جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفسير مجمع البيان ـ ج5 « قرآن، حديث، دعا « صفحه اصلى  

<<        الفهرس        >>



مجمع البيان ج : 5 ص : 244
زوجين اثنين فيكون انتصاب اثنين على أنه صفة لزوجين فإن قلت فالزوجان قد فهم أنهما اثنان فكيف جاز وصفهما بقوله « اثنين » فإنما جاز ذلك للتأكيد و التشديد كما قال لا تتخذوا إلهين اثنين و قد جاء في غير هذا من الصفات ما مصرفة إلى التأكيد كقولهم أمس الدابر و نفخة واحدة و نعجة واحدة قال و مناة الثالثة الأخرى قال أبو علي و يجوز في قوله « بسم الله مجريها و مرساها » أن يكون حالا من شيئين من الضمير الذي في قوله « اركبوا » و من الضمير الذي في فيها فإن جعلت قوله « بسم الله » خبر مبتدإ مقدما في قول من لم يرفع بالظرف أو جعلت قوله « مجريها » مرتفعا بالظرف لم يكن قوله « بسم الله مجريها » إلا جملة في موضع الحال من الضمير الذي في فيها و لا يجوز أن يكون من الضمير الذي في قوله « اركبوا » لأنه لا ذكر فيها يرجع إلى الضمير أ لا ترى أن الظرف في قول من رفع بالظرف قد ارتفع به الظاهر و في قول من رفع في هذا النحو بالابتداء قد جعل في الظرف ضمير المبتدأ فإذا كان كذلك خلت الجملة من ذكر يعود إلى ذي الحال من الحال و إذا خلا من ذلك لم يكن إلا حالا من الضمير الذي في فيها و يجوز أن يكون بسم الله حالا من الضمير الذي في قوله « اركبوا » على أن لا يكون الظرف خبرا عن الاسم الذي هو مجريها على ما كان في الوجه الأول و يكون حالا من الضمير على حد قولك خرج بثيابه و ركب في سلاحه و المعنى ركب مستعدا بسلاحه و متلبسا بثيابه و في التنزيل و قد دخلوا بالكفر و هم قد خرجوا به فكان المعنى اركبوا متبركين باسم الله و متمسكين بذكر اسم الله و يكون في باسم الله ذكر يعود إلى المأمورين فإن قلت فكيف يكون اتصال المصدر الذي هو مجريها بالكلام على هذا فإنه يكون متعلقا بما في باسم الله من معنى الفعل و جاز تعلقه به لأنه يكون ظرفا على نحو مقدم الحاج و خفوق النجم كأنهم متبركين بهذا الاسم أو متمسكين به في وقت الجري أو الإجراء و الرسو أو الإرساء على حسب الخلاف بين القراء فيه و لا يكون الظرف متعلقا باركبوا لأن المعنى ليس عليه أ لا ترى أن المعنى لا يراد اركبوا فيها في وقت الجري و الثبات إنما المعنى اركبوا الآن متبركين باسم الله في الوقتين اللذين لا ينفك الراكبون فيها من الإجراء و الإرساء ليس يراد اركبوا وقت الجري و الرسو فموضع مجريها نصب على هذا الوجه بأنه ظرف عمل فيه المعنى و في الوجه الأول رفع بالابتداء أو بالظرف و يدل على أنه في الوجه الأول رفع و إن كان ذلك الفعل الذي كان يتعلق به لا يعتبر به الآن قول الشاعر أنشده الأصمعي :
وا بأبي أنت و فوك الأشنب
كأنما ذر عليه الزرنب
مجمع البيان ج : 5 ص : 245
و حجة من فتح مجريها قوله « و هي تجري بهم » و لو كان مجريها لكان و هي تجريهم و حجة من ضم إن جرت بهم و أجرتهم يتقاربان في المعنى يقال جرى الشيء و أجريته و جريت به و أما قوله « يا بني » فقد قال أبو علي الكسر في الياء الوجه في يا بني و ذلك أن اللام من ابن ياء أو واو حذفت في ابن كما حذفت في اسم و اثنين فإذا حقرت ألحقت ياء التحقير فلزم أن ترد اللام الذي حذفت لأنك لو لم تردها لوجب أن تحرك بالتحقير بحركات الإعراب و تعاقبها عليها و هي لا تحرك أبدا بحركة الإعراب و لا غيرها أ لا ترى أن من حذف الهمزة الساكن ما قبلها في نحو الخبء لم يفعل ذلك في الهمز نحو أفياس إنما يبدل من الهمزة ياء و يدغم فيها ياء التحقير كما يفعل ذلك مع ياء خطية و واو مقروة و نحو ذلك من حروف المد التي لا تتحرك فإذا تبينت أن ياء التحقير أجريت هذا المجرى علمت أنها لا تتحرك كما لا تتحرك حروف المد التي أجريت بالتحقير مجراها فلو لم ترد اللام مع ياء التحقير و جعلتها محذوفة في التحقير كما حذفتها في التكبير للزم الياء التي للتحقير الانقلاب كما لزم سائر حروف الإعراب فيبطل دلالتها على التحقير كما أن الألف في التكسير لو حركتها لبطلت دلالتها على التكسير و لذلك رددت اللام فإذا رددت اللام و أضفتها إلى نفسك اجتمعت ثلاث ياءات الأولى منها التي للتحقير و الثانية لام الفعل و الثالثة التي للإضافة تقول هذا بني فإذا ناديت جاز فيها وجهان إثبات الياء و حذفها فمن قال يا عبادي فأثبت فقياس قوله أن يقول بنيي و من قال يا عباد قال يا بني فحذف الياء التي للإضافة و أبقى الكسرة دالة عليها و هذا الوجه هو الجيد عندهم و من قرأ « يا بني » بالفتح فالقول فيه أنه أراد به الإضافة كما أرادها في قوله يا بني إذا كسر الياء التي هي لام الفعل كأنه قال يا بنيي بإثبات ياء الإضافة ثم أبدل من الكسرة الفتحة و من الياء الألف فصار يا بنيا كما قال الشاعر :
يا بنت عما لا تلومي و اهجعي ثم حذف الألف كما كان حذف الياء في يا بني و قد حذفت الياء التي للإضافة إذا أبدلت الألف منها أنشد أبو الحسن :
فلست بمدرك ما فأت مني
بلهف و لا بليت و لا لو أني إنما هو بلهفا قال أبو عثمان و وضع الألف مكان الياء في الإضافة مطرد و أجاز يا زيدا أقبل إذا أردت الإضافة فقال و على هذا قراءة من قرأ يا أبت لم تعبد و يا قوم لا أسألكم و أنشد :
و هل جزع أن قلت وا بتاهما و أما من قرأ و نادى نوح ابنه فإنه أراد ابنها كما روي عن
مجمع البيان ج : 5 ص : 246
عكرمة و المعنى ابن امرأته لأنه قد جرى ذكرها في قوله سبحانه « و أهلك » فحذف الألف تخفيفا كما قلنا في بني بالفتح و يا أبت و أما قراءة السدي ابناه فإنه يريد به الندبة و هو على الحكاية أي قال له يا ابناه و وا ابناه فأما ابنه بالسكون فعلى ما جاء في نحو قوله :
و مطواي مشتاقان له أرقان .

