( الصفحه 133 )
ورواية إسماعيل بن جابر عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن وقت المغرب قال : ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق .
وصحيحة بكر بن محمد عن أبي عبدالله (عليه السلام) المتقدّمة المصرّحة بأنّ آخر ذلك غيبوبة الشفق .
والطائفة الثالثة : ما تدلّ على الامتداد إلى ربع الليل والظاهر انّها لا تكون إلاّ رواية واحدة رواها عمر بن يزيد ، غاية الأمر انّها رويت بصور متعدّدة وقد جعلها في الوسائل روايات متعدّدة مع أنّ الظاهر عدم كونها إلاّ رواية واحدة فروى في الباب التاسع عشر من أبواب المواقيت :
الحديث الأوّل هكذا : عمر بن يزيد قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) وقت المغرب في السفر إلى ثلث الليل .
والحديث الثاني : عمر بن يزيد عن أبي عبدالله (عليه السلام) : وقت المغرب في السفر إلى ربع الليل .
والحديث الثالث : قال الكليني : وروى أيضاً إلى نصف الليل . وظاهره انّه رويت هذه الرواية أيضاً إلى نصفه .
والحديث الخامس : عمر بن يزيد قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : وقت المغرب في السفر إلى ربع الليل ثمّ قال ، ورواه الكليني كما مرّ .
والحديث الثامن : عمر بن يزيد قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن وقت المغرب فقال : إذا كان أرفق بك وأمكن لك في صلاتك وكنت في حوائجك فلك أن تؤخّرها إلى ربع الليل فقال : قال لي هذا وهو شاهد في بلده .
والحديث الحادي عشر : عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : أكون مع هؤلاء وأنصرف من عندهم عند المغرب فأمر بالمساجد فأقيمت الصلاة فإن أنا
( الصفحه 134 )
نزلت اُصلّي معهم لم أستمكن (أتمكّن ـ خ ل) من الأذان والإقامة وافتتاح الصلاة فقال : ايت منزلك وانزع ثيابك وإن أردت أن تتوضّأ فتوضّأ وصلِّ فإنّك في وقت إلى ربع الليل .
والحديث الرابع عشر : عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : أكون في جانب المصر فتحضر المغرب وأنا أريد المنزل فإن أخّرت الصلاة حتّى اُصلّي في المنزل كان أمكن لي وأدركني المساء أنا اُصلّي في بعض المساجد؟ فقال : صلِّ في منزلك .
ومن الواضح انّ هذه الأحاديث الستّة لا يكون إلاّ حديثاً واحداً مروياً بعبارات مختلفة ولا يكون روايات متعدّدة و ـ حينئذ ـ فلا يعلم انّ المروي هل هو ربع الليل أو ثلثه أو نصفه وانّه هل كان في خصوص السفر أو مطلق الحاجة أو الأمكنية أو مطلقاً ولم تكن هناك حاجة أو أمكنية وعليه فلايجوز الاستناد بالرواية أصلاً لعدم تعيّن صورتها وعدم وضوح ما هو الصادر أصلاً ، نعم القدر المتيقّن هو الامتداد إلى النصف .
والطائفة الرابعة : ما يدلّ على الامتداد إلى انتصاف الليل وهي :
رواية داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلّي المصلّي ثلاث ركعات ، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتّى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلّي المصلّي أربع ركعات ، وإذا بقى مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقى وقت العشاء إلى انتصاف الليل .
ورواية عبيد بن زرارة ـ على ما رواه الشيخ (قدس سره) ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا غربت الشمس دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل إلاّ انّ هذه قبل هذه .
( الصفحه 135 )
ومرسلة الكليني المتقدّمة .
والطائفة الخامسة : ما يدلّ على الامتداد إلى طلوع الفجر امّا مطلقاً أو في موارد النوم والنسيان والحيض وهي :
رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة ، لا تفوت صلاة النهار حتّى تغيب الشمس ، ولا صلاة الليل حتّى يطلع الفجر ولا صلاة الفجر حتّى تطلع الشمس .
ورواها الصدوق بالإرسال المعتبر قال : قال الصادق (عليه السلام) : لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة ، لا تفوت صلاة النهار حتى تغرب الشمس ولا صلاة الليل حتّى يطلع الفجر ، وذلك للمضطرّ والعليل والناسي .
