في:  
                       
 
 
 

من حياة سماحته قائمة المؤلفات الأحکام و الفتاوى الأسئلة العقائدية نداءات سماحته  الصور  لقاءات و زيارات
المکتبة الفقهية المختصة الصفحة الخاصة المواقع التابعة أخبار المكاتب وعناوينها الدروس المناسبات القرآن والمناجات

<<التالي الفهرس السابق>>



(الصفحة461)

منها بقي على الإحرام ويجب الذهاب إلى الحجّ، فإن فات منه الحجّ يأتي بأعمال العمرة المفردة ويتحلّل، ولو خاف في المفروض عدم إدراك الحجّ لا يتحلّل بعمل المصدود، بل لابدّ من الإدامة، ويتحلّل بعد حصول الفوت بعمل العمرة المفردة.
مسألة 6: يتحقّق الصدّ عن الحجّ; بأن لا يدرك لأجله الوقوفين، لا اختياريّهما ولا اضطراريّهما، بل يتحقّق بعدم إدراك ما يفوت الحجّ بفوته ولو عن غير علم وعمد، بل الظاهر تحقّقه بعد الوقوفين بمنعه عن أعمال منى ومكّة أو أحدهما(1) ولم يتمكّن من الاستنابة. نعم، لو أتى بجميع الأعمال ومنع عن الرجوع إلى منىللمبيت وأعمال أيّام التشريق لا يتحقّق به الصدّ وصحّ حجّه، ويجب عليه الاستنابة للأعمال من عامه، ولو لم يتمكّن ففي العام القابل.
مسألة 7: المصدود عن العمرة أو الحج لو كان ممّن استقرّ عليه الحج، أو كان مستطيعاً في العام القابل يجب عليه الحج، ولا يكفي التحلّل المذكور عن حجّة الإسلام.
مسألة 8: المصدود جاز له التحلّل بما ذكر ولو مع رجاء(2) رفع الصدّ.
مسألة 9: من أحرم للعمرة ولم يتمكّن بواسطة المرض من الوصول إلى مكّة لو أراد التحلّل لابدّ من الهدي، والأحوط(3) إرسال الهدي أو ثمنه بوسيلة أمين إلى مكّة، ويواعده أن يذبحه أو ينحره في يوم معيّن وساعة معيّنة، فمع بلوغ الميعاد يقصّر فيتحلّل من كلّ شيء إلاّالنساء، والأحوط(4) أن يقصد النائب عند الذبح تحلّل المنوب عنه.

(1) في جريان حكم المصدود في الممنوع عن أعمال منى فقط إشكال.
(2) مشكل في بعض الفروض.
(3) وإن كان الأظهر في خصوص العمرة المفردة جواز الذبح في مكانه أيضاً.
(4) الأولى.

(الصفحة462)

مسألة 10: لو أحرم بالحجّ ولم يتمكّن بواسطة المرض عن الوصول إلى عرفات والمشعر وأراد التحلّل يجب عليه الهدي، والأحوط(1) بعثه أو بعث ثمنه
إلى منى للذبح وواعد أن يذبح يوم العيد بمنى، فإذا ذبح يتحلّل من كلّ شيء إلاّ
النساء.
مسألة 11: لو كان عليه حجّ واجب فحصر بمرض لم يتحلّل من النساء إلاّ أن يأتي بأعمال الحجّ وطواف النساء في القابل، ولو عجز عن ذلك لا يبعد كفاية الاستنابة، ويتحلّل بعد عمل النائب، ولو كان حجّه مستحبّاً لا يبعد كفاية الاستنابة لطواف النساء في التحلّل عنها، والأحوط(2) إتيانه بنفسه.
مسألة 12: لو تحلّل المصدود في العمرة وأتى النساء ثمّ بان عدم الذبح في اليوم الموعود لا إثم عليه ولا كفّارة، لكن يجب(3) إرسال الهدي أو ثمنه ويواعد ثانياً، ويجب عليه الاجتناب من النساء، والأحوط لزوماً الاجتناب من حين كشف الواقع، وإن احتمل لزومه من حين البعث.
مسألة 13: يتحقّق الحصر بما يتحقق به الصدّ.
مسألة 14: لو برأ المريض وتمكّن من الوصول إلى مكّة بعد إرسال الهدي أو ثمنه وجب عليه الحج، فإن كان محرماً بالتمتع وأدرك الأعمال فهو، وإن ضاق الوقت عن الوقوف بعرفات بعد العمرة يحج إفراداً، والأحوط نيّة العدول إلى الإفراد، ثمّ بعد الحج يأتي بالعمرة المفردة ويجزئه عن حجّة الإسلام، ولو وصل إلى مكّة في وقت لم يدرك اختياريّ(4) المشعر تتبدّل عمرته بالمفردة، والأحوط قصد العدول
(1) بل الأقوى.
(2) لا يترك.
(3) مرّ جواز الذبح في مكانه في المصدود.
(4) مرّ أنّ إدراك اضطراري المشعر النهاري وحده كاف في الصحّة.

(الصفحة463)

ويتحلّل، ويأتي بالحج الواجب في القابل مع(1) حصول الشرائط، والمصدود كالمحصور في ذلك.
مسألة 15: لا يبعد(2) إلحاق غير المتمكّن كالمعلول والضعيف بالمريض في الأحكام المتقدّمة، ولكن المسألة مشكلة، فالأحوط(3) بقاؤه على إحرامه إلى أن يفيق، فإن فات الحجّ منه يأتي بعمرة مفردة ويتحلّل، ويجب عليه الحجّ مع حصول الشرائط في القابل.
مسألة 16: الأحوط أن يكون يوم الميعاد في إحرام عمرة التمتّع قبل خروج الحاجّ إلى عرفات، وفي إحرام الحج يوم العيد.