اللغة

الفور الغليان و أصله الارتفاع فار القدر يفور فورا و فؤرا و فورانا ارتفع ما فيه بالغليان و منه قولهم فعل ذلك من فوره أي من قبل أن يسكن و الإرساء إمساك السفينة بما تقف عليه يقال أرساها الله فرست قال عنترة :
فصبرت نفسا عند ذلك حرة
ترسو إذا نفس الجبان تطلع و الموج جمع موجة و هي قطعة عظيمة ترتفع عن جملة الماء الكثير و العصمة المنع .

الإعراب

حتى متعلقة بقوله و اصنع الفلك بأعيننا لا عاصم ركب عاصم مع لا فبني لأنهما بالتركيب صارا كاسم واحد و قيل إنه بني لتضمنه معنى من لأن هذا جواب هل من عاصم و حق الجواب أن يكون وفق السؤال فكان يجب أن يقول لا من عاصم إلا أن من حذفت و تضمن الكلام معناه فبني الاسم لذلك و هذا وجه حسن و اليوم خبر و العامل فيه المحذوف لا قوله عاصم لأنه لو عمل فيه عاصم لصار من صلته فكان يجب تنوينه لأنه يشبه المضاف كما تقول لا ضاربا زيدا في دارك و لم يقرأ أحد لا عاصما اليوم و قيل أن خبره قوله « من أمر الله » و التقدير لا ذا عصمة كائن من أمر الله في اليوم و اليوم معمول الظرف و إن تقدم عليه كما جاز كل يوم لك ثوب و لا يجوز أن يتعلق اليوم بنفس أمر لأن أمرا مصدر فلا يتقدم عليه ما في صلته و من رحم فيه ثلاثة أقوال ( أحدها ) أن يكون استثناء منقطعا لأن التقدير إلا من رحمه الله فيكون من مفعولا و استثناء من عاصم و عاصم فاعل فكأنه قال لكن من رحمه الله معصوم ( و ثانيها ) أن يكون المعنى لا عاصم إلا من رحمنا فكأنه قال لا عاصم إلا الله ( و الثالث ) أن عاصم هاهنا بمعنى معصوم و تقديره لا معصوم من أمر الله إلا من رحمه الله و قد يأتي فاعل بمعنى مفعول كقوله في عيشة راضية أي مرضية و ماء دافق أي مدفوق و قال الحطيئة :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
و اقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
مجمع البيان ج : 5 ص : 247
أي المكسو و على القولين الأخيرين يكون الاستثناء متصلا و قال ابن كيسان لما قال « لا عاصم » كان معناه لا معصوم لأن في نفي العاصم نفي المعصوم ثم قال « إلا من رحم » فاستثناه على المعنى فيكون متصلا .

المعنى

ثم أخبر سبحانه عن إهلاك قوم نوح فقال « حتى إذا جاء أمرنا » و المعنى فذلك حاله و حالهم حتى إذا جاء قضاؤنا بنزول العذاب « و فار التنور » بالماء أي ارتفع الماء بشدة اندفاع و في التنور أقوال ( أولها ) أنه تنور الخابزة و أنه تنور كان لآدم فار الماء منه علامة لنوح (عليه السلام) إذ نبع الماء من موضع غير معهود خروجه منه عن ابن عباس و الحسن و مجاهد ثم اختلف في ذلك فقال قوم أن التنور كان في دار نوح (عليه السلام) بعين وردة من أرض الشام و قال قوم بل كان في ناحية الكوفة و هو المروي عن أئمتنا (عليهم السلام) و روى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل قال كان التنور في بيت عجوز مؤمنة في دير قبلة ميمنة مسجد الكوفة قال قلت فكيف كان بدء خروج الماء من ذلك التنور قال نعم إن الله أحب أن يري قوم نوح آية ثم أن الله سبحانه أرسل عليهم المطر يفيض فيضا و فاض الفرات فيضا و فاضت العيون كلها فيضا فغرقهم الله و أنجى نوحا و من معه في السفينة فقلت فكم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء فخرجوا منها فقال لبث فيها سبعة أيام بلياليها فقلت له إن مسجد الكوفة لقديم فقال نعم و هو مصلى الأنبياء و لقد صلى فيه رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) حين أسري به إلى السماء قال له جبرائيل (عليه السلام) يا محمد هذا مسجد أبيك آدم و مصلى الأنبياء فانزل فصل فيه فنزل فصلى فيه ثم أن جبرائيل (عليه السلام) عرج به إلى السماء و في رواية أخرى أن السفينة استقلت بما فيها فجرت على ظهر الماء مائة و خمسين يوما بلياليها و روى أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر (عليه السلام) قال مسجد كوفان وسطه روضة من رياض الجنة الصلاة فيه بسبعين صلاة صلى فيه ألف نبي و سبعون نبيا فيه فار التنور و جرت السفينة و هو سرة بابل و مجمع الأنبياء (عليهم السلام) ( و ثانيها ) أن التنور وجه الأرض عن ابن عباس و الزهري و عكرمة و اختاره الزجاج و يؤيده قوله « و فجرنا الأرض عيونا » ( و ثالثها ) أن معنى قوله « و فار التنور » طلع الفجر و ظهرت أمارات دخول النهار و تقضي الليل من قولهم نور الصبح تنويرا و روي ذلك عن علي (عليه السلام) ( و رابعها ) أن التنور أعلى الأرض و أشرفها و المعنى نبع الماء من الأمكنة المرتفعة فشبهت بالتنانير لعلوها عن قتادة ( و خامسها ) أن فار التنور معناه اشتد غضب الله عليهم و وقعت نقمته بهم كما تقول العرب حمي الوطيس إذا اشتد الحرب و فار قدر القوم إذا اشتد حربهم قال الشاعر :
مجمع البيان ج : 5 ص : 248

