جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
تفسير مجمع البيان ـ ج6 « قرآن، حديث، دعا « صفحه اصلى  

<<        الفهرس        >>


مجمع البيان ج : 6 ص : 464
سورة إبراهيم
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الر كتَبٌ أَنزَلْنَهُ إِلَيْك لِتُخْرِجَ النَّاس مِنَ الظلُمَتِ إِلى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِرَطِ الْعَزِيزِ الحَْمِيدِ(1) اللَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فى السمَوَتِ وَ مَا فى الأَرْضِ وَ وَيْلٌ لِّلْكَفِرِينَ مِنْ عَذَاب شدِيد(2) الَّذِينَ يَستَحِبُّونَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا عَلى الاَخِرَةِ وَ يَصدُّونَ عَن سبِيلِ اللَّهِ وَ يَبْغُونهَا عِوَجاً أُولَئك فى ضلَلِ بَعِيد(3)

القراءة

الله الذي بالرفع مدني شامي و الباقون بالجر .

الحجة

قال أبو علي من قرأ بالجر جعله بدلا من الحميد و لم يكن صفة لأن الاسم و إن كان مصدرا في الأصل و المصادر يوصف بها كما يوصف بأسماء الفاعلين فكذلك كان هذا الاسم في الأصل الإله و معناه ذو العبادة أي العبادة تجب له قال أبو زيد التأله التنسك و أنشد لرؤبة :
سبحن و استرجعن عن تألهي فهذا في أنه في الأصل مصدر قد وصف به مثل السلام و العدل إلا أن هذا الاسم غلب حتى صار في الغلبة لكثرة استعمال هذا الاسم كالعلم و قد يغلب ما أصله الصفة فيصير بمنزلة العلم قال :
و نابغة الجعدي بالرمل بيته
عليه صفيح من تراب و جندل و الأصل النابغة و لما غلب نزع منه الألف و اللام كما ينزع من الأعلام نحو زيد و جعفر و ربما استعمل في هذا النحو الوجهان قال :
تقعدهم أعراق حذيم بعد ما
رجا الهتم إدراك العلى و المكارم و قال :
وجلت عن وجوه الأهاتم و من قرأ بالرفع قطعه من الأول و جعل الذي الخبر أو جعله صفة و أضمر الخبر و مثل ذلك في القطع قل بلى و ربي لتأتينكم عالم الغيب و من قطع و رفع جعل قوله لا يعزب عنه خبرا لقوله عالم الغيب و من جر أجرى عالم
مجمع البيان ج : 6 ص : 465
الغيب صفة على الأول و على هذا يجوز من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن أي إن شئت جعلت هذا صفة لقوله من مرقدنا و أضمرت خبرا لقوله ما وعد الرحمن و إن شئت جعلت قوله هذا ابتداء و ما وعد الرحمن خبرا .

اللغة

العزيز القادر على الأشياء الممتنع بقدرته من أن يضام و الحميد المحمود على كل حال و الاستحباب طلب محبة الشيء بالتعرض لها و المحبة إرادة منافع المحبوب و قد يستعمل بمعنى ميل الطباع و الشهوة و البغية و الابتغاء الطلب .

المعنى

« الر » قد ذكرنا معاني الحروف المقطعة في أوائل السور و ذكرنا اختلاف الأقاويل فيه في أول البقرة « كتاب أنزلناه إليك » يعني القرآن نزل به جبرئيل (عليه السلام) من عند الله تعالى أي هذا كتاب منزل إليك يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليس بسحر و لا بشعر « لتخرج الناس » أي جميع الخلق « من الظلمات إلى النور » أي من الضلالة إلى الهدى و من الكفر إلى الإيمان « بإذن ربهم » أي بإطلاق الله ذلك و أمره به و في هذا دلالة على أنه سبحانه يريد الإيمان من جميع المكلفين لأن اللام لام الغرض و لا يجوز أن يكون لام العاقبة لأنه لو كان ذلك لكان الناس كلهم مؤمنين و المعلوم خلافه ثم بين سبحانه ما النور فقال « إلى صراط العزيز الحميد » أي يخرجهم من ظلمات الكفر إلى طريق الله المؤدي إلى معرفة الله المنيع في سلطانه المحمود في فعاله و نعمة التي أنعم بها على عباده « الله الذي له ما في السماوات و ما في الأرض » أي له التصرف فيهما على وجه لا اعتراض عليه « و ويل للكافرين من عذاب شديد » أخبر أن الويل للكافرين الذين يجحدون نعم الله و لا يعترفون بوحدانيته من عذاب تتضاعف الأمة ثم وصف الكافرين بقوله « الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة » أي يختارون المقام في هذه الدنيا العاجلة على الكون في الآخرة و إنما دخلت على لهذا المعنى و ذمهم سبحانه بذلك لأن الدنيا دار انتقال و فناء و الآخرة دار مقام و بقاء « و يصدون عن سبيل الله » أي يمنعون غيرهم من اتباع الطريق المؤدي إلى معرفة الله و يجوز أن يريد أنهم يعرضون بنفوسهم عن اتباعها « و يبغونها عوجا » أي يطلبون للطريق عوجا أي عدولا عن الاستقامة و السبيل يذكر و يؤنث و قيل معناه يلتمسون الدنيا من غير وجهها لأن نعمة الله لا تستمد إلا بطاعته دون معصيته « أولئك في ضلال بعيد » أي في عدول عن الحق بعيد عن الاستقامة و الصواب .

مجمع البيان ج : 6 ص : 466
وَ مَا أَرْسلْنَا مِن رَّسول إِلا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَينَ لهَُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشاءُ وَ يَهْدِى مَن يَشاءُ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(4) وَ لَقَدْ أَرْسلْنَا مُوسى بِئَايَتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَك مِنَ الظلُمَتِ إِلى النُّورِ وَ ذَكرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فى ذَلِك لاَيَت لِّكلِّ صبَّار شكُور(5) وَ إِذْ قَالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسومُونَكُمْ سوءَ الْعَذَابِ وَ يُذَبحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَ يَستَحْيُونَ نِساءَكمْ وَ فى ذَلِكم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكمْ عَظِيمٌ(6)

اللغة

التذكير التعريض للذكر الذي هو خلاف السهو و الصبار كثير الصبر .

الأعراب

أن أخرج يحتمل أن تكون أن بمعنى أي على وجه التفسير و يصلح أن تكون أن التي توصل بالأفعال إلا أنها وصلت هاهنا بالأمر و التأويل الخبر كما تقول أنت الذي فعلت و المعنى أنت الذي فعل « يسومونكم سوء العذاب » جملة في موضع الحال .

المعنى

ثم بين سبحانه أنه إنما يرسل الرسل إلى قومهم بلغتهم ليكون أقرب إلى الفهم و أقطع للعذر فقال « و ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم » أي لم يرسل فيما مضى من الأزمان رسولا إلا بلغة قومه حتى إذا بين لهم فهموا عنه و لا يحتاجون إلى من يترجمه عنه و قد أرسل الله تعالى نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى الخلق كافة بلسان قومه و هم العرب بدلالة قوله « و ما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا و نذيرا » قال الحسن امتن الله على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه لم يبعث رسولا إلا إلى قومه و بعثه خاصة إلى جميع الخلق و به قال مجاهد و قيل إن معناه أنا كما أرسلناك إلى العرب بلغتهم لتبين لهم الدين ثم أنهم يبينونه للناس كذلك أرسلنا كل رسول بلغة قومه ليظهر لهم الدين ثم استأنف فقال « فيضل الله من يشاء » عن طريق الجنة إذا كانوا مستحقين للعقاب « و يهدي من يشاء » إلى طريق الجنة و قيل يلطف لمن يشاء ممن له لطف و يضل عن ذلك من لا لطف فمن تفكر و تدبر اهتدى و ثبته الله و من أعرض عنه خذله الله « و هو العزيز الحكيم » ظاهر المعنى ثم ذكر سبحانه إرساله
مجمع البيان ج : 6 ص : 467
موسى فقال « و لقد أرسلنا موسى ب آياتنا » أي بالمعجزات و الدلالات « أن أخرج قومك » أي بأن أخرج قومك « من الظلمات إلى النور » مر معناه أي أمرناه بذلك و إنما أضاف الإخراج إليه لأنهم بسبب دعائه خرجوا من الكفر إلى الإيمان « و ذكرهم بأيام الله » قيل فيه أقوال ( أحدها ) أن معناه و أمرناه بأن يذكر قومه وقائع الله في الأمم الخالية و إهلاك من أهلك منهم ليحذروا ذلك عن ابن زيد و البلخي و يعضده قول عمرو بن كلثوم :
و أيام لنا غر طوال
عصينا الملك فيها أن ندينا فيكون المعنى الأيام التي انتقم الله فيها من القرون الأولى ( و الثاني ) أن المعنى ذكرهم بنعم الله سبحانه في سائر أيامه عن ابن عباس و أبي بن كعب و الحسن و مجاهد و قتادة و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) ( و الثالث ) أنه يريد بأيام الله سننه و أفعاله في عباده من إنعام و انتقام و كنى بالأيام عنهما لأنها ظرف لهما جامعة لكل منهما عن أبي مسلم و هذا جمع بين القولين المتقدمين « إن في ذلك » التذكير « لآيات لكل صبار شكور » أي دلالات لكل من كان عادته الصبر على بلاء الله و الشكر على نعمائه و إنما جمع بينهما لأن حال المؤمن لا يخلو من نعمة يجب شكرها أو محنة يجب الصبر عليها فالشكر و الصبر من خصال المؤمنين فكأنه قال لكل مؤمن و لأن التكليف لا يخلو من الصبر و الشكر « و إذ قال موسى لقومه » و التقدير و اذكر يا محمد إذ قال موسى لهم « اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجيكم » أي في الوقت الذي أنجاكم « من آل فرعون يسومونكم » أي يذيقونكم « سوء العذاب و يذبحون أبناءكم و يستحيون نساءكم » أي يستبقونهن أحياء للاسترقاق « و في ذلكم بلاء من ربكم عظيم » و الآية مفسرة في سورة البقرة قال الفراء : و إنما دخلت الواو هنا للعطف لأنهم كانوا يعذبون أنواعا من العذاب سوى الذبح فجاز العطف فإذا حذفت الواو كان يذبحون تفسيرا للعذاب .