(1) أو كون الحجّ مستقرّاً عليه في السابق.
(2) وهو الظاهر.
(3) الأولى.

(الصفحة464)






(الصفحة465)



بسم الله الرحمن الرحيم


كتاب الإجارة




وهي تمليك(1) عمل أو منفعة بعوض، ويمكن أن يقال: إنّ حقيقتها التسليط على عين للانتفاع بها بعوض، وفيه فصول:

فصل
في أركانها


وهي ثلاثة:
الأوّل : الإيجاب والقبول، ويكفي فيهما كلّ لفظ دالّ على المعنى المذكور،
(1) الظاهر أنّ حقيقتها بمعناها الاصطلاحي ـ لا اللغوي الذي هو عبارة عن الاُجرة وكري الأجيركماعن الأكثر، أو المعنىالمصدريكما عننجمالأئمّةـماأفادهسيّدناالعلاّمة الاُستاذ البروجردي(قدس سره) فيحاشية الكتاب، وهذهعبارته: «إنّ الإجارة بمعناها الاسميإضافة خاصّة يعتبرها العقلاء في العين المستأجرة بالنسبة إلى المستأجر، مستتبعة لملكه أو استحقاقه لمنفعتها أو عملها، أو لتسلّطه عليها بتلك الجهة، ولذلك لا تستعمل إلاّ متعلّقة بالعين».

(الصفحة466)

والصريح منه آجرتك أو أكريتك الدار مثلا، فيقول: قبلت، أو استأجرت، أو
استكريت، ويجري فيها المعاطاة(1) كسائر العقود، ويجوز أن يكون الإيجاب بالقول والقبول بالفعل، ولايصحّ أن يقول في الإيجاب: بعتك الدار مثلا، وإن قصد الإجارة. نعم، لو قال: بعتك منفعة الدار، أو سكنى الدار مثلا بكذا لايبعد صحّته إذا قصد الإجارة.
الثاني : المتعاقدان، ويشترط فيهما البلوغ والعقل والاختيار وعدم الحجر(2); لفلس أو سفه أو رقّيّة.
الثالث : العوضان، ويشترط فيهما اُمور:
الأوّل: المعلوميّة، وهي في كلّ شيء بحسبه بحيث لايكون هناك غرر(3)، فلو آجره داراً أو حماراً من غير مشاهدة ولا وصف رافع للجهالة بطل، وكذا لو جعل العوض شيئاً مجهولاً.
الثاني: أن يكونا مقدوري التسليم، فلا تصحّ إجارة العبد الآبق، وفي كفاية ضمّ الضميمة هنا كما في البيع إشكال.
الثالث: أن يكونا مملوكين، فلا تصحّ إجارة مال الغير ولا الإجارة بمال الغير إلاّ مع الإجازة من المالك.

(1) لكن تحقّقها في إجارة الأعيان المملوكة بإعطاء العين من طرف المؤجر والاُجرة من طرف المستأجر، وفي إجارة الحرّ بشروعه في العمل بعنوان الإجارة وإعطاء الاُجرة من طرف الآخر، أو بتسليم نفسه للعمل بهذا العنوان وإن لم يعمل بعد كذلك، وأمّا تحقّقها في هذا القسم بمجرّد إعطاء الاُجرة وأخذها ففيه إشكال، وإن كان لا يبعد صحّته أيضاً كما في المعاطاة في بيع النسيئة أو السلم.
(2) إلاّ مع إجازة من له حقّها.
(3) أي جهالة، وأمّا لو كان المراد منه هو الخطر الذي يكون الجهل أعمّ منه، فلا دليل على اختصاص البطلان به.

(الصفحة467)

الرابع: أن تكون عين المستأجرة ممّا يمكن الانتفاع بها مع بقائها، فلا تصحّ إجارة الخبز للأكل مثلا، ولا الحطب للإشعال وهكذا.
الخامس: أن تكون المنفعة مباحة، فلا تصحّ إجارة المساكن لإحراز المحرّمات أو الدكاكين لبيعها، أو الدوابّ لحملها، أو الجارية للغناء، أو العبد لكتابة الكفر ونحو ذلك، وتحرم الاُجرة عليها.
السادس: أن تكون العين ممّا يمكن استيفاء المنفعة المقصودة بها، فلا تصحّ إجارة أرض للزراعة إذا لم يمكن إيصال الماء إليها مع عدم إمكان الزراعة بماء السماء، أو عدم كفايته.
السابع :(1) أن يتمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة، فلا تصحّ إجارة الحائض لكنس المسجد مثلا.
[3258] مسألة 1 : لا تصحّ الإجارة إذا كان المؤجر أو المستأجر مكرهاً عليها إلاّ مع الإجازة اللاحقة، بل الأحوط عدم الاكتفاء بها، بل تجديد العقد إذا رضيا. نعم، تصحّ مع الاضطرار، كما إذا طلب منه ظالم مالاً فاضطرّ إلى إجارة دار سكناه لذلك، فإنّها تصحّ حينئذ، كما أنّه إذا اضطرّ إلى بيعها صحّ.
[3259] مسألة 2 : لا تصحّ إجارة المفلس ـ بعد الحجر عليه ـ داره أو عقاره. نعم، تصحّ إجارته نفسه لعمل أو خدمة، وأمّا السفيه فهل هو كذلك; أي تصحّ إجارة نفسه للاكتساب مع كونه محجوراً عن إجارة داره مثلا أو لا ؟ وجهان(2); من كونه من التصرّف المالي وهو محجور، ومن أنّه ليس تصرّفاً في ماله الموجود،
(1) لا دليل على اشتراط هذا الأمر بعد كون العين ممّا يمكن استيفاء المنفعة المقصودة منها، والبطلان في الصورة المفروضة لأجل عدم كون المنفعة مباحة، لا لأجل عدم تمكّن المستأجر.
(2) والظاهر هو الوجه الأوّل، خصوصاً إذا كان كسوباً.