تفور علينا قدرهم فنذيمها
و نفثاها عنا إذا حميها غلا يريد بالقدر الحرب و نذيمها نسكنها و هذا أبعد الأقوال من الأثر و حمل الكلام على الحقيقة التي تشهد بها الرواية أولى « قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين » أي قلنا لنوح (عليه السلام) لما فار الماء من التنور احمل في السفينة من كل جنس من الحيوان زوجين أي ذكر و أنثى و قد ذكرنا المعنى في حجة القراءتين « و أهلك » أي و احمل أهلك و ولدك « إلا من سبق عليه القول » أي من سبق الوعد بإهلاكه و الإخبار بأنه لا يؤمن و هي امرأته الخائنة و اسمها واغلة و ابنها كنعان « و من آمن » أي و احمل فيها من آمن بك من غير أهلك ثم أخبر سبحانه فقال « و ما آمن معه إلا قليل » أي إلا نفر قليل و هم ثمانون إنسانا في قول الأكثرين و قيل اثنان و سبعون رجلا و امرأة و بنوه الثلاثة و نساؤهم فهم ثمانية و سبعون نفسا و حمل معه جسد آدم (عليه السلام) عن مقاتل و قيل عشرة أنفس عن ابن إسحاق و قيل ثمانية أنفس عن ابن جريج و قتادة و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) و قيل سبعة أنفس عن الأعمش و كان فيهم بنوه الثلاثة سام و حام و يافث و ثلاث كنائن لهم فالعرب و الروم و فارس و أصناف العجم ولد سام و السودان من الحبش و الزنج و غيرهم ولد حام و الترك و الصين و الصقالبة و يأجوج و مأجوج ولد يافث « و قال اركبوا فيها » أي و قال نوح لمن آمن معه اركبوا في السفينة و في الكلام حذف تقديره فلما فار التنور و وقف نوح على ما دله الله عليه من هلاك الكفار قال لأهله و قومه « اركبوا فيها بسم الله مجريها و مرسيها » أي متبركين باسم الله أو قائلين بسم الله وقت إجرائها و وقت إرسائها أي إثباتها و حبسها و قيل معناه بسم الله إجراؤها و إرساؤها و قد ذكرنا تفسيره في الحجة و قال الضحاك كانوا إذا أرادوا أن تجري السفينة قالوا بسم الله مجريها فجرت و إذا أرادوا أن تقف السفينة قالوا بسم الله مرسيها فوقفت « إن ربي لغفور رحيم » هذا حكاية عما قاله نوح لقومه و وجه اتصاله بما قبله أنه لما ذكرت النجاة بالركوب في السفينة ذكرت النعمة بالمغفرة و الرحمة لتجتلبا بالطاعة كما اجتلبت النجاة بركوب السفينة « و هي تجري بهم في موج كالجبال » معناه أن السفينة كانت تجري بنوح و من معه على الماء في أمواج كالجبال في عظمها و ارتفاعها و دل بتشبيهها بالجبال على أن ذلك لم يكن موجا واحدا بل كان كثيرا و روي عن الحسن إن الماء ارتفع فوق كل شيء و فوق كل جبل ثلاثين ذراعا و قال غيره خمسة عشر ذراعا و قيل أن سفينة نوح سارت لعشر مضين من رجب فسارت ستة أشهر حتى
مجمع البيان ج : 5 ص : 249
طافت الأرض كلها لا تستقر في موضع حتى أتت الحرم فطافت بموضع الكعبة أسبوعا و كان الله سبحانه رفع البيت إلى السماء ثم سارت بهم حتى انتهت إلى الجودي و هو جبل بأرض الموصل فاستقرت عليه اليوم العاشر من المحرم و روى أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن نوحا ركب السفينة في أول يوم من رجب فصام و أمر من معه أن يصوموا ذلك اليوم و قال من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة « و نادى نوح ابنه » كنعان و قيل أن اسمه يأم « و كان في معزل » أي في قطعة من الأرض غير القطعة التي كان نوح فيها حين ناداه و قيل معناه كان في ناحية من دين أبيه أي قد اعتزل دينه و كان نوح يظن أنه مسلم فلذلك دعاه و قيل كان في معزل من السفينة « يا بني اركب معنا و لا تكن مع الكافرين » دعا ابنه إلى أن يركب معه في السفينة ليسلم من الغرق قال الحسن كان ينافق أباه فلذلك دعاه و قال أبو مسلم دعاه بشرط الإيمان و معناه يا بني آمن بالله ثم اركب معنا و لا تكن على دين الكافرين و على القول الأول يكون معناه لا تتخلف مع الكافرين فتغرق معهم فأجابه ابنه « قال س آوي إلى جبل » أي سأرجع إلى مأوى من جبل « يعصمني من الماء » أي يمنعني من آفات الماء « قال » نوح « لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم » أي لا مانع و لا دافع اليوم من عذاب الله إلا من رحمه الله بإيمانه ف آمن بالله يرحمك الله « و حال بينهما الموج فكان » أي فصار « من المغرقين » .
وَ قِيلَ يَأَرْض ابْلَعِى مَاءَكِ وَ يَسمَاءُ أَقْلِعِى وَ غِيض الْمَاءُ وَ قُضىَ الأَمْرُ وَ استَوَت عَلى الجُْودِى وَ قِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظلِمِينَ(44)

اللغة

البلع إجراء الشيء في الحلق إلى الجوف و الإقلاع إذهاب الشيء من أصله حتى لا يرى له أثر يقال أقلعت السماء إذا ذهب مطرها حتى لا يبقى شيء منه و أقلع عن الأمر إذا تركه رأسا .