مجمع البيان ج : 6 ص : 468
وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئن شكرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئن كفَرْتمْ إِنَّ عَذَابى لَشدِيدٌ(7) وَ قَالَ مُوسى إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَ مَن فى الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنىُّ حَمِيدٌ(8) أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِن قَبْلِكمْ قَوْمِ نُوح وَ عَاد وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسلُهُم بِالْبَيِّنَتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فى أَفْوَهِهِمْ وَ قَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَ إِنَّا لَفِى شك مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيب(9) * قَالَت رُسلُهُمْ أَ فى اللَّهِ شكُّ فَاطِرِ السمَوَتِ وَ الأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَ يُؤَخِّرَكمْ إِلى أَجَل مُّسمًّى قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلا بَشرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصدُّونَا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ ءَابَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسلْطن مُّبِين(10)

اللغة

التأذن الإعلام يقال أذن و تأذن و مثله أوعد و توعد قال الحارث بن حلزة :
آذنتنا ببينها أسماء
رب ثاو يمل منه الثواء و النبأ الخبر عما يعظم شأنه لهذا الأمر نبأ عظيم أي شأن و نبأ الله محمدا و تنبأ مسيلمة الكذاب ادعى النبوة و الريب أخبث الشك و المريب المتهم و هو الذي يأتي بما فيه التهمة يقال أراب يريب إذا أتى بما يوجب الريبة .

الإعراب

قوم نوح و ما بعده مجرور بأنه بدل من قوله « الذين من قبلكم » و فاطر مجرور بأنه صفة لله في قوله « أ في الله شك » و من في قوله « من ذنوبكم » للتبعيض و قيل إن من زائدة عن أبي عبيدة و أنكر سيبويه زيادتها في الإيجاب .

المعنى

لما تقدم ذكر النعمة أتبعه سبحانه بذكر ما يلزم عليها من الشكر فقال « و إذ تأذن ربكم » التقدير و اذكر إذ أعلم ربكم عن الحسن و البلخي و قيل معناه و إذ قال لكم ربكم
مجمع البيان ج : 6 ص : 469
عن ابن عباس و قيل أخبر ربكم عن الجبائي « لئن شكرتم لأزيدنكم » أي لئن شكرتم لي على نعمتي لأزيدنكم في النعم « و لئن كفرتم » أي جحدتم نعمتي « إن عذابي لشديد » لمن كفر نعمتي و قال أبو عبد الله (عليه السلام) في هذه الآية أيما عبد أنعمت عليه نعمة فأقر بها بقلبه و حمد الله عليها بلسانه لم ينفذ كلامه حتى يأمر الله له بالزيادة « و قال موسى إن تكفروا » أي تجحدوا نعم الله سبحانه « أنتم و من في الأرض جميعا » من الخلق لم تضروا الله شيئا و إنما يضركم ذلك بأن تستحقوا عليه العقاب « فإن الله » سبحانه « لغني » عن شكركم « حميد » في أفعاله و قد يكون كفر النعمة بأن يشبه الله بخلقه أو يجور في حكمه أو يرد على نبي من أنبيائه فإن الله سبحانه قد أنعم على خلقه في جميع ذلك بأن أقام الحجج الواضحة و البراهين الساطعة على صحته و عرض بالنظر فيها للثواب الجزيل « أ لم يأتكم » قيل إن هذا الخطاب متوجه إلى أمة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) فذكرت بأخبار من تقدمها من الأمم و قيل إنه من قول موسى (عليه السلام) لأنه متصل به في الآية المتقدمة و المعنى أ لم يجئكم « نبأ الذين من قبلكم » أي أخبار من تقدمكم « قوم نوح و عاد و ثمود و الذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله » أي لا يعلم تفاصيل أحوالهم و عددهم و ما فعلوه و فعل بهم من العقوبات إلا الله قال ابن الأنباري : إن الله تعالى أهلك أمما من العرب و غيرها فانقطعت أخبارهم و عفت آثارهم فليس يعرفهم أحد إلا الله و كان ابن مسعود إذا قرأ هذه الآية قال كذب النسابون و قيل إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان لا يجاوز في انتسابه معد بن عدنان فعلى هذا يكون قوله « و الذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله » مبتدأ و خبرا « جاءتهم رسلهم بالبينات » أي بالأدلة و الحجج و الأحكام و الحلال و الحرام « فردوا أيديهم في أفواههم » اختلفوا في معناه على أقوال ( أحدها ) أن معناه عضوا على أصابعهم من شدة الغيظ لأنه ثقل عليهم مكان الرسل عن ابن مسعود و ابن عباس و الجبائي ( و ثانيها ) أن معناه جعلوا أيديهم في أفواه الأنبياء تكذيبا لهم و ردا لما جاءوا به فالضمير في أيديهم للكفار و في أفواههم للأنبياء فكأنهم لما سمعوا وعظ الأنبياء و كلامهم أشاروا بأيديهم إلى أفواه الرسل تسكيتا لهم عن الحسن و مقاتل ( و ثالثها ) أن معناه وضعوا أيديهم على أفواههم مومين بذلك إلى الرسل أن اسكتوا عما تدعوننا إليه كما يفعل الواحد منا مع غيره إذا أراد تسكيته عن الكلبي فيكون على هذا القول الضميران للكفار ( و رابعها ) أن كلا الضميرين للرسل أي أخذوا أيدي الرسل فوضعوها على أفواههم ليسكتوهم و يقطعوا كلامهم فيسكتوا عنهم لما يئسوا منهم هذا كله إذا حمل معنى الأيدي و الأفواه على الحقيقة و من حملها على التوسع و المجاز فاختلفوا في معناه فقيل المراد باليد ما نطقت به الرسل من الحجج و المعنى فردوا حججهم من حيث جاءت لأن الحجج تخرج من الأفواه عن أبي مسلم و قيل إن المعنى ردوا
مجمع البيان ج : 6 ص : 470
ما جاءت به الرسل و كذبوهم عن مجاهد و قتادة و قيل معناه تركوا ما أمروا به و كفوا عن قبول الحق عن أبي عبيدة و الأخفش قال القتيبي : و لم يسمع أحد أن العرب تقول رد يده في فيه بمعنى ترك ما أمر به و إنما المعنى أنهم عضوا على الأيدي حنقا و غيظا كقول الشاعر :
يردون في فيه عشر الحسود يعني أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه العشر و قال آخر :
قد أفنى أنامله أزمة
فاضحى يعض على الوظيفا و قيل المعنى ردوا بأفواههم نعم الرسل أي وعظهم و بيانهم فوقع في موقع الباء عن مجاهد قال الفراء : أنشدني بعضهم :
و أرغب فيها عن لقيط و رهطه
و لكنني عن سنبس لست أرغب قال أراد أرغب بها يعني بنتا له يقول أرغب بها عن لقيط و قبيلته « و قالوا إنا كفرنا » أي جحدنا « بما أرسلتم به » أي برسالاتكم « و إنا لفي شك مما تدعوننا إليه » من الدين « مريب » متهم أي يوقعنا في الريب بكم أنكم تطلبون الرئاسة و تفترون الكذب « قالت رسلهم » حينئذ لهم « أ في الله شك » مع قيام الأدلة على وحدانيته و صفاته « فاطر السماوات و الأرض » أي خالقهما و منشئهما لا يقدر على ذلك غيره فوجب أن يعبد وحده و لا يشرك به من لا يقدر على اختراع الأجسام « يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم » أي يدعوكم إلى الإيمان به لينفعكم لا ليضركم و قال من ذنوبكم بمعنى ليغفر لكم بعض ذنوبكم لأنه يغفر ما دون الشرك و لا يغفر الشرك و قال الجبائي : دخلت من للتبعيض و وضع البعض موضع الجميع توسعا « و يؤخركم إلى أجل مسمى » أي يؤخركم إلى الوقت الذي ضربه الله لكم أن يميتكم فيه و لا يؤاخذكم بعاجل العقاب « قالوا » أي قال لهم قومهم « إن أنتم » أي ما أنتم « إلا بشر مثلنا » أي خلق مثلنا « تريدون أن تصدونا » أي تمنعونا « عما كان يعبد آباؤنا » من الأصنام و الأوثان « فأتونا بسلطان مبين » أي بحجة واضحة على صحة ما تدعونه و بطلان ما نحن فيه و إنما قالوا ذلك لأنهم اعتقدوا أن جميع ما جاءت به الرسل من المعجزات ليست بمعجزة و لا دلالة و قيل إنهم طلبوا معجزات مقترحات سوى ما ظهرت فيما بينهم و في هذه الآية دلالة على أنه سبحانه لا يريد الكفر و الشرك و إنما يريد الخير و الإيمان و أنه إنما بعث الرسل إلى الكفار رحمة و فضلا و إنعاما عليهم ليؤمنوا فإنه قال يدعوكم ليغفر لكم .