(الصفحة468)

بل هو تحصيل للمال ولاتعدّ منافعه من أمواله، خصوصاً إذا لم يكن كسوباً، ومن هنا يظهر النظر فيما ذكره بعضهم من حجر السفيهة من تزويج نفسها، بدعوى أنّ منفعة البضع مال، فإنّه أيضاً محلّ إشكال(1).
[3260] مسألة 3 : لايجوز للعبد أن يؤجر نفسه أو ماله أو مال مولاه إلاّ بإذنه أو إجازته.
[3261] مسألة 4 : لابدّ من تعيين العين المستأجرة، فلو آجره أحد هذين العبدين أو إحدى هاتين الدارين لم يصحّ(2)، ولابدّ أيضاً من تعيين نوع المنفعة إذا كانت للعين منافع متعدّدة. نعم، تصحّ إجارتها بجميع منافعها مع التعدّد، فيكون المستأجر مخيّراً(3) بينها.
[3262] مسألة 5 : معلوميّة المنفعة إمّا بتقدير المدّة كسكنى الدار شهراً(4) والخياطة يوماً، أو منفعة ركوب الدابّة إلى زمان كذا، وإمّا بتقدير العمل كخياطة الثوب المعلوم طوله وعرضه ورقّته وغلظته، فارسيّة أو روميّة، من غير تعرّض للزمان. نعم، يلزم(5) تعيين الزمان الواقع فيه هذا العمل، كأن يقول: إلى يوم
(1) أي مع قطع النظر عن النصّ والإجماع، بل الضرورة كما ادّعيا، وأمّا مع ملاحظتها فلا ينبغي الإشكال في البطلان بدون إذن الولي.
(2) إذا كانا مختلفين في الأوصاف الموجبة لتفاوت الرغبات، وأمّا مع التساوي من جميع هذه الجهات فلا يبعد الحكم بالصحّة.
(3) أي مع التضادّ، وبدونه يجوز له الجمع، بل في صورة التضادّ أيضاً يمكن الجمع بلحاظ إجزاء المدّة المضروبة.
(4) أي شهراً معلوماً بالتعيين أو الإطلاق المنصرف إلى الاتّصال، وأمّا معلومية الدار فاعتبارها مستفاد من المسألة الرابعة.
(5) مع اختلاف أغراض العقلاء الناشئ من اختلاف الرغبات والمالية حسب الأزمنة المختلفة.

(الصفحة469)

الجمعة مثلا، وإن أطلق(1) اقتضى التعجيل على الوجه العرفي، وفي مثل استئجار
الفحل للضراب يعيّن بالمرّة والمرّتين ولو قدّر المدّة والعمل على وجه التطبيق، فإن علم سعة الزمان له صحّ، وإن علم عدمها بطل، وإن احتمل الأمران ففيه قولان(2).
[3263] مسألة 6 : إذا استأجر دابّة للحمل عليها لابدّ من تعيين ما يحمل عليها بحسب الجنس إن كان يختلف الأغراض باختلافه، وبحسب الوزن ولو بالمشاهدة والتخمين إن ارتفع به الغرر، وكذا بالنسبة إلى الركوب لابدّ من مشاهدة الراكب أو وصفه، كما لابدّ من مشاهدة الدابّة أو وصفها حتّى الذكوريّة والاُنوثيّة إن اختلفت الأغراض بحسبهما. والحاصل أنّه يعتبر تعيين الحمل والمحمول عليه، والراكب والمركوب عليه من كلّ جهة يختلف غرض العقلاء باختلافها.
[3264] مسألة 7 : إذا استأجر الدابّة لحرث جريب معلوم فلابدّ من مشاهدة الأرض أو وصفها على وجه يرتفع الغرر.
[3265] مسألة 8 : إذا استأجر دابّة للسفر مسافة لابدّ(3) من بيان زمان السير من ليل أو نهار، إلاّ إذا كان هناك عادة متّبعة.
[3266] مسألة 9 : إذا كانت الاُجرة ممّا يكال أو يوزن لابدّ من تعيين كيلها أو وزنها ولاتكفي المشاهدة، وإن كانت ممّا يعدّ لابدّ من تعيين عددها، وتكفي المشاهدة فيما يكون اعتباره بها.

(1) لا يجتمع الحكم بلزوم التعيين مع الحكم بصحّة الإطلاق وحمله على التعجيل، فإنّ مقتضى لزوم تعيين المدّة البطلان مع الإطلاق، فكيف يجتمع مع الحكم بالصحّة.
(2) والظاهر هو البطلان; من دون فرق بين أن يكون التطبيق ملحوظاً ابتداءً وانتهاءً، أو بالإضافة إلى خصوص أحدهما، ومن دون فرق أيضاً بين أن يكون الزمان في الفروض الثلاثة مأخوذاً بنحو التقييد أو بنحو الاشتراط.
(3) مع اختلاف الأغراض.

