جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصوم
صفحات بعد
صفحات قبل
( الصفحة 8 )

بالنسبة إلى المحرومين ، ولما يوجبه من إطفاء الغريزة ، ولعلّ في الصوم منافع لا توجد في غيره من الواجبات من الجهات الفردية والاجتماعية .

إذا عرفت ذلك فأعلم أنّ في البين إشكالين لابدّ من حلّهما :

الأوّل : أ نّ الإمساك عن جميع المفطرات المعهودة أو نظيره إن كان له دخل في الحقيقة والماهيّة ، فاللازم الالتزام بعدم تحقّقه فيما لو لم يمسك عن بعضها جهلاً أو نسياناً ، مع أ نّ مقتضى النصّ والفتوى خلافه ، وإن لم يكن له دخل فيها فأيّ شيء له دخل في تحقّق الحقيقة والماهيّة؟

وقد اُجيب عن الإشكال بأحد وجهين :

أحدهما : الالتزام بعدم تحقّق حقيقة الصوم في الصورة المفروضة ، وأ نّ الحكم بالصحّة وسقوط الأمر وعدم وجوب القضاء عليه إنّما هو لأجل كون فعله بدلاً عن الصوم ، لا كونه من مصاديقه وأفراده ـ وإن كان مشتركاً معه في جميع الآثار والأحكام ، فالإمساك في الصورة المفروضة قائم مقامه ـ ومتّصفاً بأ نّه بديل عنه .

ويرد عليه ـ مضافاً إلى أ نّه خلاف ظاهر النصّ والفتوى الدالّ على الحكم بالصحّة لأجل كونه من مصاديق الصوم وأفراده حقيقة لا لأجل البدليّة ـ : أ نّه على تقدير ترتّب جميع أحكام الصوم وأثاره عليه لابدّ من أن يقال بكون الواجب إمّا أحد الأمرين ، وإمّا العنوان الجامع بينهما المنطبق على كليهما ، ولا مسوّغ للالتزام بشيء منهما ; ضرورة أ نّ الواجب ليس إلاّ نفس عنوان الصوم فقط ، والنصّ والفتوى قائمان على تحقّقه في الصورة المفروضة دون ما هو بدل عنه .

ثانيهما : أخذ قيد الالتفات إلى كونه صائماً في المفطرات التي يجب الاجتناب عنها ; بأن يكون الصوم عبارة عن الإمساك عنها في خصوص صورة الالتفات إلى كونه صائماً وأ نّه يجب عليه الإمساك عنها أيضاً .

( الصفحة 9 )

ويرد عليه : أ نّه لا مجال لأخذ الالتفات إلى الصوم في حقيقته وماهيّته ; سواء كان بنحو الجزئيّة أو بنحو الشرطيّة والقيديّة ; لأ نّ الالتفات إلى الشيء من العناوين المتأخّرة عن الشيء ، فلا يعقل أن يكون دخيلاً في الحقيقة بعد ما كان متأخّراً عنها ، فلا مجال لأن يكون الالتفات إلى الصوم ممّا له دخل في حقيقته .

ومن هنا يمكن تقرير الإشكال بوجه آخر ; وهو أ نّ الإمساك عن المفطرات المأخوذ تعريفاً للصوم وبياناً لحقيقته إن اُخذ بنحو الإطلاق ; أي سواء كان مقروناً مع الالتفات إلى كونه صائماً ، أم لم يكن مقروناً به ، يلزم الحكم بالبطلان فيما تطابق النصّ والفتوى على صحّته وترتّب جميع أحكام الصوم عليه . وإن اُخذ بنحو التقييد بخصوص صورة الالتفات إلى كونه صائماً، يلزم أخذ الإلتفات والتوجّه إلى الشيء في حقيقته ، مع أ نّه من العناوين المتأخّرة عن الشيء اللاحقة له أحياناً .

