( الصفحه 195 )
الاُولى : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء . . .
الثانية : صحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لكلّ صلاة وقتان وأوّل الوقتين أفضلهما ووقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء . . . بعد حملهما على كون المراد آخر وقت الفضيلة كما مرّ في بحث وقت الاجزاء وليس عنوان ظهور الحمرة مذكوراً في رواية أصلاً والظاهر عدم التلازم بينه وبين العناوين المتقدّمة التي يكون المراد منها أمراً واحداً لأنّ الحمرة تبدو متأخّرة عن التجلّل وغيره من العناوين فكيف جعل المشهور آخر وقت الفضيلة هو حدوث الحمرة المشرقية؟!
وقد ذكر سيّدنا العلاّمة الاستاذ (قدس سره) انّ الشهرة تكشف عن وجود نصّ دالّ على ذلك ، غاية الأمر انّه لم يصل إلينا إذ ليست الروايات الواصلة إلينا مجموع الروايات الصادرة عنهم المنقولة في الجوامع والكتب كما هو ظاهر .
هذا ويظهر من رواية انّ ظهور الحمرة مساوق للأسفار وانّهما متحقّقان في زمان واحد وهي صحيحة علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل لا يصلّي الغداة حتّى يسفر وتظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما أو يؤخّرهما؟ قال : يؤخّرهما . فإنّ الظاهر كون العطف في كلام السائل عطف بيان وتفسير لا بمعنى اتحاد المفهومين وكون الاسفار معناه ظهور الحمرة ، بل بمعنى عدم الفصل الزماني بينهما والدليل عليه مضافاً إلى ظهوره فيه في نفسه انّه على تقدير ثبوت الفصل وتأخّر ظهور الحمرة عن الأسفار يكون ذكر الأسفار لغواً لا يترتّب عليه فائدة أصلاً; لأنّ الملاك هو ظهور الحمرة وهو متأخّر عن الاسفار دائماً فلا وجه لذكر الاسفار .
( الصفحه 196 )
ولكنّه أورد عليها بعض الأعلام باشعارها بأنّ السائل قد ارتكز في ذهنه انّ تقدّم النافلة على الفريضة إنّما هو فيما إذا أتى بها قبل ظهور الحمرة والإمام قرّره على هذا ، وعليه فتدلّ الصحيحة على جواز الإتيان بالنافلة قبل فريضة الفجر إلى ظهور الحمرة ومعنى ذلك جواز التنفل والتطوّع في وقت فضيلة الفريضة وجواز تقديمها عليها عند المزاحمة وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به; لأنّ المستفاد من الروايات الواردة في الظهرين ونافلتهما عدم جواز الإتيان بالنوافل المرتّبة في وقت الفريضة وقد ورد في بعضها : أتدري لِمَ جعل الذراع والذراعان؟ قلت : لِمَ جعل ذلك؟ قال : لمكان النافلة ولك أن تتنفّل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع فإذا بلغ فيئك ذراعاً من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة .
ويدفعه وضوح تحقّق المزاحمة في وقت الفضيلة حتّى في الظهرين; لأنّ مبدأ وقت الفضيلة فيهما هو الزوال وكذا مضي مقدار اداء الظهر وإن اُريد المزاحمة في آخر وقت الفضيلة فمع عدم إشعار الرواية بها نقول لا مانع منها أيضاً ، غاية الأمر دوران الأمر بين درك فضيلة النافلة ودرك فضيلة الوقت ولا دليل على تعين الثاني والرواية المذكورة لا يستفاد منها هذه الجهة أصلاً فتدبّر .
( الصفحه 197 )
مسألة 7 ـ المراد باختصاص الوقت عدم صحّة الشريكة فيه مع عدم اداء صاحبتها بوجه صحيح فلا مانع من إتيان غير الشريكة فيه كصلاة القضاء من ذلك اليوم أو غيره ، وكذا لا مانع من إتيان الشريكة فيه إذا حصل فراغ الذمة من صاحبة الوقت فإذا قدم العصر سهواً على الظهر وبقى من الوقت مقدار أربع ركعات يصحّ إتيان الظهر في ذلك الوقت اداء ، وكذا لو صلّى الظهر قبل الزوال بظنّ دخول الوقت فدخل الوقت قبل تمامها لا مانع من إتيان العصر بعد الفراغ منها ولا يجب التأخير إلى مضي مقدار أربع ركعات ، بل لو وقع تمام العصر في وقت الظهر صحّ على الأقوى كما لو اعتقد إتيان الظهر فصلّى العصر ثمّ تبيّن عدم إتيانه وإنّ تمام العصر وقع في الوقت المختصّ بالظهر لكن لا يترك الاحتياط فيما لم يدرك جزءاً من الوقت المشترك 1 .
