جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصوم
صفحات بعد
صفحات قبل
( الصفحة 13 )

منه الوجود بل الترك للإضافة إليه تعالى ، وفي هذا المجال قصّة لطيفة نقلها بعض الأصدقاء ; وهي أ نّه كان في أطراف شيراز رجل كبير السنّ ملتزم بالوظائف الإسلاميّة ، وكان معتاداً على التدخين بالقليان ، وفي شهر رمضان حيث كان يصوم فيه ويترك شرب الدخان لكنّه قبل الغروب كان يهيّىء القليان بنحو كامل وينظر إليه منتظراً لدخول الوقت حتى يشرب الدخان بمجرّد دخوله .

وممّا ذكرنا ظهرت خصوصيّة للعبادات العدميّة ، سيّما مثل الصوم الذي اجتمعت فيه جملة من الأعدام المضافة ، كما أ نّ فيها خصوصيّة اُخرى ; وهي أ نّه لابدّ في العبادات الوجوديّة ـ ولو كانت مركّبة من أجزاء مختلفة ـ من التوجّه والالتفات إليها ولو ارتكازاً ، ولا يلزم ذلك في العبادات العدميّة ، خصوصاً في مثل الصوم على ما عرفت .

فإذا نام الشخص في جميع أجزاء النهار ، وكان قبل ذلك ناوياً الصوم مقروناً بقصد القربة يكون صومه صحيحاً ولا تكون صحّته على خلاف القاعدة . وهذا بخلاف ما إذا صلّى مثلاً في حال النوم صلاة كاملة مشتملة على الوضوء الصحيح مثلاً ، كما ربّما يتّفق ذلك ، وقد نقل أ نّ بعض النائمين خرج في حال النوم من حجرته في المدرسة ودار في أطرافها مراراً ثمّ رجع إلى محلّه الأصلي وأدام النوم فيه ; فإنّ الصلاة في مثل الفرض باطلة ، قال الله تعالى : { لاَ تَقْرَبُوا الصَّلَوةَ وَأَنتُمْ سُكَـرَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}(1) .

وبالجملة : فهذا وأشباهه يدلّنا على وجود خصوصيّة أو خصوصيّات للعبادات العدميّة ، ولا محيص عن الالتزام بها ، وإلاّ يقع الإشكال في صحّتها في أكثر الموارد ، فهل يمكن الالتزام ببطلان الصوم مع الاشتغال بالصلاة أو القرآن أو مثلهما الموجب

  • (1) سورة النساء 4 : 43 .

( الصفحة 14 )

لعدم الالتفات إلى المفطرات، وعدم التوجّه إليها ولو في خصوص ذلك الحال ؟

وبعد هذا نعود إلى الجهات التي وعدنا التكلّم فيها في هذه المسألة ، فنقول :

الجهة الاُولى : أ نّه لا ريب في أ نّ الصوم من العبادات ، ويعتبر فيه قصد القربة بأيّ معنى من المعاني المذكورة له في محلّه ، ويكفي في إثبات هذه الجهة كونه كذلك عند المتشرّعة وفي رديف الصلاة ، بل وضوح ذلك بمكان ، ولا حاجة إلى الاستناد له حتّى بمثل ما تقدّم من قوله تعالى في الحديث القدسي : «الصوم لي وأنا اُجزي به»(1) ، وحينئذ لو فرض تحقّق الصوم منه لا بقصد القربة بل بقصد حصول الصحّة للجسم مثلاً لا يتحقّق منه العبادة المأمور بها ، وقد عرفت أن الصحّة في فرض كونه نائماً ولو في جميع النهار من طلوع الفجر إلى الليل إنّما هي فيما إذا كان مقروناً بقصد القربة ، فلا ينبغي الإشكال من هذه الجهة أصلاً .