مجمع البيان ج : 6 ص : 471
قَالَت لَهُمْ رُسلُهُمْ إِن نحْنُ إِلا بَشرٌ مِّثْلُكمْ وَ لَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَن يَشاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَ مَا كانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسلْطن إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكلِ الْمُؤْمِنُونَ(11) وَ مَا لَنَا أَلا نَتَوَكلَ عَلى اللَّهِ وَ قَدْ هَدَانَا سبُلَنَا وَ لَنَصبرَنَّ عَلى مَا ءَاذَيْتُمُونَا وَ عَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكلِ الْمُتَوَكلُونَ(12)

المعنى

ثم حكى سبحانه جواب الرسل للكفار فقال « قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم » في الصورة و الهيأة و لسنا ملائكة « و لكن الله يمن على من يشاء من عباده » أي ينعم عليهم بالنبوة و ينبئهم بالمعجزة فلقد من الله علينا و اصطفانا و بعثنا أنبياء « و ما كان لنا أن نأتيكم بسلطان » أي بحجة على صحة دعوانا « إلا بإذن الله » أي بأمره و إطلاقه لنا في ذلك « و على الله فليتوكل المؤمنون » المصدقون به و بأنبيائه « و ما لنا ألا نتوكل على الله » معناه و أي شيء لنا إذا لم نتوكل على الله و لم نفوض أمورنا إليه و على هذا تكون ما للاستفهام و قيل أن معناه و لا وجه لنا و لا عذر لنا في أن لا نتوكل على الله و لا نثق به فتكون ما للنفي و إذا كانت للاستفهام فمعناه النفي أيضا « و قد هدانا سبلنا » أي عرفنا طريق التوكل و قيل معناه هدانا إلى سبيل الإيمان و دلنا على معرفته و وفقنا لتوجيه العبادة إليه و أن لا نشرك به شيئا و ضمن لنا على ذلك جزيل الثواب و المراد أنا إذا كنا مهتدين فلا ينبغي لنا أن لا نتوكل على الله « و لنصبرن على ما آذيتمونا » فإنه تعالى يكفينا أمركم و ينصرنا عليكم « و على الله فليتوكل المتوكلون » و إنما قص هذا و أمثاله في القرآن على نبينا ليقتدي بمن كان قبله من المرسلين في تحمل أذى المشركين و الصبر على ذلك و التوكل و روى الواقدي بإسناده عن أبي مريم عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذا آذاك البراغيث فخذ قدحا من الماء فاقرأ عليه سبع مرات « و ما لنا ألا نتوكل على الله » الآية و قل فإن كنتم آمنتم بالله فكفوا شركم و أذاكم عنا ثم ترش الماء حول فراشك فإنك تبيت تلك الليلة آمنا من شرها .

مجمع البيان ج : 6 ص : 472
وَ قَالَ الَّذِينَ كفَرُوا لِرُسلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فى مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيهِمْ رَبهُمْ لَنهْلِكَنَّ الظلِمِينَ(13) وَ لَنُسكنَنَّكُمُ الأَرْض مِن بَعْدِهِمْ ذَلِك لِمَنْ خَاف مَقَامِى وَ خَاف وَعِيدِ(14) وَ استَفْتَحُوا وَ خَاب كلُّ جَبَّار عَنِيد(15) مِّن وَرَائهِ جَهَنَّمُ وَ يُسقَى مِن مَّاء صدِيد(16) يَتَجَرَّعُهُ وَ لا يَكادُ يُسِيغُهُ وَ يَأْتِيهِ الْمَوْت مِن كلِّ مَكان وَ مَا هُوَ بِمَيِّت وَ مِن وَرَائهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ(17) مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَلُهُمْ كَرَمَاد اشتَدَّت بِهِ الرِّيحُ فى يَوْم عَاصِف لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كسبُوا عَلى شىْء ذَلِك هُوَ الضلَلُ الْبَعِيدُ(18)

القراءة

في الشواذ قراءة ابن عباس و مجاهد و ابن محيصن و استفتحوا و قراءة ابن أبي إسحاق في يوم عاصف بالإضافة .

الحجة

قوله « و استفتحوا » معطوف على ما سبق من قوله « فأوحى إليهم ربهم » أي و قال لهم استفتحوا أي استنصروا الله عليهم و استقضوه بينكم و في الحديث كان (صلى الله عليه وآله وسلّم) يستفتح بصعاليك المهاجرين أي يستنصر بهم و قيل معناه أنه يقدمهم و يبدأ أمره بهم و كأنهم إنما سموا القاضي فتاحا لأنه يفتح باب الحق الذي هو مسند فيعمل عليه و أما قوله « في يوم عاصف » فمعناه في يوم ريح عاصف فحذف الموصوف و أقيمت الصفة مقامه و كذلك في قراءة الجماعة في يوم عاصف هو الريح لا اليوم .

اللغة

الاستفتاح طلب الفتح بالنصر .
و الخيبة إخلاف ما قدر به المنفعة و ضده النجاح و هو إدراك الطلبة و الجبرية طلب علو المنزلة بما ليس له غاية في الوصف و إذا وصف العبد بأنه جبار كان ذما و إذا وصف الله سبحانه به كان مدحا لأن له علو المنزلة بما ليس وراءه غاية في الصفة و العنيد مبالغة العاند و العناد الامتناع من الحق مع العلم به كبرا و بغيا قال :
إذا نزلت فاجعلاني وسطا
إني كبير لا أطيق العندا و الوراء و الخلف واحد و هو الجهة المقابلة لجهة القدام و قد يكون وراء بمعنى قدام قال :
أ يرجو بنو مروان سمعي و طاعتي
و قومي تميم و الفلاة ورائيا
مجمع البيان ج : 6 ص : 473
قال الزجاج : الوراء ما يوارى عنك و ليس من الأضداد قال النابغة :
حلفت و لم أترك لنفسي ريبة
و ليس وراء الله للمرء مذهب و الصديد القيح يسيل من الجرح أخذ من أنه يصد عنه تكرها له و القيح دم مختلط بمدة و قوله « صديد » بيان للماء الذي يسقون فلذلك أعرب بإعرابه و التجرع تناول المشروب جرعة جرعة على الاستمرار و الإساغة إجراء الشراب في الحلق يقال ساغ الشيء و أسغته أنا و الاشتداد الإسراع بالحركة على عظم القوة يقال اشتد به الوجع من هذا لأنه أسرع إليه على قوة ألمه و يوم عاصف شديد الريح و العصف شدة الريح و إنما جعل العصف صفة لليوم لأنه يقع فيه كما يقال ليل نائم و يوم ماطر و يجوز أن يكون المراد يوم عاصف ريحه و مثله جحر ضب خرب أي خرب جحره .