والتحقيق في الجواب أن يقال كما عن بعض المحقّقين (1) : إنّ الإمساك عن المفطرات المعهودة مأخوذ في ماهيّة الصوم لا بنحو الإطلاق ولا بنحو التقييد ، بل بنحو الإهمال الذي يجتمع مع كلا الأمرين ، كنظائر المقام التي لابدّ فيها من الالتزام بالإهمال فيها ، وإلاّ يلزم بعض المحاذير حتى في مثل القضايا الحملية الممكنة ; فإنّ قولك: «زيد قائم» لا مجال للإشكال في كونه قضيّة غير ضروريّة ; لعدم ضرورة وصف القيام للإنسان .

وحينئذ يمكن أن يقال : إنّ زيداً المفروض موضوعاً ، هل يكون المراد به المطلق والأعمّ من كونه قائماً أو غير قائم ، أو المراد به زيد المقيّد بوصف القيام ؟ فعلى الأوّل يلزم التناقض ; لأ نّ زيداً مع فرض عدم قيامه كيف يمكن أن يتّصف بالقيام ؟ وعلى

  • (1) مستمسك العروة 8 : 193 .

( الصفحة 10 )

الثاني يلزم تبدّل القضيّة الممكنة إلى الضروريّة ; لوضوح صيرورة القضيّة ضروريّة بشرط المحمول ; فإنّ زيداً المقيّد بالقيام لا يعقل أن يكون غير قائم ، ولامحيص عن حلّ الإشكال إلاّ بأن يقال : إنّ الموضوع مفروض بصورة الإهمال لا  الإطلاق ولا التقييد . وفي المقام نقول بأ نّ الإمساك عن المفطرات الواقع في تعريف الصوم وبيان حقيقته واقع بنحو الإهمال من جهة الالتفات وعدمه . وعليه : يندفع الإشكال بحذافيره من دون لزوم الالتزام بالبدليّة والخروج عن الحقيقة .

الثاني: من الإشكالين المهمين اللذين لابدّ من حلّهما ، ولعلّه أهمّ من الأوّل وأشدّ إشكالاً منه ، أنّه لا إشكال في العبادات الوجوديّة التي يكون المقصود فيها إيجاد الطبيعة المأمور بها بقصد القربة ; سواء كان المراد به هو الإتيان بداعي الأمر ، أو يكون المراد به هو الإتيان بعنوان كونه مقرّباً وموجباً لحصول القرب من المولى . وأمّا العبادات العدميّة التي يكون المقصود فيها الترك وعدم تحقّق الطبيعة ، كالصوم في المقام على جميع تعاريفه التي ترجع إلى ترك المفطرات في الزمان المخصوص الذي هو النهار ; لقوله تعالى : { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ}(1) فيشكل الأمر فيها .

توضيح الإشكال : أ نّ تحقّق الأمر الوجودي وخروجه من عالم العدم يفتقر إلى وجود العلّة التامّة بجميع أجزائها المركّبة من المقتضي والشرط وعدم المانع ، فإذا فرض في مورد فقدان واحد من تلك الأجزاء لا يكاد يعقل تحقّق المعلول; لفرض النقصان في علّته التامّة ، غاية الأمر أ نّ الفرق بين الأُمور التعبّدية والأُمور التوصليّة لزوم كون الداعي والمحرّك في القسم الأوّل هو قصد الأمر والإتيان بداعي الامتثال ، وعدم اللزوم في القسم الثاني .

  • (1) سورة البقرة 2 : 187 .

( الصفحة 11 )

وأمّا الواجبات العدميّة ، فحيث يكون المقصود فيها الترك ، ويكفي في تحقّق الترك فقدان جزء من أجزاء العلّة التامّة من المقتضي والشرط وعدم المانع ، ولا  يلزم اجتماع أعدام أجزاء العلّة ، فحيئنذ يشكل الأمر من جهة كفاية فقدان بعض تلك الأجزاء في تحقّق المعلول من ناحية ، واعتبار قصد التقرّب من ناحية اُخرى ، بل قد تقرّر في موضعه أنّه مع انعدام المقتضي والشرط ووجود المانع يكون انتساب العدم إلى عدم المقتضي أولى من الانتساب إلى عدم الشرط أو وجود المانع .

