإذن الشريك إذا كان مشتركاً. نعم، إذا كان المستأجر جاهلاً بكونه مشتركاً كان له خيار الفسخ للشركة، وذلك كما إذا آجره داره فتبيّن أنّ نصفها للغير ولم يجز ذلك الغير، فإنّ له خيار الشركة بل وخيار التبعّض، ولو آجره نصف الدار مشاعاً وكان المستأجر معتقداً أنّ تمام الدار له فيكون شريكاً معه في منفعتها، فتبيّن أنّ النصف الآخر مال الغير فالشركة مع ذلك الغير، ففي ثبوت الخيار له حينئذ وجهان، لايبعد ذلك إذا كان في الشركة مع ذلك الغير منقصةله(2).
[3300] مسألة 18 : لابأس باستئجار(3) اثنين داراً على الإشاعة ثمّ يقتسمان مساكنها بالتراضي أو بالقرعة، وكذا يجوز استئجار اثنين دابّة للركوب على التناوب، ثمّ يتّفقان على قرار بينهما بالتعيين بفرسخ فرسخ أو غير ذلك، وإذا اختلفا في المبتدئ يرجعان إلى القرعة، وكذا يجوز استئجار اثنين دابّة مثلا لا على وجه الإشاعة بل نوباً معيّنة بالمدّة أو بالفراسخ، وكذا يجوز إجارة اثنين نفسهما علىعمل معيّن على وجه الشركة(4)، كحمل شيء معيّن لايمكن إلاّ بالمتعدّد.
[3301] مسألة 19 : لايشترط اتّصال مدّة الإجارة بالعقد على الأقوى، فيجوز أن يؤجره داره شهراً متأخّراً عن العقد بشهر أو سنة، سواء كانت مستأجرة في ذلك الشهر الفاصل أو لا، ودعوى البطلان من جهة(5) عدم القدرة على التسليم كما
(1) وهو لا يلازم عدم صحّة التسليم، فإذا عصى وسلّم من دون إذن الشريك يترتّب على التسليم جميع آثاره، وإن كان محرّماً موجباً للضمان أيضاً.
(2) بحيث عدّت معيوبة أو صارت موجبة للغبن، وأمّا مجرّد كونها منقصة بالإضافة إلى المستأجر من دون أحد القيدين فلا يوجب الخيار.
(3) أمّا بأن يستأجراها بإجارة واحدة، أو بأن يستأجر كلّ واحد منهما نصفها المشاع.
(4) وليس هذا من قبيل الشركة في الأبدان الغير الجائزة.
(5) كما أنّ دعوى البطلان من سائر الجهات ـ كلزوم تخلّف المعلول عن العلّة، أو اقتضاء الانفصال التعليق أو كونه منافياً لمقتضى العقد ـ مدفوعة.

(الصفحة491)

ترى، إذ التسليم لازم في زمان الاستحقاق لا قبله. هذا، ولو آجره داره شهراً وأطلق انصرف(1) إلى الاتّصال بالعقد. نعم، لو لم يكن انصراف بطل.

فصل
[الضمان في الإجارة]