(الصفحة470)

[3267] مسألة 10 : ما كان معلوميّته بتقدير المدّة لابدّ من تعيينها شهراً أو سنة أو نحو ذلك، ولو قال: آجرتك إلى شهر أو شهرين بطل، ولو قال: آجرتك كلّ شهر بدرهم مثلا، ففي صحّته مطلقاً، أو بطلانه مطلقاً، أو صحّته في شهر وبطلانه في الزيادة، فإن سكن فاُجرة المثل بالنسبة إلى الزيادة، أو الفرق بين التعبير المذكور، وبين أن يقول: آجرتك شهراً بدرهم فإن زدت فبحسابه، بالبطلان فيالأوّل والصحّة في شهر في الثاني أقوال: أقواها الثاني(1)، وذلك لعدم تعيين المدّة الموجب لجهالة الاُجرة بل جهالة المنفعة أيضاً; من غير فرق بين أن يعيّن المبدأ أو لا، بل على فرض عدم تعيين المبدأ يلزم جهالة اُخرى، إلاّ أن يقال: إنّه حينئذ ينصرف إلى المتّصل بالعقد. هذا إذا كان بعنوان الإجارة، وأمّا إذا كان بعنوان الجعالة(2) فلامانع منه; لأنّه يغتفر فيها مثل هذه الجهالة، وكذا إذا كان بعنوان الإباحة بالعوض.
[3268] مسألة 11 : إذا قال: إن خطت هذا الثوب فارسيّاً ـ أي بدرز ـ فلك درهم، وإن خطّته روميّاً ـ أي بدرزين ـ فلك درهمان، فإن كان بعنوان الإجارة
(1) بل الأقوى الأوّل، وهي الصحّة مطلقاً في كلا التعبيرين، غاية الأمر أنّ استحقاق اُجرة ما زاد على الشهر في الأوّل على تقدير السكونة إنّما يكون بنفس الإجارة، وفي الثاني بالشرط الواقع في ضمنها، ولا دليل على قدح هذا المقدار من الجهالة في الإجارة، وسائر وجوه البطلان غير تامّ أيضاً.
(2) ظاهره أنّ الجاعل هو مالك العين، ولذا أورد عليه بأنّه لا معنى للجعالة هنا، فإنّ الجعالة هي جعل شيء على نفسه لمن يعمل عملاً له، وهاهنا جعل شيئاً لنفسه على من يستوفي منفعة ملكه، ويمكن أن يكون الجاعل هو الساكن والاُجرة مجعولة في مقابل السكنى أو الإسكان، كما أنّه يمكن أن يكون الجاعل هو المالك، بأن يقول: من دفع إليّ درهماً من المال فله استيفاء منفعة الدار شهراً مثلاً، ولا يرد عليه ما أُورد، ولكن مع ذلك كلّه الحكم بجريان الجعالة في مثل المقام مشكل.

(الصفحة471)

بطل(1) لما مرّ من الجهالة، وإن كان بعنوان الجعالة كما هو ظاهر العبارة صحّ(2)، وكذا الحال إذا قال: إن عملت العمل الفلاني في هذا اليوم فلك درهمان، وإن عملته في الغد فلكدرهم، والقولبالصحّةإجارةفيالفرضينضعيف،وأضعفمنهالقول بالفرق بينهما بالصحّة في الثاني دون الأوّل، وعلى ما ذكرناه من البطلان فعلى تقدير العمل يستحقّ اُجرة المثل، وكذا في المسألة السابقة إذا سكن الدار شهراً أو أقلّ أو أكثر.
[3269] مسألة 12 : إذا استأجره أو دابّته ليحمله أو يحمل متاعه إلى مكان معيّن في وقت معيّن باُجرة معيّنة; كأن استأجر منه دابّة لإيصاله إلى كربلاء قبل ليلة النصف من شعبان ولم يوصله، فإن كان ذلك لعدم سعة الوقت وعدم إمكان الإيصال فالإجارة باطلة(3)، وإن كان الزمان واسعاً ومع هذا قصّر(4) ولم يوصله، فإن كان ذلك على وجه العنوانيّة والتقييد لم يستحقّ شيئاً من الاُجرة; لعدم العمل بمقتضى الإجارة أصلاً، نظير ما إذا استأجره ليصوم يوم الجمعة فاشتبه وصام يوم السبت. وإن كان ذلك على وجه الشرطيّة; بأن يكون متعلّق الإجارة(5) الإيصال
(1) الظاهر هو الصحّة هنا وفي الفرض الآتي، والاستناد في البطلان إلى الجهالة ممّا لا وجه له، بعد كون المانع في المقام على تقدير المانعية هو الإبهام والترديد لا الجهل وعدم العلم، ولم ينهض دليل عليها.
(2) كما أنّه يصحّ بنحو إجارة واشتراط; بأن يستأجره للخياطة بدرز واحد بدرهم، واشترط عليه أنّه إن زاد درزاً آخر استحقّ درهماً آخر.
(3) إذا كان الإيصال في ذلك الوقت مأخوذاً بنحو العنوانية والتقييد، وأمّا إذا كان مأخوذاً بنحو الاشتراط فالبطلان عارض للشرط خاصّة.
(4) أو لم يتحقّق الإيصال ولو اتّفاقاً من دون تقصير، كما يظهر من الفرض الذي جعله نظيراً للمقام.
(5) التعبير بالمتعلّق لا يخلو من المسامحة، فإنّ متعلّقها هو الشخص أو الدابّة، والإيصال إنّما هو الغرض والمقصود.

