جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصوم
صفحات بعد
صفحات قبل
( الصفحة 200 )

يا سيّدي نذرت أن أصوم كلّ يوم سبت ، فإن أنا لم أصمه ما يلزمني من الكفّارة؟ فكتب إليه وقرأته : لا تتركه إلاّ من علّة ، وليس عليك صومه في سفر ولا مرض إلاّ أن تكون نويت ذلك ، وإن كنت أفطرت فيه من غير علّة فتصدّق بعدد كلّ يوم على سبعة مساكين ، نسأل الله التوفيق لما يحبّ ويرضى(1) .

وحكي عن المحقّق في المعتبر تضعيف الرواية (2)، مع أ نّ هذا الاستثناء كأ نّه متسالم عليه بين الأصحاب ، وذكر بعض الأعلام (قدس سره) المتضلّع في علم الرجال والأسانيد ما ملّخصه : أنّ وجه تضعيف المحقّق غير معلوم ; فإنّه إن كان النظر إلى علي بن مهزيار فهو من الأجلاّء ، وإن كان إلى الطريق فأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري الواقع فيه ثقة ، وإن كان إلى بندار صاحب الكتابة لأنّه مجهول ، فهو وإن كان كذلك، إلاّ أن الاعتبار بقراءة علي بن مهزيار الذي ذكر أنّه قرأ جواب الإمام (عليه السلام) إليه ، وإن كان إلى الإضمار فلا يحتمل مع كون الراوي هو ابن مهزيار أن يروي عن غير الإمام (عليه السلام)  ، فالرواية معتبرة من حيث السند لا مجال للخدشة فيها .

ويمكن أن تكون المناقشة في دلالة الرواية تارة : من جهة عطف المرض على السفر ، وهو يدلّ على ثبوت الحكم في المرض ، خصوصاً مع ذكر المرض بعده ، مع أنّ الحكم في المريض لا يدور مدار النيّة كما هو مذكور في الرواية ، بل منوط بخوف الضرر وعدمه ، كما عرفت .

واُخرى : من جهة دلالتها بالظهور بل بالصراحة على أنّ كفّارة مخالفة النذر في صورة عدم العلّة التصدّق على سبعة مساكين ، مع أنّ كفّارتها في هذه الصورة إمّا

  • (1) تهذيب الأحكام 4 : 286 ح 867 ، الاستبصار 2 : 125 ح 408 ، وعنهما وسائل الشيعة 10 : 379 ، كتاب الصوم ، أبواب بقيّة الصوم الواجب ب 7 ح 4 .
    (2) المعتبر 2 : 684 .

( الصفحة 201 )

كفّارة الإفطار في شهر رمضان ، أو كفّارة مخالفة اليمين المذكورة في الآية الشريفة ، مع أ نّ الاُولى ستّون على نحو التخيير ، والثانية عشرة كذلك ، وليس فيهما عدد السبعة بوجه .

وقد اُجيب عن الاُولى بأنّ القرينة الخارجيّة تكشف عن أنّ الإشارة في قوله (عليه السلام)  : «إلاّ أن تكون نويت ذلك» ترجع إلى خصوص السفر لا مع المرض . وعن الثانية بأنّ غايته سقوط هذه الفقرة عن الحجّية ; لوجود معارض أقوى ، والتفكيك بين الفقرات في الحجّية غير عزيز ، مع أنّ الرواية منقولة في بعض الكتب بالعشرة مكان سبعة ، فلا إشكال في الرواية(1) .

وأنت خبير بأنّه لو كان السفر عطفاً على المرض لأمكن أن يقال برجوع الاستثناء إلى الأخير أو المجموع ، مع أنّك عرفت العكس وأ نّ المرض قد عطف على السفر ووقع الاستثناء بعده ، مع أنّه لا يوجب التمامية ; لأنّ الفرض الاستثناء في خصوص النذر فقط ، فلا يمكن الجواب عن المناقشة بهذه الصورة . نعم ، لا مجال للخدشة في الجواب الثاني ; أي التفكيك بين فقرات مختلفة من رواية واحدة في الحجّية ولزوم الأخذ بالبعض ; لعدم المعارض وترك الآخر لوجود معارض أقوى ، كما لا يخفى .