المعنى

ثم بين سبحانه الحال بعد انتهاء الطوفان فقال « و قيل يا أرض ابلعي ماءك » أي قال الله سبحانه للأرض أنشفي ماءك الذي نبعت به العيون و اشربي ماءك حتى لا يبقى على وجهك شيء منه و هذا إخبار عن ذهاب الماء عن وجه الأرض بأوجز مدة فجرى مجرى أن قيل لها ابلعي فبلعت « و يا سماء أقلعي » أي و قال تعالى للسماء يا سماء أمسكي
مجمع البيان ج : 5 ص : 250
عن المطر و هذا إخبار عن إقشاع السحاب و انقطاع المطر في أسرع زمان فكأنه قال لها أقلعي فأقلعت « و غيض الماء » أي ذهب به عن وجه الأرض إلى باطنه و المعنى و نشفت الأرض ماءها و يقال أن الأرض ابتلعت جميع مائها و ماء السماء لقوله « و غيض الماء » و يقال لم تبتلع ماء السماء لقوله « ابلعي ماءك » و إن ماء السماء صار بحارا و أنهارا و هو المروي عن أئمتنا (عليهم السلام) « و قضي الأمر » أي وقع إهلاك الكفار على التمام و فرغ من الأمر و قيل و قضي الأمر بنجاة نوح و من معه « و استوت على الجودي » أي استقرت السفينة على الجبل المعروف قال الزجاج هو بناحية آمد و قال غيره بقرب جزيرة الموصل قال زيد بن عمرو بن نفيل :
سبحانه ثم سبحانا يعود له
و قبله سبح الجودي و الجمد و قال أبو مسلم الجودي اسم لكل جبل و أرض صلبة و في كتاب النبوة مسندا إلى أبي بصير عن أبي الحسن علي بن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال كان نوح لبث في السفينة ما شاء الله و كانت مأمورة فخلى سبيلها فأوحى الله إلى الجبال إني واضع سفينة نوح على جبل منكن فتطاولت الجبال و شمخت و تواضع الجودي و هو جبل بالموصل فضرب جؤجؤ السفينة الجبل فقال نوح عند ذلك يا ماريا أتقن و هو بالعربية يا رب أصلح و في رواية أخرى يا رهمان أتقن و تأويله يا رب أحسن و قيل أرست السفينة على الجودي شهرا « و قيل بعدا للقوم الظالمين » أي قال الله تعالى ذلك و معناه أبعد الله الظالمين من رحمته لإيرادهم أنفسهم مورد الهلاك و إنما انتصب على المصدر و فيه معنى الدعاء و يجوز أن يكون هذا من قول الملائكة أو من قول نوح و المؤمنين و في هذه الآية من بدائع الفصاحة و عجائب البلاغة ما لا يقارب كلام البشر و لا يدانيه منها أنه خرج مخرج الأمر و إن كانت الأرض و السماء من الجماد ليكون أدل على الاقتدار و منها حسن تقابل المعنى و ائتلاف الألفاظ و منها حسن البيان في تصوير الحال و منها الإيجاز من غير إخلال إلى غير ذلك مما يعلمه من تدبره و له معرفة بكلام العرب و محاوراتهم و يروى أن كفار قريش أرادوا أن يتعاطوا معارضة القرآن فعكفوا على لباب البر و لحوم الضأن و سلاف الخمر أربعين يوما لتصفو أذهانهم فلما أخذوا فيما أرادوا سمعوا هذه الآية فقال بعضهم لبعض هذا كلام لا يشبهه شيء من الكلام و لا يشبه كلام المخلوقين و تركوا ما أخذوا فيه و افترقوا .

مجمع البيان ج : 5 ص : 251
وَ نَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَب إِنَّ ابْنى مِنْ أَهْلى وَ إِنَّ وَعْدَك الْحَقُّ وَ أَنت أَحْكَمُ الحَْكِمِينَ(45) قَالَ يَنُوحُ إِنَّهُ لَيْس مِنْ أَهْلِك إِنَّهُ عَمَلٌ غَيرُ صلِح فَلا تَسئَلْنِ مَا لَيْس لَك بِهِ عِلْمٌ إِنى أَعِظك أَن تَكُونَ مِنَ الْجَهِلِينَ(46) قَالَ رَب إِنى أَعُوذُ بِك أَنْ أَسئَلَك مَا لَيْس لى بِهِ عِلْمٌ وَ إِلا تَغْفِرْ لى وَ تَرْحَمْنى أَكن مِّنَ الْخَسِرِينَ(47) قِيلَ يَنُوحُ اهْبِط بِسلَم مِّنَّا وَ بَرَكَت عَلَيْك وَ عَلى أُمَم مِّمَّن مَّعَك وَ أُمَمٌ سنُمَتِّعُهُمْ ثمَّ يَمَسهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ(48) تِلْك مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْك مَا كُنت تَعْلَمُهَا أَنت وَ لا قَوْمُك مِن قَبْلِ هَذَا فَاصبرْ إِنَّ الْعَقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ(49)

القراءة

قرأ الكسائي و يعقوب و سهل إنه عمل غير صالح على الفعل و نصب غير و الباقون « عمل » اسم مرفوع منون غير بالرفع و قرأ ابن كثير فلا تسئلن مشددة النون مفتوحة و قرأ أبو عمرو و يعقوب و سهل فلا تسئلني خفيفة النون مثبتة الياء و قرأ أهل الكوفة خفيفة النون بغير ياء و قرأ أهل المدينة غير قالون فلا تسئلني مشددة النون مثبتة الياء و قرأ ابن عامر و قالون فلا تسئلن مشددة النون مكسورة بغير ياء .

الحجة

قال أبو علي من قرأ « إنه عمل » فنون فالمراد أن سؤالك ما ليس لك به علم عمل غير صالح و يحتمل أن يكون الضمير في أنه لما دل عليه قوله اركب معنا و لا تكن مع الكافرين فيكون تقديره إن كونك مع الكافرين و انحيازك إليهم و تركك الركوب معنا و الدخول في جملتنا عمل غير صالح و يجوز أن يكون الضمير لابن نوح كأنه جعل عملا غير صالح كما يجعل الشيء الشيء لكثرة ذلك منه كقولهم الشعر زهير أو يكون المراد إنه ذو عمل غير
مجمع البيان ج : 5 ص : 252
صالح فحذف المضاف و من قرأ إنه عمل غير صالح فيكون في المعنى كقراءة من قرأ « إنه عمل غير صالح » و هو يجعل الضمير لابن نوح و تكون القراءتان متفقتين في المعنى و إن اختلفتا في اللفظ و من ضعف هذه القراءة بأن العرب لا تقول هو يعمل غير حسن حتى يقولوا عمل غير حسن فالقول فيه أنهم يقيمون الصفة مقام الموصوف عند ظهور المعنى فيقول القائل قد فعلت صوابا و قلت حسنا بمعنى فعلت فعلا صوابا و قلت قولا حسنا قال عمر بن أبي ربيعة :
أيها القائل غير الصواب
أخر النصح و أقلل عتابي و قال أيضا :
و كم من قتيل ما يباء به دم
و من غلق رهن إذا لفه مني
و من مالىء عينيه من شيء غيره
إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى أراد و كم من إنسان قتيل و نظائره كثيرة و من قرأ فلا تسئلن بفتح اللام و لم يكسر النون عدى السؤال إلى مفعول واحد في اللفظ و المعنى على التعدي إلى مفعول ثان و من كسر النون هاهنا فإنه يدل على تعدية السؤال إلى مفعولين ( أحدهما ) اسم المتكلم و الآخر اسم الموصول و حذفت النون المتصلة بياء المتكلم لاجتماع النونات كما حذفت النون من قولهم إني كذلك و كما حذفت النون من قوله :
يسوء الفاليات إذا فليني و أما إثبات الياء في الوصل فهو الأصل و حذفها أخف و الكسرة تدل عليها .