(الصفحة472)

إلىكربلاء، ولكن اشترط عليه الإيصال في ذلك الوقت فالإجارة صحيحة
والاُجرة المعيّنة لازمة، لكن له خيار الفسخ من جهة تخلّف الشرط، ومعه يرجع إلى اُجرة المثل.
ولو قال : وإن لم توصلني في وقت كذا فالاُجرة كذا أقلّ ممّا عيّن أوّلاً، فهذا أيضاً قسمان: قد يكون ذلك بحيث يكون كلتا الصورتين من الإيصال في ذلك الوقت وعدم الإيصال فيه مورداً للإجارة، فيرجع إلى قوله: آجرتك باُجرة كذا إن أوصلتك في الوقت الفلاني، وباُجرة كذا إن لم أوصلك في ذلك الوقت، وهذا باطل(1) للجهالة، نظير ما ذكر في المسألة السابقة من البطلان إن قال: إن عملت في هذا اليوم فلك درهمان الخ، وقد يكون مورد الإجارة هو الإيصال في ذلك الوقت، ويشترط عليه أن ينقص من الاُجرة كذا على فرض عدم الإيصال، والظاهر الصحّة في هذه الصورة; لعموم «المؤمنون عند شروطهم» وغيره، مضافاً إلى صحيحة(2) محمّد الحلبي.
ولو قال: إن لم توصلني فلا اُجرة لك، فإن كان على وجه الشرطيّة; بأن يكون متعلّق الإجارة هو الإيصال الكذائي فقط واشترط عليه عدم الاُجرة على تقدير
المخالفة صحّ، ويكون الشرط المذكور مؤكّداً لمقتضى العقد، وإن كان على وجه القيديّة; بأن جعل كلتا الصورتين مورداً للإجارة إلاّ أنّ في الصورة الثانية بلا اُجرة
(1) قد عرفت أنّ الأقوى الصحّة، والجهالة بمعنى الإبهام لا دليل على قدحها.
(2) مورد صحيحة الحلبي ما إذا استأجر الإبل لحمل متاعه إلى موضع معيّن مع شرط الزمان المعيّن، والحطّ من الكراء لو احتبس عن ذلك مذكور في ضمن الشرط، وعليه فلا ينطبق مع ما هو المفروض في كلامه بعد إلغاء الخصوصية; لأنّ ظاهر العبارة أنّ مورد الإجارة ليس مجرّد الإيصال بل مقيّداً بذلك الوقت، وعليه فاشتراط النقص مع المخالفة لا يجتمع مع مورد الإجارة، ولعلّ مراده(قدس سره) ما ينطبق على مورد النصّ.

(الصفحة473)

يكون باطلاً(1)، ولعلّ هذه الصورة مراد(2) المشهور القائلين بالبطلان دون الاُولى;
حيث قالوا: ولو شرط سقوط الاُجرة إن لم يوصله لم يجز.
[3270] مسألة 13 : إذا استأجر منه دابّة لزيارة النصف من شعبان مثلا، ولكن لم يشترط على المؤجر ذلك، ولم يكن على وجه العنوانيّة أيضاً، واتّفق أنّه لم يوصله(3) لم يكن له خيار الفسخ، وعليه تمام المسمّى من الاُجرة، وإن لم يوصله إلى كربلاء أصلاً سقط من المسمّى بحساب ما بقي واستحقّ بمقدار ما مضى، والفرق بين هذه المسألة وما مرّ في المسألة السابقة أنّ الإيصال هنا غرض وداع، وفيما مرّ قيد أو شرط.

فصل
[في أحكام عقد الإجارة]

الإجارة من العقود اللازمة لا تنفسخ إلاّ بالتقايل، أو شرط الخيار لأحدهما، أو كليهما إذا اختار الفسخ. نعم، الإجارة المعاطاتيّة جائزة(4) يجوز لكلّ منهما الفسخ ما لم تلزم بتصرّفهما أو تصرّف أحدهما فيما انتقل إليه.

(1) إنكان منشأ البطلان هو الإبهام فقد عرفت عدم الدليل على قدحه، وإنكان منشؤه كون الإجارة بلا اُجرة، فذلك لا يقتضي بطلان الإجارة الاُولى، المشتملة على الاُجرة أيضاً.
(2) بل الظاهر أنّ مراد المشهور هو الفرض الثالث، الذي وقع التعرّض له في النصّ; وهو ما لوكان الزمان المعيّن مأخوذاً بنحوالاشتراط، وسقوط الاُجرة على فرض العدم مذكوراً فيه. غاية الأمر أنّ مفاد النصّ مجرّد بطلان الشرط، وظاهر المشهور بطلان العقد أيضاً.
(3) أي في الوقت الذي يدرك الزيارة المخصوصة.
(4) بل لا يبعد كونها لازمة أيضاً، وعلى تقدير الجواز فالملزم لا ينحصر بالتصرّف، كما أنّ الظاهر عدم كون كلّ تصرّف ملزماً.

