( الصفحة 378 )
ومنها : الاستمناء على الأحوط 1 .
ما على المظاهر(1) ; فإنّها ظاهرة في أنّ الموجب لثبوت كفّارة الظهار هو الوقاعحال الاعتكاف ، لا مجرّد الخروج من المسجد .
1ـ وجه الاحتياط عدم التعرّض له في أدلّة أحكام الاعتكاف ، وإنّما وقع التعرّض له في بابي الإحرام والصيام .
ولكنّه ذكر بعض الأعلام (قدس سره) (2) أ نّه يمكن استفادة الحكم على سبيل العموم بحيث يشمل المقام من موثّقة سماعة قال : سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل ؟ قال : عليه إطعام ستّين مسكيناً ، مدّ لكلّ مسكين(3) ; نظراً إلى أنّه ليس المراد أنّ مجرّد اللزوق بالأهل ثمّ الإنزال موجب للزوم الكفّارة ، بل المراد أ نّ كلّ مورد كان الجماع موجباًللكفّارة ، فالاستمناء بمنزلته في أصل الإيجاب . ومن الواضح أنّ الجماع حال الاعتكاف موجب لها كما سيجيء (4)، فالاستمناء أيضاً كذلك .
وأنا أقول : إنّ لزوم الكفّارة وإن كان غير ملازم للحرمة ـ كما عرفت(5) في بعض موارد إحرام الحجّ ـ إلاّ أنّ الظاهر استفادة الحرمة من الموثّقة ، كالجماع المحرّم في حال الاعتكاف ، ولا أقلّ من الالتزام بالاحتياط كما في المتن والعروة(6) .
- (1) تقدّمت في ص318.
(2) المستند في شرح العروة 22 : 482 .
(3) تهذيب الأحكام 4 : 320 ح 980 ، وعنه وسائل الشيعة 10 : 40 ، كتاب الصوم ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 4 ح 4 .
(4) في ص 385 .
(5) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحجّ 3 : 302 و ج 4 : 77 .
(6) العروة الوثقى 2 : 81 ، الأمر الثاني .
( الصفحة 379 )
ومنها : شمّ الطيب والريحان متلذّذاً ، ففاقد حاسّة الشمّ خارج 1 .
ومنها : البيع والشراء ، والأحوط ترك غيرهما أيضاً من أنواع التجارة ، كالصلح والإجارة وغيرهما ، ولو أوقع المعاملة صحّت وترتّب عليها الأثر على الأقوى . ولا بأس بالاشتغال بالأُمور الدنيويّة من أصناف المعايش حتّى الخياطة والنساجة ونحوهما وإن كان الأحوط الاجتناب . نعم ، لا بأس بها مع الاضطرار ، بل لا بأس بالبيع والشراء إذا مسّت الحاجة إليهما للأكل والشرب، مع عدم إمكان التوكيل ، بل مع تعذّر النقل بغير البيع والشراء أيضاً2 .
1ـ والأصل في هذا الأمر ما رواه أبو عبيدة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : المعتكف لايشمّ الطيب ، ولا يتلذّذ بالريحان ، ولا يماري ، ولا يشتريولايبيع . . . الحديث(1) ، وقد رواه المشايخ الثلاثة ، والنهي عن الشمّ يوجب خروج من كان فاقداً لحاسّة الشمّ كما في المتن ، وهل يعتبر التلذّذ ـ كما هو ظاهر المتن ـأو أنّ التلذّذ معتبر في خصوص الريحان، كما هو عنوان المنهيّ عنه في الرواية ؟ الظاهر الانصراف إلى صورة الالتذاذ ، كما ربما يقال(2) : إنّ الظاهر عرفاً من إضافة الشمّ إلى الطيب رعاية الوصف العنواني ، فشمّ الطيب لا للالتذاذ بل لغرض الاختبار ونحوه خارج أيضاً ، فتدبّر .