1 ـ قد تقدّم البحث في هذه المسألة في ذيل البحث عن وقت فريضة الظهرين في المسألة السادسة المتقدّمة وظهر انّ الفروع المذكورة فيها يكون حكمها مطابقاً لما في المتن إلاّ الفرع الأخير وهو ما لو وقع تمام العصر في وقت الظهر فإنّ الظاهر فيه البطلان كما مرّ وسيأتي البحث عنه أيضاً في ضمن المسألة الثامنة فانتظر .
( الصفحه 198 )
مسألة 8 ـ لو قدّم العصر على الظهر أو العشاء على المغرب عمداً بطل ما قدّمه سواء كان في الوقت المختص أو المشترك ، ولو قدّم سهواً وتذكّر بعد الفراغ صحّ ما قدّمه ويأتي بالاُولى بعده ، وإن تذكّر في الأثناء عدل بنيّته إلى السابقة إلاّ إذا لم يبق محلّ العدول كما إذا قدّم العشاء وتذكّر بعد الدخول في ركوع الرابعة ، والأحوط ـ حينئذ ـ الإتمام ثمّ الإتيان بالمغرب ثمّ العشاء بل بطلان العشاء لا يخلو من قوّة 1 .
2 ـ في هذه المسألة فروع :
الأوّل : ما إذا قدّم العصر على الظهر عمداً والعشاء على المغرب كذلك والحكم فيه البطلان من دون فرق بين أن يكون الوقت المختصّ أو المشترك لأنّه مقتضى اعتبار الترتيب في الصلاة اللاّحقة الذي يدلّ عليه مضافاً إلى وضوحه وعدم الخلاف فيه كثير من الأخبار الواردة في العدول التي سيأتي نقلها وإن كان ظاهرهم انّ عمدة الدليل على الترتيب قوله (عليه السلام) : إلاّ انّ هذه قبل هذه وقد مرّ الإشكال في دلالة هذا القول على اعتبار الترتيب فراجع ، وكيف كان فمقتضى اشتراط الترتيب انّ التقديم العمدي يوجب البطلان .
الثاني : ما إذا قدّم العصر على الظهر أو العشاء على المغرب سهواً وتذكّر بعد الفراغ وهو قد يكون في الوقت المشترك وقد يكون في الوقت المختصّ .
امّا التقديم كذلك في الوقت المشترك فلا إشكال في صحّة ما أتى به; لأنّ اعتبار الترتيب يختص بحال الذكر ولا يوجب الإخلال به سهواً بطلان الصلاة وذلك لاقتضاء حديث لا تعاد الصحّة في غير الاُمور الخمسة المستثناة فيه مضافاً إلى الأخبار الخاصّة الدالّة على ذلك ، فأصل صحّة المأتي به ممّا لا إشكال فيه إنّما الإشكال في أنّه هل يكون صحيحاً بالعنوان الذي وقع عليه وهي العصرية ، وعليه
( الصفحه 199 )
فلابدّ من الإتيان بالصلاة اللاحقة بعنوان انّها صلاة الظهر أو انّه يكون اختصاص هذا الإشكال بالظهرين وعدم جريانه في العشائين لأنّه مضافاً إلى ورود الدليل في خصوص الظهرين لا يمكن ذلك في العشائين; لأنّه لا يعقل احتساب العشاء الذي هو أربع ركعات بعنوان صلاة المغرب .
ومنشأ الإشكال في وجود روايتين :
إحداهما : صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) الطويلة المشتملة على قوله (عليه السلام) : إذا نسيت الظهر حتّى صلّيت العصر فذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها الاُولى ثمّ صلِّ العصر فإنّما هي أربع مكان أربع .
ثانيتهما : رواية الحلبي المضمرة قال : سألته عن رجل نسى أن يصلّي الاُولى حتّى صلّى العصر قال : فليجعل صلاته التي صلّى الاُولى ثمّ ليستأنف العصر . . .
هذا ولكن إعراض المشهور عن الروايتين والفتوى بخلافهما مع كونهما بمرئى ومسمع منهم خصوصاً مع الفتوى على طبق سائر فقرات الرواية الاُولى ، بل هذه الفقرة بالإضافة إلى التذكّر في الأثناء يوجب الوهن فيهما ويسقطهما عن الحجّية كما قد حقّق في محلّه .
وامّا التقديم كذلك في الوقت المختصّ بحيث وقع تمام الصلاة اللاحقة في الوقت المختص بالسابقة .
وبعبارة اُخرى صار جميع أجزاء الوقت المختص بها ظرفاً لتمام اللاحقة أو بعضها فالظاهر انّه يوجب البطلان بناء على ما ذكرنا في معنى اختصاص الوقت من أنّ مرجعه إلى بطلان الشريكة إذا وقعت فيه مع عدم اداء صاحبتها كما هو المفروض من عدم الإتيان بالسابقة بعد ، نعم بناء على القول برجوع الاختصاص إلى اعتبار الترتيب وانّه لا معنى للاختصاص غيره فاللاّزم الحكم بالصحّة لاقتضاء حديث