(الصفحة474)

[3271] مسألة 1 : يجوز بيع العين المستأجرة قبل تمام مدّة الإجارة، ولا تنفسخ
الإجارة به فتنتقل إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدّة الإجارة. نعم، للمشتري مع جهله بالإجارة خيار فسخ البيع; لأنّ نقص المنفعة عيب(1)، ولكن ليس كسائر العيوب ممّا يكون المشتري معه مخيّراً بين الردّ والأرش، فليس له أن لايفسخ ويطالب بالأرش، فإنّ العيب الموجب للأرش ما كان نقصاً في الشيء في حدّ نفسه; مثل العمى والعرج، وكونه مقطوع اليد أو نحو ذلك، لا مثل المقام الذي العين في حدّ نفسها لا عيب فيها. وأمّا لو علم المشتري أنّها مستأجرة ومع ذلك أقدم على الشراء فليس له الفسخ أيضاً.
نعم، لو اعتقد كون مدّة الإجارة كذا مقداراً فبان أنّها أزيد له الخيار أيضاً،
ولو فسخ المستأجر الإجارة رجعت المنفعة في بقيّة المدّة إلى البائع لا إلى المشتري. نعم، لو اعتقد البائع والمشتري بقاء مدّة الإجارة، وأنّ العين مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا، وتبيّن أنّ المدّة منقضية، فهل منفعة تلك المدّة للبائع، حيث إنّه كأنّه شرط كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا، أو للمشتري; لأنّها تابعة للعين ما لم تفرز بالنقل إلى الغير أو بالاستثناء والمفروض عدمها؟ وجهان، والأقوى الثاني. نعم، لو شرطا(2) كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا بعد اعتقاد بقاء المدّة كان لما ذكر وجه. ثمّ بناءً على ما هو الأقوى من رجوع المنفعة في الصورة السابقة إلى
(1) ظاهره أنّ الخيار هنا خيار العيب، وأنّ عدم ثبوت الأرش إنّما هو لأجل عدم كون كلّ عيب موجباً لثبوته، ولكنّه مخدوش; لأنّ العيب الحقيقي ما كان نقصاً أو زيادة في الخلقة الأصلية، والمفروض عدم ثبوته في المقام، والعيب الحكمي يحتاج إلى الدليل، وعليه فالظاهر ما أفاده في «الجواهر» من كون الخيار في المقام خيار تعذّر التسليم; لاقتضاء إطلاق العقد تعجيل التسليم للانتفاع، وهنا احتمالات اُخر ضعيفة.
(2) كما أنّه لو كان بنحو التوصيف أيضاً يكون كذلك، سواء كان الوصف هي مسلوبية المنفعة في برهة من الزمان، أم كونها مستأجرة.

(الصفحة475)

المشتري فهل للبائع الخيار أو لا؟ وجهان، لايخلو أوّلهما من قوّة(1)، خصوصاً إذا
أوجب ذلك له الغبن.
هذا إذا بيعت العين المستأجرة على غير المستأجر، أمّا لو بيعت عليه ففي انفساخ الإجارة وجهان، أقواهما العدم، ويتفرّع على ذلك اُمور:
منها: اجتماع الثمن والاُجرة عليه حينئذ.
ومنها: بقاء ملكه للمنفعة في مدّة تلك الإجارة لو فسخ البيع بأحد أسبابه، بخلاف ما لو قيل بانفساخ الإجارة.
ومنها: إرث الزوجة من المنفعة في تلك المدّة لو مات الزوج المستأجر بعد شرائه لتلك العين، وإن كانت ممّا لاترث الزوجة منه، بخلاف ما لو قيل بالانفساخ بمجرّد البيع.
ومنها: رجوع المشتري بالاُجرة(2) لو تلف العين بعد قبضها وقبل انقضاء مدّة الإجارة، فإنّ تعذّر استيفاء المنفعة يكشف عن بطلان الإجارة ويوجب الرجوع بالعوض، وإن كان تلف العين عليه.
[3272] مسألة 2 : لو وقع البيع والإجارة في زمان واحد; كما لو باع العين مالكها على شخص وآجرها وكيله على شخص آخر، واتّفق وقوعهما في زمان واحد، فهل يصحّان معاً ويملكها المشتري مسلوبة المنفعة، كما لو سبقت الإجارة، أو يبطلان معاً للتزاحم في ملكيّة المنفعة، أو يبطلان معاً بالنسبة إلى تمليك المنفعة
فيصحّ البيع على أنّها مسلوبة المنفعة تلك المدّة، فتبقى المنفعة على ملك البائع؟
(1) في خصوص ما إذا أوجب الغبن في المعاملة البيعيّة.
(2) أي من حين التلف، وأمّا على الانفساخ فيرجع بالاُجرة من حين البيع الذي هو زمان الانفساخ على هذا القول.

(الصفحة476)