الجهة الثانية : أ نّه لا يعتبر العلم بالمفطرات على التفصيل ، ويتفرّع عليه أمران مذكوران في المتن :

أحدهما : أ نّه لو نوى الإمساك عن جميع المفطرات ـ غاية الأمر أ نّه لم يعلم بمفطريّة بعضها كالاحتقان مثلاً ، أو زعم عدمها ولكن لم يرتكبه في مقام العمل ، وكان بحيث إنّه لو فرض له العلم به لكان وارداً في رديف المفطرات التي نوى الإمساك عنها ـ يكون صومه صحيحاً ; لعدم تحقّق الإخلال له بشيء ممّا يعتبر فيه ، لا من جهة النيّة ولا من جهة المفطرات .

ثانيهما : أ نّه لو نوى الإمساك عن عدّة اُمور يعلم باشتمالها على المفطرات وإن لم  تكن معلومة تفصيلاً ، فقد قوّى الحكم بالصحّة في المتن ، والظاهر أ نّ الوجه فيه

  • (1) تقدّم في ص 9 .

( الصفحة 15 )

ما ذكرنا ، ومجرّد الإمساك عمّا لا يكون مفطراً لا يقدح في تحقّق الصوم بعد كون الإمساك عن الجميع ـ ولو لم يكن بعضه مفطراً ـ إنّما هو للاحتياط ، واحتمال كونه مفطراً من دون لزوم تشريع وبدعة ، ففي الحقيقة يتحقّق الإمساك عن ذلك البعض لأجل الاحتمال وعدم إمكان الطريق له إلى الواقع، أو عدم الفرصة له ومثلهما ، فلا ينبغي الإشكال في الصحّة، كما في جميع العبادات التي يحتاط فيها احتمالاً ، أو لأجل العلم الإجمالي .

الجهة الثالثة : أ نّه ذكر في المتن أ نّه لا يعتبر في النيّة عدا القربة والإخلاص سوى تعيين الصوم الذي قصد إطاعة أمره ، ويكفي في صوم شهر رمضان نيّة صوم الغد من غير حاجة إلى تعيينه ، وفي هذه الجهة احتمالات بل أقوال :

أحدها : ما أفاده المحقّق العراقي في شرح التبصرة ; فإنّه بعد استشهاده لأصل كون الصوم من العناوين القصديّة ، بحرمة صوم العيدين مع عدم حرمة صرف الإمساك فيهما وببعض الاُمور الاُخر ، وثبوت الامتياز بذلك للصلاة والصوم عن مثل الوضوء والأغسال غير المعتبر فيها القصد زيادة على التقرّب ، تنظّر في اعتبار القصد في سائر العناوين الطارئة عليه ، كالكفّارة أو القضائيّة أو الرمضانيّة ، قال :

ومجرّد وقوع الصوم على وجوه متعدّدة لا يجدي في الكشف عن الاختلاف في حقيقته ; لكفاية اختلاف أسباب وجوبه في ذلك ، كما أ نّ عدم صلاحيّة رمضان لوقوع صوم آخر فيه لا يكشف عن المغايرة المزبورة ، بل يكفي فيه عدم صلاحية غير رمضان من الأسباب لوقوع صومها فيه ، وأضاف إلى ما أفاد قوله : وأوهن منهما في الدلالة ما ورد في قبول ما اُتي به بنيّة شعبان من رمضان بتفضّل من الله ، بتقريب أ نّه مع وحدة الحقيقة فيهما لا يكون قبوله بتفضّل منه ، بل هو عين الإتيان بالمأمور به ، فهذا التفضّل لا مجال له إلاّ بقبول حقيقة بدل حقيقة اُخرى ، ولا نعني

( الصفحة 16 )

من اختلاف حقيقة الصوم إلاّ هذا .

توضيح الوهن: أ نّ ذلك يمكن أن يكون من جهة عدم التقرّب بشخص أمره ، ومعلوم أ نّ المعتبر في العبادة ـ على ما سنشير إليه ـ هو كون الداعي على إتيان أمره المتعلّق به لا أمر غيره ولو جهلاً ، ولذا نلتزم في موارد الخطأ في التطبيق أ نّه لا تصحّ العبادة إلاّ إذا كان قد قصدها بداعويّة الأمر بنحو تعدّد المطلوب كي ينتهي الأمر بالأخرة إلى داعويّة شخص الأمر المتعلّق به ، وحينئذ فالاكتفاء بهذا المقدار في باب صوم يوم الشكّ لابدّ أن يكون على خلاف القاعدة وكان بتفضّل منه تعالى ، فليس أنواع الصيام المأمور بها بأيّ عنوان من العناوين إلاّ وجودات متعدّدة متّفقة الحقيقة (1). انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علّو مقامه .