الإعراب

قوله « ما ليس لك به علم » يحتمل قوله به في الآية وجهين ( أحدهما ) أن يكون كقوله :
كان جزائي بالعصا أن أجلدا إذا قدمت بالعصا و كقوله « و كانوا فيه من الزاهدين » و « إني لكما لمن الناصحين » « و أنا على ذلكم من الشاهدين » و زعم أبو الحسن أن ذلك إنما يجوز في حروف الجر و التقدير فيه التعليق بمضمر يفسره هذا الذي ظهر بعد و إن كان لا يجوز تسلطه عليه و مثل ذلك قوله يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين فانتصب يوم يرون بما دل عليه لا بشرى يومئذ و لا يجوز لما بعد لا هذه أن يتسلط على يوم
مجمع البيان ج : 5 ص : 253
يرون و كذلك إني لكما لمن الناصحين متعلق بما دل عليه النصح المظهر و التقدير إني ناصح لكما لمن الناصحين و كذلك به في قوله « ما ليس لك به علم » يتعلق بما يدل عليه قوله علم الظاهر و إن لم يجز أن يعمل فيه و الوجه الآخر أن يكون متعلقا بالمستقر و هو العامل فيه كتعلق الظرف بالمعاني كما تقول ليس لك فيه رضا فيكون به في الآية بمنزلة فيه و العلم يراد به العلم المتيقن الذي يعلم به الشيء على الحقيقة ليس العلم الذي يعلم به الشيء على ظاهره كالذي في قوله « فإن علمتموهن مؤمنات » و نحو ما يعلمه الحاكم بشهادة الشاهدين و إقرار المقر بما يدعي و نحو ذلك مما يعلم به العلم الظاهر الذي يسع الحاكم الحكم بالشيء معه « تلك من أنباء الغيب » تلك مبتدأ و من أنباء الغيب الخبر و « نوحيها إليك » خبر ثان و إن شئت كان في موضع الحال أي تلك كائنة من أنباء الغيب موحاة إليك و إن شئت كان تلك مبتدأ و نوحيها الخبر و الجار من صلة نوحيها أي تلك نوحيها إليك من أنباء الغيب و لا يجوز أن يكون من زيادة على تقدير تلك أنباء الغيب لأنها لا تزاد في الموجب و يجوز على قول الأخفش .

المعنى

ثم حكى سبحانه تمام قصة نوح (عليه السلام) فقال « و نادى نوح ربه » نداء تعظيم و دعاء « فقال رب إن ابني من أهلي و إن وعدك الحق » معناه يا مالكي و خالقي و رازقي وعدتني بتنجية أهلي و إن ابني من أهلي و إن وعدك الحق لا خلف فيه فنجه إن كان ممن وعدتني بنجاته « و أنت أحكم الحاكمين » في قولك و فعلك « قال » الله سبحانه « يا نوح إنه ليس من أهلك » و قد قيل في معناه أقوال ( أحدها ) أنه كان ابنه لصلبه و المعنى أنه ليس من أهلك الذين وعدتك بنجاتهم معك لأن الله سبحانه قد استثنى من أهله الذين وعده أن ينجيهم من أراد إهلاكهم بالغرق فقال إلا من سبق عليه القول عن ابن عباس و سعيد بن جبير و الضحاك و عكرمة و اختاره الجبائي ( و ثانيها ) أن المراد بقوله « ليس من أهلك » أنه ليس على دينك فكأن كفره أخرجه عن أن يكون له أحكام أهله عن جماعة من المفسرين و هذا كما قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) سلمان منا أهل البيت و إنما أراد على ديننا و روى علي بن مهزيار عن الحسن بن علي الوشاء عن الرضا (عليه السلام) قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) أن الله تعالى قال لنوح « إنه ليس من أهلك » لأنه كان مخالفا له و جعل من اتبعه من أهله و يؤيد هذا التأويل أن الله سبحانه قال على طريق التعليل « إنه عمل غير صالح » فبين أنه إنما خرج عن أحكام أهله لكفره و سوء عمله و روي عن عكرمة أنه قال كان ابنه و لكنه كان مخالفا له في العمل و النية فمن ثم قيل « إنه ليس من أهلك » ( و ثالثها ) أنه لم يكن ابنه على الحقيقة و إنما ولد على فراشه فقال
مجمع البيان ج : 5 ص : 254
(عليه السلام) إنه ابني على ظاهر الأمر فأعلمه الله تعالى أن الأمر بخلاف الظاهر و نبهه على خيانة امرأته عن الحسن و مجاهد و هذا الوجه بعيد من حيث أن فيه منافاة القرآن لأنه تعالى قال و نادى نوح ابنه و لأن الأنبياء يجب أن ينزهوا عن مثل هذه الحال لأنها تعير و تشين و قد نزه الله أنبياءه عما دون ذلك توقيرا لهم و تعظيما عما ينفر من القبول منهم و روي عن ابن عباس أنه قال ما زنت امرأة نبي قط و كانت الخيانة من امرأة نوح أنها كانت تنسبه إلى الجنون و الخيانة من امرأة لوط أنها كانت تدل على أضيافه ( و رابعها ) أنه كان ابن امرأته و كان ربيبة و يعضده قراءة من قرأ ابنه بفتح الهاء و ابنها و المعتمد المعول عليه في تأويل الآية القولان الأولان « إنه عمل غير صالح » قد ذكرنا الوجه في القراءتين و اختار المرتضى ( رض ) في تأويله أن التقدير أن ابنك ذو عمل غير صالح و استشهد على ذلك بقول الخنساء :
ما أم سقب على بو تطيف به
قد ساعدتها على التحنان أظئار
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت
فإنما هي إقبال و إدبار أرادت فإنما هي ذات إقبال و إدبار قال و من قال أن المعني إن سؤالك إياي ما ليس لك به علم عمل غير صالح فإن من امتنع من أن يقع على الأنبياء شيء من القبائح يدفع ذلك فإذا قيل له فلم قال « فلا تسئلن ما ليس لك به علم » و كيف قال نوح « رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم » قال لا يمتنع أن يكون نهي عن سؤال ما ليس لك به علم و إن لم يقع منه و إن يكون تعوذ من ذلك و إن لم يوقعه كما نهى الله سبحانه نبيه عن الشرك في قوله لئن أشركت ليحبطن عملك و إن لم يجز وقوع ذلك منه و إنما سأل نوح (عليه السلام) نجاة ابنه بشرط المصلحة لا على سبيل القطع فلما بين الله تعالى أن المصلحة في غير نجاته لم يكن ذلك خارجا عما تضمنه السؤال و قوله « إني أعظك » أي أحذرك و الوعظ الدعاء إلى الحسن و الزجر عن القبيح على وجه الترغيب و الترهيب « أن تكون من الجاهلين » معناه لا تكن منهم قال الجبائي يعني إني أعظك لئلا تكون من الجاهلين و لا شك أن وعظه سبحانه يصرف عن الجهل و ينزه عن القبيح « قال » نوح عند ذلك « رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم » أي أعتصم بك أن أسألك ما لا أعلم أنه صواب و أنك تفعله و معنى
مجمع البيان ج : 5 ص : 255
العياذ بالله الاعتصام به طلبا للنجاة و معناه هاهنا الخضوع و التذلل لله سبحانه ليوفقه و لا يكله إلى نفسه و إنما حذف يا من قوله « رب » و أثبته في قوله « يا نوح » لأن ذلك نداء تعظيم و هذا نداء تنبيه فوجب أن يأتي بحرف التنبيه « و إلا تغفر لي و ترحمني أكن من الخاسرين » إنما قال ذلك على سبيل التخشع و الاستكانة لله تعالى و إن لم يسبق منه ذنب ثم حكى الله سبحانه ما أمر به نوحا حين استقرت السفينة على الجبل بعد خراب الدنيا بالطوفان فقال « قيل يا نوح اهبط » أي أنزل من الجبل أو من السفينة « بسلام منا » أي بسلامة منا و نجاة و قيل بتحية و تسليم منا عليك « و بركات عليك » أي و نعم دائمة و خيرات نامية ثابتة حالا بعد حال عليك « و على أمم ممن معك » يعني الأمم الذين كانوا معه في السفينة من المؤمنين و الأمة الجماعة الكثيرة المتفقة على ملة واحدة و قيل معناه و على أمم من ذرية من معك و قيل يعني بالأمم سائر الحيوان الذين كانوا معه لأن الله تعالى جعل فيها البركة « و أمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم » معناه أنه يكون من نسلهم أمم سنمتعهم في الدنيا بضروب من النعم فيكفرون و نهلكهم ثم يمسهم بعد الهلاك عذاب مؤلم و إنما ارتفع أمم لأنه استأنف الإخبار عنهم و روي عن الحسن أنه قال هلك المتمتعون في الدنيا لأن الجهل يغلب عليهم و الغفلة فلا يتفكرون إلا في الدنيا و عمارتها و ملاذها ثم أشار سبحانه إلى ما تقدم ذكره من أخبار قوم نوح فقال « تلك » أي تلك الأنباء « من أنباء الغيب » أي من أخبار ما غاب عنك معرفته و لو قال ذلك كان جائزا لأن المصادر قد يكنى عنها بالتذكير كما يكنى بالتأنيث يقولون قدم فلان ففرحت بها أي بقدمته و فرحت به أي بقدومه « نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت و لا قومك من قبل هذا » أي أن هذه الأخبار التي أعلمناكها لم تكن تعلمها أنت و لا قومك من العرب يعرفونها من قبل إيحائنا إليك لأنهم لم يكونوا أهل كتاب و سير و قيل من قبل هذا القرآن و بيان القصص فيه « فاصبر » أي فاصبر على القيام بأمر الله و على أذى قومك يا محمد كما صبر نوح على أذى قومه و هذا أحد الوجوه التي لأجلها كرر الله قصص الأنبياء (عليهم السلام) ليصبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) على ما كان يقاسيه من أمور الكفار الجهال حالا بعد حال « إن العاقبة للمتقين » أي إن العاقبة المحمودة و خاتمة الخير و النصرة للمتقين كما كانت لنوح (عليه السلام) .