وجوه، أقواها الأوّل; لعدم التزاحم(1)، فإنّ البائع لايملك المنفعة وإنّما يملك العين،
وملكيّة العين توجب ملكيّة المنفعة للتبعيّة وهي متأخّرة عن الإجارة.
[3273] مسألة 3 : لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا بموت المستأجر على الأقوى. نعم، في إجارة العين الموقوفة إذا آجر البطن السابق تبطل بموته بعد الانتقال إلى البطن اللاحق; لأنّ الملكيّة محدودة، ومثله ما لو كانت المنفعة موصىبها للمؤجر ما دام حيّاً، بخلاف ما إذا كان المؤجر هو المتولّي للوقف وآجر لمصلحة البطون إلى مدّة، فإنّها لا تبطل بموته ولا بموت البطن الموجود حال الإجارة، وكذا تبطل إذا آجر نفسه للعمل بنفسه(2) من خدمة أو غيرها، فإنّه إذا مات لايبقى محلّ للإجارة، وكذا إذا مات المستأجر الذي هو محلّ العمل; من خدمة أو عمل آخر متعلّق به بنفسه، ولو جعل العمل في ذمّته(3) لا تبطل الإجارة بموته بل يستوفى من تركته، وكذا بالنسبة إلى المستأجر إذا لم يكن محلّ للعمل، بل كان مالكاً له على المؤجر، كما إذا آجره للخدمة من غير تقييد بكونها له، فإنّه إذا مات تنتقل إلى وارثه، فهم يملكون عليه ذلك العمل، وإذا آجر الدار واشترط على المستأجر سكناه بنفسه لاتبطل بموته، ويكون للمؤجر خيار الفسخ. نعم، إذا
(1) في التعليل نظر; لأنّ التأخّر على فرضه تأخّر عقليّ لا مساس له بعالم الاعتبار العقلائي، الذي هو الملاك في باب المعاملات، بل علّة صحّة الأمرين عدم المنافاة بين الإضافتين وعدم المعاندة بين الحقيقتين، ولذا تجتمعان في البقاء فيما لو سبق عقد الإجارة على البيع كما مرّ.
هذا، ولكن مقتضى صحّتهما ليس ملكية المشتري للعين مسلوبة المنفعة، بل ملكية المنفعة مردّدة بينهما، ويمكن الرجوع إلى القرعة للتعيين.

(2) مع كون القيد هنا وفي الفرض الآتي دخيلاً في المطلوب الواحد، وأمّا لو كان بنحو تعدّد المطلوب فالإجارة صحيحة، غاية الأمر ثبوت خيار تعذّر الشرط.
(3) من دون اعتبار المباشرة قيداً أو شرطاً.

(الصفحة477)

اعتبر سكناه على وجه القيديّة تبطل بموته.
[3274] مسألة 4 : إذا آجر الوليّ أو الوصيّ الصبي المولّى عليه مدّة تزيد علىزمان بلوغه ورشده بطلت في المتيقّن بلوغه فيه; بمعنى أنّها موقوفة على إجازته، وصحّت واقعاً وظاهراً بالنسبة إلى المتيقّن صغره وظاهراً بالنسبة إلى المحتمل، فإذا بلغ له أن يفسخ على الأقوى; أي لايجيز، خلافاً لبعضهم فحكم بلزومها عليه لوقوعها من أهلها في محلّها في وقت لم يعلم لها مناف، وهو كما ترى. نعم، لو اقتضت المصلحة اللازمة المراعاة إجارته مدّة زائدة على زمان البلوغ، بحيث يكون إجارته أقلّ من تلك المدّة خلاف مصلحته تكون لازمة ليس له فسخها بعد بلوغه، وكذا الكلام في إجارة أملاكه(1).
[3275] مسألة 5 : إذا آجرت امرأة نفسها للخدمة مدّة معيّنة، فتزوّجت قبل إنقضائها لم تبطل(2) الإجارة، وإن كانت الخدمة منافية لاستمتاع الزوج.
[3276] مسألة 6: إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثمّ أعتقه لاتبطل الإجارة بالعتق، وليس له الرجوع على مولاه بعوض تلك الخدمة في بقيّة المدّة; لأنّه كان مالكاً لمنافعه أبداً وقد استوفاها بالنسبة إلى تلك المدّة، فدعوى أنّه فوّت على العبد ما كان له حال حرّيته كما ترى. نعم، يبقى الكلام في نفقته في بقيّة المدّة إن لم يكن شرط كونها على المستأجر، وفي المسألة وجوه:
أحدها: كونها على المولى; لأنّه حيث استوفى بالإجارة منافعه فكأنّه باق على ملكه.

(1) لكن الظاهر أنّ مقتضى إطلاق دليل الولاية على الأملاك النفوذ وعدم جواز الفسخ مطلقاً، وأمّا الولاية على النفس فالحكم بإطلاقها مشكل.
(2) وتصير حال المرأة حينئذ حال الدار المستأجرة المنتقلة إلى المشتري مسلوبة.

(الصفحة478)

الثاني: أنّه في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة، وإن لم يمكن فمن بيت المال، وإن لم يكن فعلى المسلمين كفاية.
الثالث: أنّه إن لم يمكن اكتسابه في غير زمان الخدمة ففي كسبه وإن كان منافياً
للخدمة.
الرابع: أنّه من كسبه، ويتعلّق مقدار ما يفوت منه من الخدمة بذمّته.
الخامس: أنّه من بيت المال من الأوّل، ولايبعد قوّة(1) الوجه الأوّل.
[3277] مسألة 7 : إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً سابقاً على العقد وكان جاهلاً به، فإن كان ممّا تنقص به المنفعة فلا إشكال في ثبوت الخيار له بين الفسخ والإبقاء، والظاهر عدم جواز مطالبته الأرش(2)، فله الفسخ أو الرضا بها مجّاناً. نعم، لو كان العيب مثل خراب بعض بيوت الدار فالظاهر تقسيط(3) الاُجرة; لأنّه يكون حينئذ من قبيل(4) تبعّض الصفقة، ولو كان العيب ممّا لا تنقص معه المنفعة، كما إذا تبيّن كون الدابّة مقطوع الاُذن أو الذنب، فربما يستشكل في ثبوت الخيار معه، لكن الأقوى ثبوته إذا كان ممّا يختلف به الرغبات وتتفاوت به الاُجرة، وكذا له الخيار إذا حدث فيها عيب بعد العقد وقبل القبض، بل بعد(5) القبض أيضاً، وإن كان استوفى بعض المنفعة ومضى بعض المدّة. هذا إذا كانت العين شخصيّة، وأمّا إذا كانت كليّة وكان الفرد المقبوض معيباً فليس له فسخ العقد بل له مطالبة البدل. نعم، لو تعذّر البدل كان له الخيار في أصل العقد.