وعليه : فيتحقق الإشكال من هذه الجهة في صحّة الصوم في كثير من الموارد من جهة اعتبار أن يكون الترك مستنداً إلى القربة وداعويّة الأمر ، مع أنّا نرى بالوجدان استناد تحقّق الترك إلى عدم المقتضي أحياناً ، فضلاً عن عدم الشرط أو وجود المانع ، فمن أكل قرب طلوع الفجر كاملاً وشرب كذلك بحيث لم يكن يشتهي الأكل والشرب عند الطلوع وبعده ولو بزمان قليل ، هل يكون تركه للأكل والشرب مسبّباً عن عدم المقتضي ، أو يكون بداعي الأمر وقصد التقرّب الذي هو بمنزلة المانع ؟ فإن فرض الأوّل يكون ذلك منافياً لعباديّة الصوم التي لا  مجال للمناقشة فيها ، وإن فرض الثاني يكون ذلك خلاف الواقع ; لفرض عدم الميل إلى مأكول ولا مشروب .

هذا، مضافاً إلى أنّ إيجاد شيء يكون نوعاً مع الالتفات والتوجّه إليه ، وأمّا تركه فلا يكون كذلك . وعليه : فربما لا يكون الترك مورداً لتوجّهه حتى يقصد فيه القربة .

وبعبارة اُخرى : ترك المفطرات في اللحظات الأوّليّة بعد طلوع الفجر في الفرض المزبور يكون مستنداً إلى عدم المقتضي وجداناً وبلا ريب، لا إلى وجود المانع ;

( الصفحة 12 )

وهي إطاعة أمر الله وسببيّته لذلك ، ولذا لو لم يكن صوم لم يتحقّق منه الإفطار ; لعدم المقتضي، كما عرفت .

واللازم أن يقال في حلّ الإشكال بالفرق بين العبادات الوجوديّة والعدميّة من جهة إمكان رعاية قصد القربة في القسم الأوّل بالإضافة إلى جميع أجزائها ، وأمّا في القسم الثاني فلا يعتبر فيه ذلك لعدم الإمكان ; لأنّه بعد فرض لزوم وجود المقتضي والشرائط يتحقّق حينئذ الترك المستند إلى وجود المانع ; وهي إطاعة أمر الله وامتثاله ، وهذا غير ممكن نوعاً ، خصوصاً بالنسبة إلى الصوم الذي مرجعه إلى اجتماع أعدام مضافة ، كعدم الأكل والشرب والجماع ومثلها في آن واحد مضافاً إليه تعالى بفرض وجود المقتضي مثلاً لكلّ من الأعدام ، وحينئذ هل يمكن تحقّق المقتضي بالنسبة إلى جمع المفطرات في آن واحد، كثبوت المقتضي للأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات في آن واحد معاً ؟ ومن الواضح استحالته .

نعم ، إذا كانت العبادة العدميّة عبارة عن أمر واحد عدميّ مثلاً، يمكن فيه فرض وجود المقتضي وكون الترك مستنداً إلى المانع. وأمّا مع اشتمالها على جملة من الأعدام المضافة فكيف يمكن فرض وجود المقتضي بالإضافة إلى إيجاد كلّ واحد منها ، فلا محيص من أن يقال بأ نّ المطلوب في مثلها هي نفس الترك ، ولو كان مستنداً إلى عدم المقتضي أو وجود المانع ، فهل يمكن الالتزام ببطلان صوم العنّين غير القادر على الجماع من جهة عدم ثبوت المقتضي له عليه ؟ وهكذا .

ويمكن القول بأن الصحّة في مثل الفرض مع ضرورة عباديّة الصوم واعتبار نيّة التقرّب فيه إنّما تكون لأجل ثبوت القضيّة التعليقيّة ; وهو عدم الارتكاب ولو مع وجود المقتضي وتحقّق الشرائط وكفاية مثلها في العباديّة; لعدم إمكان غيرها كما عرفت ، فمرجع العباديّة إلى أ نّه لو فرض وجود المقتضي والشرط أيضاً لايتحقّق