ثانيها : ما حكي عن سيّد المستمسك(2) من أ نّه كما يعتبر في أصل الصلاة وفي الأنواع الواقعة تحتها ، كالظهريّة والعصريّة والأدائيّة والقضائيّة وغيرها ، قصد العنوان ، فلا يكفي الإتيان بأربع ركعات من دون نيّة الظهريّة أو العصريّة أو مثلهما ، كما أ نّه لا يكفي الإتيان بها من دون نيّة الأدائية والقضائيّة وهكذا ، كذلك يعتبر في أصل عنوان الصوم ، وكذا في الأنواع الواقعة تحته من الرمضانيّة والكفّارة وغيرهما قصد العنوان الذي يريد إطاعة أمره ، فلا يكفي الإتيان بها خالية عن القصد ، كما لا يكفي مجرّد الإمساك من دون قصد عنوان الصّوم، كما عرفت في الكلام المتقدّم من عدم حرمة مجرّد الإمساك في العيدين اللذين يحرم الصوم فيهما .

وعليه : فاللازم أن يقال بعدم الاكتفاء بنيّة صوم الغد في شهر رمضان مع عدم

  • (1) شرح تبصرة المتعلّمين 3: 124 ـ 125 .
    (2) مستمسك العروة 8 : 196 ـ 197 و 200 ـ 201 .

( الصفحة 17 )

نيّة عنوان رمضان ، والظاهر أ نّه لم يقل به أحد ، أو يقال بالاكتفاء بها فيه: إمّا لأجل ثبوت العلم الإجمالي الارتكازي له ، ومرجعه إلى وجود المعلوم وثبوته في النفس وإن كان غير ملتفت إليه ، ولا يكون هذا العلم الإجمالي في مقابل العلم التفصيلي الذي يتعيّن معلومه ولا يتردّد فيه بالخلاف ، كما في العلم الإجمالي المبحوث عنه في باب الاشتغال من علم الاُصول . وإمّا أن يقال بأ نّ قصده للإتيان بالمأمور به ومتعلّق الأمر ينجرّ بالأخرة إلى نيّة رمضان ; لعدم تعلّق الأمر به من غير هذه الجهة، كما هو المفروض .

ثالثها : ما يظهر من المتن ومن ظاهر العروة الوثقى(1) وإن حكي توجيهه عن بعض الشرّاح (2) ، ولكنّ التوجيه مخالف لظاهر العروة ، واختاره المحقّق الهمداني (قدس سره) في محكيّ كتابه في الصوم (3) ، وهو التفصيل في العناوين الطارئة المضاف إليها عنوان الصوم بين العناوين التي لا يكون لها خصوصيّة غير الزمان المعيّن ، كصوم شهر رمضان الذي لا واقع له إلاّ الوقوع في الشهر الخاصّ ، وهي قطعة من الزمان الواقعة ضمن شهور السنة ، وبين العناوين التي لا تكون لها هذه الخصوصيّة بل خصوصيّة اُخرى ، كصوم الكفّارة المسبّب عن الإفطار في شهر رمضان عمداً أو الظهار أو غيرهما ، وصوم القضاء الذي لا يكون له زمان معيّن وإن تضيّق وقته في بعض الأحيان .

فإن كان من قبيل القسم الأوّل، فلا حاجة فيه إلى التعيين ، وتكفي نيّة صوم الغد إن كان من رمضان . وأمّا إن كان من قبيل القسم الثاني، فالظاهر الاحتياج فيه إلى

  • (1) العروة الوثقى 2 : 6 ـ 7 فصل في النيّة .
    (2) المستند في شرح العروة 21 : 11 ـ 14 .
    (3) مصباح الفقيه 14 ، كتاب الصوم : 302 .