والذي يسهّل الخطب استناد المشهور(2) بل الكلّ إلى هذه الرواية الوحيدة، مع كونها مورثة لشبهة عويص الدفع مذكورة في الاُصول مع جوابها . ومحصّلها : أنّه لابدّ في النذر من رجحان المتعلّق، كنذر الواجبات أو المستحبات ، فإذا لم يكن

  • (1) المستند في شرح العروة 21 : 465 ـ 466 .
    (2) جواهر الكلام 16 : 334 ـ 335 ، مستمسك العروة 8 : 408 ، المستند في شرح العروة 21 : 466 .

( الصفحة 202 )

الصوم في السفر راجحاً ولو في المندوب منه كما سيأتي التعرّض له ، فكيف يصير بالنذر في الصورتين الأوّلتين ـ وهما صورة النذر مقيّداً ، أو مصرّحاً فيه بالعموم للسفر ـ راجحاً ويجب الوفاء به ويتّصف بالصحّة ؟ والتحقيق موكول إلى محلّه ، فالاستناد بهذا الوجه لا يبقي لنا مجالاً للإشكال في الرواية ، كما هو ظاهر .

بقي الكلام في هذه المسألة في حكم الصوم المندوب في السفر صحّة وبطلاناً ، وقد قوّى في المتن العدم ، ونُسب إلى الأكثر الجواز (1)، بل عقد في الوسائل باباً لذلك (2)، والمنشأ اختلاف الروايات الواردة في هذا المجال .

فمنها: ما تدلّ على عدم الجواز ، مثل :

صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الصيام بمكة والمدينة ونحن في سفر ؟ قال : أفريضة؟ فقلت : لا ، ولكنّه تطوّع كما يتطوّع بالصلاة ، فقال : تقول : اليوم وغداً ؟ قلت : نعم ، فقال : لا تصم(3) .

ورواية عمار الساباطي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يقول : لله عليَّ أن أصوم شهراً ، أو أكثر من ذلك أو أقلّ ، فيعرض له أمر لابدّ له من أن يسافر ، أيصوم وهو مسافر؟ قال : إذا سافر فليفطر ; لأنّه لا يحلّ له الصوم في السفر فريضة كان أو غيره ، والصوم في السفر معصية(4) .

  • (1) راجع السرائر 1 : 393 ، ومستمسك العروة الوثقى 8 : 410 ـ 411 ، والمستند في شرح العروة 21 : 469 .
    (2) وسائل الشيعة 10 : 202 ، كتاب الصوم ، أبواب من يصحّ منه الصوم ب 12 .
    (3) تهذيب الأحكام 4 : 235 ح 690 ، الاستبصار 2 : 102 ح 332 ، وعنهما وسائل الشيعة 10 : 202 ، كتاب الصوم ، أبواب من يصحّ منه الصوم ب 12 ح 2 .
    (4) تهذيب الأحكام 4 : 328 ح 1022 ، وعنه وسائل الشيعة : 10 : 199 ، كتاب الصوم ، أبواب من يصحّ منه الصوم ب 10 ح 8 .

( الصفحة 203 )

ومنها : غير ذلك من الروايات الظاهرة في المنع في السفر مطلقاً .

وفي مقابلها ما يدلّ على الجواز ، مثل :

رواية إسماعيل بن سهل ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : خرج أبو  عبدالله (عليه السلام) من المدينة في أيّام بقين من شهر شعبان ، فكان يصوم ، ثمّ دخل عليه شهر رمضان وهو في السفر فأفطر ، فقيل له : تصوم شعبان وتفطر شهر رمضان ؟! فقال : نعم ، شعبان إليّ إن شئت صمت وإن شئت لا ، وشهر رمضان عزم من الله  ـ  عزّوجلّ ـ عليّ الإفطار(1) .