الإعراب

أو في قوله « أو لتعودن » بمعنى إلا أن كما يقال لا أكلمك أو تدعوني و قال الفراء : لا يكاد يستعمل فيما يقع و فيما لا يقع فما يقع مثل قوله « و لا يكاد يسيغه » و ما لم يقع مثل قوله « لم يكد يراها » لأن المعنى لم يرها .
« مثل الذين كفروا » تقديره فيما يتلى عليكم مثل الذين كفروا بربهم فيكون رفعا بالابتداء و يجوز أن يكون مثل مقحما كأنك قلت الذين كفروا بربهم فيكون رفعا بالابتداء و أعمالهم رفع على البدل و هو بدل الاشتمال و كرماد الخبر .

المعنى

« و قال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا » أي من بلادنا « أو لتعودن في ملتنا » أي إلا أن ترجعوا إلى أدياننا و مذاهبنا التي نحن عليها « فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين » أي فأوحى الله إلى رسله لما ضاقت صدورهم بما لقوا من قومهم إنا نهلك هؤلاء الظالمين الكافرين « و لنسكننكم الأرض من بعدهم » أي نسكننكم أرضهم من بعدهم يريد اصبروا فإني أهلك عدوكم و أورثكم أرضهم و في معناه ما جاء في الحديث من آذى جاره ورثه الله داره « ذلك لمن خاف مقامي » أي ذلك الفوز لمن خاف وقوفه للحساب و الجزاء بين يدي في الموضع الذي أقيمه فيه و أضاف المقام إلى نفسه لأنهم يقومون بأمره « و خاف وعيد » أي عقابي و إنما قالوا « أو لتعودن في ملتنا » و هم لم يكونوا على ملتهم قط إما لأنهم توهموا على غير حقيقة أنهم كانوا على ملتهم و إما لأنهم ظنوا بالنشوء أنهم كانوا عليها « و استفتحوا » أي طلبت الرسل الفتح و النصر من قبل الله تعالى على
مجمع البيان ج : 6 ص : 474
الكفار عن مجاهد و قتادة و قيل هو سؤالهم أن يحكم الله بينهم و بين أممهم لأن الفتح الحكم و الفتاح الحاكم عن الجبائي « و خاب كل جبار عنيد » أي خسر كل متكبر معاند مجانب للحق دافع له و قيل معناه و استفتح الكفار العذاب الذي توعدهم به الأنبياء على جهة التكذيب لهم « من ورائه جهنم » أي جهنم بين يدي هذا الجبار عن الزجاج أي له مع الخيبة نار جهنم بين يديه و قيل معناه من خلفه و إنما جاز في الزمان أن يسمى الأمام وراء و إن لم يجز في غيره لأن الزمان المستقبل كأنه خلفهم لأنه يأتي فيلحقهم كما يلحق الإنسان من خلفه « و يسقى من ماء صديد » أي و يسقى مما يسيل من الدم و القيح من فروج الزواني في النار عن أبي عبد الله (عليه السلام) و أكثر المفسرين أو لونه لون الماء و طعمه طعم الصديد و روى أبو أمامة عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) في قوله « و يسقى من ماء صديد » قال يقرب إليه فيكرهه فإذا أدنى منه شوى وجهه و وقعت فروة رأسه فإذا شرب قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره يقول الله عز و جل « و سقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم » و يقول و إن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه و قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما فإن مات و في بطنه شيء من ذلك كان حقا على الله أن يسقيه من طينة خبال و هو صديد أهل النار و ما يخرج من فروج الزناة فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار فيصهر به ما في بطونهم و الجلود رواه شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) « يتجرعه » أي يشرب ذلك الصديد جرعة جرعة « و لا يكاد يسيغه » أي لا يقارب أن يشربه تكرها له و هو يشربه و المعنى أن نفسه لا تقبل لحرارته و نتنه و لكن يكره عليه « و يأتيه الموت من كل مكان » أي تأتيه شدائد الموت و سكراته من كل موضع من جسده ظاهره و باطنه حتى تأتيه من أطراف شعره عن إبراهيم التيمي و ابن جريج و قيل يحضره الموت من كل موضع و يأخذه من كل جانب من فوقه و من تحته و عن يمينه و شماله و من قدامه و خلفه عن ابن عباس و الجبائي « و ما هو بميت » أي و مع إتيان أسباب الموت و الشدائد التي يكون معها الموت من كل جهة و أنواع العذاب التي كان يموت بدونها في الدنيا لا يموت فيستريح و هذا كقوله « لا يقضى عليهم فيموتوا » « و من ورائه » أي وراء هذا الكافر « عذاب غليظ » و هو الخلود في النار و قيل معناه و من بعد هذا العذاب الذي سبق ذكره عذاب أشد و أوجع مما تقدم عن الكلبي ثم أخبر سبحانه عما ينال الكفار من الحسرة فيما تكلفوه من الأعمال فقال « مثل الذين كفروا بربهم » و قيل أن معناه مثل أعمال الذين كفروا بربهم
مجمع البيان ج : 6 ص : 475
فحذف المضاف اعتمادا على ذكره بعد المضاف إليه عن الفراء و قيل معناه مما نقص عليك مثل الذين كفروا عن سيبويه « أعمالهم » في قلة انتفاعهم بها « كرماد اشتدت به الريح » أي ذرته و نسفته « في يوم عاصف » أي شديد الريح فكما لا يقدر أحد على جمع ذلك الرماد المتفرق و الانتفاع به فكذلك هؤلاء الكفار « لا يقدرون مما كسبوا على شيء » أي لا يقدرون على الانتفاع بأعمالهم و مثل قوله « و قدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا » « ذلك هو الضلال البعيد » يعني أن عملهم ذلك هو الذهاب البعيد عن النفع و قيل الخطأ البعيد عن الصواب عن ابن عباس و في هذه الآية دلالة واضحة على بطلان قول المجبرة لأنه أضاف العمل إليهم و لو كان مخلوقا له سبحانه لما صح إضافته إليهم .
أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السمَوَتِ وَ الأَرْض بِالحَْقِّ إِن يَشأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَأْتِ بخَلْق جَدِيد(19) وَ مَا ذَلِك عَلى اللَّهِ بِعَزِيز(20) وَ بَرَزُوا للَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضعَفَؤُا لِلَّذِينَ استَكْبرُوا إِنَّا كنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شىْء قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لهََدَيْنَكمْ سوَاءٌ عَلَيْنَا أَ جَزِعْنَا أَمْ صبرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيص(21)

القراءة

قرأ خالق السماوات هاهنا و في النون أهل الكوفة غير عاصم و الباقون « خلق » .

الحجة

قال أبو علي من قرأ « خلق » فلأن ذلك فعل ماض فأخبر عنه بلفظ الماضي و من قرأ خالق على اسم الفاعل جعله مثل فاطر السماوات لأن فاطر بمعنى خالق .

اللغة

البروز خروج الشيء عما كان ملتبسا به إلى حيث يقع عليه الحس يقال برز للقتال إذا ظهر له .
الضعفاء جمع ضعيف و الضعف نقصان القوة يقال أضعفه فضعف و الاستكبار و التكبر و التجبر واحد و هو رفع النفس فوق مقدارها في الوصف و التبع جمع تابع كالغيب جمع غائب قال الزجاج : و يجوز أن يكون مصدرا وصف به فيكون بمعنى ذوي تبع و أغنى عنه أي دفع عنه فأغناه أي نفي الحاجة عنه بما فيه كفايته و حاص يحيص حيصا و حيوصا مثل حاد و الحيد الزوال عن المكروه و الجزع انزعاج النفس بورود ما يغم و نقيضه الصبر قال :
مجمع البيان ج : 6 ص : 476

فإن تصبرا فالصبر خير مغبة
و إن تجزعا فالأمر ما تريان .