العين المستأجرة في يد المستأجر أمانة، فلايضمن تلفها أو تعيّبها إلاّ بالتعدّي أو التفريط، ولو شرط المؤجر عليه ضمانها بدونهما فالمشهور عدم الصحّة، لكن الأقوى صحّته، وأولى بالصحّة إذا اشترط عليه أداء مقدار مخصوص من ماله علىتقدير التلف أو التعيّب لا بعنوان الضمان، والظاهر عدم الفرق في عدم الضمان مع عدم الأمرين بين أن يكون التلف في أثناء المدّة أو بعدها إذا لم يحصل منه منع للمؤجر عن عين ماله إذا طلبها، بل خلّى(2) بينه وبينها ولم يتصرّف بعد ذلك فيها. ثمّ هذا إذا كانت الإجارة صحيحة، وأمّا إذا كانت باطلة ففي ضمانها وجهان، أقواهما العدم، خصوصاً إذا كان المؤجر عالماً بالبطلان حين الإقباض دون المستأجر.
[3302] مسألة 1 : العين التي للمستأجر بيد المؤجر الذي آجر نفسه لعمل فيها كالثوب آجر نفسه ليخيطه أمانة، فلايضمن تلفها أو نقصها إلاّ بالتعدّي أو التفريط، أو اشتراط ضمانها على حذو ما مرّ في العين المستأجرة، ولو تلفت أو
(1) مع احتمال كون المراد هو المتّصل،وأمّا مع العلم بعدم لحاظ شيء من الاتصال والانفصال فلا وجه للانصراف، بل لابدّ إمّا من الحكم بالبطلان على فرض تحقّق الغرر وإمّا من الحكم بالصحّة من دون انصراف على فرض عدمه.
(2) ولا دليل على وجوب الردّ، وعلى تقديره لا ملازمة بينه وبين الضمان.

(الصفحة492)

أتلفها المؤجر أو الأجنبيّ قبل العمل(1) أو في الأثناء بطلت الإجارة ورجعت الاُجرة بتمامها أو بعضها إلى المستأجر، بل لو أتلفها مالكها المستأجر كذلك أيضاً. نعم، لو كانت الإجارة واقعة على منفعة المؤجر; بأن يملك منفعته الخيّاطي في يوم كذا، يكون إتلافه لمتعلّق العمل بمنزلة استيفائه; لأنّه بإتلافه إيّاه فوّت على نفسه المنفعة، ففرق بين أن يكون العمل في ذمّته، أو يكون منفعته الكذائيّة للمستأجر، ففي الصورة الاُولى التلف قبل العمل موجب للبطلان ورجوع الاُجرة إلى المستأجر وإن كان هو المتلف، وفي الصورة الثانية إتلافه بمنزلة الاستيفاء، وحيث إنّه مالك لمنفعة المؤجر وقد فوّتها على نفسه فالاُجرة ثابتة عليه.
[3303] مسألة 2 : المدار في الضمان على قيمة يوم الأداء في القيميّات لايوم التلف، ولا أعلى القيم على الأقوى.
[3304] مسألة 3 : إذا أتلف الثوب بعد الخياطة ضمن قيمته مخيطاً واستحقّ الاُجرة المسمّـاة، وكذا لو حمل متاعاً إلى مكان معيّن ثمّ تلف مضموناً أو أتلفه، فإنّه يضمن قيمته في ذلك المكان، لا أن يكون المالك مخيّراً بين تضمينه غير مخيط بلا اُجرة أو مخيطاً مع الاُجرة، وكذا لا أن يكون في المتاع مخيّراً بين قيمته غير محمول في مكانه الأوّل بلا اُجرة، أو في ذلك المكان مع الاُجرة كما قد يقال.
[3305] مسألة 4 : إذا أفسد الأجير للخياطة أو القصارة أو التفصيل الثوب ضمن، وكذا الحجّام إذا جنى في حجامته، أو الختّان في ختانه، وكذا الكحّال والبيطار وكلّ من آجر نفسه لعمل في مال المستأجر إذا أفسده يكون ضامناً إذا
(1) هذا الذي أفاده هنا يناقض ما ذكره في الفصل المتقدّم من عدم كون ما عدى التلف وإتلاف الحيوان موجباً لبطلان الإجارة، فأيّ فرق بين الإتلاف بعد القبض وبينه قبل القبض، خصوصاً بعد كون إتلاف المستأجر بمنزلة القبض، وقد مرّ أنّ الأقوى هو البطلان في جميع الفروض.