2 ـ والأصل في هذا الأمر ما تقدّم في الأمر السابق من رواية أبي عبيدة الدالّةعلى النهي عن البيع والشراء للمعتكف ، وهل يختصّ الحكم بالعنوانين ، فلا تشمل
- (1) الكافي 4: 177 ح 4 ، الفقيه 2: 121 ح 527 ، تهذيب الأحكام 4: 288 ح 872 ، الاستبصار 2: 129 ح 420 ، وعنها وسائل الشيعة 10: 553 ، كتاب الاعتكاف ب 10 ح 1 .
(2) القائل هو السيّد الخوئي (قدس سره) في المستند في شرح العروة 22 : 484 .
( الصفحة 380 )
ومنها : الجدال على أمر دنيويّ أو دينيّ إذا كان لأجل الغلبة وإظهار الفضيلة ، فإن كان بقصد إظهار الحقّ وردّ الخصم عن الخطأ فلا بأس به ، والأحوط للمعتكف اجتناب ما يجتنبه المحرم ، لكن الأقوى خلافه ، خصوصاً لبس المخيط وإزالة الشعر وأكل الصيد وعقد النكاح ، فإنّ جميع ذلك جائز له 1 .
الرواية مثل الصلح والإجارة ونحوهما من أنواع التجارة ؟ احتاط في المتن لزوماً بترك غيرهما أيضاً ، ولعلّه يحتمل قويّاً أن يكون العنوانان للإشارة إلى مطلق التجارة ، وأ نّ ذكرهما من باب كونهما من أظهر مصاديق التجارة ، كما لا يبعد .
ثمّ إنّه قوّى في المتن أنّه لو أوقع المعاملة صحّت وترتّب عليها الأثر ، ولعلّ الوجه فيه أنّ النهي المتعلّق بهما ليس للإرشاد إلى الفساد ، كما هو الغالب في النواهي المتعلّقة بالعبادات أو المعاملات ، بل النهي هنا كالنهي المتعلّق بالبيع وقت النداء في قوله ـ تعالى ـ : { وَ ذَرُوا الْبَيْعَ}(1) ، فلا مجال للمناقشة في الصحّة والتأثير في التمليك والتملّك .
نعم ، احتاط استحباباً بترك الاشتغال بالأُمور الدنيويّة من أصناف المعايش ، حتّى الخياطة والنساجة ونحوهما ; وذلك لعدم صدق عنوان التجارة عليها بوجه ، بل في المتن أنّه « لا بأس بالبيع والشراء إذا مسّت الحاجة إليهما للأكل والشرب» بحيث يصير معطّلا لهما مع عدم البيع والشراء ; وذلك لانصراف الرواية الدالّة على النهي عن هذا النحو من البيع والشراء . نعم ، حيث إنّ الضرورات تتقدّر بقدرها ، فاللازم الحكم بعدم البأس مع عدم إمكان التوكيل ، بل مع تعذّر النقل بغير البيع والشراء ; لأنّ الضرورة لا تكون حينئذ في فعله الخاصّ غير المتعذّر ، فتدبّر .
1ـ الأصل في هذا الأمر أيضاً صحيحة أبي عبيدة المتقدّمة الدالّة على النهي عن
( الصفحة 381 )
المماراة ، وقد فسّره السيّد في العروة(1) كما في المتن بأنّ المراد منه المجادلة ; سواء كانتلأمر دنيويّ أو دينيّ . نعم ، يختصّ بما إذا كان المقصود الغلبة وإظهار الفضيلة ; ضرورة أنّه إن كان الغرض إظهار الحقّ وردّ الخصم عن الخطأ فهو من العبادات الراجحة . نعم ، ربما يتحقّق ذلك بالإضافة إلى خصوص الأُمور الدينيّة . وأمّاالأُمور الدنيويّة ـ كقدوم زيد ـ ومثله فلا مجال لتحقّق عنوان العبادة فيه ، لكنّه ينصرف عنه النصّ الذي هو الدليل الوحيد في المسألة، كما مرّ .