المعنى

ثم بين سبحانه أنه إنما خلق الخلق ليعبدوه و ليؤمنوا به لا ليكفروا فقال « أ لم تر » أي أ لم تعلم لأن الرؤية قد تكون بمعنى العلم كما تكون بمعنى الإدراك للبصر و هاهنا لا يمكن أن يكون بمعنى الرؤية بالبصر و الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و المراد به الأمة « أن الله خلق السماوات و الأرض » على ما تقتضيه الحكمة و الخلق فعل الشيء على تقدير و ترتيب « بالحق » أي بقوله الحق و قيل أراد للحق أي للغرض الصحيح و الأمر الحق و هو الدين و العبادة أي ليعبدوه فيستحقوا به الثواب عن ابن عباس و الجبائي « إن يشأ يذهبكم و يأت بخلق جديد » أي إن يشأ يهلككم و يفنكم و يخلق قوما آخرين مكانكم لأن من قدر على بناء الشيء كان على هدمه أقدر إذ لم يخرج عن كونه قادرا « و ما ذلك على الله بعزيز » أي و ما إهلاككم و الإتيان بخلق جديد بممتنع و لا متعذر على الله تعالى « و برزوا لله جميعا » أخبر سبحانه أن الخلق يبرزون يوم القيامة لله أي يظهرون من قبورهم و يخرجون منها لحكم الله فاللفظ للماضي و المراد به الاستقبال للتحقيق و صحة الوقوع و قيل معناه سيبرزون لله جميعا القادة و الاتباع عن ابن عباس و هو يتصل بقوله « و لا يكاد يسيغه » .
لما تقدم ذلك الوعيد بين صفة ذلك اليوم و ما يجري بين الأتباع و المتبوعين من المجادلة و قال « فقال الضعفاء للذين استكبروا » أي تكبروا عن الإيمان فلم يؤمنوا و هم القادة في الدنيا الذين هم الأكابر و الرؤساء و القادة في الدين الذين هم علماء السوء « إنا كنا لكم تبعا » في الكفر على وجه التقليد « فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء » أي هل أنتم دافعون عنا شيئا من عذاب الله الذي قد نزل بنا إن لم تقدروا على دفع الكل و من للتبعيض « قالوا لو هدانا الله لهديناكم » أي قال المتبوعون للأتباع لو هدانا الله إلى طريق الخلاص من العقاب و الوصول إلى النعيم و الثواب لهديناكم إلى ذلك و المعنى لو خلصنا لخلصناكم أيضا لكن لا مطمع فيه لنا و لكم عن الجبائي و أبي مسلم و قيل معناه لو هدانا الله إلى الرجعة إلى الدنيا فنصلح ما أفسدناه لهديناكم و قيل لو هدانا الله بإجابتنا إلى الطلب لهديناكم بالمسالة له سبحانه ذكر هذين الوجهين القاضي عبد الجبار في تفسيره « سواء علينا أ جزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص » يعني أن الصبر و الجزع سيان مثلان ليس لنا محيص و لا مهرب من عذاب الله أي انقطعت حيلتنا و يئسنا من النجاة .
حث الله سبحانه في هذه الآية على النظر و حذر من التقليد و إلى هذا أشار أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في قوله للحارث الهمداني يا حار الحق لا يعرف
مجمع البيان ج : 6 ص : 477
بالرجال اعرف الحق تعرف أهله .
وَ قَالَ الشيْطنُ لَمَّا قُضىَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكمْ وَعْدَ الحَْقِّ وَ وَعَدتُّكمْ فَأَخْلَفْتُكمْ وَ مَا كانَ لىَ عَلَيْكُم مِّن سلْطن إِلا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاستَجَبْتُمْ لى فَلا تَلُومُونى وَ لُومُوا أَنفُسكم مَّا أَنَا بِمُصرِخِكمْ وَ مَا أَنتُم بِمُصرِخِىَّ إِنى كفَرْت بِمَا أَشرَكتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظلِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(22)

القراءة

قرأ حمزة وحده بمصرخي بكسر الياء و الباقون بفتحها .

الحجة

قال أبو علي قال الفراء في كتابه في التصريف هو قراءة الأعمش و يحيى بن وثاب قال و زعم القاسم بن معن أنه صواب قال و كان ثقة بصيرا و زعم قطرب أنه لغة من بني يربوع يزيدون على ياء الإضافة ياء و أنشد :
ماض إذا ما هم بالمضي
قال لها هل لك يا ناقي
قالت له ما أنت بالمرضي و أنشد الفراء ذلك أيضا و وجه ذلك من القياس أن الياء ليست تخلو من أن تكون في موضع النصب أو الجر فالياء في النصب و الجر كالهاء فيهما و كالكاف في أكرمتك و هذا لك فكما أن الهاء قد لحقتها الزيادة في هذا كهو و ألحقت أيضا الكاف الزيادة في قول من قال أعطيتكاه و أعطتكيه فيما حكاه سيبويه و هما أختا الياء كذلك ألحقوا الياء الزيادة في المد فقالوا فيي ثم حذفت الياء الزائدة على الياء كما حذفت الزيادة من الهاء في قول من قال له أرقان و زعم أبو الحسن أنها لغة فكما حذفت الزيادة من الكاف في قول من قال أعطيتكيه و أعطيتكه كذلك حذفت الياء اللاحقة للياء و بالجملة حذفت الزيادة من الياء كما حذفت من أختيها و أقرت الكسرة التي كانت تلي الياء المحذوفة فبقيت الياء على ما كانت عليها من الكسرة و كما لحقت الكاف و الهاء و الياء الزيادة كذلك لحقت التاء الزيادة نحو :
رميتيه فأصبتيه و ما أخطأت الرمية فإذا كانت هذه الكسرة في الياء على هذه اللغة و إن كان غيرها
مجمع البيان ج : 6 ص : 478
أفشى منها و عضده من القياس ما ذكرنا لم يجز لقائل أن يقول إن القراءة بذلك لحن لاستفاضة ذلك في السماع و القياس قال البصير كسر الياء ليكون طبقا لكسرة همزة قوله « إني كفرت » لأنه أراد الوصل دون الوقف و الابتداء بأني كفرت لأن الابتداء بأني كفرت محال فلما أراد هذا المعنى كان كسر الياء أدل على هذا من فتحها .

اللغة

الإصراخ الإغاثة بإجابة الصارخ و يقال استصرخني فلان فأصرخته أي استغاث بي فأغثته .

المعنى

لما تقدم وعيد الكافر و صفة يوم الحشر و ما يجري فيه من الجدال بين الأتباع و المتبوعين عقب ذلك سبحانه بكلام الشيطان في ذلك اليوم فقال « و قال الشيطان » و هو إبليس باتفاق المفسرين يقول لأوليائه الذين اتبعوه « لما قضي الأمر » أي فرغ من الحكم بين الخلائق و دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار عن ابن عباس و الحسن و قالا أنه لم يخاطبهم بذلك قال الحسن و هو أحقر و أذل من أن يخاطب لو لا أن الله أذن فيه توبيخا لأهل النار و قيل إنه يوضع له منبر في النار فيرقاه و يجتمع الكفار عليه بالأئمة عن مقاتل « إن الله وعدكم وعد الحق » من البعث و النشور و الحساب و الثواب و العقاب « و وعدتكم » أن لا بعث و لا نشور و لا جنة و لا نار و قيل وعدتكم الخلاص من العقاب بارتكاب المعاصي « فأخلفتكم » أي كذبتكم و قيل لم أوف لكم بما وعدتكم « و ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم » أي و ما كان لي عليكم سلطان بالإكراه و الإجبار على الكفر و المعاصي و إنما كان لي سبيل الوسوسة و الدعوة « فاستجبتم لي » بسوء اختياركم و قيل معناه لكن دعوتكم إلى الضلال و أغويتكم فصدقتموني و أجبتموني و قبلتم مقالتي بسوء اختياركم لأنفسكم « فلا تلوموني » على ما حل بكم من العقاب بسوء اختياركم « و لوموا أنفسكم » حيث عدلتم عن أمر الله إلى اتباعي من غير دليل و برهان « ما أنا بمصرخكم و ما أنتم بمصرخي » أي ما أنا بمغيثكم و لا معينكم و ما أنتم بمغيثي و لا معيني « إني كفرت بما أشركتمون من قبل » أي كفرت الآن بما كان من إشراككم إياي مع الله في الطاعة أي جحدت أن أكون شريكا لله تعالى فيما أشركتموني فيه من قبل هذا اليوم و قال الفراء و جماعة تقديره إني كفرت بما أشركتموني به أي بالله و يعني بقوله « من قبل » في وقت آدم (عليه السلام) حين أمر بالسجود فأبى و استكبر « إن الظالمين لهم عذاب أليم » قيل إنه من تمام قول الشيطان لأهل النار و قيل أنه ابتداء وعيد من الله تعالى لهم و هو الأظهر و في هذه الآية دلالة على أن الشيطان لا يقدر على أكثر من الدعاء و الإغواء و أنه ليس عليه إلا عقاب الدعوة فحسب .