(الصفحة493)

تجاوز عن الحدّ المأذون فيه، وإن كان بغير قصده; لعموم «من أتلف»، وللصحيح عن أبي عبدالله(عليه السلام)في الرجل يعطي الثوب ليصبغه، فقال(عليه السلام): «كلّ عامل أعطيته أجراً على أن يصلح فأفسد فهو ضامن» بل ظاهر المشهور ضمانه وإن لم يتجاوز عن الحدّ المأذون فيه، ولكنّه مشكل، فلو مات الولد بسبب الختان مع كون الختّان حاذقاً من غير أن يتعدّى عن محلّ القطع; بأن كان أصل الختان مضرّاً به في ضمانه إشكال(1).
[3306] مسألة 5 : الطبيب المباشر للعلاج إذا أفسد ضامن وإن كان حاذقاً، وأمّا إذا لم يكن مباشراً بل كان آمراً ففي ضمانه إشكال(2)، إلاّ أن يكون سبباً وكان أقوىمن المباشر، وأشكل منه إذا كان واصفاً للدواء من دون أن يكون آمراً، كأن يقول: إنّ دواءك كذا وكذا، بل الأقوى فيه عدم الضمان، وإن قال: الدواء الفلاني نافع للمرض الفلاني فلاينبغي الإشكال في عدم ضمانه، فلا وجه لما عن بعضهم من التأمّل فيه، وكذا لو قال: لو كنت مريضاً بمثل هذا المرض لشربت الدواء الفلاني.
[3307] مسألة 6 : إذا تبرّأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليّه ولم يقصّر في الاجتهاد والاحتياط برئ على الأقوى.
[3308] مسألة 7 : إذا عثر الحمّال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره مثلا ضمن لقاعدة(3) الإتلاف.

(1) والظاهر عدم الضمان إلاّ إذا كان التشخيص في أصل كون الختان مضرّاً أم لا بعهدته أيضاً، فإنّ الظاهر في هذه الصورة الضمان كالطبيب.
(2) بل الظاهر هو الضمان مطلقاً، وإن لم يكن هناك أمر، بل كان في مقام الطبابة والمعالجة; لإطلاق النص، فالملاك صدق عنوان التطبّب، ولا يعتبر فيه المباشرة ولا الأمر.
(3) في جريان القاعدة مع عدم التقصير في العثور إشكال، وإن كان لا يبعد دعواه; لأنّه يكفي في صدق الإتلاف مجرّد الاستناد، وإن لم يكن عن قصد واختيار.

(الصفحة494)

[3309] مسألة 8 : إذا قال للخيّاط مثلا: إن كان هذا يكفيني قميصاً فاقطعه، فقطعه فلم يكف ضمن في وجه، ومثله لو قال: هل يكفي قميصاً ؟ فقال: نعم، فقال: اقطعه فلم يكفه. وربما يفرّق بينهما فيحكم بالضمان في الأوّل دون الثاني(1); بدعوى عدم الإذن في الأوّل دون الثاني، وفيه: أنّ في الأوّل أيضاً الإذن حاصل، وربما يقال بعدم الضمان فيهما للإذن فيهما، وفيه: أنّه مقيّد بالكفاية، إلاّ أن يقال: إنّه مقيّد باعتقاد الكفاية وهو حاصل، والأولى الفرق بين الموارد والأشخاص بحسب صدق الغرور وعدمه، أو تقيّد الإذن وعدمه، والأحوط مراعاة الاحتياط.
[3310] مسألة9 : إذا آجر عبده لعمل فأفسد ففي كون الضمان عليه، أو على العبد يتبع به بعد عتقه، أو في كسبه إذا كان من غير تفريط، وفي ذمّته يتبع به بعد العتق إذا كان بتفريط، أو في كسبه مطلقاً وجوه وأقوال، أقواها الأخير; للنصّ الصحيح(2). هذا في غير الجناية على نفس أو طرف، وإلاّ فيتعلّق برقبته، وللمولى فداؤه بأقلّ الأمرين من الأرش والقيمة.
[3311] مسألة 10 : إذا آجر دابّة لحمل متاع فعثرت وتلف أو نقص لا ضمان على صاحبها، إلاّ إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب.
[3312] مسألة 11 : إذا استأجر سفينة أو دابّة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن صاحبها. نعم، لو اشترط عليه الضمان صحّ; لعموم دليل الشرط وللنصّ.
[3313] مسألة 12 : إذا حمل الدابّة المستأجرة أزيد من المشترط أو المقدار
(1) في الثاني أيضاً لا يكون إذن; لأنّه مبنيّ على الكفاية، كما يدلّ عليه السؤال، والمفروض عدمها، فالظاهر ثبوت الضمان في الصورتين من جهة عدم الإذن، وأمّا قاعدة الغرور فجريانها في المقام مشكل.
(2) لكن مورده ما إذا استهلك مالاً كثيراً آخر، والمفروض في المقام إفساد مورد الإجارة ومقتضى النصّ الحسن الوارد فيه كون الضمان فيه على المولى.