والظاهر انّه لا مجال للمناقشة فيها من حيث السند ، كما انّ الظاهر انّ المراد من صلاة الليل هي الصلوات الليلية التي هي المغرب والعشاء في قبال صلاة النهار وصلاة الفجر . والتخصيص بالمضطرّ والعليل والناسي في ذيل رواية الصدوق لا يكون جزء للرواية وتتمّة لها ، بل هو من اجتهاد الصدوق أورده في ذيل الرواية كما هو دأبه .
نعم يمكن أن يقال بعدم ثبوت الإطلاق لرواية مع عدم الذيل أيضاً خصوصاً مع التعبير بعدم الفوت الظاهر في عدم كون التأخير اختياراً وإن كانت قرينة السياق تقتضي جواز التأخير اختياراً كما في الظهرين وفريضة الصبح . وبالجملة لم يثبت للرواية من حيث هي إطلاق يقتضي امتداد الوقت إلى طلوع الفجر ولو في حال الاختيار فتدبّر .
ورواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إن نام رجل ولم يصلِّ صلاة المغرب والعشاء أو نسى فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما وإن خشى
( الصفحه 136 )
أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة وإن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصلِّ الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس ، فإن خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدى الصلاتين فليصلِّ المغرب ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ثم ليصلّها .
ورواية ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إن نام رجل أو نسى أن يصلّي المغرب والعشاء الآخرة فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة وإن استيقظ بعد الفجر فليصلِّ الصبح ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس .
ورواية أبي الصباح الكناني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب والعشاء ، وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلّت الظهر والعصر .
ورواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصلِّ الظهر والعصر وإن طهرت من آخر الليل فلتصلِّ المغرب والعشاء .
ورواية داود الزجاجي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إذا كانت المرأة حائضاً فطهرت قبل غروب الشمس صلّت الظهر والعصر وإن طهرت من آخر الليل صلّت المغرب والعشاء الآخرة .
ورواية عمر بن حنظلة عن الشيخ (عليه السلام) قال : إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب والعشاء وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلّت الظهر والعصر . والاحتمالات الجارية في خصوص الأخبار الواردة في الحائض ثلاثة :
أحدها : أن تكون محمولة على الاستحباب كما حكي عن الشيخ (قدس سره) .
ثانيها : أن تحمل على الوجوب ويكون المراد إتيانها إلى طلوع الفجر قضاء
( الصفحه 137 )
فتكون هذه الأخبار مخصّصة للأخبار الدالّة على عدم وجوب القضاء على الحائض إذا طهرت بعد انقضاء الوقت .
ثالثها : الحمل على الوجوب وكون المراد إتيانها إليه اداءاً لامتداد وقت العشائين إلى طلوع الفجر والظاهر هو الاحتمال الأخير لظهورها في الوجوب وكون الإتيان قبل طلوع الفجر إنّما هو بعنوان الاداء .
ولكنّه ذكر المحقّق الحائري (قدس سره) في كتابه في الصلاة انّ دليل وجوب الصلاة على الحائض إذا طهرت قبل الفجر بضميمة الأدلّة الدالّة على عدم ثبوت القضاء عليها إلاّ إذا طهرت في الوقت يقتضي أن يكون ما قبل طلوع الفجر وقتاً لصلاة الليل .
ومرجعه إلى عدم الاقتضاء مع عدم الضميمة ومبناه على ترجيح التخصّص على التخصيص فيما إذا دار الأمر بينهما مع أنّ الظاهر انّ مورد الترجيح ما إذا كان المتكلّم مجهولاً حيث إنّه بسبب اصالة العموم النافية للتخصيص يستكشف المراد ، وامّا في مثل المقام ممّا إذا كان المراد معلوماً; لأنّ المفروض ثبوت الوجوب بالنسبة إلى الحائض بعد الانتصاف سواء كان من باب التخصيص أو التخصّص فلا مجال ـ حينئذ ـ للتمسّك بأصالة العموم ولكنّك عرفت ظهورها في نفسها في أنّ الإتيان إنّما بنحو الاداء .
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا انّ التعارض المترائى إنّما هو بين ثلاث طوائف من الطوائف المتقدّمة وهي الأخبار الدالّة على الشفق وأخبار الانتصاف وأخبار طلوع الفجر و ـ حينئذ ـ نقول : لا ينبغي الإشكال في ترجيح أخبار الانتصاف على أخبار الشفق لظهور الثانية في عدم جواز التأخير عن الشفق وصراحة الاُولى في جواز التأخير عنه فتحمل أخبار الشفق على كونها بصدد بيان وقت الفضيلة بناءً على كون اختلاف الوقتين إنّما هو بالفضيلة والاجزاء كما هو الحقّ على ما سيأتي إن