مجمع البيان ج : 6 ص : 479
وَ أُدْخِلَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ جَنَّت تجْرِى مِن تحْتهَا الأَنهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تحِيَّتهُمْ فِيهَا سلَمٌ(23) أَ لَمْ تَرَ كَيْف ضرَب اللَّهُ مَثَلاً كلِمَةً طيِّبَةً كَشجَرَة طيِّبَة أَصلُهَا ثَابِتٌ وَ فَرْعُهَا فى السمَاءِ(24) تُؤْتى أُكلَهَا كلَّ حِينِ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَ يَضرِب اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكرُونَ(25) وَ مَثَلُ كلِمَة خَبِيثَة كَشجَرَة خَبِيثَة اجْتُثَّت مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَار(26)

القراءة

في الشواذ قراءة الحسن و أدخل الذين آمنوا برفع اللام .

الحجة

قال ابن جني : هذه القراءة على أن أدخل من كلام الله كأنه قطع الكلام و استؤنف فقال الله و أنا أدخل المؤمنين جنات و على هذا فقوله « بإذن ربهم » أي بإذني إلا أنه أعاد ذكر الرب ليضيفه إليهم فيكون أذهب في الإكرام و التقريب منه لهم .

اللغة

التحية التلقي بالكرامة في المخاطبة و أما قوله ( التحيات لله ) فإن في ذلك ثلاثة أقوال ( أولها ) المعنى أن الملك لله يقال حياك الله أي ملكك ( و ثانيها ) البقاء لله يقال حياك الله أي أبقاك الله فيكون بمعنى أحياك الله كما يقال وصى و أوصى و مهل و أمهل ( و ثالثها ) أن ذلك بمعنى السلام قال القتيبي و إنما جمع لأنه كان في الأرض ملوك يحيون بتحيات مختلفة فيقال لبعضهم أبيت اللعن و لبعضهم أسلم و أنعم و لبعضهم عش ألف سنة فقيل لنا قولوا التحيات لله أي كل الألفاظ التي يحيا بها الملوك هي لله و الاجتثاث اقتلاع الشيء من أصله يقال جثة و اجتثه و الجثة أخذت منه .

المعنى

لما تقدم وعيد الكافرين عقبه سبحانه بالوعد للمؤمنين فقال « و أدخل الذين آمنوا » أي صدقوا الله و رسوله « و عملوا الصالحات » أي الطاعات « جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها » قد سبق معناه « بإذن ربهم » أي بأمر ربهم و إطلاقه
مجمع البيان ج : 6 ص : 480
« تحيتهم فيها سلام » مر تفسيره في سورة يونس ثم ضرب الله سبحانه مثل يقرب من أفهام السامعين ترغيبا للخلق في اتباع الحق فقال « أ لم تر » أي أ لم تعلم يا محمد « كيف ضرب الله مثلا » أي بين الله شبها ثم فسر ذلك المثل فقال « كلمة طيبة » و هي كلمة التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله عن ابن عباس و قيل هي كل كلام أمر الله تعالى به من الطاعات عن أبي علي قال و إنما سماها طيبة لأنها زاكية نامية لصاحبها بالخيرات و البركات « كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء » أي شجرة زاكية نامية راسخة أصولها في الأرض عالية أغصانها و ثمارها في السماء و أراد به المبالغة في الرفعة و الأصل سافل و الفرع عال إلا أنه يتوصل من الأصل إلى الفرع و روى أنس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن هذه الشجرة الطيبة هي النخلة و قيل إنها شجرة في اللجنة عن ابن عباس و روى ابن عقدة عن أبي جعفر (عليه السلام) أن الشجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و فرعها علي (عليه السلام) و عنصر الشجرة فاطمة و ثمرتها أولادها و أغصانها و أوراقها شيعتنا ثم قال (عليه السلام) أن الرجل من شيعتنا ليموت فيسقط من الشجرة ورقة و أن المولود من شيعتنا ليولد فيورق مكان تلك الورقة ورقة و روي عن ابن عباس قال قال جبريل (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنت الشجرة و علي غصنها و فاطمة ورقها و الحسن و الحسين ثمارها و قيل أراد بتلك شجرة هذه صفتها و أن لم يكن لها وجود في الدنيا لكن الصفة معلومة و قيل إن المراد بالكلمة الطيبة الإيمان و بالشجرة الطيبة المؤمن « تؤتي أكلها » أي تخرج هذه الشجرة ما يؤكل منها « كل حين » أي في كل ستة أشهر عن ابن عباس و أبي جعفر (عليه السلام) و قال الحسن و سعيد بن جبير أراد بذلك أنه يؤكل ثمرها في الصيف و طلعها في الشتاء و ما بين صرام النخلة إلى حملها ستة أشهر و قال مجاهد و عكرمة كل حين أي كل سنة لأنها تحمل في كل سنة مرة و قال سعيد بن المسيب في كل شهرين لأن من وقت ما يطعم النخل إلى صرامه يكون شهرين و قيل لأن من وقت أن يصرم النخل إلى حين يطلع يكون شهرين و قال الربيع بن أنس كل حين أي كل غدوة و عشية و روي ذلك عن ابن عباس أيضا و قيل معناه في جميع الأوقات لأن ثمر النخل يكون أولا طلعا ثم يصير بلحا ثم بسرا ثم رطبا ثم تمرا فيكون ثمره موجودا في كل الأوقات و يدل على أن الحين بمنزلة الوقت قول النابغة في صفة الحية و الملدوغ :
تناذرها الراقون من سوء سمها
تطلقه حينا و حينا تراجع
مجمع البيان ج : 6 ص : 481
يعني أن السم يخف ألمه وقتا و يعود وقتا و قيل إنه سبحانه شبه الإيمان بالنخلة لثبات الإيمان في قلب المؤمن كثبات النخلة في منبتها و شبه ارتفاع علمه إلى السماء بارتفاع فروع النخلة و شبه ما يكسبه المؤمنون من بركة الإيمان و ثوابه في كل وقت و حين بما ينال من ثمرة النخلة في أوقات السنة كلها من الرطب و التمر و قيل إن معنى قوله « تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها » ما يفتي به الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) و شيعتهم في الحلال و الحرام « و يضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون » أي لكي يتدبروا فيعرفوا الغرض بالمثل « و مثل كلمة خبيثة » و هي كلمة الكفر و الشرك عن ابن عباس و غيره و قيل هو كل كلام في معصية الله تعالى عن أبي علي « كشجرة خبيثة » غير زاكية و هي شجرة الحنظل عن ابن عباس و أنس و مجاهد و قيل إنها شجرة هذه صفتها و هو أنه لا قرار لها في الأرض عن الحسن و قيل إنها الكشوث عن الضحاك و روى أبو الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) أن هذا مثل بني أمية « اجتثت من فوق الأرض » أي اقتطعت و استؤصلت و اقتلعت جثته من الأرض « ما لها من قرار » أي ما لتلك الشجرة من ثبات فإن الريح تنسفها و تذهب بها فكما أن هذه الشجرة لا ثبات لها و لا بقاء و لا ينتفع بها أحد فكذلك الكلمة الخبيثة لا ينتفع بها صاحبها و لا يثبت له منها نفع و لا ثواب و روي عن ابن عباس أيضا أنها شجرة لم يخلقها الله بعد و إنما هو مثل ضربه بهذا و هذا القول حسن لأن الحنظل و غيره قد ينتفع بذلك في الأدوية .
يُثَبِّت اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فى الحَْيَوةِ الدُّنْيَا وَ فى الاَخِرَةِ وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظلِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشاءُ(27) * أَ لَمْ تَرَ إِلى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَت اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ(28) جَهَنَّمَ يَصلَوْنَهَا وَ بِئْس الْقَرَارُ(29) وَ جَعَلُوا للَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّوا عَن سبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكمْ إِلى النَّارِ(30)

اللغة

الإحلال وضع الشيء في محل إما بمجاورة إن كان من قبيل الأجسام أو بمداخلة إن كان من قبيل الأعراض و البوار الهلاك يقال بار الشيء يبور بورا إذا هلك و رجل
مجمع البيان ج : 6 ص : 482
بور أي هالك و قوم بور أيضا قال ابن الزبعري :
يا رسول المليك إن لساني
راتق ما فتقت إذ أنا بور و الأنداد الأمثال المنادون قال :
تهدى رءوس المترفين الأنداد
إلى أمير المؤمنين الممتاد .