(الصفحة495)

المتعارف مع الإطلاق ضمن تلفها أو عوارها، والظاهر ثبوت اُجرة المثل لا المسمّى مع عدم التلف; لأنّ العقد لم يقع على هذا المقدار من الحمل. نعم، لو لم يكن ذلك على وجه التقييد(1) ثبت عليه المسمّـاة واُجرة المثل بالنسبة إلى الزيادة.
[3314] مسألة 13 : إذا اكترى دابّة فسار عليها زيادة عن المشترط ضمن، والظاهر(2) ثبوت الاُجرة المسمّـاة بالنسبة إلى المقدار المشترط واُجرة المثل بالنسبة إلى الزائد.
[3315] مسألة 14 : يجوز لمن استأجر دابّة للركوب أو الحمل أن يضربها إذا وقفت على المتعارف، أو يكبحها باللجام أو نحو ذلك على المتعارف، إلاّ مع منع المالك(3) من ذلك أو كونه معها وكان المتعارف سوقه هو، ولو تعدّى عن المتعارف أو مع منعه(4) ضمن نقصها أو تلفها، أمّا في صورة الجواز ففي ضمانه مع عدم التعدّي إشكال، بل الأقوى العدم; لأنّه مأذون فيه(5).
[3316] مسألة 15 : إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن إلاّ مع التقصير في الحفظ ولو لغلبة النوم عليه، أو مع اشتراط الضمان، وهل يستحقّ الاُجرة مع السرقة؟ الظاهر لا; لعدم حصول العمل المستأجر عليه، إلاّ أن يكون متعلّق
(1) إن كان المراد بالتقييد هو كون مورد الإجارة هو الحمل المقيّد بشرط لا عن الزيادة فحكمه حكم المتباينين، وسيجيء. وإن كان المراد به كون حمل مقدار معيّن مأخوذاً بنحو وحدة المطلوب في مقابل الاشتراط الذي يكون مأخوذاً بنحو التعدّد، فالفرق بينهما من هذه الجهة غير واضح، بل الظاهر ثبوت المسمّى واُجرة المثل في كلتا الصورتين.
(2) حكم هذه المسألة حكم المسألة المتقدّمة، ولا وجه للإطلاق هنا مع التفصيل هناك.
(3) بشرط كونه في ضمن العقد لا مطلقاً.
(4) بالشرط المذكور.
(5) أي ولو كان الطريق إلى ثبوته والكاشف عن تحقّقه مجرّد التعارف.

(الصفحة496)

الإجارة الجلوس عنده وكان الغرض هو الحفظ، لا أن يكون هو المستأجر عليه.
[3317] مسألة 16 : صاحب الحمّام لايضمن الثياب إلاّ إذا أودع وفرّط أو تعدّى، وحينئذ يشكل صحّة اشتراط الضمان أيضاً; لأنّه(1) أمين محض، فإنّه إنّما أخذ الاُجرة على الحمّام ولم يأخذ على الثياب. نعم، لو استؤجر مع ذلك للحفظ أيضاً ضمن مع التعدّي أو التفريط، ومع اشتراط الضمان أيضاً; لأنّه حينئذ يأخذ الاُجرة على الثياب أيضاً، فلايكون أميناً محضاً.

