( الصفحه 372 )
مسألة 19 ـ لا بأس بلبس الصبي الحرير فلا يحرم على الولي الباسه ، ولا يبعد صحّة صلاته فيه أيضاً 1 .
1 ـ امّا عدم حرمة اللبس على الصبي فواضح ، وامّا عدم حرمة الالباس على الولي فيستفاد من المتن انّه يتفرّع على عدم حرمة اللبس عليه بمعنى انّ ثمرة عدم حرمة اللبس عدم حرمة الالباس مع أنّ الظاهر انّه ليس كذلك لأنّه ربّما يعلم من مذاق الشرع انّه لا يرضى بوجود بعض المحرّمات حتّى من الصبي بل يكره وجوده منهم أيضاً ، غاية الأمر انّ خروجهم عن دائرة التكليف منع عن توجّه الخطاب والحكم إليهم وفي مثله يكون الولي مأموراً بأن يمنعهم عن إيجاده فضلا عن أن يوجب بنفسه ويتسبّب إلى إيجاده وذلك مثل شرب الخمر واللواط ، وعليه فمجرّد عدم الحرمة على الصبي لا يقتضي نفي التكليف عن الولي ، نعم لابدّ من إحراز كون المبغوض كذلك وانّه يكره الشارع وجوده في الخارج من الصبيان ولم يتحقّق ذلك في الحرير خصوصاً بعد ملاحظة ثبوت الجواز للنساء مطلقاً وللرجال في جملة من الموارد .
وامّا صلاة الصبي في الحرير فبناء على كون عباداته شرعية لا تمرينية لابدّ من ملاحظة دليل المانعية فنقول : يمكن أن يقال بأنّ مقتضى قوله (عليه السلام) في بعض الروايات المتقدّمة : لاتحلّ الصلاة في حرير محض ، بطلان الصلاة في الحرير مطلقاً من دون فرق بين البالغ وغيره لما عرفت من عدم كون المراد من نفي الحلية هي الحكم المولوي ، بل هو إرشاد إلى الفساد والبطلان الذي هو حكم وضعي ، وعليه تكون صلاة الصبي في الحرير باطلة كثبوت سائر الأحكام الوضعية في حقّه كالضمان الثابت بسبب اتلافه مال الغير واعتبار سائر الشرائط والموانع للصلاة في حقّه .
ولكن الظاهر انّه ليس كذلك فإنّ المستفاد من الروايات الواردة في حكم الحرير
( الصفحه 373 )
تكليفاً ووضعاً ثبوت الملازمة بين الحكمين بمعنى ثبوت البطلان في موضع ثبوت التحريم وعدم ثبوت الأوّل مع عدم ثبوت الثاني وبملاحظة هذه الملازمة لا تبعد دعوى صحّة صلاة الصبي في الحرير أيضاً كعدم حرمة لبسه كما في المتن .
( الصفحه 374 )
مسألة 20 ـ لو لم يجد المصلّي ساتراً حتّى الحشيش والورق يصلّي عرياناً قائماً على الأقوى إن كان يأمن من ناظر محترم ، وإن لم يأمن منه صلّى جالساً ، وفي الحالين يؤمى للركوع والسجود ويجعل ايمائه للسجود أخفض ، فإن صلّى قائماً يستر قبله بيده ، وإن صلّى جالساً يستره بفخذيه 1 .
1 ـ لو كان المصلّي فاقداً للساتر الذي يعتبر في الصلاة من جهة الحكم الوضعي ـ وقد مرّ البحث عنه مفصّلا ـ أو كان ثوبه منحصراً في النجس وقلنا بأنّه يجب عليه الصلاة عارياً فقد وقع الاختلاف في كيفية صلاته من حيث القيام والقعود ومن جهة الركوع والسجود أو الايماء بدلهما ولابدّ من التكلّم في كلّ واحدة من الجهتين مستقلاًّ .
فنقول : امّا من الجهة الاُولى فالمشهور هو التفصيل بين صورة الأمن من المطلع فيصلّي قائماً وصورة عدم الأمن فيصلّي جالساً ، وعن السرائر تعيّن القيام مطلقاً ، وعن الصدوق في الفقيه والمقنع والسيّد في الجمل والمصباح والشيخين في المقنعة والتهذيب تعين الجلوس مطلقاً ، واحتمل في المعتبر ـ على ما حكي عنه ـ التخيير بين القيام والقعود حاكياً له عن ابن جريح ومنشأ الاختلاف اختلاف الروايات الواردة في الباب :
فطائفة منها ظاهرة في تعيّن الجلوس :
كموثقة إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : قوم قطع عليهم الطريق واُخذت ثيابهم فبقوا عراةً وحضرت الصلاة كيف يصنعون؟ فقال : يتقدّمهم إمامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيؤمى ايماء بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم .
ورواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن قوم صلّوا جماعة
( الصفحه 375 )
وهم عراة قال : يتقدّمهم الإمام بركبتيه ويصلّي بهم جلوساً وهو جالس .
وصحيحة زرارة قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : رجل خرج من سفينة عرياناً أو سلب ثيابه ولم يجد شيئاً يصلّي فيه فقال : يصلّي ايماء وإن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها وإن كان رجلا وضع يده على سوأته ثم يجلسان فيؤميان إيماء ولا يسجدان ولا يركعان فيبدو ما خلفهما تكون صلاتهما إيماء برؤوسهما الحديث .
ورواية محمد بن علي الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل أصابته جنابة وهو بالفلاة وليس عليه إلاّ ثوب واحد وأصاب ثوبه مني قال : يتيمّم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعاً فيصلّي ويؤمى إيماء .
ورواية سماعة ـ الموثقة ـ قال : سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض وليس عليه إلاّ ثوب واحد وأجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال : يتيمّم ويصلّي عرياناً قاعداً يؤمى إيماءاً . هذا على ما رواه في الكافي ورواه الشيخ عن الكليني مثله ولكن الشيخ رواه بنفسه وذكر بدل «قاعداً» قائماً . وغير ذلك من الروايات الظاهرة في تعين الجلوس كرواية أبي البختري الآتية في كيفية صلاتهم من حيث الركوع والسجود .
وطائفة ثانية ظاهرة في تعين القيام مثل :
صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليهما السلام) قال : سألته عن الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقى عرياناً وحضرت الصلاة كيف يصلّي؟ قال : إن أصاب حشيشاً يستر به عورته أتمّ صلاته بالركوع والسجود ، وإن لم يصب شيئاً يستر به عورته أومأ وهو قائم .
ورواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) انّه قال في حديث : وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلّد السيف ويصلّي قائماً .
( الصفحه 376 )
وموثقة سماعة المتقدّمة بناء على نقل الشيخ (قدس سره) كما عرفت .
وطائفة ثالثة ظاهرة في التفصيل مثل مرسلة ابن مسكان عن بعض أصحابه التي رواها عنه ابن أبي عمير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يخرج عرياناً فتدركه الصلاة قال : يصلّي عرياناً قائماً إن لم يره أحد فإن رآه أحد صلّى جالساً .
ومرسلة الصدوق قال : وروى في الرجل يخرج عرياناً فتدركه الصلاة انّه يصلّي عرياناً قائماً إن لم يره أحد فإن رآه أحد صلّى جالساً . ولكن الظاهر انّها لا تكون رواية مستقلّة بل هي رواية ابن مسكان المتقدّمة ولكن الصدوق رواها بنحو الإرسال المحض .
ورواية عبدالله بن مسكان عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل عريان ليس معه ثوب قال : إذا كان حيث لا يراه أحد فليصل قائماً . ولكن صاحب الوسائل روى هذه الرواية بعينها عن ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) في أبواب النجاسات .
والظاهر انّ ابن مسكان لا يمكن له النقل عن أبي جعفر (عليه السلام) بدون الواسطة ، وامّا النقل عن أبي عبدالله (عليه السلام) فقد ذكر في ترجمته انّه قليل الرواية عنه وانّه من أصحاب الكاظم (عليه السلام) بل عن يونس انّه لم يسمع عن أبي عبدالله (عليه السلام) إلاّ حديث : من أدرك المشعر فقد أدرك الحجّ وعليه فيقوى في النظر انّه لا يكون هنا إلاّ رواية واحدة مرسلة رواها ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) كذلك ولكن حيث انّ الراوي عنه هو ابن أبي عمير الذي اشتهر اعتبار مراسيله مضافاً إلى كون مضمون الرواية مفتى به للمشهور فالظاهر ـ حينئذ ـ اعتبارها وصيرورتها شاهدة للجمع بين الطائفتين بحمل الاُولى على صورة وجود الناظر وعدم الأمن من المطلع وحمل الثانية على صورة الأمن منه ولعلّ انحصار هذه الطائفة الثالثة بخصوص المرسلة صار منشأ للأقوال الاُخر فتدبّر .