الإعراب

جهنم انتصب على البدل من قوله « دار البوار » و « يصلونها » في موضع نصب على الحال من قومهم و إن شئت كان حالا من جهنم و إن شئت فمنهما كقوله تحمله بعد قوله فأتت به قومها .

المعنى

لما قدم سبحانه ذكر الكلمة الطيبة عقبه بذكر ما يحصل لصاحبها من المثوبة و الكرامة فقال « يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة » أي يثبتهم في كرامته و ثوابه بالقول الثابت الذي وجد منهم و هو كلمة الإيمان لأنه ثابت بالحجج و الأدلة و قيل معناه يثبت الله المؤمنين بسبب كلمة التوحيد و حرمتها في الحياة الدنيا حتى لا يزلوا و لا يضلوا عن طريق الحق و يثبتهم بها حتى لا يزلوا و لا يضلوا عن طريق الجنة و قيل معناه يثبتهم بالتمكين في الأرض و النصرة و الفتح في الدنيا و بإسكانهم الجنة في الآخرة عن أبي مسلم و قال أكثر المفسرين إن المراد بقوله « في الآخرة » في القبر و الآية وردت في سؤال القبر و هو قول ابن عباس و ابن مسعود و هو المروي عن أئمتنا (عليهم السلام) و روى محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الكافي بإسناده عن سويد بن غفلة عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا و أول يوم من الآخرة مثل له ماله و ولده و عمله فيلتفت إلى ماله فيقول و الله إني كنت عليك لحريصا شحيحا فما لي عندك فيقول خذ مني كفنك فيلتفت إلى ولده فيقول و الله إني كنت لكم لمحبا و عليكم لمحاميا فما ذا لي عندكم فيقولون نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها قال فيلتفت إلى عمله فيقول و الله إني كنت فيك لزاهدا و إن كنت علي لثقيلا فما ذا لي عندك فيقول أنا قرينك في قبرك و يوم نشرك حتى أعرض أنا و أنت على ربك قال فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا و أحسنهم منظرا و أحسنهم رياشا فقال أبشر بروح و ريحان و جنة نعيم و مقدمك خير مقدم فيقول له من أنت فيقول أنا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة و أنه ليعرف غاسله و يناشد حامله أن يعجله فإذا أدخل قبره أتاه ملكا القبر يجران أشعارهما و يخدان الأرض بأنيابهما أصواتهما
مجمع البيان ج : 6 ص : 483
كالرعد القاصف و أبصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له من ربك و ما دينك و من نبيك فيقول الله ربي و ديني الإسلام و نبيي محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيقولان ثبتك الله فيما تحب و ترضى و هو قوله سبحانه « يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة » ثم يفسحان له في قبره مد بصره ثم يفتحان له بابا إلى الجنة ثم يقولان له نم قرير العين نوم الشاب الناعم فإن الله يقول أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا و أحسن مقيلا قال و إذا كان لربه عدوا فإنه يأتيه أقبح خلق الله زيا و أنتنه ريحا فيقول أبشر بنزل من حميم و تصلية جحيم و إنه ليعرف غاسله و يناشد حملته أن يحتبسوه فإذا أدخل القبر أتاه ملكا القبر فألقيا أكفانه ثم يقولان له من ربك و ما دينك و من نبيك فيقول لا أدري فيقولان له لا دريت و لا هديت فيضربان يافوخة بمرزبة معهما ضربة ما خلق الله من دابة إلا تذعر لها ما خلا الثقلين ثم يفتحان له بابا إلى النار ثم يقولان له نم بشر حال فيه من الضيق مثل ما فيه القناة من الزج حتى أن دماغه ليخرج من بين ظفره و لحمه و يسلط الله عليه حيات الأرض و عقاربها و هوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره و أنا ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر نعوذ بالله من عذاب القبر « و يضل الله الظالمين » أي و يضلهم عن هذا التثبيت في الدنيا و في الآخرة « و يفعل الله ما يشاء » من الإمهال و الانتقام و ضغطة القبر و مساءلة منكر و نكير لا اعتراض عليه في ذلك و لا قدرة لأحد على منعه و هذا من تمام الترغيب و الترهيب ثم خاطب سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال « أ لم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا » يحتمل أن يكون المراد أ لم تر إلى هؤلاء الكفار عرفوا نعمة الله بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أي عرفوا محمدا ثم كفروا به فبدلوا مكان الشكر كفرا و روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال نحن و الله نعمة الله التي أنعمها أنعم بها على عباده و بنا يفوز من فاز . ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره و يحتمل أن يكون المراد جميع نعم الله على العموم بدلوها أقبح التبديل إذا جعلوا مكان شكرها الكفر بها و اختلف في المعنى بالآية فروي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) و ابن عباس و سعيد بن جبير و الضحاك و مجاهد أنهم كفار قريش كذبوا نبيهم و نصبوا له الحرب و العداوة و سأل رجل أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) عن هذه الآية فقال هم الأفجران من قريش بنو أمية و بنو المغيرة فأما بنو أمية فمتعوهم إلى حين و أما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر و قيل إنهم جبلة بن الأيهم و من اتبعوه من العرب تنصروا و لحقوا بالروم « و أحلوا قومهم دار البوار » أي أنزلوا قومهم دار الهلاك بأن أخرجوهم إلى بدر و قيل معناه أنزلوهم دار الهلاك و هي النار بدعائهم إياهم إلى الكفر بالنبي و إغوائهم إياهم « جهنم يصلونها و بئس القرار » و هذا تفسير لدار البوار يعني أن تلك الدار هي جهنم يدخلونها و بئس القرار قرار من قراره النار « و جعلوا لله أندادا » أي و جعل
مجمع البيان ج : 6 ص : 484
هؤلاء الكفار الذين بدلوا نعمة الله كفرا لله نظراء و أمثالا في العبادة زيادة على كفرهم و جحدهم « ليضلوا عن سبيله » أي ليكون عاقبة أمرهم إلى الضلال الذي هو الهلاك و ليست هذه اللام لام الغرض لأنهم لم يعبدوا الأوثان من دون الله و غرضهم أن يهلكوا و من قرأ « ليضلوا » بضم الياء فمعناه ليضل الناس عن سبيل الله ثم قال سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) « قل » لهؤلاء الكفار الذين وصفناهم « تمتعوا » و انتفعوا بما تهوون من عاجل هذه الدنيا و المراد به التهديد و إن كان بصورة الأمر « فإن مصيركم » أي مرجعكم و م آلكم « إلى النار » و الكون فيها و كان قد يكون .
قُل لِّعِبَادِى الَّذِينَ ءَامَنُوا يُقِيمُوا الصلَوةَ وَ يُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَهُمْ سِرًّا وَ عَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتىَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خِلَلٌ(31) اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السمَوَتِ وَ الأَرْض وَ أَنزَلَ مِنَ السمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَ سخَّرَ لَكُمُ الْفُلْك لِتَجْرِى فى الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ سخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَرَ(32) وَ سخَّرَ لَكُمُ الشمْس وَ الْقَمَرَ دَائبَينِ وَ سخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَ النهَارَ(33) وَ ءَاتَاكُم مِّن كلِّ مَا سأَلْتُمُوهُ وَ إِن تَعُدُّوا نِعْمَت اللَّهِ لا تحْصوهَا إِنَّ الانسنَ لَظلُومٌ كفَّارٌ(34)

القراءة

قرأ زيد عن يعقوب من كل ما سألتموه بالتنوين و هو قراءة ابن عباس و الحسن و محمد بن علي الباقر (عليهماالسلام) و جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) و الضحاك و عمرو بن قائد و قرأ سائر القراء « من كل ما سألتموه » بالإضافة .

الحجة

أما القراءة بالتنوين فإن المفعول فيها ملفوظ به أي و أتاكم ما سألتموه من كل شيء سألتموه أن يؤتيكم منه و قال الضحاك أن ما للنفي معناه و آتاكم من كل شيء لم تسألوه إياه أما القراءة على الإضافة فالمفعول فيها محذوف أي و آتاكم سؤالكم من كل شيء سألتموه .

مجمع البيان ج : 6 ص : 485

اللغة

الخلال مصدر خاللته مخالة و خلالا أي صادقته قال امرؤ القيس :
صرفت الهوى عنهن من خشية الردى
و لست بمقلي الخلال و لا قال و قد يكون الخلال جمع خلة و يكون مثل قلة و قلال و الدءوب مرور الشيء في العمل على عادة جارية فيه يقال دأب يدأب دأبا و دئوبا فهو دائب .