فصل
[في الإجارة الثانية]

يكفي في صحّة الإجارة كون المؤجر مالكاً للمنفعة، أو وكيلاً عن المالك لها، أو وليّاً عليه; وإن كانت العين للغير، كما إذا كانت مملوكة بالوصيّة أو بالصلح أو بالإجارة، فيجوز للمستأجر أن يؤجرها من المؤجر أو من غيره، لكن في جواز تسليمه العين إلى المستأجر الثاني بدون إذن المؤجر إشكال(2)، فلو استأجر دابّة للركوب أو لحمل المتاع مدّة معيّنة فآجرها في تلك المدّة أو في بعضها من آخر يجوز، ولكن لايسلّمها إليه بل يكون هو معها، وإن ركبها ذلك الآخر أو حمّلها متاعه، فجواز الإجارة لايلازم تسليم العين بيده، فإن سلّمها بدون إذن المالك ضمن. هذا إذا كانت الإجارة الاُولى مطلقة، وأمّا إذا كانت مقيّدة; كأن استأجر
(1) تعليل للإشكال في صحّة اشتراط الضمان في صورة الإيداع، وقوله(قدس سره): فإنّه إلخ متمّم للتعليل، لكن في النصّ قد جعل ذلك علّة لعدم ثبوت الضمان على صاحب الحمّام مطلقاً، مضافاً إلى أنّ اشتراط الضمان في الوديعة جائز عنده.
(2) والظاهر هو الجواز، ويتبعه عدم الضمان لو تلف عند الثاني من دون تعدّ وتفريط.

(الصفحة497)

الدابّة لركوبه نفسه(1)، فلايجوز إجارتها من آخر، كما أنّه إذا اشترط المؤجر عدم إجارتها من غيره أو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه لنفسه كذلك أيضاً; أي لايجوز إجارتها من الغير.
نعم، لو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه ولم يشترط كونها لنفسه جاز أيضاً إجارتها من الغير بشرط أن يكون هو المباشر للاستيفاء لذلك الغير، ثمّ لو خالف وآجر في هذه الصور، ففي الصورة الاُولى ـوهي ما إذا استأجر الدابّة لركوبه نفسهـ بطلت; لعدم كونه مالكاً إلاّ ركوبه نفسه، فيكون المستأجر الثاني ضامناً لاُجرة المثل للمالك إن استوفى المنفعة، وفي الصورة الثانية والثالثة في بطلان الإجارة وعدمه وجهان(2) مبنيّان على أنّ التصرّف المخالف للشرط باطل لكونه مفوّتاً لحقّ الشرط، أولا، بل حرام وموجب للخيار، وكذا في الصورة الرابعة إذا لم يستوف هو بل سلّمها إلى ذلك الغير.
[3318] مسألة 1 : يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقلّ ممّا استأجر، وبالمساوي له مطلقاً أيّ شيء كانت بل بأكثر منه أيضاً إذا أحدث فيها حدثاً، أو كانت الاُجرة من غير جنس الاُجرة
(1) في صحّة هذا النحو من الإجارة بناءً على ما هو المعروف عندهم في معنى الاجارة من كونها عبارة عن تمليك المنفعة إشكال; لعدم بقاء الفرق حينئذ بينها وبين العارية المتقوّمة بملك الانتفاع، فلا فرق عليه بين الدابّة المستأجرة المفروضة وبين الدابّة المستعارة، وكذا اشتراط عدم الإجارة من الغير إذا لم يكن الغرض عدم النقل بعنوان الإجارة فقط، ولم يكن المراد من الغير غير المؤجر، بل أعمّ منه ومن غير المستأجر، وكذا اشتراط استيفاء المنفعة بنفسه لنفسه، فإنّ الصحّة في جميع الصور الثلاثة على المذهب المشهور في معنى الإجارة مشكلة.
(2) أوجههما الأوّل لا لما أفاده من التعليل بل لصحيح عليّ بن جعفر(عليه السلام) على ما يقتضيه التأمّل فيه.