(1) بل الثاني أظهر.
(2) لعدم الدليل عليه في غير البيع، وإلغاء الخصوصيّة عنه مشكل.
(3) ولكنّه غير الأرش المصطلح.
(4) ومقتضاه ثبوت الخيار في الباقي.
(5) ثبوت الخيار في هذه الصورة مشكل.

(الصفحة479)

[3278] مسألة 8 : إذا وجد المؤجر عيباً سابقاً(1) في الاُجرة ولم يكن عالماً به كان له فسخ العقد وله الرضا به، وهل له مطالبة الأرش معه؟ لايبعد(2) ذلك، بل ربّما
يدّعىعدم الخلاف فيه، لكن هذا إذا لم تكن الاُجرة منفعة عين وإلاّ فلا أرش فيه، مثل ما مرّ في المسألة السابقة من كون العين المستأجرة معيباً. هذا إذا كانت الاُجرة عيناً شخصيّة، وأمّا إذا كانت كلّيّة فله مطالبة البدل لا فسخ أصل العقد، إلاّ مع تعذّر البدل على حذو ما مرّ في المسألة السابقة.
[3279] مسألة 9 : إذا أفلس المستأجر بالاُجرة كان للمؤجر الخيار بين الفسخ واسترداد العين، وبين الضرب مع الغرماء، نظير ما إذا أفلس المشتري بالثمن، حيث إنّ للبائع الخيار إذا وجد عين ماله.
[3280] مسألة 10 : إذا تبيّن غبن المؤجر أو المستأجر فله الخيار إذا لم يكن عالماً به حال العقد، إلاّ إذا اشترطا سقوطه في ضمن العقد.
[3281] مسألة 11 : ليس في الإجارة خيار المجلس(3) ولا خيار الحيوان، بل ولا خيار التأخير على الوجه المذكور في البيع، ويجري فيها خيار الشرط حتّى للأجنبي، وخيار العيب(4) والغبن كما ذكرنا، بل يجري فيها سائر الخيارات، كخيار الاشتراط، وتبعّض الصفقة، وتعذّر التسليم، والتفليس والتدليس، والشركة، وما يفسد ليومه(5)، وخيار شرط ردّ العوض، نظير شرط ردّ الثمن في البيع.

(1) أي على العقد، وأمّا إذا كان سابقاً على القبض فقط فجريان الحكم فيه مشكل وإن كان ظاهر المشهور عدم الفرق.
(2) بل العدم غير بعيد.
(3) على إشكال، خصوصاً إذا اشترط بعنوانه.
(4) لا على النحو الذي يجري فيه البيع من التخيير بين الردّ والأرش، فهو وخيار التأخير على نحو واحد.
(5) أي إذا كانت الاُجرة ما يفسد ليومه، ومع ذلك جريان هذا الخيار فيها مشكل.

(الصفحة480)

[3282] مسألة 12 : إذا آجر عبده أو داره مثلا ثمّ باعه من المستأجر لم تبطل الإجارة، فيكون للمشتري منفعة العبد مثلا من جهة الإجارة قبل انقضاء مدّتها
لامن جهة تبعيّة العين، ولو فسخت الإجارة رجعت إلى البائع، ولو مات بعد القبض رجع المشتري المستأجر على البائع بما يقابل بقيّة المدّة من الاُجرة، وإن كان تلف العين عليه، والله العالم.

فصل
[في أحكام العوضين]

يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان، والعمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد من غير توقّف على شيء، كما هو مقتضى سببيّة العقود، كما أنّ المؤجر يملك الاُجرة ملكيّة متزلزلة(1) به كذلك، ولكن لايستحقّ المؤجر مطالبة الاُجرة إلاّ بتسليم العين أو العمل، كما لايستحقّ المستأجر مطالبتهما إلاّ بتسليم الاُجرة، كما هو مقتضى المعاوضة، وتستقرّ ملكيّة الاُجرة باستيفاء المنفعة أو العمل أو ما بحكمه، فأصلالملكيّةللطرفينموقوفعلىتماميّةالعقد،وجوازالمطالبةموقوفعلى التسليم، واستقرار ملكيّة الاُجرة موقوف على استيفاء المنفعة أو إتمام العمل أو ما بحكمهما،
(1) ظاهر هذه العبارة وكذا عبارة الذيل أنّ تزلزل الملكية إنّما هو من ناحية المؤجر بالإضافة إلى الاُجرة، وأمّا المستأجر فالملكية الثابتة له ملكية مستقرّة غير متزلزلة، ويرد عليه ـ مضافاً إلى أنّه لم يعلم الفرق بينهما بعد كون مقتضى سببية العقود حصول الملكية للطرفين بنحو واحد، خصوصاً بعد كون منشأ التزلزل في الاُجرة حصول المانع عن استيفاء المنفعة، كانهدام الدار مثلاً، كما يظهر من قوله(قدس سره): فلو حصل مانع الخ، وعليه فكيف يمكن اتصاف ملكية الاُجرة بالتزلزل دون ملكية المنفعة ـ أنّ تحقّق موجب الانفساخ أحياناً لا يوجب اتّصاف الملكية بالتزلزل.
<<التالي الفهرس السابق>>