مجمع البيان ج : 5 ص : 256
وَ إِلى عَاد أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكم مِّنْ إِلَه غَيرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلا مُفْترُونَ(50) يَقَوْمِ لا أَسئَلُكمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِى إِلا عَلى الَّذِى فَطرَنى أَ فَلا تَعْقِلُونَ(51) وَ يَقَوْمِ استَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السمَاءَ عَلَيْكم مِّدْرَاراً وَ يَزِدْكمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَ لا تَتَوَلَّوْا مجْرِمِينَ(52) قَالُوا يَهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَة وَ مَا نحْنُ بِتَارِكى ءَالِهَتِنَا عَن قَوْلِك وَ مَا نحْنُ لَك بِمُؤْمِنِينَ(53) إِن نَّقُولُ إِلا اعْترَاك بَعْض ءَالِهَتِنَا بِسوء قَالَ إِنى أُشهِدُ اللَّهَ وَ اشهَدُوا أَنى بَرِىءٌ مِّمَّا تُشرِكُونَ(54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونى جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنظِرُونِ(55) إِنى تَوَكلْت عَلى اللَّهِ رَبى وَ رَبِّكم مَّا مِن دَابَّة إِلا هُوَ ءَاخِذُ بِنَاصِيَتهَا إِنَّ رَبى عَلى صِرَط مُّستَقِيم(56) فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكم مَّا أُرْسِلْت بِهِ إِلَيْكمْ وَ يَستَخْلِف رَبى قَوْماً غَيرَكمْ وَ لا تَضرُّونَهُ شيْئاً إِنَّ رَبى عَلى كلِّ شىْء َفِيظٌ(57) وَ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نجَّيْنَا هُوداً وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَة مِّنَّا وَ نجَّيْنَهُم مِّنْ عَذَاب غَلِيظ(58) وَ تِلْك عَادٌ جَحَدُوا بِئَايَتِ رَبهِمْ وَ عَصوْا رُسلَهُ وَ اتَّبَعُوا أَمْرَ كلِّ جَبَّار عَنِيد(59) وَ أُتْبِعُوا فى هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَ يَوْمَ الْقِيَمَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُوا رَبهُمْ أَلا بُعْداً لِّعَاد قَوْمِ هُود(60)

اللغة

الفطر الشق عن أمر الله كما ينفطر الورق عن الشجر و منه فطر الله الخلق لأنه بمنزلة ما شق عنه فظهر .
المدرار الدار الكثير المتتابع على قدر الحاجة إليه دون الزائد
مجمع البيان ج : 5 ص : 257
المفسد المضر و مفعال للمبالغة كقولهم معطار و مقدام و اعتراك من قولهم عراه يعروه إذا أصابه قال الشاعر :
من القوم يعروه اجتراء و مأثم ) و الفرق بين الإنظار و التأخير إن الإنظار إمهال لينظر صاحبه في أمره و التأخير خلاف التقديم و الناصية قصاص الشعر و أصله الاتصال من قولهم مفازة تناصي مفازة إذا كانت الأخيرة متصلة بالأولى قال فيء تناصيها بلا دفيء و قال أبو النجم :
إن يمس رأسي أشمط العناصي
كأنما فرقه المناصي أي يجاذب ليتصل به في مرة العنيد العاتي الطاغي عند يعند عنودا إذا تجبر و عند عن الأمر إذا حاد عنه فهو عاند و عنود .