وصحيحة سليمان الجعفري قال : سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول : كان أبي (عليه السلام) يصوم يوم عرفة في اليوم الحار في الموقف ، ويأمر بظلّ مرتفع فيضرب له... الحديث(2) .

هذا ، ولكن رواية إسماعيل ـ مضافاً إلى إرسالها ـ في غاية الضعف ، وحكاية الفعل في الصحيحة إن كانت في مقام بيان الحكم كما هو الظاهر ، يستفاد منها الإطلاق كما قررّناه في محلّه ، ولا مجال لدعوى الإجمال وإمكان الحمل على النذر ، ومن الممكن الاختصاص بيوم عرفة ، فالظاهر تقدّم روايات المنع ، أو الحمل على النذر جمعاً .

ثمّ إنّ السيّد استثنى في العروة من عدم جواز الصوم المندوب أيضاً في السفر ، ثلاثة أيّام للحاجة في المدينة ، ثمّ قال : والأفضل الأربعاء والخميس والجمعة(3).

  • (1) الكافي 4 : 130 ح 1 ، تهذيب الأحكام 4 : 236 ح 692 ، الاستبصار 2 : 102 ح 334، وعنها وسائل الشيعة 10 : 203 ، كتاب الصوم ، أبواب من يصحّ منه الصوم ب 12 ح 4 .
    (2) تهذيب الأحكام 4 : 298 ح 901 ، الاستبصار 2 : 133 ح 433 ، وعنهما وسائل الشيعة 10 : 203 ، كتاب الصوم ، أبواب من يصحّ منه الصوم ب 12 ح 3 .
    (3) العروة الوثقى 2 : 45، الثالث .

( الصفحة 204 )

مسألة 2 : يشترط في صحّة الصوم المندوب ـ مضافاً إلى ما مرّ ـ أن لايكون عليه قضاء صوم واجب ، ولا يُترك الاحتياط في مطلق الواجب من كفّارة وغيرها ، بل التعميم لمطلقه لا يخلو من قُوّة 1 .

ويدلّ على الحكم المزبور صحيحة معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام صمت أوّل يوم الأربعاء ، وتصلّي ليلة الأربعاء عند أُسطوانة أبي لبابة ; وهي اُسطوانة التوبة التي كان ربط نفسه إليها حتّى نزل عذره من السّماء ، وتقعد عندها يوم الأربعاء ، ثمّ تأتي ليلة الخميس الاُسطوانة التي تليها ممّا يلي مقام النبيّ (صلى الله عليه وآله) ليلتك ويومك وتصوم يوم الخميس، ثمّ تأتي الاُسطوانة التي تلي مقام النبيّ (صلى الله عليه وآله) ومصلاّه ليلة الجمعة ، فتصلّي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة . . . الحديث(1) .

ثمّ إنّ ظاهر الرواية اختصاص الثلاثة بالأيّام المذكورة فيها ، ومقتضاه عدم التعدّي عنها ، ولا يوجد في البين رواية مطلقة يكون الجمع بينها ، وبين مثل الصحيحة هو الحمل على اختلاف المراتب وأفضليّة الثلاثة المذكورة ، فلا دليل على جواز التعدّي ، خصوصاً بعد ما عرفت من أنّ مقتضى الروايات المنع عن الصوم المندوب في السّفر ، فتدبّر .

1ـ كلّ ما مرّ في المسألة الاُولى من شرائط صحّة الصوم معتبر في صحّة الصوم المندوب أيضاً ، حتّى عدم السفر الذي قوّى فيه عدم الجواز بالإضافة إلى المسافر مع ثبوت الاستثناء في النوعين ، ويشترط في صحّة الصوم المندوب ـ زائداً على

  • (1) تهذيب الأحكام 6 : 16 ح 35 ، وعنه وسائل الشيعة 10 : 202 ، كتاب الصوم ، أبواب من يصحّ منه الصوم ب 12 ح 1 .