(الصفحة498)

السابقة، بل مع عدم الشرطين أيضاً فيما عدا البيت والدار والدكّان والأجير، وأمّا فيها فإشكال(1)، فلايترك الاحتياط بترك إجارتها بالأكثر، بل الأحوط إلحاق الرحى والسفينة بها أيضاً في ذلك، والأقوى جواز ذلك مع عدم الشرطين في الأرض على كراهة; وإن كان الأحوط الترك فيها أيضاً، بل الأحوط الترك في مطلق الأعيان إلاّ مع إحداث حدث فيها، هذا. وكذا لايجوز أن يؤجر بعض أحد الأربعة المذكورة بأزيد من الاُجرة، كما إذا استأجر داراً بعشرة دنانير وسكن بعضها وآجر البعض الآخر بأزيد من العشرة، فإنّه لايجوز بدون إحداث حدث(2)، وأمّا لو آجر بأقلّ من العشرة فلا إشكال، والأقوى الجواز بالعشرة أيضاً، وإن كان الأحوط تركه.
[3319] مسألة 2 : إذا تقبّل عملاً من غير اشتراط المباشرة ولا مع الانصراف إليها يجوز أن يوكّله إلى عبده أو صانعه أو أجنبي، ولكن الأحوط عدم تسليم متعلّق العمل كالثوب ونحوه إلى غيره من دون إذن المالك، وإلاّ ضمن(3)، وجواز الإيكال لايستلزم جواز الدفع، كما مرّ نظيره في العين المستأجرة، فيجوز له استئجار غيره لذلك العمل بمساوي الاُجرة التي قرّرها في إجارته أو أكثر، وفي جواز استئجار الغير بأقلّ من الاُجرة إشكال، إلاّ أن يحدث حدثاً أو يأتي ببعض، فلو آجر نفسه لخياطة ثوب بدرهم يشكل استئجار غيره لها بأقلّ منه، إلاّ أن يفصله أو يخيط شيئاً منه ولو قليلاً، بل يكفي(4) أن يشتري الخيط أو الإبرة في جواز الأقلّ، وكذا لو آجر نفسه لعمل صلاة سنة أو صوم شهر بعشرة دراهم مثلا
(1) بل الأقوى عدم الجواز.
(2) أو الشرط الآخر المتقدّم.
(3) قد عرفت جواز التسليم وعدم ثبوت الضمان.
(4) الظاهر عدم كفاية مثل ذلك بمجرّده.

(الصفحة499)

في صورة عدم اعتبار المباشرة يشكل استئجار غيره بتسعة مثلا، إلاّ أن يأتي بصلاة واحدة أو صوم يوم واحد مثلا.
[3320] مسألة 3 : إذا استؤجر لعمل في ذمّته لا بشرط المباشرة يجوز تبرّع الغير عنه، وتفرغ ذمّته بذلك، ويستحقّ الاُجرة المسمّـاة. نعم، لو أتى بذلك العمل المعيّن غيره لابقصد التبرّع عنه لايستحقّ الاُجرة المسمّـاة، وتنفسخ الإجارة حينئذ لفوات المحلّ، نظير ما مرّ سابقاً من الإجارة على قلع السنّ فزال ألمه، أو لخياطة ثوب فسرق أو حرق.
[3321] مسألة 4 : الأجير الخاصّ ـ وهو من آجر نفسه على وجه يكون جميع منافعه للمستأجر في مدّة معيّنة، أو على وجه تكون منفعته الخاصّة كالخياطة مثلا له، أو آجر نفسه لعمل مباشرة(1) مدّة معيّنة، أو كان اعتبار المباشرة أو كونها في تلك المدّة أو كليهما على وجه الشرطيّة(2) لا القيديّة ـ لايجوز له أن يعمل في تلك المدّة لنفسه أو لغيره بالإجارة أو الجعالة أو التبرّع عملاً ينافي حقّ المستأجر إلاّ مع إذنه، ومثل تعيين المدّة تعيين أوّل زمان العمل بحيث لايتوانى فيه إلى الفراغ. نعم، لابأس بغير المنافي، كما إذا عمل البنّاء لنفسه أو لغيره في الليل، فإنّه لا مانع منه إذا لم يكن موجباً لضعفه في النهار، ومثل إجراء عقد أو إيقاع أو تعليم أو تعلّم في أثناء الخياطة ونحوها; لانصراف المنافع عن مثلها.
هذا، ولو خالف وأتى بعمل مناف لحقّ المستأجر، فإن كانت الإجارة على الوجه الأوّل; بأن يكون جميع منافعه للمستأجر وعمل لنفسه في تمام المدّة أو
(1) أي بنحو التقييد.
(2) لكنّه ليس من مصاديق الأجير الخاص، وإن كان مماثلاً له باعتبار الحكم بعدم الجواز المذكور في المتن، ومنه يعلم أنّ المراد بالجواز هو الجواز التكليفي لا الوضعي.