الإعراب

أخاهم نصب بتقدير أرسلنا كأنه قال و أرسلنا إلى عاد أخاهم و هودا عطف بيان و عاد مصروف لأن المراد به الحي و قد يقصد به القبيلة فلا يصرف قال :
لو شهد عاد في زمان عاد
لأبتزها مبارك الجلاد غيره من ضم الراء حمل الصفة على الموضع و من جره حمله على اللفظ قوله « إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء » قال صاحب كتاب كشف الجامع النحوي إن حرف نفي لحقت نقول فنفت جميع القول إلا قولا واحدا و هو قولهم « اعتراك بعض آلهتنا بسوء » و التقدير ما نقول قولا إلا هذه المقالة و الفعل يدل على المصدر و على الظرف و على الحال و يجوز أن يذكر الفعل ثم يستثني من مدلوله ما دل عليه من المصادر و الظروف و الأحوال فنقول اعتراك مستثنى من المصدر الذي دل عليه نقول كقوله تعالى « أ فما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى » فنصب موتتنا على الاستثناء لأنه مستثنى من ضروب الموت الذي دل عليه قوله بميتين و مما جاء من ذلك في الظروف قوله « و يوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار » فساعة استثناء مما دل عليه يلبثوا من الأوقات و مما جاء من ذلك في الحال قوله « ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله » التقدير ضربت عليهم الذلة في جميع الأحوال أينما ثقفوا إلا متمسكين بحبل أي بعهد من الله انتهى كلامه و قوله « فإن تولوا »
مجمع البيان ج : 5 ص : 258
تقديره فإن تتولوا فحذف إحدى التاءين لدلالة الكلام عليه و قوله « بعدا لعاد » منصوب على المصدر أي أبعدهم الله بعدا فوقع بعدا موقع إبعاد كما وقع نبات موقع إنبات في قوله « و الله أنبتكم من الأرض نباتا » .

المعنى

ثم عطف سبحانه قصة هود على قصة نوح فقال « و إلى عاد أخاهم هودا » أراد أخاهم في النسب دون الدين « قال يا قوم اعبدوا الله » وحده و أطيعوه دون الأصنام « ما لكم من إله غيره » دخول من يفيد التعميم نفى أن يكون لهم معبود يستحق العبادة غير الله عز اسمه « إن أنتم إلا مفترون » أي ما أنتم إلا كاذبون في قولكم إن الأصنام آلهة « يا قوم لا أسألكم عليه أجرا » أي لست أطلب منكم على دعائي لكم إلى عبادة الله جزاء « إن أجري إلا على الذي فطرني » أي ليس جزائي إلا على الله الذي خلقني « أ فلا تعقلون » عنى ما أقول لكم فتعلمون أن الأمر على ما أقوله « و يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه » قد بينا وجه تقديم الاستغفار على التوبة في أول هذه السورة « يرسل السماء عليكم مدرارا » أي يرسل المطر عليكم متتابعا متواترا دارا و قيل أنهم كانوا قد أجدبوا فوعدهم هود أنهم إن تابوا أخصبت بلادهم و أمرعت وهادهم و أثمرت أشجارهم و زكت ثمارهم بنزول الغيث الذي يعيشون به و هذا مثل قوله و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب « و يزدكم قوة إلى قوتكم » فسرت القوة هنا بالمال و الولد و الشدة و كل ذلك مما يتقوى به الإنسان قال علي بن عيسى يريد عزا إلى عزتكم بكثرة عددكم و أموالكم و قيل قوة في إيمانكم إلى قوة أبدانكم « و لا تتولوا » عما أدعوكم إليه « مجرمين » أي مشركين كافرين « قالوا يا هود ما جئتنا ببينة » أي بحجة و معجزة تبين صدقك « و ما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك » أي لسنا بتاركي عبادة الأصنام لأجل قولك و قيل إن عن جعلت مكان الباء فمعناه بقولك « و ما نحن لك بمؤمنين » أي مصدقين و إنما حملهم على دفع البينة مع ظهورها أشياء منها تقليد الآباء و الرؤساء و منها إتمامهم لمن جاء بها حيث لم ينظروا فيها و منها أنه دخلت عليهم الشبهة في صحتها و منها اعتقادهم لأصول فاسدة دعتهم إلى جحدها و إنما حملهم على عبادة الأوثان أشياء منها اعتقادهم إن عبادتها تقربهم إلى الله زلفى و منها أن الشيطان ربما ألقى إليهم أن عبادتها تحظيهم في الدنيا و منها أنهم ربما اعتقدوا مذهب المشبهة فاتخذوا الأوثان على صورته عندهم فعبدوها « إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء » هذا تمام الحكاية عن قوم هود جوابا لهود و المعنى لسنا نقول
مجمع البيان ج : 5 ص : 259
فيك إلا أنه أصابك بعض آلهتنا بسوء فخبل عقلك لشتمك لها و سبك إياها ذهب إليه ابن عباس و مجاهد « قال » أي قال هود لقومه « إني أشهد الله و اشهدوا » أي و أشهدكم أيضا بعد إشهاد الله « أني بريء مما تشركون من دونه » أي إن كنتم تزعمون أن آلهتكم عاقبتني لطعني عليها فإني على بصيرة في البراءة مما تشركونه مع الله من آلهتكم التي تزعمون أنها أصابتني بسوء و إنما أشهدهم على ذلك و إن لم يكونوا أهل شهادة من حيث كانوا كفارا فساقا إقامة للحجة عليهم لا لتقوم الحجة بهم فقال هذا القول إعذارا و إنذارا و قيل إنه أراد بقوله « اشهدوا » و اعلموا كما قال شهد الله أي علم الله « فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون » أي فاحتالوا و اجتهدوا أنتم و آلهتكم في إنزال مكروه بي ثم لا تمهلوني قال الزجاج و هذا من أعظم آيات الأنبياء أن يكون الرسول وحده و أمته متعاونة عليه فيقول لهم كيدوني فلا يستطيع واحد منهم ضره و كذلك قال نوح لقومه فاجمعوا أمركم و شركاءكم الآية و قال نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) فإن كان لكم كيد فكيدون و مثل هذا القول لا يصدر إلا عمن هو واثق بنصر الله و بأنه يحفظه عنهم و يعصمه منهم ثم ذكر هود (عليه السلام) هذا المعنى فقال « إني توكلت على الله ربي و ربكم » أي فوضت أمري إلى الله سبحانه متمسكا بطاعته تاركا لمعصيته و هذا هو حقيقة التوكل على الله سبحانه « ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها » أي ما من حيوان يدب على وجه الأرض إلا و هو مالك لها يصرفها كيف يشاء و يقهرها و جعل الآخذ بالناصية كناية عن القهر و القدرة لأن من أخذ بناصية غيره فقد قهره و أذله « إن ربي على صراط مستقيم » أي أنه سبحانه مع كونه قاهرا على عدل فيما يعامل به عباده و المعنى أنه يعدل و لا يجوز و قيل معناه إن ربي في تدبير عباده على طريق مستقيم لا عوج فيه و لا اضطراب فهو يجري على سبيل الصواب و يفعل ما يقتضيه الحكمة « فإن تولوا » هذا حكاية عما قاله هود (عليه السلام) لقومه و المعنى فإن تتولوا و يجوز أن يكون حكاية عما قاله سبحانه لهود و المعنى فإن تولوهم « ف » قل لهم « قد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم » أي ليس ذلك لتقصير مني في إبلاغكم و إنما هو لسوء اختياركم في إعراضكم عن نصحي فقد أبلغتكم جميع ما أوحي إلي « و يستخلف ربي قوما غيركم » أي و يهلككم ربي بكفركم و يستبدل بكم قوما غيركم يوحدونه و يعبدونه « و لا تضرونه شيئا » يعني إذا استخلف غيركم فجعلهم بدلا منكم لا تقدرون له على ضر و قيل معناه لا تضرونه بتوليكم و إعراضكم شيئا و لا ضرر عليه في إهلاككم لأنه لم يخلقكم لحاجة منه إليكم « إن ربي على كل شيء حفيظ » يحفظه من الهلاك إن شاء و يهلكه إذا شاء و قيل معناه إن ربي يحفظني عنكم و عن أذاكم و قيل معناه إن ربي على كل شيء من أعمال عباده حفيظ حتى يجازيهم عليها « و لما جاء أمرنا » بهلاك عاد « نجينا هودا و الذين آمنوا معه »
مجمع البيان ج : 5 ص : 260
من الهلاك و قيل أنهم كانوا أربعة آلاف « برحمة منا » أي بما أريناهم من الهدى و البيان عن ابن عباس و قيل « برحمة منا » أي بنعمة منا و هي النجاة أي أنجيناهم برحمة ليعلم أنه عذاب أريد به الكفار لا اتفاق وقع « و نجيناهم من عذاب غليظ » أي كما نجيناهم من عذاب الدنيا نجيناهم من عذاب الآخرة و الغليظ الثقيل العظيم و يحتمل أن يكون هذا صفة للعذاب الذي عذب به قوم هود ثم ذكر سبحانه كفر عاد فقال « و تلك » أي و تلك القبيلة « عاد جحدوا ب آيات ربهم » يعني معجزات هود الدالة على صحة نبوته « و عصوا رسله » إنما جمع الرسل و كان قد بعث إليهم هود لأن من كذب رسولا واحدا فقد كفر بجميع الرسل و لأن هودا كان يدعوهم إلى الإيمان به و بمن تقدمه من الرسل و بما أنزل عليهم من الكتب فكذبوا بهم جميعا فلذلك عصوهم « و اتبعوا أمر كل جبار عنيد » أي و اتبع السفلة و السقاط الرؤساء و قيل إن الجبار من يقتل و يضرب على غضبه و العنيد الكثير العناد الذي لا يقبل الحق « و أتبعوا في هذه الدنيا لعنة » أي و أتبع عادا بعد إهلاكهم في الدنيا بالإبعاد عن الرحمة فإن الله تعالى أبعدهم من رحمته و تبعد المؤمنين بالدعاء عليهم باللعن « و يوم القيامة » أي و في يوم القيامة يبعدون من رحمة الله كما بعدوا في الدنيا منها و يلعنون بأن يدخلوا النار فإن اللعنة الدعاء بالإبعاد من قولك لعنه إذا قال عليه لعنة الله و أصله الإبعاد من الخير « ألا » ابتداء و تنبيه « إن عادا كفروا ربهم » أراد بربهم فحذف الباء كما قالوا أمرتك الخير أي بالخير « ألا بعدا لعاد قوم هود » أي أبعدهم الله من رحمته فبعدوا بعدا .