ثمّ إنّ الواجب على المعتكف في أيّام الاعتكاف ـ التي يكون الصوم معتبراً ـ الاجتناب عمّا يبطل الصوم ; لتقوّمه به . وأمّا اجتناب ما يجتنبه المحرم فقد قوّى خلافه وإن احتاط استحباباً بالاجتناب ، ولعلّ الوجه في الاحتياط المذكور ما حكي عن الشيخ (قدس سره) من أنّه «روي أنّه يجتنب ما يجتنبه المحرم»(2) ، ولكن ـ مضافاً إلى أنّ الرواية مرسلة بالإرسال غير المعتبر ، وإلى أنّه لا دليل على لزوم الاجتناب المذكور ـ نقطع بعدم لبس النبيّ (صلى الله عليه وآله) ثوبي الإحرام في حال الاعتكاف الذي كان يستمرّ عليه ـ خصوصاً في العشر الأواخر ـ وترك الثوب المخيط ، ولم تتعرّض الرواية الحاكية لاعتكافه (صلى الله عليه وآله) (3) لشيء من ذلك ، ولم ينقل أنّه لم يعقد النكاح ولو لغيره في تلك الأيّام ، فالظاهر عدم لزوم الاجتناب عن محرّمات الإحرام .
وأمّا لزوم الاشتغال بالعبادة في جميع آنات الاعتكاف إلاّ ما اضطرّ إلى الاستراحة فيه ، فهو أيضاً لا دليل عليه ، خصوصاً مع أنّ نفس الاعتكاف عبادة حتّى بالإضافة إلى الليالي ، فضلا عن الأيّام التي يقع فيها الصوم ، كما لايخفى .
- (1) العروة الوثقى 2 : 82 ، الأمر الخامس .
(2) المبسوط 1 : 293 .
(3) وسائل الشيعة 10 : 533 ـ 534 ، كتاب الاعتكاف ب 1 ح 1 ، 2 و 4 .
( الصفحة 382 )
مسألة 1 : لا فرق في حرمة ما سمعته على المعتكف بين الليل والنهار عدا الإفطار 1 .
مسألة 2 : يُفسد الاعتكاف كلّ ما يُفسد الصوم من حيث اشتراطه به ، فبطلانه يوجب بطلانه ، وكذا يُفسده الجماع ولو وقع في الليل ، وكذا اللمس والتقبيل بشهوة . ثمّ إنّ الجماع يُفسده ولو سهواً . وأمّا سائر ما ذكر من المحرّمات ، فالأحوط في صورة ارتكابها عمداً أو سهواً ـ وكذا اللمس والتقبيل بشهوة إذا وقعا سهواً ـ إتمام الاعتكاف وقضاؤه إن كان واجباً معيّناً ، واستئنافه في غير المعيّن منه إن كان في اليومين الأوّلين ، وإتمامه واستئنافه إن كان في اليوم الثالث .
وإذا أفسده ، فإن كان واجباً معيّناً وجب قضاؤه ، ولا يجب الفور فيه وإن كان أحوط ، وإن كان غير معيّن وجب استئنافه ، وكذا يجب قضاء المندوب إن أفسده بعد اليومين . وأمّا قبلهما فلا شيء عليه ، بل في مشروعيّة قضائه إشكال ، وإنّما يجب القضاء أو الاستئناف في الاعتكاف الواجب إذا لم يشترط الرجوع فيه بما مرّ ، وإلاّ فلا قضاء ولا استئناف2 .
1ـ لا فرق في حرمة الأُمور المذكورة على المعتكف بين الليل والنهار سوى الإفطار غير الجائز في الصوم ; لمنافاته له مع اعتباره فيه .
2ـ في هذه المسألة جهات من الكلام :
الأُولى : أنّه يُفسد الاعتكاف كلّ ما يفسد الصوم ويوجب بطلانه ; ضرورة اشتراط الاعتكاف بالصوم وتقوّمه به ، فمع فساد الصوم لا يبقى وجه لصحّة الاعتكاف .