(الصفحة500)

بعضها، فللمستأجر أن يفسخ ويسترجع تمام الاُجرة المسمّـاة أو بعضها(1)، أو يبقيها ويطالب عوض الفائت(2) من المنفعة بعضاً أو كلاّ، وكذا إن عمل للغير تبرّعاً. ولايجوز له على فرض عدم الفسخ مطالبة الغير المتبرّع له بالعوض، سواء كان جاهلاً بالحال أو عالماً; لأنّ المؤجر هو الذي أتلف المنفعة عليه دون ذلك الغير، وإن كان ذلك الغير آمراً(3) له بالعمل، إلاّ إذا فرض على وجه يتحققّ معه صدق الغرور(4)، وإلاّ فالمفروض أنّ المباشر للإتلاف هو المؤجر، وإن كان عمل للغير بعنوان الإجارة أو الجعالة فللمستأجر أن يجيز ذلك، ويكون له الاُجرة المسمّـاة في تلك الإجارة أو الجعالة، كما أنّ له الفسخ والرجوع إلى الاُجرة المسمّـاة، وله الإبقاء ومطالبة(5) عوض المقدار الذي فات، فيتخيّر بين الاُمور الثلاثة.
وإن كانت الإجارة على الوجه الثاني ـوهو كون منفعته الخاصّة للمستأجرـ فحاله كالوجه الأوّل، إلاّ إذا كان العمل للغير على وجه الإجارة أو الجعالة ولم يكن
(1) يشكل هذا لاستلزامه التبعيض في الخيار.
(2) التعبير بالفوت إنّما يلائم مع تعيين المنفعة عليه من قبل المستأجر; بأن عيّن له خياطة ثوبه مثلاً فخالف وعمل عملاً لنفسه، وأمّا مع عدم التعيين فلا يصدق عنوان «الفوت» وعليه فالمراد بعوض الفائت هو اُجرة مثل العمل الذي عمله لنفسه، وفي الصورة الاُولى يكون المراد به هو عوض المنفعة المعيّنة، ولا يبعد جواز رجوعه إلى اُجرة مثل العمل الذي عمله أيضاً.
(3) لا يبعد جواز الرجوع إلى المستوفي إذا كان آمراً كما هو المفروض.
(4) كما إذا ادّعى الغير الوكالة من قبل المستأجر والاستئذان عنه في استيفاء منفعة الأجير وكان الأجير معتقداً بصدقه ثمّ انكشف الخلاف بعد الاستيفاء لكن صدق الغرور لا يصحّح الاستثناء; لأنّ الذي يرجع إلى الغارّ إنّما هو المغرور لا المستأجر كما هو المدّعى.
(5) قد مرّ أنّ مطالبة عوض المقدار الذي فات لا تنافي جواز رجوعه إلى اُجرة مثل العمل الذي عمله لا للمستأجر، فلا يبعد جواز رجوعه إلى اُجرتين.
<<التالي الفهرس السابق>>