مجمع البيان ج : 5 ص : 261
* وَ إِلى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صلِحاً قَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكم مِّنْ إِلَه غَيرُهُ هُوَ أَنشأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَ استَعْمَرَكمْ فِيهَا فَاستَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبى قَرِيبٌ مجِيبٌ(61) قَالُوا يَصلِحُ قَدْ كُنت فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَ تَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ ءَابَاؤُنَا وَ إِنَّنَا لَفِى شك مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيب(62) قَالَ يَقَوْمِ أَ رَءَيْتُمْ إِن كنت عَلى بَيِّنَة مِّن رَّبى وَ ءَاتَاخ مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصرُنى مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنى غَيرَ تَخْسِير(63) وَ يَقَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكلْ فى أَرْضِ اللَّهِ وَ لا تَمَسوهَا بِسوء فَيَأْخُذَكمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ(64) فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فى دَارِكمْ ثَلَثَةَ أَيَّام ذَلِك وَعْدٌ غَيرُ مَكْذُوب(65) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نجَّيْنَا صلِحاً وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَة مِّنَّا وَ مِنْ خِزْىِ يَوْمِئذ إِنَّ رَبَّك هُوَ الْقَوِى الْعَزِيزُ(66) وَ أَخَذَ الَّذِينَ ظلَمُوا الصيْحَةُ ُوا صبَحُوا فى دِيَرِهِمْ جَثِمِينَ(67) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلا إِنَّ ثَمُودَا كفَرُوا رَبهُمْ أَلا بُعْداً لِّثَمُودَ(68)

القراءة

قرأ أهل المدينة غير إسماعيل و الكسائي و البرجمي و الشموني عن أبي بكر عن عاصم و من خزي يومئذ بفتح الميم هاهنا و عذاب يومئذ في المعارج و الباقون بكسر الميم على الإضافة و قرأ حمزة و حفص عن عاصم و يعقوب « ألا إن ثمودا » غير منون في جميع القرآن و قرأ الباقون ثمودا بالتنوين هاهنا و في الفرقان و العنكبوت و النجم لأنه مكتوب بالألف في هذه المواضع و أبو بكر عن عاصم يقرأ و ثمود في و النجم بغير تنوين و ينون الباقي و روى عنه البرجمي و محمد بن غالب عن الأعشى في و النجم بالتنوين أيضا و قرأ الكسائي وحده ألا بعدا لثمود بالجر و التنوين و الباقون « لثمود » بفتح الدال .

الحجة

قال أبو علي قوله و من خزي يومئذ يوم في قوله يومئذ ظرف فتحت أو كسرت في المعنى إلا أنه اتسع فيه فجعل اسما كما اتسع في قوله « بل مكر الليل و النهار » فأضيف المكر إليهما و إنما هو فيهما فكذلك العذاب و الخزي و الفزع في قوله من فزع يومئذ أضفن إلى اليوم و المعنى على أن ذلك كله في اليوم كما أن المكر في الليل و النهار يدلك على ذلك قوله « و لعذاب الآخرة أخزى » و قوله « لا يحزنهم الفزع الأكبر » و قوله « ففزع من في السموات و من في الأرض » و قوله « ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته » و أما من
 

Back Index Next