الإعراب

يقيموا جزم من ثلاثة أوجه ( أحدها ) أنه جواب الأمر الذي هو قل لأن المعنى في قل أن تقل لهم يقيموا الصلاة ( و الثاني ) أنه جواب أمر محذوف و تقديره قل لعبادي أقيموا الصلاة يقيموا الصلاة ( و الثالث ) أنه على حذف لام الأمر كأنه قال قل لعبادي ليقيموا الصلاة و إنما جاز حذف اللام هنا لأن في الكلام دليلا على المحذوف أ لا ترى أن لفظ الأمر بقل قد دل على الغائب تقول قل لزيد ليضرب عمروا و إن شئت قلت قل لزيد يضرب عمروا و لا يجوز أن تقول يضرب زيد عمروا بالجزم حتى تقول ليضرب لأن لام الغائب ليس هاهنا عوض منها إذا حذفتها و قوله « لا بيع فيه و لا خلال » إن شئت رفعت البيع و الخلال جميعا و إن شئت فتحتهما و إن شئت فتحت أحدهما و رفعت الآخر و قد شرحنا ذلك فيما مضى .

المعنى

« قل » يا محمد « لعبادي الذين آمنوا » أي اعترفوا بتوحيد الله و عدله عنى به أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن ابن عباس و قيل أراد به جميع المؤمنين عن الجبائي « يقيموا الصلاة » أي يؤدوا الصلوات الخمس لمواقيتها فإن الصلاة لا تصير قائمة إلا بإقامتهم « و ينفقوا مما رزقناهم سرا و علانية » أي و قل لهم ينفقوا من أموالهم في وجوه البر من الفرائض و النوافل ينفقون في النوافل سرا ليدفعوا عن أنفسهم تهمة الرياء و في الفرائض علانية ليدفعوا تهمة المنع « من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه » يعني يوم القيامة و المراد بالبيع إعطاء البدل ليتخلص به من النار لا أن هناك مبايعة « و لا خلال » أي و لا مصادقة و هذا مثل قوله الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ثم بين سبحانه أنه المستحق للإلهية فقال « الله الذي خلق السماوات و الأرض » أي أنشأهما من غير شيء و بدأ بذكرهما لعظم شأنهما في القدرة و النعمة « و أنزل من السماء ماء » أي غيثا و مطرا « فأخرج به » أي بذلك الماء « من الثمرات رزقا لكم » يعني أن الغرض في ذلك أن يؤتيكم أرزاقكم « و سخر لكم الفلك » أي السفن و المراكب « لتجري في البحر بأمره » أي بأمر الله لأنها يسير بالرياح
مجمع البيان ج : 6 ص : 486
و الله هو المنشىء للرياح « و سخر لكم الأنهار » التي تجري بالمياه التي ينزلها من السماء و يجريها في الأودية و ينصب منها في الأنهار « و سخر لكم الشمس و القمر » أي ذلل لمنافعكم الشمس و القمر في سيرهما لتنتفعوا بضوء الشمس نهارا و بضوء القمر ليلا و ليبلغ بها الثمار و النبات في النضج الحد الذي عليه تتم النعمة فيهما « دائبين » أي دائمين لا يفتران في صلاح الخلق و النباتات و منافعهم « و سخر لكم الليل و النهار » أي ذللهما لكم و مهدهما لمنافعكم لتسكنوا في الليل و لتبتغوا في النهار من فضله « و آتاكم من كل ما سألتموه » معناه أن الإنسان قد يسأل الله العافية فيعطي و يسأله النجاة فيعطي و يسأله الغنى فيعطي و يسأله الولد و العز فيعطي و يسأله تيسير الأمور و شرح الصدور فيعطي فهذا في الجملة حاصل في الدعاء لله تعالى ما لم يكن فيه مفسدة في الدين أو على غيره فأين يذهب به مع هذه النعم التي لا تحصى كثرة عن الله الذي هو في كل حال محتاج إليه و هو مظاهرة بالنعم عليه و دخلت من للتبعيض لأنه لو قال و آتاكم كل ما سألتموه لاقتضى أن جميع ما يسأله العبد يعطيه الله تعالى و الأمر بخلافه لأن ما فيه مفسدة لا يعطيه الله إياه و تقديره و آتاكم من كل ما سألتم شيئا و قيل معناه و آتاكم من كل ما بكم إليه حاجة فما من شيء يحتاج إليه العباد إلا و هو موجود فيما بينهم و هو كقوله خلق لكم ما في الأرض جميعا و لم يخصص كل واحد من الخلق بإيتاء كل ما سأله و قيل معناه و آتاكم من كل شيء سألتموه و لم تسألوه فما هاهنا نكرة موصوفة و الجملة صفة له و حذف الجملة المعطوفة و هي لم تسألوه كقوله سرابيل تقيكم الحر و المعنى و تقيكم البرد و إن فيما أبقي دليلا على ما ألقى « و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها » أي لا تقدروا على إحصائها لكثرتها و النعمة هنا اسم أقيم مقام المصدر و لذلك لم يجمع فبين سبحانه أنه هو المنعم على الحقيقة و أنه المستحق للعبادة و يروى عن طليق بن حبيب أنه قال إن حق الله تعالى أثقل من أن يقوم به العباد فإن نعم الله أكثر من أن تحصيها العباد و لكن أصبحوا تائبين و أمسوا تائبين « إن الإنسان لظلوم » أي كثير الظلم لنفسه « كفار » أي كثير الكفران لنعم ربه و قيل معناه ظلوم في الشدة يشكو و يجزع كفار في النعمة يجمع و يمنع و لم يرد بالإنسان هاهنا العموم بل هو مثل ما في قوله و العصر إن الإنسان لفي خسر .

النظم

اتصل قوله سبحانه « قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة » بما تقدم من قوله « قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار » فإنه عقب ذلك بالأمر للمؤمنين بما يوجب النعيم المقيم و مرافقة الأبرار ليكون قد عقب الوعيد بالوعد و العقاب بالثواب و اتصلت الآية الثانية بقوله « و جعلوا لله أندادا » فإنه سبحانه لما ذكر ما هم عليه من اتخاذ الأنداد لله سبحانه بين
مجمع البيان ج : 6 ص : 487

بعده أن واجب الوجود المستحق للإلهية الذي يحق له العبادة هو الله الذي خلق السماوات و الأرض الآية .
وَ إِذْ قَالَ إِبْرَهِيمُ رَب اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ ءَامِناً وَ اجْنُبْنى وَ بَنىَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصنَامَ(35) رَب إِنهُنَّ أَضلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنى فَإِنَّهُ مِنى وَ مَنْ عَصانى فَإِنَّك غَفُورٌ رَّحِيمٌ(36) رَّبَّنَا إِنى أَسكَنت مِن ذُرِّيَّتى بِوَاد غَيرِ ذِى زَرْع عِندَ بَيْتِك الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصلَوةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تهْوِى إِلَيهِمْ وَ ارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَتِ لَعَلَّهُمْ يَشكُرُونَ(37) رَبَّنَا إِنَّك تَعْلَمُ مَا نخْفِى وَ مَا نُعْلِنُ وَ مَا يخْفَى عَلى اللَّهِ مِن شىْء فى الأَرْضِ وَ لا فى السمَاءِ(38) الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِى وَهَب لى عَلى الْكِبرِ إِسمَعِيلَ وَ إِسحَقَ إِنَّ رَبى لَسمِيعُ الدُّعَاءِ(39) رَب اجْعَلْنى مُقِيمَ الصلَوةِ وَ مِن ذُرِّيَّتى رَبَّنَا وَ تَقَبَّلْ دُعَاءِ(40) رَبَّنَا اغْفِرْ لى وَ لِوَلِدَى وَ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِساب(41)

القراءة

في الشواذ قراءة الجحدري و الثقفي و أبي الجحجاح و أجنبني بقطع الهمزة و قرأ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) و أبو جعفر الباقر (عليه السلام) و جعفر بن محمد (عليهماالسلام) و مجاهد تهوي إليهم بفتح الواو و قرأ ابن كثير و أبو عمرو و حمزة و هبيرة عن حفص و تقبل دعائي ربنا بإثبات الياء في الوصل و في رواية البزي عن ابن كثير أنه يصل و يقف بياء و قال
 

Back Index Next